خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    نساء فوق النساء

    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية نساء فوق النساء

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 04.02.10 11:02

    نساء فوق النساء -%C7%E1%E4%D3%C7%C1-copy

    للتحميل : [ اضغط هنــا ]

    نساء فوق النساء 208157




    نساء فوق النساء
    "... فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ "
    سورة "النساء" الآية(34)

    الاستهلال وفيه مع الابتهال شكوى حال :




    إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله



    " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" سورة"آل عمران"الآية(102)



    " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا " سورة "النسـاء" الآية (1)



    " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا" سورة "الأحزاب" الآيتان (70-71)



    اللهم لك الحمد حمدا، لك الشكر شكرا، حكمك عدل كله، قضاؤك حق كله، إله الحق، لك منا الرضى ونسألكموه، نستمدك العون ونسألك التوفيق فأوهبناموه، نعترف لك بضعفنا، ونعتذر إليك تقصيرنا، ونقرّ لك بالفضل كل الفضل .

    وبعد ..




    أقول : أبى زماني أن يتمخض عن ولادة عالمة، وها أنا ذا أتخطى الأعقاد وجلان، وأخطو إلى القرنين([1]) من الزمان، وما شُنّف سمعي باسم واحدة!!!



    قلت معتذرا : لعل الآفة فيه ؟ فتسليت وما ارتويت .



    فرجعت إلى نفسي معزّيا : في طالبات العلم – كان الله تعالى لهن- بركة، مع كونهن نزر يسير، بيد أن اليسير يسير، ومن سار على الدرب- بعد التوفيق- وصل، ومن وصل، سما، ومن سما، علا ودنا .



    أقول هذا، ونحن في زمان الحاجة .



    أجل .. حاجتنا إلى تعليم النساء ملحّة .

    حاجتنا إلى إستقامة نسائنا جامحة

    حاجتنا إلى النصرة منهن صارخة .



    وأنا بذا لا أتحدث عن عجز العلماء، فعلماء الأمة وإن عزّوا أعزاء .



    غير أنها الحاجة إلى تصدي الصفوة من نساء الأمة إلى دعوات أرباب الفرق، وأصحاب الشهوات الذين اتخذوا من نساء مطيّة للنيل من ديننا وأعراضنا ووحدتنا : باسم العمل للدين تارة، وباسم حقوق المرأة تارة أخرى



    وحديثي هنا وإن بدا بعيد عما تقدم، غير أنه قريب لمن تأمل وتدبر .



    حديثي استُدعي اضطراراً، استدعته صرخات مكبوته، وزفرات محمومة، عزّت معها نزول عبرات عزيزة تجمعت في مقل لتتناكح مع مهج مكلومة .



    حديثي عن عقول شامخة بيد أنها مشوّشة بل مشغولة([2])، شغلتها سوء فعال نساء، كان حقهن شكر النعمة بأن اصطفى الله تعالى بعولتهن ليفتحوا كتابا، ويكتبوا جوابا، ويركبوا الدفاع لصد عدوان أرباب الشبهات وأصحاب الشهوات .



    غير أنه – ومع غاية الأسف ومنتهى الأسي- شغلن أزواجهن بهن، وأكثرن عليهم الهموم، وأحاطوهن بأنواع من الغموم، ألجوهن إلى السكون، لتترادف عليهم صنوف الطعون، وتتابع كتل بل ركام الكلوم، فيضعف التحصيل وتضطرب الوُِجهة، وتنحرف الدفّة، ومراكب الشبهات تزيد، ومواكب الشهوات تزحف([3]) .



    فما أن يدخل بيته إلا وحنقها متعلق بحلقه، تحلقت إحنها حول عنقه، تهبّ في ثرثرة ثائرة، وثورة حائرة جائرة، ذات صخب وسخط لتطلق العنان لأسلات لسان آسن ليلقي وابلا من قذائف الشكايا وذكر البلايا، مردوفاً بتكرير تأكيد جحيد : أنها به من الخزايا، ولصحبته من أكبر النداما([4]).



    التذمر مزمارها، والتسخط مسلاخها، والتحول حالها، والحرمان حاديها، والشيطان هاديها!!!([5])



    مسيكينة، وليدة النفوس السافلة، والقلوب المتقلبة القاتمة، والعقول العقيمة العليلة .



    ودواؤها :



    العلم أساس الإيمان، ودعامة الأعمال .



    كيف! والعلم يغمرها، والفقة يغشاها، غير إنه الجحود، إنها العماية !



    أصل الداء وأمشاج البلاء :



    أما عن أصله :



    فسوء الاختيار، ابتداء . أو الإهمال، تباعا . أو الابتلاء، اختبارا .



    وأما أمشاجه وتطور نشأته :



    لقد صدّر هذا الداء بل البلاء بالحكاية؛ سلوى، هذا أولا .



    ثم سرى فاستشرى فكان معه الشكوى . وهي الثانية .



    فتشاكلت المشكلة وتشابكت حتى أضحت نكتة، وهي ثالثة الأثافي .



    ومع تراكمها وتلاكمها أمست سُبّة، وهي الباعثة .



    علل الدعوى :



    والمتتبع لعلل كل عليلة، يجدها لا تخرج عن ثنتين : ادعاء فقر، أو دعوى إهمال – والثالثة بلوى عامة لا تحتاج إلى نظر .



    إن تعللت بالفقر : فحقيقة الغنى : القناعة، وفي الإيمان بالقدر طمأنينة، وسلام وسكينة .



    وعليه .. فالمؤمن الحق راض مسلّم، لذا؛ طالب العلم هو الأغنى، هو غني في فقره، فقير في غناه .



    ولزوجه الأسوة في حياة زوجات نبينا الطيبات المطيبات، الطاهرات المطهرات، أولسن أمهاتها ؟



    فأين الشبه ؟



    فإن لم يكن فالتشبه ؟



    وفي الثالثة الهلاك .



    وإن تعللت بالإهمال : فالشغل هام، والمأوى المنام .



    لأجل هذا ..



    دعت حاجة للكتابة، لعل في الكتابة كفاية، ويلي الكفّ كرامة، حقيقتها الاستقامة، فتحقق العبودية المرجوة، وننعم بحياة طيبة قوامها الإيمان والسعي إلى الإحسان العام .



    ومن ذا : أن ينهد ليوث السنة بالسنة : تضلعا وإرواءً وذبّا .

    والله – تعالى- الهادي، وهو – سبحانه- الموفق إلى سواء السبيل .


    الموضوع :




    أقول : بعضهن .. مع كونهن قوارير قائمة، بيد أنها قاتمة .



    قريرات، غير أن رغباتهن هائمة، ميلوهن شاردة، نفوسهن سائمة، أرآهن موبقة، أفكارهن مارقة .



    وبعضهن مع كونهن عوان، غير أنهن هوان، محجبات غير أنهن حاجبات، طيبات غير أنهن مُطبِقات، عوانق، غير أنهن عوائق .



    إنهن – والحالة هذه- عوامل خذل، معاول هدم .



    أجلّ .. كم من زوجة لداعية أنكرت فتنكرت، نكّدت عليه فكره، وأزعجت وكره! أرّقت وقته! شتت شمله! أذهبت ذهنه .



    ومنهن من زادته هما على همومه؛ فكشفت ستر بيته، وهتكت عرض حاله – بحق أو بغير حق- في بلاء هو البلاء، وكرب يركب كربا، وهمّ يعلو هما .



    وثالثة : شكّاية وأخرى شكاكة، وشبيهة منّانة وأخرى نمّامة، في خليط من النشوز كالشأز، زاد الخرق، وخرق الصرح، وحرق القلب .



    والله تعالى الرافع الدافع .



    إن الخواء الذي تعيشه بعض القلوب والعقول : سبب رئيس في طفح تلك الأوبئة .



    إن ضعف الإيمان أصل في تدني الهمة، وانحطاط الرتبة، وسوء الفعال والمقال، والعكس بالعكس .



    ألا .. إنه يجب علينا جميعا – رجالا ونساءً- أن نتقي الله تعالى في السرّ والعلن، أن نخشاه خشية تحول بينا وبين معصيته، خشية تحفظ بها الحقوق([6]) وتعرف الأقدار، ويراعى فيها الحال والمآل .



    أعود فأقول :



    إننا لنعجب من نساء ينبحن اعتراضا، ويلهثن صدا لسير أزواجهن المتلمسين علما، بدعوى الحاجات، ولو فتشت لوجدتها كماليات لا ضروريات، بل وإن كان!



    ولو قيل لها : أنه يصرف وقته في عمل لفرحت ومرحت!



    فتنة، تصدّ عن السبيل، قمن أن تلقيها الأمة في مزابل شواذ الأعمال والأفهام، وزوايا اللئام، وركام الطغام، غير مأسوف عليها، وفي غيرها خير وبر .



    أجل :



    فالمرأة الجاهلة أسهل شيء على إبليس وأهونه وأحقره، مطيته وأتباعه، حبائله وأغلاله، بل وأعوانه، فما أشقاها وأشقاهم



    إن هذا الصنف المستهجن المهين، الدني الأناني، لا يرقب فضيلة، ولا يرعي حرمة، ولا يحفظ فضلا، فالويل له([7]) .



    له أقول :



    اعلم بأن تلك زوجة تريدك لها، ولكن الله يريدك لدينه، فماذا أنت صانع؟!



    أري الله تعالى من نفسك صدقا، واستصحبن قوله تعالى : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" سورة "التغابن" الآية(14)



    أجل .. قد تجد زوجتك عائقا في طريق دعوتك فلا تحزن ولا تستسلم، اصتبر وأصلح، واستغث بالله تعالى ولا تيأسن!



    فهذا نوح -عليه السلام- وهذا لوط - عليه السلام- ليكن لك فيهما سلوى، وإلا "فالنساء غيرها كثير، ولن يضيق الله عليك" .



    فإن أبيت – لعارض صبابة أو حاجة صبية : فصُدّ الداء بصبّ الصبر صبا، وإن صبأ صبر؛ فاصنع صبرا، واستمطر ديم الرضا بالقضاء .



