خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    طرح الأتراح فيما ورد في النعي المحرم والمباح!

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية طرح الأتراح فيما ورد في النعي المحرم والمباح!

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 06.09.08 11:05

    طرح الأتراح فيما ورد في النعي المحرم والمباح!

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن وآلاه


    وبعدُ :


    فقد كثر الكلام بين طلاب العلم الخوض في مسألة النعي ما هو؟ وهل كله محرم؟ أو مباح ؟
    أم أن هناك تفصيل في المسألة ؟

    والصواب وبالله التوفيق
    أن هذا مما فيه تفصيل, كما هو في مسألة الإقعاء في الصلاة وغير ذلك من الأمور التي ورد فيها التفصيل, وسيكون الكلام هنا من على النحو التالي :

    أولاً :
    (( تعريف النعي))


    - في اللغة:
    قال ابن فارس: "النون والعين والحرف المعتل: أصل صحيح يدل على إشاعة شيء، منه النَّعيُّ: خبر الموت, وكذا الآتي بخبر الموت يقال له نعيٌّ أيضاً....


    ثم قال : نعاءِ جذاماً غير موتٍ ولا قتل ولكن فراقاً للدعائم والأصل".
    (معجم مقاييس اللغة ص(1036), وانظر : تهذيب اللغة (ج3/ص138), القاموس المحيط (ص1229).


    وفي الاصطلاح :
    قال ابن الأثير :
    "نعى الميت ينعاه نعْياً ونعِياً, إذا أذاع موته ، وأخبر به، وإذا ندبه" "النهاية في غريب الحديث" (5/85) .

    ثانياً :
    سبر ما ورد في هذه المسألة من أحاديث.


    أ- الأحاديث المانعة.

    الحديث الأول :

    عن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: (إياكم والنعي, فإن النعي من عمل الجاهلية)
    قال عبد الله: والنعي أذانٌ بالميت. رواه الترمذي برقم (984).والحديث ضعيف فيه محمد بن حميد الرازي, وأبو حمزة ميمون الأعور قال الترمذي: ليس بالقوي عند أهل الحديث. وقد ضعفه العلامة الألباني-رحمه الله- وشيخنا العلامة عبد المحسن العباد-حفظه الله- في شرحه للترمذي.

    الحديث الثاني :

    عن حذيفة –رضي الله عنه- قال: إذا متُّ فلا تؤذنوا بي؛ إني أخاف أن يكون نعياً, فإني سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ينهى عن النعي". رواه الترمذي, برقم (986), وقال: حديث حسن صحيح. وصححه العلامة الألباني-رحمه الله

    ب- الأحاديث المبيحة.


    الحديث الأول :

    عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- (نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه, خرج إلى المصلى فصفَّ بهم وكبَّر بهم أربعاً, فقال: استغفروا لأخيكم). رواه البخاري, كتاب الجنائز, باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه, برقم (1245),(1327), ورواه مسلم برقم (951).

    الحديث الثاني :

    عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال : قال النبي –صلى الله عليه وسلم- (أخذ الراية زيد فأصيب, ثم أخذها جعفر فأصيب, ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب) وإن عيني رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لتذرفان, (ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرةٍ ففتحَ له). رواه البخاري, كتاب الجنائز, باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه, برقم (1246).

    وعند أحمد الأمر بالاستغفار لهم بقوله: (فاستغفروا له –فاستغفر له الناس-). قال الشيخ الألباني "إسناده حسن". أحكام الجنائز (ص47).


    وفي لفظٍ آخر (نعى النبي –صلى الله عليه وسلم- جعفراً وزيداً قبل أن يجيء خبرهم وعيناه تذرفان). رواه البخاري برقم (3630).


    الحديث الثالث:
    عن عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما- قال: "مات إنسانٌ–كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده- فمات بالليل فدفنوه ليلاً, فلما أصبح أخبروه, فقال: (ما منعكم أن تُعلموني؟) قالوا: كان الليلُ فكرهنا -وكانت الظلمة- أن نشقَّ عليك, فأتى قبره فصلى عليه). رواه البخاري, كتاب الجنائز, باب الإذن بالجنازة, برقم (1247).


    وفي حديث آخر نحوه
    عن المرأة السوداء التي كانت تقمُّ المسجد-أي تنظفه-....الحديث. فقال النبي –صلى الله عليه وسلم- (هلا كنتم آذنتموني؟) رواه البخاري برقم (458).


    بعض الآثار في المسألة :


    - أورد عبد الرزاق في مصنفه عن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه- قال: "لاتؤذنوا بي أحدا حسبي من يحملني إلى حفرتي".


    - وأورد أيضاً عن علقمة بن وقاص الليثي أنه قال: " إذا كان من يحمل الجنازة فلا تؤذن أحداً مخافة أن يقال ما أكثر من اتبعه".


    - وأورد عن حماد عن إبراهيم النخعي قال: " لا بأس إذا مات الرجل أن يؤذن صديقه إنما كانوا يكرهون أن يطاف به في المجالس أنعي فلانا كفعل الجاهلية".

    انظر هذه الآثار في(مصنف عبد الرزاق ج3/ص390).


    - أورد ابن أبي شيبة في مصنفه عن محمد بن سيرين أنه كان لا يرى بأسا أن يؤذن الرجل حميمه وصديقه بالجنازة. (مصنف ابن أبي شيبة ج2/ص476).


