خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    ( مسألة في العصمة )

    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية ( مسألة في العصمة )

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 22.07.09 7:13

    العلّامة ابن عثيمين شرح هذا الدعاء في كتابه الشرح الممتع وإليك نص الشرح :

    شرح الاستفتاح الوارد في حديث أبي هريرة: «اللَّهُمَّ باعِدْ بيني وبين خَطاياي...».

    ما المقصود بكل لفظ من هذه الألفاظ الواردة في الدعاء باعد - نقني - اغسلني

    Embarassed

    العلّامة ابن عثيمين شرح هذا الدعاء في كتابه الشرح الممتع وإليك نص الشرح :

    شرح الاستفتاح الوارد في حديث أبي هريرة: «اللَّهُمَّ باعِدْ بيني وبين خَطاياي...».


    ثَبَتَ في «الصحيحين» من حديث أبي هريرة قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كَبَّرَ للصلاة سكت هُنيَّةً» ومِن حِرْصِ أبي هريرة على العِلم بشهادةِ النبي صلى الله عليه وسلم له حين قال له: يا رسول الله، مَنْ أسعدُ النَّاسِ بشفاعتِكَ يومَ القيامةِ؟ قال: «لقد ظَنَنتُ - يا أبا هريرة - أن لا يسألَنِي عن هذا الحديث أحدٌ أوَّلُ منك، لِمَا رأيتُ مِن حرصِك على الحديثِ. ثم قال: أسعدُ النَّاسِ بشفاعتِي يومَ القيامةِ: مَنْ قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه» .

    أنه لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم يسكتُ بين التكبيرِ والقراءة، عَلِمَ أنه لا بُدَّ أن يقول شيئاً، لأنَّ الصلاة ليس فيها سكوتٌ مطلقٌ فقال: «أرأيتَ سكوتَك بين التكبير والقراءةِ؛ ما تقولُ؟» وكلمة «ما تقول» تدلُّ على أنه يعتقد أنه يقول شيئاً؛ لأنه لم يقل: هل أنت ساكتٌ؟

    قال: أقول: «اللَّهُمَّ باعِدْ بيني وبين خَطَايَاي كما باعدت بين المشرق والمغرب» ومعناه: أنه سأل الله أن يُباعد بينه وبين خطاياه؛ كما باعَدَ بين المشرقِ والمغربِ، والمباعدة بين المشرق والمغرب هو غاية ما يبالغ فيه النَّاسُ، فالنَّاسُ يبالغون في الشيئين المتباعدين إمَّا بما بين السماء والأرض، وإما بما بين المشرقِ والمغربِ، ومعنى «باعِدْ بيني وبين خَطَاياي» أي: باعِدْ بيني وبين فِعلِها بحيث لا أَفْعَلُها، وباعِدْ بيني وبين عقوبِتها.

    وقوله: «اللَّهُمَّ نقِّني مِن خطاياي كما يُنقَّى الثوبُ الأبيضُ مِن الدَّنس»، هذه الجملةُ تدلُّ على أنَّ المرادَ بذلك الخطايا التي وقعت منه، لأنه قال: «نقِّني منها كما يُنقَّى الثوبُ الأبيضُ مِن الدَّنس». أي: كما يُغسل الثوبُ الأبيضُ إذا أصابه الدَّنس فيرجع أبيض، وإنما ذَكَرَ الأبيضَ؛ لأن الأبيض هو أشدُّ ما يؤثِّر فيه الوسخ؛ بخلاف الأسود، ولهذا في أيام الشتاء الثياب السوداء تبقى شهراً أو أكثر، لكن الأبيض لا يبقى أسبوعاً إلا وقد تدنَّسَ، فلهذا قال: «كما يُنقَّى الثوبُ الأبيضُ مِن الدَّنَسِ» وهذا ظاهرٌ أنه في الذُّنوب التي فَعَلَهَا يُنقَّى منها، وبعد التنقية قال: «اللَّهُمَّ اغسلْنِي مِن خطاياي بالماءِ والثَّلجِ والبَرَدِ».