    أجل .. لكل حظ من البلاء، وبعض البلاء أهون، والحمد مستصحب في كل حال، والرب كاشف للبلوى، سبحانه "ما ابتلى ليعذب، ولكن ليصطفي ويهذب" .



    ولها أقول :



    إن أهل العلم، أحباء الله([8]) والله تعالى يغار على وليه، فلا يؤذى([9])



    وكذلك تغار عليه زوجاته مُحبّاته الخوالي الخوالد من الحور العين، فلا يحزن ([10])



    وكذلك يحزن لحزنه الأبرار والأطهار من محبي العلم وأهله، فاقلعي وانقشعي – هداك الله تعالى .



    إننا في حاجة، بل ما أحوجنا إلى نقائه، إلى صفائه، إلى سكينته، إلى طمأنينته، لأثر ذلك على قوله وفعله([11]) .



    منبع هذه مع منابعه :



    ولودة ودودة متوددة، مرحة مؤنسة مهذبة، راضية مَرضية مُرضية، شاكرة – له- حامدة – لله تعالى- قانتة .



    في "الصحيح" عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ... ألا أخبركم بنسائكم في الجنة . قلنا بلى يا رسول الله، قال : ودود ولود، إذا غضبت أو أسيء إليها أو غضب زوجها، قالت : هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى" "صحيح الترغيب والترهيب" برقم(1941)



    بل واعتبر بل واعتبرن – مع بالغ الأسف وغاية الأسى- بحال نساء : الأمراء والأطباء والضباط، بل والتجار، وشغلهم – وهو شاغل- كشغله، وخطرهم – وهو رفيع- دون خطره، كيف لا يتأففن تأفككن ولا يجأرن مثلكن؟!!!



    أنه السفول والتدني "أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير" ؟!



    ولأجل ماذا ؟ أللدنيا !



    كيف "وأسعد الناس بها لكع بن لكع"([12])



    فـ "إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فالسراح([13]) وإلا البراح – احتسابا- في مراح، حتى القيام، وأنه لقريب .



    بل إن الواجب على عموم المؤمنات الالتزام بالشريعة، وحفظ الحقوق، ومن أعظمها بعد التوحيد والاتباع حق الزوج فالزواج، فكيف لو زاد على هذا الحق، حق إمامته – إمامة الناس إلى البرّ بحسبه وحسبهم؟! .



    بل إن من مستلزمات حُسن العشرة، حسن الصحبة، حسن التبعل : إغمار أهل العلم بمزيد من ذا، لما يعتلج طريقهم الذهني والحسي، العلمي والعملي، من أمواج الاضطرابات وزلازل الشبهات بل والشهوات .




    ([1]) على اعتبار قول من قال أن القرن أربعون عاما، وإلا ففي "النهاية" : "هو مقدار التوسط في أعمار أهل كل زمان, مأخوذ من الاقتران فكأنه المقدار الذي يقترن فيه أهل ذلك الزمان في أعمارهم وأحوالهم، وقيل القرن أربعون سنة وقيل ثمانون, وقيل مائة, وقيل هو مطلق من الزمان " "النهاية" لابن الأثير ص(747)


    ([2]) ذكر العلامة شمس الدين ابن القيم – رحمه الله تعالى – فيما ذكر عن شَرَك شرور شياطين الجن والإنس للصالحين والمصلحين، وحصرها في ستة أجناس:
    1-
    - شر الكفر والشرك ومعاداة الله ورسوله:
    2-
    - المرتبة الثانية من الشر وهي البدعة:
    3-
    - المرتبة الثالثة من الشر وهي الكبائر:
    4-
    - المرتبة الرابعة وهي الصغائر:
    5-
    - المرتبة الخامسة وهي إشغاله بالمباحات:
    6-
    - المرتبة السادسة وهو أن يشغله بالعمل المفضول عما هو أفضل منه:
    فإذا أعجزه العبد من هذه المراتب الست وأعيّ عليه، سلّط عليه حزبه من الإنس والجن بأنواع الأذى والتكفير والتضليل والتبديع والتحذير منه، وقصد إخماله وإطفاءه ليشوش عليه قلبه، ويشغل بحربه فكره، وليمنع الناس من الإنتفاع به فيبقى سعيه في تسليط المبطلين من شياطين الإنس والجن عليه، و لا يزال المسلم في جهاد حتى يلقى الله تعالى .




    ([3]) إذا .. يخرج عن حديثي : رجل أهمل امرأته وأهدر حق تعليمها، حتى جنى بكاءا أبكى حاله، وأنكى مع فكره فؤاده، هذا يقال له " يداك أوكتا وفوك نفخ"



    ويخرج كذلك، رجل : أهدر وقته وجهده وضيّع مع عياله ماله، دون تأهيل أو تحصيل، فجمع بين الإهدار والإهمال .



    ويخرج كذلك : طالب لم يحقق الكفاية وجنح إلى أوساخ الناس، مُريقا ماء وجهه، مذلا لوجاهته، خارما لمروءته، مضعفا لحقه وقوله وقبوله .




    ([4]) في "الصحيح" قال رسول الله – صلى الله عليه وإخوانه وآله وسلم : " ... إني رأيت الجنة أو أريت الجنة فتناولت منها عنقودا ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا . ورأيت النار فلم أر كاليوم منظرا قط ورأيت أكثر أهلها النساء . قالوا : لم يا رسول الله . قال : بكفرهن . قيل : يكفرن بالله . قال : يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط" "صحيح سنن النسائي" (3/146) برقم(1493)




    ([5]) في الصحيح : " من السعادة : المرأة الصالحة تراها فتعجبك ، وتغيب عنها فتأمنها على نفسها ومالك ...

    ومن الشقاء : المرأة التي تراها فتسوؤك، وتحمل لسانها عليك، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك ..." "صحيح الترغيب والترهيب"برقم(1915) .




    ([6]) تكرار الأمر النبوي بمراعاة الحقوق، واعتبار حق الأهل، من ذلك :



    قوله نبينا – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم - لعبد الله بن عمرو : " إن لزوجك عليك حقا " متفق عليه .



    بل هو من حديث عبد الله بن عمرو – رضي الله تعالى عنهما- نفسه! قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار، وتقوم الليل؟ قلت : بلى يا رسول الله، قال : فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقا، وان لعينيك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا" أخرجه البخاري(3/446،4/143) ومسلم (3/162)



    وفي رواية ذات ذيادة، قال : " يحيى بن أبي كثير أن أبا سلمة حدثه أن عبد الله قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم حجرتي فقال ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار قال بلى قال فلا تفعلن نم وقم وصم وأفطر فإن لعينك عليك حقا وإن لجسدك عليك حقا وإن لزوجتك عليك حقا وإن لضيفك عليك حقا وإن لصديقك عليك حقا وأنه عسى أن يطول بك عمر وإنه حسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثا فذلك صيام الدهر كله والحسنة بعشر أمثالها قلت أني أجد قوة فشددت فشدد علي قال صم من كل جمعة ثلاثة أيام قلت أني أطيق أكثر من ذلك فشددت فشدد على قال صم صوم نبي الله داود عليه السلام قلت وما كان صوم داود قال نصف الدهر" "صحيح سنن النسائي"(4/210) برقم(2391)



    وعن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال : آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم بين سلمان وبين أبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة . فقال : ما شأنك متبذلة ؟! قالت : إن أخاك أبا الدرداء ليس له حاجة في الدنيا .

    قال : فلما جاء أبو الدرداء قرب إليه طعاما . فقال : كل فإني صائم . قال : ما أنا بآكل حتى تأكل . قال : فأكل .

    فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء ليقوم، فقال له سلمان : نم . فنام، ثم ذهب يقوم، فقال له : نم . فنام، فلما كان عند الصبح قال له سلمان : قم الآن . فقاما فصليا .

    فقال : إن لنفسك عليك حقا، ولربك عليك حقا، ولضيفك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه .

    فأتيا النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرا ذلك، فقال له : صدق سلمان" "صحيح جامع الترمذي"(4/608) برقم(2413)



    وعن أمنا الطاهرة، أم المؤمنين المبرأة، عائشة – رضي الله تعالى عنها – قالت : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى عثمان بن مظعون فجاءه فقال يا عثمان أرغبت عن سنتي قال لا والله يا رسول الله ولكن سنتك أطلب قال فإني أنام وأصلي وأصوم وأفطر وأنكح النساء فاتق الله يا عثمان فإن لأهلك عليك حقا وإن لضيفك عليك حقا وإن لنفسك عليك حقا فصم وأفطر وصل ونم" "صحيح سنن أبي داوم"(2/48) برقم(1369)



    والحديث له أصل في الباب أصيل : قالت الصديقة بنت الصديق – رضي الله تعالى عنهما : " دخلت على خويلة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمية وكانت عند عثمان بن مظعون، قالت : فرأى رسول اللة صلى الله عليه وسلم بذاذة هيئتها فقال لي : يا عائشة ما أبذ هيئة خويلة! قالت : فقلت يا رسول اللة إمرأة لها زوج يصوم النهار، ويقوم الليل، فهى كمن لا زوج لها ، فتركت نفسها وأضاعتها، قالت : فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم، إلى عثمان بن مظعون، فجاءه فقال : يا عثمان أرغبة عن سنتى؟! قال : فقال : لا والله يا رسول، ولكن سنتك أطلب، قال : فإني أنام وأصلى ، وأصوم وأفطر، وأنكح النساء، فاتق الله يا عثمان، فإن لأهلك عليك حقا، وإن لضيفك عليك حقا، وإن لنفسك عليك حقا، فصم وأفطر، وصل ونم" "إرواء الغليل"(7/78-79)



    وهناك رواية ذات دلالة، وفيها : " يا عثمان إني لم أومر بالرهبانية أرغبت عن سنتي قال لا يا رسول الله قال إن من سنتي أن اصلي وأنام وأصوم وأطعم وانكح واطلق فمن رغب عن سنتي فليس مني . يا عثمان إن لأهلك عليك حقا ولنفسك عليك حقا



    عن سعد بن أبي وقاص قال لما كان من أمر عثمان بن مظعون الذي كان من ترك النساء بعث إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال ( فذكره ) قال سعد فوالله لقد كان أجمع رجال من المسلمين على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إن هو أقر عثمان على ما هو عليه أن نختصي فنتبتل" "السلسلة الصحيحة"(1/750) برقم(394) .




