المختصر في آداب طالب العلم
أهمُّ آدابِ طالب العلم
أهمُّ آدابِ طالب العلم
الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة والسلام على أشرفِ خلق الله سيدنا محمد و على آله الكرام:
فهذه وصايا وآداب كنتُ قد جمعتها قديماً لأنتفع بها، وينتفع بها إخواني من طلاب العلم ؛ ورأيتُ ُأن آخذَها من كتبِ الآداب المخصوصةِ بالعلم وطلاَّبـِه ؛ سواء المتعلقة بطالب العلم في مجلسِ العلم ، أو مع الناسِ ، أو في تعاهدِ محفوظاتِه ، وغيرِها، أو كتبٍ عامةٍ ضمَّت جملةً من الأخلاق،
وذلك بطريقين :
أحدها بنقل النصِّ دون الإشارة إليه ؛ مع بعض الزيادات ضمنَ النصِّ المنقول ، والثانية بإعادةِ صوغِ العبارة المستفادة منها بأسلوب سهل ميسر ، وقد أفردتُ أشياء من خواطري إليهما وعنهما ، ولم أُراعِ الترتيب في عرضِها جميعاً...
و تلك الكتب:
1. العدوان على العربية عدوانٌ على الإسلام / د. عبد الرحمن الباشا.
2. المباح من المزاح / الشيخ. عادل العبد العالي.
3. آداب المتعلمين / د.أحمد الباتلي.
4. معالم في طريق طلب العلم / د. عبد العزيز السدحان.
5. محرمات استهان بها كثير من الناس / الشيخ. محمد المنجد.
6. وجوب طاعة ولاة الأمر / الإمام ابن تيمية.
7. حلية طالب العلم / العلامة د. بكر أبو زيد.
8. الوقت / الشيخ. جاسم المطوع.
9. التعالم / العلامة د. بكر أبو زيد.
10. الفتن وموقف المسلم منها / معالي الشيخ. صالح آل الشيخ.
11. تصنيف الناس بين الظن واليقين / العلامة د. بكر أبو زيد.
12. بيتان من البداية والنهاية / الإمام ابن كثير.والله المستعان وعليه التكلان.
§ الشّركُ بالله:
إنه ذلك الداءَ العُضال الذي يَفتِك بالحسنات فتكاً، فيذرها على قدمٍ وساق أو لا يُبقي منها شيئا، فاحذر أن تقع في شِراك الشِّرك، واسأل الله تعالى أن يحفظك منه، فإنه أردى من استهان به، وقد قال إبراهيم عليه السلام وهو الذي كسَّر الأصنام بيده (( و اجنُبني وبنيَّ أن نعبد الأصنام )) ، ولا تنسَ أخي وأنت في سُلَّم العلم أن الشيطان يدخل منك في مواطنَ تغفلُها، وأوقاتٍ لا تحسب حسابها، فينال حظَّه منك مُقِلٌّ ومستكثر، والرياء أشرى الأوبةِ استفحالاً، وأخفاها كُمُوناً، وأجبنُها ظُهوراً، فاللهَ اللهَ أن تلزمَ الدعاء والعافية..
§ كن رجلاً:
تمتَّع بصفات الرجولة من الشجاعة وشدة البأس، ومكارم الأخلاق، والبذل في سبيل المعروف، والأنفة في غير كبرياء، والشهامة في غير عصبية، والحميَّة في غير جاهلية، وطلاقة الوجه، وصفات المروءة، واجمع إلى السوابق التحلِّي بالقناعة والزهد، وكن معتدلاً بما لا يشين. فالزم سُدَّة الباب...
§ القرآن:
فهو أول ما يبدأ به طالب العلم في طلبه، فإنه يفتح آفاقاً من المعرفة له، وليلتزمْ ــ قدر المستطاع ــ في حفظه وتكرارِه له ؛ لئلا يتفلَّت سريعا، وذلك على نسخةٍ واحدة ؛ كي يضبط الحفظ ، ويكون على شيخٍ متقن ، واحذر من اليأس بسبب طول مدة الحفظ فقد ورد أن ابن عمر مكث بضع سنين في سورة البقرة .
