50 إشارة تربوية رائعة لابن الجوزي
فرحان العطار
*وقوع الذنب على القلب كوقوع الدهن على الثوب، إن لم تعجل غسله وإلا انبسط " وإنْ منكُمْ لَمَن لَيُبْطِئَنَّ ".
*ما حظي الدينار بنقش اسم الملك، حتى صبرت سبيكته على التردد على النار، فنفت عنها كل كدر، ثم صبرت على تقطيعها دنانير ثم صبرت على ضربها على السكة، فحينئذٍ ظهر عليها رقم النقش "كتب في قلوبهم الإيمان".
*يا هذا! دبر دينك كما دبرت دنياك، لو علق بثوبك مسمار رجعت إلى وراء لتخلصه ، هذا مسمار الإضرار قد تشبث بقلبك، فلو عدت إلى الندم خطوتين تخلصت.
*إذا صب في القنديل ماء ثم صب عليه زيت صعد الزيت فوق الماء، فيقول الماء: أنا ربّيت شجرتك فأين الأدب؟ لم ترتفع علي؟ فيقول الزيت: أنت في رضراض الأنهار تجري على طريق السلامة، وأنا صبرت على العصر وطحن الرحا، وبالصبر يرتفع القدر، فيقول الماء: ألا أني أنا الأصل، فيقول الزيت : استر عيبك فإنك لو قارنت المصباح انطفأ.
*جاء رجل إلى أبي علي الدقاق، فقال: قد قطعت إليك مسافة، فقال: " ليس هذا الأمر بقطع المسافات، فارق نفسك بخطوة وقد حصل لك مقصود "ا.هـ، لو عرفت منك نفسك التحقيق لسارت معك في أصعب مضيق، لكنها ألفت التفاتك، فلما طلبت قهرها فاتك، هلا شددت الحيازم، وقمت قيام حازم، وفعلت فعل عازم، وقطعت على أمر جازم، تقصد الخير ولكن ما تلازم
*خلق قلبك صافياً في الأصل، وإنما كدرته الخطايا، وفي الخلوة يركد الكدر، تلمح سبب هذا التكدير، فما يخفى الحال على متلمح، كنت مقيماً في دار الإنابة نظيفاً، فسافرت فعلاك وسخ، أفلا تحن إلى النظافة؟.
*قال محمد بن واسع لو رأيتم رجلاً في الجنة يبكي، أما كنتم تعجبون؟ قالوا بلى، قال: فأعجب منه في الدنيا رجل يضحك ولا يدري إلى ما يصير!.
*كان بعض الأغنياء كثير الشكر، فطال عليه الأمد فبطر وعصى فما زالت نعمته ولا تغيرت حالته، فقال: يا رب تبدلت طاعتي، وما تغيرت نعمتي، فهتف به هاتف: يا هذا لأيام الوصال عندنا حرمة حفظناها وضيعتها.
*الجاهل ينام على فراش الأمن فيثقل نومه، فتكثر أحلام أمانيه، والعالم يضطجع على مهاد الخوف وحارس اليقظة يوقظه، من فهم معنى الوجود علم عزة النجاة.
*سبعة يظلهم الله في ظله، منهم رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخشى الله، اسمع يا من أجاب عجوزاً على مزبلة، ويحك إنها سوداء، ولكن قد غلبت عليك، عرضت على نبيينا صلى الله عليه وسلم بطحاء مكة ذهباً فأبى، يا محمد ممن تعلمت هذه القناعة؟ قال لسان حاله: من عجلة أبي، الحريص دائم السرى وما يحمد الصباح، من لا همة له سوى جمع الحطام معدود في الحشرات.
*يا أطيار القلوب إلى كم في مزبلة الحبس؟ اكسري بالعزم قفص الحصر، واخرجي إلى فضاء صحراء القدس، روحي خماصاً من الهوى، تعودي بطاناً من الهدى.
*من أراد من العمال أن يعرف قدره عند السلطان فلينظر ماذا يوليه.
*إخواني: انبعاث الجوارح في العمل دليل على قوة العلم بالأجر، فإذا حصل تسليم النفوس في الجهاد إلى القتل كان النهاية في كمال اليقين، فإذا وقع الفرح بأسباب التلف دل على كمال المحبة، كما قال عبد الله بن جحش اللهم سلِّط علي غداً عدواً يبقر بطني ويجدع أنفي، فإذا لقيتك قلت هذا فيك ومن أجلك.
