أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 23.05.08 18:14
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا .
أما بعد : فإن علم العقيدة الإسلامية من أشرف العلوم وأجلها ؛ لأنه العلم بالله تعالى وآياته ، وأسمائه ، وصفاته ، وحقوقه على عباده ، وكذلك العلم بالنبوات ، وكل ما يتعلق بأمور الآخرة من بعث وجنة ونار . . . الخ .
وهذه هي المقاصد الثلاثة ، التي نزلت بها الكتب السماوية ، وأجمعت الرسل على الدعوة إليها .
قال الله تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ .
وقال تعالى : وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ .
وقال تعالى إشارة إلى اتفاق الرسل والكتب السماوية على إثبات اليوم الآخر : وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ .
وقال تعالى : بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى .
والإيمان باليوم الآخر رأس هذه المقاصد ، وأصل من أصول الإيمان وأركانه ، كما قال تعالى : لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ .
فالحصول على البر ، لا يتحقق إلا بالإيمان باليوم الآخر ، ولذلك فإن للإيمان باليوم الآخر أثرا عظيما على الإنسان في الدنيا والآخرة .
فإن الإيمان باليوم الآخر ، والإكثار من ذكره ، والتصديق الجازم بوقوعه ، يزيد إيمان الإنسان ، ويجعله من المتقين الذين قال الله عز وجل عنهم : الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .
ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى ، قد رتب حصول التقوى والفلاح للإنسان في الدنيا والآخرة ، على الإيمان بما ذكره سبحانه وتعالى من الأمور الغيبية في هذه الآيات ، واليوم الآخر من جملة الغيب الذي يجب علينا الإيمان به ، لكن الله سبحانه وتعالى خصه بالذكر ، لبيان أهميته وبيان أثر الإيمان به على الإنسان في الدنيا والآخرة .
وكلما ازداد الإنسان يقينا باليوم الآخر ، زاد إيمانه ، وحرص على الأعمال الصالحة ، وابتعد عن الأعمال السيئة ، واستعد لهذا اليوم العظيم بما يحبه الله عز وجل ، وهذا من أعظم آثار الإيمان باليوم الآخر على الإنسان ، كما قال الله تعالى : فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى .
ولأهمية الإيمان باليوم الآخر فقد ذكره الله عز وجل في القرآن الكريم كثيرا ، وأقام الدليل عليه ، ونوع الأدلة فيه ، وبسطها وربطها بالفطرة والعقل ، ورد على المنكرين له بأنواع الأدلة والأمثلة ، وأمر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يقسم به على وقوع اليوم الآخر تأكيدا له ، كما قال عز وجل : زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ .
والنصوص الدالة على هذا كثيرة جدا ، وليس المقصود هنا التوسع في ذلك ، وإنما المقصود بيان أهمية الإيمان باليوم الآخر ، وأثر الإيمان على الإنسان .
ولما كان اليوم الآخر من الأمور الغيبية ، أعان الله سبحانه وتعالى خلقه على الإيمان به بأمور كثيرة ، ومن ذلك ربط هذا الغيب بالأمور المحسوسة ، فإن الغيب إذا ربط بالأمور المحسوسة سهل الإيمان به على الإنسان ، ومن هذه الأمور المحسوسة التي تعين على الإيمان باليوم الآخر ، أشراط الساعة .
وأهمية معرفة هذه الأشراط والأمارات ، تظهر من أهمية الإيمان باليوم الآخر ، ولذلك فإن الإيمان بأشراط الساعة وعلاماتها الصحيحة الثابتة ، جزء لا يتجزأ من الإيمان باليوم الآخر ، والذي هو الآخر جزء لا يتجزأ من الإيمان بالغيب .
والحديث عن أشراط الساعة مهم ، ولا سيما إذا ابتعد الناس عن تذكر الآخرة واشتغلوا بالدنيا وملذاتها ، فإن في أشراط الساعة المحسوسة التي تظهر ويراها الناس بأعينهم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، ما يعيد الناس إلى ربهم ويوقظهم من غفلتهم .
يقول القرطبي - رحمه الله - : قال العلماء رحمهم الله تعالى : الحكمة في تقديم الأشراط ، ودلالة الناس عليها ، تنبيه الناس من رقدتهم وحثهم على الاحتياط لأنفسهم بالتوبة والإنابة ، كي لا يباغتوا بالحول بينهم وبين تدارك العوارض منهم ، فينبغي للناس أن يكونوا بعد ظهور أشراط الساعة ، قد نظروا لأنفسهم وانقطعوا عن الدنيا واستعدوا للساعة الموعود بها - والله أعلم .
وقد وفقني الله عز وجل للكتابة في هذا الموضوع المهم ، وكان الفضل في ذلك لله سبحانه وتعالى أولا ثم لوزارة الشؤون الإسلامية ممثلة في إدارة التأليف والترجمة ، التي قامت مشكورة بالموافقة على الكتابة في هذا الموضوع ، الذي تظهر أهمية الكتابة فيه في الأمور التالية :
1 - حاجة الناس - خاصة في هذا العصر - لمعرفة أشراط الساعة ، لعل ذلك يسهم في توجيه سلوكهم إلى سبيل الخير ، والاستعداد ليوم المعاد .
