بسم الله الرحمن الرحيم
وقفات مع كتاب الشيخ علي الحلبي منهج السلف الصالح في أصول النقد والجرح والنصائح(1)
وقفات مع كتاب الشيخ علي الحلبي منهج السلف الصالح في أصول النقد والجرح والنصائح(1)
للشيخ / أسامة بن عطايا العتيبي
************
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فقد سبق أن وجهت نصيحة للشيخ علي الحلبي، وهي نصيحة مشفق ، راجٍ من الله
سبحانه وتعالى أن يكفي الشيخ علي الحلبي بطانة السوء ، ومن يدعي محبته وهو
يسعى في أذيته ، من مثل عماد طارق أبي العباس العراقي الذي سبق أن نبهت أن
في كلامه من المفاسد ومخالفة السلف الشيء الكثير ، وبينت أن هذا الرجل رجل سوء
و أرجو من الله – جل وعلا – أن يهدي الشيخ علي للحق والصواب وأن يجد
أذاناً صاغية لِمَا ذكرته في مقالي من النصيحة له ، لكن للأسف فتح المجال
لهذا المفتون ، وهو عماد طارق الذي خرج عن سَنَنِ أهل العلم ولا يلتزم
بقواعدهم ، كما سـأذكر طرفاً من هذا إن شاء الله تعالى في هذا المقال ،
وحيث إن مقال هذا العراقي قد ثُبِّتَ ، فيما يتعلق بما ذكرته عن الشيخ
مشهور ، ومخالفتهم قواعد أهل العلم في ذلك المقال مما يدل على أن الذين
كتبوا المقال ووافقوه ليسوا على شيء ، ويدل على هوى في بعض النفوس ، وجهل بالعلم الشرعي وبقواعد أهل العلم .
فأقول: إن الشيخ علياً الحلبي كتب كتابه ]منهج السلف الصالح في ترجيح المصالح وتطويح المفاسد والقبائح في أصول النقد و الجرح والنصائح ] وقد ذكرتُ سابقاً أن العنوان نفسه منتقد ، وفيه نظر فلأبدأ بمقدمة احترازية ثم مثال على موضع الانتقاد
المقدمة الاحترازية
إن منهج السلف واضح مقرر في كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم
وعمل السلف محفوظ في كتب العقيدة السلفية كتب السنة ، وبين الفينة والأخرى
يخرج بعض من يدعي السلفية ويخترع قواعد جديدة ينسبها إلى السلف ، فيقيض
الله أهل السنة للرد على أهل الباطل وبيان مخالفتهم للحق والهدى ، وهذا من
حفظ الله – جل وعلا – لدينه ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولمنهج الحق ،
الذي نسـأل الله – جل وعلا – أن يثبتنا عليه وأن يميتنا عليه ، فمن هؤلاء
عدنان عرعور الذي خرج على المسلمين بقواعد باطلة نسبها إلى السلف وإلى
منهج السلف ، وهو قطبي محترق كما سبق وأن ذكرت ذلك عنه ، وإن كنت أخشى ما
أخشاه أن يذهب ذلك النفر من أصحاب علي حسن مثل أبي العباس العراقي هذا
وغيره ، فيشكِكون فيما ينسب إلى عدنان عرعور من الأباطيل التي تكلم فيها
أو في بعضها الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله – والشيخ صالح الفوزان ، والشيخ
مقبل الوادعي ،والشيخ الألباني، والشيخ ربيع، والشيخ عبيد، والشيخ أحمد
النجمي، والشيخ زيدالمدخلي ، نحو عشرة مشايخ أو أكثر من أئمة أهل السنة
ردوا جملة من قواعد عدنان عرعور الفاسدة ثم وقع ما خشيته، وإذا بهم ينقلون
عن عدنان عرعور كلمات من مخادعات عدنان عرعور ومراوغاته، مموهين على الناس
أنه قد تاب من بدعه وأناب، ولعلي أفرد مقالاً مستقلاً في بيان مخالفات
عدنان السابقة والتي لم يعلن البراءة منها، وبيان تلبيسه فيما زعم من تراجع .