*أرواح الأسحار أقوات الأرواح
*كان فضالة بن صيفي كثير البكاء، فدخل عليه رجل وهو يبكي فقال لزوجته ما شأنه؟ قالت: زعم أنه يريد سفراً بعيداً وماله زاد.
*كانوا يتراسلون بالمواعظ لتقع المساعدة على اليقظة، كصياح الحارس بالحارس.يا نيام السحور.
*كلما شرف المطلوب طالت طريقه، الهرة تحمل خمسين يوماً، والخنزيرة أربعة أشهر، والخف والحافر سنة، فأما الفيل فسبع سنين، عموم الشجر يحمل في عامه، والصنوبر بعد ثلاثين سنة، شرف النمل يوجب القلة، الشاة تلد واحداً أو اثنين، والخنزيرة تلد عشرين، وأم الصقر مقلات نزور
يا هذا ينبغي أن تكون همتك على قدرك، ولك قدر عظيم لو عرفته.
*إنه لا عجب من ترك الشكر إنفاق النعم في مخالفة المنعم، هذا عود العنب يكون يابساً طول السنة فإذا جاء الربيع دب فيه الماء فاخضر وخرج الحصرم، فإذا اعتصر الناس منه ما يحتاجون إليه طول السنة قلب في ليلة خلاً، فبانقلابه يوجب للعقل الدهش من صنع صانعه وقدرة خالقه، فينبغي أن يفرغ العقل للتفكر فيأخذ الجاهل العنب فيجعله خمراً، فيغطي به العقل، الذي ينبغي أن يحسر عن رأسه قناع الغفلة "ومن يُضللِ اللهُ فما له مِن هاد" ويحك، قد أطعمتك إياه حصرماً وعنباً وزبيباً وخلاً، فدع الخامس لي، فقد سمعت في كلامي "فإنَّ للهِ خُمُسَهُ".
*واعجباً لك، تعد التسبيحة بسبحة، فهلا جعلت لعد المعاصي أخرى، يا من يختار الظلام على الضوء، الذباب أعلى همة منك، متى أظلم البيت خرج الذباب إلى الضوء، أما ترى الطفل في القماط؟ يناغي المصباح، ويحك، خذ بتلابيب نفسك، قبل أن يجذبها ملك الموت، وقل أيتها النفس الحمقاء، إن كان محمد صادقاً فالمسجد وإلا فالدير.
*إنها إذا صفت حلالاً، كدرت الدين، فكيف إذا أخذت من حرام؟، إن لحم الذبيحة ثقيل على الأمعاء ، فكيف إذا كان ميتة؟
*يا هذا: بدل اهتمامك بك واسرق منك لك فالعمر قليل تظلم إلى ربك منك واستنصر خالقك عليك، يأمرك بالجد وأنت على الضدّ.تفر إلى الزحف ولكن لا إلى فئة, تطلب نيل العلى وما ارتقيت درج المجاهدة أتروم الحصاد، ولم تبذر لولا إيثار " يوسف " (السِجنُ أَحبُ إِليّ) ماخرج إلى راحة (وَكَذلِكَ مَكَنَّا) رُب خفض تحت السرى، وغنى من عنا، ونضرة من شحوب.
*القلب جوهر في معدن البدن، فاكشف عنه بمعول المجاهدة ولا تطينه بتراب الغفلة، رميت صخرة الهوى على ينبوع الفطنة، فاحتبس الماء ، انقب تحتها إن لم تطق رفعها لعل الجرف ينهار.
*بعت قيام الليل بفضل لقمة، شربت كأس النعاس ففاتك الرفقة، ضرب على أذنك لا في مرافقة أهل الكهف، تناولت خمر الرقاد، فوقع بك صاحب الشرطة فعمل في حقك بمقتضى قم وانم، فجعل حدك الحبس عن لحاق المتهجدين، والله لو بعت لحظة من خلوة بنا بعمر نوح في ملك قارون لغبنت لا بل بما في الجنان كلها ما ربحت ومن ذاق عرف.
*يا واقفاً في صلاته بجسده والقلب غايب، ما يصلح ما بذلته من التعبد مهراً للجنة فكيف ثمناً للجنة، رأت فأرة جملاً فأعجبها فجرت خطامه فتبعها فلما وصل إلى باب بيتها وقف ونادى بلسان الحال: إما أن تتخذي داراً يليق بمحبوبك أو محبوباً يليق بدارك، خذ من هذه إشارة إما أن تصلي صلاة تليق بمعبودك أو تتخذ معبوداً يليق بصلاتك.
