رسالة لطيفة في أصول الفقه
للعلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، نحمده على ما له من الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا، وعلى أحكامه القدرية العامة لكل مكون وموجود، وأحكامه الشرعية الشاملة لكل مشروع، وأحكام الجزاء بالثواب للمحسنين والعقاب للمجرمين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فى الأسماء والصفات والعبادة والأحكام، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الذى بين الحكم والأحكام، ووضح الحلال والحرام، وأصل الأصول وفصلها، حتى استتم هذا الدين واستقام. اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه، خصوصاً العلماء الأعلام.
أما بعد؛
فهذه رسالة لطيفة فى أصول الفقه، سهلة الألفاظ، واضحة المعاني، معينة على تعلم الأحكام لكل متأمل معاني. نسأل الله أن ينفع بها جامعها وقارئها، إنه جواد كريم.
عبد الرحمن بن ناصر السعدي
فصل:
تعريف أصول الفقه
أصول الفقه: هي العلم بأدلة الفقه الكلية.
وذلك: أن الفقه:
§ إما مسائل يطلب الحكم عليها بأحد الأحكام الخمسة،
§ وإما دلائل يستدل بها على هذه المسائل.
فالفقه: هو معرفة المسائل والدلائل.
وهذه الدلائل نوعان:
§ كلية، تشمل كل حكم من جنس واحد من أول الفقه إلى آخره، كقولنا الأمر للوجوب، والنهى للتحريم، ونحوها؛ وهذه هي أصول الفقه.
§ وأدلة جزئية تفصيلية، تفتقر إلى أن تبنى على الأدلة الكلية. فإذا تمت، حكم على الأحكام بها.
فالأحكام مضطرة إلى أدلتها التفصيلية، والأدلة التفصيلية مضطرة إلى الأدلة الكلية.
وبهذا نعرف الضرورة والحاجة إلى معرفة أصول الفقه، وأنها معينة عليه، وهى أساس النظر والاجتهاد في الأحكام.
فصل: ا
لأحكام التي يدور عليها الفقه
الأحكام التي يدور الفقه عليها خمسة:
§ الواجب: الذي يثاب فاعله ويعاقب تاركه.
§ والحرام: ضده.
§ والمسنون: الذي يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه.
§ والمكروه: ضده.
§ والمباح: مستوي الطرفين.
وينقسم الواجب إلى:
§ فرض عين، يطلب فعله من كل مكلف بالغ عاقل، وهو جمهور أحكام الشريعة الواجبة.
§ وإلى فرض كفاية، وهو الذي يطلب حصوله وتحصيله من المكلفين، لا من كل واحد بعينه، كتعلم العلوم والصناعات النافعة والأذان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونحو ذلك.
وهذه الأحكام الخمسة تتفاوت تفاوتاً كثيراً، بحسب حالها ومراتبها وآثارها:
§ فما كان مصلحته خالصةً أو راجحةً أمر به الشارع أمر إيجاب أو استحباب.
§ وما كانت مفسدته خالصةً أو راجحة نهى عنه الشارع نهي تحريم أو كراهة.
فهذا الأصل يحيط بجميع المأمورات والمنهيات.
وأما المباحات، فإن الشارع أباحها وأذن فيها. وقد يتوصل بها إلى:
§ الخير فتلحق بالمأمورات،
§ وإلى الشر فتلحق بالمنهيات.
فهذا أصل كبير أن الوسائل لها أحكام المقاصد.
وبه نعلم أن:
§ ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب،
§ ومالا يتم المسنون إلا به فهو مسنون،
§ وما يتوقف الحرام عليه فهو حرام،
§ ووسائل المكروه مكروهة.
فصل:
الأدلة التي يستمد منها الفقه أربعة
الأدلة التي يستمد منها الفقه أربعة:
§ الكتاب والسنة، وهما الأصل الذي خوطب به المكلفون، وانبنى دينهم عليه،
§ والإجماع والقياس الصحيح، وهما مستندان إلى الكتاب والسنة.
