خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    نظراتٌ في منهج تقييد وكتابة العلم (على ضوء قواعد المحدثين)

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية نظراتٌ في منهج تقييد وكتابة العلم (على ضوء قواعد المحدثين)

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 09.09.09 6:58

    نظراتٌ في منهج تقييد وكتابة العلم

    نظراتٌ في منهج تقييد وكتابة العلم (على ضوء قواعد المحدثين) 470674

    نظراتٌ في منهج تقييد وكتابة العلم (على ضوء قواعد المحدثين) 412160
    نظراتٌ في منهج تقييد وكتابة العلم
    (على ضوء قواعد المحدثين)

    {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا}[1].
    والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيد الخَلْق من مَلَك، وإنس، وجانّ.

    أما بعد:

    فتشمل هذه الورقات نظرات في منهج تقييد العلم، والعناية التي أَوْلاها السابقون للتعامُل مع فروق الرِّوَايات، والنُّسَخ في العُلوم الشرعية، وَفْقَ القواعد والضوابط التي رَسَمُوها للكتابة والقيد، باعتبارها من دعائم وَثَاقَةِ النُّصوص عند المسلمين،

    وقد كنت أرْصُدُ هذه الفروق ثم أتأمَّلُها، وذلك أثناء عملي ضمن فريق التحقيق بالدّار الجريسية، والتي انبثق منها مشروع العناية بالكتاب الإسلامي؛ بِناء على رغبة الأستاذ الدكتور/ خالد بن عبدالرحمن الجريسي، فقَدَّمَتْ به الدار خدمة جليلة لمجموعة من الكتب المهمة، بعضها قد صدر، وبعضها ما زال تحت الخدمة، وتولَّى الإشرافَ الفنّيَّ على هذا العمل الدكتور/ سعد بن عبدالله الحميد، الذي وُفِّق لفَكِّ كثير منَ المشكلات المعقَّدة في المخطوطات، بما حباه الله تعالى من علم وأناة، وحِلم، وقد أفاد منه فريقُ التَّحقيق فائدةً كبيرةً،
    نرجو اللَّه أن يوفِّقَهم لتسخيرها في خدمة العلم، وأن يجزي الشيخينِ خير الجزاء.

    وسوف أُسَلِّطُ الضوء من خلال هذه النظرات على منهج كتابة وتقييد العلم؛ بِناء على القواعد التي رسَمَها المُحدِّثُون، لتتضح أهمية الأَخْذ بها؛ من أجل العمل على إبرازها للطلاب، لضمان استمرار قوة التوثيق في ظلِّ التطوُّر والازدهار المشاهَد في سوق الطباعة والنشر، وفي مجال تداوُل المعارف والمعلومات؛ خشيةً من التَّردِّي الذي قد يَنتج من تأثير عامِلَيِ الربح والخسارة على جَوْدة المطبوعات، مِمَّا سأُبَيِّنُهُ بعد قليل، وأهَمِّ الأسباب التي تُساعد في ضبط الجَوْدة والرَّصانة لعمليَّة نقل العُلوم وتداوُلِها، من خلال عرض بعضِ الأمثلة التطبيقية التي وقفتُ عليها، فأسألُ الله أن يجد فيها طُلابُ العلم الفائدةَ المَرْجُوَّة، وألا يجعلها من الصَّوارف، ومضيِّعاتِ الوقت.

    كتابة العلم، وتقييده في الماضي والحاضر:
    بدأ المسلمون كِتابة العلم وتدوينَه في صدرِ الإسلامِ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - بين ظهرانَيْهِم؛ فقد روى البخاريُّ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قالَ: "ما مِن أصحابِ النبي - صلى الله عليه وسلم - أَحَدٌ أكثرُ حديثًا عنه مِنِّي، إلا ما كان من عبدِاللهِ بن عَمْرٍو؛ فإنَّه كان يكتبُ، ولا أَكتبُ"
    [2]. وروى البخاري ومسلم، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في خُطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي طلب أبو شاة أن تُكتَب له، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اكتبوا لأبي شاة...))[3]. وروى البخاريُّ، عن أبي جُحيفة، قال: قلتُ لعليٍّ - رضي الله عنه -: "هل عندكم كتاب؟" قال: "لا إلا كتابُ الله، أو فَهْمٌ أُعطِيَهُ رجلٌ مسلم، أو ما في هذه الصحيفة"، قال: "قلت: فما في هذه الصحيفة؟" قال: "العَقْلُ[4]، وفِكاكُ الأسيرِ، ولا يُقْتَلُ مسلمٌ بكافرٍ"[5].

    وكانوا في البداية يَحْتَرِزُون منَ الاسترسال في كتابة العلم، والاستغراق فيها؛ إجلالاً وصَوْنًا لكتاب الله أن يَخْتَلِطَ به غيرُه، فلما اطْمأنُّوا لذلك، وجُمع القرآن الكريم، بدأت كتابة الحديث والعلوم الشرعية باستفاضة، وانقسم العلماء والمتعلِّمون إلى مجموعات شَتَّى؛ فمنهم من صَرَفَ هِمَّتَهُ للقرآن الكريم، ومعرفة حروفه وعلومه، ومنهم منِ انصرف لكتابة الحديث، ونَقْد متونِهِ وأسانيده، ومنهم من أعمل فِكره في استنباط المعاني والأحكام والآداب، من نصوص القرآن العظيم، والسنَّة المُطَهَّرَة؛ ونتيجةً لذلك: فقد أصبح لكل فنٍّ رجالُه؛ مما أدى لتمايُز التخصصات بحكم اتِّساع الخِضَمِّ العِلْميِّ، وفي ذلك روى الخطيب البغداديّ عنِ الأعمش، أنه سأل الإمامَ أبا حنيفة - رحمهما الله - عن بعض المسائل، فأجابه بما لم يَدُرْ في خَلَدِهِ، فقال الأَعْمَشُ: مِنْ أين لكَ هذا؟ فقال أبو حنيفةَ: أنتَ حدثتنا عن إبراهيم بكذا، وعن الشَّعْبِيِّ بكذا، فكان الأَعْمَشُ بعد ذلك يقول: "يا معشر الفقهاء: أنتم الأطباء، ونحن الصَّيادِلَة"
    [6].

    وعَرَفَ النَّاسُ حلقات العِلْمِ، وجِلْساتِ المُذاكرة، والإملاء، والمُقابلة، والتصحيح؛ منذ وقت مُبكِّر، ونتَجَتْ عن هذه المُمارسة بُرُوزُ الضَّوابِطِ المتِينة، والقواعد الدَّقيقة، والرموز والمصْطَلَحات لكتابة العلم والمعرفة، وهو ما بَرَهَنَ على تَمَيُّز هَذِه الأُمَّة بِجَوْدَة أصولها المعرفية، وقد أراد الله - سبحانه وتعالى - لها ذلك؛ لتشريفها بمسؤُوليَّة حِفْظ الدّين الخاتم، الذي قال الله - جلَّ وعلا - فيه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}
    [7]. فامتازتِ الأمَّة المسلمة بحِفْظ القرآن الكريم، وتمييزِهِ عن سائر الكلام، بما فيه الكلام المنسوب للنبي - صلى الله عليه وسلم - ثم تمييز كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كلام الصحابة والتابعين، وقد كانتِ الأُمَم قبلها لا تُمَيِّز كلام الله تعالى عن أقوال الأنبياء، ولا أقوال الأنبياء عن أقوال الأحبار والعلماء، فكان تَفْريطُهم في ذلك سببًا من أسباب التحريف، والتبديل في الأديان السابقة.

    وكانتِ الكتابة في القُرون الأولى يدويَّةً، وأدواتها مَعْرُوفة، ولها رُموزٌ مُتداوَلة بين أهل الاختصاص، وقد اهتمَّ العلماء منذ عهود مَضَتْ بتأليف الكُتب، التي بَيَّنَتْ قواعدَ وضوابطَ وآدابَ الكتابة والنَّقْل، وأعقب ذلك بعضُ الكتابات التفسيرية، التي فسرتِ الرَّمز، وكشفت عن المُعَمَّى من هذه القواعد والضوابط؛ فأخَذَتْ هذه الشروح بمجَامع ألباب المُستشرقين، فعَكَفُوا على دراستها، واستطاعوا من خلالها الدخول لتُراثِنا، فكأن مشاركاتهم في القرنينِ الماضيينِ قد أدْهَشَتِ البعض منَّا، لأنها كانت مبنيَّة على تلك الضوابط والقواعد، وليس هذا إدعاء تَنْقُصُهُ البراهين، وإنَّما هو حقيقة تؤكدها الدَّلائل؛ ومن ذلك:

    ضَعْفُ وَثَاقَةِ النصوص في ثقافاتِ ومعارفِ المستشرقينَ؛ قديمِها وحديثِها؛ بل في ثقافاتِ ومعارفِ غيرِهم منَ الأُمَم الأخرى؛ كما يدل على ذلك أيضًا الجَوْدة العالية التي بلغتها كُتُب التوثيق، والدَّلالة عند أسلافنا، فلو قارنَّا بين أعمال المستشرقين الدقيقة هذه، وبين جُهود المسلمين التي سبقَتْها لعرفنا قَدْر أنفسِنا، ويمكن المقارنة بين كتابَيْ: "مِفتاح كنوز السنة" الذي وضعه الدكتور/ أ. ي. فنسنك، ونقله للعربية الأستاذ/ محمد فؤاد عبدالباقي، و"الجامع المفهرس لألفاظ الحديث النبوي الشريف"، الذي وضعه الدكتور أ. ي. فنسنك أيضًا بالاشتراك مع جماعة من المستشرقين -باعتبارهما من كُتُب الدَّلالة على مواضع الرِّوَايات - من ناحية، وبين كتاب "تحفة الأشراف" للحافظ أبي الحجاج المِزِّيِّ (ت742هـ)، وكتاب "إتحاف المهرة" للحافظ ابن حجر العَسْقَلانيِّ (ت852هـ)، باعتبارهما من كُتُب الدَّلالة أيضًا -: لَعَرَفْنا الفَرْق؛ فكتاب "مفتاح كنوز السنة"، وكتاب "الجامع المفهرس"، وُضِعا فقط للدَّلالة على مواضع وجود الألفاظ، وقد قضتْ عليهما التقنية الحديثة، وفقدا قيمَتَهُما، بظهور الأقراص المُدْمَجَة، وأصبحا في أضابير الكُتُب ضِغْثا على إِبَّالَة، شأنُهما في ذلك شأن بَعْضِ كُتُبِ الفَهْرَسة اللَّفظية، بينما ظلَّت أهمية "التحفة"، و"الإتحاف" كما هي، حتى بعد ظهور هذه الأقراص، وسيظلان من الأهمية بمكانٍ سامٍ، إلى أن يَرْفَعَ اللَّهُ العلم، ويَرِثَ اللَّهُ الأرض ومَنْ عَلَيْها، فهُما بِجانِب أهميَّتِهِما في الدَّلالة على مواضع تَخْرِيج الروايات يُعتبرانِ من عُمُد التوثيق المهمة للأسانيد، فبهما تُضبَط الأسانيد، وبهما تُمَيَّز فروق النُّسَخ:

    فعلى سبيل المثال: أخرج ابن ماجَهْ في كتاب الطب، من السنن، في باب: (الاستشفاء بالقرآن)، الحديث رقم (3501): حدثنا محمد بن عبيد بن عتبة بن عبدالرحمن الكِنْدِيُّ، حدثنا علي بن ثابت، حدثنا سَعَّاد بن سليمان، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي - رَضِيَ الله عنه - قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((خير الدواء القرآن))، وتكرَّر هذا الحديث في نفس الكتاب، وتكرر معه عنوان الباب، وهو الحديث رقم (3533): إلا أنَّه وقع في معظم النُّسَخ المطبوعة المُتداوَلَة التي وقفتُ عليها، من سنن ابن ماجَهْ في الموضع الثاني هذا: (معاذ بن سليمان)، بدل: (سَعَّاد بن سليمان).

    ولما كانت كتب التوثيق والدَّلالة عندنا متقَنةَ الصنعة، فإنها قد أصبحت حِرْزًا مَنيعًا يَقِي مصادرنا المعرفيةَ الرئيسة منَ الاختراق؛ فأسانيد الكتب الستة، وأطراف مُتُونها قد حوتها "تحفة الأشراف" للحافظ المِزِّيِّ - رحمه الله - بالإضافة لأسانيد وأطراف المتون لاثنَيْ عَشَرَ ما بين مسنَدٍ، ومصنَّفٍ حواها كتاب إتحاف المَهَرة الذي نسجه الحافظ ابن حجر - رحمه الله - على مِنوال التحفة، وحديث ابن ماجه المتقدِّمُ ورد في "التحفة" بإسناد واحد، وفيه: سَعَّاد بن سليمان
    [8]، وبهذا نعلم أن ما وقع في بعض النُّسَخ المطبوعة المتداولة من سنن ابن ماجَهْ، من رواية (معاذ بن سليمان)، إنما هو تصحيف من (سَعَّاد بن سليمان)، ولم أقف على الصواب إلا في نسخة سنن ابن ماجه التي حققها الدكتور/ بشار عواد معروف - وهو الذي حقق "تحفة الأشراف"، و"تهذيب الكمال" - فأوضح ذلك وأبان أنه تصحيف، ولا يمكن معرفة ذلك من كتابي المستشرِق أ. فنسنك؛ لكونهما اقتصرَا في الدَّلالة على الألفاظ دون الأسانيد؛ فحَرِيٌّ بنا - وقد جَهِلَ بعض المُخْتَصِّين منا جهودَ أسلافنا الراقية - أن نَزْفُرَ آهةً حَرَّى، ونتمثل بقول الشاعر:
    وَكُلُّ طَرِيقٍ أَتَاهُ الْفَتَى عَلَى قَدَرِ الرِّجْلِ فِيهِ الْخُطَا

    فقد توارت هذه الثمرات بالحُجُب، وغارتْ في أكمام وطَيَّات الكُتُب، حتى لا يكاد يُبْصِرُها إلا بَحَّاثّةٌ جَلْدٌ صابرٌ، وخِرِّيتٌ لَوْذَعِيٌّ ماهرٌ[9]، فلما عرفها المستشرقون، وقاموا بالبحث فيها، ونشروا بعضها، وتَلألأَتْ جهودهم بجواهرنا الثمينة، ظن بعضُ من خَالَطَهُم، وتَلْمَذَ لهم أنَّهم أوَّل من وضع هذه القواعد.

    وتَطَوَّرَتِ الكتابة منذ عهد قريب فصارت آلية، وكانت في بدايات تطوُّرها قريبة من الكتابة اليدوية في العُهود الأُولَى، ثم أخذت تتطور شيئًا فشيئًا، إلى أن تَمَّ اكتشاف عُنْصر الإلكْتُرون، الذي ما فتئ يتطوَّرُ هو الآخَر يومًا بعد يوم، وبصورة مُدْهِشة، حتَّى أصبح من السهل على طالب العلم أن يَجمع آلافَ المُجَلَّدَات في قُرْص يسعه الجيب؛ لِيَتِمَّ تشغيله على أجهزة الحاسوب الثابتة والمحمولة، ويُتوقَّع أن يصغُرَ حجمه عن ذلك - مع تطوُّر التقنية المُتلاحِق - فيا لَيْت شعري كم كان سيسعد به إذ ذاك الحُفَّاظ الذين قطعوا الفيافِيَ والوِهادَ لو ظهرت في عهدهم هذه الأقراص! من أمثال أبي عبدالله محمد بن إسحاق بن مَنْدَهْ (ت395هـ)، الذي أمضى في الرحلة نَيِّفًا وثلاثين سنة
    [10]، وماذا كان سيجني المَوْسُوعِيُّونَ الأقدمون من هذه المعارف المَبْثُوثة عبر الأثير، والتي أصبحت في متناول اليد، من الشبكة الأثيرية، حتى إن المتفكِّر في هذا التسهيل لَيَعْجَبُ لكلام شفي بن ماتع الأصبحي - رحمه الله - الذي قال: "تفتح على[11] هذه الأمة خزائن كل شيء، حتى تفتح عليهم خزائن الحديث"[12].

