خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    شروح أهل العلم لحديث " الدين النصيحة"

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية شروح أهل العلم لحديث " الدين النصيحة"

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 26.05.08 10:32

    والآن مع نخبة من العلماء في شرح حديث
    " الدين النصيحة "

    1** الإمام النووي في شرح صحيح مسلم الإمام مسلم ؛ كتاب الإيمان -باب بيان أن الدين النصيحة * حدّثنا مُحمّدُ بْنُ عَبّادٍ الْمَكّيّ: حَدّثَنَا سُفْيَانُ. قَالَ: قُلْتُ لِ سُهَيْلٍ: إِنّ عَمْرا حَدّثَنَا عَنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِيكَ. قَالَ: وَرَجَوْتُ أَنْ يُسْقِطَ عَنّي رَجلاً. قَالَ فَقَالَ: سَمِعْتُهُ مِنَ الّذِي سَمعَهُ مِنْهُ أَبِي. كَانَ صَدِيقَا لَهُ بِالشّامِ. ثُم حَدّثَنَا سُفْيَان، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ تَمِيمٍ الدّارِيّ أَنّ النّبِيّ r قَالَ: "الدّينُ النّصِيحَةُ" قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: "لله وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامّتِهِمْ". ** قال الإمام النووي : فيه (عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي r قال: الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) ... هذا حديث عظيم الشأن وعليه مدار الإسلام كما سنذكره من شرحه، وأما ما قاله جماعات من العلماء أنه أحد أرباع الإسلام أي أحد الأحاديث الأربعة التي تجمع أمور الإسلام فليس كما قالوه، بل المدار على هذا وحده، وهذا الحديث من أفراد مسلم، وليس لتميم الداري في صحيح البخاري عن النبيّ r شيء ولا له في مسلم عنه غير هذا الحديث، .... وأما شرح هذا الحديث، فقال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله: النصيحة كلمة جامعة معناها حيازة الحظ للمنصوح له، قال: ويقال هو من وجيز الأسماء ومختصر الكلام، وليس في كلام العرب كلمة مفردة يستوفى بها العبارة عن معنى هذه الكلمة، كما قالوا في الفلاح ليس في كلام العرب كلمة أجمع لخير الدنيا والاَخرة منه، قال وقيل: النصيحة مأخوذة من نصح الرجل ثوبه إذا خاطه، فشبهوا فعل الناصح فيما يتحراه من صلاح المنصوح له بما يسده من خلل الثوب، قال وقيل: إنها مأخوذة من نصحت العسل إذا صفيته من الشمع، شبهوا تخليص القول من الغش بتخليص العسل من الخلط، قال: ومعنى الحديث عماد الدين وقوامه النصيحة، كقوله: الحج عرفة أي عماده ومعظمه عرفة. وأما تفسير النصيحة وأنواعها فقد ذكر الخطابي وغيره من العلماء فيها كلاما نفيسا أنا أضم بعضه إلى بعض مختصرا، قالوا: 1 * أما النصيحة لله تعالى فمعناها منصرف إلى الإيمان به، ونفي الشريك عنه، وترك الإلحاد في صفاته، ووصفه بصفات الكمال والجلال كلها، وتنزيهه سبحانه وتعالى من جميع النقائص، والقيام بطاعته، واجتناب معصيته، والحب فيه والبغض فيه، وموالاة من أطاعه، ومعاداة من عصاه، وجهاد من كفر به، والاعتراف بنعمته وشكره عليها، والإخلاص في جميع الأمور، والدعاء إلى جميع الأوصاف المذكورة والحث عليها، والتلطف في جميع الناس أو من أمكن منهم عليها. قال الخطاب رحمه الله: وحقيقة هذه الإضافة راجعة إلى العبد في نصحه نفسه، فالله تعالى غني عن نصح الناصح. 2 * وأما النصيحة لكتابه سبحانه وتعالى فالإيمان بأنه كلام الله تعالى وتنزيله لا يشبهه شيء من كلام الخلق، ولا يقدر على مثله أحد من الخلق، ثم تعظيمه وتلاوته حق وتلاوته وتحسينها والخشوع عندها وإقامة حروفه في التلاوة والذب عنه لتأويل المحرفين وتعرض الطاعنين والتصديق بما فيه، والوقوف مع أحكامه، وتفهم علومه وأمثاله، والاعتبار بمواعظه، والتفكر في عجائبه، والعمل بمحكمه، والتسليم لمتشابهه، والبحث عن عمومه وخصوصه وناسخه ومنسوخة، ونشر علومه والدعاء إليه وإلى ما ذكرنا من نصيحته. 3* وأما النصيحة لرسول الله r فتصديقه على الرسالة، والإيمان بجميع ما جاء به، وطاعته في أمره ونهيه، ونصرته حيا وميتا، ومعاداة من عاداه وموالاة من والاه، وإعظام حقه وتوقيره، وإحياء طريقته وسنته، وبث دعوته ونشر شريعته ونفي التهمة عنها واستثارة علومها، والتفقه في معانيها والدعاء إليها، والتلطف في تعلمها وتعليمها وإعظامها وإجلالها، والتأدب عند قراءتها، والإمساك عن الكلام فيها بغير علم، وإجلال أهلها لانتسابهم إليها، والتخلق بأخلاقه والتأدب بآدابه، ومحبة أهل بيته وأصحابه، ومجانية من ابتدع في سنته أو تعرض لأحد من أصحابه ونحو ذلك. 4 * وأما النصيحة لأئمة المسلمين فمعاونتهم على الحق وطاعتهم فيه وأمرهم به، وتنبيهم وتذكيرهم برفق ولطف، وإعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين، وترك الخروج عليهم، وتألف قلوب الناس لطاعتهم. قال الخطابي رحمه الله: ومن النصيحة لهم الصلاة خلفهم، والجهاد معهم، وأداء الصدقات إليهم، وترك الخروج بالسيف عليهم إذا ظهر منهم حيف أو سوء عشرة، وأن لا يغروا بالثناء الكاذب عليهم، وأن يدعى لهم بالصلاح، وهذا كله على أن المراد بأئمة المسلمين الخلفاء وغيرهم ممن يقوم بأمور المسلمين من أصحاب الولايات وهذا هو المشهور. وحكاه أيضا الخطابي ثم قال: وقد يتأول ذلك على الأئمة الذين هم علماء الدين، وأن من نصيحتهم قبول ما رووه، وتقليدهم في الأحكام، وإحسان الظن بهم. 5 * وأما نصيحة عامة المسلمين وهم من عدا ولاة الأمر فإرشادهم لمصالحهم في آخرتهم ودنياهم وكف الأذى عنهم، فيعلمهم ما يجهلونه من دينهم، ويعينهم عليه بالقول والفعل، وستر عوراتهم، وسد خلاتهم، ودفع المضار عنهم وجلب المنافع لهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر برفق وإخلاص، والشفقة عليهم، وتوقير كبيرهم ورحمة صغيرهم، وتخولهم بالموعظة الحسنة، وترك غشهم وحسدهم، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه من الخير ويكره لهم ما يكره لنفسه من المكروه، والذب عن أموالهم وأعراضهم، وغير ذلك من أحوالهم بالقول والفعل، وحثهم على التخلق بجميع ما ذكرناه من أنواع النصيحة، وتنشيط هممهم إلى الطاعات، وقد كان في السلف رضي الله عنه من تبلغ به النصيحة إلى الإضرار بدنياه، والله أعلم. هذا آخر ما تلخص في تفسير النصيحة. قال ابن بطال رحمه الله في هذا الحديث: إن النصيحة تسمى دينا وإسلاما، وأن الدين يقع على العمل كما يقع على القول. قال: والنصيحة فرض يجزي فيه من قام به ويسقط عن الباقين. قال: والنصيحة لازمة على قدر الطاقة إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه ويطاع أمره وأمن على نفسه المكروه، فإن خشي على نفسه أذى فهو في سعة، والله أعلم.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: شروح أهل العلم لحديث " الدين النصيحة"