    ([7] ) في "الصحيح" عن أبي هريرة – رضي الله تعالى عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح" "صحيح سنن أبي داود"(2/244) برقم(2141)

    قلت :

    فإذا كان لحاجة من حاجات، في وقت من أوقات، مراعاة لحق من حقوق، لزوج من أزواج، فكيف ؟!

    إذا كان هذا الوعيد الشديد لرفض دعوى حظ النفس، فكيف برفض بل وإعاقة الدعوة إلى الصلاح والإصلاح، كيف ؟!


    ([8]) في قول الله تعالى:"ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال أنني من المسلمين" سورة "فصلت" الآية(33)

    قال الحسن البصري رحمه الله تعالى : "هذا حبيب الله هذا ولي الله هذا خيرة الله، هذا أحب أهل الأرض لله" "الزهد" لابن المبارك (2/841) وانظر"تفسير القرآن العظيم"للحافظ ابن كثير (4/109) تفسير آية "فصلت" ط. دار المعرفة




    ([9]) وفي كون أهل العلم الأتقياء أولياء الله تعالى وبيان أرجى فعالهم، وله تعلق بابنا : قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :" إن لله عند كل بدعة كيد بها الإسلام ولياً من أوليائه يذبّ عنها وينطق بعلاماتها، فاغتنموا حضور تلك المواطن، وتوكلوا على الله" "بدائع التفسير"مجموع تفسير ابن القيم(4/104) جمع: يسري السيد .



    وقال العلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى : "ورثة الأنبياء، سادات أولياء الله – عزّ وجلّ" "مفتاح دار السعادة"(1/262)



    وفي بيان خطر إيذائهم – حسا ومعنى: في "صحيح الإمام البخاري" رحمه الله تعالى عن أبي هريرة – رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال فيما يرويه عن ربه : " إن الله تعالى قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلى مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه وإن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته" ‌




    ([10]) دليل ذلك : في "الصحيح" عن معاذ - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال : " لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين : لا تؤذيه قاتلك الله! فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا" "صحيح الجامع" برقم(7192)




    ([11]) ومن تأمل تراجم المتقدمين يجد أن المؤرخين يتعرضون حال الترجمة إلى نشأته وحالته الاجتماعية وأيامه السياسية استصحابا في فهم ما يكتب ويفعل، واعتبارا لمقصده باستصحاب حاله وحال من حوله .




    ([12]) دليل ذلك : قول رسول الله – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم : " لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لكع ابن لكع" " صحيح الجامع" برقم(7431)‌

    ‌قال أبو السعادات : " اللكع عند العرب : العبد، ثم استعمل في الحمق والذم، يقال للرجل: لكع . وللمرأة : لكاع .

    وأكثر ما يقع في النداء : وهو اللئيم، وقيل : الوسخ . وقد يطلق على الصغير" "النهاية في غريب الحديث"ص(842-843) ط. دار ابن الجوزي




    ([13]) قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله تعالى- تحت آية التخيير، كسلوى لك في التحمل والتجمل عند النوازل والنوائب : " هذا أمر من الله - تبارك وتعالى- لرسوله - صلى الله عليه وسلم- بأن يخير نساءه بين أن يفارقهن فيذهبن إلى غيره ممن يحصل لهن عنده الحياة الدنيا وزينتها، وبين الصبر على ما عنده من ضيق الحال، ولهن عند الله تعالى في ذلك الثواب الجزيل، فاخترن رضي الله عنهن وأرضاهن الله ورسوله والدار الآخرة، فجمع الله تعالى لهن بعد ذلك بين خير الدنيا وسعادة الآخرة"
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية رد: نساء فوق النساء

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 04.02.10 11:05

    أعود فأقول :



    إن كريما نبيلا اختصه الله تعالى وشرفه بالعلم، وأخذ بناصيته لسلوك سبيله، فترك لشرفه طرف الرقاد مع طيب المهاد، وزهد في كثير من المباحات، وأهلك وقته وبدنه وماله احتسابا لتحصيله، وطمعا في تعميمه، لقمن بكل إعزاز، وجدير بكل تعزير .



    إن كريما عظيما .. تخطت همومه نفسه، علت روحه فسمت، أبت من سموها التدني، وسمت عن الأنانية، ليعمّ خيره الأرجاء والأنحاء، قمن بالإعزاز والإعزار والاعتذار – إن قام سببه .



    يا هنتاه، عليه غرمه، ولك غنمه، هو يشقى ويصعد، وأنت – وإن كنت- تبعا له في غنمه .



    اجعلي من أمك خديجة ـ رضي الله عنها ـ قدوة حسنة وأسوة صالحة؛ فقد كانت العضد الأقوى، والساعد الأشد لزوجها – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم - في دعوته؛ حيث صدقته ونصرته بل وزمَّلتـه وقالت له قولتها الشهيرة : " والله لا يخزيك الله أبداً..." الحديث ([1])



    ليكن لك في أم زرع عبرة؟! ([2])



    كوني رفيقة رقيقة، ودودة وادعة، لقد كان مما وصفت به ابنة سعيد بن المسيب- رحمهما الله تعالى : "... إن تكلمت أحسن الكلام، و إن سكتت على أجمل مقام" في دلالة على كمال علم وعقل، فانهلي من منهلها، وارتوي من مشربها، ترزقي؛ والأمة ولادة، والخير باق .



    كوني كريمة مصونة، لا تكوني خرّاجة ولاجة([3]) ولا تكوني رادة([4]) بل "زُر غبا تزدد حبا" وفي الزيارة آداب، تحتاج للكتاب زيارة .



    إن الحليلة الصالحة والزوجة الموافقة التي تحمد عشرتها، وتسعد صحبتها، يطيب معها العيش، ويعيش معها الخير .



    والبلاء كله موكل بالقرينة السوء التي لا تسكن النفس إلى كريم عشرتها، ولا تقر العين برؤيتها، ولا تستأمن صحبتها .



    في "الصحيح" قال رسوله الله – صلى الله تعالى عليه وسلم : " ... ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرجل الحازم من إحداكن..." متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله تعالى عنه .



    ألا فاحذري :



    لا تتكئي على النّسبة دون السيرة([5])، فأهل العلم أهل صدق : صدق في المعتقدات، صدق في الأقوال، صدق في الأفعال .



    صدق موجب لقول الحق ولو على النفس والأقربين([6]) فالحذر .. الحذر .



    وفي الجملة، أقول : يا نساء الدعاة لستن كأحد من النساء؛ إن اتقيتن واستفدتن .



    ولهما أقول :



    الله .. الله في صحبة قوامها الصبر مع التناصح والتواصل والتواصي .



    الله .. الله في استثمار أيامنا في سمو إيماننا، ونمو لأعمالنا، وذكر حسن لمن بعدنا .



    الله .. الله في جعل الله تعالى نصب أعيننا في جميع أقوالنا وأعمالنا .



    الله .. الله في أثركم وتأثيركم في إخوانكم ومن حولكم، فالصدق الصدق – صدق المعتقدات والأقوال والأفعال .



    ولأبنائهما أقول :



    إن أباكم يصنع مجدا، يبني عزا، ارقبوه، وبلحظكم اتبعوه، ولفظه احفظوه، ونهجه اتبعوه، تربحوا .



    غنيمتكم مجلس أبيكم وأقرانه، رياضه – رياض الجنة([7])- هي بغيتكم وحسبكم؛ فارتعوا فيها وانعموا، وليكن لكم في حال العظيم ابن العظيم – عبد الله بن عمر – رضي الله تعالى عنهما- أسوة، وفي مآله قدوة .



    حاجة ملحة، هي حاجة أبناء الداعية إلى أم مؤمنة متميزة، مضحيّة متفانية، تتحمل تبعات إصلاحهم راضية، في حياة قويمة؛ أقامتها الاستقامة، لا هدر فيها ولا هذر، لا انشغال بترهات، ولا وقوف مع تفاهات، لا تهتك فانهيار .



    إنما توكل واصتبار، وهو أمر يسير على من يسره الله عليها، وقد سبقت سبقا .





    وللمقبلين على النكاح أقول :
    وإن تزوجت فكن حاذقـاً *** واسأل عن الغصن وعن منبته
    واسأل عن الصهر وأحواله *** من جـيـرة وذي قربتــه




    إن اختيار الشريك أمر من الأهمية بمكان .



    إن اصطفاءك للزوجة اختيار لمن تشركك في خاصتك وسرك، مطلع على باطن أمرك كذا ظاهره، فالأُمنية الأَمينة .



    تلمسوا – أرشدكم الله تعالى - نسمات البداية، للنهاية .



    تحسسوا – رحمكم الله تعالى- طريق الهداية؛ بالرعاية للرعاية .



    "اظفر بذات الدين تربت يداك" إن الظفر بذات الدين شرط أساس لإقامة أسرة مستمسكة متماسكة، متخلقة بأخلاق وقيم الدين الحنيف .



    ذات الدين مميزة عن غيرها في إقامة البرّ، وتمثل الخلق الحسن في كل أحوالها ومختلف شؤونها، في السر والعلانية، في الغيب والشهادة ·



    يشهد لهن بذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو القائل في حقهن: "خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش : أحناه على ولد في صغره وأرعاه على زوج في ذات يده" أخرجه الإمام البخاري .