    ومع هذا التطوُّرِ انبثقت التخصصات المِهَنِيَّة في الكتابة، فأصبح الناسخ مختصًّا بمعرفة لوحة مفاتيح الحروف في الحاسوب، وقد لا يلزمه أن يكون عارفًا بكثير مما يكتبُ، كما نشأت مهنة المُصَحِّح والمُدقِّق اللُّغَوي، ولم تكن في السابق مهنة، وإنما كانت العملية تتم عبر جلسات الإملاء وتتقن في جلسات المقابلة، وهذا التطور قد استلزم مُهمَّة جديدة، هي: مراجعة تَجارِب الطباعة التي تعتبر إحدى مراحل المُقابلة.

    وبعد أن كانت المعلوماتُ البحثيةُ - في العهود المُتأخِّرة القريبة - تُدَوَّن في قطع ورقية صغيرة عرَّفها الأستاذ/ عبدالسلام هارون، وغيره بالجُذَاذَاتِ
    [13]؛ ليتم ترتيبها فيما بعد، فقد يَسَّرَ الله على طلبة العلم في أوائل القرن الخامِسَ عَشَرَ الهجريِّ أن يستعينوا بالحاسوب، الذي وَفَّرَ عليهمُ الكثير من الجُهْد والوقت، بما له من خواصِّ البحث في المكتبات الإلكترونية، وبما له من مزايا النَّسْخ، والقصِّ، واللصق، والإضافة، والمَحْو، وعَمَلِ الحَوَاشي السُّفلية على تعدُّد أنماطها، وعمل الفهارس.

    ومع اتّسام الحاسوب بالدّقَّة الفائقة، إلا أنَّه في بعض الأحيان يَحدُثُ أن تتبدَّل بعض الكلمات في المكتبات الإلكترونية التي يحتويها إلى كلمات أخرى، منها ما هو مفهوم في نفسه؛ ولكنَّه لا يُؤدِّي الغرض المطلوب منه، ومنها ما هو غير مفهوم أصلاً، فقد لاحظتُ أن اسم (معن) تغير في الإصدار الأول من برنامج المكتبة الألفية إلى (ينعقد)، ولفظ (الكندي) تغير إلى (سِنان)، ولفظ (له صحبة) تغير إلى (له البغوي)، ولفظ (أَخُوهُ) تغير إلى (يتحقَّق)، ولفظ (الزاهد) تغير إلى (لصاحب)، وغير ذلك من الألفاظ، وذلك بسبب سوء تثبيت بعض الملفات، أو لأسباب فنية أخرى يعرفها أهل الاختصاص، ولا علاقة لذلك بالفيروسات، هذا بالإضافة إلى عدم الاطمئنان إلى سلامة النص نفسه؛ لأنه لا ضمان لمقابلته على أصله، وهذا يستدعي الانتباه والحذر عند استخدام خاصِّيَتَيِ القصِّ واللصق من هذه المكتبات؛ لانعدام الثقة بهذه النصوص المنسوخة من الحاسوب، مما يؤكد مساس الحاجة إلى الرجوع إلى الكتاب في طبعاته المُحْكَمَة.

    ولا يفوتني هنا أن أرفع إشارة حمراء، للتنبيه على المخاطر التي قد يَجرها هذا التطوُّر الكبير، فَعَسَى أن يتواصَى الحريصون على سلامة النصوص العلمية من الخَطَر الدّاهم، الذي يشكله الانفتاح الأثيري على جَوْدة الموادِّ المطبوعة، بحكم ما قد تواجهه سوق الطباعة من كساد مُحْتَمَل؛ نتيجةً لتَرَاجُعٍ مُتَوقَّعٍ في هامِش الأرباح، بالنظر لارتفاع تكلفة الإنتاج، من جرَّاء الحِرْص على الجَوْدة، والدّقة، وإتقان المُقابلات، والتّصْحيح، وما يضيفه التجويد من زيادة في المصروفات، بسبب طول المدة في تحصيل الجَوْدَةِ المُبْتَغَاة، وفي ظل ما يُشَكِّلُهُ الماسِح الضوئي من تعدٍّ على حقوق الطّباعة والنشر، وذلك لسُهولة استخدامه في تصوير المطبوعات، والاعتداء عليها، أو بَثِّها، وتداوُلها عَبْرَ الأثير دون رقيب ولا حسيب، مما يدفع بكثير من دور النشر لتخفيف الجَوْدة والعناية بالموادِّ العلمية، إلى حدٍّ قد ينحدر إلى مستوى العَبَثِ.

    قواعد النقل وضوابط الكتابة بين الماضي والحاضر:
    لقد اهتمّ سلفُنا الصالح بتقييد العلم وكتابته، وتوصَّلَتِ الأجيال المتعاقبة عبر الحِقَبِ إلى وضع قواعدَ وضوابطَ لتقييد العلم وكتابته، ومع هذا التطور الهائل، والازدهار التَّقَنِيِّ المُتنامِي فإنَّ الحاجة لمعرفة تلك الرموز القديمة لقواعد القَيْدِ والكتابة، ومعرفة الخطوط عبر القرون تظل ثابتة، لا تَتَقَهْقَر؛ بل تزداد الحاجة لمعرفتها يومًا بعد آخَرَ، بحُكْم موقع المخطوطات في دوائر المعارف، لذا فإنَّه من المُهِم؛ بل من الوَاجِب على طُلاَّب العلم أن يحرصوا على معرفة الخُطوط والرموز، وقواعد كتابة المخطوطات؛ كما يُؤْمَل من الأساتذة أن يزيدوا في بيان هذه القواعد، وتوضيح هذه الرموز، إذ إن معرفتها تُعتبر عنصرًا مهمًّا من عناصر الرد والقَبول، لكثير من الموادِّ العلمية، التي يُتوقَّع أن ترى النور، بغرض نشر المعرفة أحيانًا، وبغرض الدّسِّ، والكَيْد، والتشويه أحيانًا أخرى، مِمَّا يستوجِبُ تضافُرَ جهود المُخّتصِّين في كل فرع، من مُنْطلق المُراقبة والمُدَافعة.

    وتلبيةً لهذه الحاجة فقد قام بعض المُعاصِرين بوضع قواعِدَ للتعامُل مع المخطوطات، فكتب الدكتور/ صلاح الدين المُنَجِّد كُتَيِّبًا عن قواعد تحقيق المخطوطات، استقاها - كما قال - من القواعد والضوابط التي وَضَعَها المستشرقون، وأَعْرَبَ في كُتَيِّبِهِ هذا عن انبهاره بمشاركاتهم، وأَوْصَى بالأَخْذ بقواعد نشر التراث التي وضعُوها، وهو بهذا التوجيه - قَصَدَ أو لم يقصد - يَدُقُّ إسفينًا بين طلاب المعرفة، وبين ما دوَّنه علماء المسلمين من قواعدَ وضوابطَ لنقل وكتابة العلم، وقد سعى للتوطئة لرأيه هذا في بداية مُقدمته للقواعد التي جمعها في كُتَيِّبِهِ، باستعراض النجاح الذي حَظِيَ به الكُتَيِّبُ، واللغات التي ترجم إليها وهي: الفرنسية، والإسبانية، والإيطالية، والفارسية، والتركية، والإنجليزية. ثم عرَّضَ بالأستاذ/ عبدالسلام محمد هارون، محاولاً التقليل من جهده، بأنَّه لا يعرف القواعدَ والضوابطَ التي وضعها المستشرقون
    [14]. بَيْدَ أنَّ إِسْفينَه قدِ انْحَنَى مُرْتدًّا عليه، إذ لم تكن له القوةُ الكافيةُ لاختراق الجدار الواقي لأصولنا المعرفيَّة، لما لهذا الجدار من صلابة ومَتانَة.

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: نظراتٌ في منهج تقييد وكتابة العلم (على ضوء قواعد المحدثين)

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 09.09.09 6:59

    ولعل الدكتور/ صلاح الدين لو أمعن النظر في تراثِنا، لعلم أن أصولَ وقواعدَ تقييد العلم قد دوَّنها علماؤنا السابقون، وهي التي لم تُسبَق؛ بل ظَلَّتِ المفتاحَ الذي استخدمه المستشرقون في الوُلوج لتراثنا، وإن بدت هذه القواعد التي وقفوا عليها في نظرهم مِفتاحًا لأبواب المداخل للتراث، إلا أن رُدْهاتِ تراثنا تظل منيعةً وممتنعة، لا يَسْبُرُ غَوْرَهَا غيرُ المُتَخصِّصينَ من أبناء هذا التراث، وذلك لأسباب كثيرة، ولو وَجَّهْتَ قول القائل:

    كَالشَّمْسِ تَظْهَرُ لِلْعَيْنَيْنِ مِنْ بُعُدٍ صَغِيرةً وَتُكِلُّ الطَّرْفَ مِنْ أَمَمِ

    ليكون في تراثنا، لكانَ مُوافقًا ومقبولاً، ولا أرسل هذا القول على عَوَاهِنِهِ، فإن هذا التراث المُدْهِش لا يُتْقِنُ العملَ فيه إلا مَنْ كابَدَهُ، واستعذَبَ العَنَتَ والمَشَقَّةَ في سبيله، وبَرَعَ وتخصص في أحد فروعه، وأَضرِب لذلك مثالاً لا أقصد فيه غمط قدْرِ مجتهِدٍ، ولا التقليلَ من جهود مشارِكٍ، وإنما لأُبَرْهِنَ على أن تراثنا كالشَّمْس حقًّا، وهو بفروعه وتنوُّعِهِ يجعل التعامُل معه بالقواعد المذكورة - دون أن يُصاحِبَها التَّخَصُّصُ المطلوبُ - أمرًا دونه خَرْطُ القَتاد، ذلك أن هذا التنوع يستلزم التخصُّص:

    ولأُبَرْهِنَ على ذلك فسأذكر ما قام به الأستاذ/ كوركيس عواد
    [15] - وهو ممن أتقن العربية، وتفيَّأَ ظِلالها، وشَرِبَ من مَعينها حتى اطْمَحَرَّ، وتَلْمَذَ للأب/ أنستاس ماري الكرملي[16]؛ أحد كبار المهتمين بالتراث في القرن الماضي، ولذلك فقد عَهِدَ المجلس العلميُّ العراقيُّ للأستاذ/ كوركيس بتحقيق كتاب "تاريخ واسط"، لأسلم بن سهل الواسطي المشهور ببَحْشَلَ، فبذل الأستاذ/ كوركيس جُهدًا مقدَّرًا في تحقيق الكتاب، ولكن نظرًا لبعده عن مادة الكتاب، فإنه لم يستطع أن يُوفِّي كثيرًا من مواضع النَّصِّ التعليقاتِ المناسبةَ، فالكتاب - كما وصفه المحقِّق - يضم مادَّة حديثيَّة ثَرَّةً، والمستفيد الأول منه هو طالب الحديث وعلومِهِ؛ ونظرًا لأن مؤلفه من المُحَدِّثِينَ فقد قصد أن يجمع فيه الرواياتِ الحديثيةَ لأهل وَاسِط.

    ومن هنا لزم القول بأن خير من يَخْدُمُ هذا الكتابَ؛ هو من له معرفة واسعة، وتخصص في علوم الحديث، وله دراية بعلوم العربية تُمكِّنُهُ منَ التعليق السليم على مواطن الخلل، والقصور في النص المخطوط، وسأكتفي هنا بذكر ثلاث ملاحظات مهمِّة في صفحة واحدة من الكتاب، لم يوفق المحقق في التعليق عليها.

    المثال الأول:
    وقع في الصفحة الخامسة والأربعين من الكتاب: حدثنا أسلم، قال: ثنا زكريا بن يحيى بن صبيح، قال: ثنا هُشَيْمُ بن بَشير، عن أبيه، عن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: "رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد".

    هكذا أثبت الأستاذ/ كوركيس الرِّوَاية، ولم يعلق عليها، وفي هذه الرِّوَاية عِلَّةٌ يعرفها طُلاب الحديث وعلماؤه، فهذا الحديث معروف من رواية هُشَيْمٍ، عن يَعْلَى بنِ عطاء، عن أبيه، عن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما - رواه الخطيب البغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي"، من طريق سُرَيْجِ بنِ يونُسَ، عن هُشَيْمٍ، عن يَعْلَى بنِ عطاء، عن أبيه، عن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما – موقوفًا
    [17]، ورواه البخاري عن آدَمَ بنِ أبي إياس، والتِّرْمِذِيُّ في "الجامع" من طريق محمد بن جعفر غُنْدَر، والطَّبَرَانِيُّ في "المعجم الكبير" من طريق مسلم بن إبراهيم؛ جميعهم عن شُعْبَةَ، عن يَعْلَى بنِ عطاء، عن أبيه، عن عبدالله بن عمرو، موقوفًا[18]. إلا أنه سقط من "الأدب المفرَد" للبخاري [واو عمرو من عبدالله بن عمرو]، فأثبتت الرواية فيه من حديث عبدالله بن عمر، وصنيع الشيخَيْنِ الأَلْبَانِيِّ، والجِيلانِيِّ في "فَضْل اللهِ الصَّمَد" يدلُّ على أن ما في الأصول الخَطِيَّة لَدَيْهِما (عمر)، لا (عمرو)، وقدِ استشكله الشيخ الأَلْبَانِيُّ، وكلام الحافظ البَيْهَقِيِّ في "الشُّعَبِ" عَقِبَ الحديث رقم (7447) يشير إلى أن الصحيح في رواية آدم إنما هو: عبدالله بن عمرو.

    ورواه الحافظان الطَّبَرَانِيُّ في "المعجم الكبير" (13 رقم 14368 – الجريسية)، والبَيْهَقِيُّ في "شُعَبِ الإيمان" (7445)؛ من طريق القاسم بن سُلَيْم الصَّوَّافِ، عن هُشَيْمٍ، عن يَعْلَى بنِ عطاء، عن أبيه، عن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما - مرفوعًا، ورواه التِّرْمِذِيُّ في "الجامع" (1899)، وفي "العِلل الكبير" (579)، والبَزَّارُ في "المسنَد" (2394) من طريق خالد بن الحارث، وبَحْشَلُ في "تاريخ واسط" في نفس الصفحة من طريق عاصم بن علي، وبَحْشَلُ في نفس الموضع، من طريق زيد بن أبي الزرقاء، وتصحَّف في الكتاب إلى يزيد بن أبي الزرقاء، كما سأُبَيِّنُهُ في المثال التالي، وأبو يَعْلى في "المسند" –كما في "تخريج أحاديث وآثار الكشاف" للزَّيْلَعِيِّ - (2/264)، وابن عساكِرَ في "تاريخ دِمَشْق" (5/173) من طريق أبي إسحاق الفَزَارِيِّ، والطَّبَرَانِيُّ في "المعجم الكبير" (13/14368 – طبعة الجريسية)، والبَيْهَقِيُّ في "شعب الإيمان" (7445) من طريق القاسم بن سُلَيْمٍ الصَّوَّافِ، وابن بَطَّةَ في "الإبانة" (3/129 رقم 99)، والبَيْهَقِيُّ في "شُعَبِ الإيمان" (7447) أيضًا من طريق أَبِي عتَّاب الدَّلاَّل، والحاكمُ في "المستدرَك" (4/151-152) من طريق عبدالرحمنِ بْنِ مَهْدي، والبَيْهَقِيُّ في "شُعَب الإيمان" (7446) من طريق الحسين بن الوليد؛ جميعهم عن شُعبة، به، مرفوعًا.

