للتحميل : [ اضغط هنــا ]
نساء فوق النساء
"... فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ "
سورة "النساء" الآية(34)
الاستهلال وفيه مع الابتهال شكوى حال :
"... فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ "
سورة "النساء" الآية(34)
الاستهلال وفيه مع الابتهال شكوى حال :
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" سورة"آل عمران"الآية(102)
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا " سورة "النسـاء" الآية (1)
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا" سورة "الأحزاب" الآيتان (70-71)
اللهم لك الحمد حمدا، لك الشكر شكرا، حكمك عدل كله، قضاؤك حق كله، إله الحق، لك منا الرضى ونسألكموه، نستمدك العون ونسألك التوفيق فأوهبناموه، نعترف لك بضعفنا، ونعتذر إليك تقصيرنا، ونقرّ لك بالفضل كل الفضل .
وبعد ..
أقول : أبى زماني أن يتمخض عن ولادة عالمة، وها أنا ذا أتخطى الأعقاد وجلان، وأخطو إلى القرنين([1]) من الزمان، وما شُنّف سمعي باسم واحدة!!!
قلت معتذرا : لعل الآفة فيه ؟ فتسليت وما ارتويت .
فرجعت إلى نفسي معزّيا : في طالبات العلم – كان الله تعالى لهن- بركة، مع كونهن نزر يسير، بيد أن اليسير يسير، ومن سار على الدرب- بعد التوفيق- وصل، ومن وصل، سما، ومن سما، علا ودنا .
أقول هذا، ونحن في زمان الحاجة .
أجل .. حاجتنا إلى تعليم النساء ملحّة .
حاجتنا إلى إستقامة نسائنا جامحة
حاجتنا إلى النصرة منهن صارخة .
وأنا بذا لا أتحدث عن عجز العلماء، فعلماء الأمة وإن عزّوا أعزاء .
غير أنها الحاجة إلى تصدي الصفوة من نساء الأمة إلى دعوات أرباب الفرق، وأصحاب الشهوات الذين اتخذوا من نساء مطيّة للنيل من ديننا وأعراضنا ووحدتنا : باسم العمل للدين تارة، وباسم حقوق المرأة تارة أخرى
وحديثي هنا وإن بدا بعيد عما تقدم، غير أنه قريب لمن تأمل وتدبر .
حديثي استُدعي اضطراراً، استدعته صرخات مكبوته، وزفرات محمومة، عزّت معها نزول عبرات عزيزة تجمعت في مقل لتتناكح مع مهج مكلومة .
حديثي عن عقول شامخة بيد أنها مشوّشة بل مشغولة([2])، شغلتها سوء فعال نساء، كان حقهن شكر النعمة بأن اصطفى الله تعالى بعولتهن ليفتحوا كتابا، ويكتبوا جوابا، ويركبوا الدفاع لصد عدوان أرباب الشبهات وأصحاب الشهوات .
غير أنه – ومع غاية الأسف ومنتهى الأسي- شغلن أزواجهن بهن، وأكثرن عليهم الهموم، وأحاطوهن بأنواع من الغموم، ألجوهن إلى السكون، لتترادف عليهم صنوف الطعون، وتتابع كتل بل ركام الكلوم، فيضعف التحصيل وتضطرب الوُِجهة، وتنحرف الدفّة، ومراكب الشبهات تزيد، ومواكب الشهوات تزحف([3]) .
فما أن يدخل بيته إلا وحنقها متعلق بحلقه، تحلقت إحنها حول عنقه، تهبّ في ثرثرة ثائرة، وثورة حائرة جائرة، ذات صخب وسخط لتطلق العنان لأسلات لسان آسن ليلقي وابلا من قذائف الشكايا وذكر البلايا، مردوفاً بتكرير تأكيد جحيد : أنها به من الخزايا، ولصحبته من أكبر النداما([4]).
التذمر مزمارها، والتسخط مسلاخها، والتحول حالها، والحرمان حاديها، والشيطان هاديها!!!([5])
مسيكينة، وليدة النفوس السافلة، والقلوب المتقلبة القاتمة، والعقول العقيمة العليلة .