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 26.05.08 10:41

    2 - الإمام ابن حجر في فتح الباري البخاري في كتاب الإيمان باب: قول النبي r: (الدين النصحية: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم). وقوله تعالى: {إذا نصحوا لله ورسوله} التوبة: 91. * حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى، عن إسماعيل قال: حدثني قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله قال: بايعت رسول الله r على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم. قال ابن حجر ... من صنف في الأطراف وكذا من صنف في رجال البخاري لم يذكروا تميما الداري فيمن أخرج له وهو ثابت في جميع النسخ هنا وذكر البخاري من روايته حديثا في الإيمان لكن جعله ترجمة باب وهو الدين النصيحة وقد أخرجه مسلم من حديثه وليس له عنده غيره وقد تكلمت عليه هناك وذكرت من حديث أبي هريرة وغيره أيضا فلم يتعين المراد في تميم وهو بن أوس بن خارجة بن سواد اللخمي ثم الداري نسب الى بني الدار بن لخم وكان من أهل الشام ويتعاطى التجارة في الجاهلية وكان يهدي للنبي r فيقبل منه وكان إسلامه سنة تسع من الهجرة وقد حدث النبي r أصحابه وهو على المنبر عن تميم في قصة الجساسة والدجال وعد ذلك في مناقبه وفي رواية الأكابر عن الأصاغر وقد وجدت رواية النبي r عن غير تميم وذلك فيما أخرجه أبو عبد الله بن منده في معرفة الصحابة في ترجمة زرعة بن سيف بن ذي يزن فساق بسنده الى زرعة أن النبي rكتب اليه كتابا وفيه: وأن مالك بن مزرد الرهاوي قد حدثني أنك أسلمت وقاتلت المشركين فأبشر بخير.... الحديث . وكان تميم الداري من أفاضل الصحابة وله مناقب وهو أول من أسرج المساجد وأول من قضى على الناس أخرجهما الطبراني وسكن تميم بيت المقدس وكان سأل النبي r أن يقطعه عيون وغيرها إذا فتحت ففعل فتسلمها بذلك لما فتحت بزمن عمر، ذكر ذلك بن سعد وغيره ... ومات تميم سنة أربعين . ++ قوله باب قول النبي rالدين النصيحة... هذا الحديث أورده المصنف هنا ترجمة باب ولم يخرجه مسندا في هذا الكتاب لكونه على غير شرطه ؛ ونبه بإيراده على صلاحيته في الجملة وما أورده من الآية وحديث جرير يشتمل على ما تضمنه وقد أخرجه مسلم حدثنا محمد بن عباد حدثنا سفيان قال قلت لسهيل بن أبي صالح إن عمرا حدثنا عن القعقاع عن أبيك بحديث ورجوت أن تسقط عني رجلا أي فتحدثني به عن أبيك قال فقال سمعته من الذي سمعه منه أبي كان صديقا له بالشام وهو عطاء بن يزيد عن تميم الداري أن النبي r قال: الدين النصيحة قلنا لمن ؟ قال: لله عز وجل.... الحديث، رواه مسلم أيضا من طريق روح بن القاسم قال حدثنا سهيل عن عطاء بن يزيد أنه سمعه وهو يحدث أبا صالح فذكره ورواه بن خزيمة من حديث جرير عن سهيل أن أباه حدث عن أبي هريرة بحديث إن الله يرضى لكم ثلاثا الحديث قال فقال عطاء بن يزيد سمعت تميما الداري يقول فذكر حديث النصيحة وقد روى حديث النصيحة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة وهو وهم من سهيل أو ممن روى عنه لما بيناه قال البخاري في تاريخه لا يصح الا عن تميم ولهذا الاختلاف على سهيل لم يخرجه في صحيحه بل لم يحتج فيه بسهيل أصلا... وللحديث طرق دون هذه في القوة منها ما أخرجه أبو يعلى من حديث بن عباس والبزار من حديث بن عمر وقد بينت جميع ذلك في تعليق التعليق قوله: الدين النصيحة... يحتمل أن يحمل على المبالغة أي معظم الدين النصيحة كما قيل في حديث الحج عرفة ويحتمل أن يحمل على ظاهره لأن كل عمل لم يرد به عامله الإخلاص فليس من الدين وقال المازري النصيحة مشتقة من نصحت العسل إذا صفيته يقال نصح الشيء إذا خلص ونصح له القول إذا اخلصه له أو مشتقة من النصح وهي الخياطة المنصحة وهي الابرة والمعنى أنه يلم شعث اخية بالنصح كما تلم المنصحة ومنه التوبة النصوح كأن الذنب يمزق الدين والتوبة تخيطه قال الخطابي النصيحة كلمة جامعة معناها حيازة الحظ للنصوح له وهي من وجيز الكلام بل ليس في الكلام كلمة مفردة تستوفى بها العبارة عن معنى هذه الكلمة ... وهذا الحديث من الأحاديث التي قيل فيها أنها أحد ارباع الدين وممن عده فيها الإمام محمد بن أسلم الطوسي وقال النووي بل هو وحده محصل لغرض الدين كله لأنه منحصر في الأمور التي ذكرها : 1- فالنصيحة لله وصفه بما هو له أهل والخضوع له ظاهرا وباطنا والرغبة في محابه بفعل طاعته والرهبة من مساخطه بترك معصيته والجهاد في رد العاصين إليه وروى الثوري عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي ثمامة صاحب على قال قال الحواريون لعيسى عليه السلام يا روح الله من الناصح لله قال الذي يقدم حق الله على حق الناس 2- والنصيحة لكتاب الله تعلمه وتعليمه وإقامة حروفه في التلاوة وتحريرها في الكتابة وتفهم معانيه وحفظ حدوده والعمل بما فيه وذب تحريف المبطلين عنه. 3- والنصيحة لرسوله تعظيمه ونصره حيا وميتا واحياء سنته بتعلمها وتعليمها والاقتداء به في أقواله وافعاله ومحبته ومحبة أتباعه .. 4-والنصيحة لائمة المسلمين اعانتهم على ما حملوا القيام به وتنبيههم عند الغفلة وسد خلتهم عند الهفوة وجمع الكلمة عليهم ورد القلوب النافرة إليهم ومن أعظم نصيحتهم دفعهم عن الظلم بالتي هي أحسن ومن جملة أئمة المسلمين أئمة الاجتهاد وتقع النصيحة لهم ببث علومهم ونشر مناقبهم وتحسين الظن بهم .. 5-والنصيحة لعامة المسلمين الشفقة عليهم والسعي فيما يعود نفعه عليهم وتعليمهم ما ينفعهم وكف وجوه الأذى عنهم وأن يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه ... وفي الحديث فوائد أخرى منها أن الدين يطلق على العمل لكونه سمى النصيحة دينا وعلى هذا المعنى بني المصنف أكثر كتاب الإيمان ومنها جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب من قوله قلنا لمن ومنها رغبة السلف في طلب علو الإسناد وهو مستفاد من قصة سفيان مع سهيل. ~قلت : حديث " إن الله يرضى لكم ثلاثا ..." الذي أشار إليه ابن حجر رحمه الله ، وعزاه إلى ابن خزيمة؛ أخرج صدره : مسلم في كتاب الأقضية -باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة. والنهي عن منع وهات، وهو الامتناع من أداء حق لزمه أو طلب ما لا يستحقه * حدثني زهير بن حرب. حدثنا جرير عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله r (إن الله يرضى لكم ويكره لكم ثلاثا. فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا. وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا. ويكره لكم قيل وقال. وكثرة السؤال. وإضاعة المال). * وحدثنا شيبان بن فروخ. أخبرنا أبو عوانة عن سهيل، بهذا الإسناد، مثله. غير أنه قال: ويسخط لكم ثلاثا. ولم يذكر: ولا تفرقوا. * وحدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي. أخبرنا جرير عن منصور، عن الشعبي، عن وارد مولى المغيرة بن شعبة عن المغيرة بن شعبة، عن رسول الله r قال (إن الله عز وجل حرم عليكم عقوق الأمهات. ووأد البنات. ومنعا وهات. وكره لكم ثلاثا: قيل وقال. وكثرة السؤال. وإضاعة المال). * وحدثني القاسم بن زكرياء. حدثنا عبيدالله بن موسى عن شيبان، عن منصور، بهذا الإسناد، مثله. غير أنه قال: وحرم عليكم رسول الله r . ولم يقل: إن الله حرم عليكم. * حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا إسماعيل بن علية عن خالد الحذاء. حدثني ابن أشوع عن الشعبي. حدثني كاتب المغيرة بن شعبة. قال: كتب معاوية إلى المغيرة: اكتب إلي بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكتب إليه: أني سمعت رسول الله r يقول (إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال). * حدثنا ابن أبي عمر. حدثنا مروان بن معاوية الفزاري عن محمد بن سوقة. أخبرنا محمد بن عبيدالله الثقفي عن وارد. قال: كتب المغيرة إلى معاوية: سلام عليك. أما بعد. فإني سمعت رسول الله r يقول (إن الله حرم ثلاثا. ونهى عن ثلاث: حرم عقوق الوالد. ووأد البنات. ولا وهات. ونهى عن ثلاث: قيل وقال. وكثرة السؤال. وإضاعة المال). - مالك في الموطـأ ، حدثني مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة ان رسول الله r قال: ان الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا يرضى لكم ان تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ويسخط لكم قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال... - واحمد في المسند حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا خلف قال حدثنا خالد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال، قال رسول الله r :إن الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ويسخط لكم قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال. - البخاري في الأدب المفرد * حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة أن رسول الله r قال: ان الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ... قال الألباني : صـحـيـح -ورواه البيهقي في سننه ، وفيه قول عطاء سمع تميم الداري عن رسول الله r باب النصيحة لله ولكتابه ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم وما على الرعية من إكرام السلطان المقسط * أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الفقيه أنبأ حاجب بن أحمد الطوسي ثنا عبد الرحيم بن منيب ثنا جرير بن منيب ثنا جرير بن عبد الحميد أنبأ سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال، قال رسول الله r إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا رضي لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتمصوا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولي الله أمركم ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال... قال عطاء بن يزيد الليثي سمعت تميم الداري رضى الله تعالى عنه قال قال رسول الله r إن الدين النصيحة ثلاث مرات قالوا يا رسول الله لمن ؟ قال : لله ولكتابه ولأئمة المسلمين أو قل لأئمة المسلمين وعامتهم أخرج مسلم الحديث الأول في الصحيح عن زهير بن حرب وغيره عن جرير عودة إلى حديث : الديـــــــــــــــن النصيـــــــــــحة الإمام البيهقي في شعب الإيمان * أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو الفضل الحسين بن يعقوب بن يوسف العدل نا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الواعظ الزاهد نا موسى بن نصر نا جرير عن سهيل بن أبي صالح عن عطاء بن يزيد الليثي عن تميم الداري قال قال رسول الله r : الدين النصيحة.. الدين النصيحة... قيل لمن يا رسول الله ؟ قال: لله ولكتابه ولنبيه ولأئمة المسلمين وعامتهم.. - قال أبو عثمان فانصح للسلطان وأكثر له من الدعاء بالصلاح والرشاد بالقول والعمل والحكم فإنهم إذا صلحوا صلح العباد بصلاحهم وإياك أن تدعو عليهم باللعنة فيزدادوا شرا ويزداد البلاء على المسلمين ولكن ادع لهم بالتوبة فيتركوا الشر فيرتفع البلاء عن المؤمنين وإياك أن تأتيهم أو تتصنع لإتيانهم أو تحب أن يأتوك واهرب منهم ما استطعت ما داموا مقيمين على الشر فإن تابوا وتركوا الشر من القول والعمل والحكم وأخذوا الدنيا من وجهها فهناك فاحذر العز بهم لتكون بعيدا منهم قريبا بالرحمة لهم والنصيحة إن شاء الله وأما نصيحة جماعة المسلمين فإن نصيحتهم على أخلاقهم ما لم يكن لله معصية وانظر إلى تدبير الله فيهم بقليل فإن الله قسم بينهم أخلاقهم كما قسم بينهم أرزاقهم ولو شاء لجمعهم على قلب واحد فلا يغفل عن النظر إلى تدبير الله فيهم فإذا رأيت معصية الله أحمد الله إذ صرفها عنك في وقتك وتلطف في الأمر والنهي في رفق وصبر وسكينة فإن قبل منك فاحمد الله وإن رد عليك فاستغفر الله لتقصير منك كان في أمرك ونهيك واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور... ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم (مع زيادة آيات وأحاديث أشار إليها) عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي r قال : الدين النصيحة... قلنا لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.... هذا الحديث خرجه مسلم من رواية سهيل بن أبي صالح عن عطاء بن يزيد الليثي عن تميم الداري وقد روي عن سهيل وغيره عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي r ، وخرجه الترمذي من هذا الوجه فمن العلماء من صححه من الطريقين جميعا ومنهم من قال إن الصحيح حديث تميم والإسناد الآخر وهم ...وقد روي هذا الحديث عن النبي r من حديث ابن عمر ، وثوبان ، وابن عباس، وغيرهم... وقد ذكرنا في أول الكتاب عن أبي داود أن هذا الحديث أحد الأحاديث التي يدور عليها الفقه.. وقال الحافظ أبو نعيم : هذا الحديث له شأن عظيم... وذكر محمد بن أسلم الطوسي أنه أحد أرباع الدين... وخرجه الطبراني من حديث حذيفة بن اليمان عن النبي r قال: من لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ومن لم يمس ويصبح ناصحا لله ولرسوله ولكتابه ولإمامه ولعامة المسلمين فليس منهم... وخرج الإمام أحمد من حديث أبي أمامة عن النبي r قال: قال الله عز وجل أحب ما تعبدني به عبدي النصح لي ... وقد ورد في أحاديث كثيرة النصح للمسلمين عموما وفي بعضها النصح لولاة أمورهم وفي بعضها نصح ولاة الأمور لرعاياهم.. فأما الأول وهو النصح للمسلمين عموما ففي الصحيحين عن جرير بن عبدالله قال بايعت النبي r على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم.. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي r قال: حق المؤمن على المؤمن ست فذكر منها وإذا استنصحك فانصح له... وروي هذا الحديث من وجوه أخر عن النبي r قال إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصح له ...وأما الثاني وهو النصح لولاة الأمور ونصحهم لرعاياهم ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي r قال : إن الله يرضى لكم ثلاثا يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم. .. وفي المسند وغيره عن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن النبي r قال في خطبته بالخيف من منى: ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمر ولزوم جماعة المسلمين...وقد روى هذه الخطبة عن النبي r جماعة منهم أبو سعيد الخدري... وقد روي من حديث أبي سعيد بلفظ آخر خرجه الدارقطني في الأفراد بإسناد جيد ولفظه أن النبي r قال: ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم النصيحة لله ولرسوله ولكتابه ولعامة المسلمين ... وفي الصحيحين عن معقل بن يسار عن النبي r قال: ما من عبد يسترعيه الله رعية ثم لم يحطها بنصحه إلا لم يدخل الجنة وقد ذكر الله في كتابه عن الأنبياء عليهم السلام أنهم نصحوا لأممهم كما أخبر الله بذلك عن هود عليه السلام]أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ[(الأعراف : 68 ) نوح عليه السلام]أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ[(الأعراف : 62 ) وعن صالح عليه السلام:]فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ[(الأعراف : 79 ) وقال:] لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [ (التوبة : 91 ) يعني أن من تخلف عن الجهاد لعذر فلا حرج عليه بشرط أن يكون ناصحا لله ورسوله في تخلفه فإن المنافقين كانوا يظهرون الأعذار كاذبين ويتخلفون عن الجهاد من غير نصح لله ورسوله وقد أخبر النبي r أن الدين النصيحة فهذا يدل على أن النصيحة تشمل خصال الإسلام والإيمان والإحسان التي ذكرت في حديث جبريل عليه السلام وسمى ذلك كله دينا / مسلم ....وقال عبد الله: حدثني أبي عمر بن الخطاب، قال: بينما نحن عند رسول الله r ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب. شديد سواد الشعر. لا يرى عليه أثر السفر. ولا يعرفه منا أحد. حتى جلس إلى النبي r . فاسند ركبتيه إلى ركبتيه. ووضع كفيه على فخذيه. وقال: يا محمد! أخبرني عن الإسلام. فقال رسول الله r : "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله r . وتقيم الصلاة. وتؤتي الزكاة. وتصوم رمضان. وتحج البيت، إن استطعت إليه سبيلا" قال: صدقت. قال فعجبنا له. يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان. قال: "أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر. وتؤمن بالقدر خيره وشره" قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان. قال: "أن تعبد الله كأنك تراه. فإن لم تكن تراه، فإنه يراك". قال: فأخبرني عن الساعة. قال: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل" قال: فأخبرني عن أمارتها. قال: "أن تلد الأمة ربتها. وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء، يتطاولون في البنيان". قال ثم انطلق. فلبثت مليا. ثم قال لي: "يا عمر! أتدري من السائل؟" قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم". فإن النصح لله يقتضي القيام بأداء واجباته على أكمل وجوهها وهو مقام الإحسان فلا يكمل النصح لله بدون ذلك ولا يتأتى ذلك بدون كمال المحبة الواجبة والمستحبة ويستلزم ذلك الاجتهاد في التقرب إليه بنوافل الطاعات على هذا الوجه وترك المحرمات والمكروهات على هذا الوجه أيضا وفي مراسيل الحسن رحمه الله عن النبي r قال: أرأيتم لو كان لأحدكم عبدان فكان أحدهما يطيعه إذا أمره ويؤدى إليه إذا ائتمنه وينصح له إذا غاب عنه وكان الآخر يعصيه إذا أمره ويخونه إذا ائتمنه ويغشه إذا غاب عنه كانا سواء ؟ قالوا لا ..قال: فكذا أنتم
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: شروح أهل العلم لحديث " الدين النصيحة"

