خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    المسح على الجبيرة ( بين المنع والإيجاب )

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية المسح على الجبيرة ( بين المنع والإيجاب )

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 25.11.08 12:49

    المسح على الجبيرة ( بين المنع والإيجاب )


    (( بحث فقهي حول مشروعية المسح على الجبيرة و مناقشة أدلة الفريقين ))

    أولاً : الأحاديث الواردة في المسألة .

    1-
    عَنْ جَابِرٍ قَالَ :
    خَرَجْنَا فِى سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلاً مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِى رَأْسِهِ ، ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ :
    هَلْ تَجِدُونَ لِى رُخْصَةً فِى التَّيَمُّمِ؟
    فَقَالُوا :
    مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ.
    فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ
    فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ :
    « قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ ، أَلاَ سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا ، إِنَّمَا شِفَاءُ الْعَىِّ السُّؤَالُ ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِبَ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ، ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ ».
    أخرجه أبو داود (1/93 ، رقم 336)،و البيهقي في السنن الكبرى ( 1 / 228)1117 ، والدارقطنى في السنن (1 /189)

    رتبة الحديث : ضعيف

    قال البيهقي : وَلاَ يَثْبُتُ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فِى هَذَا الْبَابِ شَىْءٌ.
    وَأَصَحُّ مَا رُوِىَ فِيهِ حَدِيثُ عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ الَّذِى قَدْ تَقَدَّمَ وَلَيْسَ بِالْقَوِىِّ وَإِنَّمَا فِيهِ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ مِنَ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ
    مَعَ مَا رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِى الْمَسْحِ عَلَى الْعِصَابَةِ
    وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    السنن الكبرى ( 1 / 228)

    قال الدارقطني :
    وأرسل الأوزاعي آخره عن عطاء عن النبي صلى الله عليه و سلم وهو الصواب ..
    السنن (1 /189)

    قال النووي
    : وأم حديث جابر فرواه أبو داود والبيهقي وضعفه البيهقى ...
    المجموع(2 / 324)

    قال الحافظ :
    أخرجه أبو داود وذكر الإختلاف فيه على عطاء هل هو عن جابر أو عن ابن عباس ورجح الدارقطني في العلل إرساله..
    الدراية في تخريج أحأديث الهداية - (ج 1 / ص 83)وراجع تلخيص الحبير - (ج 1 / ص 147)، وبلوغ المرام 46.

    وضعفه الألباني
    في إرواء الغليل (1 / 142)برقم 105 ،

    وقال:
    هذا الحديث ضعفه البيهقي والعسقلاني وغيرهما
    لكن
    له شاهد من حديث ابن عباس يرتقي به إلى درجة الحسن لكن ليس فيه قوله : " ويعصر . . الخ " فهي زيادة ضعيفة منكرة لتفرد هذا الطريق الضعيف بها ..
    تمام المنة - (ج 1 / ص 131)،



    2-
    عن علي بن أبي طالب قال : انكسرت إحدى زندي . فسألت فأمرني النبي صلى الله عليه و سلم أن أمسح على الجبائر .
    رواه ابن ماجه في السنن(1 / 215)برقم 657، والبيهقي في السنن الكبرى (1 / 228)، والدارقطني في السنن (1 /226)

    رتبة الحديث : ساقط

    قال البيهقي :
    وَلَوْ عَرَفْتُ إِسْنَادَهُ بِالصِّحَّةِ قُلْتُ بِهِ .
    السنن الكبرى (1 / 228)

    وقال أيضاً :
    عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِىُّ مَعْرُوفٌ بِوَضْعِ الْحَدِيثِ كَذَّبَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ ، وَنَسَبَهُ وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ إِلَى وَضْعِ الْحَدِيثِ قَالَ :
    وَكَانَ فِى جِوَارِنَا فَلَمَّا فُطِنَ لَهُ تَحَوَّلَ إِلَى وَاسِطٍ.
    {ت} وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ مُوسَى بْنِ وَجِيهِ فَرَوَاهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِىٍّ مِثْلَهُ.
    {ج} وَعُمَرُ بْنُ مُوسَى مَتْرُوكٌ مَنْسُوبٌ إِلَى الْوَضْعِ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخِذْلاَنِ.
    {ت} وَرُوِىَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ مَجْهُولٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِىٍّ وَلَيْسَ بِشَىْءٍ. وَرَوَاهُ أَبُو الْوَلِيدِ : خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْمَكِّىُّ بِإِسْنَادٍ آخَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ عَلِىٍّ مُرْسَلاً.
    {ج} وَأَبُو الْوَلِيدِ ضَعِيفٌ.
    {ق}. السنن الكبرى (1 / 228)

    وقال الدار قطني :
    عمرو بن خالد الواسطي متروك .
    السنن (1 /226)

