تحذير البرية من غثاء التنمية البشرية
و
مما يسمى بالبرمجة اللغوية العصبية
و
مما يسمى بالبرمجة اللغوية العصبية
======
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين..
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين..
أما بعد
اخوتي الكرام أحبتي في الله
هذه رسالة أكتبها اليكم بشأن فتنة ظلماء جديدة بدأت تفشو في أمة المسلمين بسرعة مذهلة تحت شعار "العلم"
واغتر بها الكثيرون غير متنبهين لأصولها وحقيقتها ومنابعها ومراميها حتى صرت أسمع كلاما عنها وعن دوراتها بين اخوة ملتزمين يقبلون عليها بلا بصيرة ولا حول ولا قوة الا بالله!
انها فتنة ما يسمى بدورات التنمية البشرية على وجه العموم، وما يسمى منها بالبرمجة العصبية وما يتشعب عنها على وجه الخصوص.
الرسالة أعتزم بعون الملك المعبود جل وعلا أن أجعلها قصيرة ما أمكنني
ولكن لعل الضرورة الى بسط البيان ايصالا للفائدة تكون مقدمة على الحاجة الى الاختصار في موضوع خطير كهذا، وتفصيل يورث املالا خير من تقليل يورث اخلالا..
فأرجو المعذرة منكم اخوتاه ان وقع في رسالتي هذه بعض طول واستطراد في بعض المواضع
وأسأل الله لي ولكم الاخلاص والقبول، وأن ينفعني بها قبل أن ينفعكم أنتم يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم.
أما بعد
فتلك الظاهرة المسماة بمباحث التنمية الذاتية هذه قد بدأت في الظهور على الساحة الفكرية بانتشار واسع تحت هذا المسمى (التنمية الذاتية أو البشرية) منذ عهد قريب من الزمان!
ولكنها في أصلها وحقيقتها ليست جديدة على الاطلاق! انما هي عنوان جديد فضفاض يدخل تحته محيط واسع من النظريات والأفكار والمعتقدات القديمة والأساطير وتتداخل فيه مجالات بحثية كثيرة بداية من علم النفس وعلم الاجتماع والطب ووصولا الى التنجيم والسحر والوثنية والشعوذة ووحدة الوجود!
ولعل هذا التشابك المعقد بين رايات العلوم والنحل المختلفة التي تتحرك تحتها تلك الممارسات وتصطبغ بها عند أصحابها هو السبب في وقوع اللبس الكبير على كثير من فضلاء المسلمين واغترارهم بها
حتى رأينا بعض المشتغلين بالدعوة يتدربون عليها ويمارسونها ويتمسكون بموقف التفصيل وليس الاجمال عند الحكم على تلك الممارسات بصفة عامة، ويزعمون امكان تنقيتها وأسلمتها والانتفاع بها!
ولكن الذي ننتصر له ها هنا انما هو القول المجمل الذي ذهب اليه عدد غير قليل من أكابر العلماء الذين تناولوا القضية وحققوا فيها تصورا يكفي لاطلاق حكم شرعي، فموقفهم يؤيده التأمل الشامل لأصل المسألة وجذورها وما تروجه تلك الممارسات بين المسلمين، وهو ما يقدم درءه على جلب منافع أخرى واقعة أو متوهمة في المقابل قد تظهر عند التفصيل في بعض تلك الممارسات، والله أعلم.
وجريا على سنة العلماء في البدء بشرح المصطلح، دعونا نبدأ أولا بسؤال خبراء الغرب – الذين باعوا تلك السلعة الخبيثة بيننا وروجوا لها والذين تتلمذ عليهم اخوتنا المفتونون بهذا الأمر هداهم الله - عما يقصدونه بالضبط من قولهم (التنمية البشرية أو الذاتية)..
التنمية البشرية هي كما يعرفها أصحابها: تنمية قدرات الانسان وتحسين أدائه على كافة الأصعدة، الشخصية، والمادية، والروحية، والمهارية، .. الخ.
انك ان سمعت هذا الكلام قلت ما أحسن هذا! كل انسان يريد أن يكون فائزا في الدنيا موفقا في كل ما يعمل.. ولكن ظاهر الأمر الرحمة، وباطنه من قبله العذاب!
