خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    هل نحن نفهم ما نقرأ ، أو نقرأ ما نفهم ؟ ويليه .. هل تقرأ ؟

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    هل نحن نفهم ما نقرأ ، أو نقرأ ما نفهم ؟ ويليه .. هل تقرأ ؟ Empty هل نحن نفهم ما نقرأ ، أو نقرأ ما نفهم ؟ ويليه .. هل تقرأ ؟

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 11.11.08 11:52


    هل نحن نفهم ما نقرأ، أو نقرأ ما نفهم؟

    عندما كنا صغارا كانوا أحيانا يضحكون من أقوالنا الخاطئة، ويتعجبون من فهومنا الغريبة، وعندما صرنا كبارا رأينا ذلك من أبنائنا، فصرنا نبتسم حينما نسمع الجمل الساذجة من الصغار، أو نرى الفهم العجيب منهم.

    ولكن المتأمل في واقعنا يجد أننا في حقيقة الأمر نرتكب أشياء أكثر غرابة وأبعد فهما من هؤلاء الصغار!
    ويتضح ذلك بالسؤال التالي:

    هل أنت تفهم ما تقرؤه ؟ هل أنت حقا على يقين أنك تفهم ما تقرؤه ؟

    إن فهم الكلام على حقيقته يعتمد على مقدمات :
    منها
    ما هو خاص بالكلام نفسه من حيث الإفراد والتركيب
    ومنها
    ما هو خاص بقرائن الحال التي يتنزل عليها الكلام إن كان محتملا لجهات.

    ونحن نستعمل القرائن في حياتنا كثيرا جدا، بل نستعملها بغير شعور في معظم الأحيان
    فالعقل اعتاد أن يستدرك ما يسقُط عن السمع من الأحرف القليلة التي تفهم من سياق الكلام
    والعقل اعتاد كذلك أن يعرف ضبط الكلمة اعتمادا على سياقها
    فتعرف مثلا أن (ذهب) في هذه العبارة (ذهب أحمد إلى المدرسة) مفتوحة الذال والهاء، مع أنها تحتمل غير ذلك مفردة.

    إن أهل العلم يختلفون في كثرة اطلاعهم ومعرفتهم وحفظهم وفهمهم، وهذا المقدار من الاطلاع والمعرفة والحفظ والفهم يؤثر تأثيرا واضحا في المقدرة على فهم الكلام المقروء ومعرفة القرائن المحتفة به
    ولذلك كان الصحابة أفهم لكلام النبي صلى الله عليه وسلم ممن بعدهم؛
    بل كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه أفهم لكلام النبي صلى الله عليه وسلم من غيره من الصحابة كما في الحديث المشهور (إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده فاختار ما عنده) فبكى أبو بكر وقال (فديناك بآبائنا وأمهاتنا)، فكان هو الوحيد الذي فهم المقصود، وهذا لشدة ملاصقته للنبي صلى الله عليه وسلم وقوة علمه بأحواله.

    الأستاذ عبد السلام هارون المحقق المشهور، عرف بتحقيق كتب الجاحظ، فصار أخبر الناس بأسلوبه، وصار يستطيع أن يميز بين كلامه وكلام غيره، وما تحتمله العبارة وما لا تحتمله، وهذا لو أمكن أن يتأتى لغيره فلا يمكن أن يكون بمثل درجته لأنه تبحر في كتب الجاحظ.

    وأنت عندما تقرأ في كتب أهل العلم، تجد نفسك مع الوقت تتذوق أسلوبهم، وتعرف أن هذا أسلوب فلان، وهذا نمط فلان، وهذه طريقة فلان، وهذا مهيع فلان.

    والمتقدمون من المحدثين يفعلون ذلك كثيرا؛ وذلك لأنهم لكثرة ممارستهم وطول خبرتهم، وسعة محفوظهم، صارت معرفتهم بأحوال الرواة أحيانا كمعرفتهم بآبائهم وأمهاتهم، فيستطيع أن يجزم بأن هذا الكلام لم يصدر من فلان، أو أن هذا القول لم يقله فلان
    كما جاء عن يحيى بن معين عندما أقسم أن عبد الله بن المبارك لم يقل هذا الكلام!

    فهذه مرتبة عالية شريفة تستطيع فهمها عندما تستنكر أنت قولا نسب لأبيك خطأ.

    ونحن نعرف مثلا الشيخين (ابن باز) و(الألباني) حق المعرفة، فإذا جاءنا من يقول : إن الشيخ ابن باز رحمه الله كان يعرف اللغة الصينية
    وإن الشيخ الألباني رحمه الله مكث سنين في البرازيل!!
    فإننا نقطع بأنه كاذب أو مخطئ، فإذا جاء من لا يعرف الألباني فقد يقول : ما لهؤلاء كيف يزعمون علم الغيب؟!

    والمقصود
    أن القرائن من أقوى السبل إن لم تكن أقوى السبل على الإطلاق لفهم الكلام، واختلاف درجات أهل العلم في علمهم يؤدي إلى اختلافهم في مقدرتهم على فهم كلام غيرهم.

    وانحطاط درجاتنا عن درجات أهل العلم قد يحملنا في كثير من الأحيان على أن نستنكر فهمهم لبعض النصوص
    ونقول : هذا فهم خاطئ!
    أو هذا خلاف الظاهر!
    أو هذا تخرص بالغيب!
    أو نحو ذلك من العبارات التي لو صدرت ممن هو في مثل علمهم لكانت مقبولة
    أما صدورها ممن لم يبلغ عشر معشارهم فهذا شأن آخر.

    قال تعالى:
    { قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى }
    فالمادة واحدة وهي القرآن، ولكن استقى منه المؤمنون الهدى والشفاء، وانقلب الكافرون فقط بالوقر والعمى!

    وفي الحديث
    (( إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به ))
    فالمادة واحدة وهي الحكمة النبوية، واختلف قبول المادة باختلاف المعادن.

    إنك عندما تقرأ كلام أهل العلم فالحقيقة أنك تقرأ ما تريد أن تفهمه بناء على ما عندك من مقدمات ومعلومات.

    والقليل منا من يفهم ما يقرأ، لماذا ؟

    لأن
    هذا يحتاج إلى تجرد وإنصاف شديدين، وعدم الوقوع في أسر الخاطر الأول وبادئ الرأي
    و
    يحتاج إلى علم واسع بالقرائن
    و
    يحتاج إلى معرفة كبيرة باللغة وخاصة لغة من تقرأ له
    و
    يحتاج في بعض الأحيان إلى معرفة حقبة هذا العالم وتاريخه.

    قد يقول قائل : إن كلامَك خطأ؛ لأن هذه المعرفة التي تَشترِط وجودَها إنما يتحصل عليها المرءُ أصلا من القراءة والمطالعة، وهذه القراءةُ والمطالعة تحتاج إلى مثل هذه المعرفة أيضا، وهذا دور أو تسلسل، وهو باطل ).

    فالجواب :
    أن هذا الاعتراض صحيح وهو يفيد التسلسل حقا، ولكن قطع السلسلة يحل الإشكال، وبيان ذلك بما يلي :

    نفترض أن العالم في ابتداء طلبه للعلم اليوم، وهذا أول شيء يسمعه من أول شيخ يتلقى عنه، فحينئذ تأتي المعلومة إلى القلب بسهولة، فتدخل إليه بغير استئذان، فلا تجد لها معارضا ولا مناوئا، ولكن هل هذه المعلومة صحيحة أو خاطئة ؟ محل نظر.

    ثم تأتي معلومة أخرى فإما أن تؤيد المعلومةَ السابقة، أو تخالفها، أو لا تؤيدها ولا تخالفها.

    ثم تأتي معلومة ثالثة فتُعرض على كلٍّ من المعلومات السابقة فتزيد بعضها قوة وتزيد بعضها ضعفا، وتترك بعضها كما هو.

    ومع تكاثر هذه المعلومات وتواترها على القلب يحصُل لديه يقينٌ ببعض هذه المعلومات بحيث لا يمكن أن يداخله فيها شك
    كمثل اليقين الذي يدخل إلى قلب الإمام مالك أن ابن عمر - رضي الله عنه - كان موجودا، وكان من الصحابة، لكثرة ما سمع من النقول عنه والقرائن التي تفيد ذلك.