    وقال ابن حزم :
    هذا خبر لا تحل روايته إلا على بيان سقوطه، لانه انفرد به أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي، وهو مذكور بالكذب .
    المحلى(2/75)

    وقال النووي :
    وأما حديث علي رضي الله عنه فضعيف رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما واتفقوا علي ضعفه لانه من رواية عمرو بن خالد الواسطي واتفق الحفاظ علي ضعفه

    قال احمد بن حنبل ويحيى بن معين وآخرون
    هو كذاب

    قال البيهقى
    هو معروف بوضع الحديث ونسبه الي الوضع وكيع ...
    المجموع(2 /324)

    وقال أيضاً :
    وينكر على المصنف قوله
    (( لان النبي صلى الله عليه وسلم أمر علياً ))
    فأتي بصيغة الجزم في حديث متفق على ضعفه وتوهينه وقد سبق التنبيه على هذه العبارة ...
    المجموع(2 /325)

    وقال الحافظ :
    وفي إسناده عمرو بن خالد الواسطي

    وهو كذاب

    ورواه الدارقطني والبيهقي من طريقين آخرين أوهى منه

    وقال الشافعي في الأم والمختصر
    لو عرفت إسناده بالصحة لقلت به وهذا مما أستخير الله فيه

    وقال الخلال في العلل
    قال المروزي سألت أبا عبد الله عن حديث عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي بهذا
    فقال
    هذا باطل ليس من هذا بشيء
    من حدث بهذا ؟
    قلت فلان
    فتكلم فيه بكلام غليظ

    وقال في رواية ابنه عبد الله إن الذي حدث به هو محمد بن يحيى وزاد فقال أحمد لا والله ما حدث به معمر قط

    قال عبد الله بن أحمد وسمعت يحيى بن معين يقول على بدنة مجللة مقلدة إن كان معمر حدث بهذا من حدث بهذا عن عبد الرزاق فهو حلال الدم

    وفي الباب عن بن عمر رواه الدارقطني وقال
    لا يصح وفي إسناده أبو عمارة محمد بن أحمد وهو ضعيف جدا...

    وقال النووي
    اتفق الحفاظ على ضعف حديث علي في هذا...
    تلخيص الحبير (1 /146-147 ) و راجع بلوغ المرام (1/27)و الدراية في تخريج أحاديث الهداية (1 /82)



    3-
    عن علي قال سألت رسول الله عن الجبائر تكون على الكسر كيف يتوضأ صاحبها وكيف يغتسل

    قال
    يمسح بالماء عليها.

    رواه الدارقطني في السنن (ج 1/ ص226)

    رتبة الحديث : ضعيف جداً

    قال ابن عبد الهادي
    في تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق (1 / 140)274 :

    قال الدارقطني
    خالد بن يزيد ضعيف

    وقال أبو حاتم الرازي ويحيى بن معين
    كذاب.

    وقال الحافظ :
    وإسناده واه .
    الدراية في تخريج أحأديث الهداية (1 /83) ،وضعفه الزيلعي في نصب الراية - (ج 1 / ص 160)




    4-
    عن بن عمر : أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يمسح على الجبائر .
    رواه الدارقطني في السنن (1 /205) 6

    رتبة الحديث : ضعيف جداً

    قال الدارقطني :
    لا يصح مرفوعا وأبو عمارة ضعيف جداً .
    السنن (1 /205) ، راجع المجموع(2 /325)، وصحيح نصب الراية (1 /160)، و العلل المتناهية (1/360)لابن الجوزي .

    وقال الألباني :
    وقد رواه البيهقي (1 / 228 ) عن ابن عمر موقوفا عليه بسند صحيح ثم قال : " هو عن ابن عمر صحيح ".
    تمام المنة (ص 134)

    قلت:
    عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّهُ تَوَضَّأَ وَكَفُّهُ مَعْصُوبَةٌ فَمَسَحَ عَلَيْهَا وَعَلَى الْعِصَابِ ، وَغَسَلَ سِوَى ذَلِكَ. هُوَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ صَحِيحٌ.
    السنن الكبرى للبيهقي (1/ 228)
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: المسح على الجبيرة ( بين المنع والإيجاب )

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 25.11.08 13:24

    مسألة :
    هل تقوي هذه الأحاديث بعضها البعض ؟

    قال الإمام الشوكاني بعدما ذكر من ذهب إلى عدم المسح :
    واعتذروا عن حديث جابر وعلي بالمقال الذي فيهما وقد تعاضدت طرق حديث جابر فصلح للاحتجاج به على المطلوب وقوي بحديث علي...
    نيل الأوطار(1 /323)