ولتثبيت الحفظ: يرجع إلى بيانِ كل ما قرأه في تفسيرٍ سهل ، والأهم في هذا الشأن تطبيق ما فيه،و من الضروري ــ دِيانةً ــ أن يُعرف طالب العلم به دائِما..
§ المسجد:
فاحرص على أن تكون من السبَّاقين إلى الجمعة والجماعة، والمحافظة على الصف الأول إذ يتأكد هذا في طلاب العلم؛ لكونهم قدوات للآخرين يطبِّقون ما يقولونه، ولا تنس الرواتب فإنها جابرةُ نقصِ الفريضة ، وأفضلها في البيت ، وإن خشيتَ فواتها فصلِّها في المسجد ، والزم الجماعة الأولى ، ولا تجعل ديدنك التأخير عنها إلى الأخرى، رُوي عن محمد بنِ سماعة أنه قال: مكثتُ أربعين سنة لم تفتني التكبيرة الأولى، إلا يوما واحداً:ماتت فيه أمي ففاتتني صلاةٌ واحدة جماعة...
§ الصدق :
اعلم أنه عنوان الوقار، وشرف النفس، ونقاء السريرة، وسمو الهمة، ورجاحة العقل، وسعادة الأسرة والمجتمع، وصيانة الديانة، قال الإمام الأوزاعي رحمه الله تعالى : تعلَّم الصدق قبل أن تتعلم العلم ...
§ بداية الطلب :
فلا بد ــ يا طالب العلم ــ من التأصيل والتأسيس لكل فنٍّ تطلبه، بضبطِ أصلِهِ ومختصرٍ فيه، لا بالتحصيل الذاتي، وهاك بعض الأمور التي لابد منها في بداية أي فنّ:
1. حِفظ مختصرٍ فيه.
2. ضبطُه على شيخ متقن .
3. عدم الاشتغال بالمطولات .
4. لا تنتقل من مختصر إلى آخر بــِلا مُوجِب .
5. اقتناص فوائده .. الخ.
§ الرحلة و التدوين :
فمن لم يرحل في طلبه للبحث عن الشيوخ، و ترك السياحة في الأرض للأخذ عنهم ، فيبعُد تأهُّلُه ليُرحَل إليه هو فيما بعد، فقد تكون عند الأباعد خُلاصة الأسفار ، واعلم أن في ذلك لذةُ العلم ، وقد قيل ( من لم يكن رُحْلة ، فلم يكون رُحَلَة ) ، ولا تجعلها أي ــ الأخيرة ــ غاية دائما ، قال العلامة أبو بكر الشاشي الشهير بالمستظهري :تعـــــــــــــــــلَّم يا فتى والعُـــــود غضٌّ
وطيــــــنـُك ليِّنٌ ، والطبعُ قـــــــــــابِـل
فحســـــــــبُك يا فتى شـــــــرفاً وفخراً
سكــــوتُ الــــــــحاضرين وأنت قائلْ
§ أهمية القراءة:
ولا تنس أو تتناسى أهميةَ القراءة وكثرة المطالعة، فهي باب تفتح عليك مدارك علوم لم تكن تعلمها، مراعياً العمل بما تقرأ من خير، و أن تقرأ ما تميل إليه النفس، واختيار الوقت المناسب ، والتنويع بالقراءة كي لا تمل ، وحاول فهم الكتاب ولو استدعى إعادة القراءة فيه مرةً واثنتين .. وأيضا ليس كل كتاب صالحٌ للقراءة بل استشر العلماء و طلاب العلم ممن هم أعلى منك، فما خاب من استشار، واحرص على التعليق عليه فهو دليل الفهم والمتابعة، واحرص على تقييد الفوائد إما على الكتاب في جَنَبَات الصفحة، أو طرفيه ، أو أن تخصِّص لذلك دفتراً مُقسَّما على أبوابٍ كلما اكتسبت فائدةً ضعها في قسمِها الخاص.
