هل يُشترط للعالم المجتهد أن يكون حافظا للقرآن؟!
أخرج الإمام أحمد وابن نصر في " قيام الليل" والطحاوي في " مشكل الآثار" وغيرهم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
((من أخذ السبع الأول من القرآن فهو حبر)) .
((من أخذ السبع الأول من القرآن فهو حبر)) .
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وحسنه العلامة الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد الخامس رقم [ 2305] وقال :
[ ... " حبر " بفتح المهملة وكسرها أي عالِم.... فائدة : المقصود من السبع الأول : السور السبع الطوال من أول القرآن وهي مع عدد آياتها : 1- البقرة (286) ، آل عمران (200) ، النساء (176) ، المائدة (120) ، الأنعام ( 165)، الأعراف ( 206)، التوبة(129)].
فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط للعالم أن يكون حافظا للقرآن الكريم، ومن باب أولى الخطيب.
قال العلامة ابن قدامة المقدسي في " روضة الناظر " :
[ وشرط المجتهد : إحاطته بمدارك الأحكام المثمرة لها وهي : الأصول التي فصلناها : " الكتاب " و " السنة .... -إلى أن قال- والواجب عليه في معرفة الكتاب : معرفة ما يتعلق منه بالأحكام وهي : قدر " خمسمائة آية " ولا يشترط حفظها ، بل علمه بمواقعها حتى يطلب الآية المحتاج إليها وقت حاجته].
وقال العلامة صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق القطيعي في "قواعد الأصول":
[ وشرط المجتهد ..... فيعرف من الكتاب والسنة ما يتعلق بالأحكام ، فمن القرآن قدر خمسمائة آية لا حفظها لفظا بل معانيها ليطلبها عند حاجته ..].
وقال الشيخ العلامة الأصولي ابن عثيمين في " شرح الأصول من علم الأصول " :
[..فإذا كان مجتهدا في الأحكام فلابد أن يكون عنده معرفة بآيات الأحكام ، ولا يلزم أن يكون عنده معرفة بآيات أصول الدين العقدية كالإيمان باليوم الآخر وما أشبه ذلك ، لأن هذا لا يتعلق باجتهاده]اهـ المقصود.
وقال الشيخ الأستاذ الدكتور عبد الكريم النملة في " المهذب في علم أصول الفقه المقارن " – في مبحث شروط المجتهد - :
[ ... ولا يُشترط حفظ القرآن كله ، ولا يُشترط حفظ آيات الأحكام – كما قال بعضهم – بل يكفيه أن يعرف مواقع آيات الأطعمة من القرآن ، وآيات الحدود منه ، وآيات النكاح والطلاق والرضاع ، والنفقات ونحو ذلك، حتى إذا نزلت حادثة في الأطعمة – مثلا – يذهب إلى المواضع التي توجد فيها آيات الأطعمة ، ويستدل على حكم حادثته بآية منها ....].
فالعلماء لم يشترطوا حفظ القرآن بل ولا آيات الأحكام في العالم المجتهد ،والخطيب من باب أولى.
**فائدتان:
1-حافظ لا يحفظ القرآن!!:
قال الحافظ ابن حجر في التقريب - في ترجمة الإمام أبي الحسن ابن أبي شيبة- رحمه الله- عبارةً عجيبة لم يقلها في غيره في كتابه ، قال :
[عثمان بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العبسي ، أبو الحسن بن أبي شيبة الكوفي : ثقةٌ حافظٌ شهير و له أوهام ، و قيل : كان لا يحفظ القرآن ، من العاشرة مات سنة تسع و ثلاثين ، و له ثلاث و ثمانون سنة ، خ م د س ق].
2-وذكر ابن الجوزي عن الإمام أحمد بن حنبل في كتابه" مناقب أحمد" :
أن الإمام أحمد قال: " دعوت الله أن أحفظ القران أو قال أتم حفظه فلم أحفظه إلا في الحديد ولهذا بعدها كلما دعوت قلت : في عافية" !.
ومعلوم أن الإمام أحمد سجن وهو إمام حافظ .
