من هو الحارث المحاسبي ؟ وما رأي الإمام أحمد فيه
من هو الحارث المحاسبي ؟
وهل صحيح ان الامام احمد هجره ؟ وأمر بهجره ؟
وهل جاء ان الامام أحمد استمع الى بعض مواعظه ؟ والى شئ من شعره ؟
رحم الله الجميع
==============
قال الحافظ في «تهذيب التهذيب»:
«وقال أبو القاسم النصرأباذي: بلغني أن الحارث تكلم في شيء من الكلام، فهجره أحمد بن حنبل، فاختفي، فلما مات لم يصل عليه إلا أربعة نفر.
وقال البرذعى : سئل أبو زرعة عن المحاسبي وكتبه، فقال للسائل: إياك وهذه الكتب، بدع وضلالات، عليك بالأثر؛ فإنك تجد فيه ما يغنيك عن هذه الكتب.
قيل له: في هذه الكتب عبرة!
فقال: من لم يكن له في كتاب الله عبرة فليس له في هذه عبرة.. بلغكم أن مالكا أو الثوري أو الأوزاعي أو الأئمة صنفوا كتبا في الخطرات والوساوس وهذه الأشياء؟! هؤلاء قوم قد خالفوا أهل العلم؛ يأتونا مرة بالمحاسبي، ومرة بعبد الرحيم الديبلى، ومرة بحاتم الأصم. ثم قال: ما أسرع الناس إلى البدع!» اهـ.
ذكر ابن كثير في «البداية والنهاية» في أحداث سنة إحدى وأربعين ومائتين في سيرة الإمام أحمد:
«وقال إسماعيل بن إسحاق السراج قال لي أحمد بن حنبل: هل تستطيع أن تريني الحارث المحاسبي إذا جاء منزلك ؟
فقلت : نعم، وفرحت بذلك، ثم ذهبت إلى الحارث؛ فقلت له : إني أحب أن تحضر الليلة عندي أنت وأصحابك.
فقال : إنهم كثير؛ فأحضر لهم التمر والكسب.
فلما كان بين العشاءين جاءوا وكان الإمام أحمد قد سبقهم؛ فجلس في غرفة بحيث يراهم ويسمع كلامهم ولا يرونه؛ فلما صلوا العشاء الآخرة لم يصلوا بعدها شيئا، بل جاءوا بين يدي الحارث سكوتا، مطرقي الرؤس، كأنما على رؤسهم الطير، حتى إذا كان قريبا من نصف الليل سأله رجل مسألة؛ فشرع الحارث يتكلم عليها وعلى ما يتعلق بها من الزهد والورع والوعظ؛ فجعل هذا يبكي؛ وهذا يئن وهذا يزعق.
قال: فصعدت إلى الإمام أحمد إلى الغرفة؛ فإذا هو يبكي، حتى كاد يغشى عليه، ثم لم يزالوا كذلك حتى الصباح فلما أرادوا الانصراف قلت: كيف رأيت هؤلاء يا أبا عبدالله؟
فقال: ما رأيت أحدا يتكلم في الزهد مثل هذا الرجل، وما رأيت مثل هؤلاء!! ومع هذا؛ فلا أرى لك أن تجتمع بهم.
--------------------------------------------------------------------------------
فوائد:
1) قال الإمام أحمد: « قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم الجنائز حين تمر»، وهذا يكون جليا في زمنٍ تكون فيه الغلبة لأهل السنة، فلم يصل على المحاسبي إلا أربعة!
2) التحذير من كتب أهل الضلال ومن أشخاصهم، ولا يلام من فعل ذلك، كما فعل أبو زرعة.
3) لا يقال للمحذر: لا تحذر حتى تنصحه، فمن كانت بدعته قد تلبس بها الناس؛ وجب التحذير منه، وتجوز مناصحته وإقامة الحجة عليه.
4) العبرة فقط في كتاب الله وفي سنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وما وافقهما، و«من لم يكن له في كتاب الله عبرة فليس له في هذه عبرة»، وأعجب من قوم يتحرون كتب أهل البدع، بل يربون الشباب عليه، بل يدافعون عنها! وهذا يقال في كل ما قد يصرف الناس عن الكتاب والسنة وما وافهما كالأناشيد الإسلامية.
5) أهل البدعة همج رعاع، يميلون مع الريح حيث مالت، كلما جاءهم رجل أجدل من رجل وكلامه أجمل من سابقه، تركوا ما جاء به محمد –صلى الله عليه وسلم- لجدل ذلك الرجل.
6) لو كان خيرا لسبقونا إليه.. قاعدة تستعمل في كل أمر حادثٍ قد يلتبس على الناس أهو سنة أم بدعة، وكل خير في اتباع من سلف.
7) سرعة الناس إلى البدع، لأنهم لم يستضيؤوا بنور العلم.. والنفس بطبيعتها تحب الغريب والجديد.
8) ضرورة التثبت من الأخبار؛ كما فعل الإمام أحمد.
9) لم يشأ الإمام أحمد أن يراه الناس في مجلس المحاسبي كي لا يغتر بهذا الجهال؛ فيعتبروا حضوره تزكية للمحاسبي، وف هذا تنبيه لأهل الفضل ألا يحضروا مجالس البدعة كي لا يغتر بهم الناس، وكذلك على المسلم أن يبتعد عن مواطن الشبهات.
10) قد يكون سمت مسلم الصلاح، وقد يكون فعله فعل الزهاد، وقد يكون كلامه مأثراً، وهذا ليس بشيء إن لم يكن على الصراط المستقيم والطريق القويم.
11) ليس كل قول يهيج النفس، ويدمع العين، ويرقق القلب؛ قولاً موافقا للسنة؛ فقد يبكي الإنسان لأن من حوله بكى، وقد يبكي لما في القول من الحق، أو لما فيه من القرآن والسنة، وقد تبكيه خطرات النفس ووساوس الشياطين.