الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ على الأمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين ، وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أما بعد :
قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في تمهيد السلسلة الضعيفة والموضوعة (1/476) ( بتصرف يسير)
( من المصائب العظمى التي نزلت بالمسلمين منذ العصور الأولى انتشار الأحاديث
الضعيفة والموضوعة بينهم ، وقد أدى انتشارها إلى مفاسد كثيرة منها ما هو
من الأمور الاعتقادية الغيبية ومنها ما هو من الأمور التشريعية .
وقد اقتضت حكمة العليم الخبير سبحانه وتعالى أن لا يدع هذه الأحاديث
التي اختلقها المغرضون لغايات شتى ، تسري بين المسلمين دون أن يُقيض لها
من يكشف القناع عن حقيقتها ويبين للناس أمرها ، أولئك هم أئمة الحديث
الشريف وحاملوا ألوية السنة النبوية ، الذين قاموا ببيان حال أكثر الأحاديث من صحة أو ضعف أو وضع ، وأصلّوا أصولاً متينة وقعّدوا قواعد رصينة من
أتقنها أمكنه أن يعلم درجة أي حديث ، ولو لم ينصوا عليه وذلك هو علم أصول
الحديث أو مصطلح الحديث .ومع ذلك فإننا نرى بعض العلماء والطلاب قد
انصرفوا عن قراءة الكتب المذكورة فجهلوا بسبب ذلك حال الأحاديث التي
حفظوها عن مشايخهم أو يقرؤونها في بعض الكتب التي لا تتحرى الصحيح الثابت.
وهذا أمر خطير يخشى عليهم جميعاً أن يدخلوا بسببه تحت وعيد قوله صلى الله
عليه وسلم "" من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار "" حديث صحيح متواتر .
فإنهم إن لم يتعمدوا الكذب مباشرة فقد ارتكبوه تبعاً لنقلهم الأحاديث التي
يقفون عليها جميعها وهم يعلمون أن فيها ما هو ضعيف وما هو مكذوب قطعاً .
قال الإمام ابن حبان في صحيحه(صـ27)( فصل: ذكر إيجاب دخول النار لمن نسب
الشيء إلى المصطفى وهو غير عالم بصحته) ثم ساق بسنده عن أبي هريرة مرفوعاً
"" من قال عليّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ""
فتبين مما أوردناه أنه لا يجوز نشر الأحاديث وروايتها دون التثبت من صحتها وأن من فعل ذلك فهو حسبه من الكذب على رسول الله )
انتهى كلامه رحمه الله الذي قاله في رمضان 1374هـ أي قبل 47 عاماً من 1420هـ
وقال أيضا في مقدمة ضعيف الأدب المفرد (صـ6)
( واعلم أن التعرف على الحديث الضعيف أمر واجب وحتم لازم على كل مسلم يتعرض
لتحديث الناس وتعليمهم ووعظهم ، وقد أخلّ به جماهير المؤلفين والوعاظ
والخطباء ، فإنهم كثيرا ما يروون من الأحاديث ما لا أصل لها غير مبالين
بنهيه صلى الله عليه وسلم عن التحديث عنه إلا بما صح ، كقوله "" إياكم
وكثرة الحديث عني ، من قال عليّ فلا يقولن إلا حقاً أو صدقاً ، فمن قال
عليّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار "" ابن أبي شيبة ـ الصحيحة(1753)
وهذا بحث مختصر عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها على الأمة
وأهم نقاط البحث :
أ- مقدمـة
ب – أسباب وضع الحديث
ج- أمثلة على الموضوعات
د- الآثار السيئة للأحاديث الضعيفة والموضوعة
هـ- موقف المسلم منها
أ- مقدمــة:
علمنا من كلام الشيخ الألباني، السابق، خطورة الكذب على رسول الله وعدمالتثبت في قول الأحاديث ووجوب التأكد من رواية الأحاديث وقد كان السلف
يتثبتون من رواية أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم .
* والحديث الموضوع هو المكذوب المعزو إلى النبي كذباً ، ولا تجوز روايته لأحد من الناس إلا على سبيل القدح فيه والتحذير منه ، وكذلك الحديث الضعيف لا يُعمل به في العقائد والأحكام باتفاق العلماء .