    وهذا القدر من المعلومات يكون هو الأساس الذي يبني عليه العالمُ صحةَ المعلومات الأخرى أو خطأها، وهذا يشبه ما يفعله المحدثون حينما يحكمون على خطأ هذا أو ذاك بناء على الرواة الأثبات الذين تدور عليهم الرواية؛ لأن هؤلاء الرواة صاروا بالمحل الموثوق.

    ومع الوقت والممارسة والمرانة والبحث والفحص والتمرس، يصير الأمر المشكوكُ فيه عندك أمرًا يقينيا عند هذا العالم، ويصير الحكمُ الذي تستغرقُ أنت ساعةً في فهمِه أمرا بَدَهِيًّا عند هذا العالم، بل تصيرُ له أحيانا ملكةٌ يميز بها بين صحيح العلم وسقيمه بغير أن يقدِر على التعبير عن حجته !! كالأعرابي الذي يتكلم ولا يلحن، بل لا يستطيع أن يلحن!

    ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أعلم الناس (أبصرهم بالحق إذا اختلف الناس) فعبر عن العلم بالبصيرة، وهذه البصيرة هي الملكة أو السليقة أو النور الذي يعلَق بالقلب من كثرة ممارسة العلم والدربة عليه، مع صدق القصد وإخلاص النية.

    أسأل الله أن يوفقنا للفهم والعلم والعمل، وأن يستعملنا في طاعته.

    إنه على كل شيء قدير.


    أخوكم ومحبكم

    أبو مالك العوضي


    والنقل
    لطفـــــاً .. من هنــــــــا


    عدل سابقا من قبل الشيخ إبراهيم حسونة في 30.09.09 11:12 عدل 1 مرات
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    هل نحن نفهم ما نقرأ ، أو نقرأ ما نفهم ؟ ويليه .. هل تقرأ ؟ Empty رد: هل نحن نفهم ما نقرأ ، أو نقرأ ما نفهم ؟ ويليه .. هل تقرأ ؟

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 11.11.08 11:54

    وقد نبهني شيخ فاضل على أن الحديث الأخير؛

    حديث (أبصرهم بالحق ... )

    استنكره جمع من المحدثين، منهم أبو حاتم والعقيلي وابن عدي

    الكاتب


    =========


    سلمت شيخنا الحبيب ابا مالك العوضي على هذه الفوائد الرائعة

    للشيخ حاتم العوني مبحث لطيف في في ضوابط في فهم كلام العلماء تجدها في رسالته (الانتفاع بمناقشة الاتصال والانقطاع )
    لعل الله ييسر نقل بعضها ص195 في قرابة 40 صفحة
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attach...7&d=1121354963



    =========


    الأمر ليس سهلا، بل هو في غاية الصعوبة، وأخوكم الضعيف ليس استثناء في هذا الأمر.

    ولكن الموفق من وفقه الله، والمهدي من هداه الله، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

    وجماع الأمر - فيما أحسب والله تعالى أعلم - أن ننظر إلى الاختلافات بين أهل العلم، فأنا أزعم أن أكثر هذه الاختلافات هي اختلافات في الفهم، وليست اختلافات في الجهل ببعض النصوص.

    ومن الأدلة على ذلك أن الخلاف المبني على الجهل بنص معين ينبغي أن يزول عند استحضار هذا النص، ومع ذلك لا نرى هذا موجودا في معظم الخلافات.

    وهذا ليس قصرا على الخلافات الفقهية، بل هو عام في الخلافات الاعتقادية، والخلافات الأصولية وغير ذلك أيضا.

    ولكي تعرف عظم الخطر في هذا الباب انظر لنفسك ومعلوماتك وما اطلعت عليه من الكتب وما حصلته من معارف.

    هل الكتب التي قرأتها أكثرها للمتقدمين أو للمتأخرين؟
    هل خبرتك بعبارات المعاصرين وفهم المراد من كلامهم مثل خبرتك بكلام الصحابة والتابعين وفهم المراد منها؟ فضلا عن كلام العرب الأقحاح والشعراء الجاهليين؟!

