قولهم : (( لا إنكار في مسائل الخلاف )) بإطلاق , فيه ضياع الدين وفساده !!
قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- ردًا على من قال:
"المسائل الخلافية لا إنكار فيها"؟:
"لو أننا قلنا المسائل الخلافية لا ينكر فيها على الإطلاق، ذهب الدين كله حين تتبع الرخص؛ لأنك لا تكاد تجد مسألة إلا وفيها خلاف بين الناس. نضرب مثلاً: هذا رجلٌ مسَّ امرأة لشهوة، وأكل لحم إبل، ثم قام ليصلي، فقال: أنا أتبع الإمام أحمد في أن مسَّ المرأة لا ينقض الوضوء، وأتبع الشافعي في أن لحم الإبل لا ينقض الوضوء، وسأصلي على هذه الحال !!، فهل صلاته الآن صحيحة على المذهبين؟ هي غير صحيحة؛ لأنها إن لم تبطل على مذهب الإمام أحمد بن حنبل بطلت على مذهب الشافعي، وإن لم تبطل على مذهب الإمام الشافعي، بطلت على مذهب الإمام أحمد، فيضيع دين الإنسان !. " اهـ رحمه الله
المصدر : لقاء الباب المفتوح (49/192-193).
وقال الإمام الشوكاني رحمه الله:
"هذه المقالة –أي لا إنكار في مسائل الخلاف- قد صارت أعظم ذريعة إلى سدّ باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر !!، وهما بالمثابة التي عرفناك، والمنـزلة التي بيّناها لك، وقد وجب بإيجاب الله عز وجل، وبإيجاب رسوله صلى الله عليه وسلم على هذه الأمة، الأمر بما هو معروف من معروفات الشرع، والنهي عما هو منكر من منكراته: ومعيار ذلك الكتاب والسنة، فعلى كل مسلم أن يأمر بما وجده فيهما أو في أحدهما معروفاً، وينهى عما هو فيهما أو في أحدهما منكراً.
وإن قال قائل من أهل العلم بما يخالف ذلك، فقوله منكر يجب إنكاره عليه أولاً، ثم على العامل به ثانياً.
وهذه الشريعة الشريفة التي أُمِرْنا بالأمر بمعروفها، والنهي عن منكرها، هي هذه الموجودة في الكتاب والسنة " اهـ رحمه الله
المصدر : السيل الجرّار المتدفق على حدائق الأزهار (4/588).
ما الفرق إذا بين المسائل الاجتهادية التي يسوغ فيها الخلاف وبين غيرها ؟؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- :
"وقولهم مسائل الخلاف لا إنكار فيها ليس بصحيح فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول بالحكم أو العمل. أمّا الأول فإذا كان القول يخالف سنة أو إجماعاً قديماً وجب إنكاره وفاقاً. وإن لم يكن كذلك فإنه يُنكر بمعنى بيان ضعفه عند من يقول المصيب واحد وهم عامة السلف والفقهاء.
وأما العمل فإذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره أيضاً بحسب درجات الإنكار.
أما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ لم ينكر على من عمل بها مجتهداً أو مقلداً.
وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد، كما اعتقد ذلك طوائف من الناس. والصواب الذي عليه الأئمة أن مسائل الاجتهاد ما لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوباً ظاهراً مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه فيسوغ إذا عدم ذلك فيها الاجتهاد لتعارض الأدلة المتقاربة أو لخفاء الأدلة فيها "
المصدر : بيان الدليل على بطلان التحليل (ص 210-211)
ولتعلم أخي في الله , أن هذا الأمر من الأهمية بمكان ويجب العناية به جدا حتى يسير طالب العلم على منهج ثابت الخُطى للوصول للحق في المسائل الخلافية بين أهل العلم وما أكثرها !
وقد يقول قائل :
(( بالنسبة لمسائل الاجتهاد قد تختلف وجهات النظر بين أهل العلم فيها , فهذا يقول هذه من مسائل الاجتهاد المسوغ
وتجد عالما آخر يقول لا ( ! ) , بل هي من الخلاف الغير سائغ ! ))
وقد التبس هذا الأمر على كثير من الناس فحصل بسبب هذا فساد عريض وخلط عظيم والله المستعان
وقد استسهل بعض الناس الأمر فصار ينقل فتاوى العلماء المختلفة في المسائل المختلف فيها ويضعها أمام العامة ليختاروا منها !! ويقول : بارك الله فيكم هذه مسألة خلافية بين أهل العلم و لا إنكار على من أخذ برأي فلان أو فلان من أهل العلم !!!
فلا يبذل مجهودا يُذكر في معرفة الصواب والصحيح من أقوال العلماء ! ولا يجتهد إطلاقا في ذلك ويظن أنه يحسن صنعا !
وإذا كلمته في هذا الأمر قال لك : بارك الله فيك أنا وأنت لسنا من طلبة العلم وليس لنا إلا أن نختار من كلام أهل العلم ما نرتاح إليه !
