عاقبت محكمة سودانية مصريين بالسجن ٦ أشهر بتهمة ترويج كتاب يسيء للإسلام على هامش مشاركة دار النشر التي يعملان بها في معرض للكتاب بالعاصمة السودانية الخرطوم
فيما أعتبرت 12 منظمة حقوقية مصرية في بيان لها أن الحكم تهديد لحرية التعبير
وقالت مصادر أن مالك المكتبة الموجود الآن ببيروت يجري اتصالاته لاتخاذ موقف من اتحاد الناشرين العرب ضد هذا الحكم
وكانت السلطات الأمن السودانية قد ألقت الثلاثاء 11 ديسمبر 2007 القبض على كل من عبد الفتاح السعدني، ومحروس محمد عبد العظيم، ويعملان بدار مدبولي للنشر الشهيرة بمصر، بتهمة الإساءة للدين الإسلامي حيث أدخلا ووزعا كتابا عنوانه "أم المؤمنين تأكل أولادها" أثناء مشاركتهما في معرض الخرطوم الدولي للكتاب رغم أنه من طباعة دار نشر يملكها عراقي يقيم بألمانيا.
والكتاب المذكور تأليف السوري نبيل فياض، وصدرت طبعته الورقية الأولى ببيروت 1999 على نفقة المؤلف الخاصة
ويقول قي مقدمته أنه يرد به على كتاب آخر لعالم ديني سوري هو الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي والمعنون بـ" عائشة أم المؤمنين"
ويرى مختصون أن فياض يسيء للسيدة عائشة زوجة الرسول محمد، باتهامات بحب المال والجنس.
وقال شهود عيان أن قوة مباحث المصنفات الفنية التي ألقت القبض على المتهمين كانت بصحبة أفراد من جماعة أنصار السنة الأصولية المتشددة.
وفي محاكمة سريعة صدر الأحد الماضي الحكم على المتهمين بالسجن 6 أشهر، وتنص المادة 125 من القانون الجنائي التي حوكم بموجبها المتهمين على إنزال حكم السجن ستة أشهر وأربعين جلدة وغرامة.
وكان حكما قد صدر هذا الشهر على المعلمة البريطانية جيليان غيبونز (54 عاما) بالسجن 51 يوما بتهمة إهانة الإسلام بعد أن سمحت بتسمية دمية على اسم أحد تلاميذها بناء على رغبته ويدعى محمد، واعتبر المسئولون (في بلد يحكمه نظام عسكري إسلامي منذ العام 1989) الأمر إهانة للرسول محمد وخرجت مظاهرات تطالب بإعدامها. لكنها أمضت أياما تحت الإقامة الجبرية في منزل للضيافة قبل أن يفرج عنها بقرار رئاسي.
وحسب حسن مدبولي شقيق مالك دار "مدبولي**" فإن هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها جناح المكتبة لملاحقة قضائية من هذا النوع بالسودان، ومبديا استنكاره للتعسف الذي تعاملت به السلطات السودانية مع مندوبي المكتبة بالمعرض قال مدبولي لإذاعة هولندا الدولية أن السلطات السودانية رفضت السماح للمحامين بمقابلة للمتهمين أو حضور جلسة الحكم أو تقديم مرافعة، مشيدا بموقف الخارجية المصرية حيث اتصل وزيرها أحمد أبو الغيط بالسفير السوداني بالقاهرة مبديا اعتراضه على هذا "التعسف في معاملة المتهمين والتسرع في الحكم عليهما"، كما قامت السفارة المصرية بتوكيل محامين مختصين لرفع دعوى استئناف وهو الحق المكفول للمتهمين خلال 15 يوما من صدور الحكم.