    أنا أحسب - والله أعلم - أن الواحد منا إذا قرأ للشيخ الألباني مثلا فلن يصعب عليه فهم شيء من مراده، في حين إنه إذا قرأ للحافظ ابن حجر فقد يخفى عليه شيء مما يريده الحافظ، أما إذا قرأ مثلا للخطيب البغدادي فربما يغيب عن فهمه ما هو أكثر من كلام الحافظ ابن حجر، ثم إذا قرأ مثلا كلام الصحابة والتابعين فالمتوقع أن فهمه لها سيكون أقل من فهمه لكلام الخطيب.
    ثم إذا قرأ كلاما لبعض الجاهليين فسيكون فهمه أقل من كل ما سبق.

    والسبب في ذلك - والله أعلم- أنه كلما بعد العصر اختلفت القرائن والألفاظ والاستعمالات، وتغيرت الأمور الواضحات، وصار بعض المشهور غريبا وبعض الغريب مشهورا.

    ولذلك تجد مثلا في القاموس المحيط عن بعض الألفاظ ( معروف ) مع أنه من غريب اللغة الذي لا يكاد يعرفه أحد من المعاصرين، مع أن صاحب القاموس من أهل القرن الثامن ثم التاسع الهجري!
    فما بالك بكلام علماء القرن الثاني؟! لا شك أنه أبعد
    فما بالك بكلام أهل الجاهلية، لا شك أنه أبعد وأبعد

    وليس من سبيل - من وجهة نظري والله أعلم - لحل هذا الإشكال إلا بأن يحاول المرء أن يغير ثقافته، وذلك بأن يجعل اطلاعه على كلام أهل عصر معين أكثر من اطلاعه على غيره من العصور، فهذا هو السبيل الوحيد لاكتساب هذه السليقة، أو هذه الملكة التي تجعله يفهم الفهم الصحيح لأول وهلة أو بادي الرأي.

    ولذلك كان أهل الحديث هم أقرب الناس لفهم المراد من الأحاديث.
    وكان النحويون أقرب الناس لفهم مراد سيبويه.
    وكان اللغويون أقرب الناس لفهم كلام العرب.

    ولذلك كثيرا ما يقول أهل العلم: إن العبرة في كل فن إنما هي بكلام أهله المتقنين له، بخلاف غيرهم، فلا يعتد بكلام غير النحويين في النحو، ولا بكلام غير الفقهاء في الفقه، كما أنه لا يعتد بكلام غير الأطباء في الطب.

    ولا شك أن الطبيب الذي ليس خبيرا بعلوم العربية أكثر فهما لكلام الطبيب مثله من فهم عالم العربية، حتى لو كان الكلام مكتوبا باللغة العربية الفصيحة.

    وسبب هذه الإشكالات جميعها أن الكلام المنطوق أو المكتوب لا يمكن أن يعبر عن مراد المتكلم تعبيرا مطابقا لما في النفس تماما بحيث لا يزيد ولا ينقص، وتأمل ذلك من نفسك تجده صحيحا إن شاء الله.

    ولذلك يُغفل كثير منا حال الكلام كثيرا من الأمور التي يراها هو واضحة لا تشكل على أحد، ولو لم يفعل ذلك لاحتاج في كل جملة أو عبارة من عباراته أن يملأها بالاحترازات والتقييدات التي تخل بنظام الكلام وتضيع الوقت في غير فائدة.
    ولولا أن القرائن المعتادة تقوم مقام التصريح في هذه الأمور لما صلح حال الناس ولما استطاع بعضهم أن يفهم مراد بعض، كما لو قلت لولدك مثلا: (ماء)، فإنه يفهم بحسب القرائن أنك تريد كوبا من الماء لكي تشربه، أما إذا كنت تسير معه في الطريق مثلا وقلت: (ماء) وأمسكت به بسرعة وجذبته للخلف، فإنه يفهم بحسب القرائن أنك تريد منه الاحتراز من وقوعه في الماء أو وقوع الماء عليه.
    وهذه القرائن والأحوال إنما فهمت بحسب العادة والعرف، وهذه الأمور تختلف من عصر لعصر، فقد يكون مثلا في بلد من البلدان أن قول بعضهم لبعض: (ماء) معناه مشروب معين يصنع بطريقة معينة.
    ولذلك تجد أكثر أخطاء المحققين لكتب أهل العلم سببها أنهم يجرون أعرافنا المعاصرة على كلام هؤلاء، فيجعلون البعيد قريبا والمحال واجبا واللازم محالا !!