ودواؤها :
العلم أساس الإيمان، ودعامة الأعمال .
كيف! والعلم يغمرها، والفقة يغشاها، غير إنه الجحود، إنها العماية !
أصل الداء وأمشاج البلاء :
أما عن أصله :
فسوء الاختيار، ابتداء . أو الإهمال، تباعا . أو الابتلاء، اختبارا .
وأما أمشاجه وتطور نشأته :
لقد صدّر هذا الداء بل البلاء بالحكاية؛ سلوى، هذا أولا .
ثم سرى فاستشرى فكان معه الشكوى . وهي الثانية .
فتشاكلت المشكلة وتشابكت حتى أضحت نكتة، وهي ثالثة الأثافي .
ومع تراكمها وتلاكمها أمست سُبّة، وهي الباعثة .
علل الدعوى :
والمتتبع لعلل كل عليلة، يجدها لا تخرج عن ثنتين : ادعاء فقر، أو دعوى إهمال – والثالثة بلوى عامة لا تحتاج إلى نظر .
إن تعللت بالفقر : فحقيقة الغنى : القناعة، وفي الإيمان بالقدر طمأنينة، وسلام وسكينة .
وعليه .. فالمؤمن الحق راض مسلّم، لذا؛ طالب العلم هو الأغنى، هو غني في فقره، فقير في غناه .
ولزوجه الأسوة في حياة زوجات نبينا الطيبات المطيبات، الطاهرات المطهرات، أولسن أمهاتها ؟
فأين الشبه ؟
فإن لم يكن فالتشبه ؟
وفي الثالثة الهلاك .
وإن تعللت بالإهمال : فالشغل هام، والمأوى المنام .
لأجل هذا ..
دعت حاجة للكتابة، لعل في الكتابة كفاية، ويلي الكفّ كرامة، حقيقتها الاستقامة، فتحقق العبودية المرجوة، وننعم بحياة طيبة قوامها الإيمان والسعي إلى الإحسان العام .
ومن ذا : أن ينهد ليوث السنة بالسنة : تضلعا وإرواءً وذبّا .
والله – تعالى- الهادي، وهو – سبحانه- الموفق إلى سواء السبيل .
الموضوع :
أقول : بعضهن .. مع كونهن قوارير قائمة، بيد أنها قاتمة .
قريرات، غير أن رغباتهن هائمة، ميلوهن شاردة، نفوسهن سائمة، أرآهن موبقة، أفكارهن مارقة .
وبعضهن مع كونهن عوان، غير أنهن هوان، محجبات غير أنهن حاجبات، طيبات غير أنهن مُطبِقات، عوانق، غير أنهن عوائق .
إنهن – والحالة هذه- عوامل خذل، معاول هدم .
أجلّ .. كم من زوجة لداعية أنكرت فتنكرت، نكّدت عليه فكره، وأزعجت وكره! أرّقت وقته! شتت شمله! أذهبت ذهنه .
ومنهن من زادته هما على همومه؛ فكشفت ستر بيته، وهتكت عرض حاله – بحق أو بغير حق- في بلاء هو البلاء، وكرب يركب كربا، وهمّ يعلو هما .
وثالثة : شكّاية وأخرى شكاكة، وشبيهة منّانة وأخرى نمّامة، في خليط من النشوز كالشأز، زاد الخرق، وخرق الصرح، وحرق القلب .
والله تعالى الرافع الدافع .
إن الخواء الذي تعيشه بعض القلوب والعقول : سبب رئيس في طفح تلك الأوبئة .
إن ضعف الإيمان أصل في تدني الهمة، وانحطاط الرتبة، وسوء الفعال والمقال، والعكس بالعكس .
ألا .. إنه يجب علينا جميعا – رجالا ونساءً- أن نتقي الله تعالى في السرّ والعلن، أن نخشاه خشية تحول بينا وبين معصيته، خشية تحفظ بها الحقوق([6]) وتعرف الأقدار، ويراعى فيها الحال والمآل .