وأضاف مدبولي أن دورا مصرية أخرى تعرضت لمضايقات مثل دار النافذة التي قام مسئولو الأمن بتفتيش جائر لمحتويات جناحها بالمعرض مما دفع بأصحابها لبيع ما تبقى من الكتب بأسعار رخيصة للغاية والعودة لمصر. كما تعرضت دار عزة السودانية الشهيرة للتفتيش.وقال مدبولي أنه لم يكن هناك أي نسخة من الكتاب محل الجدل بجناح مكتبتهم بالمعرض حيث أن كل ما كان بحوزتهم هو خمس نسخ فقط حصلوا عليها من معرض سابق حيث جرى العرف على أن تتبادل المكتبات بقايا الكتب غير المباعة لترويجها في معارض لاحقة. مضيفاً أن الكتاب كان ضمن قائمة كتب أرسلت أسماؤها مسبقا للجهات المعنية بمعرض الخرطوم وحصلت على الموافقة، كما يعرض الكتاب بكثافة في دور لبنانية مشاركة بالمعرض ولم تلاحق. موضحا أن الكتاب المذكور من مطبوعات دار "الجمل" المسجلة في ألمانيا لصاحبها الشاعر العراقي خالد المعالي، وللدار وكيل سوري مشارك في المعرض هو «دار القلم» وكان لديه نسخ من الكتاب ولم يعترضه أحد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
**وتعود دار مدبولي لمالكها "الحاج/ محمد مدبولي" وهو من مواليد محافظة الجيزة عام 1938بدأ حياته بائعاً متجولاً للصحف، ثم امتلك كشكاً لبيع الصحف والمجلات الأجنبية في عام 1958 ليستأجر بعدها منفذ بيع من نقابة الصحفيين المصرية، ويقول عن هذه الفترة أنها كانت مرحلة للنهضة الثقافية "كنا نبيع 500 نسخة من الكتاب في اليوم الواحد. ثم بدأنا بالانفتاح على بيروت، وكان نشاطنا متعدداً مع بعض الناشرين اللبنانيين لطباعة ونشر الكتب المشتركة" وفي العام 1966 افتتحت مكتبة مدبولي الحالية في شارع طلعت حرب بوسط القاهرة. ونشرت حتى الآن أكثر من أربعة آلاف عنوان، بينما تعرض مكتبته نحو نصف مليون عنوان آخر. ويحتفظ مالك المكتبة بعلاقات صداقة مع الكثير من المثقفين والحكام العرب والأجانب
ويذكر المتابعون للشأن السوداني أن الحزب الشيوعي السوداني تعرض للملاحقة نهاية الستينات حتى صدر قرار بحله وطرد نوابه من البرلمان على خلفية كلمة أعتبرت مسيئة للسيدة عائشة
أثناء ندوة بمعهد المعلمين العالي أم درمان (كلية التربية حالياً) أقامها الاتجاه الإسلامي في يوم 8 كانون الثاني/ يناير 1965 عن قضية المرأة في الإسلام
انبرى طالب للحديث عن الفساد وأخلاقية الإسلام بالقول
أن الفساد موجود بين كل البشر بما فيه مجتمع المدينة الأول.
وتسرب القول إلى الخارج بأن أحد الشيوعيين هاجم البيت النبوي واتهمه بالفساد
وأثيرت حادثة الإفك الخاصة بالسيدة عائشة (حيث اتهمت بإقامة علاقة مع آخر غير زوجها الرسول).
وتفاعلت الأحداث وقامت الجمعية التأسيسية باتخاذ قرار حل الحزب في جلستها الطارئة يوم 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 1965
وطرد نواب الحزب الشيوعي.
القضية لا تزال مستعرة في الخرطوم
ولم تتوقف قضية الكتاب عند محاكمة العاملين المصريين
فقد تبادلت وزارة الثقافة وإدارة المعرض بالسودان الاتهامات حول مسؤولية إدخال الكتب
ففيما وجّه وزير الدولة بوزارة الثقافة والشباب والرياضة محمد أبوزيد بفتح تحقيق حول ملابسات تلك القضية
حملَّت إدارة المعرض الوزارة المسؤولية في السماح بدخول الكتب إلى السودان باعتبار المعرض أقيم بدعوة منها
بينما طالب اتحاد الكتاب السودانيين نيابة الصحافة والمطبوعات بتوضيح أسباب مصادرة الكتب، مشيراً إلى أن مسؤوليتها على المؤلفين وليس المقبوض عليهم باعتبارهم مجرد باعة.
وقد قامت نيابة الصحافة والمطبوعات بمصادرة الكتاب المذكور مع عدد من الكتب الأخرى من جناح مكتبة مدبولي بمعرض الخرطوم الدولي للكتاب - الذي ختم أعماله الأسبوع الماضي- إثر بلاغ تقدّم به محتسبون
وألقت القبض على اثنين من المتهمين المصريين بالإساءة للعقيدة، ونشر مصنفات ضارة
.يذكر أن العام الماضي شهد أيضا مصادرة جميع الكتب الشيعية وإغلاق الجناح الإيراني بالمعرض وترحيل أفراد الوفد الإيراني إلى بلادهم.
كما شهد المعرض هذا العام مصادرة لعدة كتب شيعية وكتاب عن أزمة دارفور، "دارفور تاريخ حرب وإبادة".
بدون تعليق
منقول
الرابط
http://www.rnw.nl/hunaamsterdam/culture/culturbarnch/18120701