وهذا هو عين تتبع الرُخص والفتاوى ولن يسلم فاعله من الهوى أبدا وقد قال تعالى : (( ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ))
وقال سليمان التيمي رحمه الله : (( من تتبع رُخص العلماء اجتمع فيه الشر كله !! ))
بل قال بعض العلماء : (( أن من تتبع رُخص العلماء تزندق !! ))
لأنه يجمع الفتاوى من هنا وهناك ويسردها سردا ثم يختار منها ما يوافق هواه والعياذ بالله, فلا يحاول ولو مجرد محاولة أن يجتهد في معرفة الصواب أبدا !! وإذا راجعته في الأمر قال لك أنا عامّي وما أنا بطالب علم ! , فأنا وإن كنت آخذ برأي فلان ولكن ليس هذا معناه أني أخطّئ الرأي الآخر !!
سبحان الله , كيف لا تُخطئ القول الآخر ؟؟ وما السبب إذاً , أنك تأخذ بهذه الفتوى دون الأخرى ؟؟
إما إنك اجتهدت في ذلك وتحريت الصواب من أقوال العلماء , وإما أنك تتّبع الهوى وتتبّع الفتاوى والعياذ بالله , ولا ثالث لهما !
اللهم إلا إذا كنت عامّيا تماما لا تفقه شيئا ولا تستطيع أن تفرق بين الأمور البتّه وليس عندك شئ من الثقافة الإسلامية إطلاقا , فإذا كان حالك كهذه فيجوز لك التقليد حينئذ مع مراعاة ضوابط وشروط وضعها العلماء وستعرفها فيما يلي ...مع التنبه أن الأمر نسبي تماما فقد تستطيع أن تجتهد في مسألة ما وترجّح بين فتاوى العلماء في مسألة ما و قد تعجز عن ذلك في مسألة أخرى على حسب مدى العلم والفهم الذي أتاك الله إياه ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طيب وما الحلّ ؟؟ وما هو الواجب علينا ؟؟
خاصة أن الناس يتفاوتون في الفهم والقدرة على الاجتهاد , فما العمل إذا ؟؟
ينقسم الناس في هذا الأمر لثلاثة أقسام رئيسية :
1- عالم متبحر في علوم الشريعة
2- طالب علم قد أوتي فهما وإدراكا وإطلاعا
- وطلاب العلم منهم المبتدئون الذين ما زالوا في أول الطريق وعندهم شئ من الثقافة الإسلامية والإدراك والفهم...
- ومنهم طالب العلم المتوسط الذي بدأت قدمه ترسخ في هذا العلم الشريف شيئا ما ...
- ومنهم طالب العلم المتقدم الذي له باع طويل في العلم الشرعي وأجيز من أهل العلم ...
3- وهو العامّي , الذي لا يفقه شيئا ولا يدري ما الدليل وما الصحيح من الضعيف ولا يفهم هذه الأمور ولا يعرف مصطلحات أهل العلم ولا كلامهم إطلاقا ...
وفي هذه الأصناف الثلاثة , قال العلماء :
أما الأول) :العالم المتبحر(
فإنه له الحق أن يجتهد وأن يقول، بل يجب عليه أن يقول ما كان مقتضىالدليل عنده مهما خالفه من خالفه من الناس لأنه مأمور بذلك، قال تعالى:(لعلمه الذينيستنبطونه منهم). (النساء، الآية:83). وهذا من أهل الاستنباط الذين يعرفون ما يدلعليه كلام الله وكلام رسوله.
أما الثاني : ( طالب العلم )
أما طالب العلم فكل بحسب ما آتاه الله من العلم والفهم والإدراك وهذا أمر يختلف فيه طلاب العلم اختلافا واسعا , فمنهم من يستطيع أن يجتهد في مسألة أو مسألتين أو أكثر ويعجز في غير ذلك من المسائل ... وهناك طالب علم قوي له حظ وافر من الإطلاع فهذا أحسن حالا وأقرب من الأول... قال الشيخ العثيمين رحمه الله : " فلا حرج عليه إذا أخذ بالعموميات والإطلاقات وبما بلغه، ولكن يجب عليه أن يكونمحترزاً في ذلك وألا يقصر عن سؤال من هو أعلى منه من أهل العلم لأنه قد يخطئ وقد لايصل علمه إلى شيء خصص ما كان عاماً، أو قيد ما كان مطلقاً، أو نسخ ما يراه محكماً. وهو لا يدري بذلك. "
فالواجب على طالب العلم على حسب قدرته وعلمه , أن يجتهد ويسأل من هو أعلم منه ولا يتسرع ويجعل دائما كلام العلماء ونقل كلامهم هو ديدنه ولا يتكلم برأيه بل ينقل عن من هم أعلم منه ويرجّح بين كلام أهل العلم بحسب قدرته وإدراكه ولا يحل لهذا التقليد في الأشياء التي يستطيع أن يجتهد فيها ويبحث فيها , بل عليه أن يطلب العلم ويبحث في الأمر حتى يتبين له الصواب أما أن يختار الطريق السهل وينتقي من فتاوى العلماء ما يناسبه !! فهذا لا يجوز إطلاقا كما قال العلماء
أما إذا عجز عن الاجتهاد في مسألة ما بسبب قصوره العلمي فيجوز له التقليد لعجزه , وهذا وارد جدا في طلاب العلم المبتدئون الذين ما زالوا في بداية الطلب ..