فالفقه من أوله إلى آخره لا يخرج عن هذه الأصول الأربعة.
وأكثر الأحكام المهمة تجتمع عليها الأدلة الأربعة: تدل عليها نصوص الكتاب والسنة، ويجمع عليها العلماء، ويدل عليها القياس الصحيح لما فيهما من المنافع والمصالح إن كانت مأموراً بها، ومن المضار إن كانت منهياً عنها.
والقليل من الأحكام يتنازع فيها العلماء، وأقربهم إلى الصواب فيها من أحسن ردها إلى هذه الأصول الأربعة.
فصل
فى الكتاب والسنة ودلالتهما
أما الكتاب: فهو هذا القرآن العظيم، كلام رب العالمين، نزل به الروح الأمين، على قلب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين، بلسان عربى مبين، للناس كافةً فى كل ما يحتاجون إليه من مصالح دينهم ودنياهم، وهو المقروء بالألسنة، المكتوب فى المصاحف، المحفوظ فى الصدور، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.
وأما السنة: فإنها أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته على الأقوال والأفعال.
فالأحكام الشرعية:
§ تارة تؤخذ من نص الكتاب والسنة، وهو اللفظ الواضح الذي لا يحتمل إلا ذلك المعنى.
§ وتارة تؤخذ من ظاهرهما، وهو ما دل على ذلك على وجه العموم اللفظى أو المعنوى.
§ وتارة تؤخذ من المنطوق، وهو ما دل على الحكم فى محل النطق.
§ وتارة تؤخذ من المفهوم، وهو ما دل على الحكم:
بمفهوم موافقة إن كان مساوياً للمنطوق أو أولى منه،
أو بمفهوم المخالفة إذا خالف المنطوق في حكمه، لكون المنطوق وصف بوصف أو شرط فيه شرط، إذا تخلف ذلك الوصف أو الشرط تخلف الحكم.
والدلالة من الكتاب والسنة ثلاثة أقسام:
§ دلالة مطابقة، إذا طبقنا اللفظ على جميع المعنى.
§ ودلالة تضمن، إذا استدللنا باللفظ على بعض معناه.
§ ودلالة التزام، إذا استدللنا بلفظ الكتاب والسنة ومعناهما على توابع ذلك ومتمماته وشروطه، وما لايتم ذلك المحكوم فيه أو المخبر عنه إلا به.
فصل:
أصول يضطر إليها الفقيه
§ الأصل فى أوامر الكتاب والسنة أنها للوجوب، إلا إذا دل الدليل على الاستحباب أو الإباحة.
§ والأصل في النواهي أنها للتحريم، إلا إذا دل الدليل على الكراهة.
§ والأصل في الكلام الحقيقة، فلا يعدل به إلى المجاز - إن قلنا به - إلا إذا تعذرت الحقيقة.
والحقائق ثلاث: شرعية لغوية وعرفية:
§ فما حكم به الشارع وحده، وجب الرجوع فيه إلى الحد الشرعي؛
§ وماحكم به ولم يحده اكتفاءً بظهور معناه اللغوي، وجب الرجوع فيه إلى اللغة؛
§ ومالم يكن له حد فى الشرع ولا فى اللغة، رجع فيه إلى عادة الناس وعرفهم.
وقد يصرح الشارع بإرجاع هذه الأمور إلى العرف،كالأمر بالمعروف والمعاشرة بالمعروف ونحوهما.
فاحفظ هذه الأصول التي يضطر إليها الفقيه فى كل تصرفاته الفقهية.
فصل:
عودة إلى نصوص الوحيين
ونصوص الكتاب والسنة:
§ منها عام، وهو اللفظ الشامل لأجناس أو أنواع أو أفراد كثيرة، وذلك أكثر النصوص؛ ومنها خاص يدل على بعض الأجناس أو الأنواع أو الأفراد.