أما في فضائل الأعمال والترغيب والترهيب فالراجح أيضاً أنه لا يُعمل به ،
وقال بعض العلماء بالعمل بالضعيف في فضائل الأعمال بشروط هي :
1- أن لا يكون شديد الضعف كحديث الكذابين والمتهمين بالكذب ومن فحش غلطه ، وهذا الشرط متفق عليه ـ نقله العلائي في القول البديع صـ255
2- أن يندرج تحت أصلٍ معمول به .
3- أن لا يُعتقد عند العمل به ثبوته ، بل يعتقد الاحتياط .
4- أن يرويه بصيغة التمريض مثل رُويَ أو نُقل أو قيل وغيرها ، مع بيان ضعفه للناس حين التحدث به .
والصحيح ما رجحه يحيى بن معين وأبو بكر بن العربي وهو
ظاهر مذهب البخاري ومسلم وكذلك ابن حزم والألباني رحمهم الله من أنه لا
يُعمل بالحديث الضعيف مطلقاً ، وقد ردّ أصحاب هذا القول على القائلين
بالجواز في الفضائل وأبطلوا شروطهم التي وضعوها . راجع أقوال العلماء في
كتاب ( تحقيق القول بالعمل بالحديث الضعيف ) للدكتور/ عبد العزيز بن عبد
الرحمن العثيم ـ طبعة دار الهجرة بالرياض ، فإنه كتاب قيم مفيد في هذه
المسألة الهامة .
* والحديث الموضوع يعرف بإقرار واضعه مثل قول ميسرة بن عبد ربه ( وضعتها
أُرغب الناس فيها ) وكذلك يعرف بركاكة ألفاظه وفساد معناه أو مجازفة
فاحشةٍ أو مخالفةٍ لما ثبت في الكتاب والسنة والعقل السليم ، أو غير ذلك
كما في كتب مصطلح الحديث كذلك الحديث الضعيف له أنواع وأسباب كثيرة .
ب- أسباب وضع الحديث :
1- أعداء الإسلام من الزنادقة وغيرهم الذين
أرادوا أن يُفسدوا على الناس دينهم ، مثل كريم بن أبي العوجاء ، الذي قال
عندما أرادوا قطع رأسه ( والله لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرم فيها الحلال وأحلل الحرام ) قال حماد بن زيد رحمه الله ( وضعت الزنادقة على رسول الله أربعة عشر ألف حديث )
2- أصحاب الأهواء والآراء التي لا دليل عليها من الكتاب والسنة ، وضعوا
أحاديث نُصرةً لأهوائهم ومذاهبهم :قال عبد الله بن يزيد المقرئ : ان رجلاً
من أهل البدع رجع عن بدعته فجعل يقول (انظروا هذا الحديث عمّن تأخذونه فإنّا كنّا إذا رأينا رأياً جعلنا له حديثاً )
وقال حمّاد ين سلمة رحمه الله ( أخبرني شيخٌ من الرافضة أنهم كانوا يجتمعون على وضع الأحاديث )
وقيل لمأمون بن أحمد الهروي الحنفي ( ألا ترى إلى الشافعي ومن تبع بخراسان؟
فقال : حدثنا أحمد بن عبد الله ، حدثنا عبد الله بن معدان عن أنس مرفوعاً ( يكون في أمتي رجل يُقال له محمد بن إدريس أضر على أمتي من ابليس ، ويكون في أمتي رجل يُقال له أبو حنيفة هو سراج أمتي ) لسان الميزان (5/7)
وكذلك فعل محمد بن عكاشة الكرماني
الحنفي الكذاب : قال الحاكم( بلغني أنه كان ممّن يضع الحديث حُسبة فقيل له
: ان قوماً يرفعون أيديهم في الركوع وعند الرفع منه؟ فقال : حدثنا المسيب
بن واضح … قال رسول الله"" من رفع يديه في الركوع فلا صلاة له ""
وهذا مخالف للأحاديث المتواترة في سائر كتب الحديث التي تدل على أن ذلك من السنة .
3- القُصّاص يضعون الأحاديث في قصصهم قصداً
للتكسب والارتزاق : هم جُهّال تشبهوا بأهل العلم واندسوا بينهم فأفسدوا
كثيراً من عقول العامة .
