المفهــوم الصحيح لحديث
" لا تُصَاحب إلاَّ مُؤْمناً ولا يَأْكُل طعامك إلا تقـــيّ"
للشيخ العلامة ناصر الدين الألباني
-رحمه الله تعالى-
" لا تُصَاحب إلاَّ مُؤْمناً ولا يَأْكُل طعامك إلا تقـــيّ"
للشيخ العلامة ناصر الدين الألباني
-رحمه الله تعالى-
سؤال: في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تـــقي) مـــا هــي الحـــدود التــي عنــدها لا أدخل أخي المـــسلم بيتــي ، ولا أطعمـــــه طعــــامـــي؟
الشيــــخ رحمه الله: الذي نفهمــه من هـــذا الحديث ، والله أعلـــم ، أن النبــي صلــى الله عليه وسلم يضــع للمسلــم منهـــجاً ينطلـــق عليه في حيـــاته أن لا يصـــاحب إلا مؤمنــــاً ولا يــأكل طعــامه إلا تقــــي.
ولا يعنــــي الحديـــث ، أنه لا يجـــوز للمسلــم أن يُطعــم غــير المــؤمن الصالـــح ، وإنـــما يقصــد الحديــث أنه ينبغــي له أن لا يخــالط إلا مؤمـــناً ، وأن لا يــأكل طعـــامه إلا تقـــي.
فالمخالطـــة والمصـــاحبة والمصـــادقة شـــيء ، وأن يُطعــم بمنـــاسبة ما كافراً أو فاسقاً شـــيء آخر.
فهـــذا يجـــوز ، ولكـــن ينبغـــي ألا يكــون ذلك منهـــج حيـــاته. ذلك لأن المصــاحب الصالح كمثــل بائع المســـك ، إما أن يحذيـك أي يعطيك مجـــاناً ، وإما أن تشتري منه ، وإما أن تشــم منه رائحــة طيبـــة. ومثل جليـــس الســوء ، كمثل الحداد ، إما أن يحرق ثيــابك ، وإما أن تشــم منه رائــحة كريهــة.
ومعنى الحديث أن الصاحب الصالح لابد أن يخرج منه بكســـب والعكـــس بالعكــــس للمصـــاحب الطالح لابد أن يتضرر منه.
كما مثـــل الرســول عليه السلام في الجليـــس الصالح: كمثـــل بـــائع المســـك ، إما أن يقــدم إليك مجــاناً من المســك ، هذه منفعة ظاهـــرة ، وإما أن تشــتري منه ، فهـــي منفعـــة دون تـــلك ، وإمـــا أن تشـــم منه رائـــحة طيبـــة ، فهــي منفعـــة أيضاً ، ولو دون المنفعتيـــن السابقتيـــن.
كذلك ومثــل الجليس الطـــالح كمثل الحداد ، إمـــا أن يحرق ثيـــابك بالنـــار التـــي يوقـــدها ، وإما أن تشـــم بسببهـــا رائحـــة كريهـــة.
فإذاً .. الصـــاحب كمـــا يقال الســــاحب ، الصـــاحب ســـــاحب ، إن كـــان صـــالحاً سحبـــه إلى الصــــلاح ، وإن كــــان طــــالحــاً سحـــبه إلى الطـــــلاح ، ولذلـــك قيــل:
عن المـــرء لا تســـأل واســـأل عن قريــــنه
وكــل مقـــارِن بالمقــــارَن يقتـــدي
من هنـــا جـــاء أمرٌ هـــامٌ من رســـــول الله صلــى الله عليه وسلــم حينـــما نهـــى في غيـــر ما حديـــث ثـــابت ، نهـــى المسلـــم أن يخـــالط المشــــرك ، فقــال عليه الصـــلاة والســـلام: (من جـــماع المشـــرك – أي من خـــالطه وصـــاحبه – فهو مثــــله).
وقال علـــيه الســـلام: (أنـــا برئ من مسلـــم يقيـــم بيــن ظهرانــــي المشركيــــن).
وقـــال أيضاً: (المسلـــم والمشـــرك لا تتراء نارهما) ، أي المســـلم يســـكن بعيـــداً عن المشـــرك ، ولا يقـــاربه في السكــــن ، بحيث أن أحدهمــــا إذا أوقــد نـــاره ، على قاعدة العرب في خيمهـــم قديماً ، وأيضـــاً حديثـــاً في بعــض الصحـــاري ، فتتــــراء نارهما ، يقــول الرســـول صلى الله عليه وسلم ابتعد في سكنك عن سكن المشـــرك ، خشيـــت أن يتأثـــر بشـــيء من تقـــاليده ، وعـــادته ، وأخلاقـــه ، وأطبــــاعه.
لذلك فلا يجـــوز للمسلـــم أن يخــــالط إلا الصــــالحين ، هذا هـــو المقصــــود من قولـــه عليـــه الســـلام في الحديـــث الســـابق المسؤول عنه: ( لا تصـــاب إلا مؤمــــناً ، ولا يــــأكل طعـــامك إلا تقــــــــي).
الشيــخ العلامة الألبـــــاني رحمه الله تعــــالى
ناصر الدين الجزائري
منقول من هنـــــــــا