    وأنصح إخواني في الله أن يجربوا هذا الأمر، وذلك بأن تقصر نفسك على قراءة كتب أحد أهل العلم مدة معينة من الزمن، حتى تحيط بجملة وافرة منها، ثم انظر بعد ذلك هل يكون استيعابك للكلام أكبر وفهمك لما بين السطور أكثر حتى تكاد في بعض الأحيان تعرف ماذا سيقول في السطر القادم قبل أن تقرأه !!

    وقد سمعنا عن كثير من العلماء والشعراء والأدباء كان أحدهم يسمع شطر البيت فيذكر الشطر الثاني من غير أن يكون قد سبق له سماعه!! فإذا سئل: من أين عرفته؟ قال: هذا ما ينبغي أن يقال، أو نحو ذلك.

    وكثيرا ما كنت أحضر بعض المناقشات فأجد كلا من الطرفين يدعي أن فهمه هو المتبادر!! وأن الصواب حمل الكلام على الفهم المتبادر!!
    فنقول: هذا صحيح، ولكن المتبادر عند من؟! ليس عندي ولا عندك، وإنما عند أهل اللسان، عند السلف الذين عاينوا الأحوال وتشربوا القرائن التي هي الأساس في هذا الذي تدعي أنه (المتبادر).
    فإذا كنت قد نظرت وقرأت وأكثرت من الاطلاع على كلام هؤلاء حتى صارت لك فيه ملكة، فحينئذ يكون المتبادر عندك قريبا من المتبادر عندهم، أما بخلاف ذلك فلا وألف لا !!

    ولذلك نجد أبعد الناس عن صحة الفهم - فهم كلام السلف - من يقصر علمه ويقضي عمره في النظر في كتب بعض المتأخرين حتى يكون كلام السلف عنده أشبه باللغة الأعجمية !

    أسأل الله سبحانه أن يمدنا بمدد من عنده، وأن يرزقنا حسن الفهم، وصحة العلم، وصواب العمل.
    إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير.


    الكاتب


    ========


    أريد التأكد من "ضبط العبارة "وأيضا من "معنى الألفاظ التي تحتها سطر"للفائدة .
    ( وكم من زائف وبهرج قد نفقا على نقادهما، ومن جيد نافق قد بُهرج عند البصير بنقده فنفاه سهوًا ) [ ابن طَبَـاطَبا ]


    ========= البيان =======

    يشير الكاتب - والله أعلم - إلى أن المرء قد يبلغ منزلة عظيمة في علم من العلوم حتى يصير من نُقَّاد هذا العلم ( تشبيها بالناقد الصيرفي الذي يعرف الصحيح من الزائف بالخبرة والممارسة والمهارة ) .

    ثم إنه مع هذه المنزلة في العلم قد يَنفُق عليه في بعض الأحيان شيء من البَهْرَج ( أي المزيف ) ومعنى (ينفق) أنه يظنه (نافقا) ، وهو عكس الزائف ، فيحكم على الزائف بأنه صحيح .

    وكذلك قد يأتي هذا الناقد البصير والعالم المتبحر فيحكم سهوًا على الصحيح بأنه فاسد ؛ لأنه قد ( بُهِرِج ) عنده ، أي وُصِف بأنه بهرج ، أو مَوَّه بعض الناس عليه الأمر فجعله يظنه بهرجا .

    والمقصود أن الإنسان مهما بلغ من العلم فليس معصوما من الخطأ ، وأن التمويه والتشغيب والخداع قد ينفق على أهل العلم أيضا كما ينفق على أكثر العوام .

    هذا ما ظهر لي من العبارة ، والله تعالى أعلم .