قال ابن حبان أنه دخل مسجداً فقام بعد
الصلاة شاب فقال ( حدثنا أبو خليفة ، حدثنا أبو الوليد عن شعبة عن قتادة
عن أنس ، وذكر حديثاً ، فقال ابن حبان : فلما فرغ من دعوته قلت :رأيت أبا
خليفة؟ قال : لا ، قلت كيف تروي عنه ولم تره؟ فقال إن المناقشة معنا من
قلة المروءة ، أنا احفظ هذا الإسناد فكلما سمعت حديثاً ضممته إلى هذا
الإسناد ( ذكره أحمد شاكر في الباعث والحثيث النوع 21)
4- ومنهم بعض علماء السوء الذين تقرُّبوا إلى الملوك والخلفاء بالفتاوى الكاذبة إرضاء للأهواء الشخصية ونصر للأغراض السياسية ،
كما فعل غيُّاثُ بن إبراهيم الكوفيُّ الكذاب الذي دخل على المهدي أمير
المؤمنين وكان يحب الحمام ويلعب به ، فقال له : حدثنا فلانٌ عن فلان أن
النبي قال : لا سَبَق إلا في نصلٍ أو خفٍ أو حافر أو جناح ) فأضاف كلمة (جناح )في الحديث الصحيح للتقرب إلى الخليفة .
5ـ قوم ينسبون أنفسهم إلى الزهد والتصوُّفِ لم
يتحرَّجوا من وضع الأحاديث في الترغيب والترهيبِ إحتساباً للأجر عند الله
، مثل نوح الجامع الذي وضع لكلِّ سورةٍ حديثاً في فضلها .
6ـ ومن أسباب وضع الحديث: كراهية صنفٍ من الناَّس لسببٍ من الأسباب فيضع فيهم حديثاً : روى
الحاكم عن سيف بن عمر التميمي قال : كنت عند سعد بن طريف ، فجاء ابنه من
الكتاب يبكي فقال : مالك ْ ؟ قال : ضربني المعلمُ ،قال : لأخزينَّهم اليوم
، حدّثني عكرمة عن إبن عباس مرفوعاً ( معلموا صبيانكم شرارُكم، أقلُّهم
رحمة لليتيم ، وأغلظُهُم على المسكين )
وآخر يكره الشرطة فوضع فيهم حديثاً : (دخلتُ الجنة فرأيتُ فيها ذئباً فقلت: أذئبٌ في الجنة ؟ فقال :إني أكلت ابن شرطي )
[يتبع]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين ، وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أما بعد :
قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في تمهيد السلسلة الضعيفة والموضوعة (1/476) ( بتصرف يسير)
( من المصائب العظمى التي نزلت بالمسلمين منذ العصور الأولى انتشار الأحاديث
الضعيفة والموضوعة بينهم ، وقد أدى انتشارها إلى مفاسد كثيرة منها ما هو
من الأمور الاعتقادية الغيبية ومنها ما هو من الأمور التشريعية .
وقد اقتضت حكمة العليم الخبير سبحانه وتعالى أن لا يدع هذه الأحاديث
التي اختلقها المغرضون لغايات شتى ، تسري بين المسلمين دون أن يُقيض لها
من يكشف القناع عن حقيقتها ويبين للناس أمرها ، أولئك هم أئمة الحديث
الشريف وحاملوا ألوية السنة النبوية ، الذين قاموا ببيان حال أكثر الأحاديث من صحة أو ضعف أو وضع ، وأصلّوا أصولاً متينة وقعّدوا قواعد رصينة من
أتقنها أمكنه أن يعلم درجة أي حديث ، ولو لم ينصوا عليه وذلك هو علم أصول
الحديث أو مصطلح الحديث .ومع ذلك فإننا نرى بعض العلماء والطلاب قد
انصرفوا عن قراءة الكتب المذكورة فجهلوا بسبب ذلك حال الأحاديث التي
حفظوها عن مشايخهم أو يقرؤونها في بعض الكتب التي لا تتحرى الصحيح الثابت.
وهذا أمر خطير يخشى عليهم جميعاً أن يدخلوا بسببه تحت وعيد قوله صلى الله
عليه وسلم "" من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار "" حديث صحيح متواتر .
فإنهم إن لم يتعمدوا الكذب مباشرة فقد ارتكبوه تبعاً لنقلهم الأحاديث التي
يقفون عليها جميعها وهم يعلمون أن فيها ما هو ضعيف وما هو مكذوب قطعاً .