أما الصنف الثالث وهو : ( العامّي الخالص )
- فهذا يجوز له وحاله كهذه أن يقلد عالما يثق بعلمه ودينه وأمانته ومنهجه , ولكن ليس الأمر على إطلاقه كما يظن البعض !! , فلا يكون تقليده انتقائيا من كلام أهل العلم ! حسب ما يتفق مع هواه وظروفه ! , فيقع في تتبع الرخص المذموم والعياذ بالله
واقرأ هذا التفصيل البديع فقد لا تقف على من يفصّل لك الأمر مثله , وهو للشيخ العلامة الألباني رحمه الله :
قال الشيخ : ((هذه التتمة هو ما أنا في صدد بيان شيء منها وهو: أنكَ أنت أيها المسلم مهما كانتثقافتك قوية في الشريعة الإسلامية أو قليلة فإذا سمعت اختلافا بين عالمين، فتروىقليلاً انظر هل كل ممن يقال أنهما عالمان هما فعلاً من أهل العلم؟ فقد يكون هناكطالب علم ويظن أنه من العلماء فيقول قولاً يخالف فيه العلماء فتصير المسألة فيهاخلاف بين العلماء؟ ..لا! فإذا ثبت مثلا بعد هذه الملاحظة أن هناك اختلافاً بينعالمين جليلين هنا يأتي التنبيه التالي:
إن كنت تستطيع أن تميزبين دليل ودليل فعليك أن تعرف دليل كل من العالمين وأن تطمئن لدليل الأقوى.أعني أنحتى عامة الناس عليهم أن يجتهدوا، لكن الاجتهاد يختلف من شخص إلى آخر كيف يجتهدمثلاً من كان عامياأقول اجتهاده بالنسبة إليه كالتالي: يسمع من عالم فتوىتخالف فتوى الآخر فعليه أن لا يقف عند الفتوى هنا الآن تظهر صور كثيرة كثيرة جدا؛طلبت دليلا من أحدهما فقال لك هذا رأيي واجتهادي أو هذا مذهبي. وطلبت الدليل منالآخرفقال لك مثلاً قال الله قال رسول الله قال السلف إلى آخره.كما قال ابن القيم :" العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة ليس بالتموية ماالعلم نصرك بالخلاف سفاهة بين الرسول وبين رأي فقيه" فإذا أنت سلكت هذاالمنهج في محاولة التعرف على الدليل سيظهر لك الفرق بين القولين. قلت لك أحدهمايقول هذا رأيي هذا اجتهادي هذا مذهبي هذا يقع أحيانًا، الآخر يستدل لك إما بالكتابوإما بالسنة وإما بعمل السلف الصالح حينذاك تجدُ نفسك تميل إلى رأي هذا العالمواجتهاده ولا تلتفت إلى رأي العالم الأول وحينئذٍ يزول الإشكال من نفسك. هذه صورةوهي واضحة جداً وإذا افترضنا أن كلً من العالمين استدل بدليل كما جرى بالأمس القريبعند الشيخ البنا و بعضكم أظن كان حاضراً حينما تناقشنا مع أحد الأساتذة الأفاضل حولالقراءة وراء الإمام للفاتحة في الصلاة الجهرية فالسامعون يسمعون فما اطمئنت إليهالنفس يأخذ به سواء كان الحق مع زيد أم عمرو المهم أن لا يكون صاحب هوى و صاحب غضبوأن لا يكون كما جاء مرفوعاً وموقوفاً والراجح الوقف وهو على ابن مسعود رضي اللهعنه قال لا تكونوا إمعه تقولون إن أحسن الناس أحسنَّا وإن أساءوا أسأنا ولكن وطنواأنفسكم إن أحسنوا أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا. إذاً يحب على عامة المسلمين أنيوطنوا على أن يعرفوا الحق مع من ثم يتبعه كلٌ في حدود ثقافته وعقله وفهمه ولا يكلفالله نفساً إلا وسعها.
الخلاصة : الخلاف لا يمكن القضاء عليه كان في زمن الرسول واستمر إلى زمنناهذا فلا تطلبوا المستحيل . وإن الأمر كذلك فما موقف العامة؟ موقفهم كما شرحتُ آنفاًأن يتحروا الصواب حينئذٍ شأنهم شأن المشاهدين، إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوافلهم أجرٌ واحد. المهم أن لا يكونوا أصحاب هوىً وغوىً وكفى الله. تفضل...
