خواطر وجواهر من ابن الجوزي إلى طلاب العلم
وبعد:
فإن كتاب صيد الخاطر للإمام ابن الجوزي درة غالية وكنز ثمين.
قد تقول: على رسلك فإنما هو خواطر وذكريات لا تستحق كل هذا؟!
فأقول ليس هو بخواطر بل هو خلاصة تجارب إمام بارع في كل الفنون, ومن تفئ ضلال هذا الكتاب علم صدق ما قلت.
ففيه من الجواهر والفرائد ما يستحق بها أن تعاد قراءته المرة تلو الأخرى.
لما كان الأمر كذلك أحببت أن أستخلص من الكتاب جواهر تختص بالعالم والمتعلم , والواقع أن كثيرا منها تعتبر قواعد منهجية يسير من خلالها طالب العلم
* استخلصت من الكتاب 14 خاطرة وجوهرة.
* اعتمدت في العزو على طبعة : دار الهدي النبوي ودار الفضيلة , بتحقيق: أبي أنس سيد بن رجب .
والله الموفق.
(أرجو عدم التعقيب قبل انتهاء الموضوع)
(1)
فصل :
[ في علماء الدنيا و علماء الآخرة]
تأملت التحاسد بين العلماء ، فرأيت منشأه من حب الدنيا ، فإن علماء الآخرة يتوادون و لا يتحاسدون
كما قال عز و جل : (و لا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتو)ا .
و قال الله تعالى :
( والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان و لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا) .
و قد كان أبو الدرداء :
[ يدعو كل ليلة لجماعة من إخوانه ] .
و قال الإمام أحمد بن حنبل لولد الشافعي :
[ أبوك من الستة الذين أدعو لهم كل ليلة وقت السحر ] .
و الأمر الفارق بين الفئتين : أن علماء الدنيا ينظرون إلى الرياسة فيها ، و يحبون كثرة الجمع و الثناء .
و علماء الآخرة ، بمعزل من إيثار ذلك ، و قد كانوا يتخوفونه ، و يرحمون من بلي به .
و كان النخعي ، لا يستند إلى سارية .
و قال علقمة : أكره أن يوطأ عقبي . و يقال" علقمة" .
و كان بعضهم ، إذا جلس إليه أكثر من أربعة ، قام عنهم .
و كانوا يتدافعون الفتوى ، و يحبون الخمول ، ومثل القوم كمثل راكب البحر ، و قد خب ، فعنده شغل إلى أن يوقن بالنجاة .
و إنما كان بعضهم يدعوا لبعض ، و يستفيد منه لأنهم ركب تصاحبوا فتوادوا ، فالأيام و الليالي مراحلهم إلى سفر الجنة .[41]
عدل سابقا من قبل أبو محمد عبدالحميد الأثري في 26.08.09 20:25 عدل 1 مرات