    وقال الإمام الصنعاني :
    وَهَذَا الْحَدِيثُ " يعني حديث جابر " وَحَدِيثُ " عَلِيٍّ " الْأَوَّلُ قَدْ تَعَاضَدَا عَلَى وُجُوبِ الْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ بِالْمَاءِ ، وَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ .
    سبل السلام(1 /330)

    الجواب :

    قال الإمام الألباني :
    تبع المؤلف ( سيد سابق ) في تقوية الحديث الصنعاني والشوكاني وغيرهما

    وهو ذهول منهم جميعا عن القاعدة التي أوردتها في " المقدمة : القاعدة 10 " والتي خلاصتها

    أن الحديث لا يقوى بكثرة الطرق إذا كان الضعف فيها شديدا

    وهذه الأحاديث من هذا القبيل وهي أربعة....

    إلى أن قال :
    قلت : فأنت ترى البيهقي قد اعتمد في الباب على أقوال الفقهاء وأثر ابن عمر المشار إليه آنفا فلو كان الحديث قويا بهذه الطرق لاحتج البيهقي بذلك
    لأنه
    من القائلين بتقوية الحديث بكثرة الطرق
    ولكنه
    لم يفعل مع احتياجه للحديث وذلك لشدة ضعف طرقه كما بينا.
    تمام المنة(1 / 135 و133)

    وقال :
    " لابد لمن يريد أن يُقوي الحديث بكثرة طرقه أن يقف على رجال كل طريق منها ، حتى يتبين له مبلغ الضعف فيها

    ومن المؤسف أن القليل جداً من العلماء من يفعل ذلك ولاسيما المتأخرين منهم ؛

    فإنهم يذهبون إلى تقوية الحديث لمجرد نقلهم عن غيرهم أن له طرقاً ، دون أن يقفوا عليها ، ويعرفوا ماهية ضعفها !!
    والأمثلة على ذلك كثيرة ..."
    تمام المنة ص 31 و32

    قال ابن حجر
    في الأربعين المتباينة للسماع :
    "لكن تلك القوة لا تخرج الحديث عن مرتبة الضعف.فالضعف يتفاوت؛ فإذا كثرت طرق حديث رجح على حديث فرد، فيكون الضعيف الذي ضعفه ناشيء عن سؤ حفظ رواته إذا كثرت طرقه ارتقى إلى مرتبة الحسن، والذي ضعفه ناشيء عن تهمة أو جهالة إذا كثرت طرقه ارتقى عن مرتبة المردود المنكر الذي لا يجوز العمل به بحال إلى رتبة الضعيف الذي يجوز العمل به في فضائل الأعمال.

    قال السيوطي
    في (تدريب الراوي) (1/177):
    « وأما الضعيف لفسق الراوي أو كذبه فلا يؤثر فيه موافقة غيره له إذا كان الآخر مثله لقوة الضعف وتقاعد هذا الجابر
    نعم
    يرتقي بمجموع طرقه عن كونه منكراً أو لا أصل له

    صرح به شيخ الإسلام [يعني ابن حجر]؛ قال:
    بل ربما كثرت الطرق حتى أوصلته إلى درجة المستور السيء الحفظ بحيث إذا وجد له طريق آخر فيه ضعف قريب محتمل ارتقى بمجموع ذلك إلى درجة الحسن ».

    و يقول الشيخ أحمد شاكر
    في "شرح ألفية الحديث"(ص15) للسيوطي
    مُعقباً عليه تساهله في هذا الباب في كثير من كتبه :

    "أما إذا كان ضعف الحديث لفسق الراوي ، أو اتهامه بالكذب ، ثم جاء من طرق أخرى من هذا النوع ؛ فإنه لا يرقى إلى الحسن ، بل يزداد ضعاً إلى ضعف ؛ إذ أن تفرد المتهمين بالكذب أو المجروحين في عدالتهم بحديث لا يرويه غيرهم ـ :

    يرجِّح عند الباحث المحقق التهمة ، يؤيد ضعف روايتهم ؛

    و بذلك يتبين خطأ المؤلف ـ يعني : السيوطي ـ هنا ، و خطؤه في كثير من كتبه في الحكم على أحاديث ضعاف بالترقي إلى الحسن ، مع هذه العلة القوية"
    و له نحوه في الباعث الحثيث ص40 فأنظره فإنه من النفائس .
    راجع الإرشادات في تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات للشيخ طارق بن عوض الله بن محمد فإنه مهم ومفيد في بابه


    ثانياً :
    مذاهب الفقهاء في حكم المسح على الجبيرة .