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 26.05.08 10:44

    عند الله عز وجل ، خرجه ابن أبي الدنيا... وخرج الإمام أحمد معناه من حديث أبي الأحوص عن أبيه عن النبي r - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان بن عيينة مرتين قال ثنا أبو الزعراء عمرو بن عمرو عن عمه أبي الأحوص عن أبيه قال : أتيت النبي r فصعد في النظر وصوب وقال: أرب إبل أنت أو رب غنم؟ قال: من كل قد آتاني الله فأكثر وأطيب.. قال: فتنتجها وافية أعينها وآذانها فتجدع هذه فتقول صرماء ثم تكلم سفيان بكلمة لم أفهمها وتقول بحيرة الله فساعد الله أشد وموساه أحد ولو شاء ان يأتيك بها صرماء أتاك... قلت: إلى ما تدعو ؟ قال: إلى الله وإلى الرحم... قلت: يأتيني الرجل من بني عمي فأحلف أن لا أعطيه ثم أعطيه. قال: فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير أرأيت لو كان لك عبدان أحدهما يطيعك ولا يخونك ولا يكذبك والآخر يخونك ويكذبك ؟ قال قلت :لا بل الذي لا يخونني ولا يكذبني ويصدقني الحديث أحب إلي. قال: كذاكم أنتم عند ربكم عز وجل -وقال الفضيل بن عياض الحب أفضل من الخوف ألا ترى إذا كان لك عبدان أحدهما يحبك والآخر يخافك فالذي يحبك منهما ينصحك شاهدا كنت أو غائبا لحبه إياك والذي يخافك عسى أن ينصحك إذا شهدت لما يخافك ويغشك إذا غبت ولا ينصحك. -قال عبد العزيز بن رفيع قال الحواريون لعيسى عليه الصلاة والسلام ما الخالص من العمل قال مالا تحب أن يحمدك الناس عليه قالوا فما النصح لله قال أن تبدأ بحق الله قبل حق الناس وإن عرض لك أمران أحدهما لله تعالى والآخر للدنيا بدأت بحق الله تعالى. -وقال الخطابي النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له قال وأصل النصح في اللغة الخلوص يقال نصحت العسل إذا خلصته من الشمع فمعنى النصيحة لله سبحانه صحة الاعتقاد في وحدانيته وإخلاص النية في عبادته والنصيحة لكتابه الإيمان به والعمل بما فيه والنصيحة لرسوله التصديق بنبوته وبذل الطاعة له فيما أمر به ونهي عنه والنصيحة لعامة المسلمين إرشادهم إلى مصالحهم انتهي -وقد حكى الإمام أبو عبدالله محمد بن نصر المروزي في كتابه تعظيم قدر الصلاة عن بعض أهل العلم أنه فسر هذا الحديث بما لا مزيد على حسنه ونحن نحكيه هاهنا بلفظه إن شاء الله تعالى: - قال محمد بن نصر قال بعض أهل العلم جماع تفسير النصيحة هي عناية القلب للمنصوح له كائنا من كان وهي على وجهين أحدهما فرض والآخر نافلة 1- فالنصيحة المفترضة لله هي شدة العناية من الناصح باتباع محبة الله في أداء مافترض ومجانبة ما حرم وأما النصيحة التي هي نافلة فهي إيثار محبته على محبة نفسه وذلك أن يعرض له أمران أحدهما لنفسه والآخر لربه فيبدأ بما كان لربه ويؤخر ما كان لنفسه فهذه جملة تفسير النصيحة لله الفرض منه وكذلك تفسير النافلة وسنذكر بعضه ليفهم بالتفسير من لا يفهم بالجملة فالفرض منها مجانبة نهيه وإقامة فرضه بجميع جوارحه ما كان مطيقا له فإن عجر عن الإقامة بفرضه لآفة حلت به من مرض أو حبس أو غير ذلك عزم على أداء ما افترض عليه متى زالت عنه العلة المانعة له قال الله عز وجل :] لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [ (التوبة : 91 ) فسماهم محسنين لنصيحتهم لله بقلوبهم لما منعوا من الجهاد بأنفسهم وقد ترفع الأعمال كلها عن العبد في بعض الحالات ولا يرفع عنهم النصح لله فلو كان من مرض بحال لا يمكنه عمل شيء من جوارحه بلسان ولا غيره غير أن عقله ثابت لم يسقط عنه النصح لله بقلبه وهو أن يندم على ذنوبه وينوي إن صح أن يقوم بما افترض الله عليه ويجتنب ما نهاه عنه وإلا كان غير ناصح لله بقلبه وكذلك النصح لله ولرسوله r فيما أوجبه على الناس عن أمر ربه ومن النصح الواجب لله أن لا يرضى بمعصية العاصي ويحب طاعة من أطاع الله ورسوله وأما النصيحة التي هي نافلة لا فرض فبذل المجهود بإيثار الله تعالى على كل محبوب بالقلب وسائر الجوارح حتى لا يكون في الناصح فضلا عن غيره لأن الناصح إذا اجتهد لم يؤثر نفسه عليه وقام بكل ما كان في القيام به سروره ومحبته فكذلك الناصح لربه ومن تنفل لله بدون الاجتهاد فهو ناصح على قدر عمله غير مستحق للنصح بكماله... 2- وأما النصيحة لكتابه فشدة حبه وتعظيم قدره إذ هو كلام الخالق وشدة الرغبة في فهمه وشدة العناية في تدبره والوقوف عند تلاوته لطلب معاني ما أحب مولاه أن يفهمه عنه أو يقوم به له بعد ما يفهمه وكذلك الناصح من العباد يفهم وصية من ينصحه إن ورد عليه كتاب من غني يفهمه ليقوم عليه بما كتب فيه إليه فكذلك الناصح لكتاب ربه يعني يفهمه ليقوم لله بما أمره به كما يحب ربنا ويرضي ثم ينشر ما فهم في العباد ويديم دراسته بالمحبة له والتخلق بأخلاقه والتأدب بآدابه... 3- وأما النصيحة للرسول r في حياته فبذل المجهود في طاعته ونصرته ومعاونته وبذل المال إذا أراده والمسارعة إلى محبته وأما بعد وفاته فالعناية بطلب سنته والبحث عن أخلاقه وآدابه وتعظيم أمره ولزوم القيام به وشدة الغضب والإعراض عمن يدين بخلاف سنته والغضب على من صنعها لأثرة دنيا وإن كان متدينا بها وحب من كان منه بسبيل من قرابة أو صهر أو هجرة أو نصرة أو صحبة ساعة من ليل أو نهار على الإسلام والتشبه به في زيه ولباسه .... 4- وأما النصيحة لأئمة المسلمين فحب صلاحهم ورشدهم وعدلهم وحب اجتماع الأمة عليهم وكراهة افتراق الأمة عليهم والتدين بطاعتهم في طاعة الله عز وجل والبغض لمن رأى الخروج عليهم وحب إعزازهم في طاعة الله عز وجل ... 5- وأما النصيحة للمسلمين فأن يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه ويشفق عليهم ويرحم صغيرهم ويوقر كبيرهم ويحزن لحزنهم ويفرح لفرحهم وإن ضره ذلك في دنياه كرخص أسعارهم وإن كان في ذلك فوات ربح ما يبيع في تجارته وكذلك جميع ما يضرهم عامة ويحب ما يصلحهم وألفتهم ودوام النعم عليهم ونصرهم على عدوهم ودفع كل أذى ومكروه عنهم... وقال أبو عمرو بن الصلاح النصيحة كلمة جامعة تتضمن قيام الناصح للمنصوح له بوجوه الخير إرادة وفعلا 1- فالنصيحة لله تعالى توحيده ووصفه بصفات الكمال والجلال وتنزيه عما يضادها ويخالفها وتجنب معاصيه والقيام بطاعته ومحابه بوصف الإخلاص والحب فيه والبغض فيه وجهاد من كفر به تعالى وما ضاهى ذلك والدعاء إلى ذلك والحث عليه 2- والنصيحة لكتابه الإيمان به وتعظيمه وتنزيهه وتلاوته حق تلاوته والوقوف مع أوامره ونواهيه وتفهم علومه وأمثاله وتدبر آياته والدعاء إليه وذب تحريف الغالين وطعن الملحدين عنه ... 3- والنصيحة لرسوله r قريب من ذلك الإيمان به وبما جاء به وتوقيره وتبجيله والتمسك بطاعته وإحياء سنته واستنشار علومه ونشرها ومعاداة من عاداه وموالاة من والاه ووالاها والتخلق بأخلاقه والتأدب بآدابه ومحبة آله وأصحابه ونحو ذلك ... 4- والنصيحة لأئمة المسلمين معاونتهم على الحق وطاعتهم فيه وتذكيرهم به وتنبيههم في رفق ولطف ومجانبة الوثوب عليهم والدعاء لهم بالتوفيق وحث الأغيار على ذلك... 5- والنصيحة لعامة المسلمين إرشادهم إلى مصالحهم وتعليمهم أمور دينهم ودنياهم وستر عوراتهم وسد خلاتهم ونصرتهم على أعدائهم والذب عنهم ومجانبة الغش والحسد لهم وأن يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه وما شابه ذلك انتهى ما ذكره ... ومن أنواع نصحهم دفع الأذى والمكروه عنهم وإيثار فقيرهم وتعليم جاهلهم ورد من زاغ منهم عن الحق في قول أو عمل بالتلطف في ردهم إلى الحق
    والرفق بهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومحبة إزالة فسادهم ولو بحصول ضرر له في دنياه كما قال بعض السلف وددت أن هذا الخلق أطاعوا الله وأن لحمي قرض بالمقاريض... وكان عمر بن عبد العزيز يقول ياليتني عملت فيكم بكتاب الله وعملتم به فكلما عملت فيكم بسنة وقع منى عضو حتى يكون آخر شيء منها خروج نفسي ... -ومن أنواع النصح لله تعالى وكتابه ورسوله وهو مما يختص به العلماء رد الأهواء المضلة بالكتاب والسنة على موردها وبيان دلالتهما على ما يخالف الأهواء كلها وكذلك رد الأقوال الضعيفة من زلات العلماء وبيان دلالة الكتاب والسنة على ردها ومن ذلك بيان ما صح من حديث النبي r ولم يصح منه بتبيين حال رواته ومن تقبل رواياته منهم ومن لا تقبل وبيان غلط من غلط من ثقاتهم الذين تقبل روايتهم ... -ومن أعظم أنواع النصح أن ينصح لمن استشاره في أمره كما قال r إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصح له وفي بعض الأحاديث إن من حق المسلم على المسلم أن ينصح له إذا غاب ومعنى ذلك أنه إذا ذكر في غيبة بالسوء أن ينصره ويرد عنه وإذا رأى من يريد أذاه في غيبته كفه عن ذلك فإن النصح في الغيب يدل على صدق الناصح فإنه قد يظهر النصح في حضوره تملقا ويغشه في غيبته .. -وقال الحسن إنك لن تبلغ حق نصيحتك لأخيك حتى تأمره بما يعجز عنه قال الحسن وقال بعض أصحاب النبي r والذي نفسي بيده إن شئتم لأقسمن لكم بالله إن أحب عباد الله إلى الله الذين يحببون الله إلى عباده ويحببون عباد الله إلى الله ويسعون في الأرض بالنصيحة -وقال فرقد السبخي قرأت في بعض الكتب المحب لله عز وجل أمير مؤمر على الأمراء زمرته أول الزمر يوم القيامة ومجلسه أقرب المجالس فيما هناك والمحبة فيما هناك والمحبة منتهى القربة والاجتهاد ولن يسأم المحبون من طول اجتهادهم لله عز وجل ويحبونه ويحبون ذكره ويحببون إلى خلقه يمشون بين خلقه بالنصائح ويخافون عليهم من أعمالهم يوم تبدو الفضائح أولئك أولياء الله وأحباؤه وصفوته أولئك الذين لا راحة لهم دون لقائه. -وقال ابن علية في قول أبي بكر المزني ما فاق أبو بكر رضي الله عنه أصحاب محمد r بصوم ولا صلاة ولكن بشيء كان في قلبه قال الذي كان في قلبه الحب لله عز وجل والنصيحة في خلقه ... -وقال الفضيل بن عياض رحمه الله ما أدرك عندنا من أدرك بكثرة الصلاة والصيام وإنما أدرك عندنا بسخاء الأنفس وسلامة الصدور والنصح للأمة ... -وسئل ابن المبارك أي الأعمال أفضل قال النصح لله -وقال معمر كان يقال أنصح الناس لك من خاف الله فيك وكان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد وعظوه سرا حتى قال بعضهم من وعظ أخاه فيما بينه وبينه فهي نصيحة ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما وبخه .. -وقال الفضيل بن عياض رحمه الله المؤمن يستر وينصح والفاجر يهتك ويعير -وقال عبد العزيز بن أبي رواد كان من كان قبلكم إذا رأى الرجل من أخيه شيئا يأمره في رفق فيؤجر في أمره ونهيه وإن أحد هؤلاء يخرق بصاحبه فيستغضب أخاه ويهتك ستره... - وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن أمر السلطان بالمعروف ونهيه عن المنكر فقال إن كنت فاعلا ولابد ففيما بينك وبينه... وقال الإمام أحمد رحمه الله ليس على المسلم نصح الذمي وعليه نصح المسلم وقال النبي rوالنصح لكل مسلم وأن تنصح لجماعة المسلمين وعامتهم . المناوي في فيض القدير - (الدين النصيحة) أي عماده وقوامه النصيحة على وزان الحج عرفة فبولغ في النصيحة حتى جعل الدين كله إياها وبقية الحديث كما في صحيح مسلم قالوا: لمن يا رسول اللّه قال: للّه وكتابه ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم قال بعضهم: هذا الحديث ربع الإسلام أي أحد أحاديث أربعة يدور عليها وقال النووي: بل المدار عليه وحده ولما نظر السلف إلى ذلك جعلوا النصيحة أعظم وصاياهم قال بعض العارفين: أوصيك بالنصح نصح الكلب لأهله فإنهم يجيعونه ويطردونه ويأبى إلا أن يحوطهم ويحفظهم وظاهر الخبر وجوب النصح وإن علم أنه لا يفيد في المنصوح ومن قبل النصيحة أمن الفضيحة ومن أبى فلا يلومن إلا نفسه (تنبيه) قال بعض العارفين: النصاح الخيط والمنصحة الأبرة والناصح الخائط والخائط هو الذي يؤلف أجزاء الثوب حتى يصير قميصاً أو نحوه فينتفع به بتأليفه إياه وما ألفه إلا لنصحه والناصح في دين اللّه هو الذي يؤلف بين عباد اللّه وبين ما فيه سعادتهم عند اللّه وبين خلقه وقال القاضي: الدين في الأصل الطاعة والجزاء والمراد به الشريعة أطلق عليها لما فيها من الطاعة والانقياد. - (تخ عن ثوبان) مولى النبي r (البزار) في مسنده (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح وقضية صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه أحد الشيخين وهو ذهول فقد عزاه هو نفسه في الدرر إلى مسلم من حديث تميم الداري وعزاه ابن حجر إلى مسلم وأبي داود وأحمد موصولاً وإلى البخاري معلقاً وعزاه النووي في الأذكار إلى مسلم.