§ موقفك من الفتن:
إنها تلكم الفتن التي تحرق الدين والعقل وكلَّ خير ، فإنه لا خيرَ في فتنةٍ أبدا ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ منها دائماً ، واعلم إنها إن نزلت لا تصيب الظالم فقط ؛ بل تتعدى الجميع ، واعلم أن معها من الفساد ما يكون مُدنِياً بقيام الساعة ، وأما عن موقفِك منها :
1. عليك بالرفق والتأني والحلم.
2. إذا برزتَ في منصب ديني فلا تَحكُم على شيء منها حتى تتصوَّره كاملا.
3. لزومُ جماعةِ المسلمين فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة "، وإن لزوم جماعة السنة يكون بلزوم أقوالهم وعدم الخروج عن قواعدهم ولا عن ضوابطهم، ولا عمَّا قرره علماؤهم، لأنهم يعلمون من أصول الدين المبني على الأدلة الشرعية ما لا يعلمه كثير من الناس، فلهم نظر صائب وقدمٌ راسخة فيه..
4. التزام العدل والإنصاف.
5. أن الرايات المرفوعة باسم السنة والجماعة، لابد للمسلم أن يزنها بميزان الشرع، ولا يتم إلا بعد علم شرعي يملِكُهُ...
§ إياك والتلقي عن مبتدع :
فإنه يُحكِّم الهوى ، ويسمع للعقل ، ويعدِل عن النص ، ويتمسك بالضعيف ، قال الذهبي : إذا رأيت المتكلم يقول دعنا من الكتاب والأحاديث وهات العقل، فاعلم أنه أبو جهل (المبتدع ) ، فلن تكون متينَ الاتصال بالله ، وصحيحَ النظر ، قافياً الأثر ؛ إلا بتركِ الاقتراب منه ، فالزم صاحبَ العقيدة البيضاء الناصعة ...
§ اللغة العربية:
إياك أخي ــ طالب العلم الشرعي ــ والتنازلَ عن لغة الدِّين والعِلم، وتشبَّثْ بنواجذك بها، واجعلها شعارك ودثارك الذي تُعرف بها عروبتك الأصيلة المستقاة من الوحيين ، فإنها لغتنا التي حفظت علينا شخصيتنا على مدى التاريخ، وربطت شعوب أمتِنا برابطِها الوثيق، وقرَّبت بين أمزجة مواطنيها ومشاعرِهم، وواءَمَت بين تقاليدهم وأفكارِهم، وهي الحصن الذي لاذ به العرب طوال خمسةَ عشر قرنا؛ فصان كيانهم من أن يتمزَّق وحفظَ شملهم من أن يتفرق، ووحَّد كلمتهم على دفع العدوان كلما تعرضوا للعدوان، وهي فوق ذلك كلِّه لغة قرآننا العظيم، ووعاء ديننا القويم، وتراثنا الروحي والعقلي، وإن أية حركة تخلُّ بالنطق بلغة الضاد؛ عدوانٌ على القرآن، وهي بذلك عدوان على الإسلام ..
§ الترفــُّه :
طالبَ العلم: ما أجمل أن تَدَعَ التنعُّم والاسترسال في الرفاهية، وأن تأخذ بوصية عمر ابن الخطاب رضي الله عنه إذ قال: وإياكم والتنعم و زي العجم ، وتمعددُوا واخشوشِنوا. فخذ من الزينة ما يزينك ولا يشينك، ولا تجعل فيك مقالاً لقائل، ولا لمزاً للامز، فإن تصنيف الناس في ملا بِسك هو: الرصانة والعقل، أو التمشيُخ والرهبنة ، أو التصدي وحُبّ الظهور... فافهم وعي لاتغفلن..
§ التوقيع عن الله :
فينبغي لطالب العلم إن سُئل سؤالاً لا يعرف جوابَه أن يقول : لا أدري ،أو الله اعلم ،أو لم أسمع به من قبل ، أو لم أقف عليه ولا علم لي فيه ،أو لا أعرف ما الراجح فيه ؛ إن كان مما يُعلم أن فيه قولان ، وليحذر من القول بلا علم ، فإنها أمانةٌ سيُسأل عنها يوم الدين،وقد رد النبيصلى الله عليه وسلم بلا أدري في عدة مواطن حتى استبان له الحكم، وحذَّره الله تعالى من ذلك بقوله ( ولا تقفُ ما ليس لك به علم ) ، قال النووي : قول العالم (لا أدري ) لا تضع منزلته ، بل هو دليلٌ على عِظَمِ محلّه وتقواه ، وقد ذكر الشيخ السعدي عدة فوائد لمن قال (لاأدري) منها : يُـبرِأ ذمتَه إذ هو الواجب عليه ، يكتسب الناس ثقته ،يبحثُ هو في جواب المسألة ، وغيرها ..
§ مجلس العلم :
ذكر ابن جماعة : أن الطالب يجلس أمام شيخه جلسة المؤدَّب ، أو متربعاً بتواضع وخشوع ، ينظر إلى الشيخ متعقِّلاً قوله ، ولا يحوجه لإعادة كلامه ، ولا يلتفت لغير ضرورة ، ولا ينظر نحو جهاته ، ولا يستند إلى حائط ولا يعطي الشيخ ظهره ، ولا يكثر التنحنح لغير حاجة ، ويدرأُ التثاؤب ما استطاع إليه سبيلا ، وأيضا لا يقطع كلامه حتى يبسطه كاملا ، وإن كان عنده استفسار انتظرَ حتى ينتهي ؛ ثم ليسأله ما شاء بأدبٍ جمٍّ ...
§ مع الأستاذ والشيخ :
قال عليٌ رضي الله عنه : ( من حق العالم عليك أن لا تُكثر عليه السؤال ــ إلا إن طلب ــ ولا تفشين له سِرا ، ولا تغتابن عنده أحدا ، ولا تطلبن عثرته ، وإن زلَّ فعليك معذرته ، وعليك توقيره وتعظيمه لله ما دام يحفظ أمر الله ، وإن كانت له حاجة سبقتَ القوم على خدمته ، وأن تُسلِّم على القوم عامةً وتخصَّه دونهم بالتحية ، ولتجلس أمامه ، ولا تشيرن عنده بيدك ، ولا تقولن قال فلان خلاف قولك ، ولا تعرض عن طول صحبته فإنما هو بمنزلة النخلة تنتظر متى يسقط عليك منها شيء ، وإن مات العالم انثلمت في الإسلام ثلمة لا يسُدّها شيء إلى يوم القيامة ) ..
ويستعمل الألفاظ الحسنة: فلا يخاطبه بتاء الخطاب مثل ( قرأتَ )، ولا كاف المخاطب ( أخبرتُكَ )، ولا يناديه من بعيد، بل يصدِّر كلامه إياه بــ: ما رأيكم بكذا ؟ ، وليقرن كلامه بالدعاء، فيقول: أحسن الله إليك، ومتَّع الله بعلمِك، وما قاربَه..
وفي سؤاله إياه ينبغي ألا يتكلَّف ويتنطع، والأدهى منه أن يسأله سؤالَ اختبارٍ أو إفحام، فهذا مُسيءٌ للأدب مع الله وللأدبِ ذاتِهِ في نيتِه وقصدِه..
