من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 17.12.09 5:54
أدلة تحريم الاختلاط بين الرجال والنساء وبيان أحواله أدلة تحريم الاختلاط بين الرجال والنساء وبيان أحواله
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد:
فقد ظهر علينا بعض الناس في هذه الأيام من يزعم إباحة الاختلاط، ويحشر من الأدلة ما لا يحسنه أهل الباطل فيما يخدمهم به، ويمدهم في غيهم وما يبتغونه من فتنة وفساد..
وأذكر هنا جملة من كلام العلماء في بيان حرمة الاختلاط أسأل الله التوفيق والسداد وأن يهدي ضال المسلمين.
قال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي عام المملكة رحمه الله : «اختلاط الرجال بالنساء له ثلاث حالات:
الأولى: اختلاط النساء بمحارمهن من الرجال: وهذا لا إشكال في جوازه. الثانية: اختلاط النساء بالأجانب لغرض الفساد: وهذا لا إشكال في تحريمه. الثالثة: اختلاط النساء بالأجانب في دور العلم والحوانيت والمكاتب والمستشفيات والحفلات ونحو ذلك: فهذا في الحقيقة قد يظن السائل في بادئ الأمر أنه لا يؤدي إلى افتتان كل واحد من النوعين بالآخر، ولكشف حقيقة هذا القسم فإننا نجيب عنه من طريق مجمل ومفصل: أما المجمل فهو أن الله تعالى جبل الرجال على القوة والميل إلى النساء، وجبل النساء على الميل إلى الرجال مع وجود ضعف ولين، فإذا حصل الاختلاط نشأ عن ذلك آثار تؤدي إلى حصول الغرض السيئ؛ لأن النفس أمارة بالسوء والهوى يعمي ويصم، والشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر. وأما المفصل فالشريعة مبنية على المقاصد ووسائلها ووسائل المقصود الموصلة إليه لها حكمه، فالنساء مواضع قضاء وطر الرجال، وقد سد الشارع الأبواب المفضية إلى تعلق كل فرد من أفراد النوعين بالآخر. وينجلي ذلك بما نسوقه لك من الأدلة من الكتاب والسنة. أما الأدلة من الكتاب فستة:
الدليل الأول: قال تعالى: سورة يوسف الآية 23 { وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ } وجه الدلالة: أنه لما حصل اختلاط بين امرأة عزيز مصر وبين يوسف عليه السلام ظهر منها ما كان كامنًا فطلبت منه أن يواقعها ولكن أدركه الله برحمته فعصمه منها، وذلك في قوله تعالى: سورة يوسف الآية 34{ فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } وكذلك إذا حصل اختلاط الرجال بالنساء اختار كل من النوعين من يهواه من النوع الآخر وبذل بعد ذلك الوسائل للحصول عليه.
الدليل الثاني: أمر الله الرجال بغض البصر وأمر النساء بذلك، فقال تعالى: سورة النور الآية 30 { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ } الآية. وجه الدلالة من الآيتين: أنه أمر المؤمنين والمؤمنات بغض البصر، وأمره يقتضي الوجوب، ثم بين تعالى أن هذا أزكى وأطهر، ولم يعف الشارع إلا عن نظر الفجأة؛ فقد روى الحاكم في [المستدرك] ، عن علي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: أحمد في [المسند] رقم (5 / 351، 353،357)، والدارمي في [السنن] (2 / 298)، والحاكم في [المستدرك] (2 / 212) و(3 / 133)، وأبو داود برقم (2149)، والترمذي برقم (2777)، والبيهقي في [السنن] (7 / 90)، وابن أبي شيبة في [المصنف] (2 / 324).( يا علي ، لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى، وليست لك الآخرة ) قال الحاكم بعد إخراجه: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في تلخيصه، وبمعناه عدة أحاديث. وما أمر الله بغض البصر إلا لأن النظر إلى من يحرم النظر إليهن زنا، فروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أحمد (2 / 276، 317، 329، 344، 359، 372، 411، 528، 535، 536)، والبخاري [فتح الباري] برقم (6612) ، ومسلم برقم (2657)، وأبو داود برقم (2152). العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطو متفق عليه، واللفظ لمسلم ، وإنما كان زنا؛ لأنه تمتع بالنظر إلى محاسن المرأة ومؤد إلى دخولها في قلب ناظرها فتعلق في قلبه فيسعى إلى إيقاع الفاحشة بها، فإذا نهى الشارع عن النظر إليها لما يؤدي إليه من المفسدة وهو حاصل في الاختلاط، فكذلك الاختلاط ينهى عنه؛ لأنه وسيلة إلى ما لا تحمد عقباه من التمتع بالنظر والسعي إلى ما هو أسوأ منه.