أعود فأقول :
إننا لنعجب من نساء ينبحن اعتراضا، ويلهثن صدا لسير أزواجهن المتلمسين علما، بدعوى الحاجات، ولو فتشت لوجدتها كماليات لا ضروريات، بل وإن كان!
ولو قيل لها : أنه يصرف وقته في عمل لفرحت ومرحت!
فتنة، تصدّ عن السبيل، قمن أن تلقيها الأمة في مزابل شواذ الأعمال والأفهام، وزوايا اللئام، وركام الطغام، غير مأسوف عليها، وفي غيرها خير وبر .
أجل :
فالمرأة الجاهلة أسهل شيء على إبليس وأهونه وأحقره، مطيته وأتباعه، حبائله وأغلاله، بل وأعوانه، فما أشقاها وأشقاهم
إن هذا الصنف المستهجن المهين، الدني الأناني، لا يرقب فضيلة، ولا يرعي حرمة، ولا يحفظ فضلا، فالويل له([7]) .
له أقول :
اعلم بأن تلك زوجة تريدك لها، ولكن الله يريدك لدينه، فماذا أنت صانع؟!
أري الله تعالى من نفسك صدقا، واستصحبن قوله تعالى : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" سورة "التغابن" الآية(14)
أجل .. قد تجد زوجتك عائقا في طريق دعوتك فلا تحزن ولا تستسلم، اصتبر وأصلح، واستغث بالله تعالى ولا تيأسن!
فهذا نوح -عليه السلام- وهذا لوط - عليه السلام- ليكن لك فيهما سلوى، وإلا "فالنساء غيرها كثير، ولن يضيق الله عليك" .
فإن أبيت – لعارض صبابة أو حاجة صبية : فصُدّ الداء بصبّ الصبر صبا، وإن صبأ صبر؛ فاصنع صبرا، واستمطر ديم الرضا بالقضاء .
أجل .. لكل حظ من البلاء، وبعض البلاء أهون، والحمد مستصحب في كل حال، والرب كاشف للبلوى، سبحانه "ما ابتلى ليعذب، ولكن ليصطفي ويهذب" .
ولها أقول :
إن أهل العلم، أحباء الله([8]) والله تعالى يغار على وليه، فلا يؤذى([9])
وكذلك تغار عليه زوجاته مُحبّاته الخوالي الخوالد من الحور العين، فلا يحزن ([10])
وكذلك يحزن لحزنه الأبرار والأطهار من محبي العلم وأهله، فاقلعي وانقشعي – هداك الله تعالى .
إننا في حاجة، بل ما أحوجنا إلى نقائه، إلى صفائه، إلى سكينته، إلى طمأنينته، لأثر ذلك على قوله وفعله([11]) .
منبع هذه مع منابعه :
ولودة ودودة متوددة، مرحة مؤنسة مهذبة، راضية مَرضية مُرضية، شاكرة – له- حامدة – لله تعالى- قانتة .
في "الصحيح" عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ... ألا أخبركم بنسائكم في الجنة . قلنا بلى يا رسول الله، قال : ودود ولود، إذا غضبت أو أسيء إليها أو غضب زوجها، قالت : هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى" "صحيح الترغيب والترهيب" برقم(1941)
بل واعتبر بل واعتبرن – مع بالغ الأسف وغاية الأسى- بحال نساء : الأمراء والأطباء والضباط، بل والتجار، وشغلهم – وهو شاغل- كشغله، وخطرهم – وهو رفيع- دون خطره، كيف لا يتأففن تأفككن ولا يجأرن مثلكن؟!!!
أنه السفول والتدني "أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير" ؟!
ولأجل ماذا ؟ أللدنيا !
كيف "وأسعد الناس بها لكع بن لكع"([12])
فـ "إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فالسراح([13]) وإلا البراح – احتسابا- في مراح، حتى القيام، وأنه لقريب .