**فتاوى كبار العلماء المعاصرين :
السؤال : هل يلزم الإنسان حفظ السورة التي يقرأها ، وهل يأثم من حفظ القرآن ونسيه ؟
الجواب :
[ ليس الحفظ بلازم ، لأن حفظ القرآن مستحب ، ولكن فرضه بالجملة أن يحفظه بعض المسلمين ، أما شخص معين فلا يلزمه حفظ القرآن ، ولكن يحفظ ما يتيسر منه ، والواجب حفظ الفاتحة فقط ، حتى يقرأ بها في الصلاة ، حفظ الفاتحة لازم ، وما سوى ذلك مستحب ، وإذا تيسر له حفظ ما تيسر من ذلك ، من جزء عم ، المفصل ، أكثر من ذلك ، كله طيب .
وإذا حصل له حفظ القرآن ، فهذه نعمة عظمى ؛ فيشرع للمؤمن والمؤمنة العناية بحفظ القرآن والاستكثار من ذلك ، والمواظبة ، حتى يتيسر للمؤمن حفظ القرآن والمؤمنة ؛ وإذا لم يتيسر حفظه كله ، فليحفظ ما تيسر منه ، كالمفصل من ( ق ) إلى آخر القرآن ، أو جزء عم ، حتى يستعين بذلك في قراءته في الصلاة ].
سماحة العلامة الشيخ ابن باز – رحمه الله تعالى - .( نور على الدرب ) .
السؤال :
من طلب العلم في كبره فهل يبدأ بحفظ القرآن أم بطلب علوم الشرع؟
الجواب :
[ إذا كان المقصود بطلب العلم هو العلم الكفائي ، يعني هو حصّل من العلم ما يصحح به عقيدته ، ويصحح عبادته ، وسلوكه ، ولكنه لم يتوسع في ذلك ، فهو يريد أن يتوسع أي أن يقوم بالعلم الذي هو فرض كفائي ، وليس فرضا عينيا ، حينئذ نقول له : له الخِيَرة بين أن يستمر في حفظ القرآن ، لأنه فرض كفائي أيضا ، وبين يطلب العلم ، ولو كان تأخر – كما ذكرت في السؤال – بطلب العلم ، وإنما على مثلِ هذا أن يلاحظ استعداده الفطري ، فرب أشخاص من الطلاب استعدادهم الفطري الحفظ ، وليس استعدادهم الفطري الفهم للأحكام الشرعية وضبطها أيضا وحفظها .
فإذن بالشرط الذي سبق بيانه ، إن كان قد حصّل الفرض العيني من العلم ، فهو مخيّر بين يطلب العلم ، ولو على سن متأخر ، أو أن يستمر في حفظه للقرآن والعناية به ].
الشيخ المحَدّث العلامة الألباني – رحمه الله تعالى – " سلسلة الهدى والنور . شريط(729)
السؤال:
بارك الله فيكم هل حفظ القرءان الكريم واجب للإمام الراتب؟ وما حكم قراءته بالمصحف في الصلوات المكتوبة؟
الجواب :
[ليس بواجب على الإمام أن يحفظ القرآن ، لكنّ حفظ القرآن فرض كفاية بإجماع المسلمين ، يعني لا بد أن يُحْفظ القرءان في الأمة الإسلامية ؛
لكنه ليس واجبا على كل شخص بعينه.
والإمام إذا كان لم يحفظ القرآن ، فلا بأس أن يقرأ من المصحف لا في الفريضة ولا في النافلة].
الشيخ العلامة ابن عثيمين " نور على الدرب " شريط(328)وجه ب.
السؤال :
ما رأيكم - حفظكم الله - بالنسبة لحضوري لهذه الدورة المقامة في هذا الجامع ، مع العلم أني لم أحفظ من القرآن إلا جزأين ، وأيضا عندي جهل لا يعلمه إلا الله ، وأنا أحضر من مسافة تسعين كيلو ؟
الجواب :
[ هذا شيء طيب ، إذا كنت تحفظ من القرآن جزءً ولو يسيرا يكفيك في صلاتك ، فهذا يكفي ، فاطلب العلم ، فاطلب العلم ، تعلم أحكام الطهارة وأحكام الصلاة ، وقبل ذلك كله وأعظم ، تعلم أحكام العقيدة ، هذا أهم من حفظ القرآن
القرآن يكفي أنك تجوده بالتلاوة ولو من المصحف ، يكفي هذا ، إذا كنت تجيد التلاوة ولو من المصحف ، وتحفظ أجزاء ولو يسيرة ، أو سورا ، هذا يكفي ، هذا القدر الكافي ، فاطلب العلم ].
الشيخ العلامة صالح الفوزان . فتوى رقم (5444).
والحمد لله رب العالمين .
والنقل
لطفــــــاً .. من هنــــــــــا
لطفــــــاً .. من هنــــــــــا