الدليل الثالث: الأدلة التي سبقت في أن المرأة عورة، ويجب عليها التستر في جميع بدنها؛ لأن كشف ذلك أو شيء منه يؤدي إلى النظر إليها، والنظر إليها يؤدي إلى تعلق القلب بها، ثم تبذل الأسباب للحصول عليها وكذلك الاختلاط.
الدليل الرابع: قال تعالى: سورة النور الآية 31{ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ }وجه الدلالة: إنه تعالى منع النساء من الضرب بالأرجل وإن كان جائزًا في نفسه؛ لئلا يكون ن سببًا إلى سمع الرجال صوت الخلخال فيثير ذلك دواعي الشهوة منهم إليهن، وكذلك الاختلاط يمنع لما يؤدي إليه من الفساد.
الدليل الخامس: قوله تعالى: سورة غافر الآية 19{ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ } فسرها ابن عباس وغيره: هو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم، ومنهم المرأة الحسناء وتمر به، فإذا غفلوا لحظها، فإذا فطنوا غض بصره عنها، فإذا غفلوا لحظ، فإذا فطنوا غض، وقد علم الله من قلبه أنه ود لو اطلع على فرجها وأنه لو قدر عليها لزنى بها. وجه الدلالة: أن الله تعالى وصف العين التي تسارق النظر إلى ما لا يحل النظر إليه من النساء بأنها خائنة فكيف بالاختلاط إذن.
الدليل السادس: أنه أمرهن بالقرار في بيوتهن، قال تعالى: سورة الأحزاب الآية 33 وَقَرْنَ فِي { بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } الآية. وجه الدلالة: أن الله تعالى أمر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرات المطهرات الطيبات بلزوم بيوتهن، وهذا الخطاب عام لغيرهن من نساء المسلمين، لما تقرر في علم الأصول: أن خطاب المواجهة يعم إلا ما دل الدليل على تخصـيصه، وليس هناك دليل يدل الخصوص، فإذا كن مأمورات بلزوم البيوت إلا إذا اقتضت الضرورة خروجهن فكيف يقال بجواز الاختلاط على نحو ما سبق؟! على أنه كثر في هذا الزمان طغيان النساء وخلعهن جلباب الحياء واستهتارهن بالتبرج والسفور عند الرجال الأجانب والتعري عندهم، وقل الوزاع ممن أنيط به الأمر من أزواجهن وغيرهم.
وأما الأدلة من السنة فإننا نكتفي بذكر عشرة أدلة:
1 - روى الإمام أحمد في [المسند] بسنده عن أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنها، أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني أحب الصلاة معك، قال: أحمد (6 / 371)، وابن خزيمة في [الصحيح] برقم (1689)، وابن حبان في [الصحيح] (2217)، وابن أبي شيبة (2 / 382، 385).( قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي قال: فأمرت فبني لها مسجد في أقصى بيت من بيوتها وأظلمه، فكانت والله تصلي فيه حتى ماتت ). وروى ابن خزيمة في صحيحه ،عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ابن خزيمة برقم (1691، 1692)، والطبراني في [المعجم] (2 / 35). إن أحب صلاة المرأة إلى الله في أشد مكان من بيتها ظلمة.
وبمعنى هذين الحديثين عدة أحاديث تدل على أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد.
وجه الدلالة أنه إذا شرع في حقها أن تصلي في بيتها، وأنه أفضل حتى من الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه، فلأن يمنع الاختلاط من باب أولى.
2- ما رواه مسلم والترمذي وغيرهما بأسانيدهم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: مسلم برقم (440)، وأبو داود برقم (678)، والترمذي برقم (224)، والنسائي في [المجتبى] برقم (821)، وابن ماجه في [السنن] برقم (1000)، وابن خزيمة في [الصحيح] برقم (1693)، والدارمي في [السنن] برقم (1272).( خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها ) قال الترمذي بعد إخراجه: حديث صحيح . وجه الدلالة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم شرع للنساء إذا أتين إلى المسجد فإنهن ينفصلن عن المصلين على حدة، ثم وصف أول صفوفهن بالشر والمؤخر منهن بالخيرية، وما ذلك إلا لبعد المتأخرات من الرجال عن مخالطتهم ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم، وذم أول صفوفهن لحصول عكس ذلك، ووصف آخر صفوف الرجال بالشر إذا كان معهم نساء في المسجد لفوات التقدم والقرب من الإمام وقربه من النساء اللائي يشغلن البال، وربما أفسدن عليه العبادة وشوشن النية والخشوع، فإذا كان الشارع توقع حصول ذلك في مواطن العبادة مع أنه لم يحصل اختلاط وإنما هو مقاربة ذلك فكيف إذا وقع الاختلاط؟!