بل إن الواجب على عموم المؤمنات الالتزام بالشريعة، وحفظ الحقوق، ومن أعظمها بعد التوحيد والاتباع حق الزوج فالزواج، فكيف لو زاد على هذا الحق، حق إمامته – إمامة الناس إلى البرّ بحسبه وحسبهم؟! .
بل إن من مستلزمات حُسن العشرة، حسن الصحبة، حسن التبعل : إغمار أهل العلم بمزيد من ذا، لما يعتلج طريقهم الذهني والحسي، العلمي والعملي، من أمواج الاضطرابات وزلازل الشبهات بل والشهوات .
([1]) على اعتبار قول من قال أن القرن أربعون عاما، وإلا ففي "النهاية" : "هو مقدار التوسط في أعمار أهل كل زمان, مأخوذ من الاقتران فكأنه المقدار الذي يقترن فيه أهل ذلك الزمان في أعمارهم وأحوالهم، وقيل القرن أربعون سنة وقيل ثمانون, وقيل مائة, وقيل هو مطلق من الزمان " "النهاية" لابن الأثير ص(747)
([2]) ذكر العلامة شمس الدين ابن القيم – رحمه الله تعالى – فيما ذكر عن شَرَك شرور شياطين الجن والإنس للصالحين والمصلحين، وحصرها في ستة أجناس:
1- - شر الكفر والشرك ومعاداة الله ورسوله:
2- - المرتبة الثانية من الشر وهي البدعة:
3- - المرتبة الثالثة من الشر وهي الكبائر:
4- - المرتبة الرابعة وهي الصغائر:
5- - المرتبة الخامسة وهي إشغاله بالمباحات:
6- - المرتبة السادسة وهو أن يشغله بالعمل المفضول عما هو أفضل منه:
فإذا أعجزه العبد من هذه المراتب الست وأعيّ عليه، سلّط عليه حزبه من الإنس والجن بأنواع الأذى والتكفير والتضليل والتبديع والتحذير منه، وقصد إخماله وإطفاءه ليشوش عليه قلبه، ويشغل بحربه فكره، وليمنع الناس من الإنتفاع به فيبقى سعيه في تسليط المبطلين من شياطين الإنس والجن عليه، و لا يزال المسلم في جهاد حتى يلقى الله تعالى .
([3]) إذا .. يخرج عن حديثي : رجل أهمل امرأته وأهدر حق تعليمها، حتى جنى بكاءا أبكى حاله، وأنكى مع فكره فؤاده، هذا يقال له " يداك أوكتا وفوك نفخ"
ويخرج كذلك، رجل : أهدر وقته وجهده وضيّع مع عياله ماله، دون تأهيل أو تحصيل، فجمع بين الإهدار والإهمال .
ويخرج كذلك : طالب لم يحقق الكفاية وجنح إلى أوساخ الناس، مُريقا ماء وجهه، مذلا لوجاهته، خارما لمروءته، مضعفا لحقه وقوله وقبوله .
([4]) في "الصحيح" قال رسول الله – صلى الله عليه وإخوانه وآله وسلم : " ... إني رأيت الجنة أو أريت الجنة فتناولت منها عنقودا ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا . ورأيت النار فلم أر كاليوم منظرا قط ورأيت أكثر أهلها النساء . قالوا : لم يا رسول الله . قال : بكفرهن . قيل : يكفرن بالله . قال : يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط" "صحيح سنن النسائي" (3/146) برقم(1493)
([5]) في الصحيح : " من السعادة : المرأة الصالحة تراها فتعجبك ، وتغيب عنها فتأمنها على نفسها ومالك ...
ومن الشقاء : المرأة التي تراها فتسوؤك، وتحمل لسانها عليك، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك ..." "صحيح الترغيب والترهيب"برقم(1915) .
([6]) تكرار الأمر النبوي بمراعاة الحقوق، واعتبار حق الأهل، من ذلك :
قوله نبينا – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم - لعبد الله بن عمرو : " إن لزوجك عليك حقا " متفق عليه .
