خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    النيل من احكام الليل

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية النيل من احكام الليل

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 01.05.09 9:24

    النيل من احكام الليل
    فاصل

    فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : اذا سمعتم نُباح الكلب بالليل أو نهاق الحمير فتعوذوا باللله فانهم يرون ما لا ترون.
    و أقلّوا الخروج اذا هدأت الرِّجل فان الله يبثُّ في ليله من خلقه ما يشاء.
    و أجيفوا الابواب و اذكروا اسم الله عليها فان الشيطان لا يفتح بابا أُجيف و ذُكر اسم الله عليه,
    و غطّوا الجرار و أكفِئُوا الانية و أوكوا القرب.
    اخرجه ابو يعلى في مسنده و صححه الاباني في سلسلته تحت رقم 3184 القسم الاول من المجلد السابع

    و لم ار من افرد حول هذا الموضوع رغم اهميته و انما هي حبات هنا و هناك في قعر الكتب الصفراء....
    بيد ان اكثر مما يشتكي منه بنو آدم مبثوث ذكره بين طيّات هذا الحديث المبارك...

    و منذ فترة كانت تراودني نفسي القاصرة لجمع شمل هذه الاحكام في رسالة مستقلة يستفيد منها طالب العلم و من دونه....حتى افترشت بفراش سوف و التحفت بلحاف لعل و ايقظني بكاء السماء و تنور الارض فاستعنت برب الثقلين محتسبا الاجر و الثواب من عنده لا غير....
    و لا يعني هذا و لا ذاك انها جمعت فحوت و اغنت و استغنت فهي بوابة و بعدها ابواب....
    و لولا المفاوز بيني و بين مكتبتي لكانت على خير....و الفضل لله تعالى وحده.

    مدخل:

    النباح هو صوت الكلب و احيانا يطلق ذلك على الظبي و التيس و الحية في حال من الاحوال و الظبي اذا اسنّ و نبتت لقرونه شُعَبٌ نبح قاله ابن منظور في لسانه.

    و الامر بالاستعاذة لا يتعلق بحاسة السمع فحسب كما هو منقول بنص الحديث _اذا سمعتم_ فالاصم و من في حكمه له نفس الحكم حيث كانت العواقب عامة فلا فرق بين اصم و صحيح فالكلب و الحمار و النباح و النهاق لا يكونا الا بمرور الشياطين...

    و الشيطان بطبعه لا يفرّق بين صحيح و عليل فالكل عنده من بني آدم و عندما كان الغالب على بني آدم عمل حاسة السمع قال صلى الله عليه و سلم – اذا سمعتم _ ثم هذا السمع للصحيح و النظر للعليل ليس عاما في جميع الاوقات و انما هو مخصوص بالليل فقط. و لذا لم يتعبدنا الله تعالى بان نستعيذ منه على وجه الخصوص عند سماع نباح او نهاق الكلب و الحمار اثناء انتشار الناس في ضوء النهار....

    بيد ان الانسان فقير محتاج دوما الى عون الله تعالى و الاستعاذة به و لولا العون و العوذ لكان له شأن آخر..

    ثم هو أي الانسان لا يكون عبدا لله تعالى عبدا شرعيا لا قدريا الا ان كانت حياته كلها طلب العون و الاستعاذة بخالقه سواء تلفظ بهذا او لم يتلفظ ناهيك ان هناك احكاما يتحتّم على الانسان ان يتلفظ بالاستعاذة و هي كثيرة في كتب الاذكار و منها على سبيل الذكر لا الحصر قوله تعالى _اذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم –
    و لذا من البدع المحدثة التلفظ بالاستعاذة عند صوت الكلب او الحمار في ضوء النهار لان تخصيص ما هو عام او تعميم ما هو خاص ما لم يقم على تخصيصه او تعميمه دليل من الكتاب او السنة ابتداع في الدين....

    و الا لما كان له معنى لفظ الليل في حديث جابر و حاشا لرسول الله صلى الله عليه و سلم ان يتلفظ بما هو سدى....

