سماحة الإسلام
درر من كتاب
درر من كتاب
" سماحة الإسلام "
لسليم الهلالي
أخرج أحمد في زوائده على المسند (1/248) ، روى ابن عباس رضي الله عنه أنه سئل عن رجل شرب لبنا محضا أيتوضأ؟ قال : " اسمح يسمح لك " : أي : سهّل يُسهّل الله لك و عليك
السماحة هي :
طيب النفس عن كرم و سخاء
إنشراح في الصدر عن نقاء و تقى
لين في الجانب عن سهولة و يسر
طلاقة في الوجه عن بشاشة
مساهلة في التعامل دون غبن و غرر
تيسير في الدعوة إلى الله دون مجاملة و مداهنة
إنقياد لدين الله سبحانه و تعالى دون حرج و توان
و هي:
لباب الإسلام ، و أفضل الإيمان ، و ذروة سنام الأخلاق
قال رسول الله :
" خير الناس ذو القلب المخموم و اللسان الصادق "،
قيل : ما القلب المخموم ؟
قال :"هو التقي النقي الذي لا إثم فيه و لا بغي و لا حسد "
، قيل : فمن على أثره؟ ق
ال : الذي يشنأ الدنيا و يحب الآخرة " قيل : فمن على أثره ؟ ، قال : مؤمن في خلق حسن "
منزلة السماحة في الإسلام
1- الإسلام دين السماحة و اليسر :
قال تعالى :" يريد الله بكم اليسر و لا يريد بكم العسر "
2- بعث الله محمدا بالحنيفية السمحة
عن عائشة رضي الله عنها قالت ":دعاني رسول الله و الحبشة يلعبون بحرابهم في المسجد في يوم عيد ، فقال لي "يا حميراء أتحبين أن تنظري إليهم ،فقلت :نعم ، فأقامني وراءه فطأطألي منكبيه لأنظر إليهم فوضعت ذقني على عاتقه و أسندت وجهي إلى خدّه فنظرت من فوق منكبيه ، و هو يقول :"دونكم يا بني أرفدة " ، فجعل يقول :"يا عائشة ما شبعت؟" فأقول :لا ، لأنظر منزلتي عنده ، حتى شبعت ، قال :"حسبك؟" قلت :"نعم ، قال ": فاذهبي" ، قالت : فطلع عمر ، فتفرّق الناس عنها و الصبيان فقال النبي :" رأيت شياطين الإنس و الجنّ فروا من عمر" قالت عائشة : قال رسول الله يومئذ : "لتعلم يهود أنّ في ديننا فسحة ، أرسلت بالحنيفية السمحة"
3-أحبّ الأديان إلى الله الحنيفية السمحة :
أحكام الإسلام مبنية على السهولة و اليسر و رفع الحرج ، و خصال الدين كلها محبوبة لكن ما كان سمحا أي سهلا فهو أحبّ إلى الله لذلك لا ينبغي التشديد في الله و التعسير على عباد الله " فما شادّ الدين أحد إلا غلبه" وانظر إلى بني إسرائيل لما شدّدوا شدّد الله عليهم و لو سامحوا سومحوا : تأمّل قصة البقرة و عن ابن عباس رضي الله عنه :سئل النبي أي الأديان أحبّ إلى الله عزّ و جلّ ؟ قال : " الحنيفية السمحة"
4-السماحة أفضل الإيمان :
قال رسول الله :" أفضل الإيمان الصبر و السماحة "
5- السماحة من أهون العمل و أفضله :
أتى رجل إلى النبي فقال : يا نبي الله أي العمل أفضل ؟، قال "الإيمان بالله و تصديق به و جهاد في سبيله " ، قال : أريد أهون من ذلك يا رسول الله قال":السماحة و الصبر " ، قال :أريد أهون من ذلك ، قال "لا تتهم الله تبارك و تعالى في شيء قضى لك به"
6- نماذج من سماحة الإسلام :
-من سماحة الإسلام أنه دين الله كافة ، قال تعالى :" و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "
-سماحة الإسلام نبذ العصبية و القومية : قال الله تعالى:" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم إنّ الله عليم خبير "
أبواب السماحة:
و هي كثيرة و ضروبها عديدة و طرائقها شتى يصعب استقصاؤها على عجل و حسبك دليلا أن السماحة تشمل الإسلام عقيدة و عبادة و سلوكا و تربية أليس الإسلام هو الحنيفية السمحة؟ و دونك بعض الأمثلة على سماحة الإسلام
1- السماحة في البيع و الشراء و القضاء :