قال الإمام ابن حبان في صحيحه(صـ27)( فصل: ذكر إيجاب دخول النار لمن نسب
الشيء إلى المصطفى وهو غير عالم بصحته) ثم ساق بسنده عن أبي هريرة مرفوعاً
"" من قال عليّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ""
فتبين مما أوردناه أنه لا يجوز نشر الأحاديث وروايتها دون التثبت من صحتها وأن من فعل ذلك فهو حسبه من الكذب على رسول الله )
انتهى كلامه رحمه الله الذي قاله في رمضان 1374هـ أي قبل 47 عاماً من 1420هـ
وقال أيضا في مقدمة ضعيف الأدب المفرد (صـ6)
( واعلم أن التعرف على الحديث الضعيف أمر واجب وحتم لازم على كل مسلم يتعرض
لتحديث الناس وتعليمهم ووعظهم ، وقد أخلّ به جماهير المؤلفين والوعاظ
والخطباء ، فإنهم كثيرا ما يروون من الأحاديث ما لا أصل لها غير مبالين
بنهيه صلى الله عليه وسلم عن التحديث عنه إلا بما صح ، كقوله "" إياكم
وكثرة الحديث عني ، من قال عليّ فلا يقولن إلا حقاً أو صدقاً ، فمن قال
عليّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار "" ابن أبي شيبة ـ الصحيحة(1753)
وهذا بحث مختصر عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها على الأمة
وأهم نقاط البحث :
أ- مقدمـة
ب – أسباب وضع الحديث
ج- أمثلة على الموضوعات
د- الآثار السيئة للأحاديث الضعيفة والموضوعة
هـ- موقف المسلم منها
أ- مقدمــة:
علمنا من كلام الشيخ الألباني، السابق، خطورة الكذب على رسول الله وعدمالتثبت في قول الأحاديث ووجوب التأكد من رواية الأحاديث وقد كان السلف
يتثبتون من رواية أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم .
* والحديث الموضوع هو المكذوب المعزو إلى النبي كذباً ، ولا تجوز روايته لأحد من الناس إلا على سبيل القدح فيه والتحذير منه ، وكذلك الحديث الضعيف لا يُعمل به في العقائد والأحكام باتفاق العلماء .
أما في فضائل الأعمال والترغيب والترهيب فالراجح أيضاً أنه لا يُعمل به ،
وقال بعض العلماء بالعمل بالضعيف في فضائل الأعمال بشروط هي :
1- أن لا يكون شديد الضعف كحديث الكذابين والمتهمين بالكذب ومن فحش غلطه ، وهذا الشرط متفق عليه ـ نقله العلائي في القول البديع صـ255
2- أن يندرج تحت أصلٍ معمول به .
3- أن لا يُعتقد عند العمل به ثبوته ، بل يعتقد الاحتياط .
4- أن يرويه بصيغة التمريض مثل رُويَ أو نُقل أو قيل وغيرها ، مع بيان ضعفه للناس حين التحدث به .
والصحيح ما رجحه يحيى بن معين وأبو بكر بن العربي وهو
ظاهر مذهب البخاري ومسلم وكذلك ابن حزم والألباني رحمهم الله من أنه لا
يُعمل بالحديث الضعيف مطلقاً ، وقد ردّ أصحاب هذا القول على القائلين
بالجواز في الفضائل وأبطلوا شروطهم التي وضعوها . راجع أقوال العلماء في
كتاب ( تحقيق القول بالعمل بالحديث الضعيف ) للدكتور/ عبد العزيز بن عبد
الرحمن العثيم ـ طبعة دار الهجرة بالرياض ، فإنه كتاب قيم مفيد في هذه
المسألة الهامة .
* والحديث الموضوع يعرف بإقرار واضعه مثل قول ميسرة بن عبد ربه ( وضعتها
أُرغب الناس فيها ) وكذلك يعرف بركاكة ألفاظه وفساد معناه أو مجازفة
فاحشةٍ أو مخالفةٍ لما ثبت في الكتاب والسنة والعقل السليم ، أو غير ذلك
كما في كتب مصطلح الحديث كذلك الحديث الضعيف له أنواع وأسباب كثيرة .