    ثم اخذنا حكم نهيق الحمار و تخصيصه من حديث ابو هريرة كما في صحيح البخاري و مسلم فقال:
    اذا سمعتم صياح الديكة بالليل فاسلوا الله تعالى من فضله و ارغبوا اليه فانها رأت ملكا و اذا سمعتم نهيق الحمار بالليل فتعوذوا بالله من الشيطان فانه رأى شيطانا.
    ففي حديث جابر ان نباح الكلب او نهيق الحمار باللي لا يكون الا عندما يرون ما لا نراه بينما حديث ابو هريرة يوضّح و يفسّر من هو ذاك الذي لا نراه....

    و من الاول قوله تعالى كما في سورة الاعراف:
    يبني آدم لا يفتننكم الشيطان كما اخرج ابويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما انه يراكم هو و قبيله من حيث لا ترونهم انا جعلنا الشياطين اولياء للذين لا يؤمنون.

    و لذا كان على المسلم الاحتراز التام من عدوِّ غير مرئيّ و الحيلولة دون الاقتراب مه بحال من الاحول فعندما تشعر بمروره يلزمك طلب العوذ من الله تعالى كما في حديثنا هذا و عندما تشعر بتشخيص بصره نحو عورتك فليزمك بوضع ساتر بينك و بينه كساتر قوله تعالى – و اذا قرأت القرآن جعلنا بينك و بين الذين لا يؤمنون بالاخرة حجابا مستورا_ و كفعل خاتم الرسل صلى الله عليه و سلم مع ام جميل و كنت ذكرت ذلك في رسالة مستقلة...

    فعن انس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ستر ما بين اعين الجن و عورات بني آدم ان يقول الرجل المسلم اذا اراد ان يطرح ثيابه: بم الله الذي لا اله الا هو. صححه الالباني في اروائه.

    ثم و عند خروجك من عشّك من بيتك يلزمك ان تنحّي الشيطان عنك فقال صلى الله عليه و سلم من حديث انس كما في سنن ابي داود و الترمذي و النسائي و صححه جمع من اهل العلم كالحاكم و الذهبي حسنه الترمذي...

    قال:من قال:_يعني اذا خرج من بيته_باسم الله توكلت و لا حول و لا قوة الا بالله يُقال له:كُفيت و وُقيت و هُديت و تنحّى عنه الشيطان.

    ثم اذا دخل الخلاء يعوذه ان يلتجئ الى خالقه و يطلب منع العوذ فعن انس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه و سلم كما في الصحيحين كان يقول عند دخول الخلاء: اللهم اني اعوذ بك من الخبث و الخبائث.

    و كذلك عند دخول المسجد يلزمه الاستعاذة من الشيطان و لو تتّبعت اماكن الاستعاذة من الشيطان التي تعبدنا الله تعالى بها لطال بنا المقام....

    فانت و في الصلاة و عند تلاوتك للقران و دخولك بيت الله و غير ذلك....يلزمك الابتعاد عن الشيطان و حزبه و اني لاتعجب من اناس ينتسبون الى سلفنا الصالح همهّم المقرون و شغلهم الشاغل ان ينطق الشيطان على لسان المريض الملبوس الممسوس!!! فكل السبل تحثك ايها المسلم على الابتعاد عن الشيطان و دربه و ذاك المعالج و اقرانه ديدنهم الاقتراب منه!!!

    ثم يبنون احكاما و يستنتجون ابحاثا من فيه _ صدقك و هو كذوب_ و بعد هذا تراهم يعاملون بني جنسهم تحت منظار – صدقك و هو كذوب- و حظي الاول أي الشيطان ب- كذبك و هو صدوق- او – صدقك و هو صدوق- و انها لاحدى الكبر!!!

    عود على بدء:

    الحكم الاول ان تستعيذ بالله تعالى من الشيطان عند سماع السميع او رؤية العليل نباح الكلب او نهاق الحمار في الليل....

    و الحكم الاخر نأخذه من حديث ابي هريرة المذكور آنفا: اذا سمعتم صياح الديكة بالليل فاسلوا الله تعالى من فضله و ارغبوا اليه فانها رأت ملكا...