قال ":غفر الله لرجل ممن كان قبلكم كان سهلا إذا باع سهلا إذا اشترى سهلا إذا قضى " ، و قال عليه الصلاة و السلام : "إنّ الله يحب سمح البيع ، سمح الشراء ، سمح القضاء"
و سمحا أي سهلا و هي صفة مشبهة تدل على الثبوت فلذلك أعاد الرسول أحوال البيع و الشراء و القضاء و هذا يدل على المساهلة في المعاملة ، و ترك المشاحة ، و عدم المطل : أي إعطاء الناس حقوقهم بغير مهل
و من حسن القضاء أن من استقرض شيئا فرده أحسن أو أكثر من غير شرط كان محسنا و يحل ذلك للمقرض ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان لرجل على النبي جمل سنّ من الإبل فجاءه يتقاضاه ، فقال :"أعطوه" فطلبوا سنه فلم فلم يجدوا إلا سنا فوقها ، فقال " أعطوه" ، فقال : أوفيتني أوفى الله بك ، قال النبي :" إنّ خياركم أحسنكم قضاء"
2- السماحة في الدين و الإقتضاء :
قال جلّ جلاله :"و إن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة و أن تصدّقوا خير لكم إن كنتم تعلمون"
قال رسول الله :"كان تاجر يداين الناس فإذا رأى معسرا قال لفتيانه تجاوزوا عنه لعلّ الله أن يتجاوز عنا فتجاوز عنه"
و من حسن الإقتضاء : التسامح في التقاضي ، و قبول ما فيه نقص يسير و طلبه بسهولة و عدم إحلاف ، وترك التضييق على الناس و أخذ العفو منهم لعل الله يرحمنا ، قال : "رحم الله رجلا سمحا إذا باع و إذا اشترى و إذا اقتضى "
3- السماحة بالعلم :
و ذلك ببذل العلم ، و هو من أفضل أبواب السماحة ، و خير من السماحة بالمال لأن العلم أشرف من المال فينبغي على العالم أن يبذل العلم لمن يسأله عنه ، بل يطرحه عليه طرحا ، و إذا سأله عن مسألة استقصى له جوابها استقصاءً شافيا و أوعب في ذكر أدلتها فلا يقتصر على مسألة السائل بل يذكر له نظائرها و متعلقها و مأخذها بحيث يشفيه و يرويه ، و قد سأل الصحابة الكرام رضي الله عنهم النبي عن المتوضىء بماء البحر فقال :"هو الطهور ماؤه الحل ميتته " فأجابهم على سؤالهم و جاد عليهم بزيادة لعلهم في بعض الأحيان أحوج إليها مما سألوه عنه
4-السماحة بالعرض :
و في هذه السماحة من سلامة الصدر و راحة القلب و التخلص من معاداة الناس ما فيها... كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه ينفق على مسطح ابن أثاثة لقرابته منه و فقره ، و عندما هلك مسطح فيمن هلك من أصحاب الإفك فخاض مع الخائضين الذين اتهموا السيدة عائشة رضي الله عنها بالفاحشة أقسم أبو بكر رضي الله عنه أن لا ينفق عليه ، فعوتب الصديق فتصدق بعرضه على الرغم من عظم ذنب مسطح ، و لله درّ القائل:
فإنّ قدر الذنب من مسطح***يحطّ قدر النجم من أفقه
و قد جرى منه الذي جرى ***و عوتب الصديق في حقه
و أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها تخبرنا بجلية الأمر ، قالت:"...فلما أنزل الله براءتي ، قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه و كان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه و فقره : و الله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال فأنزل الله : "و لا يأتل أولوا الفضل منكم و السّعة أن يؤتوا أولي القربى و المساكين و المهاجرين في سبيل الله و ليعفوا و ليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم و الله غفور رحيم" ، قال أبو بكر :بلى و الله إني أحب أن يغفر الله لي ، فرجع إلى النفقة التي كان ينفق عليه ، و قال : و الله لا أنزعها أبدا .