    فالمح - يرحمك الله تعالى - القيد "صالح نساء" والحظ – أرشدك الله لطاعته- التعليل "أحناه على ولد" و"أرعاه على زوج"



    أجل .. المرأة الصالحة خير كنز يضاف إلى رصيد الرجل، هي فيض من السعادة يغمر البيت ويملؤه سرورا وإشراقا، هي ريحانة تشم، وأم تأم – تقصد .



    جاءت النصوص واصفة المرأة الصالحة بصفات حسان : تسر إذا نظر، تطيع إذا أمر، تحفظ إذا غاب .



    مرّد ذلك لكونها قانتة قائمة بأمر الله تعالى، تفعل المأمور وتجنب المحذور وترضى بالمقدور، هي – والحالة هذه- خير متاع الدنيا بزينتها وزهرتها.



    في صحيح الإمام مسلم، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم : " الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة"



    وأمر صلاحها سهل يسير – على من يسره الله تعالى عليه- إنه طاعة الله تعالى ورسوله – صلى الله عليه وإخوانه وسلم- فإذا كان، كان .



    ولا يتصورن قط صلاح دون تقوى ومراقبة، دون اتباع واحتساب .



    وما تقدم عام، يدخل فيه عموم المخاطبين ويشمل جموع المكلفين .



    وبعد هذا التوصيف ألتفت كعريّف – والرائد لا يكذب أهله- مقدما النصح إلى المؤالفة والمخالفة قائلا :



    عن علي – رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وإخوانه وآله وسلم : " إن في الجنة غرفا، ترى ظهورها من بطونها، وبطونها من ظهورها . فقام أعرابي، فقال : لمن هي يا رسول الله ؟ قال : " لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وأدام الصيام، وصلى لله بالليل والناس نيام" "صحيح سنن الترمذي" برقم(1616)



    قلت : وفيه : حق الغير وحق النفس، حق العامة والخاصة، حق الله تعالى وحق عباده، وهو ظاهر .



    أكرر ليتقرر :



    أنت أنت! أيها الحبيب الأريب : أيّاك إيّاك والتجول فالتحول، بالخضوع أمام رغبات مهينة، أو شهوات ذليلة!



    قال شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى : " أكثر ما يفسد الملك والدول طاعة النساء([8])" "الاقتضاء" ص(224)



    وأنت أيتها السوأة السّواء([9]) للبعل – السيد وهو هنا الزوج- حق عظيم، ومقام في شرعنا مكين، فكيف لو اجتمع له الحقان- السيادة والعلم- وكلاهما عظيم عظيم .



    فإن استعنتي أُُعنتي، وإن عجزتي فاستخيري وانخلعي، وإياك والكفر في الإسلام .



    أقول :



    يا نساء أهل العلم : "َلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً" سورة "النساء" الآية(32)



    هذا .. مع ضميمة قوله تعالى : " قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ" سورة "يونس" الآية(58)



    بذا يكون الفرح، وفي هذا الفرح مرح وفلاح، وأي فضل أعظم من الاختصاص بميراث النبوة، وأي فضل غاب عن صحبة الورثة ؟ فكيف بالمخالطة والمناكحة، ألا فلتشكر النعم؛ لتحفظ .



    يا نساء أهل العلم! تحت قوله تعالى : "فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه" الآية



    قال العلامة ابن عثيمين – رحمه الله تعالى : " الصالحات الموصفات بالصلاح :

    ( قانتات ) مديمات للصلاح لأن القنوت المراد به الدوام ويحتمل القانتات المطيعات لله .
    ( حافظات للغيب ) يحفظن ما غاب عن الناس وهو السر الذي يكون في بيت الزوج ويكون بينها وبين زوجها أيضا، فتجد المرأة الصالحة لا يمكن أن يطلع على ما في بيتها أحد .



    بل إذا سألت عن ما في بيتها قالت نحن في خير … فمن النساء من تكون شكاية فاضحة تحدث الناس بكل ما يكون في بيتها بل بعضهن والعياذ بالله يتجرأن أكثر من ذلك بينها وبين زوجها حتى في أمور السر التي لا يطلع عليها إلا الزوج – تحدث-

    هذه ليست من الصالحات في شيء . فقدت من الصلاح بمقدار ما فقدت من الحفظ" من تفسيره - رحمه الله تعالى- لسورة النساء"



    إن وجوب ستر حال أهل العلم- والسياق دال على المقصود- أمر ضروري، حاجة شرعية وعقلية وعرفية؛ لتظل صفحتهم نقيّة، وسيرتهم بهيّة، وآثارهم نديّة، للأثر الناجم .



    أجل .. إن الصالحة "القانتة : تمنح زوجها حسن السمع، وصدق المشاعر، وصفاء السريرة، ولطف العشرة ولين الجانب، كما تهبه نقاء الود وعذب الكلام :
    قُصَارُك مني النصحُ ما دمتُ حيَّة *** وودٌ كماءِ المزن غير مشوب
    وآخر شيء أنت لي عند مرقدي *** وأول شيء أنت عند هبوبي"




    فإذا كان هذا من حال الصالحة مع الصالح، فكيف الحال مع معلّم الناس الصلاح، مبيّن لهم مفرداته؟!



    وإذا كان حق أرباب الوجاهات الإقالة([10]) فما حق أعظم الناس وجاهة؟





    يا نساء أهل العلم : في قوله تعالى : " وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً " سورة "النساء" الآية(83)



    فإذا كان وجود العلماء ورجوع الناس إليهم دافع لنوازل النوازل نافع في كشفها، عُدّ من فضل الله، وهو كذلك - في إيماءة إلى فضل الله على من يرجع إليهم، والأثر السالم من ذلك- فكيف بالملاصق؟ كيف بالمصاحب؟ كيف لو كان مؤانس يا أنسة؟! ([11])



    ألا فاشكري النعمة، ومن شكرها، صيانته . وكفرها : أيذاؤه . وفي إيذائه : زواله .



    يا نساء أهل العلم : في قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" سورة "المائدة" الآية(54)



    بيان أن في الذلّ للمؤمن – عموما- محبة الله تعالى، فكيف بذلّ المرأة لبعلها، فكيف بالذلّ للزوج العالم ؟!! .



    يا نساء أهل العلم : في بيان أثر طالب العلم على زوجه وولده كما أمته، الأمر الموجب لرعايته - كفرع عن أثر الراعي في الرعية، وأثر صلاح الآباء على الأبناء- قول الكريم بن الكريم بن الكريم بن الخليل – صلى الله عليهم وعلى نبينا وإخوانهم وسلم- كما ذكر القرآن عنهم : " وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ" سورة "يوسف" الآية(38)



    إنه أثر العالم الرباني الحنيف على الأنحاء والأبناء، والأحفاد بل والبلاد، عصموا – بفضل الله تعالى- ثم بتعاليمه فذكروا([12]) .



    ولا ريب بدخول النساء في العصمة والخير، غير أنها سنّة الستر .



    يا نساء أهل العلم : إن حرمة نساء العلماء فرع عن حرمة العلماء، فكما يجب على الأمة رعايتها، واجب عليكن صيانتها.



    فقول المفسرين تحت قوله تعالى : "يا نساء النبي لستن كأحد من النساء" يتفرع عنه : نساء العلماء ورثة العلم، والتفاضل بالتقوى .



    ويتفرع عنه كذلك : صيانة حرمتها في ذاتها مشابهة بأمهات المؤمنين – رضي الله تعالى عنهن .



    وما يقال في عاليه، يقال تحت قوله تعالى : "أذكرن ما يتلى عليكن" خطاب يشملكن، تشهد به أحوالنا، فالناس يتيممون أهل العلم، ينهلون منهم، ونساؤهم لهم تبعا .



    واعتبري بحال أمنا العالمة بل أعلم نساء العالمين عائشة – رضي الله تعالى عنها- وابنة سيد التابعين ومالك وغيرهن كثير، وسيأتي .



    يا نساء أهل العلم : لقد دلّت الأحاديث الناطقة بفضل العلم وعلو كعب أهله دلالة تضمن على شرف حريمهم وعلو منزلتهم وجزيل أجرهم .



    فلئن كان لهم من الفضل الشيء العظيم؛ فلنسائهن حظ منه ليس باليسير .



    فإذا كان "الدال على الخير كفاعله"([13]) فكيف بالمعين المحتسب؟.



    إذ كان المتمني علو رتبته مشاطرا له ([14]) أيحرم المعين؟!



    إذا كان لمفطر الصائم([15]) ومجهز غازيا([16]) أجر كأجره، فكيف بمعين مطعم وغازي الأرواح ؟!



    إذا كان في جهاد النساء – الحج والعمرة- فضيلة، فكيف بجهادها العلمي - تطيبا وتطبيبا بل ومشاركة إن قويت- وهو فوق الأول .



    وإذا كان لحرم المجاهد حرمة([17])، فكيف بحرمة العالم، وهكذا دوليك .






    ([1]) عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : " أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال اقرأ . فقال ما أنا بقارئ . قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ . فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ . فقلت ما أنا بقارئ . فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرا باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . اقرأ وربك الأكرم . الذي علم بالقلم . علم الإنسان ما لم يعلم .

    فرجع بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجف فؤاده، فدخل على خديجة فقال زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال لخديجة وأخبرها الخبر لقد خشيت على نفسي

    فقالت خديجة : كلا والله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق

    ثم انطلقت به خديجة إلى ورقة بن نوفل ابن عم خديجة .

    فقالت له يا ابن عم اسمع من ابن أخيك . فقال له ورقة يا ابن أخي ما ذا ترى ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى .

    فقال ورقة هذا هو الناموس الذي أنزل الله على موسى يا ليتني فيها جذعا يا ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك .

    فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو مخرجي هم ؟

    قال: نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي" متفق عليه




    ([2]) في شرح حديث أم زرع قال الحافظ – رحمه الله تعالى : " حسن عشرة المرء أهله بالتأنيس، والمحادثة بالأمور المباحة ما لم يفض ذلك إلى ما يمنع.