السائل: الاثنين منهم يعني أتوبأدلة من الكتاب والسنة يعني كل منهم أتى بدليل يعني كيف أناأمّيز؟؟؟
الشيخ:.... لكن أنت حين ذاك تعمل اجتهادات خاصة تتناسب مع نفسك. نفسك أنتأدرى بها.قد تكون أمياً مطلقاً قد تكون طالب علم ثانوي ،قد تكون مرشح إلى نيلالشهادة التي يسمونها مثلا الماجستير والدكتوراه و ما شابه ذلك والناس هناك طبقاتلكن المرشح للحصول لشهادة الدكتوراه، ليس معناه أنه فقيه و ليس معناه أنه محدث ولكنعنده من الثقافة العامة ما يتمكن من أن يُفهم على العالم حجته..لا يستوي هذا مع ذلكالعامي فإذا كان العامي وقف أمام في الصورة التي أنت فرضتها.. فهنا هو ماذا يفعل؟يجتهد بقدر ما يستطيع..ما هو الاجتهاد؟ هنا الاجتهاد ليس في العلم وإنما أن ينظرمثلاً: أحد العالمينِ تقيٌ صالحٌ معروفٌ مشهود له فيذلك.العالم الثاني لا يدري عنه شيئا هذاما يحتاج إلى علم في الكتاب والسنة فالنفس حينذاك تطمئن لإتباع قول العالم التقيالصالح المعروف عنده في هذا الصلاح وبهذا التقوى هذه صورة. قد يكونان مثلاً مستويينفي الاجتهاد بين الملأ بأنهما صالحانِ تقيانِ ورعانِ ووو إلى آخره، لكن أحدهما قدشاخ في العلم والآخر نشأ في العلم فتطمئن نفسه إلى إتباع الأول دون الآخر وهكذا. فلا يحتاج الأمر كما قلت أنا آنفاً أن يجتهد هو لتطمئن نفسه ولا يكون إمعه لا يحتاجالأمر إلى كثير من العلم الشرعي وإنما يتطلب كل من سأل سؤالاً فجاءه الجوابمتناقضاً من عالمين جليلين إلى آخرة فهو يعمل هذه المواجهة بحيث تطمئن نفسه أن يأخذبقول أحدهما فحينئذٍ قد عمل الواجب. فأنت تلاحظ الآن في هذه الصورة التي أنت فرضتهاوأنا أجيب عنها لأنه لا يحتاج أن يكون عالما ولا طالب علم وإنما من عامة المسلمين. هكذا كان أصحاب الرسول عليه السلام. كانوا مثلا إذا جاءهم فتوى من أحدهم تبنوها لايتعصبون لثاني الذي تعود أن يسأله دائماً وأبداً، ولكن لم تكن وسائل العلم يومئذٍميسرة بحيث أنه يُعرض العلم على عامة البشر بصورة لا يمكن الوصول إليها إلا بسنينطويلة ولذلك وقعت هذه المشكلة في العصر الحاضر.. قديماً كان يتطلب الأمر ليصل قولالعالم الثاني إلى من استفتى الأول زمن طويل الآن في لحظة واحدة تسمع في المشرق منيقول كذا وتسمع في المغرب من يقول كذا فيقع التعارض الحل بالنسبة لعامة المسلمين هوهذه الملاحظة الشخصية التي ذكرتها آنفاً.))
انتهى كلامه رحمه الله والتفريغ منقول
المصدر : الشريط التاسع من فتاوى جدة للشيخ العلامة الألباني
ويجب على هذا المقلد أيضا أن يجتهد في طلب العلم وقد صح الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( طلب العلم فريضة على كل مسلم )) فيحاول بقدر الإمكان أن يدخل نفسه في طلب العلم ولو شيئا فشيئا حتى يكون له حظ من الدراية والفهم ويصدق فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من يرد الله به خيرا , يفقه في الدين )) وحتى ييسر الله له هذا فعليه أن لا يتعصب لأحد من أهل العلم ولا يظن فيهم العصمة أو يترك العمل بالدليل الصحيح الصريح لأن شيخه لا يقول به !! وغير ذلك مما نراه من جمهور المقلدة نسأل الله العافية ...
وقال ابن عباس رضي الله عنه:
" ويل للأتباع من زلة العالم !!. قيل: وكيف؟
قال: يقول العالم الشيء برأيه، فيلقى من هو أعلم منه برسول الله فيخبره فيرجع، ويقضي الأتباع بما حكم !(أخرجه ابن عبد البر في الجامع 2/112).
