خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    التنصير مفهومه وأهدافه ووسائله وسبل مواجهته

    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية التنصير مفهومه وأهدافه ووسائله وسبل مواجهته

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 23.05.08 9:52

    التنصير مفهومه وأهدافه ووسائله وسبل مواجهته


    المدخل


    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين ، وبعد ؛

    فالتنصير في مفهومه العام ظاهرة بدأت مع ظهور رسالة عيسى ابن مريم - عليهما الصلاة والسلام - . . وقد حصل لهذا المفهوم تطورات بحسب ما حصل للنصرانية الأولى من تحريف بدأ على يد شاؤول أو بولس في القرن الأول الميلادي . وأدخلت عليها ثقافات يونانية [ إغريقية ] وهندية وفارسية ، فأصبحت النصرانية خليطا من الوحي الإلهي الذي أنزله الله - تعالى - على نبيه ورسوله عيسى ابن مريم - عليهما السلام - وأفكار البشر الذين سبقوا في وجودهم ظهور النصرانية .

    والمجتمع المسلم لم يسلم من ظاهرة التنصير ، بل ربما أضحى هذا المجتمع أكثر المجتمعات تعرُّضا لها ، نظرًا للمقاومة التي يلقاها المنصرون من المسلمين أفرادا قبل المؤسسات والجماعات . ذلك أن المسلم يتربى على الفطرة وعلى التوحيد ، ويصعب حينئذ أن يتقبل أي أفكار فيها تعارض مع الفطرة ، أو فيها خلل في الجوانب العقدية ، وفي مخاطبة العقل ، مادام المسلم يملك البديل الواضح .

    ومع هذا تستمر حملات التنصير الموجهة للمجتمعات الإسلامية والأقليات والجاليات المسلمة ، آخذة وسائل عديدة ومفهومات متجددة تختلف عن المفهوم الأساس المتمثل في محاولة إدخال غير النصارى في النصرانية .

    والتنصير ظاهرة متجددة ومتطورة في آن واحد . وتطورها يأتي في تعديل الأهداف ، وفي توسيع الوسائل ومراجعتها بين حين وآخر ، تبعا لتعديل الأهداف ، ومن ذلك اتخاذ الأساليب العصرية الحديثة في تحقيق الأهداف المعدلة ، حسب البيئات والانتماءات التي يتوجه إليها التنصير ، حتى وصلت هذه الظاهرة عند البعض ، إلى أنها أضحت علما له مؤسساته التعليمية ومناهجه ودراساته ونظرياته .

    وقد تنبه المسلمون إلى هذه الحملات منذ القدم ، ووقف لها العلماء والولاة والمفكرون وعامة الناس ، بحسب قدراتهم العلمية والسلطانية ، فقامت ردود علمية على النصرانية المحرفة . وقامت كذلك تنبيهات ورصد للأنشطة التنصيرية في المجتمع المسلم بخاصة ، وفي العالم بعامة . ومن أجل ذلك ظهرت أعداد كثيرة من الرسائل والدراسات والمقالات والأبحاث تصدر في الكتب والمجلات والصحف السيارة والدوريات العلمية ، كما تصدر في الشريط ، هذا الوعاء الذي أخذ طابع القبول في الآونة الأخيرة مع بروز ظاهرة العودة إلى الإسلام "الصحوة" . وانتثرت المعلومات في هذا الإنتاج العلمي والفكري المتنوع ، من حيث أوعية المعلومات من كتب وغيرها ، ومن حيث التغطية . وبدا الإقبال على التعرف على الحملات التنصيرية واضحا مع تنامي الوعي والشعور بوجود تيارات تتحدى الإسلام والمسلمين ، وتعمل على منافسته في أذهان الناس وممارساتهم .