    وفيه : إكرام الرجل بعض نسائه بحضور ضرائرها بما يخصها به من قول أو فعل، ومحله عند السلامة من الميل المفضي إلى الجور .

    وفيه : حضّ النساء على الوفاء لبعولتهن، وقصر الطرف عليهم، والشكر لجميلهم ...

    وفيه : ذكر المرأة إحسان زوجها"




    ([3]) حسّيا كان أو معنويّا، والأول ظاهر، والثاني : الهاتف، وله صور : تضيع الحقوق وتفويت الحاجيات، وإهدار الأوقات في مخابرات إخبارا واستخبارا، وما يتخللها من كشف لللسوءات، وفضح للعورات، وغيبة ونميمة، وأحيانا : كذب وقذف ... في موبقات .

    وما علمت الضائعة أن أوقاتها غالية وواجباتها متضافرة، فيها الشغل، وبها الفضل، ولها الجزاء الجزل .




    ([4]) في "لسان العرب"(5/366) امرأة رادة : إذا أكثرت الاختلاف إلى بيوت جاراتها .




    ([5]) ومما يذكر في المقام مما له تعالى ببابنا : ما قاله أبو الفرج ابن الجوزي - رحمه الله تعالى : " بلغني عن بعض الأشراف أنه اجتاز بمقبرة فإذا جارية حسناء عليها ثياب سواد، فنظر إليها فعلقت بقلبه فكتب إليها :
    قد كنت أحسب أن الشمس واحدة ... والبدر في منظر بالحسن موصوف


    حتى رأيتك في أثواب ثاكلة ... سود و صدغك فوق الخد معطوف

    فرحت والقلب مني هائم دنف ... و الكبد حرى و دمع العين مذروف

    ردي الجواب ففيه الشكر واغتنمي ... وصل المحب الذي بالحب مشغوف

    ورمى بالرقعة إليها، فلما قرأتها كتبت :
    إن كنت ذا حسب ذاك وذا نسب ... إن الشريف بغض الطرف معروف
    إن الزناة أناس لا خلاق لهم ... فاعلم بأنك يـوم الدين موقوف
    واقطع رجاك لحاك الله من رجل ... فإن قلبي عن الفحشاء مصروف




    فلما قرأ الرقعة زجر نفسه وقال : أليس امرأة تكون أشجع منك؟ ثم تاب إلى الله" "ذم الهوى" ابن الجوزي (1/81) .



    مما يدلّ – مع ما تقدم - على أن بيوت المؤمنين مع كون أساسها العبادة والورع كذا لُحمتها الحياء والعفاف .



    أجل .. نساء أهل العلم حمى مكين، وحصن حصين، لا يتسور فضلا أن يتصور؛ ليرى ظله! ناهيك عن رسمه!! فكيف مسّه؟!!!




    ([6]) ونستصحب في الباب هذا الأثر لتعلقه :

    قال أبو المليح – رحمه الله تعالى : جاء رجل إلى ميمون بن مهران – رحمه الله تعالى- يخطب بنته، فقال : لا أرضاها لك .

    قال : ولمَ؟ قال : لأنها تحبُ الجليَّ والحُللَ .

    قال : فعندي من هذا ما تريد .

    قال : الآن لا أرضاك لها " أهـ "سير أعلام النبلاء" للحافظ شمس الدين الذهبي رحمه الله تعالى (5/75) .


    ([7]) وفي وصف مجالس العلم بـ "رياض الجنة" قال رسول الله – صلى الله عليه وإخوانه وآله وسلم : " إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا . قال وما رياض الجنة . قال : حلق الذكر" "السلسلة الصحيحة"(6/130) برقم(2562)


    ([8]) فها هو الصحابي الكبير، المُعَلَم، ابن مسعود – رضي الله تعالى عنه : " أن امرأته سألته أن يكسوها جلبابا، فقال : إني أخشى أن تدعي جلباب الله الذي جلبك . قالت : وما هو؟ قال : بيتك" "لسان العرب" (1/82) ط. دار الثبات .




    ([9]) المرأة المخالفة "لسان العرب"(6/416)


    ([10]) دليل ذلك : قول رسول الله – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وسلم : " أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود" "صحيح الجامع‌" برقم(1185) من حديث أمنا الطاهرة عائشة – رضي الله تعالى عنها .




    ([11]) "... جارية آنسة من جوار أوانس، وهى : الطيبة النفس المحبوب قربها وحديثها ..." انظر "أساس البلاغة" للزمخشرى.




    ([12]) وهذه عائلة علم بسبب راعيها : إنها عائلة الحافظ ابن حجر العسقلاني، كانت له عناية فائقة بتدريس زوجاته وبناته الحديث النبوي، وبرز في عائلته غير واحدة أتقنت هذا العلم واشتهرت بالرواية، وإليك بيان ذلك بالتفصيل:



    أخته : أخته ست الركب بنت علي بن محمد بن محمد بن حجر العسقلانية (ت 798 هـ) كانت قارئة كاتبة، أعجوبة في الذكاء، أثنى عليها، وقال : "وكانت أمي بعد أمي" .

    وذكر شيوخها وإجازاتها من مكة ودمشق وبعلبك ومصر .

    وقال : " تعلمت الخط، وحفظت الكثير من القرآن، وأكثرت من مطالعة الكتب، فمهرت في ذلك جداً"

    وكان لها أثر حسن عليه، قال : " وكانت بي برة رفيقة محسنة " وقد رثاها بقصيدة عنها موتها .


    وقد ذكر السخاوي تحصيلها وإنجازاتها وزواجها وأولادها، وأفاد أن لها ابنة اسمها موز ( ت 850 هـ )، أخذت عن خالها ابن حجر، وأخذ عنها السخاوي، ولكنها لم تعمر، وماتت في حياة خالها وصلى عليها رحمها الله تعالى.



    زوجته : زوجته أنس ابنة القاضي كريم الدين عبدالكريم بن عبد العزيز ناظر الجيش، كان الحافظ ابن حجر حريصاً أشد الحرص على نشر العلم بين أهل بيته وأقاربه كحرصه على نشر العلم بين الناس، ومن بين الذين حرص عليهم زوجته أنس هذه .

    فقد أسمعها من شيخه حافظ العصر عبدالرحيم العراقي الحديث المسلسل بالأولية، وكذا أسمعها إياه من لفظ العلامة ابن الكويك، وأجاز لها باستدعاء عدد من الحفاظ، منهم: أبو الخير ابن الحافظ العلائي، وأبو هريرة عبدالرحمن ابن الحافظ الذهبي، ولم تكن الاستدعاءات لها لتقتصر على المصريين فقط، بل من الشاميين والمكيين واليمنيين.
    وقد لمع نجم أنس هذه في علم الرواية في حياة زوجها، وكان في بعض الأحيان يداعبها بقوله : "قد صرت شيخة"، وكان زوجها يكن لها الاحترام الكبير، كما كانت هي عظيمة الرعاية له .

    وقد حدثت بحضور زوجها، وقرأ عليها الفضلاء .


    - بناته :

    ابنته زين خاتون ( ت833 هـ ) اعتنى بها أبوها واستجاز لها في سنة ولادتها ( 802 هـ ) وما بعدها، وأسمعها على شيوخه كالعراقي والهيثمي، وأحضرها على ابن خطيب دارياً، وتعلمت القراءة والكتابة، وولدت يوسف بن شاهين المعروف بـ ( سبط ابن حجر ) الذي كانت له عناية بكتب جده، وكتب من أماليه، وصنف ونسخ كتب ابن حجر.
    ولم تظهر لابنته زين خاتون رواية، ولم تشتهر بذلك لوفاتها شابة سنة(833هـ) عن نحو ثلاثين سنة وهي حامل، بالطاعون رحمها الله تعالى


    -
    ابنته فرحة 828 هـ ) استجاز لها أبوها مع أمها واعتنى بها، وأسمعها من مشايخه.



    - ابنتاه فاطمة وعالية ( كلاهما 819 هـ ) بالطاعون، استجاز لهما أبوهما ابن حجر من جماعة.



    - ابنته رابعة ( ت 832 هـ ) أسمعها والدها على المراغي بمكة سنة 815 هـ ، وأجاز لها جمع من الشاميين والمصريين.



    وبالمناسبة : فإن ابن حجر - رحمه الله تعالى - سمي بذلك؛ لأنه كان يطلب العلم ويكتبه على الحجر من شدة فقره، ولم يكن لديه وسيلة أخرى يدون عليها العلم .

    فهذا نموذج لعائلة متميزة علمياً، كان الأب العالم على رغم كثرة انشغاله إلا أنه يهتم بتعليم زوجته وأخته وبناته" بتصرف من مقال بعنوان : " رجـال طلبوا العلم على أيدي النساء" على شبكة المعلومات الدولية .




    ([13]) دليل ذلك، قول نبينا [
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية رد: نساء فوق النساء

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 04.02.10 11:11

    يا نساء أهل العلم : في قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم : " ليس منا من خبّب امرأة على زوجها([1]) ..." "صحيح الترغيب والترهيب" (2/448) باب الترهيب في إفساد على زوجها والعرض على سيده ، برقم (2014) .

    قلت : فكيف من أفسد التابع على المتبوع؟!! والأول لصلاح دنيا، والأخير لصلاح الدنيا وفلاح الأخرة .

    يا نساء أهل العلم : لقد حفل تأريخنا وأحفا وبل واحتفل بذكر نساء صالحات مؤازرات مُأزات على البرّ :

    فقد روينا فارتوينا، بل حدثنا وعاصرنا ممنونين ميمونين عن مؤازرات لأهل العلم من ذويهم :

    فهذه عظيمة توقف كل ما تملك على دعوة زوجها نبيها .

    وهذا صدّيق ينخلع من كل ما يملك – لله تعالى، ثم - لحسن الصحبة وبقاء الأسوة ويصدّقنه على ذلك بناته، ليشاطرنه مع الذكر الأجر، في احتساب حابس عن ضجر أو تسخط أو سوء ظن، أو فقد ثقة، في عظمة متناهية .