    فدل ذلك على أنَّ الحديث إنَّما هو من رواية هُشَيْمٍ، عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، وليس من رواية هُشَيْمٍ، عن أبيه، وأنَّ ما أثبتَه المُحَقِّق في "تاريخ واسط" خطأٌ محض، سواء كان ذلك في أصله الخطِّيِّ، أو سَقَطَ منَ المطبوع، فإذا كان من المخطوط فإنه كان يُتوقَّع من المحقِّق أن يعلِّقَ في الهامش، ويوضِّح الخطأ في هذه الرِّوَاية، وهو لا يعدو أن يَخرج عن أحد الاحتمالات التالية:-

    - أن يكون قد سقط (يعلى بن عطاء)؛ شيخ هُشَيْمٍ منَ النُّسْخة الخَطِّيَّة، التي اعتمد عليها المحقِّقُ، وهذا يعني أنَّها نسخة خَطِّيَّة غير مقابلة، أو أنها منقولة من نسخة خطية غير مقابلة.

    - أن أَسْلَمَ صاحِبَ الكتاب نفسَهُ، أو شيخَهُ: زكريا بن يحيى قد أخطأ - أحدُهما - في الرِّوَاية؛ فأسقط (يَعْلَى بن عطاء)، شيخَ هُشَيْمٍ في هذا الحديث، فجعل رواية هُشَيْمٍ عن أبيه.

    - وثَمَّة احتمالٌ ثالث إن خرج الأمر عنِ الاحتمالَينِ السابقَينِ؛ وهو أن (يَعْلَى بنَ عطاء) قد سقط في مرحلة الطِّباعة فقط، وإن صحَّ هذا الاحتمال، فإنه يدل على أن المحقِّقَ لم يَقُمْ بمقابلة تجارب الطباعة مع النُّسْخة الخطية، وهو من الأمور المهمِّة في أعمال التحقيق، ومن المستبعَد أن يفوت على محقِّق متمَرِّسٍ.


    المثال الثاني:
    وقع في الصفحة الخامسة والأربعين - فيما تقدَّمَتِ الإشارة إليه - أيضًا: حدثنا أَسْلَمُ، قال: ثنا علي بن سهل الرَّمْلِيُّ، قال: ثنا يزيد بن أبي الزرقاء، قال: ثنا شُعْبَة، عن يَعْلى بن عطاء، عن أبيه، عن عبدالله بن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: بمثله. هكذا وقعت هذه الرِّوَاية: عن يزيد بن أبي الزرقاء، ولا يُوجد في شيوخ علي بن سهل من اسمه يزيد، وإنما ذكر الحافظ المِزِّيُّ في شُيُوخِهِ: (زيد بن أبي الزرقاء)[19] ، كما لا يوجد في الرواة عن شُعْبَة: (يزيد بن أبي الزرقاء)، وإنما ذكر المِزِّيُّ في الرواة عنه: (زيد بن أبي الزرقاء)[20]. وفضلاً عن ذلك فإن اسم أبي الزرقاء هو: يزيد، هكذا ذكره المِزِّيُّ في ترجمة زيدٍ ابنِهِ[21]، ومع ذلك فليس منَ المستبعَد أن يَحمِلَ الابن اسمَ أبيه، ولكن لم أقف في دواوين الرواة على ما يؤيِّدُهُ، وذكر الحافِظُ البَيْهَقِيُّ في "شعب الإيمان" عقب الحديث رقم (7447): أن هذا الحديث رواه زيد بن أبي الزرقاء، عن شُعبة، وهذا يدل على أن اسم راوي هذا الحديث عن شُعبة، هو: (زيد بن أبي الزرقاء)، وليس (يزيد بن أبي الزرقاء)، وينطبق على هذا الحديث ما ينطبق على سابقه من الاحتمالات المذكورة هناك، والله أعلم.

    المثال الثالث:
    وقع في آخِرِ الصفحة الخامسة والأربعين أيضًا: حدثنا أسلم، قال: ثنا عبدالحميد بن بيان، قال: ثنا أحمد بن أبيشَيْبَةَ، عن سهل بن ذَكْوَانَ، قال: رأيتُ عبداللَّه بن عمرو، وعبداللَّه بن الزبير، وعبدالله بن عباس - رضي الله عنهم - يتحدَّثون في طوافهم.

    ووقع تصحيف في هذا الإسناد:
    - فقوله: (سهل بن ذَكْوَانَ)، المشهور فيه: (سُهَيْلُ بنُ ذَكْوَانَ)، وهو: سُهيل بن ذَكْوَانَ الوَاسِطِيُّ أبو السِّنْدِيِّ المَكِّيُّ. وسُهيل بن ذَكْوَانَ منَ الأسماء المتشابهة التي يتوقف عندها طالبُ الحديث، إذ يَشتَبِهُ مع: سُهيل بن ذَكْوَانَ السَّمَّانُ، وهو سُهيل بن أبي صالح، ولم يدرِك عائشة - رضي الله عنها - وقدْ ورد هذا الاسم في ثلاثة مواضِعَ في "تاريخ واسط" - كما هو موضَّح في فهرس الأعلام - وقد أَثْبَتَ في المواضع الثلاثة كلِّها (سَهْل)، فقد وَرَدَ كذلِكَ في الصفحة السبعين، وفي الصفحة الثالثة والسبعين أيضًا، وسهل بن ذَكْوَانَ، ذُكِرَ في مصادر ترجمته باسم: (سُهيل بن ذَكْوَانَ)، وكذلك ذَكَرَهُ الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان"، باسم سُهيل بن ذَكْوَانَ، تَبَعًا لما في "الميزان"؛ ولكنه أشار إلى أنه وقع في "الثقات" لابن حِبَّانَ: (سهْل بسكون الهاء). ولعلَّ مثل هذه المواقف تُبرِز علاقة المحقق بالفنِّ الذي مارس عمل التحقيق فيه، وهو ما يُبَرْهِنُ - بفضل الله تعالى- على أن مصادرنا حَصينة، ويتعذَّر على غير المتخصص أن يجيد التعامل معها.

    وكل هذه المعلومات كانت جديرة بإثراء التحقيق، ليس من قبيل تضخيم الكتاب، وإنما لبيان سلامة ما في المخطوط أو العكس، وهو ما قد يَخْفَى على غَيْرِ المُتَخَصّصين، وإن كانوا من البارِعِين، فَضْلاً عن المستشرقين، الَّذين يَنْقُصُهُمُ التَّخَصُّصُ جملةً وتفصيلاً، هذا إذا حَسُنَ الظنُّ بهم، فماذا لو كان الظَّنُّ بهم أن دَأْبَهُمُ التشويهُ والدَّسُّ، ودَيْدَنُهُمُ الطعنُ والبَخْسُ.

    ولعلَّ الأمثلةَ السابقة التي ذكرتُها عن تحقيق "تاريخ واسط" تؤيِّد ذلك، علمًا بأنني وقفت على هذه العلل من خلال عملي على تخريج حديث واحد من "تاريخ واسط"، ولم أقم بعمل دراسة نقدية شاملة لهذا العمل، وهذا يعني أن جهد الأستاذ/ كوركيس في هذا الكتاب لو خَضَعَ بأكمله لدراسة نَقْدِيَّةٍ، لظهرت فيه ملاحظات أخرى مهمَّة تستوقف الباحث والناقد، فماذا يُتوقَّع أن تكون النتائجُ لو قام بهذا العمل مُستشْرِقٌ لا يَلْحَنُ بِالحُجَّة، ولا يُجيد السباحة في اللُّجَّة، والأمل معقود في الباحثين أن يتصدَّوْا لنقد مثل هذه الأعمال التي يقوم بها المستشرقون وغيرُ المتخصصين.

    وللدكتور/ بشَّار عَوَّاد معروف، كتابٌ بعنوان: "في تحقيق النَّصِّ - أنظار تطبيقيَّة ونقديَّة في مناهج تحقيق المخطوطات العربية"، جعل أمثلتَهُ التطبيقيَّةَ كلَّها لنقد عمل الدكتور/ عمر عبدالسلام تَدْمُرِيّ، الذي قامَ بتحقيق كتاب "تاريخ الإسلام" للحافظ الذهبي (ت748هـ)، وقد جَمَحَ قلم الدكتور بشَّار نحو تَقْرِيعِ الرجُل والغِلْظَةِ عليه، وإن كان بما أورده قد كشف عن أخطاء كثيرة وكبيرة تستحقُّ الوُقوف، وهو ما يؤيِّد بأنَّ التَّخصُّص الدقيقَ مهمٌّ في التعامل مع المخطوطات، فالدكتور/ عمر تَدْمُرِيّ من المتخصِّصين في التاريخ، وكتاب تاريخ الإسلام يعتبر في معظمه تاريخ للعلماء ورواة الآثار، فلو أنَّ الدكتور/ عمر تدمري أشْرَك معه المُتخصصين في الحديث لكان في الإمكان تفادِي جُلِّ هذه الأخطاء التي أظهرها الدكتور/ بشَّار، والغلط لا يَسْلَم منه أحد كما قال الحافظ ابن عبدالبَرِّ
    [22]، والدكتور بشَّار نفسه – مع هذه الصَّرامة الَّتِي أبْدَاها - قد يقع منه ما يقعُ من غيره، ويفوت عليه ما يفوت على غيره، وسأُبين في المثال الخامس الآتي، ما فات عليه في ترجمة وهب بن جابر، في "تهذيب الكمال"، فانظره هناك.

    ولما كان قرَّاء مثل هذه البحوث هم ممن يقومون على خِدْمة التراث، فإنه من المهمِّ جدًّا أن تكتب لهم الإرشادات بأسلوب هادئ، بعيدًا عن المُهَاتَرَةِ والسِّبَابِ؛ حتى لا يقعوا على وُجوههم في منعطفات النفس الوَعِرَةِ، وعَقَباتِها الكَأْدَاء، وهي التي لمَّا وقف عندها بعض علمائنا الأفاضل وعرفوا دسائسها، فمنهم من رمى بكُتُبِهِ في اليمِّ، ومنهم من دفنها، ومنهم من غسلها، ليغسل من قلبه حُبَّ الرئاسة، والشهرة، وشهوةِ الحديث، وسَطْوَتِهِ
    [23].

    من أجل ذلك: فإنَّ القول بأنَّ المستشرقين همُ السابقون لمعرفة قواعد النقل والتحقيق في التراث العربي والإسلامي -: أَمْرٌ تَدْحَضُهُ البراهينُ، وهو مُؤَشِّر لانبهارٍ لا مُسَوِّغَ له، وانهزاميةٌ لا مُبَرِّرَ لوجودها في أذهان طلاب العلم.

    وفي المقابل لهؤلاء المنهزمين شَمَّرَ آخَرون لم يَدُبَّ الكَلَلُ إلى هِمَمِهِمْ، واستعذبوا في سبيل خدمة العلم كل عَنَت وشِقْوَة، وعكفوا على التُّراث، فعرفوا أبوابه ومداخله، واستخلصوا قواعدَ وأصولَ تدوينِهِ وقراءته، فطوَّروا القديم ليواكب العصر، وكأني بهم في شِقْوَتِهِمْ وجَلَدِهِم يقولون: (نحن في لَذَّة لو علمها الملوك لجالدونا عليها بالسيوف). فكان سَعْيُهم جديرًا بالتقدير، والحفاوة، ومن هؤلاء الجهابذة الأستاذ/ عبدالسلام محمد هارون - رحمه الله - فقد صَدَحَ في كتابه "تحقيق النصوص ونشرها"، بصوت عذب يُطْرِبُ العِيسَ، لتَجِدَّ السَّيْر نحو مياه مجَنَّة، وتُلقِيَ بجُرُنها في أوديةٍ خصيبة فيها إذخِرٌ وجَلِيل، فَتَبْدُوَنَّ لها بإذن ربها شامَة وطفيل.

    ومن ألطف الردود على أولئك المبهورين ما كتبه الأستاذ الدكتور/ نور الدين عتر - نفع الله به - في مباحث مستطابة في كتابه "منهج النقد في علوم الحديث" شملت سردًا رصينًا للتطور التاريخي لعلوم الحديث، بدءًا من علوم الرواة، والرِّوَاية، والنقد من حيث القبول والرد، والمَتْن والسَّنَد، وشُبُهات وتحامُلات المستشرقين، الذين يزعُم بعض تلامذتهم أنهم أَمْهر البحارة في خِضَمِّ تراثنا الواسع المُتلاطم.

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: نظراتٌ في منهج تقييد وكتابة العلم (على ضوء قواعد المحدثين)

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 09.09.09 7:00

    وكتب الدكتور/ عبدالمجيد دياب كتابًا بعنوان "تحقيق التراث العربي"؛ منهجُهُ وتطوُّرُهُ، وهو كتاب يَنُمُّ عن صدق كاتبه في حُبِّ تعليم الآخرين، وقد وُفِّقَ مؤلفُهُ للجمع بين الأصالة ومواكبة مستجدات الرقيِّ والتطور.

    وللدكتور/ أكرم ضياء العمري تعليقة في منهج البحث وتحقيق المخطوطات، وهي في نحو خمسين صفحة ضمن كتابه "دراسات تاريخية"، حاول أن يُوَجِّهَ بها جهودَ طُلاب الدراسات العُليا المتعلقةَ بتحقيق المخطوطات، ولو زادت ورقاتها لما ملَّ منها المتابِع.

    فكانت هذه الكتابات وغيرها من هؤلاء المخلِصين قاموسًا مفسِّرًا لتلك القواعد، والرموز، والمصطلحات، ودليلاً عليها، ورغم أنَّ أكثر مَن كتبوا في مصطلح الحديث، منَ السابقين واللاَّحقين، قد أشار إلى هذه القواعد والرموز، والمصطلحات، إلا أن بعض من نِيطَتْ بهم مسؤولية تحقيق التراث، أو تصدروا لها من تلقاء أنفسهم، قد ذهلوا عنها، فتجدُهم يتعاملون مع المخطوط دون أن ينتبهوا لرُمُوزه، فيثبتون في النص ما كان محله الحاشيةَ، ويُقصُون للحاشية ما كان محله لُبَّ السياق، فلعل عدم الاطلاع على هذه الرموز هو أحد الأسباب المهمة التي أدت لتدنِّي مستوى خدمة التراث وتحقيقه، وفيما يلي أمثلة لهذه الرموز على سبيل المثال، لا الحصر:-

    1- التَّضْبِيب، ورمزه: (ضــ)، ووجود هذا الرمز فوق لفظٍ ما يَعنى أنه أشكل على الناسخ، ومع ذلك كتبه كما سمعه، أو قرأه في الأصل، ووضع هذا الرمز (ضـ) لتنبيه القارئ إلى أن الرِّوَاية وقعت هكذا، إلا أنها مشكلة، وهو ما وضحه القاضي عِياضٌ بقوله: "ومعنى ذلك أنه صحَّ من جهة الرواية، وضعُف من جهة المعنى، فلم يُكمِل عليه التصحيح، وكتب عليه هذا علامةً على مَرَضِهِ، ولئلاَّ يُرتاب في صحة روايته، ويظن الناظر في كتابه مَهْمَا وقف عليه يومًا مَلْحونًا أو مُغَيَّرًا، أنه من وَهْمِهِ وغَلَطه، لا من صحة سماعه، فنبَّه بالتمريض عليه على وقوفه عليه عند السماع، ونقله على ما هو عليه، ولعلَّ غيره قد يُخَرِّج له وَجْهًا صحيحًا، ويظهر له في صحَّة معناه ولفظِهِ حُجةٌ لم تظهر لهذا، ففوق كل ذي علم عليم". ا هـ
    [24].

    2- عند الشَّكّ في وضوح كلمة مع تقاربها في الرسم مع كلمة أخرى، يتوقع أن تكون هي المقصودةَ يوضع عليها (عـ) وهي تعني: (لعل)، أو (ظ) وهي تعني: (الظاهر)، ثم يكتب في الهامش ما يراه صوابًا على الشَّكِّ، أما إذا لم يعرف وجه الصواب، ولم تكن متشابهة مع أخرى فيكتب: (ك) بمعنى: (كذا في الأصل).