    وبسبب تناثر المعلومات حول التنصير وتشتتها واختلاف البيانات الإحصائية وتغيرها مع الزمن ، ومن خلال التجربة الذاتية مع الحملات التنصيرية بالتعرض المحدود لها والاطلاع على أوجه نشاطها ، وحيث إن هذه الحملات متجددة ، وهي بحق تهدد المجتمع المسلم ، وجدت أنه من المفيد الوقوف مع الفكرة التنصيرية ، من حيث مفهومها ، وأهدافها ، ووسائلها المباشرة والمساندة وسبل مواجهتها ، فجاءت هذه الوقفة التي بين يدي القارئ . وهي لا تعدو كونها عرضا عاما لما كتب عن هذه الظاهرة باللغة العربية ، ومحاولة الخروج بوقفة علمية موضوعية تختصر المسافة على القارئ بوضعها في مرجع واحد .

    ولا أدعي السبق في هذا ، ولا إيراد معلومات جديدة ، عدا محاولاتي التدخل بوقفات متناثرة في سياق هذا العرض . فإن يكن لهذه الوقفات فضل فإنه سينحصر في تقصير المسافة على المستفيد ( القارئ ) بالوصول السريع إلى المعلومات عن التنصير ، من حيث كونه ظاهرة قائمة لها آثارها على المجتمع المسلم . ولعل هذه الوقفة تفتح الآفاق لمزيد من التوسع لمن أراد ذلك .

    وفي سبيل إتاحة المجال للتوسع والإسهام في هذا المجال عمدت إلي رصد ما كتب عن التنصير في الأدبيات "الكتابات" العربية ، وبخاصة ما كتب في الكتب والدوريات والمجلات الثقافية . وجعلت هذه الوقفة التي بين يدي القارئ مقدمة للرصد الوراقي "الببليوجرافي" . فإن ظهرت الوقفة مستقلة عن الرصد فإنما قصد بذلك ، أيضا ، اختصار المسافة على المستفيد ( القارئ ) ، فإن أراد الاستزادة رجع إلى الرصد ليدله على مبتغاه ، من خلال تقسيم مواد الرصد إلى مجموعة من رؤوس الموضوعات ، رأيت أنها هي أهم ما تحدثت عنه هذه المواد ، مع عدم إغفال التداخل بينها .

    وقد تعمدت في هذه الوقفة الابتعاد عن البيانات والإحصائيات لأنني وجدتها - في الغالب - غير دقيقة . وعدم دقتها يرجع إلى أنها تُستَقَى عادة من مراجع أجنبية ، يكون تركيزها طائفيا أحيانا ، أو مؤسسيا أحيانا أخرى ، أو إقليميا من ناحية ثالثة ، فتقتصر إحصائيتها على إنجازات الطائفة [ كاثوليكية أو بروتستانتية أو أرثودوكسية ] ، أو تقتصر على إنجاز إرسالية أو مجموعة من الإرساليات تربطها رابطة تنظيمية ، أو إقليمية ، لكنها لا تغطي جميع الجهود .

    وأقرب مثال على هذه المقولة أن ميزانية التنصير في العالم كانت عام 1411هـ - 1990 م حوالي مائة وأربعة وستين مليار دولار أمريكي [ 164000000000 ] سنويا ، وقد أفادني بهذا الدكتور عبد الرحمن السميط ، أحد العاملين في الساحة الإفريقية ، ونشر هذا الرقم في مجلة الدعوة السعودية . ثم وجدت أن الميزانية قد قفزت عام 1413 هـ - 1992 م إلى مائة وواحد وثمانين مليار دولار أمريكي [ 181000000000 ] . وقد أفاد بهذا أحد المحاضرين في أحد الدروس العامة التي تحدث فيها عن التنصير . والفارق الزمني بين الرقمين هو سنتان ، أما الفارق الرقمي بينهما فهو سبعة عشر مليار دولار [ 17000000000 ] ، وهو الزيادة في غضون سنتين فقط . ومثل هذا التفاوت في الأرقام ينطبق على أعداد المنصرين والمنصرات ، والمتنصرين والمتنصرات ، والمعاهد التنصيرية ، والجمعيات القديمة والحديثة ، واللقاءات والمؤتمرات وغيرها من وسائل "تنصيرية" .