من تلك القواعد الفاسدة قاعدة : k]نصحح ولا نجرح] وهذه القاعدة فاسدة، دخيلة على المسلمين، وهي قاعدة بدعية ، أهل السنة
يلتزمون بالسنة قد يخطئ المخطئ ولكن لا ينسب قوله إلى السنة وإلى أهل السنة ، فهذا الرجل قعد قاعدة فاسدة سماها ]نصحح ولا نجرح] ، ولمّا نرى ثمرة هذه القاعدة نعرف مراده [ ومن ثمارهم تعرفونهم ] فيقول : [نصحح ولا نجرح]
فإذا رأى مبطلا قال: نصححه ولا نجرحه، فيزعمون نصيحته، ورغم إصراره على
البدعة والباطل لا يحذرون منه، ولا يحكمون عليه بما يستوجبه من الأحكام
الشرعية، إذا أين التحذير من أهل البدع في منهج السلف ؟ أين التحذيرات
النبوية من بعض المخطئين ؟ ، فقوله ]نصحح ولا نجرح ] باطل باطل باطل ، لأننا نصحح ونجرح [ جرح وتعديل
] وكتب أهل العلم طافحة بتجريح العُباد والزهاد والناس الذين لهم قدم صدق
في العلم والدين والفقه والتعليم ، يجرحون من يستحق التجريح ، المهم أن
يكون بعلم وعدل ، إذاً قضية تجريح من يستحق التجريح لا ينكرهاإلا ضال .
عدنان عرعور جاء بقاعدة ] نصحح ولا نجرح] وردها عليه أهل العلم ، ثم جاء المأربي وأراد أن ينقح هذه القاعدة
ويلبسها ثوباً جديدًا ، بحيث تكون مقبولة عند السلفيين ، أراد أن يمرر الباطل فجاء بقاعدة ] نصحح ولا نهدم ] لأن كلمة (نجرح) محتملة للهدم وغير الهدم، فاختار نوعا من التجريح وهو الهدم ، وقال[ نصحح ولا نهدم ] فهذه قاعدة باطلة ، لأن الذي يصدر منه خطأ عقدي يصر عليه ، مثل تكفير مرتكب الكبيرة تكفير الزاني شارب الخمر ، هذا خطأ واحد إذا أصر عليه خالف
فيه منهج السلف ، فهذا يصبح من الخوارج إذا كفر مرتكب الكبيرة ، فهذا نهدمه أي: نحكم عليه بالبدعة.
مثال آخر: رجل عدل، ثَبَتَ أنه كذاب أنه سارق أنه زانٍ ، ولم يتب، هل هذا
الخطأ نهدمه به فيصبح فاسقًا أم لا ؟ ، بإجماع العلماء أن الذي يصر على
الكبيرة فاسق ، يعمل الكبيرة ولا يتوب منها يصر عليها ويبقى أنه فاسق بلا
شك ولا نزاع ولاخلاف ، فكيف لو كان يدعوا لها ، فـقاعدة [نصحح ولا نهدم ]
تحسين لقاعدة عرعور ، وهي قاعدة باطلة ، وتحسينات المأربي لم تجد نفعًا ،
لأنها باطلة وقاعدة من أساسها فاسدة، إذا بارك الله فيكم هذا التحسين الثاني .
أقول هذه مقدمة احترازية لأني أخشى ما
أخشاه ، أن يكون مؤدى كتاب الشيخ علي الحلبي عند بعض الناس إلى تحسين هذه
القاعدة الفاسدة بدل نسفها ، أخشى هذا وحتى لا يغتر أحد ، أنا لا أقول إن
الشيخ علياً الحلبي يقول بها ، فهذا يحتاج إلى إثبات ، ولكن: انظروا إلى
كتاب الشيخ علي الحلبي بماذا عنونه قال ]منهج السلف الصالح في ترجيح المصالح وتطويح المفاسد والقبائح في أصول النقد والجرح والنصائح ] قضية التعديل لم يذكرها في العنوان ! ، مع أنها داخلة في النقد، ولكن
لأن كلمة النقد أصبحت تطلق غالباً على مايكون في القدح والجرح ، مع أن
النقد يشمل الجرح والتعديل ، كذلك كلمة جرح ، كذلك كلمة نصيحة ، والنصيحة
قد يُراد بها التعديل أيضا، لكن الأمر فيه احتمال لإضعاف شأن التعديل ،
فهذا الأمر ينبغي أن ينتبه له، فأي شخص يريد أن يستغل كتاب الشيخ علي
الحلبي لتمرير هذا الباطل عن قصد أو غير قصد ، فنحن نرد هذا التمرير ،
ونقول قاعدة k]نصحح ولا نجرح ] [ نصحح ولا نهدم] باطلة، وهي من قواعد الخلف الطالح .