ب- أسباب وضع الحديث :
1- أعداء الإسلام من الزنادقة وغيرهم الذين
أرادوا أن يُفسدوا على الناس دينهم ، مثل كريم بن أبي العوجاء ، الذي قال
عندما أرادوا قطع رأسه ( والله لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرم فيها الحلال وأحلل الحرام ) قال حماد بن زيد رحمه الله ( وضعت الزنادقة على رسول الله أربعة عشر ألف حديث )
2- أصحاب الأهواء والآراء التي لا دليل عليها من الكتاب والسنة ، وضعوا
أحاديث نُصرةً لأهوائهم ومذاهبهم :قال عبد الله بن يزيد المقرئ : ان رجلاً
من أهل البدع رجع عن بدعته فجعل يقول (انظروا هذا الحديث عمّن تأخذونه فإنّا كنّا إذا رأينا رأياً جعلنا له حديثاً )
وقال حمّاد ين سلمة رحمه الله ( أخبرني شيخٌ من الرافضة أنهم كانوا يجتمعون على وضع الأحاديث )
وقيل لمأمون بن أحمد الهروي الحنفي ( ألا ترى إلى الشافعي ومن تبع بخراسان؟
فقال : حدثنا أحمد بن عبد الله ، حدثنا عبد الله بن معدان عن أنس مرفوعاً ( يكون في أمتي رجل يُقال له محمد بن إدريس أضر على أمتي من ابليس ، ويكون في أمتي رجل يُقال له أبو حنيفة هو سراج أمتي ) لسان الميزان (5/7)
وكذلك فعل محمد بن عكاشة الكرماني
الحنفي الكذاب : قال الحاكم( بلغني أنه كان ممّن يضع الحديث حُسبة فقيل له
: ان قوماً يرفعون أيديهم في الركوع وعند الرفع منه؟ فقال : حدثنا المسيب
بن واضح … قال رسول الله"" من رفع يديه في الركوع فلا صلاة له ""
وهذا مخالف للأحاديث المتواترة في سائر كتب الحديث التي تدل على أن ذلك من السنة .
3- القُصّاص يضعون الأحاديث في قصصهم قصداً
للتكسب والارتزاق : هم جُهّال تشبهوا بأهل العلم واندسوا بينهم فأفسدوا
كثيراً من عقول العامة .
قال ابن حبان أنه دخل مسجداً فقام بعد
الصلاة شاب فقال ( حدثنا أبو خليفة ، حدثنا أبو الوليد عن شعبة عن قتادة
عن أنس ، وذكر حديثاً ، فقال ابن حبان : فلما فرغ من دعوته قلت :رأيت أبا
خليفة؟ قال : لا ، قلت كيف تروي عنه ولم تره؟ فقال إن المناقشة معنا من
قلة المروءة ، أنا احفظ هذا الإسناد فكلما سمعت حديثاً ضممته إلى هذا
الإسناد ( ذكره أحمد شاكر في الباعث والحثيث النوع 21)
4- ومنهم بعض علماء السوء الذين تقرُّبوا إلى الملوك والخلفاء بالفتاوى الكاذبة إرضاء للأهواء الشخصية ونصر للأغراض السياسية ،
كما فعل غيُّاثُ بن إبراهيم الكوفيُّ الكذاب الذي دخل على المهدي أمير
المؤمنين وكان يحب الحمام ويلعب به ، فقال له : حدثنا فلانٌ عن فلان أن
النبي قال : لا سَبَق إلا في نصلٍ أو خفٍ أو حافر أو جناح ) فأضاف كلمة (جناح )في الحديث الصحيح للتقرب إلى الخليفة .
5ـ قوم ينسبون أنفسهم إلى الزهد والتصوُّفِ لم
يتحرَّجوا من وضع الأحاديث في الترغيب والترهيبِ إحتساباً للأجر عند الله
، مثل نوح الجامع الذي وضع لكلِّ سورةٍ حديثاً في فضلها .
6ـ ومن أسباب وضع الحديث: كراهية صنفٍ من الناَّس لسببٍ من الأسباب فيضع فيهم حديثاً : روى
الحاكم عن سيف بن عمر التميمي قال : كنت عند سعد بن طريف ، فجاء ابنه من
الكتاب يبكي فقال : مالك ْ ؟ قال : ضربني المعلمُ ،قال : لأخزينَّهم اليوم
، حدّثني عكرمة عن إبن عباس مرفوعاً ( معلموا صبيانكم شرارُكم، أقلُّهم
رحمة لليتيم ، وأغلظُهُم على المسكين )
وآخر يكره الشرطة فوضع فيهم حديثاً : (دخلتُ الجنة فرأيتُ فيها ذئباً فقلت: أذئبٌ في الجنة ؟ فقال :إني أكلت ابن شرطي )
[يتبع]