    وفي نشرة وزعتها الندوة العالمية للشباب الإسلامي جاء فيها أن عدد النصارى في العالم يبلغ مليارًا ، وسبع مائة وعشرين مليون ( 1721000000 ) نسمة ، ويبلغ عدد المنظمات التنصيرية في العالم أربعة وعشرين ألفا وخمس مائة وثمانين ( 24580 ) منظمة ، وعدد المنظمات العاملة في مجالات الخدمة يزيد عن عشرين ألفا وسبع مائة ( 20700 ) منظمة ، ويبلغ عدد المنظمات التي تبعث منصرين متخصصين في مجالات التنصير والإغاثة ثلاثة آلاف وثماني مائة وثمانين ( 3880 ) منظمة ، ويزيد عدد المعاهد التنصيرية على ثمانية وتسعين ألفا وسبع مائة وعشرين ( 98720 ) معهدا تنصيريا ، ويبلغ عدد المنصرين المتفرغين للعمل خارج إطار المجتمع النصراني أكثر من مئتين وثلاثة وسبعين ألفا وسبع مائة وسبعين ( 273770 ) منصرا ، والذي يظهر لي أن هذا الرقم الأخير متواضع جدا ، ويزيد عدد الكتب المؤلفة لأغراض التنصير عن اثنين وعشرين ألفا ومائة ( 22100 ) كتاب في لغات ولهجات متعددة ، وبلغ عدد النشرات والمجلات الدورية المنتظمة ألفين ومئتين وسبعين ( 2270 ) نشرة ومجلة ، توزع منها ملايين النسخ بلغات مختلفة ، ويزيد عدد محطات الإذاعات التنصيرية على ألف وتسع مائة ( 1900 ) إذاعة ، تبث إلى أكثر من مائة ( 100 ) دولة وبلغاتها . وذكرت النشرة أن مجموع التبرعات التي حصل عليها المنصرون لعام واحد حوالي مائة وواحد وخمسين مليار ( 151000000000 ) دولار أمريكي ، وهذا الرقم يقل عن الرقم المأخـوذ من المحـاضـرة المذكـورة أعـلاه بثـلاثين مليـار ( 30000000000 ) دولار ، ويقل عن الرقم الذي أفـاد بـه الدكـتـور عبد الرحمن السميط بثلاثة عشر مليار ( 13000000000 ) دولار .

    ولا غرابة في هذه الفروقات في الأرقام ، فذلك راجع إلى نوعية المصادر التي يستأنس بها موردو هذه الإحصائيات . وعلى أي حال فالأرقام والإحصاءات عالية ومتغيرة بسرعة عجيبة ، نظرا لتطور ظاهرة التنصير وأساليبه في نشر التنصير بين الناس بعامة ، ولهذا آثرت تجنب ذكر الإحصائيات في هذه الوقفات .

    ومن منهجي أيضا في هذه المناقشات للتنصير الإصرار على مصطلحي النصرانية والتنصير في مقابل المسيحية والتبشير ، إلا ما اضطررت إليه مما يأتي ضمن نص منقول اقتباسا ، فلا أملك ، علميا ، التصرف في الكلمات الواردة فيه . ولم أشأ التدخل في النص بوضع البديل المختار بين معقوفتين ، مع إمكان ذلك ، لأني لم أر داعيا لذلك ، ويكفي هنا تبيان المنهج ، وأني إنما أنقل نصا . ولا يعني نقلي له إقراري لاستخدام المصطلحات الواردة فيه .

    وينبغي - في رأيي المستمد من المنهج الذي سرت عليه في هذه المناقشات - أن تعالج ظاهرة التنصير معالجة موضوعية ، بعيدة عن الإفراط في الحساسية تجاه النصارى بعامة . فليس بالضرورة أن جميع النصارى منصرون ، بل ليس بالضرورة أن جميع النصارى مقتنعون بنصرانيتهم ، ويطبقون تعاليمها في حياتهم الخاصة ، وإذا كانوا يطبقون تعاليمها في حياتهم الخاصة ، ليسوا بالضرورة متعاطفين مع مفهوم التنصير . وهكذا نجد أن هناك احتمالات كثيرة تمنعنا من إطلاق الأحكام معممة على الجميع .