وليلتزم في سؤاله عدمَ استباقِ وقت السؤال، وأن يسأل مما فيه له خير ومنفعة عاجلة ؛ لا أن يفترض المسائل الكبار أو بــِعادَ الوقوع ويذرَ مسائلَ من الدِّين سهلةٌ ؛ وهو يجهلها ..
§ زكاة العلم :
بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والموازنة بين المصالح والمضار، ناشرا مُحِبَّاً للعلم، باذلاً جاهَ المنصب في تيسير أمور الناس، ولا يحمِلُك دعوى فساد الزمان، وغلبةِ الفساق، وضعفِ الاستفادة، واستحقارِ النصيحة؛ عن واجب الأداء والإبلاغ عن الله، وذلك بقدر علمك..
§ عبارات التحدث:
فالزم أخي ــ طالب العلم ــ وضوح العبارة قدر الإمكان؛ خاصة مع العوام،و عدم استعمال العبارات الغامضة، والمصطلحات الغريبة، فهو مما يستعصي على أفهامِهم وُلُوْجه، وإيَّاك والتَّنطّع والتقعُّر في كلامك ، قال الأصمعي : كنتُ إذا سمعتُ أبا عمرو بن العلاء يتكلم ، ظننتـُه لا يعرف شيئاً ، كان يتكلم كلاما سهلاً .. والعجب في هذا أن أبا عمرو هو شيخ قرّاء القرآن والعربية في مكانه...
§ أثناء الجدال العلمي:
فقد يتخلَّل مجلسَك أو في رحلةٍ طرحُ بعض المسائل، وتختلف فيه وجهات نظر مُجالسيك ؛ كلٌ حسب معرفته وقراءته ، فعليه:
1. حدِّد أولاً قبل المناظرة نقطةَ الجدال، و النقاط التي تتفقانِ فيها.
2. اطرح الأدلة وآراء العلماء الربانيين، واحرص على صحتها وصراحتها.
3. لا تنتصر لنفسك ، أو تكابر في عدم الرجوع للحق فقد رجع عمر رضي الله عنه عندما حجَّته زوجُته رضي الله عنها ، أو تتشفى من الطرف الآخر عند رؤيتِه متراجعا عن قوله للحق الذي قد يكون في قولِك أنت .
4. لا تتفوَّه إلا بعد علمٍ متيقَّن بالمسألة وأن لا تشتبه عليك بغيرها.
5. لا تظهر نفسك رياءً وسمعة.
6. احذر الانفعال، واضبط نفسك.
7. أظهِر قبل وبعد الجدال روح المودة والتآخي.
8. اشكر الله واحمده على استبانة الحق إن جهلتَه، وعلى التوفيق لإصابتِهِ إن كان معك ..
§ المزاح:
قال سعيد بن العاص رضي الله تعالى عنه لابنه: ( اقتصد في مزحك فإن الإفراط فيه يُذهب البهاء، ويُجرِّئ السفهاء، وإن التقصير فيه يَغُضُ عنك المؤانسين، ويُوحِش منك المصاحبين..).
ويجب أن يقيَّد المزاح بخلِّوه من الكذب، ولا يخرج عن الوقار، بقليلٍ معتدل، ورد عند الترمذي وحسنَّه الألباني من حديثِ الحسن قال: أتت عجوزٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله اُدع الله أن يُدخلني الجنَّة، فقال (( يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز )) .
قال فولَّت تبكي، فقال أخبــِروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله تعالى يقول (( إنا أنشاهن إنشاءا. فجعلناهن أبكارا. عربا أترابا )) .
واعلم أن كثرتَه تُميتُ القلب كما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم ...