3- روى مسلم في صحيحه، عن زينب زوجة عبد الله بن مسعود رضي الله عنها قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحمد (6 / 363) ، ومسلم برقم (443)، وابن خزيمة برقم (1680)، وابن حبان في صحيحه برقم (1212، 2215). ( إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبًا ) . وروى أبو داود في سننه، والإمام أحمد والشافعي في مسنديهما بأسانيدهم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أحمد (2 / 475) و(5 / 192،193)، وأبو داود برقم (565)، وابن خزيمة في [الصحيح] برقم (1679)، والدارمي برقم (1282)، وابن حبان برقم (2211، 2214). لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، ولكن ليخرجن وهن تفلات . قال ابن دقيق العيد : (فيه حرمة التطيب على مريدة الخروج إلى المسجد؛ لما فيه من تحريك داعية الرجال وشهوتهم، وربما يكون سببًا لتحريك شهوة المرأة أيضًا… قال: ويلحق بالطيب ما في معناه كحسن الملبس والحلي الذي يظهر أثره والهيئة الفاخرة، قال الحافظ ابن حجر : وكذلك الاختلاط بالرجال، وقال الخطابي في [معالم السنن]: التفل سوء الرائحة، يقال: امرأة تفلة: إذا لم تتطيب، ونساء تفلات) [إحكام الأحكام] (2 / 139). .
4 - روى أسامة بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أحمد (5 / 200،210)، والبخاري [فتح الباري] برقم (5069)، ومسلم برقم (2740، 2741)، والنسائي في [السنن الكبرى] كما في [تحفة الأشراف] (1 / 49)، وابن ماجه برقم (3998)، والبيهقي في [السنن] (7 / 91)، والترمذي برقم (2780). ( ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء ) رواه البخاري ومسلم . وجه الدلالة: أنه وصفهن بأنهن فتنة على الرجال فكيف يجمع بين الفاتن والمفتون؟! هذا لا يجوز. 5- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أحمد (3 / 19، 22، 61)، ومسلم برقم (2742)، والبيهقي (7 / 91)، والترمذي برقم (2191)، وابن ماجه برقم (4000)، وابن خزيمة برقم (1499). إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء رواه مسلم .
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باتقاء النساء، وهو يقتضي الوجوب فكيف يحصل الامتثال مع الاختلاط؟! هذا لا يمكن، فإذا لا يجوز الاختلاط.
6- روى أبو داود في [السنن] والبخاري في [الكنى] بسنديهما ،عن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري ، عن أبيه رضي الله عنه، أنه أبو داود برقم (5272). سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء: ( استأخرن؛ فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق فكانت المرأة تلتصق بالجدار، حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به ) . هذا لفظ أبي داود ، قال ابن الأثير في [النهاية في غريب الحديث]: (يحققن الطريق: أن يركبن حقها وهو وسطها). وجه الدلالة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا منعهن من الاختلاط في الطريق؛ لأنه يؤدي إلى الافتتان، فكيف يقال بجواز الاختلاط في غير ذلك؟!
7- روى أبو داود الطيالسي في سننه وغيره، عن نافع عن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بنى المسجد جعل بابًا للنساء وقال: ( لا يلج من هذا الباب من الرجال أحد ) .
وروى البخاري في [التاريخ الكبير] له، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن عمر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: البخاري في [التاريخ الكبير] (1 / 60)، وأبو داود برقم (462،571)،والطيالسي في [السنن] برقم (1829). ( لا تدخلوا المسجد من باب النساء ) . وجه الدلالة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم منع اختلاط الرجال بالنساء في أبواب المساجد دخولًا، وخروجًا، ومنع أصل اشتراكهما في أبواب المسجد؛ سدًا لذريعة الاختلاط، فإذا منع الاختلاط في هذه الحالة ففيما سوى ذلك من باب أولى.