فمن يعترض على النقد ويزعم أن فيه الخلل فقط ، ولا يعترض على التعديل بغير
حق ، ويسكت على التعديل مطلقاً دون النظر في خطئه وصوابه فكلامه فاسد
،فمثلاً عدنان عرعور، رجل فاسد المعتقد ، رجل مجروح جرحاً مفسراً مقنعاً،
مع ذلك نجد الشيخ علي الحلبي يطبق على عدنان عرعور قاعدة ]نصحح ولا نجرح ] و [ نصحح ولا نهدم
]مازال محافظًا على عدنان عرعور ، مع أنه رجل تكفيري! عنده كلام صريح في
وصف المجتمعات بأنها ليست مسلمة، ومن كلماته في ذلك: قوله في شريط ميزات
الدعوة: (يقول قائل: أنت حيرتنا! لا تقول: نكفر هذا المجتمع، ولا نقول:
مسلم؟!) ثم أجاب بقوله: (إي، نحن نقول: إنه مجتمع مسلم أفراده! أما كمجتمع: ليس بمسلم، كمجتمع، كبيئة!!أما كأفراد : نعم! مسلمون؛ لأننا لا نكفر الأفراد، والدليل على ذلك أن هذا المجتمع كمجتمع ليس بمسلم! )
ثم قال: (احسب نسبة المصلين فيه! واحسب نسبة الكاسيات العاريات بين
التقيات الورعات!! واحسب نسبة الذين يتعاطون الخمر والربا والقمار!!)
قال الشيخ عبدالمالك رمضاني في كتابه تخليص العباد من وحشية أبي القتاد الداعي إلى قتل النسوان وفلذات الأكباد(ص/369) : (إذن
فحساباته في رفض تسمية المجتمعات الإسلامية بالمسلمة تنطلق من كبائر
الذنوب، فهذا مذهب من؟ وإذا لم يجز أن يطلق عليها اسم الإسلام، فهل يقال:
إنها مجتمعات كافرة أماذا؟!! ثم من سبقه إلى هذه الفلسفة؟! فإنه ما زال
العلماء يعتبرون مجتمعات المسلمين مجتمعات مسلمة مهما بلغت ذنوبهم دون
الشرك؛ بل ومع وقوعهم في الشرك فلهم تفصيل معروف في مظانه، لكن الامتناع
من اعتبارها مسلمة لغلبة الكبائر عليها ما علمناه إلا من الخوارج أو المعتزلة)..
الشيخ علي يحارب التكفيريين ، ومع ذلك هو يحافظ على عدنان عرعور وهذا
تناقض ! ، فلو أن شخصاً يدعيّ السلفية والتحذير من التكفيريين ثم نراه
يمدح أسامة ابن لادن ! أو يمدح أيمن الظواهري ! ألا يشك في تحذيره من التكفير ؟ وهو يمدح كبار التكفيريين!! .
عدنان عرعور رجل فاسد قطبي ، فمن يحذر من سيد قطب أو يحذر من التكفير ،
ويمدح رجلاً مشهوراً بهذا ، ومقرراً عليه في كتبه وفي أشرطته ، فهذا شيء
عجيب وغريب ! ، فتعديل عدنان عرعور إنما يجري على هذه القاعدة الفاسدة ،
فأخشى أن يُسْتغل هذا العنوان وهذا الكتاب لتمرير هذه القاعدة الفاسدة ،
فأنا قلت هذه مقدمة احترازية ، أنا أقول لعل الشيخ علي الحلبي لا يعتقد
بهذه القاعدة ، ولا يقول بها ، لكن أخشى أن يأتي بعض أتباعه وبعض
المنتسبين إليه ، من يقرر هذه القاعدة بناءً على هذا الكتاب.
ومن العجائب التي أذكرها هنا أن أهل الفتنة والفساد من دعاة قاعدة: ]نصحح ولا نجرح]، وقاعدة: [نصحح ولا نهدم]
لا يعاملون السلفيين بهذه القاعدة، بل يسارعون إلى جرحهم وهدمهم، مع
الإصرار والترصد، فانظر إلى محاولات عدنان عرعور المستميتة لجرح الشيخ
ربيع، والتشهير به، مع أن عرعور صاحب القاعدة ومنظرها!!، وانظر إلى
محاولات مصطفى المأربي المستميتة لهدم الشيخ ربيع بالكذب والافتراء
والشائعات والتدليس والتلبيس، وهو صاحب قاعدة: ]نصحح ولا نهدم]
مما جعل السلفيين يتيقنون أن هذه القاعدة إنما أنشئت للدفاع عن أهل البدع
والضلال، ولإلزام عامة الناس بالرضا عن المبتدعة، وعدم التحذير منهم ...والتشهير بهم
[ يتبع ]