    الكاتب

    =======

    قال عبد الرحمن البرقوقي في مقدمة شرحه لديوان المتنبي :

    (( ولقد لقيت الألاقي في تصحيح (بروفات) -أو تجارب- المتنبي، ومن قبله حسان، حتى لا أكون مغاليا إذا قلت: إن الجهد الذي يبذل في سبيل التأليف أهون على المرء من الجهد الذي يقاسَى في سبيل التصحيح.
    وتصور مقدار ما يعرو الإنسان من المضض والامتعاض حين يرى الكتاب -بعد هذا العناء الذي يبذل في التصحيح- لم يسلم من الأغاليط. ولا تنس أن المؤلف قد لا يفطن إلى الخطإ المطبعي أثناء التصحيح ويمر به مرا، وعذره في ذلك واضح: وهو أنه إنما يقرأ ما في ذهنه، لا ما هو بين عينيه؛ ومن هنا كان له -المؤلف- هو الآخر نصيب من الخطإ وإن كان عذره في ذلك قائما )).
    الكاتب

    والمصدر السابق
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    هل نحن نفهم ما نقرأ ، أو نقرأ ما نفهم ؟ ويليه .. هل تقرأ ؟ Empty رد: هل نحن نفهم ما نقرأ ، أو نقرأ ما نفهم ؟ ويليه .. هل تقرأ ؟

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 11.11.08 12:12

    جزاك الله خير أخي أبو مالك ..

    كلام نفيس .. وقيم .. نفع الله بك ..

    إلا أن قولك حفظك الله ( فالمادة واحدة وهي القرآن )

    فيها نظر

    إذ إن القرآن كلام الله عزوجل وكلامه صفه من صفاته وليس مادة !!

    هذا ما أعلمه عن هذه الكلمة

    ولعل الأخوة يفيدونا أكثر ..

    والله أعلم


    ===== تعليق الكاتب ======

    أحسن الله إليك شيخنا الفاضل

    المادة : أي : ما يستمد منه؛ اسم فاعل من مَدَّ يمُدُّ .

    المصدر عاليه .
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    هل نحن نفهم ما نقرأ ، أو نقرأ ما نفهم ؟ ويليه .. هل تقرأ ؟ Empty رد: هل نحن نفهم ما نقرأ ، أو نقرأ ما نفهم ؟ ويليه .. هل تقرأ ؟

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 11.11.08 12:31

    الحمد لله وحده.

    شيخنا الفاضل أبا مالك العوضي، حفظك الله ورعاك، وبلَّغك من الخير مبتغاك.

    سررت منك بكرم الزيارة، ثم بكريم الإحالة، ثم بكرم الابتسامة؛ فلا أدري على أي المكارم أشكرك! ومثلك لا يحتاج إلى إضافة (ابتسامة) مع مثلي، فإنا إزاء مشاركاتك دوما بين ابتسامتين: ابتسامة الرضا بغزير فوائدك، أو ابتسامة الفرح بمنصف تعقيباتك؛ وفي كل خير...

    ولأنني أعتقد أنه لا تستفزك الخيلاء، ولا يستخفك الإطراء، أقول إن ما أحلت عليه لا يمكن وسمه إلا بعنوان واحد هو: الإبداع. زادك الله وزادنا منه..

    وقد لفتت انتباهي تحديدا المشاركة رقم 15 من الصفحة المشار إليها، وعلى وجه أخص: ما تعلق منها بالاختلاف ودواعيه.

    وهي لطيفة من لطائف النظر، ونفيسة من نفائس الدرر؛ حبذا لو ينبري لتعميقها الباحثون في تاريخ الفقه الإسلامي، فيوفوها دراسة وتحليلا وتدليلا. ولكن من لنا بالغوَّاص الماهر؟

    إذ يشيع القول عن إمام من أئمة الفقه، في مسألةٍ ما خالف فيها رأيُه النصَّ، أنه "لم يصله الدليل".

    وهذا القول يحتاج إلى تمحيص وتقصي، لتمييز ما كان فعلا ناتجا عن غياب الدليل، وما كان نابعا عن اجتهاد في فهم الدليل، أو انصرافٍ عنه إلى دليل آخر، أو التزامٍ بأصول المذهب، وما إلى ذلك...

    وبهذا تنفتح آفاق أربع رسائل جامعية -على الأقل- في الفقه الإسلامي!

    أقول هذا، ولم أتأكد بعد إذا كانت المسألة قد دُرست وفقا للنهج الذي وسمته ورسمتُه.