*لا تحتقرن يسير الطاعات فالذود إلى الذود إبل، وربما احتبج إلى عويد منبوذ، لا تحتقرن يسير الذنب فإن العشب الضعيف يفتل منه الحبل القوي فيختنق به الجمل المغتلم.
*يا هذا، أنت أجير وعليك عمل فإذا انقضى الشغل فالبس ثياب الراحة
*طريق الوصول صعبة وفي رجلك ضعف، ويحك دم على السلوك تصل، أول النخلة السحوق فسيلة، بداية الآدمي الشريف مضغة، ثمن المعالي جد الطلب والفتور داء مزمن
*يا هذا، إنك لم تزل في حبس، فأول الحبوس صلب الأب، والثاني بطن الأم، والثالث القماط، والرابع المكتب، والخامس الكد على العيال، والسادس الموت، والسابع القبر فإن وقعت في الثامن.نسيت مرارة كل حبس.
يا هذا، ادخل حبس التقوى باختيارك أياماً.ليحصل لك الإطلاق في الأغراض على الدوام، ولا تؤثرن إطلاق نفسك فيما تحب، فإنه يؤثر حبس الأبد في النار، إلى متى تسجن عقلك في مطمورة هواك
*غاب الهدهد من سليمان ساعة فتواعده، فيا غائباً عنا طول عمره، أما تحذر غضبنا؟ خالف موسى الخضر، في طريق الصحبة ثلاث مرات، فحل عقدة الوصل بكف "هذا فراق بيني وبينك" أما تخاف يا من لم يف لنا قط، أن نقول في بعض زلاتك "هذا فراق بيني وبينك".
*من ركب الهوى هوى به، والنفس إذا استعملت التقوى تقوى به
*يا هذا إذا هممت بخير فبادر لئلا تغلب، وإذا هممت بشر فسوف هواك لعلك تغلب، ثقف نفسك بالآداب قبل صحبة الملوك فإن سياسة الأخلاق مراقي المعالي.
*يا موثق الأقدام بقيد العوائق، أجود ما للعصفور قطع السباق، لو تفكر الطائر في الذبح ما حام حول الفخ، من طلب المعالي سهر الليالي، لولا صبر المضمر على قلة العلف ما قيل سباق
*كان بعض النجارين يبيع الخشب وكان عنده قطعة آبنوس ملقاة تحت الخشب فاشتريت منه فدخل دار الملك بعد مدة فإذا بها قد جعلت سريراً للملك فوقف متعجباً وقال: لقد كنت لا أعبأ بهذه فكيف وصلت إلى هذا المقام؟ فهتف به لسان المفهم نائباً عنها: كم صبرت على ضرب الفوس ونشر المناشير؟ حتى بلغت هذا المقام
*إياك والذنوب فإنها أذلت أباك بعد عز (اِسجدوا) وأخرجته من أقطار (اسكُن) مذ سبى الهوى آدم هوى دام حزنه فخرج أولاده العقلاء محزونين وأولاده السبايا أذلة أعظم الظلمة ما تقدمها ضوء وأصعب الهجر ما سبقه وصل واشد عذاب المحب تذكاره وقت القرب كان حين إخراجه لا تمشي قدمه والعجب كيف خطا.
*الدنيا سوق فيها ضجيج الشهوات فإذا اشتغلت بها فمن يسمع المواعظ.
*ويحك تبصر عن الهوى تحمد عواقب السلامة فإِنّ المُر حينَ يَسُرّ حِلوٌ، وَإِنّ الحِلوَ حينَ يَضُرُ مُرُّ ف، خُذ مُرّاً تُصادِف عَنهُ حِلواً، وَلا تَعدِلُ إلى حِلوٍ يَضرُّ، إياك والذنوب فلو لم يكن فيها إلا كراهة اللقاء كفى عقوبة.
*إذا كان القلب نقيا ضج لحدوث المعصية فإذا تكررت مرت عليه ولم ينكر كانت الخطيئة عنده غريبة فاستوحش فلما صارت بليد الطبع لم ينفر.لابس الثوب الأسود لا يجزع من وقوع الحبر عليه.