    3- اللَّحق والإضافة، والإصلاح، والتمييز؛ ورمزُهُ خط رأسي ممال إلى أقرب الهامشين، أو إلى أَوْسَعِهما، وهو شبيه بحرف الراء المقلوبة، ويوضع عند اكتشاف السقط أو النقص، أو الخطأ، وذلك بين الكلمتينِ اللَّتَيْنِ وقع السقط بينهما، أو فوق الكلمة المراد إصلاحها ويكتب في الهامش - مقابل رأس العلامة الممال - الكلام الذي سقط، أو الكلمة المراد إصلاحها، ثم بعد التأكُّد يكتب (صح)، تأكيدًا لصحة ما أضافه، أو أصلحه.
    وفي هذا يقول القاضي عياض: "أما كتابة (صح) على الحرف فهو استثبات لصحة معناه وروايته، ولا يكتب (صح) إلا على ما هذا سبيله؛ إما عند لحقه، أو إصلاحه، أو تقييد مهمَلِهِ، وشكل مُشْكِلِهِ، ليُعرَفَ أنه صحيح بهذه السبيل، قد وقف عليه عند الرواية، واهْتَبَلَ
    [25] بتقييده".ا هـ[26].

    4- الضَّرْب، أوِ الشَّطْبُ، أو الحذف: وهو أن يكتشف الناسخ كلامًا مُكَرَّرًا، أو زائدًا، أو في غير محله، ويلزم حَذْفُه، فبعضهم يضع خَطًّا فوق الكلمة، أو الجملة المراد حذفُها، وإذا كان الكلام طويلاً فيضع حرف (لا) فوق أول كلمة منَ الكلام المراد حذفُهُ، ثم يضع (إلى) فوق آخِر كلمة منه، وهذا يعني أن ما وقع بين هذين الحرفين ليس من النص.

    5- التقديم والتأخير: وهو أن يكتشف الناسخ بعد المقابلة أنه قَدَّمَ كلمة، مكان أخرى، ورمزوا له بوضع حرف الميم فوق الكلمة التي يراد تأخيرها، وحرف الميم أيضًا فوق الكلمة التي يراد تقديمها، وربما رمز له بعضهم بحرف الخاء المعجمة فوق ما يراد تأخيره، وبحرف القاف فوق ما يراد تقديمه، أو بالخاء لما يراد تأخيره، ومعها ميم بدل القاف لما يراد تقديمه.

    6- الإعجام والإهمال: تَتَشابَهُ بعضُ الحُروف رَسْمًا، ويَنتج عن هذا التشابه تصحيف وتحريف بسبب اختلاط الإهمال والإعجام، وللاحتراز من ذلك فَقَدِ احتاط الأقدمون بوضع علامات ورموز تُزيل الاشتباه في الحروف المتشابهة، وفي ذلك قال القاضي عِيَاضٌ: "والكلمات المشتَبِهَة، إذا ضُبِطَتْ وصُحِّحَتْ في الكتاب؛ أن يرسم ذلك الحرف المشكِل مفردًا في حاشية الكتاب، قُبَالَةَ الحرف بإهماله، أو نَقْطِهِ، أو ضَبْطِهِ، ليَسْتَبِينَ أمرُهُ، ويرتفعَ الإشكال عنه، مما لعله يُوهِمُهُ ما يقابله من الأسطار
    [27] فوقَهُ أو تحتَهُ، من نَقْطِ غيرِهِ، أو شَكْلِهِ، لا سيما مع دقة الكتاب، وضِيق الأسطار، فيرتفع بإفراده الإشكال، وكما نأمرُه بنقط ما يُنقط للبيان، كذلك نأمره بتبيين المهمَل، بجعل علامة الإهمال تحتَه، فيجعل تحت الحاء حاء صغيرة، وكذلك تحت العَيْنِ عَيْنا صغيرة، وكذلك الصاد والطاء، والدال والراء، وهو عمل بعض أهل المشرق والأندلس، ومنهم من يقتصر على مثال النَّبْرَةِ تحت الحروف المهمَلة، ومنهم من يقلِبُ النَّقْط في المهملات، فيجعله أسفلَ؛ علامةً لإهماله، ومن أهل المشرق من يُعَلِّم على الحروف المهمَلة بخطٍّ صغير فوقَه شِبْهَ نصف النَّبْرَةِ". ا هـ[28].

    7- التثليث: وهو قَبول الحرف للحركات الثلاث، (النَّصْب، والرَّفْع، والخَفْض)، ورمز له بحرف الثاء المثلثة؛ مِثْل: (الترمذي)؛ فيضعون فوق حرف التاء المثناة منه -: حرفَ ثاء مُثلَّثَة صغيرة، وهذا يَعْنِي أنَّ تاءَ التّرمذي يجوز فيها الفتح، والضم، والكسر.

    فهذه الرموز لم يَضَعْها المستَشرقون، ووجودها في مخطوطاتنا القديمة دليلٌ على تقدُّم هذه الأمَّة وتميُّزِها بهذه العلوم، وقد تناولها المُتقدمون والمُتأخرون بالشرح والإبانة، وهي المفاتيح التي يستخدمها المتخصِّصون في الدخول للمَخْطوطات، وقد أشاد الناس بهذه الدِّقَّة، فتراهم يَصِفونُ المدَقِّقَ منَ النَّقَلَةِ بقولهم: "نَقَلَهَا بِضَبَّتِهَا"، أي بكل ما فيها.

    وطالبُ العلمِ النبيهُ الذي يستوعب الأبحاث المتأخرة التي عُنِيَتْ بشرح هذه القواعد، والرموز، وقدمت أمثلةً لشرحها، ويضم إليها ما جاء في كُتب المتقدمين مثل: "المُحَدِّث الفاصِل بين الراوي والواعي" للقاضي الرَّامَهُرْمُزِيِّ (ت360هـ)، وكتاب "الكفاية في علم الرِّوَاية" للخطيب البَّغْدَادِيِّ (ت463هـ)، وكتاب "الإِلْمَاع إلى معرفة أصول الرِّوَاية وتَقْيِيد السماع" للقاضي عِيَاضِ بن موسى (ت544هـ)، وكتاب "أدب الإملاء والاستملاء" لأبي سعد السَّمْعَانِيِّ (ت562هـ)، وكتاب "تدريب الراوي" للحافظ السُّيُوطِيِّ (ت911هـ)، ثم يكون على دراية بالنظر في الكتب التي تُعالِجُ مشكلات الألفاظ والأسماء، كتصحيفات المحدثين للعَسْكَرِيِّ (ت382هـ)، و"المؤتلف والمختلف" للدَّارَقُطْنِيِّ (ت385هـ)، و"غُنْيَةُ المُلْتَمِسِ إيضاح المُلْتَبِسِ" للخطيب البَغْدَادِيِّ (ت463هـ)، و"الإكمال" لابن مَاكُولاَ (ت475هـ)، وكتاب "تقييد المهمَل وتميِيز المشكل" للحافظ أبي علي الحسين بن محمد الجَيَّانِيِّ (ت498هـ)، و"المشتَبِه" للحافظ الذَّهَبِيِّ (ت748هـ)، و"توضيح المشتَبِه" لابن ناصر الدين (ت842هـ)، أو نحوها من الكتب المماثلة، ثم يردف ذلك بمعرفة وإتقان الحروف الثلاثة
    [29]، فإنه بلا ريب يستطيع أن يخطُوَ خُطًى واثقةً في هذا الميدان، إذا ما ألزم نفسه بالأَنَاةِ والتَّرَوُّي.

    مقارنة بين تعامل السابقين، والمعاصرين مع فروق النُّسَخ والرِّوَايات: لقد كان العلماء منذ بدايات مراحل التدوين يُرَكِّزون ويُدَقِّقون في فروق النُّسَخ، والرِّوَايات، باعتبار أنَّ بعض هذه الفروق يؤدي لاختلاف وجهات نظر الفقهاء، والمفسرين، وغيرهم، وذلك وَفْقًا لقواعد القَبول والردِّ، وبعضها يتم رَصْدُهُ إمّا للدَّلالة على تميُّزِ الرواة ببيان أوهام النَّقَلَةِ الثقات ومَن دونهم، وما ينشأ عن هذه الأَوْهام من عِللٍ مُتفاوتةٍ، أو لتوثيق النصوص.

    وللمختصين طُرُقهم في التعامل مع هذه الفروق أَخْذًا ورَدًّا؛ ومن هنا تظهر أهمية الاعتناء بها، والالتزام بقواعد وأصول النقل والرِّوَاية، لوصد الأبواب أمام المُتجاسِرين، حتى لا يُقدِمَ أحدهم على إصلاح ما تَبَدَّى له أنه خطأ، معتمِدًا على معرفته، وفَهْمِهِ، وإلمامه ببعض الوجوه، وقد فعل ذلك بعض الجهابذة الكبار من السابقين، وأَعِيبُ عليهم صَنِيعَهم، ومن هؤلاء: أبو الوليد هشام بن أحمد الكِنَانِيُّ الوَقْشِيُّ، وأبو سليمان الخَطَّابِيُّ، فمع سُمُوِّ مكانتهما في العربية، وثُقُوب فَهْمِهِما وحِدَّةِ ذكائهما وقعا في تصويب ما هو صواب بما هو خطأ، فكانا محل نقد العلماء
    [30].

    ويدرك القارئ المُدقِّق أن المُتقنين من علمائنا السابقين كانوا يتحلَّوْنَ بالدِّقَّة، والحَذَر، والأناة عند تعامُلهم مع فروق النُّسَخ والرِّوَايات، وتقرأ لهم في هذا الشأن، فتشْعُر بأنهم كانوا في الإقدام على إصلاح الرواية أشدَّ فَرَقًا ممن خرَّ من السماء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أو تَهْوِي به الريح في مكان سحيق، وهذا الحَذَر وهذه العناية الفائقة؛ هما من صِمامات الأمان المهمة في تراثنا؛ لتمنعه من التحريف والتبديل، وقد سلك سبيلَهُم كثيرٌ منَ المعاصرين، وحَذَوْا حَذْوَهُم، إلا أن كثيرًا من الناس في بداية وقوفهم على العَتَبات؛ ربما حَرَفَتْهُمُ العَجَلَة في التعامل مع فروق النُّسَخ والرِّوايات، فتراهم لا يُولُونَ الأمر الأناة المطلوبة.

    ولعلَّنا بالوقوف على أمثلةٍ أخرى عِلاوة على ما سبق نَتَبَيَّن ذلك، ونقف على مدى أهمية التَّرَوُّي، وإعمال الفِكر، عند الوقوف على فروق في النُّسَخ، والرِّوايات.

    المثال الرابع:
    قال الإمام أحمد في "المسنَد": حدثنا مُعَمَّر بن سليمان الرَّقِّيُّ أبو عبدالله، حدثنا زياد بن خَيْثَمَةَ، عن علي بن النعمان بن قُرَاد، عن رجل، عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((خُيِّرْتُ بين الشفاعة أو يدخل نصف أُمتي الجنة، فاخترت الشفاعة، لأنها أعمُّ وأَكْفَى، أَتَرَوْنَهَا للمُنَقَّيْن
    [31]؟ لا، ولكنها للمُتَلَوِّثِينَ، الخَطَّاؤُونَ)). قال زياد: أمَا إنها لَحْن، ولكن هكذا حدَّثنا الذي حدثنا.

    ومن طريق الإمام أحمد أخرجه الخطيب البغدادي في "الكفاية في علم الرواية"، باب: ذكر الرِّواية عمَّن كان لا يرى تغيير اللَّحْنِ في الحديث. فجعله الخطيب مثالا في بابه
    [32].

    وهذا الحديثُ رواه ابن أبي عاصم في "السنة": وكتاب "السنة" طبع مرة ومعه تخريجات للشيخ الأَلْبَانِيِّ لجزء منه، وطبع مرة أخرى بتخريج مكتمل وبتحقيق الدكتور/ باسم الجوابرة أحد تلاميذ الشيخ/ الألباني الكبار، واعتمد في مطبوعتيه على نسخة وحيدة غيرِ جيدة، حَسَبَ ما ذَكَرَا، وجاء النص في نسخة الشيخ الألباني هكذا: ثنا علي بن ميمون، ثنا مُعَمَّر بن سليمان، عن زياد بن خيثمة، عن علي بن النعمان بن قراد، عن رجل، عن عبدالله بن عمر، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((خُيِّرْتُ بين الشفاعة، أو نصف أمتي في الجنة، فاخترتُ الشفاعة، لأنها أعمُّ وأكفى، أترونها للمتَّقِين المُنْتَقَيْنَ؟ لا، ولكنها للخاطِئِينَ المُتَلَوِّثِينَ)). قال مَعْمَرٌ
    [33]: أما إنها لَحَق[34]، ولكن هكذا سمعتها[35].

    وفي ألفاظ هذا الحديث فروق بين "مسند الإمام أحمد"، وبين كتاب "السنة" لابن أبي عاصم - كما هو ملاحظ - وقد أشار الشيخ/ الألباني إلى أنها نتجت من اجتهاد أحد نُسَّاخ كتاب "السنة" ولم يلتزم أصول الرواية، وقواعد النقل.

    فقد أدى زياد بن خَيْثَمَةَ الرواية كما سَمِعَها، ونقلها عنه مَعْمَرُ بنُ سُلَيْمان، كما هي، وأثبتها الإمام أحمد على ما هي عليه، إلا أن ناسخ كتاب "السنة"، وناسخ كتاب "الكفاية" لم يُرَكِّزا في لفظ (للمُنَقَّين)، فصَحَّفَاهُ وكتباه (للمُتَّقِينَ) لتقارُب الرسم والمعنى، كما تجاسر ناسخ السنَّة - وهو من المتأخرين، حَسَبَ قول الدكتور/ باسم الجوابرة - فغَيَّرَ في مَتْنِ الحديث كثيرًا، رغم أن ابن أبي عاصم وهو من الحُفاظ الثقات
    [36]، رواه عن علي بن مَيْمُون وهو ثقة[37]، عن مَعْمَر بن سليمان. فكان يتوقع أن تكون الألفاظ متقاربة.

    وقد علق الشيخ الألباني على واحد من هذه التغييرات، وهو قوله: (لحق)، فقال: كذا الأصل، وفي المسند: (لحن)، وهو الصواب بالنسبة لسياق العبارة في المسند، فإنها فيه هكذا: ((... ولكنها للمتلوثين الخطاؤون)). قال زياد: أما إنها لحن، ولكن هكذا حدثنا الذي حدثنا.

    قلت - والكلام للشيخ الألباني-: فقوله: الخطاؤون، مرفوعًا لحن ظاهر، ولكنه ليس كذلك في رواية الكتاب
    [38]، لعله كان كذلك، فصححها بعض النُّسَّاخ الجُهَّال، فظهر الإشكال والغموض، وقد وقع مثل هذا التحريف في مَجْمَعِ الزوائد معزوًّا لأحمد والطَّبَرَانِيِّ.اهـ.

    وتعليق الشيخ الألباني جاء مُتوائِمًا مع النص، أما الدكتور/ باسم الجوابرة، فقد أثبت كلمة (لحق) على الصواب: (لحن)، ولم يعلق على الفرق، وهي الكلمة التي أثبتها الشيخ الألباني (لحق) وعلق عليها، فالكتاب ليست له إلا نسخة خطية يتيمة كما تقدم بيانه.

    كما أنه وُضعت حاشية على قوله: (للخاطئين) في النسخة المطبوعة التي أشرف عليها الدكتور/ باسم الجوابرة، ونقل في الحاشية تعليق الشيخ/ الألباني المتقدم بحَرْفه، ولم يَزِدْ عليه. فأصبح الأمر مشكِلاً جدًّا، يصعب إدراكه على من لم يقف على الحديث في "مسنَد الإمام أحمد". ومن يقفْ عليه في المسنَد يتبينْ له أن خطأً قد حدث في نسخة الدكتور/ باسم، إذ كان تعليق الشيخ الألباني المنقولُ على كلمة: (لحق) في محل (لحن)، ولكن التعليق وضع على كلمة: (الخاطئين) التي لا يتناسب معها تعليق الشيخ/ الألباني، وربما ذلك حدث بسبب خَلَل فنِيٍّ نتيجةً لتدحرُج الحواشي بسبب حركة الأزرار المفاجئة في الحاسوب لم يُنتَبَهْ لها.

