من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 28.09.08 15:39
======== ردّ ========
الشيخ الفاضل محمد الأمين..
لعل التفريق عندكم من أسبابه الرئيسة اعتبار أن من الفروق المعتبرة بين النبي والرسول، الإرسال أو كما يقولون الأمر بالتبليغ، ولكن إذا صح أن كلاً من النبي والرسول مرسل صح الحصر في دليل الجمهور، وسقط هذا الفرق الذي هو أصل حجة المخالفين وقامت المحجة، قال الله تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلاّ إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته..) الآية فصح أن كلاً من النبي والرسول مرسل، وهو الذي اختاره شيخ الإسلام.
والله أعلم..
============= ردّ =============
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله وبعد:
الإخوة الكرام: أذكر بأن لكل أن يرجح ما شاء من الأقوال مادام قد أعد الحجة أمام الله تعالى لهذا القول!
ولكن لا يجوز بحال أن نصل إلى التكلف في الإثبات أو النفي أو محاولة تأويل النصوص لتوافق ما نريد.
فالذي يصل إلى مرحلة التأويل يعني أنه لا يجد مساعداً في الظاهر فيلجأ إلى هذا التأويل وهذا يعني انه عدم الحجة إلا من خلال التأويل! فإما أن يقر بظاهر النص أو يؤوله على أن يكون الدافع ضرورياً في حقيقة الأمر من نص صريح واضح لا لبس فيه أما الرغبة في ترجيح قول على آخر فهذا ليس من الضروريات التي تبيح صرف النص عن ظاهره!
والذي تعجبت له هنا هو تأويل بعض الإخوة الكرام سددهم الله للوحي الذي أوحاه الله تعالى إلى أم موسى بأنه بمعنى الإلهام -ومالهم به من علم إن هم إلا يظنون!-
فالآيات الكريمة صريحة في أن الله تعالى (أوحى) إلى أم موسى، وأنه (وعدها) بأن يرد ابنها وأن يجعله من المرسلين، ثم بينت الآيات الكريمة أن الله تعالى حقق وعده وعلمت ذلك. مما يدل على أنه (وحي) حقيقي.
فقد قال الله تعالى: (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين)
إلى أن قال سبحانه: (فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون)
فهناك وعد تلقته أم موسى -عليهما السلام- وليس مجرد إلهام بفعل معين! وهذا يمنع -أيها الإخوة الكرام- من القول بأن المقصود بالوحي هو الإلهام المجرد!
وإن جاز لي الاجتهاد هنا -ولست بذاك-! فإنني -مهما شطح بي الخيال!- لا استطيع تصور امرأة تعقل تلقي طفلها الرضيع في اليم من تلقاء نفسها إلا إذا كانت ممن رفع عنهم القلم! أو أنها فعلت ذلك بوحي من الله تعالى -وليست أم موسى بالأولى فهي الأخرى ولا شك! وعلى هذا فلا أستطيع إلا القول بأن أم موسى تلقت وحياً من الله تعالى.
ولكنني لا أعلم أحداً من الصحابة والتابعين قال (بنبوة) النساء
، ولأن الأمر لم يقل به سلف فلا نستطيع القول به.
أما الوحي
فلا يعني النبوة بالضرورة وكذلك مخاطبة الملك لرجل أو امرأة لا يعني النبوة لعدم وجود نص يقول بذلك شرعاً
ولعدم وجود ما يقول بذلك من السلف. فليسعنا ما وسع السلف
والله تعالى أعلم.
============= ردّ ================
أخي الكريم شكر الله لك ولكن ربما حملت على بعض من قال أن الوحي هنا إلهام بتعجل فإن قوله هذا ليس تأويلاً فالوحي من حيث الأصل يطلق على كل إلقاء علم في إخفاء سواء أكان ذلك بالإشارة أو العبارة أوإلهام أو غير ذلك. ولهذا ثبت الوحي حقيقة للنحل (وأوحى ربك إلى النحل)، وأوحى زكرياء لقومه (فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشياً)، وأحى الله في كل سماء أمرها، وأوحى إلى الأرض قال العجاج وله صحبة:
وحّى لها القرار فاستقرت * رب البلاد والعباد القنت
وقد قال الله (يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها)، وكل ذلك على الحقيقة والله أعلم.
