الــعــقــل
للشيخ العلاّمة الإمام
عبد الرحمن بن ناصر السعدي
رحمه الله وغفر له ولجميع المسلمين
1307 - 1376 هـ
* * * * * * *
الحمد لله الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خَلْق الإنسان مِن طين، ثُمَّ جعل نَسْلَهُ مِن سُلالةٍ مِن ماء مَهين، ثم سَوَّاهُ ونَفَخَ فيه مِن رُوحِهِ، فتبارك الله أحسن الخالقين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين.
وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله سيد المرسلين وإمام المتقين، اللهم صَلِّ على محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم أجمعين وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واذكروا ما تَفَضَّلَ بِه عليكم مِن العقل الذي تَمَيزتم به على كثير من المخلوقات، واحذروا أن تُضيعوه أو تُهملوه في وضعه في الأمور الضارة أو غير الأمور النافعات.
فما أنعم الله على عبد نعمة فاستعملها فيما خُلقت له إلا حفظها الله ونَماها، ولا أهملها ووضعها في غير موضعها إلا سَلَبَها وبقي عليه شقاها.
فهذا العقل الذي منحكم الله إياه من أفضل العطايَا، فما بالكم تستعملونه في ركوب الدنايَا.
خلق الله لكم العقول لتعقلوا بها ما ينفعكم مِن المعارف والعلوم النافعة، وترتقوا بها إلى مَدارج الفلاح بِهممٍ قويةٍ وقلوبٍ واعيةٍ،
فقاوموا بها ما يضركم من الأخلاق الرذيلة، فلا خير فيمن غلبت شهوته عقله فألقته في المهالك الوبيلة.
فَكِّرُوا في المصالح والمنافع فإذا تَوضحت فاسلكوها،
وزاحموا بها النفوس العالية المقبلة على الخير ونافسوها،
وإياكم أن تكون هممكم في تَحصيل الأغراض الدنيئة فتخسروا عقولكم وتضيعوها.
طُوبَى لِمَن كانت أفكاره حائمة حول ما يُحبه الله، دائرة حول ما ينفع عباد الله،
الإخلاص لله في كل الأمور شعاره
والإحسان المتنوع على الخلق دثاره.
طُوبَى لِمَن كانت شهوته تبعًا لعقله فآثر النافع وفاز بالسعادتي
وويل لمن غلبت شهوته عقله فاختار الرذائل فخسر الدنيَا والدين.
من ترك ما تَهواه نفسه لله لم يجد فقده ، وعَوَّضَهُ الله الإيمان والثواب
ومن تبع هواه وأعرض عما يُحبه مولاه ابتلاه بالهموم وأنواع الأوصاب.
سبحان مَن فَاوَتَ بين عباده بالعقول والهمم والأعمال
وبَايَنَ بينهم في صفات النقص والكمال
وقَسَّمَ بينهم الأخلاق كما قَسَّمَ بينهم الأرزاق
فتبارك الله الواحد الملك الخلاق.
مَنَّ الله عَلَيَّ وعليكم بِمَحاسِنِ الأعمال وأحاسنها، وحفظنا مِن أسافل الأخلاق وأراذلها.
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ }.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم .
.
المصدر:
الخطبة رقم ( 29 ) من كتاب :
: الفواكه الشهية في الخطب المنبرية ::
تأليف العلامة الإمام عبد الرحمن بن ناصر السعدي
رحمه الله وجزاه الله خيراً
نقلا عن
للشيخ العلاّمة الإمام
عبد الرحمن بن ناصر السعدي
رحمه الله وغفر له ولجميع المسلمين
1307 - 1376 هـ
* * * * * * *
الحمد لله الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خَلْق الإنسان مِن طين، ثُمَّ جعل نَسْلَهُ مِن سُلالةٍ مِن ماء مَهين، ثم سَوَّاهُ ونَفَخَ فيه مِن رُوحِهِ، فتبارك الله أحسن الخالقين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين.
وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله سيد المرسلين وإمام المتقين، اللهم صَلِّ على محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم أجمعين وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واذكروا ما تَفَضَّلَ بِه عليكم مِن العقل الذي تَمَيزتم به على كثير من المخلوقات، واحذروا أن تُضيعوه أو تُهملوه في وضعه في الأمور الضارة أو غير الأمور النافعات.
فما أنعم الله على عبد نعمة فاستعملها فيما خُلقت له إلا حفظها الله ونَماها، ولا أهملها ووضعها في غير موضعها إلا سَلَبَها وبقي عليه شقاها.
فهذا العقل الذي منحكم الله إياه من أفضل العطايَا، فما بالكم تستعملونه في ركوب الدنايَا.
خلق الله لكم العقول لتعقلوا بها ما ينفعكم مِن المعارف والعلوم النافعة، وترتقوا بها إلى مَدارج الفلاح بِهممٍ قويةٍ وقلوبٍ واعيةٍ،
فقاوموا بها ما يضركم من الأخلاق الرذيلة، فلا خير فيمن غلبت شهوته عقله فألقته في المهالك الوبيلة.
فَكِّرُوا في المصالح والمنافع فإذا تَوضحت فاسلكوها،
وزاحموا بها النفوس العالية المقبلة على الخير ونافسوها،
وإياكم أن تكون هممكم في تَحصيل الأغراض الدنيئة فتخسروا عقولكم وتضيعوها.
طُوبَى لِمَن كانت أفكاره حائمة حول ما يُحبه الله، دائرة حول ما ينفع عباد الله،
الإخلاص لله في كل الأمور شعاره
والإحسان المتنوع على الخلق دثاره.
طُوبَى لِمَن كانت شهوته تبعًا لعقله فآثر النافع وفاز بالسعادتي
وويل لمن غلبت شهوته عقله فاختار الرذائل فخسر الدنيَا والدين.
من ترك ما تَهواه نفسه لله لم يجد فقده ، وعَوَّضَهُ الله الإيمان والثواب
ومن تبع هواه وأعرض عما يُحبه مولاه ابتلاه بالهموم وأنواع الأوصاب.
سبحان مَن فَاوَتَ بين عباده بالعقول والهمم والأعمال
وبَايَنَ بينهم في صفات النقص والكمال
وقَسَّمَ بينهم الأخلاق كما قَسَّمَ بينهم الأرزاق
فتبارك الله الواحد الملك الخلاق.
مَنَّ الله عَلَيَّ وعليكم بِمَحاسِنِ الأعمال وأحاسنها، وحفظنا مِن أسافل الأخلاق وأراذلها.
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ }.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم .
.
المصدر:
الخطبة رقم ( 29 ) من كتاب :
: الفواكه الشهية في الخطب المنبرية ::
تأليف العلامة الإمام عبد الرحمن بن ناصر السعدي
رحمه الله وجزاه الله خيراً
نقلا عن