    وهذه الكلمة التي علق عليها الشيخ/ الألباني، وتبادر لنا أنَّها لحن ظاهر، فقد قَيَّضَ الله لها الشيخ/ أحمد محمد شاكر، فقال: ":وقوله هنا: (قال زياد: أما إنها لحن، ولكن هكذا حدثنا الذي حدثنا). يريد أن الجادَّة أن يكون: (الخَطَّائِينَ) بالجرِّ، بدلاً من (المُتَلَوِّثِينَ)، أو صفة، وأنه بالرفع لحن. وهكذا قال زياد بن خَيْثَمَةَ، وما هو بلَحْنٍ؛ بل هو صحيح فصيح، هو: بيان للمتلوثين، يقول: هم الخطَّاؤون، فحذف المبتدأ، ومثل هذا كثير في العربية؛ بل جاء مثله في القرآن الكريم: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ} [المائدة: 69]، وقد وَجَّهَهُ علماء العربية بأوجُهٍ كثيرة، أَجْوَدُها: مذهب سِيبَوَيْهِ، والخليل، ونُحاة البَصْرة: أنه مرفوع بالابتداء، وهو مَنْوِيٌّ به التأخيرُ، ونظيرُهُ: إن زيدًا وعمرٌو قائمٌ، التقدير: إن زيدًا قائم، وعمرٌو قائمٌ...
    [39]".اهـ.

    ومثل هذا التوجيه المُسَدَّدِ من الشيخ/ أحمد شاكر، هو الذي عناه القاضي عياض، فيما تقدَّم نَقْلُهُ من كلامه على رموز المخطوطات، عند رمز التضبيب
    [40]، وما أحسَنَ ما قيل: كم ترك الأول للآخر!

    وفي هذا الحديث فَرْقٌ آخَرُ، وهو ما وقع في النسخة الخطية لكتاب "السنَّة"، والتي وقع فيها: مُعْتَمِر بن سليمان، بدل: مَعْمَر بن سليمان، فمُعْتَمِر بن سليمان هو: أبو محمد التَّيْمِيُّ البَصْرِيُّ، ومَعْمَر بن سليمان هو: أبو عبدالله الرَّقِّيُّ النَّخَعِيُّ، وكِلاهما من طبقة واحدة، وكِلاهما قد روى عنه الإمام أحمد، ولكن لم تذكر لمُعْتَمِرِ بن سُليمان رواية عن زياد بن خَيْثَمَةَ، وسَدًّا لاحتمال الخَلْط بالتصحيف فقد بين الإمام أحمد في "المسند" روايتَه بيانًا شافيًا، فقال: حدثنا مَعْمَرُ بن سُليمانَ الرَّقِّيُّ أبو عبدالله، بحيث لم يُتِحْ مجالاً للخَلْط بينَهُ وبين مُعْتَمِرِ بنِ سُليمانَ إذا ما تَصَحَّفَ اسم مُعْتَمِرٍ على ناقل منَ النَّقَلَةِ، وهذا ما حَمَلَ الشيخَ/ الألبانيَّ لمُخالفة الأصل الخطِّيَّ، فعَدَّلَهُ للصواب، لا سيما أن عليَّ بنَ مَيْمُونَ شيخ ابن أبي عاصم منسوب للرَّقَّةِ أيضًا، ومعروف بالرواية عن بَلَدِيِّهِ، ولم أقف على رواية له عن مُعْتَمِرِ بن سُليمانَ البَصْرِيِّ.

    وهذا الصنيع من الشيخ/ الألباني، والذي وافقه عليه تلميذه الدكتور/ باسم الجوابرة لا غُبار عليه، إلا أن الأحسن من ذلك هو الإبقاء على الرواية كما هي، والتعليق عليها بما يُجَلِّي الخطأ فيها، ويُضْفِي عليها بيانًا باعتبارها وَهْمًا أو تصحيفًا وقع في هذه النُّسخة، وأن الصواب فيها هو (مَعْمَرُ بن سُليمانَ) ثم يَسْرُدُ التَّبْرِيرَ، وذلك مثل ما فعل الشيخ/ الألباني في كلمة: (لحق) التي أبقاها كما هي، وعلق عليها.
    وذلك ما يؤيده المثال التالي.

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: نظراتٌ في منهج تقييد وكتابة العلم (على ضوء قواعد المحدثين)

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 09.09.09 7:01

    المثال الخامس:
    تَرْجَم الحافظ المِزِّيُّ في باب الجيم في كتابه "تهذيب الكمال": لجابر بن وهب الخِيوَانِيِّ، واعتبره من الأوهام، وهذا يعني أنه لا يوجد راوٍ بهذا الاسم، وذكر أن هذا الوهم ورد في رواية فضيل بن مَيْسَرَةَ، عن أبي حريز، عن أبي إسحاق في حديث: ((كفى بالمرء إثمًا أن يُضَيِّع مَن يَقُوتُ))، فقال: (جابر بن وَهْب) بدل: (وَهْب بن جابر)، وأشار إلى أن هذه الرِّوَاية في "سُنن النَّسَائِيِّ"، وأنَّ المحفوظ هو: وهب بن جابر الخيواني، ثم ترجم لوهب بن جابر في حرف الواو، وأشار في ترجمته لما وقع من خطأ في رواية فضيل بن ميسرة، هكذا حرَّره الحافظ المِزِّيُّ - رحمه الله - في "تهذيب الكمال"، وهكذا ذكره في "تحفة الأشراف" في بابه، وأحال على موضعه الصحيح، في "التحفة"، وكان في إمكانه - وهو الجِهْبَذُ الَّذي انتهتْ إليه الرئاسة دون لأْيٍ أو عِناد، وألقى إليه الإتقان بالقِياد، وشهد له بذلك الحاضرُ والباد - أن يغَيِّر الخطأ للصواب، ويكتفِي في ذلك بالإشارة في باب الواو فيمن اسمه وهب بن جابر بذِكْر وهم فضيل بن ميسرة الذي قال: (جابر بن وهب)، ولكنه لم يفعل ذلك؛ بل أثبته بما فيه من وَهْم، وذكر ما هو الصوابُ، ثُمَّ كرَّر الإشارة للوهم في مكان الصواب: (وهب بن جابر) أيضًا، في كتابيه "تهذيب الكمال"، و"تحفة الأشراف". وذكر في "التحفة" أنَّ النَّسَائِيَّ له فيها ثلاثُ طُرُق: إحداها عن أبي كُرَيْب، عن أبي بَكْرِ بن عَيَّاش
    [41]، والثانية: عن عُبيدالله بن سعيد، عن يحيى، عن سفيان؛ كِلاهما (أبو بكر بن عَيَّاش، وسفيانُ الثَّوْرِيُّ) عن أبي إسحاق، عن وَهْب بن جابر، عن عبدالله بن عمرو، وليس فيها وَهْم، والثانية عن محمد بن عبدالأعلى، عن مُعْتَمِر، عن فضيل بن ميسرة، وهي من رواية ابن حَيَّوَيْهِ[42].

    وقد وقفتُ على نسختينِ مطبوعتينِ لـ "سنن النَّسَائِيِّ الكبرى"؛ إحداهما صدرت عن دار الكتب العلمية في بيروت، وليس فيها رواية فضيل بن ميسرة، والثانية صدرت عن مؤسسة الرسالة في بيروت، وأُثبِتَتْ فيها رواية فضيل بن ميسرة هكذا: أخبرنا محمد بن الأعلى، قال: حدثنا المعتمر، قال: قرأت على فضيل، عن أبي حريز، أن عمرو بن عبدالله الهمداني – وهو أبو إسحاقَ السَّبِيعِيُّ
    [43] - حدَّثه أنَّ وَهْبَ بنَ جابر حدَّثه، أنَّ عبدالله بن عمرو قال: سمعت نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((كفى بالعبد إثمًا أن يُضَيِّع مَن يَقُوتُ))[44].

    وذكر محقِّقُ هذه النسخة - الأستاذ حسن عبدالمنعم شلبي - أنها في الأصل الخَطِّيِّ: (عن جابر بن وهب)، ولكنه صحَّح الاسم لمِا رآه صوابًا، ولعلَّه وقع في هذا الخطأ بالنظر لما في الروايتينِ الأُخْرَيَيْنِ، لهذا الحديث في نفس الموضع، ولا شَكَّ أنَّه لم يَنْتَبِهْ لِما نَقَلْتُهُ آنفًا من كتابَيِ الحافِظِ المِزِّيِّ، ولو رجع لأيٍّ منهما لَعَرَفَ أنَّ رواية فضيل بن ميسرة جاءت بالخطأ، إذِ انقلب فيها الاسم على فضيل - رحمه الله - إلى جابر بن وهب، لذا فإنَّ تصويب المحقِّق لرواية فضيل على هذا النحو، يُعتبر خروجًا على المنهج السليم، وتَغْيِيبًا للحقيقة، وتَعَدِّيًا على جهود أئمتنا، وإهدارًا لما قَعَّدُوه من قواعدِ النقل والتوثيق، وقد كان هذا المنهج هو دَيْدَنَ الحافظ المِزِّيِّ في كتابه "تهذيب الكمال"، يذكر الأسماء التي وَهِمَ فيها الرواة، ويُوضِّحُ الصواب فيها، وقد تابعه اللاحقون الأكارم.

    كما حدث خطأ في الطبعة الأولى من "تهذيب الكمال"، وهي التي حقَّقها الدكتور/ بشَّار عَوَّاد معروف، ونتج هذا الخطأ منَ انتقال النظر إلى الاسم السابق؛ وهو: (وَهْب بن بيان الواسطي)، فقُيد الثاني: (وَهْب بن بيان بن جابر)، فأُدخل (بيان) بين وَهْب وأبيه، ولم ينتبه الدكتور/ بشار لذلك في الطبعة الأولى، وهو الذي شَهِدَ له أقرانه بالتصدُّر والإتقان، وأنا والله لا أَعُدُّ نفسي من المؤهَّلين للحكم على أمثاله؛ ولكنني وعلى قلَّة بِضاعتي أَعتَبِرُهُ من المحققِّينَ الكبار، وقد تَنَبَّهَ الدكتور/ بشَّار بفضل الله تعالى لهذا الخطأ في الطبعة المُصحَّحة، وأثبته على الصواب: (وهب بن جابر) فحذف (بيان)، ولكنه لم يُنَبِّهْ إلى ما حدث من خطأ في الطبعة الأولى، والتي وقع فيها: (وهب بن بيان بن جابر)
    [45] ، ولو أشار إلى ذلك لكان حسنًا.

    وفي هذا الحديث عِلَّة أخرى وقعت في نُسَخٍ مطبوعة متداولة من "مستدرَك الحاكم"، وهي: النُّسْخة الهِنْدِيَّة الأصلية، والنسخة المصورة عنها والتي صورتها دار الفكر، ونسخة دار الكتب العلمية، ونُسخة دار الحرمين التي اعتنى بها الشيخ/ مُقْبِلُ بن هادي الوَادِعِيُّ
    [46]؛ إذ ورد الإسـناد فيها هكذا: أخبرنا أبو عبدالله محمد بن علي الصَّنْعَانِيُّ - بمكة حَرَسَهَا الله تعالى - ثنا إسحاق بن إبراهيم الدَّبَرِيُّ، أنبأ عبدالرزَّاق، أنبأ مَعْمَر، عن إسحاق بن وَهْب، عن جابر الخيواني، قال: كنت عند عبدالله بن عمرو، ... الحديث.

    وهذا الحديث أُثبِتَ في مصنَّف عبدالرزَّاق: إسحاق الدَّبَرِيّ، عن عبدالرزاق، عن مَعْمَر، عن أبي إسحاق، عن وهب بن جابر الخيواني، عن عبدالله بن عمرو، ورواه الحافظ الطَّبَرَانِيُّ في "المعجم الكبير"، عن إسحاق الدَّبَرِيِّ، موافِقًا لما في "المصنَّف"، وكذلك نقله الحافظ ابن حجر في "إتحاف المَهَرَةِ"، بإسناد "المستدرَك" على الصواب، موافقًا لرواية "المصنَّف" أيضًا
    [47].

    وهذا يدل على أن الأصل الخطِّيَّ لمطبوعات المُسْتَدْرَك ليس مقابَلاً، أو أنه منقول من نُسخة غيرِ مقابَلَةٍ، أو أنَّ تجربة الطِّباعة قبل النهائيَّة لم تتمَّ مع الأصل الخطيِّ. وذلك لتعذُّر القول بتطابُق الخَلَلِ في هذه المطبوعات معًا، وإذا كان الأصلُ الخطيُّ مقابَلاً على نسخةٍ صحيحة، فإنه يجوز لي أن أقول: إن مطبوعة دار الكتب العلمية كانتْ عالَة على النُّسْخة الهندية، لموافقتها لها في الخطأ، وإلا لكان حريًّا بالمحقق أن يكتشف الخطأ.

    وقد وقفتُ على هذا الحديث في "مسنَد الشِّهابِ" برقم (1413)، من طريق أبي كُرَيْب، عن أبي بكر، عن أبي إسحاق، به، وقد وضح في رواية النَّسَائِيِّ عن أبي كُرَيْب المتقدِّمِ ذِكْرُها أن أبا بكر هو: ابن عَيَّاش، ولكن عُرَّف به في "مسند الشهاب" على أنه هو: أبو بكر بن أبي شَيْبَةَ، وأبو بكر بن أبي شَيْبَةَ لم يُدْرِكْ أبا إسحاقَ السَّبِيعِيَّ؛ إذ تُوُفِّيَ أبو إسحاق في سنة تسع وعشرين ومائة، وقيل قبل ذلك، وقد وُلِدَ أبو بكر بن أبي شَيْبَةَ بعد ذلك بعقود، أما أبو بكر بن عَيَّاش فهو من المعروفين بالرواية عن أبي إسحاق؛ فقد مات ابن عيَّاش في سنة أربع وتسعين عن عمر يقارب المِائة، وما أدري هلِ الخطأ كان في أَصْلِ "مُسند الشِّهاب"، أم أنه من أحد النُّساخ المتأخرين، وهو أمر ينبغي أن يجد العناية التامَّة من طلاب العلم في التعرُّف على الرواة والتعريف بهم.

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: نظراتٌ في منهج تقييد وكتابة العلم (على ضوء قواعد المحدثين)

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 09.09.09 7:02

    المثال السادس:
    قال الإمام أحمد في "العِلل": حدثني أبو بكر بن أبي شَيْبَةَ، قال: سمعت ابن إدريس، يقول: كتبت حديث أبي الحَوْرَاءَ، فخِفْتُ أن أُصَحِّفَ فيه؛ أقول: أبو الجَوْزَاءِ، فكتبتُ أسفَلَهُ حُورٌ عِينٌ
    [48].
    وقد ذكر هذا القولَ القاضي عياضٌ في "الإلماع"، وقال عَقِبَهُ: وأبو الحَوْرَاءِ؛ بالحاء والراء هو: رَبِيعَةُ بن شَيْبَانَ، وأما أبو الجَوْزَاءِ بالجيم والزَّايِ، فهو: أَوْسُ بنُ عبدالله الرَّبْعِيُّ، عنِ ابن عباس. وأبو الجَوْزَاءِ، مثله أيضًا: أحمد بن عثمان النَّوْفَلِيُّ؛ من شيوخ مسلم، والنَّسَائِيِّ
    [49]. ا هـ.
    هكذا كان يتعامل الحُذَّاق منَ السابقين مع الأسماء والألفاظ المشتَبِهَة بالدِّقَّة والحَذَر؛ خَشْيَةَ الخطأ، الذي هو أحد أهم أسباب عِلل الرواية، وفُروق النُّسخ.

    المثال السابع:
    وقع في نُسخة "مسنَد الحُمَيْديِّ" التي طبعتها دار عالم الكتب، والتي أشرف عليها الشيخ/ حبيب الرحمن الأَعْظَمِيُّ: حدثنا الحُمَيْدِيُّ، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا أبو المُحَيَّاةِ، عن أُمه، أنها قالت: لما قَتَل الحجَّاجُ بن يوسُفَ عبدَالله بن الزُّبَيْرِ، دخل الحجَّاجُ على أسماءَ بنتِ أبي بكر، فقال لها: يا أُمَّهْ إنَّ أمير المؤمنين أوصاني بِكِ، فهل لك من حاجة؟ قالت: ما لي من حاجة ... الحديث
    [50].

    وعلق الأستاذ/ حبيب الرحمن الأعظمي على قوله: (عن أُمِّهِ) بما يلي: "كذا في الأصلين
    [51]: عن أمه، وفي كتاب "الجرح والتعديل" في ترجمة يَعْلَى بن حَرْمَلَةَ: روى عن أسماء بنت أبي بكر، روى عنه [ابنه][52]أبو المحياة[53]، وفي "مَجْمَعِ الزوائد": عن أبي المُحَيَّاةِ - يعني المختار- (كذا في المطبوعة)[54] - عن أبيه، قال: قَدِمْتُ مكة بعد ما صُلِبَ أو قُتِلَ ابن الزُّبَيْرِ بثلاثة أيام، فكلمتُ أُمُّهُ أسماءُ بنتُ أبي بكر الحجاجَ، ... فذكر كلامًا لها مع الحجاج، غير ما في الحديث. ثم قال الهَيْثَمِيُّ: وأبو المُحَيَّاةِ وأبوه لم أعْرِفْهُما.

    قلت - والكلام للشيخ الأَعْظَمِيِّ -: "العَجَبُ منَ الهَيْثَمِيِّ، فإنه ذَكَرَهُمَا البخاريُّ، وابن أبي حاتم، والمِزِّيُّ".

    ثم اعلم أنه ظَهَرَ لي أن ما في الأصلينِ خطأ وتحريف، لأن البخاريَّ قال في ترجمة يَعْلَى بن حَرْمَلَةَ: عن أسماء بنتِ أبي بكر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يخرج في ثَقِيفٍ كذابٌ ومبير)). قاله الحُمَيْدِيُّ، عن ابن عُيَيْنَةَ، عن أبي المُحَيَّاةِ - واسمه يحيى بن يَعْلَى - عن أبيه
    [55]. فعلى هذا؛ الصواب: أبو المحياة، عن أبيه، أنه قال، لكني وجدتُ في (ظ)[56] أيضًا: عن أمه". ا هـ[57].
    ويؤيد صَنِيعَ الأَعْظَمِيِّ أن الحافظ ابن عَسَاكِرَ أخرج هذا الحديث من طريق العباس بن محمد، عن الحُمَيْدِيِّ، عن سفيان، عن أبي المُحَيَّاةِ، عن أمه، قالت: ... الحديث
    [58].

    أما الشيخ حسين سليم الدَّارَانِيّ - محقِّق النُّسْخة الأخرى المطبوعة من "مسند الحُمَيْدِيِّ" - فقد خالف ما في أصولِه الخطيَّة، وأثبت في المطبوع: نا أبو المُحَيَّاةِ، عن أبيه، أنه قال:... معتمِدًا في ذلك على وقع في "التاريخ الكبير" للإمام البخاري، وهي الرِّوَاية التي أشار إليها الأَعْظَمِيُّ في تعليقه المنقول آنفًا، وعلَّق الشيخ/ حسين أسد على ذلك بقوله: "في أصولنا: عن أمه، أنها قالت، وهو خطأ".اهـ. ثم نقل كلام البخاري السابق، وأشار لنحوه مما في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم الرَّازِيِّ، و"الثقات" لابن حِبَّانَ، و"المعجم الكبير" للطَّبَرَانِيِّ.
    [59] وهو بفعله هذا -وإن لم يقصد - قد غَيَّبَ الحقيقة، وأهدر جُهود الأقدمين في العناية باختلاف الروايات، والنُّسَخ؛ فإبقاء الرواية على ما هي عليه، يدل على اختلاف الرواة في روايتهم عن شيخ واحد، وهو ما تَمَيَّزَ به المسلمون على غيرهم بقواعد النقل، وأصول الرواية؛ فمُسنَد الحُمَيْدِيِّ من رواية بِشْرِ بن موسى الأَسَدِيِّ كما هو معروف، وقد تابعه العباس بن محمد الدُّورِيُّ - في "تاريخ دِمَشْقَ" فيما تقدم بيانه - على نفس الرواية دون أن يُغَيِّرَها الحافظ ابن عَسَاكِرَ - رحمه الله - وقد روى بعدها مباشرة رواية أخرى لمتن هذا الحديث من طريق أحمد بن يونس، عن أبي المُحَيَّاةِ، عن أبيه، أنه قال: بنحوه.

    ولو كان الأمر من قَبِيلِ تصحيف أبيه إلى أمه - وهو رَسْمٌ مقارِب - لكان: عن أمه، أنه قال، إلا أن وجود الضمير المؤنث في لفظ (أنها)، وفي لفظ (قالت)، يدل على أن الرِّوَاية هكذا جاءت: (عن أمه، أنها قالت).

    المثال الثامن:
    حديث عروة بن رُوَيْمٍ، عن عبدالله بن الدَّيْلَمِيِّ، عن عبدالله بن عمرو، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن سُليمانَ بن داود سأل الله ثلاثًا، فأعطاه اثنتين، وأرجو أن يكون أعطاه الثالثة ... الحديث)).

    هذا الحديث رواه الحافظ الطَّبَرَانِيُّ في "المعجم الكبير": عن جعفر بن محمد الفِرْيَابِيِّ، عن عبدالرحمن بن سليمان الدِّمَشْقِيِّ، عن محمد بن شُعيب، عن عروة بن رُوَيْمٍ، به، ورواه في "المعجم الأوسط" فقال: حدثنا محمد بن هارون، ثنا سليمان بن عبدالرحمن، ثنا محمد بن شُعيب، عن عُرْوَةَ بنِ رُوَيْمٍ، به، ورواه في "مسنَد الشَّامِيِّينَ"، فوقع في النُّسْخة الخطية التي اعتمد عليها المحقّق تَشَوُّهٌ نتج عنه سقوط شيخ الطَّبَرَانِيِّ، فأثبت الإسناد هكذا: ... سليمان بن عبدالرحمن، ثنا محمد بن سعيد، عن عروة بن رُوَيْمٍ، به
    [60].

    وذكر الشيخ/ حمدي السَّلَفِيُّ - محقِّق "مسنَد الشامِيِّينَ" - أنه وَجَدَ بياضًا قبل سليمان بن عبدالرحمن، ووجد محمد بن شُعيب، في مكان محمد بن سعيد، وهو من وجهة نظره خطأ، وأن الصواب هو: محمد بن سعيد، فأثبت في الإسناد ما رآه صوابًا، وعَرَّفَ به في الهامش على أنه : محمد بن سعيد المَصْلُوبُ. ومحمد بن سعيد المصلوب: كذَّاب
    [61]، بينما محمد بن شُعيب، وهو ابن شَابُورَ: صَدُوق صحيح الكِتاب[62]، وصَنيع الشيخ/ حمدي يجعله إسنادًا باطلاً، بخلاف ما لو أثبت ما في الأصل الخطي، فإنه إسناد حسن.

    ولكنَّ الشيخ/ أبا إسحق الحُوَيْنِيَّ خرَّج هذا الحديث في كتاب "تَنْبِيهَ الهاجِدِ"، فذكر أنه وَجَدَهُ في نسخة خطيَّة "لمسنَد الشامِيِّينَ" في الورقة (73)، عن محمد بن هارون، كما في "المعجم الأوسط"
    [63].

    ومثل هذه المشكلات لا يتِمُّ الكشف عنها، وتفادي الوقوع فيها، إلا بأمرين مهمين:
    الأول: تخريج الحديث، والوقوف على طرقه.
    الثاني: التعرف على رواته.
    فلو أن المحقِّقِين يعملون على فكِّ مثل هذه الإشكالات، باللجوء إلى تخريج النصوص، والتعرُّف على رواتها، لتلاشت الأخطاء في هذه الناحية.

    المثال التاسع:
    أخرج الطَّبَرَانِيُّ في "المعجم الكبير": حدثنا محمد بن عبدالله الحَضْرَمِيُّ، قال: حدثنا عمر بن محمدِ بن الحسنِ الأَسَدِيُّ، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سليمان بن المُغِيرَة، عن حُمَيْد بن هلال، عن عبدالله بن مَعْقِل، عن عبدالله بن سَلاَم، أنه قال حين هاج الناس في أمر عثمان: "أيُّها الناسُ لا تَقتُلوا هذا الشيخَ واستعتِبوه، فإنَّه لن تَقتلَ أمةٌ نبيَّها فيَصْلُحُ أمرهم حتى يُراقَ دماءُ سبعين ألفًا منهم... الحديث)).

    هكذا وقعتْ رواية محمد بن الحسن الأَسَدِيِّ، عن سليمان بن المغيرة في النسخة الخطية "للمعجم الكبير" للطَّبَرَانِيِّ الحديث رقم (14949- المجلد الثالث عشر الذي سيصدر قريبًا عن الدار الجريسية). ورواه نُعَيْمُ بن حمَّاد في "الفتن" (1970- طبعة سمير الزهيري) عن عبدالله بن المبارك، عن سليمان بن المغيرة، به مثله.

    ورواه نُعَيْم بن حمَّاد في "الفتن" (1964 - النسخة التي حققها الأستاذ/ سمير الزهيري)، وأبو العرب التَّمِيمِيُّ في "كتاب المِحَن" (ص84 - النسخة التي حققها الدكتور/ عمر العقيلي، وص82 النسخة التي حققها الدكتور/ يحيى الجَبُّورِيّ- الطبعة الثانية 1408هـ) من طريق أيوب بن خوط، وابن شَبَّةَ في "أخبار المدينة" (4/1176) من طريق أبي هلال، كلاهما (أيوب ابن خوط، وأبو هلال) عن حميد بن هلال، به، مثله أيضًا. إلا أنَّ محقِّق "المطالب العالية" خرَّجه من نسخة خطِّيَّة مصوَّرة عنده من كتاب "الفتن" لنُعَيْمِ بن حمَّاد، من رواية ابن المبارك، عن سليمان بن المغيرة، به، لكن وقع فيها: (عبدالله بن مُغَفَّل) بدل (عبدالله بن مَعْقِلٍ)، وخرَّجه من "كتاب المحن" (ص68) من الطبعة الأولى التي حققها الدكتور/ يحيى الجبوري في 1403هـ من رواية أيوب بن خوط، ووقع فيها (عبدالله بن مُغَفَّل) أيضًا:

    وهذا إن صحَّ فإنَّهُ يُعَكِّر على هذه المتابعات، ويُعَكِّر عليها أيضًا أنَّ الحديث رواه ابن أبي شَيْبَةَ (34875) عن شَبَابَةَ بنِ سِوَارٍ، وإسحاق بن راهويه في "المسند" - كما في "المطالب العالية" (4376) - وابن عساكر (39/353) من طريق النَّضْر بن شُمَيْل، والخَلاَّل في "السنَّة" (711) من طريق عبدالرحمن بن غَزْوَانَ قراد، وابن عساكر (29/131)، و(39/351) من طريق شَيْبَانَ بن فروخ، جميعهم (شَبَابَةُ، والنضر، وقراد، وشيبان) عن سليمان بن المغيرة، عن حُميد بن هلال، عن عبدالله بن مُغَفَّل، عن عبدالله بن سَلاَم. ورواه إسحاق بن راهويه في "المسند" - كما في "المطالب العالية" (4375) من طريق أيوب بن عائذ الأحمر، والبخاري في "التاريخ الأوسط" (1/92 و1/93 – النسخة التي حققها الأستاذ/ محمد بن إبراهيم اللحيدان) من طريق أبي هلال الراسبي، والدارقطني في "الغرائب والأفراد" (229/ب – أطراف) من طريق أيوب السَّخْتِيَانِيِّ، جميعُهم (أيوب بن عائذ، وأبو هلال، والسَّخْتِيَانِيّ) عن حميد بن هلال، عن عبدالله بن مُغَفَّل، عن عبدالله بن سَلاَم. وأشار اللحيدان محقِّق "التاريخ الأوسط" إلى أنه وجد في بعض النسخ الخطية (عبدالله بن مَعْقِل)، وهو ما يوافق النسخة المطبوعة الأخرى من "التاريخ" التي حققها الأستاذ/ محمود بن إبراهيم زايد، وعن البخاري نقله الباجي في "التعديل والتجريح"، فوقع في النسخة المطبوعة التي حققها الدكتور أبو لبابة حسين (3/953) عبدالله بن مُغَفَّل، في حين وقع في المطبوعة المغربية التي حققها الأستاذ/ أحمد لبزار (3/1075): (عبدالله بن مَعْقِل).

    ورواه إسحاق بن راهويه - كما في "المطالب العالية" (18/52 رقم 4374) - من طريق معمر، عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن عبدالله بن سلام، لم يذكر فيه عبدالله بن مُغَفَّل، ولا عبدالله بن مَعْقِل.

    والذي يظهر لي مِمَّا تقدَّم - إن صحَّتْ نُقُولُ هؤلاء الأفاضل - أنَّ الصواب في رواية هذا الحديث أنَّها من طريق (عبدالله بن مُغَفَّل)، وأنَّ ما وجد في النسخة الخطيَّة هنا، وما في بعض النُّسخ المطبوعة من المصادر آنِفَةِ الذِّكْر (عن عبدالله بن مَعْقِل)، إنما هو تصحيف. والله أعلم.

    المثال العاشر:
    حديث عبدالله بن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: ((إذا رأيت أُمتي لا يقولون للظالم منهم أنت الظالم فقد تودع منهم)).

    هذاالحديث أخرج في "مسند الإمام أحمد" هكذا (2/189 رقم 6776): حدثنا عبدالله، حدثني أبي، ثنا إسحاق بن يوسف، ثنا سفيان، عن الحسن بن عمرو، عن ابن مسلم، وكان في كتاب أبي: "عن الحسن بن مسلم"، فضرب على الحسن، وقال: "عن ابن مسلم"، وإنما هو: محمد بن مسلم أبو الزبير - أخطأ الأزرق
    [64] - عن عبدالله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    وأخرجه العُقَيْلِيُّ في "الضعفاء" (4/290) من طريق قَبِيصَةَ، والبَيْهَقِيُّ في "السنن الكبرى" (6/95)، من طريق عبيدالله بن موسى؛ كلاهما عن سفيان، عن الحسن بن عمرو، عن محمد بن مسلم، به. قال البَيْهَقِيّ: محمد بن مسلم هذا هو أبو الزبير، ولم يسمع من عبدالله بن عمرو بن العاص. اهـ.

    ثم قال البَيْهَقِيّ أيضًا: أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: سمعت العباس بن محمد يقول: سمعت يحيى بن مَعِين يقول: أبو الزبير لم يسمع من عبدالله بن عمرو بن العاص.
    وأخرجه الإمام أحمد، (2/190 رقم 6784)، وأبو الشيخ في أحاديث أبي الزبير (ص61): من طريق عبدالرحمن بن محمد المُحَارِبِيّ. والتِّرْمِذِيُّ في "العِلل" (ص382): من طريق محمد بن فضيل، وأبو الشيخِ الأَصْبَهَانِيُّ في جزء أحاديث أبي الزبير (ص58 برقم 16)، وابن عَدِيٍّ في "الكامل" (6/123): من طريق ابن نمير، وابن عَدِيّ أيضًا في نفس الموضع، من طريق عبدالرحمن بن مَغْرَاء؛ جميعهم (المحاربي، وابن فضيل، وابن نمير، وابن مغراء)؛ عن الحسن بن عمرو الفقيمي، عن أبي الزبير، به.

    قال الترمذي في الموضع السابق: سألت محمدًا
    [65] عن هذا الحديث قلت له: أبو الزبير سمع من عبدالله بن عمرو؟! قال: قد روى عنه ولا أعرف له سماعًا منه. اهـ.

    وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (4/108) من طريق أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، ثنا أبو نُعيم، وأبو حذيفة قالا: ثنا سفيان، عن الحسن بن عمرو، عن محمد بن مسلم بن السائب، عن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما - به.