========= ردّ ========
في صحة نسبة هذا القول إلى أبي الحسن الأشعري نظر
وقد ذكر الإمام أبو العباس النميري
وهو من هو معرفة بأقوال الناس
(وقد حكى الإجماع على انه لم يكن في النساء نبية غير واحد كالقاضي أبي بكر بن الطيب والقاضي أبي يعلى وأبي المعالي الجويني وخلاف ابن حزم شاذ مسبوق بالإجماع فإن دعواه أن أم موسى كانت نبية هي ومريم قول لا يعرف عن أحد من السلف والأئمة)
بل ذ?ر تلميذه العماد في تفسيره
( والذي عليه الجمهور أن الله لم يبعث نبيا إلا من الرجال قال الله تعالى : { وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى } وقد حكى الشيخ أبو الحسن الأشعري رحمه الله الإجماع على ذلك)
فالأشعري نقل الإجماع على قول الجمهور
قال العماد في موضع آخر
( الذي عليه أهل السنة والجماعة وهو الذي نقله الشيخ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري عنهم أنه ليس في النساء نبية وإنما فيهن صديقات)
فالحمد لله
=========== ردّ ===========
تنبيه
جاء في فتح الباري
( وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ : ( اِصْطَفَاك عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ ) عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ نَبِيَّة ، وَيُؤَيِّد ذِكْرهَا فِي سُورَة مَرْيَم بِمِثْلِ مَا ذُكِرَ بِهِ الْأَنْبِيَاء ، وَلَا يَمْنَع وَصْفهَا بِأَنَّهَا صِدِّيقَة فَإِنَّ يُوسُف وُصِفَ بِذَلِكَ مَعَ كَوْنه نَبِيًّا ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الْأَشْعَرِيّ أَنَّ فِي النِّسَاء نَبِيَّات . وَجَزَمَ اِبْن حَزْم بِسِتّ : حَوَّاء وَسَارَة وَهَاجَر وَأُمّ مُوسَى وَآسِيَة وَمَرْيَم ، وَلَمْ يَذْكُر الْقُرْطُبِيّ سَارَة وَلَا هَاجَر ، وَنَقَلَهُ السُّهَيْلِيُّ فِي آخِر " الرَّوْض " عَنْ أَكْثَر الْفُقَهَاء ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : الصَّحِيح أَنَّ مَرْيَم نَبِيَّة ، وَقَالَ عِيَاض : الْجُمْهُور عَلَى خِلَافه . وَذَكَر النَّوَوِيّ فِي " الْأَذْكَار " عَنْ إِمَام الْحَرَمَيْنِ أَنَّهُ نَقَلَ الْإِجْمَاع عَلَى أَنَّ مَرْيَم لَيْسَتْ نَبِيَّة ، وَنَسَبَهُ فِي " شَرْح الْمُهَذَّب " لِجَمَاعَة ، وَجَاءَ عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ لَيْسَ فِي النِّسَاء نَبِيَّة وَلَا فِي الْجِنّ ، وَقَالَ السُّبْكِيّ : اُخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة وَلَمْ يَصِحّ عِنْدِي فِي ذَلِكَ شَيْء . )
وفي موضع آخر
( وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( إِنَّ اللَّه اِصْطَفَاك ) عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ نَبِيَّة وَلَيْسَ بِصَرِيحِ فِي ذَلِكَ ، وَأُيِّدَ بِذِكْرِهَا مَعَ الْأَنْبِيَاء فِي سُورَة مَرْيَم ، وَلَا يَمْنَع وَصْفهَا بِأَنَّهَا صِدِّيقَة فَقَدْ وُصِفَ يُوسُف بِذَلِكَ . وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الْأَشْعَرِيّ أَنَّ فِي النِّسَاء عِدَّة نَبِيَّات ، وَحَصَرَهُنَّ اِبْن حَزْم فِي سِتّ ، حَوَّاء وَسَارَة وَهَاجَر وَأُمّ مُوسَى وَآسِيَة وَمَرْيَم . وَأَسْقَطَ الْقُرْطُبِيّ سَارَة وَهَاجَر ، وَنَقَلَهُ فِي " التَّمْهِيد " عَنْ أَكْثَر الْفُقَهَاء . وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : الصَّحِيح أَنَّ مَرْيَم نَبِيَّة . وَقَالَ عِيَاض : الْجُمْهُور عَلَى خِلَافه . وَنَقَلَ النَّوَوِيّ فِي " الْأَذْكَار " أَنَّ الْإِمَام نَقَلَ الْإِجْمَاع عَلَى أَنَّ مَرْيَم لَيْسَتْ نَبِيَّة . وَعَنْ الْحَسَن : لَيْسَ فِي النِّسَاء نَبِيَّة وَلَا فِي الْجِنّ . وَقَالَ السُّبْكِيّ الْكَبِير : لَمْ يَصِحّ عِنْدِيّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة شَيْء ، وَنَقَلَهُ السُّهَيْلِيُّ فِي آخِر " الرَّوْض " عَنْ أَكْثَر الْفُقَهَاء .)
انتهى
والذي في كتاب السهيلي
(وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي [ ص 428 ] مَرْيَمَ الصّدّيقَةِ فَإِنّهَا عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ نَبِيّةٌ نَزَلَ عَلَيْهَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السّلَامُ بِالْوَحْيِ وَلَا يُفَضّلُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ غَيْرُهُمْ وَمَنْ قَالَ لَمْ تَكُنْ نَبِيّةً وَجَعَلَ قَوْلَهُ تَعَالَى : { وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ } [ آلُ عِمْرَانَ : 42 ] مَخْصُوصًا بِعَالَمِ زَمَانِهَا ، فَمِنْ قَوْلِهِ إنّ عَائِشَةَ وَخَدِيجَةَ أَفَضْلُ مِنْهَا ، وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ فِي سَائِرِ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - إنّهُنّ أَفْضَلُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وَنَزَعُوا فِي تَصْحِيحِ هَذَا الْمَذْهَبِ بِمَا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَاَللّهُ أَعْلَمُ )
انتهى
فتأمل
( كثير من العلماء ) وبين ( أكثر الفقهاء )
وما جاء في الفتح من قوله
(وَنَقَلَهُ فِي " التَّمْهِيد " عَنْ أَكْثَر الْفُقَهَاء ) عبارة قلقلة لا أدري ما الصواب فيها
فليس في التمهيد شيء من هذا والله أعلم
=========== ردّ =======