الاتفاق والاختلاف بين بيعة النساء والرجال
فاطمة صالح الجارد
بعد أن من الله علي بالفوز بجائزة نايف بن عبدالعزيز العالمية للسنّة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة حفزني هذا الفوز لأن اكتب في موضوع آخر
وهو عناية السنّة النبوية بحقوق المرأة،
وكان هذا الموضوع يراودني منذ سنوات، فوجدت عرض الجائزة لهذا الموضوع فرصة للكتابة فيه، وأن من أعجب الصدف انه في الأيام التي تمت فيها بيعة خادم الحرمين الشريفين كنت قد شرعت في مسألة البيعة، مما زادني الحماس للتعمق في الموضوع أكثر حتى أبين ما اختلط على النساء في هذا الأمر
وإنني اكتب إليكم الآن في هذا الموضوع وأنا اعترف للصحافة وللقراء بالتأخر ولكن أرجو التماس العذر وذلك بسبب تزاحم الأعمال، فإنني أبدأ بهذا الموضوع بالمبايعة لولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين وانني اؤكدها وأقول أننا نبايعك ثم نبايعك، ثم نبايعك.
ولست أقولها والله نفاقاً ولا رياء ولست طالبة منصباً ولا مالاً، فلست بحاجة لا إلى هذا ولا إلى ذاك، ولكنني بأمس الحاجة إلى الفوز (بقدم صدق عند مليك مقتدر) حتى تكون هذه الكلمات شاهدة لي ولمن ساهم في نشرها (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم)
أقولها لأن الأعداء تتربص بنا الدوائر، وتتلمس الشقاق والخلاف وتتمناه، ولكننا نقول (عليهم دائرة السوء).
أقول لقد من الله علي أن قمت بدراسة مستفيضة وحاولت ما استطعت ان تكون دقيقة لأحاديث البيعة جميعها التي تخص النساء ثم قارنتها بالأحاديث التي تخص بيعة الرجال، ووجدت أن هناك فرقاً بين بيعة النساء وبيعة الرجال، وذلك بكل حسب مناطه ومسؤوليته في المجتمع
فهذه الدراسة تفند ادعاءات المطالبون بالمساواة بين الرجل والمرأة
فهؤلاء في الحقيقة، غلاف دعواهم مناصرة المرأة، وفي مكنونها خطر عظيم يهدد كيان المرأة
وينقلها من الصون والعفاف والشرف والعز والكرامة إلى شاطئ الذل والهوان
فهؤلاء في الحقيقة، غلاف دعواهم مناصرة المرأة، وفي مكنونها خطر عظيم يهدد كيان المرأة
وينقلها من الصون والعفاف والشرف والعز والكرامة إلى شاطئ الذل والهوان
فمطالبتهم بنزع الحجاب، ومساواة المرأة بالرجل واختلاط النساء بالرجال أهداف تحقق غاية دنيئة عظيمة وهي الإباحية التي وصلت إليها المرأة الغربية.
أقول لقد توصلت بفضل من الله ونعمه إلى النتائج الآتية:
أولاً: الأمور التي تتساوى المرأة مع الرجل في أمر البيعة.
1- الأصل في مشروعيتها: تشترك النساء مع الرجال في مشروعية البيعة كما حصل للرسول صلى الله عليه وسلم في بيعة الصحابيات له.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتحن بقول الله عز وجل: {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين} إلى آخر الآية.
قالت عائشة رضي الله عنها: فمن أقر بهذا من المؤمنات فقد أقر بالمحنة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقررن بذلك من قولهن قال لهن: {انطلقن فقد بايعتكن} ففي حضور النساء لبيعة الرسول صلى الله عليه وسلم دليل على مشروعية بيعتهن، وقد خصص البخاري والنسائي والترمذي باباً لبيعة النساء..
2- الاجتماع للبيعة: وهذا ما دل عليه ألفاظ الحديث السابق، وعن أم عطية قالت: لما قدم رسول الله المدينة، جمع نساء الأنصار في بيت، فأرسل إلينا عمر بن الخطاب، فقام على الباب، فسلم علينا، فرددنا عليه السلام، ثم قال: أنا رسول رسول الله إليكن. قالت: فقلنا مرحباً برسول الله، وبرسول رسول الله. فقال: {تبايعنني على أن لا تشركن بالله شيئاً ولا تزنين ولا تسرقن.. الآية؟} واجتماع النساء للبيعة قد حصل مثله للرجال. عن عبادة بن الصامت قال: {دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه}.
