من بدائع الفوائد لابن القيم
من أجمل ما قرأت الكتاب القيم لابن القيم رحمه الله والذي اسمه كمسماه (( بدائع الفوائد ))
ومنه ألتقط هذه الدرر والفوائد ..
يقول - رحمه الله : " مسألة : (سلام عليكم ورحمة الله) (سلام عليكم ورحمة الله)...
في هذا التسليم ثمانية وعشرون سؤالاً:
السؤال الأول:
ما معنى السلام وحقيقته ؟
السؤال الثاني:
هل هو مصدر أو اسم ؟
السؤال الثالث:
هل قول المسلم سلام عليكم خبر أو إنشاء وطلب ؟
السؤال الرابع:
ما معنى السلام المطلوب عند التحية؟ وإذا كان دعاء وطلباً فما الحكمة في طلبه عند التلاقي؟ والمكاتبة دون غيره من المعاني ؟
السؤال الخامس:
إذا كان من السلامة فمعلوم أن الفعل منها لا يتعدى ب(على)، فلا يقال سلامة عليك، وسلمت عليك بكسر اللام، وإنما يقال: سلام لك، كما قال تعالى: {فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} [ الواقعة: 91 ].
السؤال السادس:
ما الحكمة في الابتداء بالنكرة في السلام مع كون الخبر جاراً ومجروراً وقياس العربية تقديم الخبر في ذلك نحو في الدار رجل ؟
السؤال السابع:
لم اختص المسلم بهذا النظم والراد بتقديم الجار والمجرور على السلام؟ وهلا كان رده بتقديم السلام مطلقاً كابتدائه ؟
السؤال الثامن:
ما الحكمة في كون سلام المبتدئ بلفظ النكرة، وسلام الراد عليه بلفظ المعرفة؟ وكذلك ما الحكمة في ابتداء السلام في المكاتبة بالنكرة وفي آخرها بالمعرفة؟ فيقال: أولاً سلام عليكم، وفي انتهاء المكاتبة والسلام عليكم؟ وهل هذا التعريف لأجل العهد وتقدم السلام أم لحكمة سوى ذلك؟
السؤال التاسع:
ما الفائدة في دخول الواو العاطفة في السلام الآخر؟ فيقول أولاً سلام عليكم، وفي الانتهاء والسلام عليكم، وعلى أي شيء هذا العطف ؟!
السؤال العاشر:
ما السر في نصب السلام في تسليم الملائكة ورفعه في تسليم إبراهيم؟ وهل هو كما تقول: النحاة أن سلام إبراهيم أكمل لتضمنه جملة إسمية دالة على الثبوت وتضمن سلام الملائكة صيغة جملة فعلية دالة على الحدوث أم لسر غير ذلك ؟
السؤال الحادي عشر:
ما السر في نصب السلام من قوله تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً} [ الفرقان: 63 ]، ورفعه من قوله: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُم} [ القصص: 55 ]؟ أو ما الفرق بين الموضعين ؟
السؤال الثاني عشر:
ما الحكمة في تسليم الله على أنبيائه ورسله؟ والسلام إنما هو طلب السلامة للمسلم عليه فكيف يتصور هذا المعنى في حق الله ؟ وهذا من أهم الأسئلة وأحسنها.
السؤال الثالث عشر:
إذا ظهرت حكمة سلامه تعالى عليهم فما الحكمة في كونه سلم عليهم بلفظ النكرة، وشرع لعباده أن يسلموا على رسوله بلفظ المعرفة ؟ فيقولون: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وكذلك سلامهم على أنفسهم وعلى عباد الله الصالحين.
السؤال الرابع عشر:
ما السر في تسليم الله على يحيى بلفظ النكرة في قوله: {وَسَلامٌ عَلَيْه} [مريم: من الآية15]، وتسليم المسيح نفسه بلفظ المعرفة بقوله: {وَالسَّلامُ عَلَيّ} [ مريم: 33 ]، وأي السلامين أتم وأعم؟
السؤال الخامس عشر:
ما الحكمة في تقييد هذين السلامين بهذه الأيام الثلاثة ؟ {يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً} [ مريم: 33 ]، خاصة مع أن السلام مطلوب في جميع الأوقات فلو أتى به مطلقاً. أما كان أعم؟. فإن هذا التقييد خص السلام بهذه الأيام خاصة ؟
السؤال السادس عشر:
ما الحكمة في تسليم النبي صلى الله عليه وسلم على من اتبع الهدى في كتاب هرقل بلفظ النكرة، وتسليم موسى على من اتبع الهدى بلفظ المعرفة ليطابق القرآن وما الفرق بينهما ؟
السؤال السابع عشر:
قوله تعالى: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} [ النمل: 59 ]، هل هذا سلام من الله فيكون الكلام قد تضمن جملتين طلبية وهي الأمر بقوله: قل الحمد لله، وخبرية وهي سلامه تعالى على عباده وعلى هذا، فيكون من باب عطف الخبر على الطلب أو هو أمر من الله بالسلام عليهم. وعلى هذا فيكون قد أمر بشيئين أحدهما قول الحمد لله، والثاني قول سلام على عباده الذين اصطفى ويكون كلاهما معمولاً لفعل القول وأي المعنيين أليق بالآية؟.