    1- الأحناف :َ
    قال الكاساني :
    الْمَسْحُ عَلَى الْجَبَائِرِ جَائِزٌ

    وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِهِ
    مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : كُسِرَ زَنْدِي يَوْمَ أُحُدٍ فَسَقَطَ اللِّوَاءُ مِنْ يَدِي فَقَالَ النَّبِيُّ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { اجْعَلُوهَا فِي يَسَارِهِ فَإِنَّهُ صَاحِبُ لِوَائِي فِي الدُّنْيَا ، وَالْآخِرَةِ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَصْنَعُ بِالْجَبَائِرِ ؟ فَقَالَ : امْسَحْ عَلَيْهَا }

    شُرِعَ الْمَسْحُ عَلَى الْجَبَائِرِ عِنْدَ كَسْرِ الزَّنْدِ فَيَلْحَقُ بِهِ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْجُرْحِ ، وَالْقُرْحِ .

    وَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَمَّا شُجَّ فِي وَجْهِهِ يَوْمَ أُحُدٍ دَاوَاهُ بِعَظْمٍ بَالٍ ، وَعَصَبَ عَلَيْهِ ، وَكَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْعِصَابَةِ }

    وَلَنَا فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ، وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى الْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ ؛ لِأَنَّ فِي نَزْعِهَا حَرَجًا وَضَرَرًا .
    بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع - (ج 1 / ص 49)


    2- المالكية "
    عن الإمام مالك :
    فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ وَالظُّفُرِ الْمَكْسِيِّ قَالَ : وَسَأَلْتُ ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ فَقَالَ : قَالَ مَالِكٌ : يَمْسَحُ عَلَيْهَا

    قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ :
    فَأَرَى إنْ هُوَ تَرَكَ الْمَسْحَ عَلَى الْجَبَائِرِ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ أَبَدًا .

    قَالَ :
    وَقَالَ مَالِكٌ : وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا جُنُبًا أَصَابَهُ كَسْرٌ أَوْ شَجَّةٌ وَكَانَ يَنْكُبُ عَنْهَا الْمَاءَ لِمَوْضِعِ الْجَبَائِرِ فَإِنَّهُ إذَا صَحَّ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَبَائِرُ أَوْ الشَّجَّةُ .
    المدونة - (ج 1 / ص 38)


    3- الشافعية :
    قال صاحب المهذب :
    [ إذا كان على بعض أعضائه كسر يحتاج إلى وضع الجبائر ووضع الجبائر على طهر فان وضعها علي طهر ثم أحدث وخاف من نزعها أو وضعها على غير طهر وخاف من نزعها مسح على الجبائر لان النبي صلى الله عليه وسلم أمر عليا رضي الله عنه أن يمسح علي الجبائر ولانه تلحقه المشقة في نزعه فجاز المسح عليه كالخف...
    المجموع - (ج 2 / ص 323)



    4- الحنابلة :
    قال ابن قدامة :
    ولنا : [ ما روى علي رضي الله عنه قال : انكسرت احدى زندي فأمرني النبي صلى الله عليه و سلم أن أمسح على الجبائر ]
    رواه ابن ماجة
    وحديث جابر في الذي أصابته الشجة ولأ ه

    قول ابن عمر ولم يعرف له في الصحابة مخالف ولأنه مسح على حائل أبيح له المسح عليه فلم تجب معه الإعادة كالمسح على الخف.
    المغني - (ج 1 / ص 312)

    وممن قال بهذا القول

    قال ابن المنذر
    في الأوسط (ج 2 / ص 176) :

    ذكر المسح على الجبائر والعصائب

    اختلف أهل العلم في المسح على الجبائر والعصائب ، فأجاز كثير منهم المسح عليها

    فممن رأى المسح على العصائب تكون على الجروح
    ابن عمر ، وعطاء ، وعبيد بن عمير وكان إبراهيم النخعي والحسن ومالك وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي وأبو ثور والمزني يرون المسح على الجبائر

    وروي عن ابن عمر أن إبهام رجله جرحت فألقمها مرارة وعن ابن عباس أنه قال : امسح على الجروح...

    وقال به َيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ
    كما في المدونة(1 /38)

    قال ابن المنذر :
    وكان الشافعي إذ هو بالعراق يقول : من كانت عليه جبائر توضأ ومسح عليها ثم قال بمصر فيها قولان ، هذا أحدهما
    والثاني
    أن يمسح بالماء على الجبائر ، ويعيد كل صلاة صلاها إذا قدر على الوضوء ...
    الأوسط (2 /180)و المغني(1 /312)

    و قال أبو بكر بن المنذر :
    وأكثر أهل العلم يجيزون المسح على الجبائر ، ولست أحفظ عن أحد أنه منع من المسح على الجبائر إلا ما ذكرت من أحد قولي الشافعي ، وشيء روي عن ابن سيرين أنه سئل عن دواء وضع على جرح ، فكأنه لم يعرف إلا الوضوء