*أيها الشاب: جوهر نفسك بدراسة العلم وحلها بحلة العمل فإن قبلت نصحي لم تصلح ، إلا لصدر سرير أو لذروة منبر، من لم يعمل بعلمه لم يدر ما معه حامل المسك إذا كان مزكوما فلا حظ له فيما حمل.
*العاقل صابر للشدائد لعلمه بقرب الفرج والجاهل على الضد كما أن النار إذا اشتعلت في حطب الزيتون لم يدخن بخلاف السوس ألا إن الطبع طفل والعقل بالغ.
*واعجبا يتحبب إليك وهو عنك غني وتتمقت إليه فقير إن تأخرت قربك وإن توانيت عاتبك ما آثر عليك من المخلوقات شيئا وأنت تؤثر عليه كل شيء فنكس رأس الندم قبل العتاب فمالك عن هذا جواب.
صَحائِفُ عِندي لِلِعِتابِ طَويتُها سَتُنشَرُ يَوماً وَالحِسابُ يَطولُ
*لا يحصل خطير إلا بخطر فاخنس في خيسك يا مخنث العزم الربح في ركوب البحر الدر في قعر اليم العلم في ترك النوم الفخر في هجر النفس.من يحب العز يدأب إليه فكذا من طلب الدر غاص عليه لولا التخلل بالعبا ما جاءت مدحة " أنا عنك راض " لأبي بكر " ولولا إرسال البراءة إلى الضرة: طلقتك ثلاثا ما اشتاقت الجنة إلى " علي ".لَو قُرِب الدَرُّ عَلى جٌلاّبِهِ ما لَجَّ الغائِصُ في طِلابِهِ وَلَو أَقامَ لازِماً أَصدافَهُ لَم تَكُنن التَيجانُ في حِسابِهِ مَن يَعشَق العَلياءَ يَلِق عِندَها ما لَقي المُحِبُّ مِن أَحبابِهِ
*وَكُلُ الشَّر في الشَّرِه وكم من شارب شرق قبل الري وإنما اللذة خناق من عسل.
*وقع نحل على نيلوفر فأعجبه ريحه فأقام على ورقه المنتشر فلما جاء الليل تقبض الورق: حرصك غيم وعقلك شمس والغيم يحجب القلب عن مشاهدة الآخرة فابعث شمال العزم يمزق شملة شملة.
*إنما المراد من الدنيا ما يصلح البدن ليسعى فيما خلق له فالاشتغال بالتزيد عائد بالنقص في المقصود إن جامع الأموال لغير البلاغ خازن للورثة فهو يحرق نفسه بنار الحرص وينتفع بربح جمعه غيره كانتفاع الناس بعرف العود المحترق.
*أبواب الملوك لا تطرق بالأيدي ولا تضرب بالحجر بل بنفس المحتاج وعذري إقراري بأن ليس لي عذر.
*كيف يصل الى الله من لا يسير وهو في قبضة العوائق أسير الأمر كله في حرفين احدهما الإعراض عما سوى الله والآخر الإقبال عليه فمن لم ينقطع عما سواه لم يمله الاتصال به ولا الوصول إليه
*انظر بعين التفكير والاعتبار لو ان طبيبا نصرانيا نهاك عن شرب الماء البارد لاجل مرض من امراض الجسد لاطعته في ترك ما نهاك عنه وانت تعلم ان الطبيب قد يصدق وقد يكذب ويصيب ويخطىء وينصح ويغش فما بالك لا تترك ما نهاك عنه انصح الناصحين واصدق القائلين لاجل مرض القلب الذي اذا لم تشف منه فأنت من اهلك الهالكين .
*من يكن شيخ نفسه في الطريق لم ينل رتبة من التحقيق ، لا يتم السلوك في الطرق إلا بخفير ومرشد ورفيق
*عسى الله الذي اخرج الورق من الشجر اليابس ان ينقلنا عن الاحوال المبغوضة الى احوال رضية ويبدلنا بهم الدنيا الدنية همما علية فطالما اغاث المجدبين عندما قحطوا وانزل الغيث من بعد ما قنطوا.
*و أخيراُ هذا الهتاف :
" الهي ! ما أكثر المُعترضين عليك ، و المُعرضين عنك ، و ما أقل المُتعرضين لك "
والنقل
لطفـــــــاً .. من هنــــــــــــا