    وقريب من ذا عظيمة تجمع أولادها وتخرج من زاهي بساتينها الموقوف لله([2]) مهنئة بعلها بربحه، وهي الرابحة .

    وثالث : يقرأ وأخته – يا حُسنها- تلقمه الطعام .

    ورابع : في الخلاء وأخوه يقرأ له خارجه، يا له من همام .

    وخامس : يفني مال أبيه في شراء الكتب والسفر للتحصيل؛ حتى غدا العدل إماما في الجرح والتعديل .

    وسادس : تلبسه أمه العمامة وتكفيه؛ فيصير – بإذن الله تعالى- إماما .

    وسابع : يدخل السجن مع أخيه شيخ الإسلام يخدمه ، و... إلخ

    مواقف شاهدة على عزّ وحب، على إيثار وبرّ، قاضية بطهارة الجنان والأركان، معلنة عن عظمة الإسلام، لله درهم، وطوبى لهم وحسن مآب، وفي الأمة خير، والخيرية باقية .


    يا نساء أهل العلم : بيوتات أهل العلم ذات ثمرات يانعة؛ فاحفظنها مُطيّبة زاهية([3]) .

    إن البحبوحة العامة في العيش في رحاب الإيمان، والإيمان وراء الاستقرار الآمن – أمن الصدور والدور- والإيمان بالعلم يدرج، والعلم منشأه الوحي، وحياته الحفاظ على أصولنا، ونفائس أسلافنا – الكتاب والسنة وفق فهم سلف الأمة- الأمر الذي كان وراء تزكية نفوسنا وسموها، وازدهار الثمرات اليافعة اليانعة الماتعة التي انتفع بها أنام عبر الأيام على كرّ الأعصار ومختلف الأمصار .

    فصل : في ذكر طرف من أثر أهل العلم على ذويهم تهييجا :





    إن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الحاضّة على العلم، الحاثّة على طلبه : " تدلّ دلالة قاطعة على أن نهضة الأمم تكمنفي طلبها للعلم والتوسع في شتى المعارف والعلوم النافعة .



    ثم إن هذا الخطاب عام لكلالناس رجالا ونساء، فهمه الرجال كما فهمه النساء، وهمّ كل منهما إلى طلبه بكل الوسائلالممكنة، وأهمها الحرص على حلقات العلم... حيثحرصت المرأة المسلمة أشد الحرص على العلم في المجالس العامة والخاصة، ونهلت من نفسالنبع الذي نهل منه الرجل، فكن عالمات متفقهات لا فرق بينهن وبين الرجال



    حتىالإماء وبفضل الإسلام أصبحن حرائر، وتعلمن العلوم الكثيرة بفضل التوجيه النبويالقائل : "ثلاثة لهم أجران رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد صلى الله عليهوسلم والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه، ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسنتأديبها، وعلمها فأحسن تعليمها ثم اعتقها فتزوجها فله أجران" أخرجه الإمام البخاري في كتاب العلم باب تعليم الرجل أمته وأهله·



    هكذا كانت المرأة المسلمة نبراسا يضاء بعلومها ويستنار به من لدن كبار المحدثينوالعلماء، بل كانت لهن مجالس يفد إليهن طلاب وطالبات العلم



    وكان حرص النساء على طلب العلم الشرعي والاهتمام به منذ عهد النبي - صلي الله عليه وسلم - فقد روى أبو سعيد الخدري، وأبو هريرة - رضي الله عنهما- أن النساء قلن لرسول الله - صلي الله عليه وسلم : « اجعل لنا يومًا كما جعلته للرجال قال : فجاء إلى النساء فوعظهن وعلمهن » أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (1/421) .



    وكذلك كل أمهات المؤمنين - رضوان الله عليهم - جميعًا، وأغلب نساء الصحابة أيضًا، في أعداد هائلة من النساء ساهمن في نشر الخير، وإذاعة البرّ، وإشاعة الهدى، لله درهن .



    ومن ذلك، بل في مقدمة ذلك، أعلم نساء العالمين، كيف لا وهي زوجة متقدم وأعلم المكلفين، عائشة – رضي الله تعالى عنها.

    الصديقة بنت الصديق، عائش أم المؤمنين، العالمة المعلمة، بل المراجعة المستدراكه، بل والمرجوع أحياناً في بعض القضايا الخاصة والعامة، تأويلا – كما تقدم .



    قال عنها مؤرخ الإسلام شمس الدين الذهبي – رحمه الله تعالى : " أفقه نساء الأمة على الإطلاق" "سير أعلام النبلاء"(2/135) "روت عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم : علما كثيرا طيبا مباركا، وحدث عنها خلق كثير ..." "سير أعلام النبلاء" (2/189)



    وقال أبو محمد عطاء بن رباح - رحمه الله تعالى : « كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأياً » " سير أعلام النبلاء" (2/185) .

    وفيها قال الزهري – رحمه الله تعالى : " لو جمععلم عائشة إلى علم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل" "سير أعلام النبلاء" (2/185)



    ويقول عروة - ابن أختها : " لقد صحبت عائشة فما رأيت أحداً قط كان أعلم منها بآية نزلت، ولا بفريضة ولا بسنة ولا بشعر ولا أروى له ولا بيوم من أيام العرب ولا بنسب ولا بكذا ولا بفضائل .

    فقلت لها : يا خالة! الطب من أين علمتيه؟ فقالت: كنت أمرض فينعت الشيء، ويمرض المريض فينعت له، وأسمع الناس ينعت بعضهم لبعض فأحفظه" "سير أعلام النبلاء" لمؤرخ الإسلام(2/183) وقال محققه: رجاله ثقات .



    هذا .. وخلّفت – رضي الله تعالى عنها- لبنات جنسها علما وفهما، وهمة وورعا، الأمر الذي رفع شأنهن، فقصدهن الأكابر، وجلس إليهن الأماجد :



    جاء في "صحيح الأدب المفرد" باب الكتابة إلى النساء وجوابهن : "عن عائشة من طلحة قالت : قلت لعائشة وأنا في حجرها ، وكان الناس يأتونها من كل مصر، فكان الشيوخ ينتابوني([4]) لمكاني منها، وكان الشباب يتأخوني([5]) فيهدون إليّ ويكتبون إليّ من الأمصار، فأقول لعائشة : يا خالة هذا كتاب فلان وهديته، فتقول لي عائشة : أي بنيّة .. فأجيبه وأثيبيه، فإن لم يكن عندك ثواب أعطيتك، فقالت : فتعطيني" قال العلامة الألباني –رحمه الله تعالى : حسن الإسناد ، انظر "صحيح الأدب المفرد للإمام البخاري" للعلامة الألباني ص(431-432) ط. دار الصديق ، الطبعة الأولى 1414هـ.



    وشبيها بما تقدم : زوجة الصحابي العالم أبي الدرداء- رضي الله تعالى عنه-قال الإمام الحافظ ابن كثير – رحمه الله تعالى- في ترجمته لأم الدرداء الصغريالتابعية– رحمها الله تعالى :


    "
    إسمها هجيمة ويقال جهيمة تابعية عابدة عالمة فقيهة كانالرجال يقرؤن عليها ويتفقهون في الحائط الشمالي بجامع دمشق، وكان عبد الملك بنمروان يجلس في حلقتها مع المتفقهة يشتغل عليها وهو خليفة، رضي الله عنها "اهـ "البداية والنهاية"(9/47)

    ومن بعدها : الشيخة أم فاطمة عائشة بنتإبراهيم : ذكرها الحافظ ابن كثير – رحمه الله تعالى- مطنبا : "... الشيخةالعابدة الصالحة العالمة قارئة القرآن أم فاطمة عائشة بنت إبراهيم بن صديق زوجةشيخنا الحافظ جمال الدين المزي... كانت عديمة النظير في نساء زمانها لكثرة عبادتها وتلاوتهاوإقرائها القرآن العظيم بفصاحة وبلاغة وأداء صحيح يعجز كثير من الرجال عن تجويدهوختمت نساء كثيرا

    وقرأ عليها من النساء خلق وانتفعن بها وبصلاحها ودينها وزهدها فيالدنيا وتقللها منها مع طول العمر بلغت ثمانين سنة أنفقتها في طاعة الله صلاةوتلاوة

    وكان الشيخ محسنا إليها مطيعا لا يكاد يخالفها لحبه لها طبعا وشرعا فرحمهاالله وقدس روحها ونور مضجها بالرحمة آمين "اهـ "البداية و النهاية" المجلد الرابع عشر سنة إثنتين وأربعين وسبعمائة

    قلت : هذه النجيبة، تلميذة نجيبة أخذت عن النجيب، واستقت من صحبته الصلاح والإصلاح : أعني : الشيخة الصالحة العابدة الناسكة أم زينب بنت عباس .

    قال عنها الحافظ ابن كثير – رحمه الله تعالى : "الشيخة الصالحة العابدة الناسكة أم زينب فاطمة بنتعباس بن أبي الفتح بن محمد البغدادية ... كانت منالعالمات الفاضلات تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر وتقوم على الاحمدية في مؤاخاتهمالنساء والمردان وتنكر أحوالهم وأصول أهل البدع وغيرهم وتفعل من ذلك ما لا تقدر عليهالرجال

    وقد كانت تحضر مجلس الشيخ تقي الدين ابن تيمية فاستفادت منه ذلك وغيره

    وقدسمعت الشيخ تقي الدين يثنى عليها ويصفها بالفضيلة والعلم

    ويذكر عنها أنها كانتتستحضر كثيرا من المغنى او أكثره

    وأنه كان يستعد لها من كثرة مسائلها وحسن سؤالاتهاوسرعة فهمها

    وهي التي ختمت نساء كثيرا القرآن منهن أم زوجتي عائشة بنت صديق زوجةالشيخ جمال الدين المزي

    وهي التي أقرأت ابنتها زوجتي امة الرحيم زينب رحمهن اللهواكرمهن برحمته وجنته آمين" اهــ "البداية والنهاية" للإمام الحافظ ابنكثير المجلد الرابع عشر سنة ست عشرة وسبعمائة .