    وقال :
    ما نرى إلا الوضوء
    وقال غير واحد من أهل العلم

    منهم الحسن وغيره أن الجبائر لا توضع إلا على طهارة

    قال تعالى :
    فاتقوا الله ما استطعتم (1) الآية

    وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
    إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم

    فدل الكتاب والسنة على أن الناس لم يكلفوا غير طاقتهم
    وهذه كالإجماع من أهل العلم في باب المسح على الجبائر
    إلا ما ذكرته من أحد قولي الشافعي ، وما روي عن ابن سيرين ، فالمسح على الجبائر جائز..
    الأوسط لابن المنذر(2 /180)

    وهذا اختيار الصنعاني
    في سبل السلام (1 /330) :

    مِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَمْسَحُ لِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمَا ضَعْفٌ فَقَدْ تَعَاضَدَا ، وَلِأَنَّهُ عُضْوٌ تَعَذَّرَ غَسْلُهُ بِالْمَاءِ فَمُسِحَ مَا فَوْقَهُ كَشَعْرِ الرَّأْسِ ، وَقِيَاسًا عَلَى مَسْحِ أَعْلَى الْخُفَّيْنِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ ، وَهَذَا الْقِيَاسُ يُقَوِّي النَّصَّ .

    قُلْت :
    مَنْ قَالَ بِالْمَسْحِ عَلَيْهِمَا قَوِيَ عِنْدَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْجَبَائِرِ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ ...اهـ

    وقد خالف المذاهب الأربعة وأكثر أهل العلم


    5- الظاهرية :

    قال ابن حزم :
    مسألة -
    ومن كان على ذراعيه أو أصابعه أو رجليه جبائر أو دواء ملصق لضرورة فليس عليه أن يمسح على شئ من ذلك

    وقد سقط حكم ذلك المكان، فان سقط شئ من ذلك بعد تمام الوضوء فليس عليه إمساس ذلك المكان بالماء، وهو على طهارته ما لم يحدث

    برهان ذلك
    قول الله تعالى:
    (لا يكلف الله نفسا الا وسعها)

    وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم )

    فسقط بالقرآن والسنة كل ما عجز عنه المرء، وكان التعويض منه شرعا، والشرع لا يلزم الا بقرآن أو سنة، ولم يأت قرآن ولا سنة بتعويض المسح على الجبائر والدواء من غسل مالا يقدر على غسله، فسقط القول بذلك...
    المحلى - (ج 2 / 74و75)

    وممن قال بهذا القول الشافعي في أحد قولي ، وما روي عن ابن سيرين
    ( الأوسط لابن المنذر(2 /180)

    وقال ابن حزم :
    وقد روينا مثل قولنا عن بعض السلف، كما روينا من طريق ابن المبارك عن سفيان الثوري عن عبد الملك بن أبجر عن الشعبى أنه قال في الجراحة:
    اغسل ما حولها ...
    ولم ير ذلك – يعني المسح - داود وأصحابنا.
    ا لمحلى(2 / 76و 77)

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: المسح على الجبيرة ( بين المنع والإيجاب )

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 25.11.08 13:24

    ثالثاً :
    أدلة الفريقين ومناقشتها .

    أدلة الفريق الأول
    ( القائلين بالإيجاب ):

    1-
    الأحاديث الواردة في الباب .

    2-
    قياسها بالمسح على الخفين .

    3-
    قياسها بالمسح على الشعر .

    4-
    قياسها بالمسح على العمامة .

    5-
    لأنه قول ابن عمر ولم يعرف له في الصحابة مخالف .


    مناقشة أدلة الفريق الأول :

    1-
    بالنسبة للأحاديث
    فقد مرّ ذكرها في الفصل الأول مع بيان مرتبة كل حديث ،وأنها أحاديث ضعيفة لا تقوى بكثرة الطرق لأن ضعفها شديد
    فلا يصح الاحتجاج بها ، لأنها لا تصلح لإثبات حكم شرعي .

    2-
    قال ابن حزم :
    وانما أوجب المسح على الجبائر قياسا على المسح على الخفين، والقياس باطل، ثم لو كان القياس حقا لكان هذا منه باطلا، لان المسح على الخفين فيه توقيت، ولا توقيت في المسح على الجبائر

    مع أن قول القائل:
    لما جاز المسح على الخفين وجب المسح على الجبائر -: دعوى بلا دليل، وقضية من عنده

    ثم هي أيضا موضوعة وضعا فاسدا، لانه إيجاب فرض قيس على إباحة وتخيير، وهذا ليس من القياس في شئ ...
    المحلى (2/76)

    قال ابن قدامة :
    فصل : ويفارق مسح الجبيرة مسح الخف من خمسة أوجه
    أحدها
    أنه لا يجوز المسح عليها إلا عند الضرر بنزعها والخف بخلاف ذلك