    ابن بطال البكري القرطبي في شرح صحيح البخاري البخاري - باب قَوْلِ الرسول - r-: - الدِّينُ النَّصِيحَةُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ - وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة 91] - فيه: جَرِيرِ، قَالَ: تمت بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - r - عَلَى إِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ .. - فيه: أن جَرِيرًا قَامَ يَوْمَ مَاتَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَالْوَقَارِ وَالسَّكِينَةِ، حَتَّى يَأْتِيَكُمْ أَمِيرٌ، فَإِنَّمَا يَأْتِيكُمُ الآنَ، ثُمَّ قَالَ: اسْتَعْفُوا لأمِيرِكُمْ، فَإِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ الْعَفْوَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَتَيْتُ الرسول فقلت: أُبَايِعُكَ عَلَى الإسْلامِ، فَشَرَطَ عَلَىَّ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، فَبَايَعْتُهُ عَلَى هَذَا، وَرَبِّ هَذَا الْمَسْجِدِ إِنِّى لَنَاصِحٌ لَكُمْ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَنَزَلَ - . - معنى هذا الباب: أن النصيحة تسمى دينًا وإسلامًا، وأن الدين يقع على العمل كما يقع على القول ألا ترى أن رسول الله r بايع جريرًا على النصح، كما بايعه على الصلاة والزكاة، سوى بينهما فى البيعة ؟. وقد جاء عن الرسولr أنه سمى النصيحة دينًا على لفظ الترجمة. رواه ابن عيينة، عن سهيل بن أبى صالح، عن عطاء بن يزيد الليثى، عن تميم الدارى، قال: قال رسول اللهr : الدين النصيحة - قالها ثلاثًا. قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، عز وجل، ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم - . رواه ابن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبى صالح، عن أبى هريرة، عن النبى r . والنصيحة فرض يجزئ فيه من قام به، ويسقط عن الباقين،
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: شروح أهل العلم لحديث " الدين النصيحة"

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 26.05.08 10:45

    والنصيحة لازمة على قدر الطاقة إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه ويطاع أمره، وأمن على نفسه المكروه. وأما إن خشى الأذى فهو فى سعة منها. قال أبو بكر الآجرى: ولا يكون ناصحًا لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم إلا من بدأ بالنصيحة لنفسه، واجتهد فى طلب العلم والفقه، ليعرف به ما يجب عليه، ويعلم عداوة الشيطان له وكيف الحذر منه، ويعلم قبيح ما تميل إليه النفس حتى يخالفها بعلم. وروى الثورى عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبى ثمامة، وكان يقرأ الكتب، قال: قال الحواريون لعيسى ابن مريم: من الناصح لله تعالى؟ قال: الذى يبدأ بحق الله قبل حق الناس، فإذا عرض له أمران، أمر دنيا وآخرة، بدأ بعمل الآخرة، فإذا فرغ من أمر الآخرة تفرغ لأمر الدنيا. وقال الحسن البصرى: ما زال لله ناس ينصحون لله فى عباده، وينصحون لعباد الله فى حق الله عليهم، ويعملون له فى الأرض بالنصيحة، أولئك خلفاء الله فى الأرض. وقال الآجرى: والنصيحة لرسول الله على وجهين: فنصيحة من صَاحَبَهُ وشاهده، ونصيحة من لم يره.فأما صحابته، فإن الله شرط عليهم أن يعزروه ويوقروه وينصروه، ويعادوا فيه القريب والبعيد، وأن يسمعوا له ويطيعوا، وينصحوا كل مسلم، فَوَفُّوا بذلك وأثنى الله عليهم به. وأما نصيحة من لم يره: فأن يحفظوا سُنَّته على أمته وينقلوها ويعلموا الناس شريعته ودينه ويأمروهم بالمعروف وينهوهم عن المنكر، فإذا فعلوا ذلك فهم ورثة الأنبياء. وأما النصيحة لأئمة المسلمين: فهى على قدر الجاه والمنزلة عندهم، فإذا أمن من ضرهم فعليه أن ينصحهم، فإذا خشى على نفسه فحسبه أن يغير بقلبه، وإن علم أنه لا يقدر على نصحهم فلا يدخل عليهم، فإنه يغشهم ويزيدهم فتنة ويذهب دينه معهم. وقد قال الفضيل بن عياض: ربما دخل العالم على الملك ومعه شىء من دينه فيخرج وليس معه شىء، قيل له: وكيف ذلك؟ قال: يصدقه فى كذبه، ويمدحه فى وجهه. وقد روى الثورى، عن أبى حصين، عن الشعبى، عن عاصم العدوى، عن كعب بن عجرة، قال: خرج علينا رسول الله r قال: إنه سيكون بعدى أمراء فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس منى، ولست منه، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو منى، وأنا منه، وسيرد علىَّ الحوض . وأما نصيحة العامة بعضهم لبعض، فواجب على البائع أن ينصح للمشترى فيما يبيعه، وعلى الوكيل والشريك والخازن أن ينصح لأخيه، ولا يحب له إلا ما يحب لنفسه. وروى ابن عجلان عن عون بن عبد الله، قال: كان جرير إذا أقام السلعة بَصَّرهُ عيوبها، ثم خيره، فقال: إن شئت فاشتر، وإن شئت فاترك، فقيل له: إذا فعلت هذا لم ينفذ لك بيع، فقال: إنا بايعنا رسول اللهr على النصح لكل مسلم. وقال المهلب فى قول جرير: تمت عليكم بالسكينة والوقار - دليل أنه يجب على العَالِم إذا رأى أمرًا يخشى منه الفتنة على الناس، أن يعظهم فى ذلك ويرغبهم فى الألفة وترك الفرقة. وقوله: تمت حتى يأتيكم أمير - يعنى ليقوم بأمركم وينظر فى مصالحكم. وقوله: استعفوا لأميركم، فإنه كان يحب العفو - جعل الوسيلة له إلى عفو الله بالدعاء بأغلب خلال الخير عليه، وما كان يحبه فى حياته من العفو عن من أذنب إليه، وكذلك يجزى كل أحدٍ يوم القيامة بأحسن خلقه وعمله فى الدنيا. السيوطي في الديباج عن تميم الداري ليس له في مسلم غير هذا الحديث وهو من أفراده وليس له عند البخاري شيء الدين النصيحة قال الخطابي وهي كلمة جامعة معناها حيازة الحظ للمنصوح له وليس في كلام العرب كلمة مفردة يستوفي بها العبارة غير معناها كما أنه ليس في كلامهم كلمة أجمع لخير الدنيا والآخرة من لفظ الصلاح وأخذها من نصح الرجل ثوبه خاطه شبه فعل الناصح فيما يتحراه من صلاح المنصوح له بما يسنده من خلل الثوب وقيل من نصحت العسل إذا صفيته من الشمع شبه به تخليص القول من الغش ومعنى الحديث عماد الدين وقوامه النصيحة كقوله الحج عرفة أي عماده ومعظمه وقد قال العلماء إن هذا الحديث ربع الإسلام أي أحد أحاديث أربع يدور عليها قال النووي بل المدار عليه وحده.... لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم... قال العلماء: 1- النصيحة لله معناها الإيمان به ووصفه بما يجب له وتنزيهه عما لا يليق به وإتيان طاعته وترك معاصيه وموالاة من أطاعه ومعاداة من عصاه وجهاد من كفر به والاعتراف بنعمه والشكر عليها والإخلاص في جميع الأمور والدعاء إلى جميع الأوصاف المذكورة والتلطف في جميع الناس عليها قاله الخطابي وحقيقة هذه الأوصاف المذكورة راجعة إلى العبد في نصحه نفسه فإن الله غني عن نصح الناصح 2- والنصيحة لكتابه معناها الإيمان بأنه كلامه تعالى وتنزيله لا يشبهه شيء من كلام الخلق ولا يقدر على مثله أحد ثم تعظيمه وتلاوته حق تلاوته وتحسينها بالخشوع عندها وإقامة حروفه في التلاوة والذب عنه لتأويل المحرفين وطعن الطاعنين والتصديق بما فيه والوقوف مع أحكامه وتفهم علومه والاعتبار بمواعظه والتفكر في عجائبه والعمل بمحكمه والتسليم لمتشابهه والبحث عن عمومه وخصوصه وناسخه ومنسوخه ونشر علومه والدعاء إليه وإلى ما ذكرنا من نصيحته 3- والنصيحة لرسوله r تصديقه في الرسالة والإيمان بجميع ما جاء به وطاعته في أمره ونهيه ونصرته حيا وميتا وموالاة من والاه ومعاداة من عاداه وإعظام حقه وتوقيره وإحياء طريقته وسنته وبث دعوته ونشر شريعته ونفي التهمة عنها واستثارة علومها والتفقه في معانيها والدعاء إليها والتلطف في تعلمها وتعليمها وإعظامها وإجلالها والتأدب عند قراءتها والإمساك عن الكلام فيها بغير علم وإجلال أهلها لانتسابهم إليها والتخلق بأخلاقه والتأدب بآدابه ومحبة أهل بيته وأصحابه ومجانبة من ابتدع في سنته أو تعرض لأحد من أصحابه ونحو ذلك 4- والنصيحة لأئمة المسلمين معاونتهم على الحق وطاعتهم فيه وأمرهم به وتذكيرهم برفق ولطف وإعلامهم بما غفلوا عنه من حقوق المسلمين وترك الخروج عليهم وتألف قلوب الناس لطاعتهم والصلاة خلفهم والجهاد معهم وأداء الصدقات لهم وأن لا يطروا بالثناء الكاذب وأن يدعى لهم بالصلاح هذا على أن المراد بالأئمة الولاة وقيل هم العلماء فنصيحتهم قبول ما رووه وتقليدهم في الأحكام وإحسان الظن بهم 5- والنصيحة للعامة إرشادهم لمصالحهم في آخرتهم ودنياهم وكف الأذى عنهم وتعليمهم ما جهلوه وستر عوراتهم وسد خلاتهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر برفق والشفقة عليهم وتوقير كبيرهم ورحمة صغيرهم والذب عن أموالهم وأعراضهم وأن يحب لهم ما يحب لنفسه وحثهم على التخلق بجميع ما ذكر من أنواع النصيحة سمع جريرا يقول بايعت النبي rعلى النصح لكل مسلم وقد وفَّى جرير بذلك حتى أنه أمر مولاه أن يشتري له فرسا فاشترى له فرسا بثلاثمائة درهم وجاء به وبصاحبه لينقده الثمن فقال جرير لصاحب الفرس فرسك خير من ثلاثمائة ثم اشتراه منه بثمانمائة درهم فقيل له في ذلك فقال إني بايعت النبيrعلى النصح لكل مسلم أخرجه الطبراني فلقنني فيما استطعت بفتح التاء النصح يجوز رفعه وجره عطفا على السمع والطاعة ... ابن تيمية في الفتاوى الكبرى *** سُئِلَ شيخ الإسلام ـ رحمَهُ الله ـ عن قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا‏}‏ ‏[‏التحريم‏:‏ 8‏]‏... إيش معنى قوله‏:‏ ‏{‏نَّصُوحًا‏}‏‏؟‏ فأجاب‏:‏ الحمد لله، قال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ وغيره من الصحابة والتابعين ـ رضي الله عنهم ‏ التوبة النصوح‏:‏ أن يتوب من الذنب ثم لا يعود إليه، و‏(‏نصوح‏)‏ هي صفة للتوبة، وهي مشتقة من النصح والنصيحة‏.‏ وأصل ذلك هو الخُلُوص‏.‏ يقال‏:‏ فلان ينصح لفلان، إذا كان يريد له الخير إرادة خالصة لا غش فيها، وفلان يغشه، إذا كان باطنه يريد السوء، وهو يظهر إرادة الخير كالدرهم المغشوش، ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 91‏]‏ أي‏:‏ أخلصوا لله ورسوله قَصْدَهم وحبَّهم‏.‏ ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ‏:‏ ‏(‏الدين النصيحة، ثلاثا‏)‏ قالوا‏:‏ لمن يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم‏)‏‏.