    و سؤال الله تعالى له موجبات و موانع فمن موجباته حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال و هو أي الحديث موقوف في حكم المرفوع و صححه الالباني تحت رقم3204
    : اذا اراد احدكم ان يسأل فليبدأ بالمدحة و الثناء على الله بما هو اهله ثم ليصل على النبي صلى الله عليه و سلم ثم ليسأل بعد فانه اجدر ان ينجح.

    و يؤيده حديث عبد الله كما هو عند الترمذي حسن صحيح:
    كنت اصلي و النبي صلى الله عليه و سلم و ابو بكر و عمر معه فلما جلست بدأت بالثناء على الله ثم الصلاة على النبي ثم دعوت لنفسي فقال النبي : سل تعطه,سل تعطه.

    ثم فضل الله تعالى كبير فاختر منه اعظمه و اكبره...
    فعن عرباض بن سارية كما في تاريخ البخاري و صححه الالباني تحت رقم3972:
    ان النبي صلى الله عليه و سلم قال: اذا سألتم الله فسلوه الفردوس....الحديث.
    و منها رؤية الله تعالى متعنا الله و اياكم برؤياه.....

    و الحكم الثالث:

    قوله صلى الله عليه و سلم: و أقلّوا الخروج اذا هدأت الرِّجل فان الله يبثُّ في ليله من خلقه ما يشاء.

    الاقلال الا للضرورة بالخروج ليلا عندما تهدؤا ارجل بني آدم عادة لا عرفا و لا شياطين الانس فالعبرة بالانس فان شياطين الانس لا تهدؤا لهم رجلا طوال الليل فبين اللهو و الفجور و الزنى و شرب الخمور نسأل الله تعالى السلامة...

    هذا و يؤيده حديث جابر كما عند الحميدي و صححه الالباني تحت رقم 3454
    قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: كفّفوا صبيانكم عند فحمة العشاء و اياكم و السمر بعد هدأة الرِّجل فانكم لا تدرون ما يبثّ الله من خلق؟فاغلقوا الاباب و اطفئوا المصباح و اكفئوا الاناء و اوكوا السقاء.

    و كذلك عند البغوي في شرح السنة عن جابر مرفوعا: لا ترسلوا فواشيكم و صبيانكم اذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء.

    و في رواية الشيخان :اذا كان جُنحُ الليل فكفُوا صبيانكم فان الشياطين تنتشر حينئذ فاذا ذهبت ساعة من العشاء فخلوهم.
    و زاد الامام احمد بسند صحيح: فان للجن انتشارا و خطفة.

    و فحمة العشاء هو شدة سواد الليل و ذلك يكون في اول الليل قاله اهل اللغة.
    و الفواشي : كل شيء ينتشر من المال كالغنم و الابل السائمة و هي جمع فاشية قاله الالباني
    جنح الليل: اذا اقبل ظلامه قال الطيبي : جنح الليل طائفة منه و اراد به هنا الطائفة الاولى منه عند امتداد فحمة العشاء.

    قوله صلى الله عليه و سلم: و أجيفوا الابواب و اذكروا اسم الله عليها فان الشيطان لا يفتح بابا أُجيف و ذُكر اسم الله عليه.
    اجيفوا: قال ابن منظور :اجاف الباب أي رده عليه.
    لا بدّ ان يتححق امران اثنان اغلاق الباب اولا و التسمية ثانيا و الا فالشيطان يلج...
    و هنا لفتة لطيفة يلزمنا الوقوف عندها قليلا و للمتأمل في جميع النصوص لير ان الاخذ بالاسباب شرع و دين.....
    فلا ينفكّ سبب الدنيوي عن سبب الايماني و لذا كان قوله تعالى كما في سورة الانفال ( و اعدوا لهم ما استطتم من قوة و من رباط الخيل....)
    يتضمن الاعداد المادي و المعنوي....