5- السماحة بالإحتمال :
و هي من أنفع أبواب السماحة ، و لا يقدر عليها إلا النفوس الكبار ، فمن صعب عليه السماحة في المال فعليه بهذا الكرم و السخاء فإنه يجتني ثمرة عواقبه الحميدة في الدنيا قبل الآخرة، قال تعالى:"أذلة على المؤمنين" أي جانبهم ليّن هيّن على إخوانهم المؤمنين و لم يرد الهوان ، و قال جلّ جلاله :"واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين " ، أي كن لينا لأنك "ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك " ، قال النبي :" المؤمنون هيّنون ليّنون مثل الجمل الأنف الذي إن قيد انقاد و إن سيق انساق ، و إن أنخته على صخرة استناخ "
فضائل السماحة:
1- السماحة من مكفرات الذنوب :
قال ":حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير إلا أنه كان رجلا موسرا و كان يخالط الناس و كان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر فقال الله عزّ و جلّ لملائكته":نحن أحقّ بذلك منه تجاوزوا عنه "
2- السماحة سبب للرحمة :
قال :" رحم الله رجلا سمحا إذا باع و إذا اشترى و إذا اقتضى "
3- السماحة منجاة من كرب يوم القبامة :
قال رسول الله :"من أنظر معسرا أو وضع له أنجاه الله من كرب يوم القيامة "، و قال :" من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله "
4- السماحة تُحرّم صاحبها على النار :
قال : "من كان سهلا هيّنا ليّنا حرّمه الله على النار " ، و قال :"ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار غذا ، على كل ليّن قريب سهل"
أمور تعين على السماحة:
1-كظم الغيظ
2- العفو و الصفح
3-رجاء ما عند الله و حسن الظن به
أمور لا بد من إدراكها :
قد يخلط بعض الناس في مفهوم السماحة فيظن أنّ بعض الأمور تنافي السماحة و هي من لبابها و مفتاح بابها من ذلك:
1- الغضب عندما تنتهك حرمات الله :
قال تعالى : " والذين يجتنبون كبائر الإثم و الفواحش و إذا ما غضبوا هم يغفرون و الذين استجابوا لربهم و أقاموا الصلاة و أمرهم شورى بينهم و مما رزقناهم يُنفقون و الذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون "
و عن عائشة رضي الله عنها قالت : " ما خُيّر رسول الله بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما فإن كان إثما كان أبعد الناس منه و ما انتقم رسول الله لنفسه في شيء قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم الله"
2- طلب الحق :
جاء رجل يطلب حقه من رسول الله فأغلظ فهمّ به أصحاب النبي ، لكن الرسول قال :"دعوه فإن لصاحب الحق مقالا" لا بد من الحذر من الخلط بين الولاء و التسامح إنّ المسلم مطالب بالسماحة مع أهل الكتاب و لكنه منهي عن الولاء لهم بمعنى التناصر و التحالف معهم و أن طريقه لتمكين دينه و تحقيق نظامه المتفرّد لا يمكن أن يلتقي مع طريق أهل الكتاب و مهما أبدى لهم من السماحة و المودّة فإنّ هذا لن يبلغ أن يرضوا له بالبقاء على دينه و تحقيق نظامه بكفهم عن موالاة بعضهم لبعض في حربه و الكيد له
وسبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
والنقل
لطفا.. من هنا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=90601
وسبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
والنقل
لطفا.. من هنا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=90601