    والثاني
    أنه يجب استيعابها بالمسح لأنه ضرر في تعميمها به بخلاف الخف فأنه يشق تعميم جميعه ويتلفه المسح
    وإن كان بعضها في محل الفرض وبعضها في غيره مسح ما حاذى محل الفرض
    نص عليه أحمد

    الثالث
    أنه يمسح على الجبيرة من غير توقيت بيوم وليلة ولا ثلاثة أيام لأن مسحها للضرورة فيقدر بقدرها
    والضرورة تدعو في مسحها إلى حلها فيقدر بذلك دون غيره

    الرابع
    أنه يمسح عليها في الطهارة الكبرى بخلاف غيرها لأن الضرر يلحق بنزعها فيها بخلاف الخف

    الخامس
    أنه لا يشترط تقدم الطهارة على شدها في إحدى الروايتين اختاره الخلال...
    المغني(1 /312)


    3-
    عند علماء الأصول إذا صح القياس فإنه لابد أن تنتقل فيه جميع أحكام المقيس عليه إلى المقيس

    ونحن إذا طبقنا هذا الأمر هنا نجده لا يتوافق مع مقتضى القياس الصحيح ،

    لأن فقهاء المذاهب الأربعة اتفقوا على أن من مسح رأسه بالماء في الوضوء ثم حلق شعره لم يجب عليه إعادة المسح

    ولكنهم في المسح على الجبيرة اتفقوا أيضاً على العكس

    فقالوا :
    أنه يعيد المسح على الجبيرة إذا نزعها من مكانها أو سقطت بنفسها من موضعها عن برأ أو عن غير برأ
    ( البحر الرائق شرح كنز الدقائق(4 /12)،و الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية(1 /41)،و المجموع(2 /332)، و المغني (1 /325))

    وهذا لا يتماشى مع الأصول الفقهية فيسقط الأخذ به .


    4-
    وهنا يقال ما قيل في النقطة الثانية انه إيجاب فرض قيس على إباحة وتخيير
    وهذا ليس من القياس في شيء
    فإن المسلم مخير في المسح على العمامة أو أن يمسح على رأسه مباشرة
    لكن المسح على الجبيرة فرض واجب
    وكذلك ِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى الْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ ؛ لِأَنَّ فِي نَزْعِهَا حَرَجًا وَضَرَرًا ، وليس هذا من أمر العمامة في شيء .


    5-
    قلنا: هذا فعل منه، وليس إيجابا للمسح عليها
    وقد صح عنه رضى الله عنه أنه كان يدخل الماء في باطن عينيه في الوضوء والغسل، وأنتم لا ترون ذلك، فضلا عن أن توجبوه فرضا
    وصح انه كان يجيز بيع الحامل واستثناء ما في بطنها، وهذا عندكم حرام ...
    المحلى(2 /76)


    دليل الفريق الثاني ( القائلين بالمنع ):

    1-
    البراءة الأصلية ،
    والبقاء على الأصل ، وهو عدم التكليف إلا بدليل صحيح صريح ولأن الشرع لم يأت بتعويض المسح على الجبائر والدواء من غسل ما لا يقدر على غسله
    فسقط القول بذلك .

    مناقشة دليل الفريق الثاني :

    1-
    من المعروف أن الظاهرية لا يحتجون بالقياس وقد صرح بذلك ابن حزم في هذه المسألة خصوصاً فقال :
    والقياس باطل.

    ولهذا لجئ إلى القول بالبراءة الأصلية ، ولا عتب عليه لأنها أصوله التي يسير عليها وإن كنا لا نوافقه عليها
    ولكن
    الكلام مع الذين يقولون بحجية القياس ويعتبرونه من أصول الاستدلال عند أهل السنة !!!

    وعلى كلاٍ فإن جمهور الفقهاء والسواد الأعظم من أهل السنة الذين يقولون بحجية القياس يقدمونه على البراءة الأصلية في باب التعارض والترجيح
    كما هو مقرر في علم أصول الفقه .

    يقول الإمام الشوكاني :
    وأما المرجحات باعتبار المدلول : فهي أنواع النوع الأول : أنه يقدم ما كان مقررا لحكم الأصل والبراءة على ما كان ناقلا وقيل بالعكس وإليه ذهب الجمهور
    واختار الأول الفخر الرازي والبيضاوي والحق ما ذهب إليه الجمهور...
    إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الاصول(2 / 152)


    رابعاً : الترجيح

    قال شيخ الإسلام :
    الجبيرة يمسح عليها
    وان شدها على حدث عند أكثر العلماء وهو احدى الروايتين عن أحمد وهو الصواب