نسأل الله أن يجعلنا وسطا بين الغالي والجافي وأن يرزقنا الفهم في الدين وأن يجنبنا مضلات الفتن وأن يصلح فساد قلوبنا ويعيننا على طلب العلم وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم خاليا من الرياء والنفاق والعجب والفخر والغرور وحب الظهور إنه ولي ذلك والقادر عليه
كما نسأله سبحانه أن يرحم حالنا ويعفو عنا
أبو عبد العظيم الأثري
منقول
http://www.albaidha.net/vb/showthread.php?t=5512
قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- ردًا على من قال:
"المسائل الخلافية لا إنكار فيها"؟:
"لو أننا قلنا المسائل الخلافية لا ينكر فيها على الإطلاق، ذهب الدين كله حين تتبع الرخص؛ لأنك لا تكاد تجد مسألة إلا وفيها خلاف بين الناس. نضرب مثلاً: هذا رجلٌ مسَّ امرأة لشهوة، وأكل لحم إبل، ثم قام ليصلي، فقال: أنا أتبع الإمام أحمد في أن مسَّ المرأة لا ينقض الوضوء، وأتبع الشافعي في أن لحم الإبل لا ينقض الوضوء، وسأصلي على هذه الحال !!، فهل صلاته الآن صحيحة على المذهبين؟ هي غير صحيحة؛ لأنها إن لم تبطل على مذهب الإمام أحمد بن حنبل بطلت على مذهب الشافعي، وإن لم تبطل على مذهب الإمام الشافعي، بطلت على مذهب الإمام أحمد، فيضيع دين الإنسان !. " اهـ رحمه الله
المصدر : لقاء الباب المفتوح (49/192-193).
وقال الإمام الشوكاني رحمه الله:
"هذه المقالة –أي لا إنكار في مسائل الخلاف- قد صارت أعظم ذريعة إلى سدّ باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر !!، وهما بالمثابة التي عرفناك، والمنـزلة التي بيّناها لك، وقد وجب بإيجاب الله عز وجل، وبإيجاب رسوله صلى الله عليه وسلم على هذه الأمة، الأمر بما هو معروف من معروفات الشرع، والنهي عما هو منكر من منكراته: ومعيار ذلك الكتاب والسنة، فعلى كل مسلم أن يأمر بما وجده فيهما أو في أحدهما معروفاً، وينهى عما هو فيهما أو في أحدهما منكراً.
وإن قال قائل من أهل العلم بما يخالف ذلك، فقوله منكر يجب إنكاره عليه أولاً، ثم على العامل به ثانياً.
وهذه الشريعة الشريفة التي أُمِرْنا بالأمر بمعروفها، والنهي عن منكرها، هي هذه الموجودة في الكتاب والسنة " اهـ رحمه الله
المصدر : السيل الجرّار المتدفق على حدائق الأزهار (4/588).
ما الفرق إذا بين المسائل الاجتهادية التي يسوغ فيها الخلاف وبين غيرها ؟؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- :
"وقولهم مسائل الخلاف لا إنكار فيها ليس بصحيح فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول بالحكم أو العمل. أمّا الأول فإذا كان القول يخالف سنة أو إجماعاً قديماً وجب إنكاره وفاقاً. وإن لم يكن كذلك فإنه يُنكر بمعنى بيان ضعفه عند من يقول المصيب واحد وهم عامة السلف والفقهاء.
وأما العمل فإذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره أيضاً بحسب درجات الإنكار.
أما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ لم ينكر على من عمل بها مجتهداً أو مقلداً.
وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد، كما اعتقد ذلك طوائف من الناس. والصواب الذي عليه الأئمة أن مسائل الاجتهاد ما لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوباً ظاهراً مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه فيسوغ إذا عدم ذلك فيها الاجتهاد لتعارض الأدلة المتقاربة أو لخفاء الأدلة فيها "
المصدر : بيان الدليل على بطلان التحليل (ص 210-211)
ولتعلم أخي في الله , أن هذا الأمر من الأهمية بمكان ويجب العناية به جدا حتى يسير طالب العلم على منهج ثابت الخُطى للوصول للحق في المسائل الخلافية بين أهل العلم وما أكثرها !
وقد يقول قائل :
(( بالنسبة لمسائل الاجتهاد قد تختلف وجهات النظر بين أهل العلم فيها , فهذا يقول هذه من مسائل الاجتهاد المسوغ
وتجد عالما آخر يقول لا ( ! ) , بل هي من الخلاف الغير سائغ ! ))
وقد التبس هذا الأمر على كثير من الناس فحصل بسبب هذا فساد عريض وخلط عظيم والله المستعان
وقد استسهل بعض الناس الأمر فصار ينقل فتاوى العلماء المختلفة في المسائل المختلف فيها ويضعها أمام العامة ليختاروا منها !! ويقول : بارك الله فيكم هذه مسألة خلافية بين أهل العلم و لا إنكار على من أخذ برأي فلان أو فلان من أهل العلم !!!
فلا يبذل مجهودا يُذكر في معرفة الصواب والصحيح من أقوال العلماء ! ولا يجتهد إطلاقا في ذلك ويظن أنه يحسن صنعا !
وإذا كلمته في هذا الأمر قال لك : بارك الله فيك أنا وأنت لسنا من طلبة العلم وليس لنا إلا أن نختار من كلام أهل العلم ما نرتاح إليه !