فهي وباختصار، البديل "العصري" New Age الذي اكتشف السفهة بظنونهم النجسة أنه لابد من وضعه لاصلاح ما يمكن اصلاحه من فساد نفوسهم وتصوراتهم، فيكون لهم (نمط حياة) يضبط لهم كل شيء، لعلهم يجدون فيه الغنية عما ينقصهم اذ رموا الدين الحق وشرعة السماء وراء ظهورهم! فهو نمط حياة بالفعل، نمط مبرمج مرتب يتحتم على من يدخل فيه أن يسلم له نفسه وأن يخضع له خضوعا كاملا حتى يؤتي معه ثماره المزعومة! يأمرونه بأن يفعل كذا وكذا وأن يمارس كذا وكذا وأن يواظب على كذا وكذا، فيدعون أنه اذا ما فعل، تحقق له النجاح والفاعلية في حياته كما يزعمون. وهو يأتيهم طائعا راغبا مؤمنا مصدقا واضعا كافة عقائده وأفكاره بين أيديهم ليعيدوا صياغة حياته من جديد! يسلم لهم كما نسلم نحن لله!
فان قلنا لهم أن يا سفهاء، لماذا تنكرون علينا وتلوموننا اذ نسلم عقولنا وقلوبنا للذي خلقنا ليصلح لنا حياتنا بما شرع وأمر وأنتم تسلمون أنفسكم للمشعوذين والدجاجلة والفلاسفة والأفاكين، قالوا بل أنتم السفهاء ولا عقل لكم!! ان البشر جميعا لا غنى لهم عن نظام دقيق يرتب وينظم حياتهم ويأمرهم بالحكمة ويوجههم الى ما فيه صلاحهم تفصيلا في كل شيء، وهؤلاء يقرون بذلك ان لم يكن بالمقال فبلسان الحال! فان قلت لهم خذوه اذا من وحي السماء قالوا هذه أساطير الأولين! فهذا أمر نعهده ونفهمه فيهم لأنهم قوم سفهاء ضالة لا سبيل لهم ولا هداية ولا نور، وقد نبأنا القرءان بأحوالهم! ولكن الذي لا يمكن السكوت عليه، هو أن يصبح أصحاب الحق وحملة وحي السماء وشرعة رب العالمين التي لا تستقيم حياة انسان الا بها، وبها وحدها، منقادين لما خرج من زبالة عقول هؤلاء المرضى بهذه الصورة المخزية!! فان كلمتهم قالوا لك هذا علم! هذا نفع للمسلمين فلم لا نأخذ به؟؟! فانا لله وانا اليه راجعون!
ان (التنمية البشرية) هذه هي أشبه ما يكون بمظلة كبيرة متشابكة من المعتقدات والنظريات والفلسفات الفاسدة المبنثقة من أصول الحادية ووثنية، في مقتطفات انتقائية من كل ملة وكتاب في الأرض، تستوعب تحتها كما كبيرا من المهارات والممارسات والأفكار المتناثرة قليلة النفع – أو كثيرته أحيانا - والتي قد يمكن فصل وادخال كل فكرة مقبولة منها في سياق دورات تدريبية لمهارات مخصوصة في مجالات معينة واختصاصات معينة في العمل، بعيدا عن الأصول العقدية والمنابع التي تأتي مقرونة بها عند عرضها في اطار التنمية البشرية! بمعنى أنه ان تم تحليل المحتوى الذي يقدمه هؤلاء، لوجد أن أكثره يعرض التوحيد لخطر أكبر – مهما صغر - من أي نفع قد يرجى منه عند عرضه بهذه الصورة، وان كان ثم نفع فانه يمكن لأي مدرب محنك في أي مجال من المجالات العملية أن يدرب المحتاجين الى تلك المهارات في اطار عملهم، لا كقواعد حياتية عامة لكل انسان يوهم الناس أنهم لن ينجحوا مطلقا الا بها، ولا في سياق (دورات التنمية) هذه التي يفتتن الناس بها فيسلمون لها أنفسهم، وانما في صورة مهارات عامة مكتسبة في كل مجال عملي بحسبه، قياما على معتقد صحيح وبناءا على منهج اسلامي قويم.
ان هذا التنوع الكبير في موضوعات التنمية البشرية ومجالاتها هو سبب وقوع تلك الفتنة بهذا الكلام عند كثير من فضلائنا، هداهم الله. فالذين صنفوا فيها وأعدوا لها الدورات والندوات، جمعوا تحت عباءتها كما كبيرا من المهارات العملية التي قد يكون كثيرا منها ذا نفع اذا ما صح المعتقد الذي من ورائه، وقام على بنيان شرعي صحيح. ولن يكون ذلك الا اذا انتزعت تلك المهارات من سياقها الفاسد الذي لا تأتينا ان أتتنا من عند هؤلاء الضالة الا ملوثة به ومقرونة معه! بمعنى أن تؤخذ كل مهارة نافعة لتوضع في سياق المجالب العملي الذي تخدمه تحديدا والا فلا حاجة اليها لأن الله أغنانا عنها بما شرع من شرائع اصلاح عام لكل صغيرة وكبيرة في حياة الانسان! لا نريد زيادة على شرع الله الا ما يرتبط ارتباطا مباشرا بمهارة عملية في مجال عملي بعينه، طالما كان المجال وكانت المهارة تلك من المباحات! أما هذا التلبيس على خلق الله فيجب منعه! يجب أن يمنع بث دورات تحت ذلك الشعار المجمل المبهم (التنمية البشرية) والذي يعتدي بمجرد منظوقه هذا على حق من حقوق الله تعالى وهو حقه في اصلاح البشر اصلاحا شاملا بما شرع ونزل من هدي الأنبياء ومن وحي السماء!