    ومن قال لا يمسح عليها الا اذا لبسها على طهارة ليس معه الا قياسها على الخفين وهو قياس فاسد فان الفرق بينهما ثابت من هذه الوجوه ومسحها كمسح الجلدة ومسح الشعر ليس كمسح الخفين وفي كلام الامام أحمد ما يبين ذلك وانها ملحقة عنده بجلدة الانسان لا بالخفين

    وفي ذلك نزاع لأن من أصحابه من يجعلها كالخفين ويجعل البرء كانقضاء مدة المسح فيقول ببطلان طهارة المحل كما قالوا في الخف
    والأول أصح

    وهو
    انها اذا سقطت سقوط برء كان بمنزلة حلق شعر الرأس وتقليم الأظفار وبمنزلة كشط الجلد لا يوجب اعادة غسل الجنابة عليها اذا كان قد مسح عليها من الجنابة

    وكذلك
    في الوضوء لا يجب غسل المحل ولا اعادة الوضوء...
    مجموع الفتاوى(21 /179) ،والفتاوى الكبرى(1 /310)

    وقال أيضاً :
    فان مسح الجبيرة يقوم مقام غسل نفس العضو
    فانها لما لم يمكن نزعها الا بضرر صارت بمنزلة الجلد وشعر الرأس وظفر اليد والرجل بخلاف الخف فانه يمكنه نزعه وغسل القدم
    ولهذا كان مسح الجبيرة واجبا ومسح الخفين جائزا ان شاء مسح وان شاء خلع
    ولهذا فارق مسح الجبيرة الخف من خمسة أوجه :

    أحدها
    أن هذا واجب وذلك جائز .

    الثاني
    ان هذا يجوز في الطهارتين الصغرى والكبرى فانه لا يمكنه الا ذلك ومسح الخفين لا يكون في الكبرى
    بل عليه أن يغسل القدمين كما عليه أن يوصل الماء الى جلد الرأس والوجه وفي الوضوء يجزئه المسح على ظاهر شعر الرأس وغسل ظاهر اللحية الكثيفة
    فكذلك
    الخفاف يمسح عليها في الصغرى فانه لما احتاج الى لبسها صارت بمنزلة ما يستر البشرة من الشعر الذي يمكن ايصال الماء الى باطنه
    ولكن
    فيه مشقة والغسل لا يتكرر

    الثالث
    ان الجبيرة يمسح عليها الى ان يحلها ليس فيها توقيت فان مسحها للضرورة
    بخلاف الخف فان مسحه مؤقت عند الجمهور فان فيه خمسة أحاديث عن النبي
    لكن
    لو كان في خلعه بعد مضي الوقت ضرر مثل أن يكون هناك برد شديد متى خلع خفيه تضرر كما يوجد في أرض الثلوج وغيرها أو كان في رفقة متى خلع وغسل لم ينتظروه فينقطع عنهم فلا يعرف الطريق أو يخاف اذا فعل ذلك من عدو أو سبع أو كان اذا فعل ذلك فاته واجب ونحو ذلك
    فهنا قيل انه يتيمم وقيل انه يمسح عليهما للضرورة
    وهذا اقوى لأن لبسهما هنا صار كلبس الجبيرة من بعض الوجوه

    فأحاديث التوقيت فيها الأمر بالمسح يوما وليلة وثلاثة أيام ولياليهن وليس فيها النهي عن الزيادة الا بطريق المفهوم والمفهوم لا عموم له
    فاذا كان يخلع بعد الوقت عند امكان ذلك عمل بهذه الأحاديث

    وعلى هذا يحمل حديث عقبة بن عامر لما خرج من دمشق الى المدينة يبشر الناس بفتح دمشق ومسح أسبوعا بلا خلع
    فقال له عمر أصبت السنة وهو حديث صحيح

    وليس الخف كالجبيرة مطلقا فانه لا يستوعب بالمسح بحال ويخلع في الطهارة الكبرى ولا بد من لبسه على طهارة
    لكن
    المقصود انه اذا تعذر خلعه فالمسح عليه أولى من التيمم

    وان قدر أنه لا يمكن خلعه في الطهارة الكبرى فقد صار كالجبيرة يمسح عليه كله كما لو كان على رجله جبيرة يستوعبها

    وأيضا
    فان المسح على الخفين أولى من التيمم لأنه طهارة بالماء في ما يغطي موضع الغسل وذاك مسح بالتراب في عضوين آخرين
    فكان هذا البدل أقرب الى الأصل من التيمم

    ولهذا
    لو كان جريحا وأمكنه مسح جراحه بالماء دون الغسل فهل يمسح بالماء أو يتيمم فيه قولان هما روايتان عن أحمد ومسحهما بالماء أصح
    لأنه إذا جاز مسح الجبيرة ومسح الخف وكان ذلك أولى من التيمم
    فلأن يكون مسح العضو بالماء أولى من التيمم بطريق الأولى