    أما عن السؤال المحوري في المشاركة المشار إليها: "هل نسمع ما نقرأ؟ أم نقرأ ما نسمع؟"

    فهذا مما يقع كثيرا؛ إذ بين الأذن والذاكرة "جدلية" ملتحمة. فالذاكرة "تحتال" أحيانا على الأذن، فتعدِّل المسموع، ثم توهم المتلقي أنه هكذا سمعه! والأذن أحيانا تستبد بالعين، فتقرأ المكتوب وفقا لما تلقَّته العين سالفا..


    وقديما اشتهر "كيسان المستملي" بالفصام التام بين هذه العناصر، حيث قال عنه ابن الأنباري: "كيسان يَسمع غير ما أقول، ويَكتب غير ما يَسمع، ويَقرأ غير ما يكتب، ويَحفظ غير ما يقرؤه"!!
    ومن طرائف المستملين، ما أورده ابن الجوزي في "أخبار الحمقى". قال: قال إسماعيل بن محمد الحافظ: كنا بمجلس "نظام الملك"، فأملى:
    أُفِّ للدنيا الدَّنِيَّه ... دارُ هَمٍّ وبَلِيَّه


    فقال المستملي: "وتَلِيَّه؟" فقيل له: "وبَلِيَّه". فقال: "ومَلِيَّه؟" فضحك الجماعة، فقال النظام: "اتركوه"!

    وقد تركته حاشية "نظام الملك"، ولكن نحن ما تركناه، وما زلنا نردد قصته...


    والنقل
    لطفــــــــاً .. من هنــــــــــــــــــا
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    هل نحن نفهم ما نقرأ ، أو نقرأ ما نفهم ؟ ويليه .. هل تقرأ ؟ Empty رد: هل نحن نفهم ما نقرأ ، أو نقرأ ما نفهم ؟ ويليه .. هل تقرأ ؟

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 30.09.09 11:11

    هل تقرأ ؟
    هل نحن نفهم ما نقرأ ، أو نقرأ ما نفهم ؟ ويليه .. هل تقرأ ؟ 470674

    القدرة على القراءة نعمة من نعم الله، كغيرها من الوسائل التي آتاها الله ابن آدم،

    وإذا أردت أن تعرف هذه النعمة العظيمة فما عليك أيها القارئ، إلا أن تقارن بين نفسك وبين من لا يقرأ من أقاربك أو أصدقائك، لترى الفرق الهائل بينك وبينهم،

    فأنت تنظر إلى الحروف المترابطة التي تتكون منها الكلمات، والكلمات المتتابعة التي تتكون منها الجمل المفيدة، والجمل المفيدة التي تتكون منها الموضوعات الكاملة، التي قد تثمر كتابا أو مجلدات، وأنت تتابعها حرفا حرفا، وكلمة كلمة، وجملة جملة، وسطرا سطرا، وموضوعا موضوعا، وكتابا كتابا، ومجلدا مجلدا، تغذي بمعانيها عقلك، الذي لا يزال ينمو ويترقى في سلم أعالي العلوم والمعارف بشتى أنواعها وهي التي تستحثه بقراءاتك المتكررة، لشتى أنواع الثقافة، إلى أن يكون (العقل) ميزانا لما ينفعك من التصرفات، فيشعل لك بذلك سراج الهداية لتستضيء به في مسير حياتك للتشبث بكل نافع مفيد، وميزانا لما يضرك من النشاطات، فيرفع لك معلم التحذير من سلوك سبل الباطل التي تحرضك على سلوكها نفسك الأمارة بالسوء، والهو المردي والشيطان الرجيم. فيتعاون العقل السليم والفطرة النيرة والوحي المبين، على قيادتك إلى ربك لتحقيق ما ترضيه به في دنياك وآخرتك.

    القراءة تصل القارئ بالعصور الغابرة من التاريخ، بما فيه من خير وشر، وتجعله-إذا دوَّن أفكاره-متواصلا مع الأحقاب اللاحقة، ينقل للأجيال القادمة أحداث عصره، وعادات جيله، وتاريخ أمته، كاشفا لهم تجارب عصره، بما فيها من إيجابيات يدعو لاقتفائها، وسلبيات، يحذر من الوقوع فيها.