‏ فإن أصل الدين هو حُسْن النية، وإخلاص القصد؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ثلاث لايغِلُّ عليهن قلبُ مسلم‏:‏ إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمور، ولزوم جماعة المسلمين، فإن دعوتهم، تحيط من ورائهم‏)‏ أي‏:‏ هذه الخصال الثلاث لايحقد عليها قلب مسلم بل يحبها ويرضاها‏.‏ فالتوبة النصوح‏:‏ هي الخالصة من كل غش، وإذا كانت كذلك كائنة فإن العبد إنما يعود إلى الذنب لبقايا في نفسه، فمن خرج من قلبه الشبهة والشهوة لم يعد إلى الذنب، فهذه التوبة النصوح، وهي واجبة بما أمر الله ـ تعالى، ولو تاب العبد ثم عاد إلى الذنب، قَبِلَ الله توبته الأولي، ثم إذا عاد استحق العقوبة، فإن تاب، تاب الله عليه أيضًا‏.‏ ولايجوز للمسلم إذا تاب، ثم عاد أن يصِرَّ، بل يتوب، ولو عاد في اليوم مائة مرة، فقد روي الإمام أحمد في مسنده، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏إن الله يحب العبد المفتَّن التواب‏)‏، وفي حديث آخر‏:‏ ‏(‏لا صغيرة مع إصرار، ولا كبيرة مع استغفار‏)‏، وفي حديث آخر‏:‏ ‏(‏ما أصر من استغفر ولو عاد في اليوم مائة مرة‏)‏‏.‏ ... ***ومنها‏ - ( أي من المواضع‏‏ التي يذكر فيها ما في شخص معين من الشر ) - أن يكون على وجه النصيحة للمسلمين في دينهم ودنياهم كما في الحديث الصحيح عن فاطمة بنت قيس لما استشارت النبي صلى الله عليه وسلم من تنكح‏؟‏ وقالت‏:‏ إنه خطبني معاوية وأبو جهم فقال‏:‏ ‏(‏أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فرجل ضراب للنساء‏)‏ وروي‏:‏ ‏(‏لا يضع عصاه عن عاتقه‏)‏، فبين لها أن هذا فقير قد يعجز عن حقك، وهذا يؤذيك بالضرب‏.‏ وكان هذا نصحاً لها، وإن تضمن ذكر عيب الخاطب‏.‏ وفي معني هذا نصح الرجل فيمن يعامله، ومن يوكله ويوصي إليه، ومن يستشهده، بل ومن يتحاكم إليه‏.‏ وأمثال ذلك‏.‏ وإذا كان هذا في مصلحة خاصة، فكيف بالنصح فيما يتعلق به حقوق عموم المسلمين‏:‏ من الأمراء والحكام والشهود والعمال‏:‏ أهل الديوان وغيرهم‏؟‏ فلا ريب أن النصح في ذلك أعظم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏الدين النصيحة، الدين النصيحة‏)‏ قالوا‏:‏ لمن يا رسول اللّه ‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏للّه ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم‏)‏‏.‏ ***وفي صحيح مسلم عن تميم الداري رضي الله عنه قال قال رسول الله r‏:‏ ‏(‏الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة قالوا‏:‏ لمن يا رسول الله قال‏:‏ لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم‏)‏ وفي صحيح مسلم أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي rقال‏:‏ ‏(‏إن الله يرضى لكم ثلاثا، أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم‏)‏ وفي السنن من حديث ابن مسعود رضي الله عنه وزيد بن ثابت رضي الله عنه عن النبي r قال‏:‏ ‏(‏نضر الله امرأ سمع منا حديثا فبلغه إلى من لم يسمعه فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه غير فقيه‏.‏ ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم‏:‏ إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمور ولزوم جماعة المسلمين، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم‏)‏‏.‏ و ‏[‏يغل‏]‏ بالفتح هو المشهور ويقال‏:‏ غلى صدره فغل إذا كان ذا غش وضغن وحقد أي قلب المسلم لا يغل على هذه الخصال الثلاثة وهي الثلاثة المتقدمة في قوله‏:‏ ‏(‏إن الله يرضى لكم ثلاثا أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا‏.‏ وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم‏)‏ فإن الله إذا كان يرضاها لنا لم يكن قلب المؤمن الذي يحب ما يحبه الله يغل عليها يبغضها ويكرهها فيكون في قلبه عليها غل، بل يحبها قلب المؤمن ويرضاها‏.‏ وفي صحيح البخاري ومسلم وغيرهما عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال‏:‏ ‏(‏بايعنا رسول الله r على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا وعلى أن لا ننازع الأمر أهله وعلى أن نقول أو نقوم بالحق أينما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم‏)‏ وفي الصحيحين أيضا عن عبد الله بن عمر عن النبي r أنه قال‏:‏ ‏(‏على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة‏)‏ وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله r ‏(‏عليك بالسمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك‏)‏‏.‏ ومعنى قوله ‏(‏وأثرة عليك‏)‏ ‏(‏وأثرة علينا‏)‏ أي وإن استأثر‏‏ ولاة الأمور عليك فلم ينصفوك ولم يعطوك حقك، كما في الصحيحين عن أسيد بن حضير رضي الله عنه، أن رجلا من الأنصار خلا برسول الله r فقال‏:‏ ألا تستعملني كما استعملت فلانا ‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض‏)‏‏.‏ وهذا كما في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قال‏:‏ قال رسول الله r‏:‏ ‏(‏إنها تكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها‏)‏ قالوا‏:‏ يا رسول الله كيف تأمر من أدرك منا ذلك‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم‏)‏ وفي صحيح مسلم عن وائل بن حجر رضي الله عنه، قال‏:‏ سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول الله r فقال‏:‏ يا رسول الله إن قامت علينا أمراء يسألوننا حقهم ويمنعونا حقنا‏:‏ فما تأمرنا ‏؟‏ فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض، ثم سأله في الثانية أو في الثالثة فحدثه الأشعث بن قيس قال، قال رسول الله r‏:‏ ‏(‏اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم‏)‏‏.‏ فذلك ما أمر الله به ورسوله من طاعة ولاة الأمور ومناصحتهم‏:‏ فهو واجب على المسلم، وإن استأثروا عليه‏.‏ وما نهى الله عنه ورسوله من معصيتهم‏:‏ فهو محرم عليه، وإن أكره عليه‏.‏
    فصل وما أمر الله به ورسوله من طاعة ولاة الأمور ومناصحتهم واجب على الإنسان وإن لم يعاهدهم عليه وإن لم يحلف لهم الأيمان المؤكدة كما يجب عليه الصلوات الخمس والزكاة والصيام وحج البيت‏.‏ وغير ذلك مما أمر الله به ورسوله من الطاعة، فإذا حلف على ذلك كان ذلك توكيدا وتثبيتا لما أمر الله به ورسوله من طاعة ولاة الأمور ومناصحتهم‏.‏ فالحالف على هذه الأمور لا يحل له أن يفعل خلاف المحلوف عليه سواء حلف بالله أو غير ذلك من الأيمان التي يحلف بها المسلمون، فإن ما أوجبه الله من طاعة ولاة الأمور ومناصحتهم واجب وإن لم يحلف عليه، فكيف إذا حلف عليه ؟ وما نهى الله ورسوله عن معصيتهم وغشهم محرم وإن لم يحلف على ذلك‏.‏ وهذا كما أنه إذا حلف ليصلين الخمس وليصومن شهر رمضان أو ليقضين الحق الذي عليه ويشهدن بالحق‏:‏ فإن هذا واجب عليه وإن لم يحلف عليه فكيف إذا حلف عليه ؟ وما نهى الله عنه ورسوله من الشرك والكذب وشرب الخمر والظلم والفواحش وغش ولاة الأمور والخروج عما أمر الله به من طاعتهم‏:‏ هو محرم، وإن لم يحلف عليه فكيف إذا حلف عليه ؟ ولهذا من كان حالفا على ما أمر الله به ورسوله من طاعة ولاة الأمور ومناصحتهم أو الصلاة أو الزكاة أو صوم رمضان أو أداء الأمانة والعدل ونحو ذلك‏:‏ لا يجوز لأحد أن يفتيه بمخالفة ما حلف عليه والحنث في يمينه، ولا يجوز له أن يستفتي في ذلك‏.‏ ومن أفتى مثل هؤلاء بمخالفة ما حلفوا عليه والحنث في أيمانهم‏:‏ فهو مفتر على الله الكذب مفت بغير دين الإسلام، بل لو أفتى آحاد العامة بأن يفعل خلاف ما حلف عليه من الوفاء في عقد بيع أو نكاح أو إجارة أو غير ذلك مما يجب عليه الوفاء به من العقود التي يجب الوفاء بها وإن لم يحلف عليها فإذا حلف كان أوكد فمن أفتى مثل هذا بجواز نقض هذه العقود‏.‏ والحنث في يمينه‏:‏ كان مفتريا على الله الكذب مفتيا بغير دين الإسلام فكيف إذا كان ذلك في معاقدة ولاة الأمور التي هي أعظم العقود التي أمر الله بالوفاء بها‏.‏
    وهذا كما أن جمهور العلماء يقولون‏:‏ يمين المكره بغير حق لا ينعقد سواء كان بالله أو النذر أو الطلاق أو العتاق، وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد‏.‏ ثم إذا أكره ولي الأمر الناس على ما يجب عليهم من طاعته ومناصحته وحلفهم على ذلك‏:‏ لم يجز لأحد أن يأذن لهم في ترك ما أمر الله به ورسوله من ذلك ويرخص لهم في الحنث في هذه الأيمان، لأن ما كان واجبا بدون اليمين فاليمين تقويه، لا تضعفه، ولو قدر أن صاحبها أكره عليها‏.‏ ومن أراد أن يقول بلزوم المحلوف مطلقا في بعض الأيمان، لأجل تحليف ولاة الأمور أحيانا‏.‏ قيل له‏:‏ وهذا يرد عليك فيما تعتقده في يمين المكره، فإنك تقول‏:‏ لا يلزم وإن حلف بها ولاة الأمور‏.‏ ويرد عليك في أمور كثيرة تفتي بها في الحيل، مع ما فيه من معصية الله تعالى ورسوله وولاة الأمور‏.‏ وأما أهل العلم والدين والفضل فلا يرخصون لأحد فيما نهى الله عنه من معصية ولاة الأمور وغشهم والخروج عليهم‏:‏ بوجه من الوجوه كما قد عرف من عادات أهل السنة والدين قديما وحديثا ومن سيرة غيرهم‏.‏ وقد ثبت في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي rأنه قال‏:‏ ‏(‏ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة عند استه بقدر غدره‏)‏ قال‏:‏ وإن من أعظم الغدر‏.‏ يعني بإمام المسلمين‏.‏ وهذا حدث به عبد الله بن عمر لما قام قوم من أهل المدينة يخرجون عن طاعة ولي أمرهم، ينقضون بيعته‏.‏ وفي صحيح مسلم عن نافع قال جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان، زمن يزيد بن معاوية، فقال‏:‏ اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة‏.‏ فقال‏:‏ إني لم آتك لأجلس أتيتك لأحدثك حديثا، سمعت رسول الله rيقول‏:‏ ‏(‏من خلع يدا لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية‏)‏ وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنه قال قال رسول الله r‏:‏ ‏(‏من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه، فإنه ليس أحد من الناس يخرج من السلطان شبرا فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية‏)‏
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: شروح أهل العلم لحديث " الدين النصيحة"

