النحو على أصول الأشعرية!!
ليس أسهل من إعراب جملة مثل "خلق الله السموات".
فعل وفاعل ومفعول به....لا إشكال ولا سؤال .لكن هذا الكلام كان قبل "علم الكلام".
وااسفاه.
رحم الله السيوطي فقد أبدع عنوانا من أبدع و أصدق العناوين :"صون المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام".وكان حريا بأهل اللغة الامتثال لنصيحة السيوطي حفاظا على فطرة الله التي فطر الناس عليها لكن بعضهم شدد على نفسه فشدد الله عليه..راموا التدقيق فكان مآلهم التهافت...وهذا إمام كبير في الأصول واللغة والفقه تأخذه دوامة علم الكلام فيتهافت في إعراب "خلق الله السموات"تهافتا لا يليق بإمام من شاكلته...
فقد زعم ابن الحاجب -غفر الله له-أن "السموات" ليس مفعولا به بل مفعولا مطلقا.
لمه؟ ياابن الحاجب.
لأن السادة معاشرالأشعرية يرون أن الخلق هو المخلوق.
لمه؟أيها السادة معاشرالأشاعرة.
لأننا لو قلنا إن الخلق غير المخلوق لزم عنه محذوران كبيران:
إما قدم العالم وإما قيام الحوادث بذات الله.فوجب المصير الى أن الخلق هو المخلوق...
قال ابن الحاجب في "أماليه ":
من قال إن الخلق هو المخلوق-وهو الرأي الذي سيتبناه المملي-فواجب أن تكون "السموات" مفعولا مطلقا لبيان النوع إذ حقيقته المصدر المسمى بالمفعول المطلق,أن يكون اسما لما دل عليه فعل الفاعل المذكور وهذا كذلك لأنا بينا على أن المخلوق هو الخلق فلا فرق بين قولك خلق الله خلقا , وبين قولك:خلق الله السموات إلا ما في الأول من الإطلاق وفي الثاني من التخصيص.
فهو مثل قولك :"قعدت قعودا" أو "قعدت القرفصاء".فإن أحدهما للتأكيد والآخر لبيان النوع, وإن استويا في حقيقة المصدرية.
وهذا امر مقطوع به بعد إثبات أن المخلوق هو الخلق.
ومن قال إن المخلوق غير الخلق وإنما هو متعلق الخلق , وجب أن يقول إن السموات مفعول به, مثله في قولك : "ضربت زيدا".ولكنه غير مستقيم(؟) لأنه لا يستقيم أن يكون المخلوق متعلق الخلق, لأنه لو كان متعلقا لم يخل أن يكون الخلق المتعلق قديما أو مخلوقا.فإن كان مخلوقا تسلسل فكان باطلا.
وإن كان قديما فباطل , لأنه يجب أن يكون متعلقه معه,إذ خلق ولا مخلوق محال فيؤدي الى أن تكون المخلوقات أزلية وهو باطل فصار القول بأن الخلق غير المخلوق يلزم منه محال.
وإذا كان اللازم محالا فملزومه كذلك.
فثبت أن الخلق هو المخلوق.وإنما جاء الوهم لهذه الطائفة من جهة أنهم لم يعهدوا في الشاهد مصدرا إلا وهو غير جسم فتوهموا أنه لا مصدر إلا كذلك , فلما جاءت هذه أجساما استبعدوا مصدريتها لذلك ورأوا تعلق الفعل بها فحملوه على المفعول به, ولو نظروا حق النظر لعلموا أن الله تعالى يفعل الأجسام كما يفعل الأعراض فنسبتها الى خلقه واحدة فإذا كان كذلك وكان معنى المصدر ما ذكرناه وجب أن تكون مصادر."
ما كان لابن الحاجب أن يتورط في ما تورط فيه...فقد لبس جلد المتكلمين واقترف ذنبين مشهورين عند المتكلمين:
-التدقيق في مواضع لا تحتمل التدقيق.
-الاغترار بالنفس وهضم قدر الآخرين.(انظر الى ابن الحاجب كيف وصف النحاة بالطائفة الواهمة التي لم تنظر حق النظر..)
ولعل أفضل رد على ابن الحاجب ما ذكره ابن السيد البطليوسي رحمه الله في كلمة منهجية رائقة قالها بمناسبة مناظرته لرجل من أهل الأدب حول إعراب قول كثير:
وأنت التي حببت كل قصيرة**إلي وما تدري بذاك القصائر.
عنيت قصيرات الحجال ولم أرد**قصار الخطا شر النساء البحاتر.
فذهب البطليوسي الى أن "البحاتر" مبتدأ مؤخر و"شر النساء" خبر مقدم مع جواز العكس.لكن محاوره أبى أن يكون العكس صحيحا فقال:وكيف يصح وهل غرض الشاعر إلا أن يخبر أن البحاتر شر النساء؟ قال البطليوسي:"وجعل يكثر من ذكر الموضوع والمحمول ويورد الألفاظ المنطقية التي يستعملها اهل البرهان.فقلت له أنت تريد أن تدخل صناعة المنطق في صناعة النحو, وصناعة النحو تستعمل فيها مجازات ومسامحات لا يستعملها أهل المنطق, وقد قال أهل الفلسفة: يجب ان تحمل كل صناعة على القوانين المتعارفة بين أهلها , وكانوا يرون أن إدخال بعض الصناعات في بعض إنما يكون من جهل المتكلم أو عن قصد منه للمغالطة واستراحة بالانتقال من صناعة إلى أخرى إذا ضاقت عليه طرق الكلام."
(انظر الكلام وبقيته في" الاشباه والنظائر فى النحو" للسيوطي-الجزء الثالث)
والنقل
لطفـــــاً .. من هنـــــــا
لطفـــــاً .. من هنـــــــا