بل هو من حديث عبد الله بن عمرو – رضي الله تعالى عنهما- نفسه! قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار، وتقوم الليل؟ قلت : بلى يا رسول الله، قال : فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقا، وان لعينيك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا" أخرجه البخاري(3/446،4/143) ومسلم (3/162)
وفي رواية ذات ذيادة، قال : " يحيى بن أبي كثير أن أبا سلمة حدثه أن عبد الله قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم حجرتي فقال ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار قال بلى قال فلا تفعلن نم وقم وصم وأفطر فإن لعينك عليك حقا وإن لجسدك عليك حقا وإن لزوجتك عليك حقا وإن لضيفك عليك حقا وإن لصديقك عليك حقا وأنه عسى أن يطول بك عمر وإنه حسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثا فذلك صيام الدهر كله والحسنة بعشر أمثالها قلت أني أجد قوة فشددت فشدد علي قال صم من كل جمعة ثلاثة أيام قلت أني أطيق أكثر من ذلك فشددت فشدد على قال صم صوم نبي الله داود عليه السلام قلت وما كان صوم داود قال نصف الدهر" "صحيح سنن النسائي"(4/210) برقم(2391)
وعن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال : آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم بين سلمان وبين أبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة . فقال : ما شأنك متبذلة ؟! قالت : إن أخاك أبا الدرداء ليس له حاجة في الدنيا .
قال : فلما جاء أبو الدرداء قرب إليه طعاما . فقال : كل فإني صائم . قال : ما أنا بآكل حتى تأكل . قال : فأكل .
فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء ليقوم، فقال له سلمان : نم . فنام، ثم ذهب يقوم، فقال له : نم . فنام، فلما كان عند الصبح قال له سلمان : قم الآن . فقاما فصليا .
فقال : إن لنفسك عليك حقا، ولربك عليك حقا، ولضيفك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه .
فأتيا النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرا ذلك، فقال له : صدق سلمان" "صحيح جامع الترمذي"(4/608) برقم(2413)
وعن أمنا الطاهرة، أم المؤمنين المبرأة، عائشة – رضي الله تعالى عنها – قالت : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى عثمان بن مظعون فجاءه فقال يا عثمان أرغبت عن سنتي قال لا والله يا رسول الله ولكن سنتك أطلب قال فإني أنام وأصلي وأصوم وأفطر وأنكح النساء فاتق الله يا عثمان فإن لأهلك عليك حقا وإن لضيفك عليك حقا وإن لنفسك عليك حقا فصم وأفطر وصل ونم" "صحيح سنن أبي داوم"(2/48) برقم(1369)
والحديث له أصل في الباب أصيل : قالت الصديقة بنت الصديق – رضي الله تعالى عنهما : " دخلت على خويلة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمية وكانت عند عثمان بن مظعون، قالت : فرأى رسول اللة صلى الله عليه وسلم بذاذة هيئتها فقال لي : يا عائشة ما أبذ هيئة خويلة! قالت : فقلت يا رسول اللة إمرأة لها زوج يصوم النهار، ويقوم الليل، فهى كمن لا زوج لها ، فتركت نفسها وأضاعتها، قالت : فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم، إلى عثمان بن مظعون، فجاءه فقال : يا عثمان أرغبة عن سنتى؟! قال : فقال : لا والله يا رسول، ولكن سنتك أطلب، قال : فإني أنام وأصلى ، وأصوم وأفطر، وأنكح النساء، فاتق الله يا عثمان، فإن لأهلك عليك حقا، وإن لضيفك عليك حقا، وإن لنفسك عليك حقا، فصم وأفطر، وصل ونم" "إرواء الغليل"(7/78-79)
وهناك رواية ذات دلالة، وفيها : " يا عثمان إني لم أومر بالرهبانية أرغبت عن سنتي قال لا يا رسول الله قال إن من سنتي أن اصلي وأنام وأصوم وأطعم وانكح واطلق فمن رغب عن سنتي فليس مني . يا عثمان إن لأهلك عليك حقا ولنفسك عليك حقا
عن سعد بن أبي وقاص قال لما كان من أمر عثمان بن مظعون الذي كان من ترك النساء بعث إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال ( فذكره ) قال سعد فوالله لقد كان أجمع رجال من المسلمين على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إن هو أقر عثمان على ما هو عليه أن نختصي فنتبتل" "السلسلة الصحيحة"(1/750) برقم(394) .