    هذا .. وإن ذكر العالمات الفقيهات المحدثات، ذكرت أم الكرام البكر([6]) كريمة المروزية – لا الشامية : " كانت عالمة صالحة سمعت صحيح البخاري على الكشميهني وقرأ عليها الأئمة كالخطيب وأبيالمظفر السمعاني وغيرهما" اهـ "البداية والنهاية"المجلد الثانيعشر سنة ثلاث وستين وأربعمائة هجريا

    وكذلك يذكر ابن سعد – رحمه الله تعالى- في"الطبقات" أن معاذة العدوية كانت نموذجا في طلب العلم وتطبيقه، يقول عنها جعفر بنكيسان : " رأيت معاذه محتبية والنساء حولها " " الطبقات الكبرى" لابن سعد (8/483)·



    نساء ساهمن في تعليم أزواجهن وأولادهن :



    لقد حرصت الصالحات بعد إصلاح نفوسهن على إصلاح نفوس أزواجهن وأولادهن، بتوجيههم إلى العلم والتفقه فيالدين

    فمن قبيل الأول : ابنة سعيد بن المسيب - وهو سيد التابعين وأكثرهم علماً وفقهاً -كانت من أحسن النساء وأكثرهن أدباً وعلماً وأعلمهن بكتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وإخوانه وآله وسلم- خطبها الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان لأبنه، فأبى أبوها، وزوجها لتلميذ من تلامذته، وكان فقيراً، فأرسل إليه بخمسة آلاف درهم .

    وقال : استنفق هذه، فلما جاء الصباح أراد كثير بن وداعة الخروج إلى حلقة سعيد بن المسيب فقالت له : إلى أين ؟ قال : إلى حلقة سعيد أتعلم العلم . فقالت : اجلس أعلمك علم سعيد بن المسيب، فجلس فعلمته" انظر"سير أعلام النبلاء" (4/233).



    وكذلك كانت أم عيسىبنت إبراهيم الحربي – رحمهما الله تعالى : " كانت عالمة فاضلة تفتي في الفقه..." "البداية والنهاية" المجلد الحادي عشر سنةثماني وعشرين وثلثمائة

    وهذا الكاساني تفقه على السمرقندي – رحمهما الله تعالى- وكان الأخير عنده حسناء حافظة لتحفة أبيها الفقهية، طلبها الملوك فأبى السمرقندي، بزّ الكاساني بين الطلبة وجدّ وصنّف "البدائع" شرح "التحفة" وعرضه على شيخه فسرّ به وزوّجه ابنته، بل وجعله مهرها، قال العلماء "شرح تحفته فزوجّه ابنته" .



    وهذه برّة نقية، تمدح كتاب زوجها :في "مسالك الهداية" لبنت الباعوني زوجة القسطلاني في كتابه "المواهب" :
    كتاب المواهب ما مثله*** كتاب جليل وكم قد جمعإذا قال غمر لهمشبه *** يقول الورى منك لا يستمع





    ومن قبيل الثاني : ما رواه وكيع – رحمه الله تعالى- قال : قالت أم سفيان لسفيان : اذهب، فاطلب العلم حتى أعولك بمغزلي، فإذا كتبت عدة عشرة أحاديث، فانظر هل تجد نفسك زيادة، فاتبعه، وإلا، فلا تتعنَّ" "سير أعلام النبلاء" (7/269)



    وقد فقه هذا الخلق، وكان يقول – رحمه الله تعالى : " ينبغي على الرجل أن يكره ولده على العلم، فإنه مسؤول عنه" "سير أعلام النبلاء" (7/273)



    " وقال يوسف بن أحمد الشيرازي في كتابه "أربعين البلدان" : " يا ولدي .. تعلم أني رحلت أيضاً لسماع "الصحيح" ماشياً مع والدي، من هراد إلى الداودي ببوشنج، ولي من العمر دون عشر سنين، فكان والدي يضع على يدي حجرين، ويقول : احملهما . فكنت من خوفه أحفظهما بيدي، وأمشي وهو يتأملني، فإذا رآني قد عييت أمرني أن ألقي حجراً واحداً، فألقي، ويخف عني، وأمشي إلى أن يتبين له تعبي، فيقول لي : هل تعبت؟

    فأخافه وأقول : لا .

    فيقول : لمَ تقصر في المشي ؟ فأسرع بين يديه ساعة، ثم أعجز، فيأخذ الحجر الآخر فيلقيه، فأمشي حتى أعطب، فحينئذ كان يأخذني ويحملني"أهـ "صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل" لعبد الفتاح أبي غدة ص(77) الطبعة الثالثة لسنة 1413هـ ـ 1992م ، ط. دار القلم.



    وعن إحداهن يقول نوح الأسود : "رأيت امرأة تأتي أبا عبد الله البراثيفتجلس تسمع كلامه، ولا تكاد تتكلم ولا تسأل عن شيء، فقلت لها ذات يوم لا أراك -يرحمك الله- تتكلمين ولا تسألين عن شيء؟

    فقالت: قليل خير من كثير إلا ما كان منذكر الله، والمنصت أفهم للموعظة، ولن ينصحك امرؤ لا ينصح نفسه .

    وجملة الأمر يا أخي : إن أردت الله بطاعة أرادك برحمة، وإن سلكت سبيل المعرضين فلا تسلم إلا نفسك، إذاصرت غدا في زمرة الخاسرين·



    وقال: وسمعتها تعظ ابنها يوما وتقول :

    ويحك يابني، احذر بطالات الليل والنهار، فتنقضي مهلات الأعمار وأنت غير ناظر لنفسك ولامستعد لسفرك .

    ويحك يا بني! ما من الجنة عوض، ولا في ركوب المعاصي ثمن من حلول النار·

    ويحك يا بني! مهد لنفسك قبل أن يحال بينك وبين ذلك، وجد قبل أن يجد الأمر بك، واحذرسطوات الدهر وكيد الملعون عند هجوم الدنيا بالفتن وتقبلها بالعبر، فعند ذلك يهتمالتقي كيف ينجو من مصائبها

    ثم قالت: بؤسا لك يا بني إن عصيت الله وقد عرفته وعرفتإحسانه، وأطعت إبليس وقد عرفته وعرفت طغيانه" "صفة الصفوة" رقم الترجمة (368)

    والحديث ذو شجون، وإجمالا نقول :



    " نبغ في مختلف مراحل التاريخ الإسلامي الآلاف من العالمات المبرزات والمتفوقات في أنواع العلوم وفروع المعرفة... وقد ترجم الحافظ ابن حجر في كتابه «الإصابة في تمييز الصحابة» لثلاث وأربعين وخمسمائة وألف امرأة، منهن الفقيهات والمحدثات والأديبات .



    وذكر كل من الإمام النووي في كتابه « تهذيب الأسماء واللغات» والخطيب البغدادي في كتابه « تاريخ بغداد » والسخاوي في كتابه « الضوء اللامع لأهل القرن التاسع » وعمر رضا كحالة في « معجم أعلام النساء » وغيرهم ممن صنف كتب الطبقات والتراجم، تراجم مستفيضة لنساء عالمات في الحديث والفقه والتفسير وأديبات وشاعرات


    حتى قال مؤرخ الإسلام
    – رحمه الله تعالى : « وما علمت في النساء من اتهمت ولا من تركوها » "ميزان الاعتدال..." للإمام الذهبي (7/465)



    ويؤكد هذا الحكم على تزكية النساء في علم الحديث الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى - حيث يقول : « لا اعلم في النساء من اتهمت ولا تركت » "لسان الميزان" للحافظ ابن حجر العسقلاني (7/522)



    بل إن العجب في الأمر أن الإمام الذهبي- رحمه الله تعالى - كان يتحسر على عدم لقيا العالمة الجليلة"أم محمد سيدة بنت موسى بنعثمان المارانية المصرية ( المتوفاة سنة 695 هـ)

    قال - رحمه الله تعالى - فيترجمتها : " وقد رحلت إلى لقياها، فماتت وأنا بفلسطين في رجب سنة خمس وتسعين وستمئة "



    وقال أيضاً : " كنت أتلف([7]) على لقياها، ورحلت على مصر وعلمي أنها باقية،فدخلت فوجدتها قد ماتت"



    ومن العلماء الكبار الذين أخذوا العلم – ولا سيما الحديث والرواية - عن بعض النساء : الإمام الزهري، والإمام مالك بن أنس، والإمام أحمد، وأبو يعلى الفراء .



    وكذا : أبو سعد السمعاني، وابن عساكر، وأبو طاهر السِّلَفي، وابن الجوزي،والمنذري، وابن القيم، والذهبي، وابن حجر . رحمهم الله تعالى ...



    وذكر ابن عساكر أن عدد شيوخه من النساء كان بضعاً وثمانين امرأة .



    ويكفي مستكفي أن يرجع إلى كتاب "أعلام النساء" يستقرأه ليقف على نفائس لنساء وأثرهن الثري المثمر .



    صفوة القول .



    وصفوة القول، والقول الصفو :

    يا نساء أهل العلم، أيتهن الكريمات المكرمات :

    بحثنا خاطب بل حالم بفتاة فتية، تقية نقية، ظفرت بداعية من بين الرعيّة، احتوته بعطفها وحنانها، وواسته بكل ما تملك احتسابا، بذلت نفسها جُنَّة، جعلت من بيته جَنّة .



    فإذا دخل خلعت عنه آلامه، وغسلت عنه أحزانه، وأطعمته حلو المواساة، وأذاقته كأس السعادة، وألبسته دافئ المس شعارا، وناعم الهمس دثارا، في حُسن حسّ، وحسّ حُسن .



    حُلوة اللفظ مُلاّحة اللّحظ ، رقيقة القول رفيقة الفعل، تغار منها النظافة، ويتضاءل عندها التنظيم، ويسكت في وكرها خجلا السكون، ويركن لهدوئها الهدوء .



