حقوق الناس واجب أداؤها وتسديدها .. وتحرم المماطلة والمضارة فيها
سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء
أكد سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وادارة البحوث العلمية والإفتاء ان حقوق الناس واجب اداؤها وواجب تسديدها وحرام المماطلة فيها وحرام المضارة في الحقوق وحرام المضارة في أهل الأملاك وهي واجبة الوفاء سواء كانت قيمة مبيعات او قيمة اجور او غير ذلك كل هذه الحقوق واجبة على المسلم أن يؤديها بطيب نفس حتى يكون من الصادقين.
وقال سماحته ان علامة الايمان الصادقة ان يكون المسلم ذا وفاء وقيام للحق وتسديد للحق دون أي مماطلة اذا أمنك أخوك على حق بينك وبينه لم يكن هناك كتابة ولا رهون ولا إشهاد ولكنه أمنك واطمأن لإيمانك وصدقك فإياك ان تخونه وإياك أن تسيء ظنه بك وإياك ان تكذب (فَإنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ ولْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّه) ليسدد الحقوق ليوفي ما عليه من الحقوق، ليبرئ ذمته من حقوق الآخرين.
وأضاف ان حقوق الناس مبنية على المشاحة والمضايقة، فلا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه،
والأصل حرمة أموال المسلمين ((إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام))
والله يقول (يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ) فمن أكل أموال الناس بالباطل جحود الحق الواجب عليك فتجحدها ما في ذمتك وتنكر ما عليك من حق
ومن أكل أموال الناس بالباطل وظلمهم أن تماطل في الوفاء، فلا تعطي حقوقهم بطمأنينة نفس، لكن تماطلهم عسى ان يرضوا منك باليسير ويقتنعوا منك باليسير فيسقطوا بعض ما عليك رجاء أن يحوزوا البقية فيرجع اموالهم بجزء منها مقابل مماطلتك وظلمك وتأخيرك للوفاء
اذن ما اخذت من هذا فإنك أخذته بغير حق ظلماً وعدواناً
إذ الواجب عليك أن تسدد الحق الواجب عليك وأن تؤدي ما في ذمتك عن طوع واختيار
في الحديث: (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله) فما في ذمتك من حقوق فأدها عن طيب نفس وعن رضا نفس لا تجحد لا تماطل بالوفاء لا تضار صاحب الحق، لا تلجئه الى شكاية ورفع الى الجهات المختصة .. لا تتعبه وتشغله حتى يتعب منك وربما ترك حقه عجزاً عن مطالبتك فتظن ان ذلك مباح لك والله يعلم انه حرام عليك
اذ الواجب ان تؤدي الحق بطيب نفس واختيار، هذا اذا كنت قادراً ولا عذر لك، والنبي يقول: (من كان له عند أخيه مظلمة من مال أو عرض فليتحلل منه اليوم قبل ان لا يكون دينار ولا درهم، ان كان له حسنات أخذ من حسناته، وان قضيت الحسنات قبل ان يقضي عليه أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه)
فأبرئ ذمتك من حقوق العباد وأدها اداء كاملاً، ولا عذر لك إلا أن تكون معسراً عاجزاً عن التسديد، فالله يقول: (وإن كان ذو عسرة فنظرة الى ميسرة)
أما إن كنت قادراً فأد الحق فوراً والنبي يقول: (مطل الغنى ظلم، يحل عرضه وعقوبته).
أد أثمان المبيع وأد اجره العين المستأجرة، كل هذا واجب أداؤها وواجب تسليمها والمبادرة بذلك.
وقال المفتي العام : البعض من الناس لديه قدرة على التحايل والمراوغة إذا توجه الحق عليه هرب بكل وسيلة أن يحضر الوفاء بعلل واهية وأكاذيب وأباطيل بصاحب الحق ويتعبه ويعييه، ليلجأ إلى الخصومة أو يتعب ويكل ويعجز فيترك حقه عجزاً لا شفاعة من نفس ولكن عجزا عن المطالبة
و هذا لا يبرؤك من الحقوق ولا يبرؤك من حقوق الناس ولا يعفيك من الواجب عليك.
وأضاف سماحته: أما ان كانت الحقوق غير واضحة للجميع بان يكون الأمر مشتبها وحقوق متداخلة قد لا يستطيع الخصمان ان يخلصا حق كل من الاخر
فالنبي قد ارشدنا إلى الطريق السوي في ذلك فتروي أم سلمة زوج النبي: ان شخصين اختصما إلى النبي في مواريث دائرة بينهما ليس لأحدهما بينه، فقال لهم النبي: (انكم تختصمون إلي وانما أنا بشر ولعل بعضكم ألحن بحجته من الآخر فأقضي له بنحو مما اسمع فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه فانما اقطع له قطعة من النار يحملها على عنقه يوم القيامة) فبكى الرجلان وقال كل منهما: حقي لأخي فقال: (أما إذا قلتما فاذهبا واقتسما وتوخيا الصواب واستهما وليحلل كل منكما صاحبه)
فأرشدهما النبي إلى هذا الطريق الذي تبرأ به الذمم مواريث مندرسة لا يعلم كل ماله من الآخر أمرهم النبي ان يتوخيا الصواب ويفعلا قدر ما يظنا ان ذلك هو الحق، ثم يبديا بينهما قرعة فمن خرجت له القرعة فله ذلك النصيب ثم يقتسما ويحلل كل منهما صاحبه، حتى تكون النفوس مطمئنة وراضية
هكذا حكم رسول الله وهذان الرجلان عندما وعظهم النبي بهذه الموعظة العظيمة بكيا اشفاقا من الله وخوفا من الله هكذا حال أهل الإيمان.
فلا يحل لك المضارة لصاحب الحق ليصالحك عن التنازل عن حقك بشيء لأجل الاضرار انما الصلح لو كان الأمر مجهولا، لو كان الأمر غير واضح
أما الأمور الواضحة والحقوق الجلية التي لا إشكال فيها فواجب المسلم ان يؤدي ما عليه، وان لا يضار بأخيه المسلم، فمطل الغني ظلم يحل عرضه وعقوبته، والله يقول: (فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي أؤتمن أمانته وليتق الله ربه).
وقال سماحته : فتقوى الله واجب بين العباد في تعامل بعضهم مع بعض فلا عدوان ولا ظلم ولا فرار من الحقوق ولكن أداء ووفاء (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود).
-------
شبكة الرد ـ السبت 13 صفر 1428هـ الموافق 3/3/2007م
المصدر: (صحيفة المدينة) السبت 13 صفر 1428 - الموافق - 3 مارس 2007 - العدد 16019))
والنقل
لطفـــاً .. من هنـــــــــــا