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 26.05.08 10:49

    وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله rأنه قال‏:‏ ‏(‏من خرج من الطاعة وفارق الجماعة، فمات مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت راية عمية، يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة، أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية‏)‏ وفي لفظ ‏(‏ليس من أمتي من خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى من مؤمنها ولا يوفي لذي عهدها، فليس مني ولست منه‏)‏‏.‏ ‏[‏فالأول‏]‏ هو الذي يخرج عن طاعة ولي الأمر، ويفارق الجماعة‏.‏ ‏[‏والثاني‏]‏ هو الذي يقاتل لأجل العصبية، والرياسة، لا في سبيل الله كأهل الأهواء‏:‏ مثل قيس ويمن‏.‏ ‏[‏والثالث‏]‏ مثل الذي يقطع الطريق فيقتل من لقيه من مسلم وذمي، ليأخذ ماله وكالحرورية المارقين الذين قاتلهم علي بن أبي طالب الذي قال فيهم النبي r‏:‏ ‏(‏يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية أينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة‏)‏‏.‏ وقد أمر النبي rبطاعة ولي الأمر، وإن كان عبدا حبشيا كما في صحيح مسلم عن النبي rقال‏:‏ ‏(‏اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة‏)‏، وعن أبي ذر قال‏:‏ ‏(‏أوصاني خليلي أن اسمعوا وأطيعوا، ولو كان حبشيا مجدع الأطراف‏)‏ وعن البخاري‏:‏ ‏(‏ولو لحبشي كأن رأسه زبيبة‏)‏ وفي صحيح مسلم عن أم الحصين رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله r بحجة الوداع وهو يقول‏:‏ ‏(‏ولو استعمل عبدا يقودكم بكتاب الله اسمعوا وأطيعوا‏)‏ وفي رواية‏:‏ ‏(‏عبد حبشي مجدع‏)‏ وفي صحيح مسلم عن عوف بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله rقال‏:‏ ‏(‏خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم قلنا يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف عند ذلك ‏؟‏ قال‏:‏ لا، ما أقاموا فيكم الصلاة لا، ما أقاموا فيكم الصلاة ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة‏)‏ وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال ‏،قال رسول الله r‏:‏ ‏(‏إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين‏.‏ الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا‏)‏ وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله r يقول‏:‏ ‏(‏اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به‏)‏ وفي الصحيحين عن الحسن البصري قال‏:‏ عاد عبد الله بن زياد معقل بن يسار في مرضه الذي مات فيه فقال له معقل‏:‏ إني محدثك حديثا سمعته من رسول الله r إني سمعت رسول الله rيقول‏:‏ ‏(‏ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة‏)‏ وفي رواية لمسلم‏:‏ ‏(‏ما من أمير يلي من أمر المسلمين شيئا ثم لا يجهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة‏)‏ وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي r أنه قال‏:‏ ‏(‏ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم والمرأة راعية على بيت بعلها وهي مسئولة عنه‏.‏ والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته‏)‏ وفي الصحيحين عن علي رضي الله عنه أن النبي r بعث جيشا وأمر عليهم رجلا، فأوقد نارا فقال‏:‏ ادخلوها‏.‏ فأراد الناس أن يدخلوها وقال الآخرون‏.‏ إنا فررنا منها فذكر ذلك لرسول الله r فقال للذين أرادوا أن يدخلوها‏:‏ ‏(‏لو دخلتموها لم تزالوا فيها إلى يوم القيامة‏)‏ وقال للآخرين قولا حسنا، وقال‏:‏ ‏(‏لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف‏)‏‏.‏ فصل قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون‏}‏ وقال الله تعالى ‏{‏وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 64‏]‏، ‏{‏من يطع الرسول فقد أطاع الله‏}‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 65‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 31‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 66‏:‏ 68‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 69‏]‏‏.‏ فطاعة الله ورسوله واجبة على كل أحد، وطاعة ولاة الأمور واجبة لأمر الله بطاعتهم فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمر لله فأجره على الله‏.‏ ومن كان لا يطيعهم إلا لما يأخذه من الولاية والمال فإن أعطوه أطاعهم، وإن منعوه عصاهم‏:‏ فما له في الآخرة من خلاق‏.‏ وقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي r قال‏:‏ ‏(‏ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم‏.‏ رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل، ورجل بايع رجلا بسلعة بعد العصر فحلف له بالله لآخذها بكذا وكذا فصدقه وهو غير ذلك ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها وفى، وإن لم يعطه منها لم يف‏)‏‏.‏. : حيث ثلاث لا يُغَلُّ عليهن قلبُ مسلم *** قال رسول الله r في الحديث المشهور في السنن من رواية فقيهى الصحابة، عبداللّه بن مسعود، وزيد بن ثابت‏:‏ ‏(‏ثلاث لا يُغَلُّ عليهن قلبُ مسلم‏:‏ إخلاص العمل للّه، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم‏)‏‏.‏ وفي حديث أبي هريرة المحفوظ‏:‏ ‏(‏إنَّ اللَّهَ يَرْضَى لكم ثلاثا‏:‏ أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تَعْتَصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، وأن تَنَاصَحوا من ولاَّه الله أمركم‏)‏ فقد جمع في هذه الأحاديث بين الخصال الثلاث، إخلاص العمل للّه، ومناصحة أولي الأمر، ولزوم جماعة المسلمين‏.‏ وهذه الثلاث تجمع أصول الدين وقواعده، وتجمع الحقوق التي للّه ولعباده، وتنتظم مصالح الدنيا والآخرة‏.‏ وبيان ذلك أن الحقوق قسمان‏:‏ حق للّه، وحق لعباده‏.‏ فحق الله أن نعبده ولا نشرك به شيئًا، كما جاء لفظه في أحد الحديثين، وهذا معنى إخلاص العمل للّه، كما جاء في الحديث الآخر‏.‏ وحقوق العباد قسمان‏:‏ خاص وعام؛ أما الخاص فمثل‏:‏ برّ كل إنسان والديه، وحق زوجته، وجاره، فهذه من فروع الدين، لأن المكلف قد يخلو عن وجوبها عليه؛ ولأن مصلحتها خاصة فردية‏.‏ وأما الحقوق العامة فالناس نوعان‏:‏ رعاة ورعية؛ فحقوق الرعاة مناصحتهم، وحقوق الرعية لزوم جماعتهم، فإن مصلحتهم لا تتم إلا باجتماعهم، وهم لا يجتمعون على ضلالة، بل مصلحة دينهم ودنياهم في اجتماعهم واعتصامهم بحبل اللّه جميعا، فهذه الخصال تجمع أصول الدين‏.‏ وقد جاءت مفسرة في الحديث الذي رواه مسلم عن تَمِيم الدَّارِىّ قال‏:‏ قال رسول الله r‏:‏ ‏(‏الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة‏)‏‏.‏ قالوا‏:‏ لمن يا رسول اللّه‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏للّه، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم‏)‏‏.‏ فالنصيحة للّه ولكتابه ولرسوله تدخل في حق اللّه وعبادته وحده لا شريك له، والنصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم هي مناصحة ولاة الأمر ولزوم جماعتهم، فإن لزوم جماعتهم هي نصيحتهم العامة، وأما النصيحة الخاصة لكل واحد منهم بعينه، فهذه يمكن بعضها ويتَعذَّر استيعابها على سبيل التعيين‏.