2 - وجود بعض الكتاب في هذا العصر ، الذين أخذوا يشككون في بعض الأمور الغيبية ، التي أخبر بها الرسول صلى الله عليه وسلم ومنها أشراط الساعة ، زاعمين أن هذا ينافي العقل ويصادمه ، وهذه حجة واهية تدل على عدم الإيمان بالغيب ، وعلى عدم تعظيم أمر الله وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم .
من أجل هذا كله استعنت بالله سبحانه وتعالى في إعداد هذا البحث وفق الخطة التالية :
مقدمة : وتشتمل على أسباب اختيار الموضوع وخطة البحث والمنهج الذي سأسير عليه في كتابة البحث .
تمهيد : ويشمل المباحث الآتية :
المبحث الأول : أهمية الإيمان بالغيبيات .
المبحث الثاني : وجوب الإيمان بكل ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم .
المبحث الثالث : الكتب المصنفة في أشراط الساعة .
الفصل الأول : معنى أشراط الساعة وعلاماتها وأدلتها من الكتاب والسنة .
وفيه المباحث الآتية :
المبحث الأول : معنى الأشراط والعلامات لغة .
المبحث الثاني : الأشراط والعلامات اصطلاحا .
المبحث الثالث : الأدلة من الكتاب على أشراط الساعة وعلاماتها .
المبحث الرابع : الأدلة من السنة على أشراط الساعة وعلاماتها .
الفصل الثاني : أقسام أشراط الساعة .
وفيه المباحث الآتية :
المبحث الأول : أشراط الساعة الصغرى .
وفيه المطالب الآتية :
المطلب الأول : بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم .
المطلب الثاني : انشقاق القمر .
المطلب الثالث : نار الحجاز التي أضاءت أعناق الإبل ببصري لها .
المطلب الرابع : الفتن .
المطلب الخامس : خروج الدجالين الكذابين أدعياء النبوة .
المطلب السادس : ولادة الأمة ربتها ، وتطاول الحفاة العراة رعاء الشاء في البنيان .
المطلب السابع : قبض العلم وظهور الجهل .
المطلب الثامن : تكليم السباع والجماد للإنس .
المطلب التاسع : قطع الأرحام وسوء الجوار وظهور الفساد .
المطلب العاشر : كثرة الزلازل وظهور الخسف والقذف والمسخ ، الذي يعاقب الله به بعض هذه الأمة .
المبحث الثاني : أشراط الساعة الكبرى .
وفيه المطالب الآتية :
المطلب الأول : خروج المهدي .
المطلب الثاني : فتنة المسيح الدجال .
المطلب الثالث : نزولا عيسى ابن مريم عليه السلام .
المطلب الرابع : خروج يأجوج ومأجوج .
المطلب الخامس : طلوع الشمس من مغربها .
المطلب السادس : خروج الدابة .
المطلب السابع : الدخان الذي يكون في آخر الزمان .
المطلب الثامن : الخسوفات الثلاثة .
المطلب التاسع : النار التي تحشر الناس .
الخاتمة : وتشتمل على أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال هذا البحث .
وسوف أتبع في هذا البحث المنهج الآتي :
1 - أجمع المادة العلمية المتعلقة بالبحث وأوزعها على حسب فصول خطة البحث ومباحثها مع التحقيق في القضايا والجمع والترجيح .
2 - تنظيم المادة العلمية وتنسيقها بأسلوب علمي مع بذل الجهد في جودتها وحسنها .
3 - عزو الآيات القرآنية التي ترد في البحث إلى سورها وأرقامها في كتاب الله تعالى .
4 - تخريج الأحاديث النبوية الواردة في البحث من كتب السنة المعتمدة ، مع بذل الجهد في الإشارة إلى درجة الحديث ، من خلال أقوال المحدثين إذا كان الحديث في غير الصحيحين أو أحدهما ؛ لأن مجرد العزو إلى الصحيحين أو أحدهما معلم بالصحة .
5 - تخريج الآثار مع الحكم عليها من خلال كلام أهل العلم حسب استطاعتي .
6 - الترجمة للأعلام الذين يرد ذكرهم في البحث ما عدا المشهورين ؛ فإني لن أترجم لهم لعدم خفاء حالهم ككبار الصحابة والأئمة الأربعة وأصحاب الكتب الستة وغيرهم .
7 - التعريف بالفرق والطوائف التي يرد ذكرها في البحث .
8 - شرح المفردات الغريبة الواردة في البحث من كتب الغريب والمعاجم اللغوية .
9 - توثيق النقول التي هي من كلام أهل العلم من مصادرها .
10 - التعليق على القضايا التي ترد في البحث حسب الحاجة .
11 - وضع فهارس علمية عامة تجعل القارئ يصل إلى بغيته بيسر وسهولة ، وهذه الفهارس هي :
ا- فهرس الآيات القرآنية .
ب - فهرس الأحاديث النبوية .
ج - فهرس الآثار .
د - فهرس الأعلام .
هـ - فهرس الفرق والطوائف .
و - فهرس المصادر والمراجع .
ز - فهرس الموضوعات .
وفي الختام أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .