شبهة رافضي – حديث الثقلين
الحديث وهو (تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي)(1) لم يصح وقد ضعفه أهل العلم كما نقل ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، قال: «وأما قوله (وعترتي أهل بيتي) وأنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فهذا رواه الترمذي، وقد سئل عنه أحمد بن حنبل فضعفه، وضعفه غير واحد من أهل العلم، وقالوا: لا يصح، وقد أجاب عنه طائفة بما يدل على أن أهل بيته كلهم لا يجتمعون على ضلالة، قالوا: ونحن نقول بذلك، كما ذكر ذلك القاضي أبو يعلي وغيره.
لكن أهل البيت لم يتفقوا -ولله الحمد- على شئ من خصائص مذهب الرافضة، بل هم المبرؤون المنزهون عن التدنس بشيء منــــه».(1-1
______________________________
(1) أخرجه الترمذي في: (كتاب المناقب، باب في مناقب أهل البيت» 5/662، ح3786، وأحمد في المسند 1/14،17،26،59.
كما جمع طرق هذا الحديث وحكم بضعفها مؤيداً كلامه بالنقول عن أهل العلم: الدكتور علي السالوس في كتابه: (حديث الثقلين وفقهه).(2)
وأما الحديث الثاني وهو: ( يوشك أن يأتي رسول ربي، وإني تارك فيكم الثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي )، فحديث صحيح رواه الإمام مسلم في صحيحه(3) لكن ليس فيه حجة للرافضة، فإن الذي تضمنه الحديث وصية النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب الله والعمل به، وأن فيه النور والهدى، ثم وصيتة صلى الله عليه وسلم بأهل بيته بإعطائهم حقوقهم، والتحذير من ظلمهم، وليس فيه أي ذكر للأمر باتباعهم كما زعم الرافضــي.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «والحديث الذي في مسلم إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قاله، فليس فيه إلا الوصية باتباع كتاب الله ، وهذا أمر قد تقدمت الوصية به في حجة الوداع قبل ذلك، وهو لم يأمر بإتباع العترة ولكن قال: ( أذكر الله في أهل بيتي) وتذكير الأمة بهم يقتضي أن يذكروا ما تقدم الأمر به قبل ذلك: من إعطائهم حقوقهم والامتناع من ظلمهم، وهذا أمر قد تقدم بيانه قبل غدير خم».(2-1)
______________________________
(1-1) منهاج السنة 7/394-395.
(2) انظر: الكتاب المذكور ص15-28.
(3) صحيح مسلم: (كتاب فضائل الصحابه، باب من فضائل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -) 4/1873، ح2408.
فثبت بهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بإتباع أهل بيته بنص صحيح صريح وغاية ما يعتمد عليه الرافضة في هذا إما أحاديث ضعيفة لا تثبت بها حجة، وإما أحاديث صحيحة لكنها ليست صريحة في دعواهم، كما هو الشأن في الحديثين السابقين.
ثم إنه على فرض ثبوت ذلك فليس فيه حجة للرافضة على تقرير معتقدهم لعدة أمور:
الأول: أن الأمر بإتباع أهل البيت -إن ثبت- يكون فيما اتفقوا عليه، وانعقد عليه إجماعهم، وأئمة أهل البيت وسادتهم متفقون على البراءة من الرافضة ومن عقيدتهم، وعلى رأس هؤلاء: علي وأبناؤه الذين تدين الرافضة بإمامتهم، وتدعي متابعتهم، كما تقدم نقل أقوالهم في ذلك مفصلة(2) وكما نقل شيخ الإسلام اتفاق سائر أهل البيت وأئمة العترة على تقديم الشيخين، واعتقاد إمامتهما
______________________________
(2-1) منهاج السنة 7/318.
(2) انظر: ص 112-119 من هذا الكتاب.
حيث يقول: « أئمة العترة كابن عباس وغيره يقدمون أبا بكر وعمر في الإمامة والأفضلية، وكذلك سائر بني هاشم من العباسيين والجعفريين وأكثر العلويين، وهم مقرون بإمامة أبي بكر، وعمر، وفيهم من أصحاب مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وغيرهم، أضعاف من فيهم من الإمامية.
والنقل الثابت عن جميع علماء أهل البيت من بني هاشم من التابعين وتابعيهم، من ولد الحسين بن علي، وولد الحسن وغيرهما: أنهم كانوا يتولون أبا بكر، وعمر، وكانوا يفضلونهما على عليّ، والنقول عنهم ثابتة متواترة...». (1)
فظهر بهذا أنه لو كان اتفاق أهل البيت حجة، وإجماعهم دليلا لكان أسعد الناس بذلك هم أهل السنة والجماعة، دون الرافضة الذين هم أبعد الناس عن عقيدتهم، وقد تواترت عنهم النصوص بذمهم والبراءة منهم.
الثاني: أن الأمر بإتباع أهل البيت لو ثبت لكان مُعَارَضاً بما هو أقوى منه، وهو أن إجماع الأمة حجة بالكتاب والسنة، والعترة بعض الأمة، فيلزم من ثبوت إجماع الأمة إجماع العترة ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.(2)
______________________________
(1) منهاج السنة 7/396.
(2) انظر: منهاج السنة 7/397.
الثالث: أنه معارض أو مخصص بقول النبي صلى الله عليه وسلم (اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر)(1) وبقوله صلى الله عليه وسلم : (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ...)(2) فهذان النصان صريحا الدلالة فيمن يجب على الأمة متابعته بعد نبيها صلى الله عليه وسلم ولو ثبت الأمر بمتابعة أهل البيت لما قوي على معارضة هذين النصين الصحيحين الصريحين المشهورين بين العلماء.
قال الدهلوي عن الحديث الأول : إنه بلغ درجة الشهرة والتواتر المعنوي(3) وكذلك الحديث الثاني (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين) مشهور في الأمة وقد تلقاه العلماء بالقبول والتسليم ، ويحفظه الكبير والصغير، وأما ما ذكره من النصوص في دعوى متابعة أهل البيت فالصحيح منها ليس بصريح، والصريح ليس بصحيح كما تقدم بيان ذلك، وغاية ما يمكن أن يقال فيها على فرض الصحة أن تكون مخصصة بالحديثين المتقدمين، اللذين هما أصح وأصرح في أحقية المتابعــة.
______________________________
(1) أخرجه أحمد 5/399، والترمذي 5/610، والحاكم 3/79، وصححه ووافقه الذهبي، انظر: التلخيص مع المستدرك، وصححه الألباني في سلسة الأحاديث الصحيحة 3/233، رقم 1233.
(2) أخرجه أحمد 4/126، وأبو داود 5/13، والترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح 5/44، وابن ماجه 1/15، والدارمي 1/57، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي. المستدرك مع التلخيص 1/95-96، وصححه الألباني ونقل تصحيحه عن الضياء المقدسي، حاشية مشكاة المصابيح1/58.
(3) انظر مختصر التحفة الإثني عشرية ص174.
فتبين بهذا عدم انتفاع الرافضة في تقرير معتقدهم بالأمر بمتابعة أهل البيت لو ثبت، فكيف به مع عدم الصحة والثبوت!!
______________________________
المصدر : حتوم /منتديات المنطقة الشرقية > المنتديات الإسلاميه > المنتدى الإسلامي