    الملا علي القاري في مرقاة المفاتيح وعن تميم الداري منسوب إلى جد له اسمه دار عند الجمهور ومروياته ثمانية عشر حديثا وليس له في الصحيحين إلا هذا ... -قال المؤلف هو تميم بن أوس الداري كان نصرانيا أسلم سنة تسع وكان يختم القرآن في ركعة وربما ردد الآية الواحدة كلها إلى الصباح ... -قال محمد بن المنكدر إن تميما الداري نام ليلة ولم يقم للتهجد فيها حتى أصبح فقام سنة لم ينم فيها عقوبة للذي صنع ... سكن المدينة ثم انتقل إلى الشام بعد قتل عثمان وأقام بها إلى أن مات وهو أول من أسرج السراج في المسجد روى عنه النبي قصة الدجال والجساسة وعنه أيضا جماعة إن النبي قال: الدين أي أعماله وأفضل أعماله أو الأمر المهم في الدين، النصيحة :وهي تحري قول أو فعل فيه صلاح لصاحبه أو تحري إخلاص الود له والحاصل أنها إرادة الخير للمنصوح له وهو لفظ جامع لمعان شتى قال الخطابي النصيحة كلمة جامعة يعبر بها عن جملة هي إرادة الخير وليس يمكن أن يعبر عن هذا المعنى بكلمة وجيزة يحصرها ويجمع معناها غيرها كما قالوا في الفلاح ليس في كلامهم كله أجمع لخير الدنيا والآخرة منه فقوله عليه الصلاة والسلام الدين النصيحة يريد عماد الدين وقوامه إنما هو النصيحة وبها ثباته كقوله إنما الأعمال بالنية وكما في قوله الحج عرفة فالحصر ادعائي وهو مبني على ما اشتهر من أن هذا الحديث أحد أرباع الإسلام وأما على ما اختاره النووي من أنه عليه مدار الإسلام كما سيأتي فالحصر حقيقي وهي مأخوذة من نصحت العسل إذا صفيته من الشمع شبهوا تخليص القول والفعل من الغش بتخليص العسل من الشمع ثلاثا أي ذكرها ثلاثا للتأكيد بها والاهتمام بشأنها وليس له ذكر في الأربعين للنووي ثم لما كانت النصيحة من الأمور الإضافية استفصلت فقال الراوي قلنا أي معشر الصحابة والمراد بعضهم لمن أي النصيحة لمن ؟ قال أي النبي عليه الصلاة والسلام: لله أي بالإيمان وصحة الاعتقاد في وحدانيته وترك الإلحاد في صفاته وإخلاص النية في عبادته وبذل الطاقة فيما أمر به ونهى عنه والاعتراف بنعمته والشكر له عليها وموالاة من أطاعه ومعاداة من عصاه وحقيقة هذه الإضافة راجعة إلى العبد في نصيحة نفسه لله والله غني عن نصح كل ناصح كذا ذكره الخطابي ... وخلاصته أن النصيحة لله هي التعظيم لأمره والشفقة على خلقه؛ وقال بعض المحققين : هي الإيمان بوجوده بأن يعلم أن وراء المتحيزات موجود خالقا؛ وبصفاته الثبوتية والسلبية والإضافية ؛ وبأفعاله بأن يعلم أن كل ما سواه المسمى بالعالم فإنما حدث بقدرته وهو من العرش إلى الثرى بالنسبة إلى العظمة الإلهية أقل من خردلة بالنسبة إلى جميع العالم ؛ وبأحكامه بأن يعلم أنها غير معللة بغرض وأن المقصود من شرعها منافع عائدة إلى العباد وأن له الحكم كيف يشاء ولا يجب عليه شيء إن أثاب فبفضله وإن عذب فبعدله ؛ وبأسمائه بأن يعلم بأنها توفيقية ثم بإخلاص العبادة واجتناب معاصيه والحب له والبغض فيه ولكتابه أي والنصيحة لكتابه بالإيمان به وبأنه كلام الله ووحيه وتنزيله لا يقدر على مثله أحد من المخلوقين وإقامة حروفه في التلاوة والتصديق بوعده ووعيده والاعتبار بمواعظه والتفكر في عجائبه والعمل بمحكمه والتسليم بمتشابهه ذكره الخطابي وقيل هو أن يكرمه ويبذل مجهوده في الذب عنه من تأويل الجاهلين وابتهال المبطلين وقال بعض المدققين المراد بالكتاب القرآن لأن الإيمان به يتضمن الإيمان بجميع الكتب أو جنس الكتب السماوية إذ الجنس المضاف يفيد العموم كما تقرر في الأصول على أن صاحب المفتاح صرح بأن استغراق المفرد أشمل من استغراق الجمع ولذا قال ابن عباس الكتاب أكثر من الكتب لتناوله وحدان الجنس بخلاف الكتب لكن حقق بعض الأفاضل أن الجمع المحلى باللام يشمل كل فرد فرد مثل المفرد قلت ولو سلم فليس شمول الجمع مثل شمول المفرد ثم وقوع الكتاب في جواب من على سبيل التغليب ولرسوله بالتصديق لنبوته وقبول ما جاء به ودعا إليه وبذل الطاعة له فيما أمر به ونهى عنه والانقياد له وإيثاره بالمحبة فوق نفسه وولده ووالده والناس أجمعين والمراد محمد أو الجنس ليشمل الملك أيضا إذ هم رسل إلى الأنبياء كما قال تعالى جاعل الملائكة رسلا فاطر وقال الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس الحج ولأئمة المسلمين بأن ينقاد لطاعتهم في الحق ولا يخرج عليهم إذا جاروا ويذكرهم برفق ولطف ويعلمهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين ويؤلف قلوب الناس لطاعتهم ومن النصيحة لهم الصلاة خلفهم والجهاد معهم وأداء الصدقات إليهم وأن لا يغرهم بالثناء الكاذب عليهم وأن يدعو لهم بالصلاح هذا كله على أن المراد بالأئمة الخلفاء وغيرهم ممن يقوم بأمور المسلمين من أصحاب الولاية
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: شروح أهل العلم لحديث " الدين النصيحة"

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 26.05.08 10:50

    ومجمل معنى الإمام من له خلافة الرسول في إقامة الدين بحيث يجب اتباعه على الكل وقد يتناول ذلك الأئمة الذين هم علماء الدين وأن من نصيحتهم قبول ما رووه وتقليدهم في الأحكام وإحسان الظن بهم وعامتهم أي ولعامة المسلمين ولعل حكمة ترك إعادة العامل هنا إشارة إلى حط مرتبتهم بسبب تبعيتهم للخواص من أئمتهم بخلاف ما قبله فإن كلا من المعمولات مستقل في قصد النصيحة ثم نصيحة العامة بإرشادهم إلى مصالحهم الدينية والدنيوية وكف الأذى عنهم وتعليمهم ما ينفعهم في دينهم ودنياهم وإعانتهم عليه قولا وفعلا وستر عوراتهم وسد خلاتهم ودفع المضار عنهم وجلب المنافع لهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر برفق وتوقير كبيرهم ورحم صغيرهم وتخولهم بالموعظة الحسنة وترك غيبتهم وحسدهم والذب عن أموالهم وأعراضهم وغير ذلك من أحوالهم ومجمله أن يحب لهم ما يحب لنفسه من الخير ويكره لهم ما يكره لنفسه من الشر قال الطيبي وجماع القول فيه أن النصيحة هي خلوص المحبة للمنصوح له والتحري فيما يستدعيه حقه فلا يبعد أن يدخل فيه نفسه بأن ينصحها بالتوبة النصوح وأن يأتي بها على طريقتها متداركة للفرطات ماحية للسيئات ويجعل قلبه محلا للنظر والفكر وروحه مستقرا للمحبة وسره منصا للمشاهدة وعلى هذا أعمال كل عضو من العين بأن يحملها على النظر إلى الآيات النازلة والأحاديث الواردة واللسان على النطق بالحق وتحري الصدق والمواظبة على ذكر الله وثنائه قال تعالىك( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) الإسراء رواه مسلم وروى البخاري في تاريخه صدر الحديث فقط وهو قوله الدين النصيحة عن ثوبان والبزار عن ابن عمر قال النووي هذا حديث عظيم الشأن وعليه مدار الإسلام والإيمان وأما ما قيل من أنه أحد أرباع الإسلام أي أحد الأحاديث الأربعة التي تجمع أمور الإسلام فليس كما قالوا بل المدار على هذا وحده... وقال بعضهم فيه أن النصيحة تسمى دينا وإسلاما وأن الدين يقع على العمل كما يقع على القول وقالوا النصيحة فرض كفاية إذا قام به واحد سقط عن الباقين والنصيحة لازمة على قدر الطاقة إذا علم الناصح أنه تقبل نصيحته ويطاع أمره وأمن على نفسه المكروه وإن خشي أذى فهو في سعة والله سبحانه وتعالى أعلم.... معالي الشيخ محمد بن صالح آل الشبخ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال المصنف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي رقية تميم بن أوس الداري t قال: إن رسول الله r قال: , الدين النصيحة. قلنا لمن ؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم - رواه مسلم . هذا الحديث -حديث تميم الداري- من الأحاديث الكلية العظيمة التي اشتملت على الدين كله، على حقوق الله، وحقوق رسوله r وعلى حقوق عباده، فليس ثَمَّ أجمع في بيان تلك الحقوق من لفظ النصيحة. والنصيحة -هذه فعيلة- من النصح، وأصل النصح في لغة العرب فُسِّرَ بأحد تفسيرين: الأول : أن النصح بمعنى الخلوص من الشوائب والشركة، فيقال: عسل ناصح أو نصوح، إذا لم يَشُبْهُ شيء. وفُسِّرَ -وهو الثاني- فُسِّرَتْ النصيحة بأنها التئام شيئين بحيث لا يكون ثَمَّ تنافر بينهما، فيُعْطَى هذا الصلة بهذا حتى يكون التئام يوافق ما بين هذا وهذا. قالوا: ومنه قيل للخياط: ناصح؛ لأنه ينصح الطرفين، إذ يجمعهما بالخياطة. والنصيحة عُرِّفَتْ -يعني: في هذا الحديث- بأنها: إرادة الخير للمنصوح له، وهذا يتعلق بنصح أئمة المسلمين وعامتهم. أما في الثلاثة الأول، فإن النصيحة -كما ذكرنا- أن تكون الصلة بين الذاتين على التئام، بحيث يكون هذا قد أعطى حق هذا، فلم يكن بينهما تنافر. ومعلوم أن العبد في صلته بربه أن عليه حقوقا كثيرة واجبة ومستحبة، وكذلك في حق القرآن، وكذلك في حق المصطفى -عليه الصلاة والسلام. فقال -عليه الصلاة والسلام-:  الدين النصيحة ؛ وجعل الدينَ كلَّه النصيحة؛ لأنه -كما سيأتي تفصيله- لأن النصيحة تجمع الدين كله بواجباته ومستحباته، ففسرها بعد ذلك بقوله: , قلنا: لمن يا رسول الله ؟ - … إلى آخر الحديث. قال بعض العلماء: الدين النصيحة يعني: أن معظم الدين وجُلّ الدين النصيحة، وهذا على أخذ نظائره، كقوله: الدعاء هو العبادة و الحج عرفة ...  وأشباه ذلك. لكن إذا تأملت في كون هذه الأشياء لها النصيحة رأيت أنها جمعت الدين كله، في العقائد، وفي العبادات والمعاملات، وفي حقوق الخلق، وحقوق من له الحق بجميع صوره. قالوا: لمن يا رسول الله ؟ واللام هنا في قولهم: لمن، يعني: للاستحقاق، النصيحة لله، يعني مستحقة، قالوا: لمن؟ يعني: من يستحقها في الدين؟ فأجابهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بقوله ، قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم فاشتملت على أشياء، على أمور: الأول: النصيحة لله: وهي كلمة جامعة لأداء حق الله -جل وعلا- الواجب والمستحب، فحق الله الواجب هو الإيمان به، بربوبيته وإلهيته، وبأسمائه وصفاته، إيمان بأنه هو الرب المتصرف في هذا الملكوت وحده، لا شريك له في ربوبيته، ولا في تدبيره للأمر، ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، يحكم ما يشاء، ويفعل ما يريد سبحانه وتعالى. والنصيحة لله في ألوهيته أن يُعْطَى الحق الذي له في ألوهيته، وهو أن يُعْبَد وحده بجميع أنواع العبادات، وألا يُتَوَجَّه لأحد بشيء من العبادات إلا له -سبحانه وتعالى-، كل عبادة تُوُجِّه بها إلى غير الله -جل وعلا- فهي خروج عن النصيحة لله -جل وعلا-، يعني عن أداء الحق الذي له سبحانه وتعالى. وفي الأسماء والصفات النصيحة لله -جل وعلا- أن نؤمن بأنه -سبحانه- له الأسماء الحسنى، والصفات العلا، وأنه لا سَمِي له، ولا ند له، ولا كفوَ له، كما قال -جل وعلا- : â ö@yd ÞOn=÷ès? ¼çms9 $wŠÏJy™ á - سورة مريم آية : 65. وكما قال -جل وعلا-: â öNs9ur `ä3tƒ ¼ã&©! #•qàÿà2 7‰ymr& á - سورة الإخلاص آية : 4.. وكما قال -جل وعلا-: â }§øŠs9 ¾ÏmÎ=÷WÏJx. Öäï†x« ( uqèdur ßìŠÏJ¡¡9$# 玍ÅÁt7ø9$# á ( إلى غير ذلك من الآيات . فيعتقد المسلم أن الله -جل وعلا- له ما أثبت لنفسه من الأسماء الحسنى، ومن الصفات العلا، وأنه في أسمائه وفي صفاته ليس له مثيل، كما أخبر عن نفسه بقوله: â }§øŠs9 ¾ÏmÎ=÷WÏJx. Öäï†x« ( uqèdur ßìŠÏJ¡¡9$# 玍ÅÁt7ø9$# á - سورة الشورى آية : 11 فالغلو في الصفات بالتجسيم ترك للنصيحة الواجبة، والتفريط فيها، والجفاء بالتعطيل ترك للنصيحة الواجبة، والنصيحة بالتئام ما بينك وبين الله -جل وعلا- في شأن أسمائه وصفاته أن تثبت له الأسماء الحسنى، والصفات العلا، من غير تمثيل ولا تعطيل، ومن غير تحريف ولا تأويل يصرفها عن حقائقها اللائقة بالله جل وعلا . أيضا من النصيحة لله -جل وعلا- أن يُحَبَّ -جل وعلا- ، وأن يُتَّبَع أمره، وأن تتبع شريعته -جل وعلا-، وأن يصدق خبره -جل وعلا-، وأن يقبل عليه المرء بقلبه مخلصا له الدين. فالإخلاص في الأقوال والأعمال حق الله -جل وعلا-، والذي يقع في قلبه غير الله في الأعمال -من جهة الرياء أو من جهة التسميع- ما أدى الذي لله -جل وعلا-. وهناك -أيضا- أشياء مستحبة لله -جل وعلا- من مثل أن -يعني في حق الله -جل وعلا- من مثل ألا يقوم بالقلب غيره -جل وعلا-، فيُزْدَرَى الخلق في جنب الله -جل جلاله-، وأن يراقب الله -جل وعلا- دائما في السر والعلن، فيما يأتي وما يذر من الأمور المستحبة، وأن يستحضر مقامه بين يدي الله -جل وعلا- دائما في الآخرة، ونحو ذلك مما يدخل في المستحبات؛
    فإن النصيحة فيه لله -جل وعلا- مستحبة، فهي منقسمة إلى ما أوجبه الشرع في حق الله، فيكون واجبا، وما كان مستحبا، فيكون من النصيحة المستحبة. قال: وكتابه يعني: النصيحة مستحقة للكتاب، وهو القرآن، ومعنى ذلك أن يُعْطَى القرآن حقه، وهو أن يُوقن بأنه كلام الله -جل وعلا- تكلم به -سبحانه وتعالى-، وأنه آية عظيمة ، وأعظم الآيات التي أوتيها الأنبياء، وأنه الحجة البالغة إلى قيام الساعة. وأن هذا القرآن فيه الهدى والنور â ¨bÎ) #x‹»yd tb#uäöà)ø9$# “ωöku‰ ÓÉL¯=Ï9 š†Ïf ãPuqø%r& á - سورة الإسراء آية : 9.. وأن حكمه واجب الإنفاذ، ما أمر الله به في القرآن وجب إنفاذه، وما نهى عنه وجب الانتهاء عنه، وما أخبر به -سبحانه- فيه وجب تصديقه، وعدم التردد فيه، إلى غير ذلك ممَّا يستحقه القرآن. وأيضا من الحقوق المستحبَّة والنصيحة المستحبة للقرآن أن يُكثر من تلاوته، وألا يهجره في تلاوته وتدبره، وفي العلاج به، وأشباه ذلك مما جاءت به السنة في حق القرآن. فهذا من التواصل ما بين ذي النصيحة -وهو العبد المكلَّف- وما بين القرآن ؛ فإن النصيحة التحام واجتماع فيما بين هذا وهذا، ولا يكون الاهتمام إلا بأداء الحق، وهذا الحق على العبد للقرآن على نحو المعنى الذي أسلفت. كذلك النصيحة لرسوله r تكون بطاعته -عليه الصلاة والسلام- فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نَهَى -عليه الصلاة والسلام- وزجر، وألا يُعْبَد الله إلا بما شرع رسوله r وأن يؤمن العبد بأنه -عليه الصلاة والسلام- هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وأن كل دعوة للرسالة بعده -عليه الصلاة والسلام- كذب وزور وباطل وطغيان، وأنه -عليه الصلاة والسلام- هو الذي يطاع â !$tBur ãNä39s?#uä ãAqß™§9$# çnrä‹ã‚sù $tBur öNä39pktX çm÷Ytã (#qßgtFR$$sù 4 á سورة الحشر آية : 7. وأنه يُحَب -عليه الصلاة والسلام- لأمر الله -جل وعلا- بذلك، ولما يستحقه -عليه الصلاة والسلام- من المحبة الواجبة، وأن تُقَدَّمَ مَحَابُّه على مَحَابّ العبد ، ونحو ذلك من النصيحة التي هي -أيضا- منقسمة إلى واجبة ومستحبة . قال : ولأئمة المسلمين وعامتهم ... والنصيحة لأئمة المسلمين أن يُعْطَوا حقهم الذي أعطاهم الله -جل وعلا-، وبينه -تعالى- في الكتاب، وبينه رسول الله r في السنة؛ من طاعتهم في المعروف، وعدم طاعتهم في المعصية ، وأن يجتمع معهم على الحق والهدى، وعلى ما لم نعلم فيه معصية، وأن تؤلف القلوب لهم، وأن يُجْتَمع عليهم، وأن يُدْعَى لهم، وهذا يشمل الحق الواجب والحق المستحب. وأن يُتْرَك الخروج عليهم بالسيف طاعة لله -جلَّ وعلا- وطاعة لرسوله r وأن يبايع ولي الأمر المسلم، وألا يموت المرء، وثمَّ والٍ مسلم، وليس في عنقه بيعة له، وأن يأتمر إذا أمره بما ليس بمعصية، وأن ينتهي إذا نهاه عن غير الطاعة، يعني: ما كان من قبيل الواجبات، فإن أمره بخلافها لا يُطاع فيه، وإذا أمر بمعصية لا يُطاع فيه، وما كان من قبيل المستحبات والاجتهادات -يعني ما يدخله الاجتهاد- فإنه يُتْرَك الرأي لما يراه الإمام المسلم؛ لأن في ذلك مصالح العباد والبلاد، كما قرره أهل العلم في هذا الموضع. أيضًا من النصيحة لهم أن تبذل النصح لهم، بمعنى النصح الذي يعلمه الناس، بأن تنبههم على ما يخطئون فيه، وما يتجاوزون فيه الشرعية لمن وصل له، وهذه المرتبة -كما قال ابن دقيق العيد في شرحه وغيره-: هذه فرض كفاية تسقط بفعل البعض من أهل العلم ونحوهم. فحق ولي الأمر المسلم أن يُنْصَح، بمعنى أن يُؤْتَى إليه، وأن يُبَيَّن له الحق، وأن يُبَصَّر به، وأن يوضح له ما أمر الله U به، وما أمر به الرسول r وأن يُعان على الطاعة، ويسدد فيها، ويُبَيَّن له ما قد يقع فيه من عصيان أو مخالفة للأمر. وهذه النصيحة الخاصة لولاة الأمر جاءت لها شروط وضوابط معلومة في شروح الأحاديث، ومن أمثل من تكلم عليها في هذا الموضع ابن رجب -رحمه الله- في "جامع العلوم والحكم"، وساق عن ابن عباس وعن غيره أنواعا من الآداب والشروط، التي ينبغي للناصح أن يتحلى بها إذا نصح ولي الأمر المسلم . فمن ذلك أن تكون النصيحة برفقٍ، وسهولة لفظ؛ لأن حال ولي الأمر -في الغالب- أنه تعزّ عليه النصيحة، إلا إذا كانت بلفظ حسن ، وهذا ربما كان في غالب الناس أنهم لا ينتصحون -يعني: لا يقبلون النصيحة- إلا إذا كانت بلفظ حسن. وقد قال -جل وعلا- لموسى وهارون : â Ÿwqà)sù ¼çms9 Zwöqs% $YYÍh‹©9 ¼ã&©#yè©9 ㍩.x‹tFtƒ ÷rr& 4Óy´øƒs† á سورة طه آية : 44.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: شروح أهل العلم لحديث " الدين النصيحة"