3- تكرار أمر البيعة: فقد تكرر أمر البيعة عند كل من الرجال والنساء فعند الرجال كانت في مواضع متنوعة وهي البيعات الثلاث المعروفة بيعة العقبة الأولى والثانية وبيعة الرضوان. قال ابن حجر: فهناك ثلاث بيعات: بيعة العقبة وكانت قبل أن يفرض الحرب، والثانية بيعة الحرب وسيأتي في الجهاد انها كانت على عدم الفرار، والثالثة بيعة النساء أي: التي وقعت على نظير بيعة النساء.
وعند النساء تكررت البيعة ثلاث مرات كما ثبت ذلك في الروايات: فالأولى بيعة النساء المهاجرات: كما في حديث عائشة السابق. والثانية: بيعة نساء الأنصار كما في حديث أم عطية في قولها جمع نساء الأنصار، والثالثة: ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال: «شهدت الفطر مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم يصلونها قبل الخطبة، ثم يخطب بعد. خرج النبي صلى الله عليه وسلم كأني انظر إليه حين يجلس بيده. ثم أقبل يشقهم حتى جاء النساء معه بلال فقال: {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك}. ثم قال حين فرغ منها: آنتن على ذلك؟ قالت امرأة واحدة منهن - لم يجبه غيرها -: نعم. لا يدري حسن من هي قال الثعالبي: أعاد الآية على من لم يبايعه من أهل مكة، لقرب عهدهم بالإسلام، والله أعلم.
ثانياً: الأمور التي اختلفت فيها المرأة عن الرجل في أمر البيعة:
1- الاختلاف في الكيفية: مبايعة النساء بالكلام فقط أما مبايعة الرجال فهي بالكلام والمصافحة. عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع النساء بالكلام بهذه الآية: {أن لا يشركن بالله شيئاً} قالت: وما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة إلا امرأة يملكها. وعن أميمة بنت رقيقة انها قالت: قلنا: الله ورسوله أرحم بنا هلم نبايعك يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة أو مثل قولي لامرأة واحدة»، فهذه الأحاديث دليل على تحريم مصافحة الرجال للنساء، قال الشنقيطي: وكونه صلى الله عليه وسلم لا يصافح النساء وقت البيعة دليل واضح على أن الرجل لا يصافح المرأة، ولا يمس شيء من بدنه شيئاً من بدنها، لأن أخف أنواع اللمس المصافحة، فإذا امتنع منها صلى الله عليه وسلم الذي يقتضيها وهو وقت المبايعة، دل ذلك على انها لا تجوز، وليس لأحد مخالفته صلى الله عليه وسلم، لأنه هو المشرع لأمته بأقواله وأفعاله وتقريره، وقال النووي: فيه أن بيعة النساء بالكلام من غير أخذ كف. وفيه أن بيعة الرجال بأخذ الكف مع الكلام. وفيه أن كلام الأجنبية يباح سماعه عند الحاجة وأن صوتها ليس بعورة، وأنه لا يلمس بشرة الأجنبية من غير ضرورة.
2- ان بيعة النساء جاءت بعد بيعة الرجال.
عن معتمر بن سليمان، عن أبيه قال: وفرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيعة الرجال قال: ثم دعا النساء ورسول الله صلى الله عليه وسلم الصفا وعمر أسفل منه، يبايع النساء لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئاً»، وقال ابن حيان: كانت بيعة النساء في ثاني يوم الفتح على جبل الصفاء، بعد ما فرغ من بيعة الرجال، وهو على الصفا وعمر أسفل منه يبايعهن بأمره ويبلغهن عنه، قال الخضيري: هذا، ولما تمت بيعة الرجال بايعه النساء.
وفي هذا التقديم أفضلية الرجال على النساء وقوامتهم عليهن.
3- الاختلاف في المضمون.
اختلف مضمون بيعة النساء على بيعة الرجال، فقد كانت بيعة النساء كما بينتها الأحاديث السابقة وتبينها اللاحقة فهناك أمور اشترك فيها الرجال مع النساء وهناك أمور اختص بها الرجال دون النساء وهناك أمور اختص بها النساء دون الرجال.
3- ان النساء أتى إليهن النبي صلى الله عليه وسلم وفي الأخرى أرسل إليهن عمر وكذلك في البيعة الثالثة أتى إليهن في مكانهن في المسجد، بينما الرجال دعاهم كما في الحديث دعانا رسول الله فبايعناه.
3- ان اجتماع النساء في بيت وفي المسجد كما في الحديث: جمع نساء الأنصار في بيت بينما الرجال لم يكن لهم مكان محدد.
وهذان الأمران الأخيران دليلان على أن المرأة بطبيعتها وفتنتها انها تكون في مكان لا يراها الرجال فهن لم يأتين إلى الرسول صلى الله عليه وسلم كما الحال في الرجال كما أن اجتماعهن في بيت وفي المسجد يؤكد ما قلناه.
عدل سابقا من قبل الشيخ إبراهيم حسونة في 03.01.09 11:49 عدل 1 مرات