    الرابع
    ان الجبيرة يستوعبها بالمسح كما يستوعب الجلد لأن مسحها كغسله وهذا أقوى على قول من يوجب مسح جميع الرأس

    الخامس
    ان الجبيرة يمسح عليها وان شدها على حدث عند أكثر العلماء وهو احدى الروايتين عن أحمد وهو الصواب
    ومن قال لا يمسح عليها الا اذا لبسها على طهارة ليس معه الا قياسها على الخفين وهو قياس فاسد فان الفرق بينهما ثابت من هذه الوجوه....
    مجموع الفتاوى(21 /176- 179)

    وقال أيضاً :
    والقول الوسط أعدل الأقوال
    والحاق الجبيرة بما يتصل بالبدن أولى كالوسخ الذي على يده والحناء

    والمسح على الجبيرة واجب لا يمكنه تخيير بينه وبين الغسل
    فلو لم يجز المسح عليها اذا شدها وهو محدث نقل الى التيمم

    وقد قدمنا
    أن طهارة المسح بالماء في محل الغسل الواجب عليه أولى من طهارة المسح بالتراب في غير محل الغسل الواجب
    لأن الماء أولى من التراب وما كان في محل الفرض فهو أولى به مما يكون في غيره ...
    مجموع الفتاوى (21 /181و182)


    وقال الشيخ العثيمين :
    "...

    2 ـ
    أن المسح على الجبيرة من باب الضَّرورة، والضَّرورة لا فرق فيها بين الحدث الأكبر والأصغر، بخلاف المسح على الخفين فهو رخصة.

    3 ـ
    أنَّ هذا العضو الواجبَ غسلُه سُتِرَ بما يسوغُ ستره به شرعاً فجاز المسحُ عليه كالخُفَّين.

    4 ـ
    أنَّ المسحَ وردَ التعبُّد به من حيثُ الجُملةُ، فإذا عجزنا عن الغسل انتقلنا إلى المسح كمرحلة أخرى....

    واختلف القائلون بعدم جواز المسح.

    فقال بعضهم:
    إِنه يسقطُ الغُسْل إِلى بدل، وهو التيمُّم بأن يِغْسِلَ أعضاءَ الطَّهارةِ ويتيمَّمَ عن الموضع الذي فيه الجبيرة
    لأنَّه عاجزٌ عن استعمال الماء، والعجز عن البعض كالعجز عن الكُلِّ فيتيمَّم.

    وقال آخرون:
    إنه لا يتيمَّمُ، ولا يمسحُ ؛ لأنه عجز عن غسل هذا العضو فسقط كسائر الواجبات، وهذا أضعفُ الأقوال أنه يسقط الغسلُ إلى غير تيمُّمٍ، ولا مسح، لأنَّ العضو موجود ليس بمفقود حتى يسقط فرضه، فإذا عجز عن تطهيره بالماء تطهر ببدله.

    ورُبَّما يعمُّه قوله تعالى:
    {{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}}
    [المائدة: 6]

    ، وهذا مريضٌ؛ لأن الكسر أو الجُرحَ نوعٌ من المرض فجاز فيه التيمُّمُ.

    وإذا قُلنا:
    لا بُدَّ من التيمُّم أو المسح، فإِن المسح أقرب إلى الطَّهارة بالماء، لأنه طهارة بالماء، وذاك طهارة بالتُّراب.

    وأيضاً:
    التيمُّم قد يكون في غير محلِّ الجبيرة؛ لأن التيمُّم في الوجه والكفَّين فقط، والجبيرة قد تكون ـ مثلاً ـ في الذِّراع أو السَّاق.

    فأقرب هذه الأقوال:

    جواز المسح عليها.

    وهل يُجمعُ بين المسحِ والتيمُّم؟

    قال بعض العلماء:
    يجبُ الجمعُ بينهما احتياطاً.

    والصَّحيح:
    أنَّه لا يجب الجمعُ بينهما؛ لأن القائلين بوجوب التيمُّم لا يقولون بوجوب المسح
    والقائلين بوجوب المسح لا يقولون بوجوب التيمُّم؛
    فالقول بوجوب الجمع بينهما خارج عن القولين.

    ولأن إيجاب طهارتين لعضو واحد مخالفٌ للقواعد الشرعيَّة؛
    لأنَّنا نقول:
    يجب تطهير هذا العضو إما بكذا أو بكذا.

    أما
    إيجاب تطهيره بطهارتين فهذا لا نظير له في الشَّرع، ولا يُكلِّف الله عبداً بعبادتين سببُهما واحد.
    الشرح الممتع ( 1/199-200 )

    والحمد لله رب العالمين

    والنقل
    لطفـــــــاً .. من هنــــــــــا

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 3:39