8- روى البخاري في صحيحه، عن أم سلمة رضى الله عنها قالت: البخاري [فتح الباري] برقم (849)، وأبو داود برقم (1040)، والنسائي في [المجتبى] (3 / 67)، وابن ماجه في [السنن] برقم (919). ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته قام النساء حين يقضي تسليمه، ومكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكانه يسيرًا ) .
وفي رواية ثانية له: ( كان يسلم فتنصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وفي رواية ثالثة: (كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله، فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال ) . وجه الدلالة: أنه منع الاختلاط بالفعل، وهذا فيه تنبيه على منع الاختلاط في غير هذا الموضع.
9 - روى الطبراني في [المعجم الكبير] عن معقل بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الطبراني في [الكبير] (20 / 213)، وابن أبي شيبة في [المصنف] (4 / 341) موقوف.( لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له ) قال الهيثمي في [مجمع الزوائد]: رجاله رجال الصحيح، وقال المنذري في [الترغيب والترهيب]: رجاله ثقات.
10- وروى الطبراني أيضًا من حديث أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الطبراني، كما في [مجمع الزوائد] (4 / 326) وقال : فيه علي بن يزيد وهو ضعيف جدًا. لأن يزحم رجل خنزيرًا متلطخًا بطين وحمأة خير له من أن يزحم منكبه منكب امرأة لا تحل له .
وجه الدلالة من الحديثين: أنه صلى الله عليه وسلم منع مماسة الرجل للمرأة بحائل وبدون حائل إذا لم يكن محرمًا لها؛ لما في ذلك من الأثر السيئ، وكذلك الاختلاط يمنع لذلك، فمن تأمل ما ذكرناه من الأدلة تبين له: أن القول بأن الاختلاط لا يؤدي إلى فتنة إنما هو بحسب تصور بعض الأشخاص، وإلا فهو في الحقيقة يؤدي إلى فتنة، ولهذا منعه الشارع؛ حسمًا لمادة الفساد، ولا يدخل في ذلك ما تدعو إليه الضرورة وتشتد الحاجة إليه ويكون في مواضع العبادة، كما يقع في الحرم المكي والحرم المدني. نسأل الله تعالى أن يهدي ضال المسلمين، وأن يزيد المهتدي منهم هدى، وأن يوفق ولاتهم لفعل الخيرات وترك المنكرات والأخذ على أيدي السفهاء، إنه سميع قريب مجيب. وصلى الله على محمد وآله وصحبه .
مفتي الديار السعودية.
انظر: فتاوى اللجنة الدائمة (2/81-93).
فقد ذكر سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله ستة عشر دليلاً على تحريم الاختلاط، فمن الأدلة غير ما ذكره: الدليل السابع عشر: قوله تعالى:{ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وقلوبهن }.
الدليل الثامن عشرة: حديث عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَا رَسُولَ الله أَفَرَأَيْتَ الحَمْوَ قَالَ الحَمْوُ المَوْتُ» متفق عليه.
الدليل التاسع عشر: حديث ابن مسعود عَنِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «المَرْأَةُ عَوْرَةٌ فَإِذَا خَرَجَتِ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ» أخرجه الترمذي بسند صحيح.
فمن تأمل تلك الأحاديث وما للاختلاط من الآثار السلبية المترتبة عليه لا يتردد في تحريمه لغير ضرورة أو حاجة شرعية.
ومن الآثار السلبية للاختلاط: ضعفُ الحجاب، والوقوعُ في التبرج من بعض النساء ؛ فإن المرأة ضعيفة، يستشرفها الشيطان إذا خرجت بين الرجال، كما أخبر بذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأما ما يستدل به بعضهم فباحة الاختلاط بأن الطواف بالبيت مختلط.
والجواب عن هذه الشبهة: أن الاختلاط الواقعَ اليوم في الطوافِ غيرُ جائز.
والطواف بالبيت لم يكن مختلطاً زمنَ النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. فالنساء يطفن وحدهن دون الرجال.
وهذا ظاهر في أن النساءَ في مناسك الحج كنَّ على هيئةِ الجماعة، بعيدات عن الرجال، وقد حصل شيء من الاختلاط بعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنكره الخليفة.
قال ابن حجر في فتح الباري (3/480).: «روى الفاكهي من طريق زائدة عن إبراهيم النخعي قال:: نهى عمر أن يطوف الرجال مع النساء، قال: فرأى رجلاً معهن فضربه بالدرَّة».