وهذا هو عين تتبع الرُخص والفتاوى ولن يسلم فاعله من الهوى أبدا وقد قال تعالى : (( ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ))
وقال سليمان التيمي رحمه الله : (( من تتبع رُخص العلماء اجتمع فيه الشر كله !! ))
بل قال بعض العلماء : (( أن من تتبع رُخص العلماء تزندق !! ))
لأنه يجمع الفتاوى من هنا وهناك ويسردها سردا ثم يختار منها ما يوافق هواه والعياذ بالله, فلا يحاول ولو مجرد محاولة أن يجتهد في معرفة الصواب أبدا !! وإذا راجعته في الأمر قال لك أنا عامّي وما أنا بطالب علم ! , فأنا وإن كنت آخذ برأي فلان ولكن ليس هذا معناه أني أخطّئ الرأي الآخر !!
سبحان الله , كيف لا تُخطئ القول الآخر ؟؟ وما السبب إذاً , أنك تأخذ بهذه الفتوى دون الأخرى ؟؟
إما إنك اجتهدت في ذلك وتحريت الصواب من أقوال العلماء , وإما أنك تتّبع الهوى وتتبّع الفتاوى والعياذ بالله , ولا ثالث لهما !
اللهم إلا إذا كنت عامّيا تماما لا تفقه شيئا ولا تستطيع أن تفرق بين الأمور البتّه وليس عندك شئ من الثقافة الإسلامية إطلاقا , فإذا كان حالك كهذه فيجوز لك التقليد حينئذ مع مراعاة ضوابط وشروط وضعها العلماء وستعرفها فيما يلي ...مع التنبه أن الأمر نسبي تماما فقد تستطيع أن تجتهد في مسألة ما وترجّح بين فتاوى العلماء في مسألة ما و قد تعجز عن ذلك في مسألة أخرى على حسب مدى العلم والفهم الذي أتاك الله إياه ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طيب وما الحلّ ؟؟ وما هو الواجب علينا ؟؟
خاصة أن الناس يتفاوتون في الفهم والقدرة على الاجتهاد , فما العمل إذا ؟؟
ينقسم الناس في هذا الأمر لثلاثة أقسام رئيسية :
1- عالم متبحر في علوم الشريعة
2- طالب علم قد أوتي فهما وإدراكا وإطلاعا
- وطلاب العلم منهم المبتدئون الذين ما زالوا في أول الطريق وعندهم شئ من الثقافة الإسلامية والإدراك والفهم...
- ومنهم طالب العلم المتوسط الذي بدأت قدمه ترسخ في هذا العلم الشريف شيئا ما ...
- ومنهم طالب العلم المتقدم الذي له باع طويل في العلم الشرعي وأجيز من أهل العلم ...
3- وهو العامّي , الذي لا يفقه شيئا ولا يدري ما الدليل وما الصحيح من الضعيف ولا يفهم هذه الأمور ولا يعرف مصطلحات أهل العلم ولا كلامهم إطلاقا ...
وفي هذه الأصناف الثلاثة , قال العلماء :
أما الأول) :العالم المتبحر(
فإنه له الحق أن يجتهد وأن يقول، بل يجب عليه أن يقول ما كان مقتضىالدليل عنده مهما خالفه من خالفه من الناس لأنه مأمور بذلك، قال تعالى:(لعلمه الذينيستنبطونه منهم). (النساء، الآية:83). وهذا من أهل الاستنباط الذين يعرفون ما يدلعليه كلام الله وكلام رسوله.
أما الثاني : ( طالب العلم )
أما طالب العلم فكل بحسب ما آتاه الله من العلم والفهم والإدراك وهذا أمر يختلف فيه طلاب العلم اختلافا واسعا , فمنهم من يستطيع أن يجتهد في مسألة أو مسألتين أو أكثر ويعجز في غير ذلك من المسائل ... وهناك طالب علم قوي له حظ وافر من الإطلاع فهذا أحسن حالا وأقرب من الأول... قال الشيخ العثيمين رحمه الله : " فلا حرج عليه إذا أخذ بالعموميات والإطلاقات وبما بلغه، ولكن يجب عليه أن يكونمحترزاً في ذلك وألا يقصر عن سؤال من هو أعلى منه من أهل العلم لأنه قد يخطئ وقد لايصل علمه إلى شيء خصص ما كان عاماً، أو قيد ما كان مطلقاً، أو نسخ ما يراه محكماً. وهو لا يدري بذلك. "
فالواجب على طالب العلم على حسب قدرته وعلمه , أن يجتهد ويسأل من هو أعلم منه ولا يتسرع ويجعل دائما كلام العلماء ونقل كلامهم هو ديدنه ولا يتكلم برأيه بل ينقل عن من هم أعلم منه ويرجّح بين كلام أهل العلم بحسب قدرته وإدراكه ولا يحل لهذا التقليد في الأشياء التي يستطيع أن يجتهد فيها ويبحث فيها , بل عليه أن يطلب العلم ويبحث في الأمر حتى يتبين له الصواب أما أن يختار الطريق السهل وينتقي من فتاوى العلماء ما يناسبه !! فهذا لا يجوز إطلاقا كما قال العلماء
أما إذا عجز عن الاجتهاد في مسألة ما بسبب قصوره العلمي فيجوز له التقليد لعجزه , وهذا وارد جدا في طلاب العلم المبتدئون الذين ما زالوا في بداية الطلب ..