السؤال الثامن عشر:
روى أبو داود في سننه من حديث أبي جري الهجيمي قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: عليك السلام يا رسول الله فقال: <لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الموتى>، قال الترمذي: حديث صحيح وقد صح عنه في السلام على الأموات فعلاً وأمراً <السلام عليكم دار قوم مؤمنين> فما وجه هذا الحديث وكيف الجمع بينه وبين الأحاديث الصحيحة ؟
السؤال التاسع عشر:
ما وجه دخول الواو في قول النبي صلى الله عليه وسلم: <إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم> وقد استشكل كثير من الناس أمر هذه الواو، حتى أنكر بعضهم من الحذاق أن تكون ثابتة، قال: لأن الواو في مثل هذا تقتضي تقرير الأول وتصديقه كما إذا قلت: زيد كاتب، فقال: المخاطب وفقيه، فإنه يقتضي إثبات الأول وزيادة وصف فقيه. فكيف دخلت في هذا الموضع ؟ وما وجهها ؟
السؤال العشرون:
ما السر في اقتران الرحمة والبركة بالسلام دون غيرها من الصفات كالمغفرة والبر والإحسان ونحو هذا ؟
السؤال الحادي والعشرون:
لم كانت نهاية السلام عند قوله وبركاته ولم تشرع الزيادة عليها؟.
السؤال الثاني والعشرون:
ما الحكمة في إضافة الرحمة والبركة إلى الله تعالى وتجريد السلام عن هذه الإضافة؟ ولم لا أضيفت كلها أو جردت كلها؟.
السؤال الثالث والعشرون:
ما الحكمة في إفراد السلام والرحمة وجمع البركة؟.
السؤال الرابع والعشرون:
ما الحكمة في تأكيد الأمر بالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم بالمصدر دون الصلاة في قوله تعالى: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [ الأحزاب: 56 ]، ولم يقل صلوا صلاة؟.
السؤال الخامس والعشرون:
ما الحكمة في تقديم السلام عليه في الصلاة على الصلاة عليه؟ وهلا وقعت البداءة بالصلة عليه أولاً، ثم أتبعت بالسلام لتصح البداءة بما بدأ الله به من تقديم الصلاة على السلام ؟
السؤال السادس والعشرون:
ما الحكمة في كون السلام عليه في الصلاة بصيغة خطاب المواجهة ؟ وأما الصلاة عليه فجاءت بصيغة الغيبة لذكره باسم العلم.
السؤال السابع والعشرون:
وهو ما جر إليه طرد الكلام: ما الحكمة في كون الثناء على الله ورد بصيغة الغيبة في قولنا التحيات الله مع أنه سبحانه هو المناجي المخاطب الذي يسمع كلامنا ويرى مكاننا، وجاء السلام على النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة الخطاب. مع أن الحال كان يقتضي العكس فما الحكمة في ذلك ؟
السؤال الثامن والعشرون:
وهو خاتمة الأسئلة: ما السر في كون السلام خاتمة الصلاة؟ وهلا كان في ابتدائها؟ وإذا كان كذلك فما السر في مجيئه معرفاً؟ وهلا جاء منكراً ؟
*معنى السلام وحقيقته:
أما السؤال الأول: وهو ما حقيقة هذه اللفظة ؟ فحقيقتها البراءة والخلاص والنجاة من الشر والعيوب، وعلى هذا المعنى تدور تصاريفها، فمن ذلك، قولك: (سلمك الله وسلم فلان من الشر، ومنه دعاء المؤمنين على الصراط: رب سلم اللهم سلم).
ومنه سلم الشيء لفلان أي: خلص له وحده، فخلص من ضرر الشركة فيه قال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ} [ الزمر: 29 ]. أي خالصاً له وحده لا يملكه معه غيره.
ومنه السلم ضد الحرب قال تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [ الأنفال: 61 ]، لأن كلاً من المتحاربين يخلص ويسلم من أذى الآخر، ولهذا يبني منه على المفاعلة فيقال: المسالمة مثل المشاركة.