    والموضوعية تقتضي أيضا أن ندرك أن هناك نصارى في المجتمعات المسلمة ، وغير المسلمة ، لم يأتوا بثياب المنصرين . وينبغي ألا نأخذ الناس بالظنة ، لأننا في مواقفنا لا نعبر عن وجهات نظر شخصية ، بل نعبر عن منهج ندعو الناس إليه . وأحيل هنا إلى خبر وفد نجران إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وما فعلوه بالمسجد النبوي ، وموقف الرسول - عليه الصلاة السلام - من هذا التصرف . كما أحيل إلى مـا فـعله أمـيـر المؤمنين خليـفـة خليـفـة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في بيت المقدس ، كما أحيل إلى موقفه - رضي الله عنه - من المحاسب النصراني عند أحد الولاة ، وذلك لتكتمل الصورة في مسألة النظر إلى الآخرين .

    على أن النظر إلى الآخرين ، من غير المسلمين في المجتمع المسلم ، تحكمه أحكام الشرع الحنيف ، كما هي الحال مع جميع الأحكام الشرعية التي تحكم علاقة العبد مع الله تعالى مباشرة ، ومع الخلق عامة . ولم يترك المجال لسيطرة الشعور الذاتي الذي يخضع لمؤثرات الزمان والمكان الآنيين .

    وربما أكون قد قصرت في عدم الرجوع إلى الإسهامات الأجنبية مع القدرة على ذلك ، من حيث الإمكانية اللغوية - ولله الحمد - فاقتصرت ، مع هذا ، على ما كتب بالعربية . عدا العرض السريع لبعض ما كتب عن الوسائل ، والنظرة إلى المستقبل والمكان . ولا أجد مبررًا لذلك سوى عدم توافر المصادر والمراجع الأجنبية عند إعداد هذه الوقفة . ولعل مدى قبولها والإفادة منها يوجب ، في طبعة تالية ، طرق هذه الوسيلة والإفادة منها في الحصول على المعلومات التي قد ينظر إليها على أنها حديثة ، إذ إنها تنهل من المنبع .

    وقد كانت نواة هذه الوقفة مجموعة من المحاضرات حول التنصير ألقيت في بعض مساجد مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية ، وألقيت كذلك في فرع جمعية الإصلاح الاجتماعي في الفجيرة من الإمارات العربية المتحدة ، وفي الجامعة الإسلامية على مشارف نيامي عاصمة النايجر ، وفي المركز الإسلامي الأفريقي بالخرطوم عاصمة السودان . وقد لقيت خلال هذه المحاضرات دعوات من بعض الحضور لنشر مضمون هذه المحاضرات التي تعددت من حيث إلقاؤها ، وتكررت من حيث الموضوع نفسه .

    والذي آمله أن تؤدي هذه الوقفة ما أريد منها ، وأن يكون فيها نفع لمن أراد الإفادة . ولعلها تفتح آفاقا جديدة في أذهان المستفيدين من "القراء" ، حول ما تعانيه الأمة من تحديات خارجية تأتي في مقدمتها - في نظري - حملات التنصير المستمرة ، ومع هذا فهي وقفات تظل ، على أي حال ، جهد المقل ، كما تظل من كلام البشر غير المعصومين الذي يؤخذ منه ويرد .

    وأسأل الله تعالى التوفيق والسداد ، كما أسأله العون والمغفرة عن التقصير . وكان الله في عون الجميع .

    علي بن إبراهيم الحمد النملة
    الرياض : ربيع الآخر / 1419 هـ
    .
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية رد: التنصير مفهومه وأهدافه ووسائله وسبل مواجهته

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 23.05.08 9:56

    لقراءة البحث وتحميله
    التنصير مفهومه وأهدافه ووسائله وسبل مواجهته Header_name
    من هنــــــــا

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 6:28