    ونقل هذه الرواية الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" (9/621 برقم 12073)، من "المستدرَك" غير أنه لم يذكر لقب أحمد بن محمد بن عيسى (القاضي)، الذي يقرب رسمه مع رسم (القاص)، وعنون الحافظ ابن حجر له بـ: (محمد بن مسلم بن السائب، عن عبدالله بن عمرو).

    وهي رواية خطأ، والخطأ فيها نِسبة محمد بن مسلم إلى السائب، وهو محمد بن مسلم بن السائب بن خَبَّاب صاحب المقصورة، وهو غير محمد بن مسلم بن تدرس أبي الزبير المكي الذي عرف به هذا الحديث.

    وأخرجه العُقَيْلِيّ في "الضعفاء" (4/290- القديمة، 4/1417- الحديثة) من طريق أبي نُعيم، عن سِنان بن هارون البرجمي، عن الحسن بن عمرو، به. ولكن وقع في النسختينِ المطبوعتينِ من الضعفاء: (سفيان بن هارون البرجمي)، وهو خطأ من أحد النُّساخ، إذ تَصَحَّفَ عنده سِنان إلى سفيان، ولا يوجد في الرواة من هذه الطبقة من اسمه سفيان بن هارون البرجمي.

    وأخرجه أبو الشيخ في جزء أحاديث أبي الزبير (ص113 برقم 63)، وابن عَدِيّ في "الكامل" (6/123): من طريق أبي شهاب عبد ربه بن نافع الحنَّاط، عن الحسن بن عمرو الفقيمي، عن أبي الزبير، عن عمرو بن شُعيب، عن عبدالله بن عمرو، به.

    وأخرجه الطَّبَرَانِيُّ في "المعجم الأوسط" (8/18 برقم 7825)، وابن عدي في "الكامل" (3/439): من طريق زكريا زحمويه، نا سنان بن هارون، عن الحسن بن عمرو، عن أبي الزبير، عن جابر. قال الطبراني: "لم يروِ هذا الحديث عن الحسن بن عمرو، عن أبي الزبير، إلا سنان، تفرد به زحمويه".

    وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (3/430، و439): من طريق زكريا بن يحيى، ثنا سيف بن هارون - أخو سنان بن هارون - عن الحسن بن عمرو، حدثني أبو الزبير، عن عبدالله بن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه. قال ابن عدي: "وهذا الحديث هكذا يروى عن الحسن بن عمرو، عن أبي الزبير، عن عبدالله بن عمرو، ومن قال: عن جابر، فقد أغرب، وقد روي عن أبي الزبير، عن عمرو بن شعيب، عن عبدالله بن عمرو..." اهـ.

    وأخرجه العُقَيْلِيُّ في "الضعفاء" (4/290): من طريق عن مجاهد، عن عبدالله بن عمر، بضم العين وفتح الميم، به.

    وبالنظر إلى ما وقع في هذا الحديث من فروق في الروايات، يتضح أن منها ما وقع على أصل الرواية، ومنها ما وقع بسبب تشابُه الرسم، فكان جميع ذلك من أوهام الرواة والنُّساخ.

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: نظراتٌ في منهج تقييد وكتابة العلم (على ضوء قواعد المحدثين)

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 09.09.09 7:03

    المثال الحادي عشر:
    أخرج الطَّبَرَانِيُّ في "المعجم الكبير" (المجلد الثالث عشر برقم 14508- في طبعة الجريسية): حدثنا معاذ بن المثنى، ثنا مسدد، ثنا يحيى بن سعيد، وحدثنا إدريس بن جعفر العطار، ثنا روح بن عبادة، ثنا حسين بن المعلم، عن عبدالله بن بريدة، عن أبي سبرة، حدثني عبدالله بن عمرو، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الله - عز وجل - يبغض الفاحش والمتفحِّش، ولا تقوم الساعة حتى يظهر الفُحْشُ والتَّفحُّش، وسوء الجوار، وقطيعة الأرحام، وحتى يؤتمن الخائن، ويخوَّن الأمين، ألا إن مَوْعدَكم حَوْضي؛ عرضه وطوله واحد كما بين أَيْلَةَ ومَكَّةَ؛ مسيرة شهر، فيه أباريق مثل الكواكب، شرابه أشد بياضًا من الفضة، من شرب منه مشربا لم يظمأ بعده أبدًا)).

    وأخرجه الإمام أحمد (2/162 - 163 رقم 6514)، وابن أبي عاصم في "السنَّة" (701) كلاهما من طريق يحيى بن سعيد، به، وذكر في أوله عن أبي سبرة قال: كان عبيدالله بن زياد يَسأل عن الحوض؛ حوض محمد - صلى الله عليه وسلم - وكان يكذب به بعد ما سأل أبا بَرْزَةَ، والبراء بن عازب، وعائذ بن عمرو، ورجلاً آخَرَ، وكان يكذب به، فقال أبو سَبْرَةَ: أنا أُحدِّثك بحديث فيه شِفاء هذا؛ إن أباك بعث معي بمال إلى معاوية، فلقيت عبدالله بن عمرو، فحدثني مما سمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأملى علي، فكتبت بيدي، فلم أزد حرفًا، ولم أنقص حرفًا؛ حدثني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الله لا يحب الفحش ... الحديث))، ولم يذكر ابن أبي عاصم الحديث بتمامه.

    وأخرجه البَيْهَقِيُّ في "البعث والنشور" (172) من طريق محمد بن إسحاق الصغاني، عن رَوْحِ بن عُبادةَ، به.

    وأخرجه المَرْوَزِيُّ في زياداته على "الزهد" لابن المبارك (1610)، والحاكم في "المستدرَك" (1/75) من طريق ابن أبي عدي، وقرن الحاكم رواية أبي أسامة مع رواية محمد بن أبي عدي؛ كلاهما عن حسين المعلم، عن عبدالله بن بريدة، ذُكر لي أن أبا سَبْرَةَ بن سلمة، سمع ابن زياد يسأل عن الحوض ... فذكره هكذا بذكر واسطة مبهمة بين عبدالله بن بريدة وأبي سبرة. ومن طريق الحسين المروزي رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (20/43)، به.

    وقد سقط لفظ (أن) من جملة (ذكر لي أن أبا سبرة) من مخطوط كتاب "الزهد" لابن المبارك وزياداته، فاجتهد الشيخ حبيب الرحمن الأَعْظَمِيُّ في إزالة هذا الإشكال فتصرف في الإسناد وأثبته هكذا: "ذكر لي أبو سَبْرَةَ"، وعلَّق عليه بقوله: "هذا هو الظاهر، وفي الأصل: (أبا سبرة)". اهـ.

    قلت: وهذا يدل على سقوط لفظ: "أن" من جملة "ذكر لي أن أبا سبرة". وهو موجود في "مستدرك الحاكم".

    وإذا لم يكن لزامًا على المحقق أن يُخرِّج كل النصوص، فإنه يصبح من المهم جدًّا أن يُخرج النصوص التي يواجه فيها اختلافًا في الأسانيد، والألفاظ، والعبارات، كما يلزمه الرجوع للكتب التي اهتمت بالتصحيفات، والكتب التي اعتنت بالمؤتلف رسمًا، والمختلف نطقًا، كالكتب التي تقدمت الإشارة إليها.

    ويتبين من الأمثلة أعلاه أن التعامل مع النصوص يتطلب كثيرًا من الدُّرْبَة، والدِّقَّة، والحَذَر، وأن المتأخرين بتوخي الدقة والتركيز؛ يمكنهم أن يرتقوا مراقِيَ السابقين، مهما كانت وَعِرَةَ القنن. ولعل النظر والوقوف على مسالك الأقدمين في تقييد العلم وكتابته يكون سببًا من أسباب تحصين تراثنا من التحريف.

    وعلى الله قصد السبيل، وبه البلاغ، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    قائمة المصادر والمراجع:
    1 - "الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية"؛ لأبي عبدالله عبيدالله بن محمد ابن بطة العكبري (ت378هـ)، القسم الذي حققه الدكتور/ عبدالله الأثيوبي، الطبعة الأولى 1415هـ، دار الراية - الرياض.
    2 - "إتحاف المهرة بأطراف العشرة"؛ لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852هـ)، تحقيق الدكتور/ زهير الناصر وجماعة - الطبعة الأولى 1415هـ. مركز خدمة السنة والسيرة بالمدينة النبوية.
    3 - "الأدب المفرد"؛ للإمام البخاري، طبعة 1419هـ، دار الصديق - الجبيل.
    " الأدب المفرد"؛ نسخة الشيخ الجيلاني؛ "فضل الله الصمد".
    4 - "الأعلام"؛ لخير الدين الزركلي، الطبعة الرابعة عشرة 1999م، دار العلم للملايين – بيروت.
    5 - "الإلماع إلى معرفة أصول الرِّوَاية وتقييد السماع"؛ للقاضي عياض بن موسى اليحصبي (ت544هـ)، بتحقيق السيد أحمد صقر، الطبعة الأولى، 1379هـ (ص215-216)، دار التراث، والمكتبة العتيقة - القاهرة، وتونس.
    6 - "البحر الزخار (مسند البزار)"؛ لأبي بكر أحمد بن عمرو بن عبدالخالق البزار (ت292هـ)، تحقيق الدكتور/ محفوظ الرحمن زين الله، الطبعة الأولى 1409هـ، مؤسسة علوم القرآن – بيروت، ومكتبة العلوم والحكم – المدينة المنورة.
    7 - "تاريخ الإسلام"؛ للحافظ شمس الدين أبي عبدالله محمد بن أحمد الذهبي الدمشقي (ت748هـ)، تحقيق الدكتور/ عمر عبدالسلام تدمري، الطبعة الأولى 1407هـ، دار الكتاب العربي – بيروت.
    8 - "التاريخ الكبير"؛ للإمام أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري (ت256هـ)، تحقيق الشيخ/ عبدالرحمن بن يحيى المعلمي اليماني، مصورة دار الكتب العلمية - بيروت.
    9 - "تاريخ دمشق"؛ للحافظ أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر (ت571هـ)، تحقيق مجموعة من المحققين، بإشراف الدكتور/ عمر بن غرامة العمروي، المجمع العلمي العربي - دمشق.
    10 - "تاريخ واسط"؛ لأسلم بن سهل الرزاز الواسطي المعروف ببحشل (ت 292هـ)، تحقيق/ كوركيس عواد، الطبعة الأولى 1406هـ، عالم الكتب – بيروت.
    11 - "تتمة الأعلام"؛ للأستاذ/ محمد خير رمضان يوسف، الطبعة الثانية 1422هـ، دار ابن حزم - بيروت.
    12 - "تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف"؛ للحافظ أبي الحجاج يوســف بن عبدالرحمن المزي (ت742هـ)، تصـحيح/ عبدالصمد شرف الدين، الطبعة الأولى 1384هـ، الدار القيمة - الهند.
    13 - "تحقيق التراث العربي منهجه وتطوره"؛ للدكتور/ عبدالمجيد دياب، الطبعة الثانية 1993م، دار المعارف بمصر.
    14 - "تحقيق النصوص ونشرها"، للأستاذ/ عبدالسلام محمد هارون، الطبعة الخامسة 1409هـ، مكتبة السنة - القاهرة.
    15 - "تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف" للزمخشري؛ للحافظ أبي محمد عبدالله بن يوسف الزيلعي (ت762هـ)، اعتناء/ سلطان بن فهد الطبيشي، الطبعة الأولى 1414هـ، دار ابن خزيمة – الرياض.
    16 - "تذكرة الحفاظ"؛ للحافظ شمس الدين أبي عبدالله محمد بن أحمد الذهبي الدمشقي (ت748هـ)، تحقيق الشيخ/ عبدالرحمن بن يحيى المعلمي، مصورة دار إحياء التراث – بيروت.
    17 - "تقريب التهذيب"؛ للحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت852هـ)، قدم له دراسة وافية وقابله بأصل مؤلفه/ محمد عوَّامة، الطبعة ألأولى 1406هـ، دار الرشيد – حلب.
    18 - "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد"؛ لأبي عمر يوسـف بن عبدالله بن عبدالبر النمري (ت463هـ)، تحقيق جماعة من المحققين، وزارة الأوقاف - المغرب.
    19 - "تنبيه الهاجد إلى ما وقع في كتب الأماجد"؛ للشيخ/ أبي إسحاق الحويني، موقع شبكة مشكاة الإسلامية،
    www.almeshkat.net.
    20 - "تهذيب الكمال في أسماء الرجال"؛ للحافظ أبي الحجاج يوسف بن عبدالرحمن المزي (ت742هـ)، تحقيق الدكتور/ بشار عواد معروف، الطبعة الأولى 1400هـ، مؤسسة الرسالة - بيروت.
    21 - "تهذيب الكمال في أسماء الرجال"؛ للحافظ أبي الحجاج يوسف بن عبدالرحمن المزي (ت742هـ)، تحقيق الدكتور/ بشار عواد معروف، طبعة في ثمانية مجلدات 1418هـ، مؤسسة الرسالة - بيروت.
    22 - "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع"؛ لأبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب (ت463هـ)، تحقيق الدكتور/ محمد عجاج الخطيب، الطبعة الثانية 1414هـ. مؤسسة الرسالة- بيروت.
    23 - "الجامع"؛ للإمام الترمذي (ت279هـ)، الطبعة الأولى 1420هـ، بيت الأفكار الدولية – الرياض.
    24 - "الجرح والتعديل"؛ للإمام الحافظ عبدالرحمن بن محمد بن إدريس الرازي ابن أبي حاتم (ت327هـ)، الطبعة الأولى 1371هـ، مجلس دائرة المعارف - الهند.
    25 - "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء"، لأبي نعيم أحمد بن عبدالله الأصبهاني الحافظ (ت430هـ)، الطبعة الرابعة 1405هـ، دار الكتاب العربي - بيروت.
    26 - "دراسات تاريخية مع تعليقة في منهج البحث وتحقيق المخطوطات"؛ للدكتور/ أكرم ضياء العمري، الطبعة الأولى 1403هـ، المجلس العلمي لإحياء التراث الإسلامي، الجامعة الإسلامية - المدينة المنورة.
    27 - "سؤالات أبي عبدالرحمن السلمي للحافظ الدارقطني في الجرح والتعديل"، لأبي عبدالرحمن محمد بن الحسين السلمي (1412هـ)، نسخة الدار الجريسية – إصدار 1427هـ.
    28 - "السنن الكبرى"؛ للحافظ أبي عبدالرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي (ت303هـ)، بتحقيق الدكتور/ عبدالغفار البنداري، وسيد كسروي، الطبعة الأولى 1411هـ، دار الكتب العلمية - بيروت.
    29 - "السنن الكبرى"؛ للحافظ أبي عبدالرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي (ت303هـ)، بتحقيق الشيخ/ حسن عبدالمنعم شلبي، إشراف الشيخ/ شعيب الأرناؤوط، الطبعة الأولى 1411هـ، مؤسسة الرسالة - بيروت.
    30 - "سنن ابن ماجه"؛ للحافظ أبي عبدالله محمد بن يزيد بن ماجه القزويني، ابن ماجه (ت275هـ)، تحقيق الدكتور/ بشار عواد معروف، الطبعة الأولى 1418هـ، دار الجيل - بيروت.
    31 - "سنن ابن ماجه"؛ للحافظ أبي عبدالله محمد بن يزيد بن ماجه القزويني، ابن ماجه (ت275هـ)، تحقيق الأستاذ/ محمد فؤاد عبدالباقي، دار إحياء التراث العربي.
    32 - "السنة"؛ لأبي بكر أحمد بن عمرو ابن أبي عاصم (ت287هـ)، بتحقيق الدكتور/ باسم بن فيصل الجوابرة، الطبعة الأولى 1419هـ، دار الصميعي – الرياض.
    33 - "السنة"؛ لأبي بكر أحمد بن عمرو ابن أبي عاصم (ت287هـ)، نسخة مطبوعة عليها تخريج غير مكتمل للشيخ/ الألباني الطبعة الثالثة 1413هـ، المكتب الإسلامي – بيروت.
    34 - "السـنة"؛ لأبي بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال (ت311هـ)، دراسة وتحقيق الدكتور/ عطية بن عتيق الزهراني، الطبعة الثانية 1415هـ. دار الراية - الرياض.
    35 - "سير أعلام النبلاء"؛ للحافظ شمس الدين أبي عبدالله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت748هـ)، تحقيق الشيخ/ شعيب الأرناؤوط وآخرين، الطبعة الثانية 1402هـ، مؤسسة الرسالة - بيروت.
    36 - "شرف أصحاب الحديث"، لأبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي (ت463هـ)، تحقيق الدكتور/ محمد سعيد خطي أوغلي، دار إحياء السنة النبوية - أنقرة.
    37 - "شعب الإيمان"؛ للحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت458هـ)، أشرف على تحقيقه وتخريج أحاديثه الدكتور/ عبدالعلي عبدالحميد حامد، ومختار أحمد الندوي، الطبعة الأولى 1409هـ، الدار السلفية – بومباي.
    38 - "صحيح البخاري"؛ للإمام أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري (ت256هـ)، طبعة بيت الأفكار الدولية 1419هـ، عمان - الرياض.
    39 - "صحيح مسلم"؛ للإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (ت261هـ)، طبعة بيت الأفكار الدولية 1419هـ، عمان - الرياض.
    40 - "الضعفاء"؛ لأبي جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي المكي (ت322هـ)، تحقيق الدكتور/ عبدالمعطي أمين قلعجي، الطبعة الأولى، دار الكتب العلمية- بيروت. (وهو الضعفاء الكبير).
    41 - "الضعفاء"؛ لأبي جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي المكي (ت322هـ)، تحقيق/ حمدي بن عبدالمجيد السلفي، الطبعة الأولى (1420هـ/2000م، دار الصميعي- الرياض.
    42 - "علل الحديث ومعرفة الرجال"؛ للإمام أحمد بن حنبل (ت241هـ)، برواية عبدالله بن أحمد، تحقيق الدكتور/ وصي الله عباس، الطبعة الأولى 1408هـ، المكتب الإسلامي – بيروت.
    43 - "العلل الكبير"؛ لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة (ت279هـ)، ترتيب أبي طالب القاضي، تحقيق السيد صبحي السامرائي وآخرين، الطبعة الأولى 1409هـ، عالم الكتاب – بيروت.
    44 - "فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد" للإمام أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري؛ لفضل الله الجيلاني، مكتبة دار الاستقامة، 1416هـ.
    45 - "الفقيه والمتفقه"؛ لأبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي (ت463هـ)، حققه/ عادل بن يوسف العزازي، الطبعة الأولى 1417هـ، دار ابن الجوزي - الدمام.
    46 - في تحقيق النص "أنظار تطبيقية نقدية في مناهج تحقيق المخطوطات العربية"؛ للدكتور/ بشار عواد معروف، الطبعة الأولى 2004هـ، دار الغرب الإسلامي - بيروت.
    47 - "قواعد تحقيق التراث"؛ للدكتور/ صلاح الدين المنجد، الطبعة السابعة 1987م، دار الكتاب الجديد - بيروت.
    48 - "لسان العرب"؛ لمحمد بن مكرم بن منظور (ت711هـ)، طبعة 1414هـ، دار صادر - بيروت.
    49 - "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد"؛ للحافظ نور الدين أبي الحسن علي بن أبي بكر الهيثمي (ت807هـ)، تحقيق/ عبدالله محمد الدرويش، طبعة سنة 1414هـ، دار الفكر – بيروت .
    50 - "المستدرك على الصحيحين"؛ لأبي عبدالله محمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري (ت405هـ)، نسخة مطبوعة مصورة عن الطبعة الهندية 1398هـ، دار الفكر – بيروت.
    51 - "المستدرك على الصحيحين"؛ لأبي عبدالله محمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري (ت405هـ)، بإشراف/ مصطفى عبدالقادر عطا، الطبعة الأولى 1411هـ، دار الكتب العلمية - بيروت.
    52 - "المستدرك على الصحيحين"؛ لأبي عبدالله الحاكم النيسابوري (ت405هـ)، بإشراف/ أبي عبدالرحمن مقبل بن هادي الوادعي، الطبعة الأولى 1417هـ 1997م، دار الحرمين للطباعة والنشر، القاهرة.
    53 - "المسند"؛ للإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (ت241هـ)، حققه وخرج أحاديثه الشيخ/ شعيب الأرناؤوط، وآخرون، الطبعة الأولى 1416هـ، مؤسسة الرسالة - بيروت.
    54 - "المسند"؛ للإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (ت241هـ)، الجزء الذي شرحه ووضع فهارسه الشيخ/ أحمد محمد شاكر، الطبعة الثانية 1391هـ، دار المعارف بمصر.
    55 - "المسند"؛ لأبي بكر عبدالله بن الزبير القرشي الحميدي المكي (219هـ)، بتحقيق الشيخ/ حبيب الرحمن الأعظمي، مصورة عالم الكتب - بيروت.
    56 - "المسند"؛ لأبي بكر عبدالله بن الزبير القرشي الحميدي المكي (219هـ)، بتحقيق الشيخ/ حسين سليم أسد الداراني، الطبعة الثانية، 1423هـ، دار المأمون للتراث - دمشق.
    مسند البزار = البحر الزخار
    57 - "مسند الشاميين"؛ للحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني (ت360هـ)، تحقيق/ حمدي السلفي، الطبعة الأولى 1409هـ، مؤسسة الرسالة - بيروت.
    58 - "مسند الشهاب"؛ لأبي عبدالله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي، تحقيق/ حمدي ابن عبدالمجيد السلفي، الطبعة: الثانية 1407هـ، مؤسسة الرسالة - بيروت.
    59 - "المصنف"؛ للإمام عبدالرزاق بن همام الصنعاني (ت211هـ)، تحقيق الشيخ/ حبيب الرحمن الأعظمي، الطبعة الثانية 1403هـ، المكتب الإسلامي - بيروت.
    60 - "المعجم الأوسط"؛ للحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني (ت360هـ)، تحقيق/ طارق عوض الله، وعبدالمحسن إبراهيم، الطبعة الأولى 1415هـ. دار الحرمين - القاهرة.
    61 - "المعجم الكبير"؛ للحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني (ت360هـ)، (المجلد الثالث عشر نسخة الدار الجريسية – إصدار 1428هـ.
    62 - "منهج النقد في علوم الحديث"؛ للدكتور/ نور الدين عتر، الطبعة الثالثة 1401هـ، دار الفكر - دمشق.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: نظراتٌ في منهج تقييد وكتابة العلم (على ضوء قواعد المحدثين)