    إذاً؛ فالذي يظهر: أنَّ الجملةَ الأُولى في المباعدة، أي: أن لا أفعلَ الخطايا، ثم إن فَعلتُها فنقِّني منها، ثم أزِلْ آثارَها بزيادة التطهير بالماء والثَّلجِ والبَرَدِ، فالماء لا شَكَّ أنه مطهِّرٌ، لكن الثَّلجُ والبَرَدُ مناسبته هنا أنَّ الذُّنوب آثارها العذابُ بالنَّارِ، والنَّارُ حارَّة، والحرارةُ يناسبها في التنقية منها الشيء البارد، فالماء فيه التنظيف، والثَّلجُ والبَرَدُ فيهما التبريدُ.هذا هو معنى حديث أبي هريرة ، وبقي أن يُقال: هل الخطأ يقع مِن النبي صلى الله عليه وسلم؟

    الجواب: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ اُغسلْنِي مِن خطاياي» فأضاف الخطايا إلى نفسِه، وكان يقول: «اللَّهُمَّ اُغفِرْ لي ذنبي كُلَّه، دِقَّهُ وجِلَّهُ، وأوَّلَه وآخره، وعَلانيته وسِرَّه» وقال الله تعالى: )فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ) (محمد:19) وقال الله)لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ)(الفتح: من الآية2)ولكن الشأن كلُّ الشأن هل الذُّنوب هذه تبقى أم لا؟

    الجواب:


    لا، فالنبي صلى الله عليه وسلم معصومٌ مِن الإِقرارِ على الذَّنبِ، ومغفورٌ له، بخلاف غيره، فإنه يذنب، وقد يُقَرُّ على ذلك ويستمرُّ في معصيته، وقد لا يُغفر له، أما النبي صلى الله عليه وسلم فلا بُدَّ أن يُنبَّه عليه مهما كان الأمر: )يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التحريم:1)

    هذا هو فَصْلُ الخطاب في هذه المسألة التي تنازعَ النَّاسُ فيها، لكن هناك مِن الذنوب ذَنْبٌ لا شَكَّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم معصومٌ منه، وهو الكذبُ والخيانة؛ لأنه لو قيل بجواز ذلك عليه؛ لكان في ذلك قَدْحٌ في رسالته عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، فلا يمكن أن يقعَ منه.


    كذلك أيضاً معصوم مما يُخلُّ بأصل العبادة وأصلِ الأخلاق، كالشِّركِ، وكسفاسف الأخلاق مثل الزِّنا وشبهه، لكن الخطايا التي بينه وبين ربِّه هذه قد تقعُ منه ولكنها خطايا صغيرة تُكَفَّر، وقد غَفَرَ اللَّهُ له ما تقدَّم مِن ذَنْبِه وما تأخَّر.

    قلتُ: ذلك؛ لأن بعض العلماء رحمهم الله قالوا: إن كلَّ شيء وَصَفَ النبي صلى الله عليه وسلم نفسَه به من الذُّنوبِ فالمراد ذنوبُ أُمَّتِه؛ لا ذنبه هو؛ لأنه هو لا يُذنب، وكلُّ خطيئة أضافها لنفسه فالمراد خطايا أُمَّتِه


    ولا شَكَّ أن هذا قول فيه ضعف؛ لأن الله قال: (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِين)َ(محمد:19) فإن العطف يقتضي المغايرة

    وليس في ذلك أيُّ قَدْح في أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم يقعُ منه الذُّنوب الصغيرة، ولكنه لا يُقَرُّ عليها، ثم هو مغفورٌ له، وما أكثر ما يكون الإِنسان منَّا بعد المعصية خيراً منه قبلها، وفي كثير من الأحيان يخطئ الإِنسان ويقع في معصية، ثم يَجدُ مِن قلبِه انكساراً بين يدي الله وإنابةً إلى الله، وتوبةً إليه حتى إن ذَنْبَه يكون دائماً بين عينيه يندم عليه ويستغفر

    وقد يرى الإِنسانُ نفسَه أنه مطيع، وأنه من أهل الطاعة فيصير عنده من العُجب والغرور وعدم الإِنابة إلى الله ما يفسد عليه أمر دينه، فالله حكيم قد يبتلي الإِنسان بالذنب ليُصلح حالَه، كما يبتلي الإِنسانَ بالجوع لتستقيم صحَّته. وهل حصل لآدم الاجتباء إلا بعد المعصية والتوبة منها.

    كما قال: )ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى) (طـه:122) أي: بعد أن أذنبَ وتابَ؛ اُجتباه ربُّه فتاب عليه وهداه، واُنظر إلى الذين تخلَّفوا في غزوة تبوك ماذا حصل لهم؟ لا شَكَّ أنه حصل لهم من الإِيمان، ورِفْعَةِ الدرجات، وعلوِّ المنزلة ما لم يكن قبل ذلك، وهل يمكن أن تنزل آيات تُتلى إلى يوم القيامة في شأنهم لولا أنهم حصل منهم ذلك ثم تابوا إلى الله؟



    والنقل
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=39432

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 2:39