فحيث لا تعارض بين العام والخاص عمل بكل منهما، وحيث ظن تعارضهما خص العام بالخاص.
§ ومنها مطلق عن القيود، ومقيد بوصف أو قيد معتبر.
فيحمل المطلق على المقيد.
§ ومنها مجمل ومبين،
فما أجمله الشارع في موضع بينه ووضحه في موضع آخر، وجب الرجوع فيه إلى بيان الشارع.
وقد أجمل في القرآن كثير من الأحكام وبينتها السنة، فوجب الرجوع إلى بيان الرسول e، فإنه المبين عن الله.
§ ونظير هذا أن منهما محكماً ومتشابهاً،
فيجب إرجاع المتشابه إلى المحكم.
§ ومنها ناسخ ومنسوخ،
والمنسوخ في الكتاب والسنة قليل،
فمتى أمكن الجمع بين النصين، وحمل كل منهما على حال، وجب ذلك.
ولا يعدل إلى النسخ إلا بنص من الشارع، أو تعارض النصين الصحيحين الذين لايمكن حمل كل منهما على معنىً مناسب، فيكون المتأخر ناسخاً للمتقدم.
فإن تعذر معرفة المتقدم والمتأخر، رجعنا إلى الترجيحات الأخر.
ولهذا إذا تعارض قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله، قدم قوله، لأنه أمر أو نهي للأمة، وحمل فعله على الخصوصية له، فخصائص النبي صلى الله عليه وسلم تنبنى على هذا الأصل.
وكذلك إذا فعل شيئاً على وجه العبادة، ولم يأمر به، فالصحيح أنه للاستحباب.
وإن فعله على وجه العادة، دل على الإباحة.
وما أقره النبي صلى الله عليه وسلم من الأقوال والأفعال حكم عليه بالإباحة، أو غيرها على الوجه الذي أقره.
للعلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، نحمده على ما له من الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا، وعلى أحكامه القدرية العامة لكل مكون وموجود، وأحكامه الشرعية الشاملة لكل مشروع، وأحكام الجزاء بالثواب للمحسنين والعقاب للمجرمين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فى الأسماء والصفات والعبادة والأحكام، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الذى بين الحكم والأحكام، ووضح الحلال والحرام، وأصل الأصول وفصلها، حتى استتم هذا الدين واستقام. اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه، خصوصاً العلماء الأعلام.
أما بعد؛
فهذه رسالة لطيفة فى أصول الفقه، سهلة الألفاظ، واضحة المعاني، معينة على تعلم الأحكام لكل متأمل معاني. نسأل الله أن ينفع بها جامعها وقارئها، إنه جواد كريم.
عبد الرحمن بن ناصر السعدي
فصل:
تعريف أصول الفقه
أصول الفقه: هي العلم بأدلة الفقه الكلية.
وذلك: أن الفقه:
§ إما مسائل يطلب الحكم عليها بأحد الأحكام الخمسة،
§ وإما دلائل يستدل بها على هذه المسائل.
فالفقه: هو معرفة المسائل والدلائل.
وهذه الدلائل نوعان:
§ كلية، تشمل كل حكم من جنس واحد من أول الفقه إلى آخره، كقولنا الأمر للوجوب، والنهى للتحريم، ونحوها؛ وهذه هي أصول الفقه.
§ وأدلة جزئية تفصيلية، تفتقر إلى أن تبنى على الأدلة الكلية. فإذا تمت، حكم على الأحكام بها.
فالأحكام مضطرة إلى أدلتها التفصيلية، والأدلة التفصيلية مضطرة إلى الأدلة الكلية.
وبهذا نعرف الضرورة والحاجة إلى معرفة أصول الفقه، وأنها معينة عليه، وهى أساس النظر والاجتهاد في الأحكام.
فصل: ا
لأحكام التي يدور عليها الفقه
الأحكام التي يدور الفقه عليها خمسة:
§ الواجب: الذي يثاب فاعله ويعاقب تاركه.
§ والحرام: ضده.
§ والمسنون: الذي يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه.
§ والمكروه: ضده.
§ والمباح: مستوي الطرفين.
وينقسم الواجب إلى:
§ فرض عين، يطلب فعله من كل مكلف بالغ عاقل، وهو جمهور أحكام الشريعة الواجبة.
§ وإلى فرض كفاية، وهو الذي يطلب حصوله وتحصيله من المكلفين، لا من كل واحد بعينه، كتعلم العلوم والصناعات النافعة والأذان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونحو ذلك.
وهذه الأحكام الخمسة تتفاوت تفاوتاً كثيراً، بحسب حالها ومراتبها وآثارها:
§ فما كان مصلحته خالصةً أو راجحةً أمر به الشارع أمر إيجاب أو استحباب.
§ وما كانت مفسدته خالصةً أو راجحة نهى عنه الشارع نهي تحريم أو كراهة.
فهذا الأصل يحيط بجميع المأمورات والمنهيات.
وأما المباحات، فإن الشارع أباحها وأذن فيها. وقد يتوصل بها إلى:
§ الخير فتلحق بالمأمورات،
§ وإلى الشر فتلحق بالمنهيات.
فهذا أصل كبير أن الوسائل لها أحكام المقاصد.
وبه نعلم أن:
§ ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب،
§ ومالا يتم المسنون إلا به فهو مسنون،
§ وما يتوقف الحرام عليه فهو حرام،
§ ووسائل المكروه مكروهة.
فصل:
الأدلة التي يستمد منها الفقه أربعة
الأدلة التي يستمد منها الفقه أربعة:
§ الكتاب والسنة، وهما الأصل الذي خوطب به المكلفون، وانبنى دينهم عليه،
§ والإجماع والقياس الصحيح، وهما مستندان إلى الكتاب والسنة.
فالفقه من أوله إلى آخره لا يخرج عن هذه الأصول الأربعة.
وأكثر الأحكام المهمة تجتمع عليها الأدلة الأربعة: تدل عليها نصوص الكتاب والسنة، ويجمع عليها العلماء، ويدل عليها القياس الصحيح لما فيهما من المنافع والمصالح إن كانت مأموراً بها، ومن المضار إن كانت منهياً عنها.
والقليل من الأحكام يتنازع فيها العلماء، وأقربهم إلى الصواب فيها من أحسن ردها إلى هذه الأصول الأربعة.
فصل
فى الكتاب والسنة ودلالتهما
أما الكتاب: فهو هذا القرآن العظيم، كلام رب العالمين، نزل به الروح الأمين، على قلب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين، بلسان عربى مبين، للناس كافةً فى كل ما يحتاجون إليه من مصالح دينهم ودنياهم، وهو المقروء بالألسنة، المكتوب فى المصاحف، المحفوظ فى الصدور، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.
وأما السنة: فإنها أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته على الأقوال والأفعال.
فالأحكام الشرعية:
§ تارة تؤخذ من نص الكتاب والسنة، وهو اللفظ الواضح الذي لا يحتمل إلا ذلك المعنى.
§ وتارة تؤخذ من ظاهرهما، وهو ما دل على ذلك على وجه العموم اللفظى أو المعنوى.
§ وتارة تؤخذ من المنطوق، وهو ما دل على الحكم فى محل النطق.
§ وتارة تؤخذ من المفهوم، وهو ما دل على الحكم:
بمفهوم موافقة إن كان مساوياً للمنطوق أو أولى منه،
أو بمفهوم المخالفة إذا خالف المنطوق في حكمه، لكون المنطوق وصف بوصف أو شرط فيه شرط، إذا تخلف ذلك الوصف أو الشرط تخلف الحكم.
والدلالة من الكتاب والسنة ثلاثة أقسام:
§ دلالة مطابقة، إذا طبقنا اللفظ على جميع المعنى.
§ ودلالة تضمن، إذا استدللنا باللفظ على بعض معناه.
§ ودلالة التزام، إذا استدللنا بلفظ الكتاب والسنة ومعناهما على توابع ذلك ومتمماته وشروطه، وما لايتم ذلك المحكوم فيه أو المخبر عنه إلا به.
فصل:
أصول يضطر إليها الفقيه
§ الأصل فى أوامر الكتاب والسنة أنها للوجوب، إلا إذا دل الدليل على الاستحباب أو الإباحة.
§ والأصل في النواهي أنها للتحريم، إلا إذا دل الدليل على الكراهة.
§ والأصل في الكلام الحقيقة، فلا يعدل به إلى المجاز - إن قلنا به - إلا إذا تعذرت الحقيقة.
والحقائق ثلاث: شرعية لغوية وعرفية:
§ فما حكم به الشارع وحده، وجب الرجوع فيه إلى الحد الشرعي؛
§ وماحكم به ولم يحده اكتفاءً بظهور معناه اللغوي، وجب الرجوع فيه إلى اللغة؛
§ ومالم يكن له حد فى الشرع ولا فى اللغة، رجع فيه إلى عادة الناس وعرفهم.
وقد يصرح الشارع بإرجاع هذه الأمور إلى العرف،كالأمر بالمعروف والمعاشرة بالمعروف ونحوهما.
فاحفظ هذه الأصول التي يضطر إليها الفقيه فى كل تصرفاته الفقهية.
فصل:
عودة إلى نصوص الوحيين
ونصوص الكتاب والسنة:
§ منها عام، وهو اللفظ الشامل لأجناس أو أنواع أو أفراد كثيرة، وذلك أكثر النصوص؛ ومنها خاص يدل على بعض الأجناس أو الأنواع أو الأفراد.
فحيث لا تعارض بين العام والخاص عمل بكل منهما، وحيث ظن تعارضهما خص العام بالخاص.
§ ومنها مطلق عن القيود، ومقيد بوصف أو قيد معتبر.
فيحمل المطلق على المقيد.
§ ومنها مجمل ومبين،
فما أجمله الشارع في موضع بينه ووضحه في موضع آخر، وجب الرجوع فيه إلى بيان الشارع.
وقد أجمل في القرآن كثير من الأحكام وبينتها السنة، فوجب الرجوع إلى بيان الرسول e، فإنه المبين عن الله.
§ ونظير هذا أن منهما محكماً ومتشابهاً،
فيجب إرجاع المتشابه إلى المحكم.
§ ومنها ناسخ ومنسوخ،
والمنسوخ في الكتاب والسنة قليل،
فمتى أمكن الجمع بين النصين، وحمل كل منهما على حال، وجب ذلك.
ولا يعدل إلى النسخ إلا بنص من الشارع، أو تعارض النصين الصحيحين الذين لايمكن حمل كل منهما على معنىً مناسب، فيكون المتأخر ناسخاً للمتقدم.
فإن تعذر معرفة المتقدم والمتأخر، رجعنا إلى الترجيحات الأخر.
ولهذا إذا تعارض قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله، قدم قوله، لأنه أمر أو نهي للأمة، وحمل فعله على الخصوصية له، فخصائص النبي صلى الله عليه وسلم تنبنى على هذا الأصل.
وكذلك إذا فعل شيئاً على وجه العبادة، ولم يأمر به، فالصحيح أنه للاستحباب.
وإن فعله على وجه العادة، دل على الإباحة.
وما أقره النبي صلى الله عليه وسلم من الأقوال والأفعال حكم عليه بالإباحة، أو غيرها على الوجه الذي أقره.
عدل سابقا من قبل الشيخ إبراهيم حسونة في 06.09.08 13:29 عدل 1 مرات