§ إطلاق اللسان:
ذكر ابن القيم عن عصرهِ ما تمــثــَّــل وقوعُه في عصرِنا؛ إذ يقول:
( ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفُّظ والاحتراز من أكل الحرام، والظلم، والزنا، والسرقة وشرب الخمر، والنظر المحّرم، وغير ذلك، و يصعب عليه التحفظ من حركة لسانه ، حتى ترى الرجل يُشار إليه بالدِّين والزهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمات من سَخَط الله لا يُلقي لها بالاً، ينزل بالكلمة الواحدة منها أبعدَ ما بين المشرق والمغرب، وكم ترى من رجل متورِّع عن الفواحش والظلم، ولسانُه يفري في أعراضِ الأحياء والأموات، لا يبالي ما يقول ) ا. هـ
§ الشّواذّ و غثاثة الرُّخص:
فإن لإشاعةِ غثاثةِ الرخص، والتجسيد للآراء الشاذة، وتربيةِ مولودِها ( التلفيق ) ؛ منابذةٌ للاعتقاد السليم، بل هي من صنع العداء، ومحتضنُها يكون بأساً على المسلمين وبلاء ، فاحذر يا عبدَ الله أن تبني مجدَك وحياتك على العزِّ الكاذب ؛ بنشر الشاذِّ من المسائل والرُّخَص الفاسدة ، مُبرِّراً للواقِع الآثِم ، وقديماً قيل من تتبع رخص العلماء تزندق !! ..
§ طاعة ولاة الأمر:
اعلم أن ما أمر الله به ورسولُه من طاعة ولاة الأمر ومُناصحتِهم واجب شرعي، إذ أمر الله المؤمنين بطاعتهم في مواطن من القرآن والسنة مثل ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم..)
وقول النبي صلى الله عليه وسلم ( على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره؛ إلا أن يُؤمرَ بمعصيةٍ فإن أُمر بمعصيةٍ فلا سمع ولا طاعة)،
وقال: ( عليك بالسمع والطاعة في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرةٍ عليك )
قال ابن تيمية: أي وإن استأثر ولاةُ الأمر عليك فلم ينصفوك ولم يعطوك حقك ، و اتق الله فيهم في مجالسك ، واحذر غشَّهم والكيد لهم ، أو الخروج عليهم بقولٍ رأوه ،أو فعلٍ اِرتأوه ..
§ الهجر القبيح:
فلا تهجر أخاك المسلم لأسباب تافهةٍ غيرِ شرعية ، فهو سندُك عند الأزمات ،قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ، فمن هجر فوق ثلاث فمات ؛ دخل النار ) .صحيح الجامع .
§ النصيحة :
فقد وصَّى بها الخليلُ محمد صلى الله عليه وسلم في حديثٍ شهير ، واعلم بل ــ اِجعلها نُصب عينيك دائما ـــ أن لها آدابا تخُصُّها ، لابد من الطالب أن يعيَها ، منها :
1. أن تكون لله خالصة، وإلا فإن ثمرتها في تَبَاب..
2. التزام اللِّين مع العامة.
3. لا تؤخِّرها عن وقت الحاجة، إلا لحكمةٍ تقتضي ذلك .
4. التدعيم بالأدلة الصحيحة الصريحة.
5. عدم الإنكار في بعض مواطن الخلاف.
6. عدم التعنيف والتجريح.
7. أن نصيحة الناس تختلف حسب مراكزهم، وأعمارهم، وأفهامهم ، وبين عالمٍ وجاهل..
8. أن تكون سِريةً في وقتِ السِرّ، وإياك ثم إياك فإياك أن تُعلِنَها صريحةً في موضعٍ يستلزمُ الضِدَّ، فإن لها أضراراً بالغة جداً منها : ترك الحق ، المكابرة والعناد ، الاتهام بالسوء ، ارتكاب الضد .وصلى الله وبارك على النبي الأمي ..
أخوكم
: محمد بن علي البيشي
غفر الله له ولوالديه ومشايخه والمسلمين
كتبتها عام 1423 هـ
والنقل
لطفــاً .. من هنــــــــــــا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=115326
والنقل
لطفــاً .. من هنــــــــــــا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=115326