ومنه القلب السليم وهو النقي من الغل والدغل. وحقيقته الذي قد سلم الله تعالى وحده. فخلص من دغل الشرك وغله ودغل الذنوب والمخالفات. بل هو المستقيم على صدق حبه، وحسن معاملته، فهذا هو الذي ضمن له النجاة من عذابه، والفوز بكرامته، ومنه أخذ الإسلام فإنه من هذه المادة، لأنه الاستسلام والانقياد لله تعالى، والتخلص من شوائب الشرك فسلم لربه، وخلص له كالعبد الذي سلم لمولاه ليس فيه شركاء متشاكسون، ولهذا ضرب سبحانه هذين المثلين للمسلم المخلص الخالص لربه والمشرك به.
ومنه السلم للسلف وحقيقته العوض المسلم فيه، لأن من هو في ذمته قد ضمن سلامته لربه، ثم سمى العقد سلماً وحقيقته ما ذكرناه.
فإن قيل: فهذا ينتقض بقولهم للديغ سليماً.
قيل: ليس هذا بنقض له بل طرد لما قلناه فإنهم سموه سليماً باعتبار ما يهمه ويطلبه، ويرجو أن يؤول إليه حاله من السلامة. فليس عنده أهم من السلامة ولا هو أشد طلباً منه لغيرها. فسمي سليماً لذلك وهذا من جنس تسميتهم المهلكة مفازة، لأنه لا شيء أهم عند سالكها من فوزه منها أي نجاته فسميت مفازة لأنه يطلب الفوز منها.
وهذا أحسن من قولهم: إنما سميت مفازة وسمي اللديغ سليماً تفاؤلاً، وإن كان التفاؤل جزء هذا المعنى الذي ذكرناه وداخل فيه فهو أعم وأحسن.
فإن قيل: فكيف يمكنكم رد السلم إلى هذا الأصل؟
قيل: ذلك ظاهر، لأن الصاعد إلى مكان مرتفع لما كان متعرضاً للهوي والسقوط طالباً للسلامة راجياً لها سميت الآلة التي يتوصل بها إلى غرضه سلماً لتضمنها سلامته. إذ لو صعد بتكلف من غير سلم لكان عطبه متوقعاً. فصح أن السلم من هذا المعنى.
ومنه تسمية الجنة بدار السلام، وفي إضافتها إلى السلام ثلاثة أقوال: أحدها: أنها إضافة إلى مالكها السلام سبحانه. الثاني: أنها إضافة إلى تحية أهلها فإن تحيتهم فيها السلام. الثالث: أنها إضافة إلى معنى السلامة أي دار السلامة من كل آفة ونقص وشر والثلاثة متلازمة. وإن كان الثالث أظهرها فإنه لو كانت الإضافة إلى مالكها لأضيفت إلى اسم من أسمائه غير السلام. وكان يقال دار الرحمن، أو دار الله، أو دار الملك... ونحو ذلك فإذا عهدت إضافتها إليه.
ثم جاء دار السلام حملت على المعهود، وأيضاً فإن المعهود في القرآن إضافتها إلى صفتها، أو إلى أهلها:
أما الأول فنحو: (دار القرار دار الخلد جنة المأوى جنات النعيم جنات الفردوس). وأما الثاني فنحو: دار المتقين ولم تعهد إضافتها إلى اسم من أسماء الله في القرآن فالأولى حمل الإضافة على المعهود في القرآن، وكذلك إضافتها إلى التحية ضعيف من وجهين:
أحدهما: أن التحية بالسلام مشتركة بين دار الدنيا والآخرة وما يضاف إلى الجنة لا يكون إلا مختصاً بها كالخلد والقرار والبقاء. الثاني: أن من أوصافها غير التحية ما هو أكمل منها مثل كونها دائمة وباقية، ودار الخلد والتحية فيها عارضة عند التلاقي والتزاور بخلاف السلامة من كل عيب ونقص وشر. فإنها من أكمل أوصافها المقصودة على الدوام التي لا يتم النعيم فيها إلا به فإضافتها إليه أولى وهذا ظاهر.
*إطلاق السلام على الله تعالى:
وإذا عرفت هذان فإطلاق السلام على الله تعالى اسما من أسمائه هو أولى من هذا كله، وأحق بهذا الاسم من كل مسمى به لسلامته سبحانه من كل عيب ونقص، من كل وجد فهو السلام الحق بكل اعتبار، والمخلوق سلام بالإضافة فهو سبحانه سلام في ذاته عن كل عيب ونقص يتخيله وهم، وسلام في صفاته من كل عيب ونقص. وسلام في افعاله من كل عيب ونقص، وشر وظلم، وفعل واقع على غير وجه الحكمة، بل هو السلام الحق من كل وجه وبكل اعتبار.
فعلم أن استحقاقه تعالى لهذا الاسم أكمل من استحقاق كل ما يطلق عليه، وهذا هو حقيقة التنزيه الذي نزه به نفسه ونزهه به رسوله.