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 09.09.09 7:05

    ====== الحاشية ==========


    [1] سورة الكهف: الآية (1).
    [2] صحيح البخاري، كتاب العلم، باب: كتابة العلم (113).
    [3] صحيح البخاري، برقم (2434)، وصحيح مسلم، برقم (1355).
    [4] العقل: هو الدِّيَة، لأنهم كانوا يعقلون الإبل بفناء ولي المقتول. لسان العرب، (عقل) (11/460).
    [5] "صحيح البخاري"، برقم (111).
    [6] "الفقيه والمتفقه" للخطيب البغدادي (2/164)، ومن الطرائف المضحكة أنني وقفت على هذا الأثر محرفًا تحريفا عجيبًا، فقد وقع في المطبوع من "الفتاوى الحديثية" لابن حجر المكي: (أنتم الأطيار ونحن الصيادون لها) بدل: (أنتم الأطباء ونحن الصيادلة).
    [7] سورة [الحجر: 9]
    [8] "تحفة الأشراف" (7/356 رقم 10056)، في المَوْضِعَيْنِ (28، و41).
    [9] الخريت هو: الدليلُ الحاذقُ بالدلالة، كأَنه ينظُر في خرت الإِبْرة. لسان العرب (خرت) (2/30)، واللَّوْذَعي هو: الحديد الفؤاد والذكاء، لسان العرب، (لذع) (8/317-318)، بتصرف.
    [10] "تاريخ الإسلام" للذّهبي (27/320 – وفيات 390 - 400).
    [11] قوله: (على) من كتاب الخطيب البغدادي، وقد سقط من مطبوع الحلية.
    [12] رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (5/166)، وعنه الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث" (ص39).
    [13] "تحقيق النصوص ونشرها" لعبدالسلام هارون، (ص92)، الطبعة الخامسة، 1409هـ، مكتبة السنة - القاهرة.
    [14] "قواعد تحقيق التراث"، (ص4-10)، للمنجد.
    [15] محقق عراقي مسيحي، من المشتغلين بالتراث، والمهتمين بعلوم المكتبات، ولد في سنة 1326هـ، وتوفي في سنة 1413هـ (1908م – 1992م)، ترجمته في تتمة الأعلام لمحمد خير رمضان يوسف (2/107-108).
    [16] محقق ولُغوي ومُؤرخ حصل على لقب أب في الكنيسة، عراقي الموطن، لبناني الأصل، توفي في سنة 1947م.
    [17] "الجامع لأخلاق الراوي، وآداب السامع" برقم 1698.
    [18] "الأدب المفرد" للبخاري (2)، و"جامع الترمذي" (1899)، و"المعجم الكبير" تحقيق الدار الجريسية (مجلد 13 برقم 14367).
    [19] "تهذيب الكمال" (20/455).
    [20] "تهذيب الكمال" (12/487).
    [21] "تهذيب الكمال" (10/70).
    [22] انظر دفاعه عن الإمام مالك بن أنس في "التمهيد" (9/161)، في كلامه عن وهم الإمام مالك في قوله (عمر)، وكان الصواب: (عمرو)، ففيه بحث نفيس، تربية وتعليمًا.
    [23] انظر "سير أعلام النبلاء" (7/255-256) ترجمة سُفيان الثوري.
    [24] "الإلماع" (ص167).
    [25] الاهتبال: الاغتنام، والاهتمام، والعناية، لسان العرب (هبل) (11/687) بتصرف.
    [26] "الإلماع" (ص166).
    [27] جمع سطر، وتجمع أيضًا على أسطر، وسطور. لسان العرب (سطر) (4/363).
    [28] "الإلماع" (156-157).
    [29] ذكر القاضي عياض في "الإلماع"، (ص215-216)، عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: كانوا يؤمرون، أو كنا نؤمر أن نتعلم القرآن، ثم السنة، ثم الفرائض، ثم العربية: الحروف الثلاثة؛ يعنى الجر والنصب والرفع.
    [30] ذكر ذلك القاضي عياض في "الإلماع" (ص186، و188).
    [31] تصحفت هذه الكلمة في "الميمنية" و"الكفاية" للخطيب إلى: المتقين، وأشار الشيخ/ أحمد شاكر في شرحه لهذا الحديث أن هذه الكلمة ضبطت بالهامش ضبطًا واضحًا: [م ن ق ي ن]. وامتدح ذلك الضبط.
    [32] "مسند أحمد" (2/75 رقم 5452)، و"الكفاية في علم الرواية" (1/185) للخطيب.
    [33] كذا، والذي يظهر أن في الكلام سقطا، ولعل الصواب: (قال معمر، عن زياد). لأن رواية الإمام أحمد في المسند نصت على ذلك. والله أعلم.
    [34] كذا، وانظر ما سيأتي من تعليق على هذه الكلمة نقلاً عن الشيخ الألباني.
    [35] كتاب "السنة" برقم (791 طبعة الشيخ الألباني)، وبرقم (810) في طبعة الدكتور باسم الجوابرة.
    [36] انظر "الجرح والتعديل" (2/67)، و"تذكرة الحفاظ" للذهبي (2/641).
    [37] انظر "تقريب التهذيب" (4805).
    [38] يعني: كتاب "السنة" نفسه.
    [39] شرح الشيخ/ أحمد محمد شاكر على "المُسْنَد" (5452).
    [40] تقدم في صفحة (13).
    [41] انظر التعليق الآتي في آخر هذا المثال على هذا الحديث في "مسند الشهاب".
    [42] "تهذيب الكمال" (4/463-464)، و(31/119)، و"تحفة الأشراف" (6/284)، (6/387 رقم 8943).
    [43] هذا التعريف بعمرو بن عبدالله الهمداني لم أجده في "تحفة الأشراف".
    [44] "السنن الكبرى" للنسائي، مؤسسة الرسالة الحديث رقم (9133).
    [45] "تهذيب الكمال" (7/494 وهب بن جابر - الطبعة المصححة.
    [46] "المستدرك" على الصحيحين (4/500) نسَخة دار الفكر، و(4/545) نسخة دار الكتب العلمية، ونسخة دار الحرمين (4/670).
    [47] "مصنف عبدالرزاق" برقم (20810)، و"المعجم الكبير" (13 برقم 14454 - نسخة الدار الجريسية)، و"إتحاف المهرة" (9/636 رقم 12101).
    [48] "علل الحديث ومعرفة الرجال"، برقم 3045، ومن طريق الإمام أحمد رواه السلمي في سؤالاته للدارقطني (115- نسخة الدار الجريسية)، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (563).
    [49] "الإلماع" (ص 156).
    [50] "مسند الحميدي" (1/156 رقم 326)، طبعة الأعظمي.
    [51] ذكر الشيخ حبيب الرحمن في مقدمته أنه اعتمد نسخة المكتبة السعيدية، ونسخة الجامعة العثمانية، كأصلين.
    [52] سقط من نص الأعظمي، وهو موجود في مصدره المنقول عنه، وهو: "الجرح والتعديل".
    [53] "الجرح والتعديل" (9/302)، والنص فيه هكذا: يَعْلَى بن حرملة التيمي: روى عن أسماء بنت أبى بكر، روى عنه ابنه أبو المحياة؛ يحيى بن يعلى. سمعت أبى يقول ذلك.
    [54] قوله: (كذا في المطبوعة) تعليق من الأستاذ الأعظمي، وهو يقصد ما في مطبوعة "مجمع الزوائد" للهيثمي، وقد حدده بـ (7/256)، ويقول حيدر: إن هذا حدث نتيجة انتقال نظر الطابع، أو ناسخ الخطية، إلى السطر المتقدم، إذ كان الكلام عن رواية أخرى لهذا الحديث، وكان السياق متعلقًا بكذاب ثقيف، وهو المختار بن أبي عبيد الثقفي. وهذا يدل على أن النُّسْخة المطبوعة من "مجمع الزوائد" لم تقابل على أصلها الخطي، أو أن أصلها الخطي غير مقابل مع أصل صحيح، أو أنه منسوخ عن أصل غير مقابل. والله أعلم.
    [55] أحال الأعظمي على الترقيم القديم "للتاريخ الكبير" (ج4ق2 ص416)، وهو يعني بالجديد (8/416).
    [56] يقصد نسخة الفتحية المنسوخة عن نسخة دار الكتب الظاهرية، وهي حاليًا: مكتبة الأسد الوطنية بدمشق.
    [57] "مسند الحميدي" (1/ 156، حاشية رقم 6) طبعة الأعظمي.
    [58] "تاريخ دمشق" (69/22).
    [59] "مُسْنَد الحميدي"، (1/325- 326، حاشية رقم 5)، طبعة حسين سليم الداراني.
    [60] رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (13/14553- نسخة الدار الجريسية)، وفي "المعجم الأوسط" (7/49 رقم 6815)، وفي "مسند الشاميين" (1/304 برقم 534).
    [61] "تقريب التهذيب" (5907).
    [62] "تقريب التهذيب" (5958).
    [63] "تنبيه الهاجد إلى ما وقع في كتب الأماجد" الحديث رقم (125).
    [64] الأزرق هو: إسحاق بن يوسف شيخ الإمام أحمد.
    [65] محمد هو: الإمام أبو عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري رضي الله عنه.


    د. حيدر عيدروس علي


    والنقل
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=131851

      الوقت/التاريخ الآن هو 23.11.24 13:00