وسُئل عطاءُ ابنُ أبي رباح - التابعيُ الثقة - عن اختلاطِ نساءِ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالرجال في الطواف فقال: « لَمْ يَكُنَّ يُخَالِطْنَ كَانَتْ عَائِشَةُ- رَضِيَ الله عَنْهَا- تَطُوفُ حَجْرَةً مِنَ الرِّجَالِ لَا تُخَالِطُهُمْ» [رواه البخاري برقم (812)، وأبو داود برقم (1040)، والنسائي في [المجتبى] (3 / 67)، وابن ماجه في [السنن] برقم (919)]
ومعنى حجرة: أي معتزلة في ناحية، أما الواقع فالواجب إصلاحه بما أمدنا الله جل وعلا من وسائل وإمكانات.
وأما استدلال بعض مجيزي الاختلاط بمداواة الجرحى في الجهاد في سبيل الله زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والجواب: أن المداواة هنا للضرورة، أما الرجال فالجيش بأمس الحاجة إليهم في قتال الكفار.
قال ابنُ حجر في الفتحِ تعليقاً على حديث مداواة الجرحى: «وفيه جوازُ معالجةِ المرأة الأجنبية الرجلَ الأجنبيَ للضرورة.
قال ابن بطال: ويختص ذلك بذوات المحارم، ثم بالمُتجالات منهن، لأن موضعَ الجرحِ لا يلتَذُّ بلمسه، بل يَقشعر منه الجلد، فإن دعت الضرورة لغير المتجالات فليكن بغير مباشرة، ولا مس»" أهـ كلامُ ابنِ بطال نقلاً عن فتح الباري(6/80)
والفتوى الثانية ، فتوى الإمام عبد العزيز بن باز- رحمه الله-، وهذا نص السؤال: ما رأي سماحتكم في تطبيب المرأة للرجل في مجال طب الأسنان، هل يجوز ؟ علماً بأنه يتوافر أطباء من الرجال في نفس المجال، ونفس البلد.
فأجاب الشيخ عبد العزيز بن باز: لقد سعينا كثيراً مع المسؤولين لكي يكون طب الرجال للرجال، وطب النساء للنساء، وأن تكون الطبيبات للنساء، والأطباء للرجال في الأسنان وغيرها، وهذا هو الحق ؛ لأن المرأة عورة وفتنة إلا من رحم الله، فالواجب أن تكون الطبيبات مختصات للنساء، والأطباء مختصين للرجال إلا عند الضرورة القصوى، إذا وجد مرض في الرجال ليس له طبيب رجل، فهذا لا بأس به، والله يقول: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ } [الأنعام: 119].
وإلا فالواجب أن يكون الأطباء للرجال، والطبيبات للنساء، وأن يكون قسم الأطباء على حدة، وقسم الطبيبات على حدة.
أو أن يكون مستشفى خاصاً للرجال، ومستشفى خاصاً للنساء حتى يبتعد الجميع عن الفتنة والاختلاط الضار.
هذا هو الواجب على الجميع، انتهت فتوى الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله.
ورد في فتوى اللجنة الدائمة في جوابها على استفتاء مدير جامعة الملك سعود، عن حكم تدريس الرجل للطالبات؟
الفتوى رقم (13947).
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء على ما ورد إلى سماحة الرئيس العام من معالي مدير جامعة الملك سعود، والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (432) في 25/ 5/ 1411هـ وقد سأل معاليه سؤالاً هذا نصه:
تعلمون سماحتكم أن جامعة الملك سعود تستوعب العدد الأكبر من الطالبات، مقارنة بغيرها من جامعات المملكة، حيث تضم أكثر من (11000) طالبة؛ وذلك انطلاقاً من حاجة هذا البلد لإتاحة الفرصة للطالبات في مواصلة تعليمهن، ولما للعلم من أهمية للمرأة المسلمة.