فهو السلام من الصاحبة والولد والسلام من النظير والكفء، والسمي والمماثل، والسلام من الشريك، ولذلك إذا نظرت إلى أفراد صفات كماله وجدت كل صفة سلاما مما يضاد كمالها فحياته سلام من الموت، ومن السنة والنوم، وكذلك قيوميته وقدرته سلام من التعب واللغوب، وعلمه سلام من عزوب شيء عنه، أ, عروض نسيان أو حاجة إلى تذكر وتفكر. وإرادته سلام من خروجها عن الحكمة والمصلحة.
وكلماته سلام من الكذب والظلم بل تمت كلماته صدقا وعدلا. وغناه سلام من الحاجة إلى غيره بوجه ما بل كل ما سواه، محتاج إليه وهو غني عن كل ما سواه وملكه سلام من منازع فيه أو مشارك أ, معاون مظاهر أو شافع عنده بدون إذنه. وإلهيته سلام من مشارك له فيها، بل هو الله الذي لا إله إلا هو. وحلمه وعفوه وصفحه ومغفرته وتجاوزه سلام من أن تكون عن حاجة منه أو ذلك أو مصانعة كما يكون من غيره بل هو محض جوده وإحسانه وكرمه.
وكذلك عذابه وانتقامه وشدة بطشه وسرعة عقابه سلام من أن يكون ظلما أو تشفيا أو غلظة أو قسوة بل هو محض حكمته وعدله ووضعه الأشياء مواضعها وهو مما يستحق عليه الحمد والثناء كما يستحقه على إحسانه وثوابه ونعمه، بل لو وضع الثواب موضع العقوبة لكان مناقضا لحكمته ولعزته، فوضعه العقوبة موضعها هو من عدله وحكمته وعزته فهو سلام مما يتوهم أعداؤه والجاهلون به من خلاف حكمته.
وقضاؤه وقدره سلام من العبث والجور والظلم، ومن توهم وقوعه على خلاف الحكمة البالغة. وشرعه ودينه سلام من التناقض والاختلاف والاضطراب وخلاف مصلحة العباد ورحمتهم والإحسان إليهم وخلاف حكمته، بل شرعه كله حكمة ورحمة ومصلحة وعدل.
وكذلك عطاؤه سلام من كونه معاوضة أو لحاجة إلى المعطى. ومنعه سلام من البخل وخوف الإملاق، بل عطاؤه إحسان محض لا لمعاوضة ولا لحاجة، ومنعه عدل محض وحكمة لا يشوبه بخل ولا عجز.
واستواؤه وعلوه على عرشه سلام من أن يكون محتاجا إلى ما يحمله أو يستوي عليه، بل العرش محتاج إليه وحملته محتاجون إليه فهو الغني عن العرش، وعن حملته، وعن كل ما سواه فهو استواء وعلو لا يشوبه حصر ولا حاجة إلى عرش ولا غيره ولا إحاطة شيء به سبحانه وتعالى، بل كان سبحانه ولا عرش، ولم يكن به حاجة إليه وهو الغني الحميد، بل استواؤه على عرشه واستيلاؤه على خلقه من موجبات ملكه وقهره، من غير حاجة إلى عرض ولا غيره بوجه ما، ونزوله كل ليلة إلى سماء الدنيا سلام مما يضاد علوه وسلام مما يضاد غناه.
وكماله سلام من كل ما يتوهم معطل أو مشبه، وسلام من أن يصير تحت شيء أو محصورا في شيء، تعالى الله ربنا عن كل ما يضاد كماله، وغناه وسمعه وبصره، سلام من كل ما يتخيله مشبه أو يتقوله معطل.
وموالاته لأوليائه سلام من أن تكون عن ذلك كما يوالي المخلوق المخلوق بل هي موالاة رحمة وخير وإحسان وبر، كما قال : {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً} [الإسراء: 111]، فلم ينف أن يكون له ولي مطلقا، بل نفى أن يكون له ولي من الذل. وكذلك محبته لمحبيه وأوليائه سلام من عوارض محبة المخلوق للمخلوق من كونها محبة حاجة إليه، أو تملق له أو انتفاع بقربه، وسلام مما يتقوله المعطلون فيها، وكذلك ما أضافه إلى نفسه من اليد والوجه فإنه سلام عما يتخيله مشبه أو يتقوله معطل.
فتأمل كيف تضمن اسمه السلام كل ما نزه عنه تبارك وتعالى، وكم ممن حفظ هذا الاسم لا يدري ما تضمنه من هذه الأسرار والمعاني، والله المستعان المسؤول أن يوفق للتعليق على الأسماء الحسنى، على هذا النمط، إنه قريب مجيب.