    ثم كان في سورة مريم لخير دليل فقال تعالى:
    ( و هزي اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا)
    فالمراة في وضع مخاض و طبيعة بنيتها ضعيفة فهي وهنٌ على وهنٍ و مع هذا كلّفها المولى بهز جذع النخلة و هذا لا يستطيعه رجل بله اقوى الرجال!!!
    و الهز هذا محفوف بقوله تعالى(فاتقوا الله ما استطتم) و عندها ( لا يكلف الله نفسا الا وسعها) و ما هذا و لا ذاك الا هو عين الاخذ بالاسباب و طلب عون المسبب.....


    الحكم الخامس و السادس و السابع

    قوله صلى الله عليه و سلم: و غطّوا الجرار و أكفِئُوا الانية و أوكوا القرب
    و في رواية لاحمد : غطوا الاناء و اوكوا السقاء فان في السنة ليلة ينزل فيها وباء لا يمر باناء لم يغط و لا سقاء لم يوك الا وقع منه من ذلك الوباء. صححه الالباني: 3076
    و في رواية لمسلم: خمروا آنيتكم و اذكروا اسم الله و لو ان تعرض عليه شيئا.
    اوكوا بفتح الهمزة و ضم الكاف من الايكاء القاء بكسر السين أي شدوا و اربطوا رأس السقاء بالوكاء و هو ما يشد به القربة

    اكفئوا: أي اقلبوه....قاله صاحب تحفة الاحوذي.
    و يعني هذا انه لا يستحب ترك ما يؤكل او يشرب مكشوفا....فطبق الصحن يغطى بمثله و ووعاء الشرب يشد على رأسه و لو كانت التغطية و الشد شكليّ لقوله صلى الله عليه و سلم كما في مسلم عن ابو حميد الساعدي قال:
    اتيت النبي بقدح لبن من النقيع ليس محمرا فقال: الا خمرته؟ و لو تعرض عليه عودا...
    قال ابو حميد: انما امر بالاسقية ان توكأ ليلا و بالابواب ان تغلق ليلا.
    و هذا ما شرحناه آنفا عندما تحدثنا عن الاخذ بالاسباب....فمن البديهي ان العود لا يستوعب فوهة الوعاء و لكنه يمنع وصول الوباء اليه....و كل هذا لان العبد عمل ما بوسعه....فلو وجد ما يغطي جميع فوهة الاناء للزمه ذلك...
    ثم هذا خاص بالليل لذاك الوباء....

    و قال النووي رحمه الله:
    ذكر العلماء للامر بالتغطية فوائد منها:
    1- صيانته من الشيطان فان الشيطان لا يكشف غطاء و لا يحل سقاء
    2- صسانته من الوباء الذي ينزل في ليلة من السنة
    3- صيانته من النجاسة و المقذرات
    4- صيانته من الحشرات و الهوام

    هذا و ذكر النووي ناقلا عن غيره بما في مضمونه ان التغطية ليست مخصوصة بوقت من الاوقات و هذا لم نراه في احاديث النبي صلى الله عليه و سلم فيبقى الامر مقصور على الليل لا غير و الله تعالى اعلم و احكم.

    ثم في روايم البخاري: ...و اطفئوا المصباح فان الفويسقة ربما جرت الفتيلة فاحرقت اهل البيت.

    و مثل هذا حديث ابن عباس كما عند ابو داود و ابن حبان و الحاكم قال:
    جاءت فأرة تجر الفتيلة فالقتها بين يدي رسول الله على الخمرة التي كان قاعدا عليها فاحرقت منها مثل موضع الدرهم فقال: اذا نمتم فاطفئوا سرجكم فان الشيطان يدل مثل هذه على هذا فيحرقكم.

    و هذا لا ينطبق الا القناديل و الشمع مما تستطيعه الفويسقة....
    هذا و جملة القول تتضمن علاجا قبل حلول المرض و التواء الجذع فمن اشتكى فلذة كبده فلا يلومن الا نفسه و من اشتكى مسّا او لبسا فلا يلومنّ الا نفسه و من شكى مرضا او وباء فلا يلومنّ الا نفسه....

    و نسأل الله تعال العافية و السلامة لنا و لكم اللهم آمين.

    والنقل
    لطفــــاً .. من هنـــــــــــــــــــا

      الوقت/التاريخ الآن هو 14.11.24 19:17