ولسد حاجة هذا البلد من المهن التي تحتاجها المرأة، والاستغناء عن ظاهرة استقدام الأجنبيات؛ لتجنب السلبيات الناتجة عن ذلك، وكذلك لتوفير التعليم للطالبات السعوديات داخل المملكة؛ حتى لا يضطررن إلى السفر خارجها، والدارسة في بيئات مختلفة العقيدة والعادات والثقافة، وحرصاً منا على سلامة منهج الجامعة، ورغبة في أن تتم جميع أمورها في إطار من نظرة الإسلام الخالدة للإنسان، وتنظيمه لشؤون حياته كلها، واستكمالاً للمفاهمة مع سماحتكم حول بعض المشكلات التي تواجهها الجامعة في تدريس الطالبات، ومنها تدريس المقررات العلمية والطبية ومواد الدراسة العليا، والمواد الأخرى التي يصعب فيها شرح تلك العلوم بواسطة الدائرة التلفزيونية ؛ حين أن المحاضرة تكون معتمدة على تجارب حيوية يصعب توصيلها بالصورة، مثل مادة التشريح وغيرها، إلى جانب السلبيات الكثيرة التي بدت للجامعة، من التدريس بواسطة التلفاز، ولما يرافقه من مشكلات، منها متعلقة بالتشغيل، فكثيراً ما ينقطع الإرسال، أو يشوش على الطالبات، مما يتأثر به الجدول الدراسي، إذ تتداخل المحاضرات، ومنها تشويش الطالبات بعضهن على بعض أثناء هذه المحاضرة، وعدم إيلائهن المحاضر الاهتمام الكافي، وصعوبة ضبط الفصل، وخاصة بالنسبة للمشرفات، وهن قلة في الجامعة، إلى جانب التكاليف الكبيرة في إنشاء أماكن البث والاستقبال، وهي كثيرة لكثرة أعداد الطالبات، والمتاعب الوفيرة في الصيانة، وصعوبة استقدام الفنيين المؤهلين بمرتبات عالية، أو التعاقد مع شركات الصيانة الباهظة الثمن، مما يكلف الجامعة الكثير، وحيث إن ذلك كله حادث بسبب قلة عضوات هيئة التدريس وندرتهن، وعدم تمكن كثير منهن من الحضور إلى المملكة في الأوقات المحددة، إلى جانب عدم الثقة المطلقة بمن يستقدمن من الخارج، وخاصة الأجنبيات اللاتي تختلف ديانتهن وأخلاقهن، وعاداتهن عما نسير عليه في هذا البلد الآمن، الأمر الذي يستدعي أن تكثف الجهود لتخريج عضوات هيئة تدريس سعوديات مؤهلات، لتولي مهام التدريس للطالبات في المستقبل، وحتى نتمكن من الوصول إلى هذه المرحلة إن شاء الله، بزمن قصير؛ لا بد من تمهيد الطريق إلى تلك المرحلة، بإعادة النظر في تدريس الطالبات بما يتفق، ونظر الشرع الكريم، سواء في المرحلة الجامعية أو ما بعد المرحلة الجامعية، وحيث أن ديننا الإسلامي كما تعلمون سماحتكم يتميز ولله الحمد عن الأديان الأخرى باليسر المتمثل في قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } [التغابن:16].
فإننا نعرض على سماحتكم هذه المشكلة، ونود أن تفيدونا وفقكم الله برأيكم الشرعي في إمكانية أن يقوم عضو هيئة التدريس الرجل، (في حالة الضرورة التي لا يتوافر فيها مدرسات) بتدريس الطالبات مباشرة، على أن يكنّ هؤلاء الطالبات محجبات حجاباً كاملاً، أو متنقبات تظهر أعينهن فقط؛ من أجل متابعة الشرح على السبورة، وخاصة من هن في نهاية المقاعد، وكما يحدث عند الوعظ في المساجد، مع وضع الضوابط الكافية لحسن اختيار عضو هيئة التدريس من حيث نزاهته واستقامته، ومراقبة الطالبات مراقبة صارمة، من حيث المحافظة على الحجاب، والاحتشام الكامل، ومعاقبة المخالفات منهن بالحرمان من الامتحان، أو الطرد من الجامعة إذا تكررت مخالفتهن، وغير ذلك من ضوابط يمكن أن تبحث عند تطبيق هذا النظام.
إننا نعتقد أن سماحتكم يشاركنا المشكلة التي يتعرض لها تعليم البنات في جامعة الملك سعود، كما نعتقد أنكم حريصون على مصلحة هذه الأمة، نساءً ورجالاً، ومن هذا المنطلق فاتحنا سماحتكم بهذه الفكرة، راجين التكرم بالنظر فيها بما يحقق المصلحة للجميع، سائلين الله أن يثيبكم، وأن يوفقكم لخير الدارين، إنه سميع مجيب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء، أجابت بأنه لا يجوز للرجل تدريس البنات مباشرة، لما في ذلك من الخطر العظيم والعواقب الوخيمة.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
كتبه :
أسامة بن عطايا العتيبي
والنقل عن البيضاء
http://www.albaidha.net/vb/showthread.php?t=21257