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 26.05.08 10:50

    فمن الآداب والشروط في ذلك أن تكون النصيحة بلفظ حسن؛ لأنه ربما كان اللفظ خشنا، فأداه ذلك إلى رفض الحق، ومعلوم أن الناصح يريد الخير للمنصوح له . كما قال أهل العلم في تفسير النصيحة: أنها إرادة الخير للمنصوح له. فكلما كان السبيل لإرادة الخير للمنصوح له فإنه يؤتى. ومن الشروط في ذلك أن تكون النصيحة لولي الأمر سرًّا وليست بعلن؛ لأن الأصل في النصيحة بعامة -لولي الأمر ولغيره- أن تكون سرا، بخلاف الإنكار كما سيأتي عند شرح أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله rقال : من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان . رواه مسلم . … فإن الأصل في الإنكار أن يكون علنا، وأن الأصل في النصح أن يكون سرا. فالنصيحة لولي الأمر يجب ويشترط لكونها شرعية أن تكون سرا، بمعنى: أنه لا يعلم بها من جهة الناصح إلا هو، وألا يتحدث بها بأنه نصح وعمل وكذا؛ لأنه ربما أفسد المراد من النصيحة بذكره ، وصعب قبول النصيحة بعد اشتهار أن ولي الأمر نُصِح، وأشباه ذلك. وعلى هذا جاء الحديث المعروف الذي صحَّحه بعض أهل العلم، وهو قوله -عليه الصلاة والسلام-: من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، ولكن ليخْلُ به، وليدْنُ منه، فإن قبل منه فذاك، وإلا فقد أدَّى الذي عليه وقد سئل ابن عباس -رضي الله عنهما- هل أُنْكِر على الإمام علنا؟ فقال : لا ، بل دَارِهِ بذلك سرا . وفي صحيح البخاري -أيضا-: أن أسامة بن زيد جاءه جماعة، وقالوا له: ألا تنصح لعثمان ؟ ألا ترى ما نحن فيه؟ فقال: أما إني لا أكون فاتح باب فتنة وقد بذلته له سرا ... أو كما جاء عن أسامة بن زيد في صحيح البخاري . فدل ذلك على اشتراط أن تكون النصيحة سرا، وهذا من حقه، إلى غير ذلك من الشروط التي ذكرها أهل العلم في هذا الموضع . والنصيحة لعامة المسلمين لأئمة المسلمين وعامتهم العامة: هم غير الأئمة، والأئمة إذا أطلقت فإنه يراد بهم الأئمة في الأمر العام، وليس الأئمة في العلم؛ لأن على هذا جرى الاصطلاح . أما لفظ "ولي الأمر" فإنه في الأصل أن ولي الأمر يُعْنَى به الإمام العام للمسلمين؛ لأن ولاة الأمر في عهد الخلفاء الراشدين، وفي عهد معاوية ، لأن ولاة الأمر في ذاك الزمان كانوا يجمعون بين فهم الدنيا وفهم الشريعة . وأما بعد ذلك فقد قال العلماء: إن ولاة الأمر كلًّا فيما يخصه، هم العلماء والأمراء؛ الأمراء في الأمر العام الذي يتعلق بأمور المسلمين العامة، والعلماء في أمر دين الناس، فهذا حصل تفسير بأن ولاة الأمر يُعنَى بهم هذا وهذا؛ لأنه صار الأمر فيما بعد أنه تولى الأمر مَن ليس بعالم لما شاع الملك في عهد بن أمية، ثم في عهد بني العباس، فما بعد ذلك. فالنصيحة الأئمة المسلمين المقصود بهم في الحديث الأئمة الذين يلون الأمر العام ، أما أئمة الدين فإنهم -أيضا- لهم نصيحة، ولهم الحق، والنصيحة لهم -يعني العلماء- أن تحبهم لأجل ما هم عليه من الدين، وما يبذلون للناس من العلم والخير، وأن يُنصَروا فيما يقولونه من أمر الشريعة، وفيما يبلغونه عن الله -جل وعلا-، وأن يُذَبَّ عنهم ، وعن أعراضهم، وأن يحبوا أكثر من محبة غيرهم من المؤمنين؛ لأن الله -جل وعلا- عقد الولاية بين المؤمنين بقوله : â tbq&atilde;Z&Iuml;B÷s&szlig;J&oslash;9$#ur àM»oY&Iuml;B÷s&szlig;J&oslash;9$#ur &ouml;N&szlig;gà&Ograve;÷èt/ â&auml;!$uŠ&Iuml;9÷rr& <&Ugrave;÷èt/ 4 &aacute; - سورة التوبة آية : 71. يعني: بعضهم يحب بعضا، وينصر بعضا، ومن المعلوم أن أعلى المؤمن إيمانا هم الراسخون في العلم، أو هم أهل العلم العاملون به،كما قال-جل وعلا- : â &AElig;&igrave;sù&ouml;tƒ &ordf;!$# tûï&Iuml;%©!$# (#q&atilde;ZtB#u&auml; &ouml;N&auml;3Z&Iuml;B tûï&Iuml;%©!$#ur (#qè?ré& zOù=&Iuml;è&oslash;9$# ;M»y_u‘yŠ 4 &aacute; سورة المجادلة آية : 11. فالنصيحة لأهل العلم أن يُحَبُّوا، وأن يذب عن أعراضهم، وأن يؤخذ ما ينقلونه من العلم، وأن ينصروا فيما نصروا فيه الشريعة ، وأن تُحْفَظ لهم مكانتهم وسابقتهم، ونشرهم للعلم، ونشرهم للدين، وهذه كلها حقوق واجبة لهم؛ لأن لهم في الملة مقاما عظيما، وإذا طُعِنَ في أهل العلم، أو لم تُبْذَل لهم النصيحة الواجبة بهذا المعنى، فإن ذلك يعني أن الشريعة تضعف في الهيبة في نفوس الناس؛ فإنه إذا نِيلَ من العالم، أو لم يُنْصَر، ولم يُحْتَرم فإن الشريعة تضعف في نفوس الناس، فإنه إنما ينقلها أهل العلم. وأما النصيحة لعامة المسلمين فهي إرشادهم لما فيه صلاحهم في الدنيا والآخرة، لما فيه صلاحهم في دنياهم وفي آخرتهم. هذا جماع النصيحة للمؤمنين، بأن يحبوا في الله، وأن ينصروا في الحق، وأن يتعاون معهم على الخير والهدى، وألا يتعاون معهم على الإثم والعدوان، وأن يُبيَّن لهم الحق، وينصحوا فيه، ويرشدوا إلى ما فيه صلاحهم في دنياهم وآخرتهم، بأنواع النصح بالقول والعمل، وأن ينكر عليهم المنكر إذا واقعوه لحق الله -جل وعلا- وأنهم إذا رئي أنهم يحتاجون إلى عقاب شرعي أو تعزير -يعني بحد أو تعزير- فإنه يرحمهم بذلك، فإن هذه الأمور مبناها على الرحمة. فالنصيحة لعامة المسلمين أن تَبْذُل وتحكم فيهم بشرع الله، وأن تعطيهم حقهم، وأن تلزمهم بأمر الله -جل وعلا- إذا كانوا تحت يدك، وهذا على قدر الاستطاعة. ثم إنه إذا حصل منهم ضدُّ ذلك فيُسْعَى فيهم بما يصلحهم، وما فيه سعادتهم وإرشادهم بالبيان، أو بالإلزام بحسب الأحوال . وكل حق للمسلم على المسلم يدخل في النصيحة لعامة المسلمين، فكلمة النصيحة إذن -كما ترى- كلمة جامعة دخلت فيها جميع الحقوق الشرعية لله، وللكتاب، ولرسوله r ولأئمة المسلمين ولعامتهم ، فهي كلمة عظيمة جامعة، جمعت الحقوق جميعا لما فيه خير الدنيا والآخرة للناصح، يعني للذي قام بالنصيحة، فكل مفرط في أمر من أمر الله فقد فرط في شيء من النصيحة الواجبة. والله المستعان . محمد تاتاي في إيضاح المعاني الخفية دروس وعبر من كلام سيد البشر: 1- العقائدية إن النصح لله هو أول قاعدة يرسيها القرآن الكريم،ودارت عليها جل آياته ، ومكث الرسول () يغرسها في القلوب طيلة ثلاث عشرة سنة ...قال الله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (البينة : 5 ) ، فمن النصح لله النصح لوحدانيته – عز وجل – في ذاته وصفاته الكمالية ، فلا يشرك الناصح لله مع الله شجرا ولا حجرا ولا مدرا ، ولا يستهدي إلا بالله ، ولا يستشفي إلا به ، ولا يلجأ إلا إليه سبحانه... والناصح لله لا يشرك في عبادته مع اللله أحدا ، لا شركا ظاهرا جليا ، ولا مستترا خفيا كالرياء وحب السمعة ...قال تعالى : ]إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ[ (الزمر :2- 3 )... 2- الاجتماعية النصح لعامة المسلمين بلا استثناء إنما يكون بإرشادهم لما ينفعهم في دنياهم وأخراهم , وإعانتهم في قضاء حوائجهم ، وستر عوراتهم , والدفاع عن أعراضهم ، وبدفع المضار عنهم وجلب المنافع لهم ن وبأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ،ويقع كل ذالك على عاتق الداعية الحكيم ، والخطيب المرشد ، والمعلم المربي ، والطبيب المعالج ،والعامل بين محركاته ، والصانع في صناعاته واختراعاته ،والأب في أسرته وبين أبنائه، والزوج مع شريكة حياته وأم عياله ، والتاجر في متجره ، والفلاح في مزرعته وحقله ،والطالب في مذاكرته وفي مدرسته أو جامعته ،والحاكم في مسؤوليته ، والمدير في إدارته... 3-الأخلاقية ينبغي للعامة احترام علماء الإسلام العاملين وتوقيرهم ، وعدم مخالفتهم فيما أمر به القرآن وأوردته السنة ،-كما يحلو للبعض – لأنهم القادة الروحانيون الذين خول لهم علمهم التبليغ عن ريول الله r ... قال الله تعالى ]إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) (فاطر : 28 ) ، وقال : ]قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ[ (الزمر : 9 ) ...وليبين لنا الرسولrما يجب علينا ،أخلاقيا ، تجاههم قال : ولأئمة المسلمين وعامتهم ...ولم يقل : ولعامتهم ، لأن العامة أتباع الأئمة ،، وما أفلح قوم - والله – أهانوا علماءهم واستخفوا بهم وضربوا بأقوالهم عرض الحائط ، وما تخلق رجل أهان من أعزه الله بفقه شريعته... 4-الثقافية إن النصيحة للكتاب تقتضي مل يلي : * ا - الإيمان بمتشابهه كالإيمان بمحكمه * ب- العنل بما جاء به من أحكام وتشريعات * ج- الدفاع عنه عند طعن الطاعنين وتأويل المحرفين ، ولا يتم ذلك إن اتخذنا القرآن الكريم الذي هو مصدر علوم الأولين والآخرين وراء ظهورنا ،أو زينا به حجراتنا ومراكبنا وتحصنا به على هيأة تمائم وتعاويذ...في حين أن القرآن الكريم لو درسنا فنونه ، وتفهمنا علومه ، كفيل بتقدمنا ،وتشبعنا بأصول حضارتنا الإسلامية العملاقة ، ولما دكت حصوننا ، ولما توالت علينا هجومات خصومنا الثقافية والإعلامية المختلفة الشرسة.. 5- السياسية *ا- النصيحة لأئمة المسلمين ، أي قادتهم وحكامهم بطاعتهم فيما يوافق الحق ،وما داموا على طريق الله وطريق رسوله r ...قال تعالى : ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً[ (النساء : 59 ) ...روى البخاري عن ابن عباس قال : نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي إذ بعثه رسول الله r في سرية ،واستعمل عليهم رجلا من الأنصار ، فلما خرجوا وجد عليهم في شيء ، قال : فقال لهم :أليس قد أمركم رسول الله r أن تطيعوني ؟ قالوا : بلى . قال: فاجمعوا لي حطبا ، ثم دعا بنار فأضرمها فيه ثم قال: عزمت عليكم لتدخلنها ...قال : فقال لهم شاب منهم : إنما فررتم إلى رسول الله r من النار .. فلا تعجلوا حتى تلقوا رسول الله r فإن أمركم أن تدخلوها فادخلوها ....قال : فرجعوا إلى رسول الله r فأخبروه ، فقال لهم : لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدا . إنما الطاعة في المعروف ... وعن عبد الله بن عمر ، عن رسول اللهr قال : السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ، ما لم يؤمر بمعصية ، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة... رواه أبو داود. *ب- وتكون النصيحة للأئمة أيضا بإرشادهم إلى شرع الله ، وإخلاص النصح لهم وهدايتهم إن هم انحرفوا عن السبيل السماوي ، فقد قيل : إنه لما تولي هارون الرشيد جلس للناس مجلسا عاما ، فدخل عليه بهلول المجنون فقال له : يا أمير المؤمنين ، احذر جلساء السوء ، واعتمد جليسا صالحا يذكرك بمصالح خلقه إذا غفلت ،والنظر فيهم إذا لهوت ، فإن هذا أنفع لك وللناس ؛ وأكثر في الأجر مما تأتي به من صوم وصلاة وقراءة وحج ...إن الرجل كان يلقي الكلمة عند ذي السلطان فيعمل بها فيملأ الأرض فسادا ... وقال رسول اللهr إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً فيهوى بها في النار سبعين خريفا ... ولا تكن يا أمير المؤمنين كمن قال الله تعالى في حقه : ] وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَاد[ (البقرة : 206 ).... فقال له : زدني . فقال : يا أمير المؤمنين ،إن الله تعالى قد أقاد لك الناس وجعل أمرك فيهم مطاعا ، وكلمتك فيهم نافذة ، وأمرك فيهم ماضيا ، وما ذلك إلا لتحملهم عللى الإتيان بما أمر الله به ، والانتهاء عما نهى الله عنه ..، وتعطي من هذا المال الأرملة واليتيم والشيخ الكبير وابن السبيل ...يا أمير المؤمنين ، أخبرني فلان عن فلان عن رسول اللهr أنه قال : إذا كان يوم القيامة ، وجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد أحضر الملوك وغيرهم من ولاة أمور الناس ، فيقول لهم : ألم أمكنكم من بلادي وأطع لكم عبادي لا لجمع الأموال ، وحشد الرجال ، بل لتجمعوهم على طاعتي ، وتنفذوا فيهم أمري ونهيي، وتعزوا أوليائي ،وتذلوا أعدائي ، وتنصروا المظلومين مكن الظالمين ؟ .... يا هارون ، تفكر كيف يكون جوابك عما تسأل عنه من أمور العباد في ذلك الموقف إذا حضرت ويداك مغلولتان إلى عنقك ، وجهنم بين يديك ، والزبانية محيطة بك تنظر ما يؤمر بك ...قال : فبكى هارون بكاء شديدا ، فقال له بعض الحاضرين : كدرت على أمير المؤمنين مجلسه .. فقال لهم هارون : قاتلكم الله ، إن المغرور من غررتموه ، والسعيد من بعدتم عنه ...ثم خرج من عنده. *** فقه الدعوة : * ا -النصيحة مُرة قل من يتقبلها ، ولذلك على الداعي أن يكون حكيما في نصحه ، ويتبع سبيل الموعظة الحسنة .. قال الله تعالى : ] ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ[ (النحل : 125 )...، ولا يتسرع في أحكامه فيواجه خصومه بالخشونة والغلظة ...قال الله تعالى مخاطبا نبيه r : ] فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ[ (آل عمران : 159 ) * ب – الناصح في الغالب غير محبوب ، لأنه يعاكس الشهوات الحيوانية والغرائز البهيمية ، ويخاطب بلغة العقل التي ى يفهمها إلا العقلاء ، ومن هنا يتضح الداعي الصادق الذي يبتغي وجه الله من الداعي المنافق الذي لا يسعى إلا إلى كسب أكبر عدد ممكن من الأنصار والمؤيدين ، وليتخذ لنقسه قاعدة شعبية عريضة عليها يقف ويستند؛ ليحقق أغراضه السياسية وأهدافه المادية ، وكثيرا ما نسمع بهذه المؤامرات التي تحاك ضد الدعوة الإسلامية لإجهاضها ، ولقد اتخذها بعضهم كبش الفداء في أول ليلة يرتقي فيها المنصب المؤمل ... * ج – على الناصح أن يتخير المكان والزمان والمناسبة التي يسدي فيها نصحه وإرشاده تماماً مثلما يتخير الأسلوب والعبارات اللائقة ، لأنه كما قيل : النصيحة أمام الملأ فضيحة. *** تطبيق * ا – لقد أصبح الحاكم في أمس الحاجة إلى من ينصحه بصدق وإخلاص ، ولا من حواه إلا حثالة من المتملقين المتزلفين الذين يزينون له المحرمات ويشهونه في الخمر والفتيات ... ولربما استعمله بعضهم لقضاء مآربه الخاصة ، أو للإنتقام من أعدائه ومناوئيه ، فيصبح الناصح المزعوم هو مقلب دفة الحكم كيفما يشاء.. * ب – وما ذلك إلا لأن الحكام أبعدوا عن مجالسهم الفقهاء والعلماء العاملين ، وضربوا على أنفسهم حصارا حتى لا تصل إلى آذانهم همسة واعظ ، ولا إشارة ناصح، أو لأنهم غلوا أيديهم وزجوا بهم في السجون والمعتقلات... * ج – لقد طغت الأقوال على الفعال في أيامنا هذه ولا حول ولا قوة إلا بالله ؛ وأصبح الناصح غير منصوح في ذاته ، بحيث يقف الرجل أما مالملأ فيحلل ويحرم ، ويوعظ ويوجه ، ويبشر ويحذر ، فتذرف من أقواله الدموع ، وتتسربل القلوب بالخشوع ،ثم تراه إذا فارق مجلسه فارق مبادئه وأقواله ، وخالفها بفعل الحرام وإتيان الموبقات .... والعياذ بالله. قال الله تعالى : ]أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ[ (البقرة : 44 ) ؟؟؟ ولله در الشاعر حين قال : ألا أيــها الرجـل المعلم غيــره هــلا لنفسك كان ذا التعليـم فابدأ بنفسك فانهـها عـن غيــها فإذا انتهت عنـه فأنت حكيـم تصف الدواء لذي السقام وذي الضنا كيما يصح بــه وأنت سقيـم . محمد بن عبد الله الجرداني الضمياطي في الجواهر اللؤلئية وقد ورد في الحديث : إن أحب عباد الله إلى الله أنصحهم لعباده... ( رواه أحمد ) وأخرجه الأصبهاني بلفظ : أحب عبادة عبدي إلي النصيحة... وأبو نعيم في الحلية : أحب ما تعبدني به عبدي النصح لي... وقال بعض التابعين : خير الناس أنصحهم لهم ، وشرهم أغشهم لهم .. ويطلب كون النصيحة برفق لتكون أقرب للقبول , ومن ثم كان السلف الصالح إذا أرادوا نصيحة أحد وعظوه سراً ، وقال الإمام الشافعي : من وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه...وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن أمر السلطان بالمعروف ونهيه عن المنكر ، فقال : إن كنت فاعلا ولا بد ففيما بينك وبينه ... وحكي أن رجلا وعظ المأمون ، وأغلظ عليه ، فقال له : خير منك وعظ من هو شر مني .. فإن موسى وهارون على نبينا وعليهما أفضل الصلاة والسلام لما أرسلهما الله تعالى إلى فرعون ،قال لهما : ]فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى[ (طه : 44 ) –أي ارفقا به. وينبغيللناصح أن يرى نفسه دون المنصوح ؛وأن يمهد أي يسوي له بساطا قبل النصح . فقد حكي أن الحسن والحسين رضي الله عنهما أقبلا على شيخ يتوضأ وضوءا باطلا ، فقال أحدهما للآخر : تعال نرشد هذا الشيخ. فقال أحدهما : يا شيخ ، إنا نريد أن نتوضأ بين يديك حتى تنظر إلينا وتعلم من منا يحسن الوضوء ومن لا يحسنه ... ففعلا ذلك . فلما فرغا من وضوئهما ، قال الشيخ : أنا – والله – الذي لا أحسن الوضوء، وأما أنتما فكل واحد منكما يحسن وضوءه .فانتفع بذلك منهما من غير تعنيف ولا توبيخ.. ثم إن هذا الحديث ألغاظه قليلة وفوائده كثيرة ، بل قيل : إن أحكام الإسلام داخلة تحته ، بل تحت كلمة منه، وهي : ولكتابه ؛ إذ هو مشتمل على الدين كله أصلا وفرعا وعملا واعتقادا...... تم والحمد لله رب العالمين وكان الفراغ من جمعه ومراجعته يوم 23 محرم عام 1427 أبو يوسف محمد زايد

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 3:33