أما الصنف الثالث وهو : ( العامّي الخالص )
- فهذا يجوز له وحاله كهذه أن يقلد عالما يثق بعلمه ودينه وأمانته ومنهجه , ولكن ليس الأمر على إطلاقه كما يظن البعض !! , فلا يكون تقليده انتقائيا من كلام أهل العلم ! حسب ما يتفق مع هواه وظروفه ! , فيقع في تتبع الرخص المذموم والعياذ بالله
واقرأ هذا التفصيل البديع فقد لا تقف على من يفصّل لك الأمر مثله , وهو للشيخ العلامة الألباني رحمه الله :
قال الشيخ : ((هذه التتمة هو ما أنا في صدد بيان شيء منها وهو: أنكَ أنت أيها المسلم مهما كانتثقافتك قوية في الشريعة الإسلامية أو قليلة فإذا سمعت اختلافا بين عالمين، فتروىقليلاً انظر هل كل ممن يقال أنهما عالمان هما فعلاً من أهل العلم؟ فقد يكون هناكطالب علم ويظن أنه من العلماء فيقول قولاً يخالف فيه العلماء فتصير المسألة فيهاخلاف بين العلماء؟ ..لا! فإذا ثبت مثلا بعد هذه الملاحظة أن هناك اختلافاً بينعالمين جليلين هنا يأتي التنبيه التالي:
إن كنت تستطيع أن تميزبين دليل ودليل فعليك أن تعرف دليل كل من العالمين وأن تطمئن لدليل الأقوى.أعني أنحتى عامة الناس عليهم أن يجتهدوا، لكن الاجتهاد يختلف من شخص إلى آخر كيف يجتهدمثلاً من كان عامياأقول اجتهاده بالنسبة إليه كالتالي: يسمع من عالم فتوىتخالف فتوى الآخر فعليه أن لا يقف عند الفتوى هنا الآن تظهر صور كثيرة كثيرة جدا؛طلبت دليلا من أحدهما فقال لك هذا رأيي واجتهادي أو هذا مذهبي. وطلبت الدليل منالآخرفقال لك مثلاً قال الله قال رسول الله قال السلف إلى آخره.كما قال ابن القيم :" العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة ليس بالتموية ماالعلم نصرك بالخلاف سفاهة بين الرسول وبين رأي فقيه" فإذا أنت سلكت هذاالمنهج في محاولة التعرف على الدليل سيظهر لك الفرق بين القولين. قلت لك أحدهمايقول هذا رأيي هذا اجتهادي هذا مذهبي هذا يقع أحيانًا، الآخر يستدل لك إما بالكتابوإما بالسنة وإما بعمل السلف الصالح حينذاك تجدُ نفسك تميل إلى رأي هذا العالمواجتهاده ولا تلتفت إلى رأي العالم الأول وحينئذٍ يزول الإشكال من نفسك. هذه صورةوهي واضحة جداً وإذا افترضنا أن كلً من العالمين استدل بدليل كما جرى بالأمس القريبعند الشيخ البنا و بعضكم أظن كان حاضراً حينما تناقشنا مع أحد الأساتذة الأفاضل حولالقراءة وراء الإمام للفاتحة في الصلاة الجهرية فالسامعون يسمعون فما اطمئنت إليهالنفس يأخذ به سواء كان الحق مع زيد أم عمرو المهم أن لا يكون صاحب هوى و صاحب غضبوأن لا يكون كما جاء مرفوعاً وموقوفاً والراجح الوقف وهو على ابن مسعود رضي اللهعنه قال لا تكونوا إمعه تقولون إن أحسن الناس أحسنَّا وإن أساءوا أسأنا ولكن وطنواأنفسكم إن أحسنوا أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا. إذاً يحب على عامة المسلمين أنيوطنوا على أن يعرفوا الحق مع من ثم يتبعه كلٌ في حدود ثقافته وعقله وفهمه ولا يكلفالله نفساً إلا وسعها.
الخلاصة : الخلاف لا يمكن القضاء عليه كان في زمن الرسول واستمر إلى زمنناهذا فلا تطلبوا المستحيل . وإن الأمر كذلك فما موقف العامة؟ موقفهم كما شرحتُ آنفاًأن يتحروا الصواب حينئذٍ شأنهم شأن المشاهدين، إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوافلهم أجرٌ واحد. المهم أن لا يكونوا أصحاب هوىً وغوىً وكفى الله. تفضل...
