[size=29]مُقَدمَة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين
أمَّا بعد ،
فإنَّ الباحث والناظر في الكتب والمصنفات يجد أنَّ الكتب التي اهتمت بالموضوع الذي بين يدينا قليلة؛ فمنها من يتعرض لجزئية من جزئياتها كالنظر إلى المخطوبة، ومنهما من يضم أحكامها جملة إلى الكتب المختصَّة بأحكام الزفاف متعرضًا للمسألة بإيجاز شديد؛ أمَّا أن يُفردَ الموضوع بتغطية لأغلب الجزئيَّات فلم أجد .
هذا وقد اشتدت الحاجة إلى مصنِّف في هذا الباب يلم شمل المسألة، ويقرب أطرافها بعد أن عمَّ التساهل بين الناس فيها، فوجدت ذلك مبررًا للكتابة في هذا الموضوع، فعزمت أمري.
ولمَّا كانت البركة في أقوال الكبار، فقد حاولت جمع أكبر عدد من تلك الأقوال في كل جزئية، حتى تتم الفائدة ويُتصور الخلاف، فلا تجدني فيه -أخي القارئ- أحذو حذو من يستنبط من النصوص مباشرةً ذاكرًا الأحكام باجتهاد مطلق؛ فلست ذلك الرجل؛ والبضاعة مزجاة، وإنَّما أحاول إفادة نفسي أولاً ورفع الجهل عنها وعن سائر من يصل إليه هذا العمل، طمعًا في الأجر والمثوبة وعدم انقطاع العمل، والله الموفق .
رجب 1429هـ
ما هي الخطبة ؟
خَطَب المرأَةَ يَخْطِبها خَطْباً وخِطْبة بكسر الخاء: الخطاب في قصد التزوج؛ وهي أيضًا هيئة الحال فيما بين الخاطب والمخطوبة التي النطق عنها هو الخِطبة، وجَمعُ الخاطب خُطَّاب، والخَطيبُ: الخاطِبُ، والخِطِّيبَى: المخطوبة ([1]).
وجاء في بعض المعاجم ضم الخاء في خطبة بهذا المعنى، لكن الخُطبة (بالضم) شائعة في الكلام الذي ينطق به الخطيب؛ والخطبة (بالكسر) في طلب الزواج([2]).
والخَاطِبُ والخِطْبُ: هو الذي يَخْطِبُ المَرْأَةَ وهِيَ خِطْبُه التي يَخْطُبُهَا وذلك خِطْبَتُهُ وخِطِّيبَاهُ وخِطِّيبَتُهُ وهو خِطْبُهَا بِكَسْرِهِنَّ، والخَطَّابٌ –كشَدَّادٍ-: المُتَصَرِّفُ أَي كَثِيرُ التَّصَرُّفِ في الخِطْبَةِ.
وقد جاء في المثل:
((يَقُولُ إنِّي خَاطِبٌ وقَدْ كَذَبْ وإنَّمَا يَخْطُبُ عُسًّا مِنْ حَلَبْ)).
واختطب القوم فلاناً إذا دعوه إلى تزويج صاحبتهم؛ ويخطب الرجل المرأة إلى وليها أي: يخطبها من أهلها؛
قال أَبو زيدٍ: إذا دَعَا أَهلُ المرأَةِ الرجلَ لِيَخْطُبَهَا فقدِ اخْتَطَبُوا اخْتِطَاباً وإذا أَرادُوا تَنْفِيقَ أَيِّمِهِم كَذَبوا على رَجلٍ فقالوا: قد خَطَبَها فرَددْناه؛ فإذا رَدَّ عنه قَوْمُه قالوا: كَذَبْتُم لقدِ اخْتَطَبْتُمُوهُ فمَا خَطَبَ إليكم.
يُقَالُ([3]): خَطَبَ الْمَرْأَةَ إِلَى وَلِيِّهَا، إِذَا أَرَادَهَا الْخَاطِبُ لِنَفْسِهِ، وَعَلَى فُلَانٍ إِذَا أَرَادَهَا لِغَيْرِهِ.
ويقال للمرأة: مخطوبة
أمَّا الكلمة التي يتداولها الناس اليوم وهي: خطيبة، فلم ترد في كتب اللغة، ولكنَّ المجمع الفقهي أجازها([4]) مع عدة كلمات أخرى على زنة فعيل بمعنى مفعول مما لم يرد في المعاجم؛ من ذلك: مزيج، وخطيبة بمعنى مخطوبة، وعديد بمعنى معدود.
والكلمة الأخرى التي نجدها كثيرًا اليوم وهي : الخطوبة، فهي كلمة لم أقف عليها في أحد من معاجم اللغة، بل إنِّي أشك أنها لفظة عامية محدثة
ولكن قد جاء في معجم لغة الإعلام العربي: " أما الخُطوبة فلها معنى آخر؛ إذ تَدُلُّ على الفترة التي تعقُب خِطبة المرأة وتمتد إلى الزواج"([5]) اهـ .
([1]) قاله الفرَّاء، كذا عن ابن منظور في اللسان، ونظم الدرر للبقاعي، وتابعه عليه أهل اللغة، وحكي عن كراع بالضم .