هل الأفضل الدعاء برفع الضر أم الأفضل الصبر؟
السؤال :
هل يجوز الدعاء برفع الضر من الله عز وجل ، أم الأفضل الصبر؟
الجواب :
الحمد لله
لا حرج من الدعاء برفع الضرر ، بل ذلك أفضل
فقد حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على سؤال العافية
فقَالَ :
( لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ )
رواه البخاري (7237) ، ومسلم (1742) .
وكَانَ من دعائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَادَ مَرِيضًا
قَالَ :
( اللَّهُمَّ أَذْهِبْ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ ، وَاشْفِ ، فَأَنْتَ الشَّافِي ، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا )
رواه الترمذي (3565) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وجاء عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ يشكو ألما يجده في بدنه
فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ ، وَقُلْ : بِاسْمِ اللَّهِ ثَلَاثًا ، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ : أَعُوذُ بِاللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ )
رواه مسلم (2202) .
وقد ذكر الله تعالى عن صفوة خلقه ، وهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، أنهم دعوه لرفع الضر
قال الله تعالى :
( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ )
الأنبياء/38 ، 84 .
وقال تعالى :
( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) الأنبياء/87 ، 88 .
وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سحره لبيد بن الأعصم اليهودي دعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ربَّه تبارك وتعالى أن يعافيه من هذا البلاء .
روى مسلم (2189) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنه قَالَتْ :
سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودِيٌّ مِنْ يَهُودِ بَنِي زُرَيْقٍ ، يُقَالُ لَهُ : لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ .
قَالَتْ : حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ دَعَا ، ثُمَّ دَعَا ، ثُمَّ قَالَ : يَا عَائِشَةُ ، أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ .....إلخ الحديث ) .
قال النووي رحمه الله :
"قَوْله :
( حَتَّى إِذَا كَانَ ذَات يَوْم أَوْ ذَات لَيْلَة دَعَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ دَعَا , ثُمَّ دَعَا )
هَذَا دَلِيل لِاسْتِحْبَابِ الدُّعَاء عِنْد حُصُول الْأُمُور الْمَكْرُوهَات , وَتَكْرِيره , وَحُسْن الِالْتِجَاء إِلَى اللَّه تَعَالَى"
انتهى .
وبهذا يظهر أنه لا تعارض بين الدعاء برفع البلاء والصبر
فإن الله تعالى أمرنا بدعائه والتضرع إليه ، ودعاؤنا له عبادة
قال الله تعالى :
( وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )
غافر/60 .
وهو الذي أمرنا بالصبر ، ووعدنا عليه بالثواب الجزيل
فقال :
( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ )
الزمر/10 .
ودعا الرسول صلى الله عليه وسلم ربه ، وهو صلى الله عليه وسلم أكمل الناس صبراً ، وأشدهم رضاً بقضاء الله
مما يدل على أن الدعاء لا ينافي الصبر
لأن الصبر هو حبس النفس عن التسخط والاعتراض على القضاء والقدر .
فليس هناك مانع أن يجمع العبد بين عبادتي الصبر والدعاء
بل ذلك هو الأفضل والأكمل
وهو حال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
نسأل الله تعالى أن يلهمنا الفقه في الدين .
والله أعلم .
http://www.islam-qa.com/ar/ref/120175