    زينة نفسها، سريرة أبنائها، قريرة بيتها، قرة عين بعلها، مأوى جيرانها، محطّ أهلها، ذاكرة مذكّرة، صالحة ناصحة .



    وفي الجملة قانتة لربها، راعية للحقوق والأحوال، لله درها، مَن فوقها ؟!!!

    الخاتمة .





    وبذا يظهر ظهورا جلياً وجوب رعاية أهل العلم، وجوب صيانتهم، وجوب حفظ حرمتهم، وجوب التكاتف للراحتهم، خطابا أوليا تخاطب به الصاحبة الملازمة، القرينة المضاجعة .



    ومن ثم .. عرف من هن النساء اللاتي فوق النساء، إنهن طالبات العلم، ويدخل فيهن نساء أهل العلم الحريصات على الخير، حرسهن الله ورفع أقدارهن في الأخرة كما الدنيا بأن جعلهن تحت الصفوة، أسعد الناس بصحبتهم، موضع بُضعهم، مخرج امتداد ذكرهم .



    أجل .. إنهن نساء فوق نساء، وفوق النساء نساء؛ ما استقمن واستفدن، وإلا فلهن نصيب([8]) من قوله تعالى : " يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً" سورة "الأحزاب" الآية(30) .



    إن .. شريعة القدوات : تقلد المعالي، وحفظ المروءات، واغتنام اللحظات، والتنزه عن كثير من المباحات ... إلخ أمر تشاركه فيه النساء- بل والذراري كل بحسبه- اعتبارا لمقتضيات القدوة وسنة الأسوة .



    أيتها الفضّل، بل "َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" سورة "النور" الآية(21)



    ذلك فضل الله عليك، فـ "سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ" سورة "الحديد" الآية(21)

    وبعد





    بين أيديكم بحث، كتبه مع البنان جنان، يدعو صفوة الأنام إلى الوئام، يصبو إلى نقاء وبقاء، ينشد صفاء ذهن، ورغد عيش في دوحة إيمان وارفة، عبقها يسري؛ فيسُر ويُسعد .



    في أعمال مرقومة، وأرزاق مقسومة، وأنفاس معدودة، وآجال مضروبة .



    فلنسعد أيامنا بطاعة ربنا، ولنهذب أنفسنا بشرعه، ولنكبح جماح أنفسنا حتى صبحنا، وفيه صحبة نبينا وصحبه، ورؤية ربنا وفضله .

    هذا ما أردت بيانه، وسعيت مجدا إلى اتمامة، رجوت نفعه، ورمت ثوابه

    أرجو أن ينزل منزله، ويجد أهله، فيسعدون ويشرق .

    ورحم الله من ترحم علينا

    وصلي اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى إخوانه وآله وصحبه أجمعين

    والحمد لله رب العالمين

    كتبه
    الفقير إلى رحمة مولاه
    أبو عبد الله
    محمد بن عبد الحميد بن محمد حسونة
    في : 4/12/1430هـ - 21/11/2009م






    ([1]) ومما يُستأنس به مما له تعلق بالباب : ما ذكره صاحب "الحلية" وغيره : "كان أبو مسلم الخولاني إذا انصرف إلى منزله من المسجد كبر على باب منزله فتكبر امرأته فإذا كان في صحن داره كبر فتجيبه امرأته، وإذا بلغ باب بيته كبر فتجيبه امرأته، فانصرف ذات ليلة فكبر عند باب داره فلم يجبه أحد، فلما كان في الصحن كبر فلم يجبه أحد فلما كان عند باب بيته كبر فلم يجبه أحد، وكان إذا دخل بيته أخذت امرأته رداءه ونعليه ثم أتته بطعامه .

    قال : فدخل البيت فإذا البيت ليس فيه سراج وإذا امرأته جالسة في البيت منكسة تنكت بعود معها .

    فقال لها : مالك ؟ قالت : أنت لك منزلة من معاوية وليس لنا خادم فلو سألته فأخدمنا وأعطاك .

    فقال : اللهم من أفسد على امرأتي فأعم بصرها .

    قال : وقد جاءتها امرأة قبل ذلك فقالت لها زوجك له منزلة من معاوية فلو قلت له يسأل معاوية يخدمه ويعطيه عشتم .

    قال : فبينا تلك المرأة جالسة في بيتها إذ أنكرت بصرها .

    فقالت : ما لسراجكم طفئ . قالوا : لا . فعرفت ذنبها، فأقبلت إلى أبي مسلم تبكي وتسأله أن يدعو الله عز و جل لها أن يرد عليها بصرها . قال : فرحمها أبو مسلم فدعا الله لها فرد عليها بصرها" "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" لأبي نعيم الأصبهاني (2/130) و"صفة الصفوة" لابن الجوزي(4/212).




    ([2] ) عن أنس – رضي الله تعالى عنه- أن رجلا قال : يا رسول الله إن لفلان نخلة وأنا أقيم حائطي بها ،فأمُرْه أن يعطيني حتى أُقيم حائطي بها ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أعطهاإياه بنخلة في الجنة ، فأبى ، فاتاه أبو الدحداح فقال : بِعْنِي نخلتك بحائطي ،ففعل ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني قد ابتعت النخلةبحائطي . قال : فاجعلها له ، فقد أعطيتكها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :كم مِن عِذق راح لأبي الدحداح في الجنة - قالها مرارا - قال : فأتى امرأته فقال : يا أم الدحداح أخرجي من الحائط فإني قد بعته بنخلة في الجنة ، فقالت : ربح البيع ،أو كلمة تشبهها ." رواها الإمام أحمد – رحمه الله تعالى – وغيره .



    وفي رواية : " لما نزلت { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له } قال أبو الدحداح الأنصاري : يا رسول الله وإن الله عز وجل ليريد منا القرض قال : نعم يا أبا الدحداح قال أرني يدك يا رسول الله فناوله يده قال : فإني قد أقرضت ربي عز وجل حائطي

    قال ابن مسعود - وحائط له فيه ستمائة نخلة وأم الدحداح فيه وعيالها .

    قال : فجاء أبو الدحداح فناداها : يا أم الدحداح . قالت : لبيك . قال : أخرجي فقد أقرضته ربي عز وجل" صححها العلامة الألباني في "مشكلة الفقر" ص(146) ح(120)



    قلت : رضي الله عن أم الدحداح! لبيك هذه، هي التي نحتاجها من نسائنا، وضابطها الطاعة في الطاعة، ومقتضاها المعصية في المعصية .


    ([3]) من النعم العظيمة التي امتن الله تعالى بها على عباده نعمة البيوت, إذ قال تعالى : { وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ } سورة "النحل" الآية(80) .

    نعمة نستوجب الشكر – القلبي والقولي والعملي : لذا كان من دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم - إذا أوى إلى فراشه قال : "الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا وكم ممن لا كافي له ولا مأوى" "صحيح الجامع" برقم(4689) من حديث أنس – رضي الله تعالى عنه.



    بيوت عامرة بالطاعة، وبالطاعة عامرة : عن عائشة – رضي الله عنها - قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يصلي من الليل فإذا أوتر قال قومي فأوتري يا عائشة " شرح صحيح الإمام مسلم (6/23) .


    وقال - صلى الله عليه وسلم : " رحم الله رجلا قام من الليل فصلى فأيقظ امرأته فصلت ، فإن أبت نضح في وجهها الماء " . "صحيح الجامع"برقم(3488) .




    بيوت ذاكرة، في حياة طيبة، لحياة راضية : عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل: الحي والميت" رواه الإمام مسلم.



    بيوت فيها النجاة : عن أبي أمامة عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله ما النجاة ؟ قال أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك" "السلسلة الصحيحة" برقم(888).



    بيوت فيها الوقاية والتناصح والشفقة والحرص: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَيْقَظَ لَيْلَةً فَقَالَ سُبْحَانَ اللهِ مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الفِتْنَةِ مَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الخَزَائِنِ مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الحُجُرَاتِ يَا رُبَّ كَاسِيَةٍ في الدُّنْيَا عَارِيَةٍ في الآخِرَةِ " رواه الإمام البخاري .

    بيوت فيها السكن مع قرة الأعين من زوج وولد : { وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } سورة "الفرقان" الآية(74) .




    بيوت يقطنها الأطهار، لا يستطونها شيطان : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة" رواه الإمام مسلم.

    روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا دخل الرجل بيته فذكر اسم الله تعالى حين يدخل وحين يطعم، قال الشيطان : لا مبيت لكم ولا عشاء هاهنا، وإن دخل فلم يذكر اسم الله عند دخوله قال : أدركتم المبيت، وإن لم يذكر اسم الله عند مطعمه قال : أدركتم المبيت والعشاء " . رواه الإمام احمد ، المسند 346:3 ، و مسلم 1599:3 .

    روى أبو داود في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " إذا خرج الرجل من بيته فقال : بسم الله ، توكلت على الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، فيقال له : حسبك قد هديت ، وكفيت ووقيت ، فيتنحى له الشيطان فيقول له شيطان آخر : كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي ؟ " . رواه أبو داود والترمذي ، وهو في صحيح الجامع رقم 499 .




    لأجل ذلك :



    كانت لبيوتاتنا حرمة، ولمراعاتها فضيلة، وحفظها أمانة، وتضيعيها خيانة : عن عبد الله بن عمرو – رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" كفى بالمرء إثماً أن يُضَيعَ مَنْ يَقُوت " "صحيح الترغيب والترهيب" برقم(1965) .



    والخسارة حق الخسارة، الخسارة كل الخسارة، هناك؛ حيث المستقر السرمدي :{ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } سورة "الزمر" الآية(15)

    ([4]) أي : يقصدوني مرة بعد مرة . "صحيح الأدب المفرد للإمام البخاري" للعلامة الألباني ص(431)


    ([b][5][

      الوقت/التاريخ الآن هو 14.11.24 18:46