([7] ) في "الصحيح" عن أبي هريرة – رضي الله تعالى عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح" "صحيح سنن أبي داود"(2/244) برقم(2141)
قلت :
فإذا كان لحاجة من حاجات، في وقت من أوقات، مراعاة لحق من حقوق، لزوج من أزواج، فكيف ؟!
إذا كان هذا الوعيد الشديد لرفض دعوى حظ النفس، فكيف برفض بل وإعاقة الدعوة إلى الصلاح والإصلاح، كيف ؟!
([8]) في قول الله تعالى:"ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال أنني من المسلمين" سورة "فصلت" الآية(33)
قال الحسن البصري – رحمه الله تعالى : "هذا حبيب الله هذا ولي الله هذا خيرة الله، هذا أحب أهل الأرض لله" "الزهد" لابن المبارك (2/841) وانظر"تفسير القرآن العظيم"للحافظ ابن كثير (4/109) تفسير آية "فصلت" ط. دار المعرفة
([9]) وفي كون أهل العلم الأتقياء أولياء الله تعالى وبيان أرجى فعالهم، وله تعلق بابنا : قال عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه :" إن لله عند كل بدعة كيد بها الإسلام ولياً من أوليائه يذبّ عنها وينطق بعلاماتها، فاغتنموا حضور تلك المواطن، وتوكلوا على الله" "بدائع التفسير"مجموع تفسير ابن القيم(4/104) جمع: يسري السيد .
وقال العلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى : "ورثة الأنبياء، سادات أولياء الله – عزّ وجلّ" "مفتاح دار السعادة"(1/262)
وفي بيان خطر إيذائهم – حسا ومعنى: في "صحيح الإمام البخاري" رحمه الله تعالى عن أبي هريرة – رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال فيما يرويه عن ربه : " إن الله تعالى قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلى مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه وإن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته"
([10]) دليل ذلك : في "الصحيح" عن معاذ - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال : " لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين : لا تؤذيه قاتلك الله! فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا" "صحيح الجامع" برقم(7192)
([11]) ومن تأمل تراجم المتقدمين يجد أن المؤرخين يتعرضون حال الترجمة إلى نشأته وحالته الاجتماعية وأيامه السياسية استصحابا في فهم ما يكتب ويفعل، واعتبارا لمقصده باستصحاب حاله وحال من حوله .
([12]) دليل ذلك : قول رسول الله – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم : " لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لكع ابن لكع" " صحيح الجامع" برقم(7431)
قال أبو السعادات : " اللكع عند العرب : العبد، ثم استعمل في الحمق والذم، يقال للرجل: لكع . وللمرأة : لكاع .
وأكثر ما يقع في النداء : وهو اللئيم، وقيل : الوسخ . وقد يطلق على الصغير" "النهاية في غريب الحديث"ص(842-843) ط. دار ابن الجوزي
([13]) قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله تعالى- تحت آية التخيير، كسلوى لك في التحمل والتجمل عند النوازل والنوائب : " هذا أمر من الله - تبارك وتعالى- لرسوله - صلى الله عليه وسلم- بأن يخير نساءه بين أن يفارقهن فيذهبن إلى غيره ممن يحصل لهن عنده الحياة الدنيا وزينتها، وبين الصبر على ما عنده من ضيق الحال، ولهن عند الله تعالى في ذلك الثواب الجزيل، فاخترن رضي الله عنهن وأرضاهن الله ورسوله والدار الآخرة، فجمع الله تعالى لهن بعد ذلك بين خير الدنيا وسعادة الآخرة"