السائل: الاثنين منهم يعني أتوبأدلة من الكتاب والسنة يعني كل منهم أتى بدليل يعني كيف أناأمّيز؟؟؟
الشيخ:.... لكن أنت حين ذاك تعمل اجتهادات خاصة تتناسب مع نفسك. نفسك أنتأدرى بها.قد تكون أمياً مطلقاً قد تكون طالب علم ثانوي ،قد تكون مرشح إلى نيلالشهادة التي يسمونها مثلا الماجستير والدكتوراه و ما شابه ذلك والناس هناك طبقاتلكن المرشح للحصول لشهادة الدكتوراه، ليس معناه أنه فقيه و ليس معناه أنه محدث ولكنعنده من الثقافة العامة ما يتمكن من أن يُفهم على العالم حجته..لا يستوي هذا مع ذلكالعامي فإذا كان العامي وقف أمام في الصورة التي أنت فرضتها.. فهنا هو ماذا يفعل؟يجتهد بقدر ما يستطيع..ما هو الاجتهاد؟ هنا الاجتهاد ليس في العلم وإنما أن ينظرمثلاً: أحد العالمينِ تقيٌ صالحٌ معروفٌ مشهود له فيذلك.العالم الثاني لا يدري عنه شيئا هذاما يحتاج إلى علم في الكتاب والسنة فالنفس حينذاك تطمئن لإتباع قول العالم التقيالصالح المعروف عنده في هذا الصلاح وبهذا التقوى هذه صورة. قد يكونان مثلاً مستويينفي الاجتهاد بين الملأ بأنهما صالحانِ تقيانِ ورعانِ ووو إلى آخره، لكن أحدهما قدشاخ في العلم والآخر نشأ في العلم فتطمئن نفسه إلى إتباع الأول دون الآخر وهكذا. فلا يحتاج الأمر كما قلت أنا آنفاً أن يجتهد هو لتطمئن نفسه ولا يكون إمعه لا يحتاجالأمر إلى كثير من العلم الشرعي وإنما يتطلب كل من سأل سؤالاً فجاءه الجوابمتناقضاً من عالمين جليلين إلى آخرة فهو يعمل هذه المواجهة بحيث تطمئن نفسه أن يأخذبقول أحدهما فحينئذٍ قد عمل الواجب. فأنت تلاحظ الآن في هذه الصورة التي أنت فرضتهاوأنا أجيب عنها لأنه لا يحتاج أن يكون عالما ولا طالب علم وإنما من عامة المسلمين. هكذا كان أصحاب الرسول عليه السلام. كانوا مثلا إذا جاءهم فتوى من أحدهم تبنوها لايتعصبون لثاني الذي تعود أن يسأله دائماً وأبداً، ولكن لم تكن وسائل العلم يومئذٍميسرة بحيث أنه يُعرض العلم على عامة البشر بصورة لا يمكن الوصول إليها إلا بسنينطويلة ولذلك وقعت هذه المشكلة في العصر الحاضر.. قديماً كان يتطلب الأمر ليصل قولالعالم الثاني إلى من استفتى الأول زمن طويل الآن في لحظة واحدة تسمع في المشرق منيقول كذا وتسمع في المغرب من يقول كذا فيقع التعارض الحل بالنسبة لعامة المسلمين هوهذه الملاحظة الشخصية التي ذكرتها آنفاً.))
انتهى كلامه رحمه الله والتفريغ منقول
المصدر : الشريط التاسع من فتاوى جدة للشيخ العلامة الألباني
ويجب على هذا المقلد أيضا أن يجتهد في طلب العلم وقد صح الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( طلب العلم فريضة على كل مسلم )) فيحاول بقدر الإمكان أن يدخل نفسه في طلب العلم ولو شيئا فشيئا حتى يكون له حظ من الدراية والفهم ويصدق فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من يرد الله به خيرا , يفقه في الدين )) وحتى ييسر الله له هذا فعليه أن لا يتعصب لأحد من أهل العلم ولا يظن فيهم العصمة أو يترك العمل بالدليل الصحيح الصريح لأن شيخه لا يقول به !! وغير ذلك مما نراه من جمهور المقلدة نسأل الله العافية ...
وقال ابن عباس رضي الله عنه:
" ويل للأتباع من زلة العالم !!. قيل: وكيف؟
قال: يقول العالم الشيء برأيه، فيلقى من هو أعلم منه برسول الله فيخبره فيرجع، ويقضي الأتباع بما حكم !(أخرجه ابن عبد البر في الجامع 2/112).
نسأل الله أن يجعلنا وسطا بين الغالي والجافي وأن يرزقنا الفهم في الدين وأن يجنبنا مضلات الفتن وأن يصلح فساد قلوبنا ويعيننا على طلب العلم وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم خاليا من الرياء والنفاق والعجب والفخر والغرور وحب الظهور إنه ولي ذلك والقادر عليه
كما نسأله سبحانه أن يرحم حالنا ويعفو عنا
أبو عبد العظيم الأثري
منقول
http://www.albaidha.net/vb/showthread.php?t=5512