    أما من لم يقدر له الله أن ينال هذه النعمة-نعمة القراءة-فلا تراه يفرق بين المكتوب والمرسوم، واللعب والجد، والحق والباطل، مما يسطر في صفحات الكتب والجرائد والمجلات، والألواح والصخور، إلا بأن هذا لون وذلك لون صوَّرتْه له الرؤية، لا يعلم من محتواه شيئا، ولا يدري من مضمونه عرفا ولا نكرا، يرى الحروف والكلمات والجمل والسطور، رؤية قد يعجبه جمالها، دون أن يعرف ما تحمله في أحشائها من جواهر وأصداف، أو ما أثقلت به صنوانها الدانية وأغصانها من ثمار لذيذة يانعة.

    لا فرق بينه وبين صبي خرج لتوه من رحم أمه، أو مجنون فقد عقله، فكلهم حرُِم من التمتع بنعمة القراءة، إلا أن الصبي والمجنون معذوران بسقوط التكليف عنهما، وهو من المؤهلين للتكليف العيني والواجب الكفائي في أمور دينه ودنياه.

    منزلة القراءة في الإسلام:

    ولأهمية القراءة في الإسلام كانت أول كلمة في أول سورة نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم، هي أمره بالقراءة بادئا باسم الله، كما قال تعالى: ( اقرأ باسم ربك الذي خلق [1] ثم كرر الأمر بها فقال: (اقرأ وربك الأكرم)[3] العلق.

    وكان الأمر بهذه القراءة، فاتحة لقراءة هذه الأمة عالَمَ الأرض والسماوات، وما فيهما وما بينهما، من أفلاك وكواكب وشموس وأقمار ومجرات، وبحار وسحاب، ومطر وبرق ورعد، وبرد وحر وجليد، وحيوانات لا يحصيها إلا خالقها في البر والبحر والجو، وجبال متنوعة في كبرها وصغرها وألوانها، وأنهار هي شرايين الحياة في الأرض، تصل بين الجبال والسهول والبحار، تمد البشر والحيوانات والأرض بماء الحياة، وتمكن الناس من الانتقال بوساطتها من مكان إلى مكان، لا حيلة لهم –في كثير من المناطق- في ذلك التنقل بدونها، يأكلون من طري أسماكها، ويلبسون من جواهرها وحليها، وأشجار وغابات، يتنفس البشر من هوائها النقي

    وأمر الله هذه الأمة بالقراءة في سورة هي من أول السور المكية نزولا فقال لهم: (فاقرءوا ما تيسر من القرءان .. فاقرءوا ما تيسر منه) [20 المزمل]

    وبذلك أصبحت الأمة الأمية التي لا تقرأ ولا تكتب، تُعَلِّم عالَمَ الأرض من ذوي الحضارات العريقة علوم الدنيا والآخرة، ومعارف الأرض والسماء، وسياسة الأمم العادلة التي تجلب لهم السعادة، وتدفع عنهم الضنك والشقاء.

    فسل نفسك هذا السؤال الذي قد تظنه فضولا: هل أقرأ؟

    هل تقرأ ؟ ماذا تقرأ؟ (2)

    كتبه
    د . عبد الله قادري الأهدل

    والنقل
    لطفـاً .. من هنــــا
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=20763
    أبو مريم
    أبو مريم
    غفر الله تعالى له
    غفر الله تعالى له


    ذكر عدد الرسائل : 1
    العمر : 45
    البلد : مصر
    العمل : مهندس
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 08/01/2010

    هل نحن نفهم ما نقرأ ، أو نقرأ ما نفهم ؟ ويليه .. هل تقرأ ؟ Empty رد: هل نحن نفهم ما نقرأ ، أو نقرأ ما نفهم ؟ ويليه .. هل تقرأ ؟

    مُساهمة من طرف أبو مريم 08.01.10 17:38

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بدأت من وقت قريب ولله الحمد والمنه في طلب العلم الشرعي

    وقرأت كتاب أظنه مهم لطالب العلم المبتدئ للشيخ عبد العزيز السدحان

    وهو كيف تحفظ كيف تقرأ كيف تفهم

    اتمني ان يكون مفيدا لكم
    فقد استفدت منه

    الرابط
    http://d1.islamhouse.com/data/ar/ih_books/single/ar_How_to_preserve.pdf

      الوقت/التاريخ الآن هو 14.11.24 8:56