انظروا عباد الله الى ما ترمي اليه وتناقشه – في المقام الأول - تنميتهم تلك...
"كيف تصبح أكثر سعادة واطمئنانا في حياتك؟
كيف تصبح أكثر ثقة في نفسك وفي قدراتك؟
كيف تحسن التعامل مع الآخرين من حولك؟
كيف تحقق الرضا التام بعملك وبشخصيتك؟
هل تفتقر الى معنى أو غاية أو هدف للعمل؟
هل تريد رفع مستوى معيشتك وتحصيل المزيد من المال؟
لا تدري كيف تنظم وقتك وحياتك؟
لا تدري كيف تحسن علاقتك بأولادك؟
لا تحسن التعامل مع رئيسك في العمل ومرؤوسيك؟
الجواب عندنا.. بادر ولا تتأخر.. اقرأ سلسلة كتب دكتور فلان واحضر ندواته ودوراته، وستتغير حياتك على نحو لم تكن تتصوره!"
هذه العبارات (والتي جمعتها من اعلانات ومواقع متفرقة لدورات التنمية البشرية بمختلف فروعها) تلخص لنا الغاية التي يوهم أصحاب التنمية الناس بأنهم يوصلونهم اليها. هذه هي الأسئلة التي يقدمون فيما يزعمون الجواب عليها!
ان تلك الأسئلة جميعا لو وزناها بميزان الحق والدين، لوجدنا أن جوابها – أو ما صح منها – لا يكون الا في الدين وشريعة السماء، ولفهمنا حينئذ حقيقة ما يرمي اليه هؤلاء السفهاء وما يروجون له من قولهم (التنمية البشرية)!
تعالوا نجيب لهم عن أسئلتهم تلك!
- كيف تصبح أكثر سعادة واطمئنانا في حياتك؟
نقول بدخولك في الاسلام لرب العالمين وبربط قلبك وجوارحك بذكره وطاعته والانقياد له وحده لا شريك له. هذه ليست "وصفة مجربة" وانما هو حق اليقين!
- كيف تصبح أكثر ثقة في نفسك وفي قدراتك؟
قلنا هذا سؤال لا يصح طرحه لأنه لا يجوز للمسلم أن يعلق أمله ورجاءه باعتقاد في قدرته الذاتية وثقة فيها، وانما يثق في ربه الذي خلقه وفطره عز وجل، وفي أن الله لن يخذله ولن يقدر له الا الخير ان كان أهلا لذلك! كن عليما بقدر نفسك وحدود قدراتك وما تجيده وما لا تجيده، فهذا واجب حتى لا تظلم نفسك والمسلمين بتبوؤ مكان ليس لك! أما الثقة والتوكل والاعتماد على القدرة فلا يكون متجها الا الى الله عز وجل وحده لا شريك له! فكيف يجيب هؤلاء عن هذا السؤال؟؟
- كيف تحسن التعامل مع الآخرين من حولك؟
قلت بالخضوع التام لسنة وهدي سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ولا سبيل لك الى هذا المطلب الا سبيله صلى الله عليه وسلم! فهل أنت مسلم لله أم لغيره؟
- كيف تحقق الرضا التام بعملك وبشخصيتك؟
الرضا بما كتبه الله للعبد من الرزق وتحقيق القناعة به لا يكون من سبيل الا سبيل محمد صلى الله عليه وسلم، وأما الرضا "بشخصيتك" فالذي يرضى بنفسه ويفرح بها هذا على شفا هلكة!!
- هل تفتقر الى معنى أو غاية أو هدف للعمل؟
قلت ان لم تكن مسلما فقطعا أنت تتفتقر الى معنى أو غاية أو هدف للعمل، أي عمل، بل لحياتك كلها، فكن مسلما أو كن ضالا كما الأنعام يسوقك كل ناعق حيثما يريد!!
- هل تريد رفع مستوى معيشتك وتحصيل المزيد من المال؟