    مما ورد من أقوال العلماء في هذه المسألة:


    - قال ابن حجر : "وقال ابن المرابط مراده أن النعي الذي هو إعلام الناس بموت قريبهم مباح وإن كان فيه إدخال الكرب والمصائب على أهله

    لكن في تلك المفسدة مصالح جمة لما يترتب على معرفة ذلك من المبادرة لشهود جنازته وتهيئة أمره والصلاة عليه والدعاء له والاستغفار وتنفيذ وصاياه

    وما يترتب على ذلك من الأحكام

    وأما نعي الجاهلية فقال سعيد بن منصور أخبرنا بن علية عن ابن عون قال قلت لإبراهيم أكانوا يكرهون النعي قال نعم قال ابن عون كانوا إذا توفي الرجل ركب رجل دابة ثم صاح في الناس أنعى فلانا".
    (فتح الباري ج8/ص340).


    - وقال النووي: " وأن الإعلام بوفاة الميت مجردا لا يدخل في النعي المنهي عنه".
    (شرح النووي على صحيح مسلم ج7/ص21).


    - وقال العيني: " وفيه-أي حديث نعي النجاشي- استحباب الإعلام بالميت لا على صورة نعي الجاهلية بل مجرد إعلام الصلاة عليه وتشييعه وقضاء حقه في ذلك
    والذي جاء من النهي عن النعي ليس المراد به هذا وإنما المراد نعي الجاهلية المشتمل على ذكر المفاخر وغيرها" (عمدة القاري ج8/ص19).


    - قال ابن عبد البر في بيان الأحكام المستنبطة من حديث نعي الرسول –صلى الله عليه وسلم النجاشي- الأول:

    فيه إباحة النعي, وهو: أن ينادى في الناس أن فلانا مات ليشهدوا جنازته.
    وقال بعض أهل العلم لا بأس أن يعلم الرجل قرابته وإخوانه.

    وعن إبراهيم لا بأس أن يعلم قرابته
    وقال شيخنا زين الدين: إعلام أهل الميت وقرابته وأصدقائه استحسنه المحققون والأكثرون من أصحابنا وغيرهم
    وذكر صاحب الحاوي من أصحابنا وجهين في استحباب الإنذار بالميت وإشاعة موته بالنداء والإعلام فاستحب ذلك بعضهم للغريب والقريب؛ لما فيه من كثرة المصلين عليه, والداعين له
    وقال بعضهم: يُستحب ذلك للغريب ولا يستحب لغيره
    وقال النووي: والمختار استحبابه مطلقاً إذا كان مجرد إعلام, وفي التوضيح
    وقال صاحب البيان من أصحابنا: يكره نعي الميت وهو: أن يُنادى عليه في الناس أن فلاناً قد مات ليشهدوا جنازته وفي وجه حكاه الصيدلاني لا يكره
    وفي حلية الروياني من أصحابنا الاختيار أن ينادى به ليكثر المصلون
    وقال ابن الصباغ قال أصحابنا: يكره النداء عليه, ولا بأس أن يُعلم أصدقاءه, وبه قال أحمد
    وقال أبو حنيفة لا بأس به ونقله العبدري عن مالك أيضاً
    ونقل ابن التين عن مالك كراهة الإنذار بالجنائز على أبواب المساجد والأسواق؛ لأنه من النعي,
    قال علقمة ابن قيس الإنذار بالجنائز من النعي وهو: من أمر الجاهلية,
    وقال البيهقي: وروي النهي أيضا عن ابن عمر, وأبي سعيد, وسعيد بن المسيب, وعلقمة, وإبراهيم النخعي, والربيع بن خيثم,
    قلت: وأبي وائل, وأبي ميسرة, وعلي بن الحسين, وسويد بن غفلة, ومطرف بن عبد الله, ونصر بن عمران أبي جمرة...." (التمهيد لابن عبد البر ج6/ص257).


    قال السندي: " وكان أهل الجاهلية يشهرون الموت بهيئة كريهة فالنهي محمول عليه, وخاف حذيفة أن يكون المراد إطلاق النهي فيما سمح به, فهو من باب الورع, وإلا فخبر الموت سيما إذا كان لمصلحة كتكثير الجماعة جائز والله أعلم". حاشية السندي على ابن ماجه(2/208).
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: طرح الأتراح فيما ورد في النعي المحرم والمباح!

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 06.09.08 11:06


    ((( أقوال العلماء المعاصرين الأجلاء )))



    السؤال الثاني من الفتوى رقم ‏(‏4276‏)‏:
    س2‏:‏

    هل يجوز الإعلان بوفاة من يموت في القرية على سبورة موضوعة في المسجد، خصيصًا لهذا‏؟‏ مع العلم أنه يوجد من يقوم بغسل الميت وتكفينه، أما الصلاة عليه فإنه يصلى عندنا بعد الظهر أو العصر في المسجد على الجنازة‏.‏
    ج2‏ :‏

    أولاً‏ :
    ‏ الإعلان عن وفاة الميت بشكل يشبه النعي المنهي عنه لا يجوز، وأما الإخبار عنه في أوساط أقاربه ومعارفه من أجل الحضور للصلاة عليه، وحضور دفنه فذلك جائز، وليس من النعي المنهي عنه؛ لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما مات النجاشي بالحبشة أخبر المسلمين بموته وصلى عليه‏.‏

    ثانيًا‏ :

    ‏ لا ينبغي اتخاذ لوحة في المسجد للإعلان فيها عن الوفيات وأشباهها، ذلك لأن المساجد لم تبن لهذا‏.‏

    وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ‏.‏

    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
    عضو/ عبد الله بن قعود
    نائب الرئيس/ عبدالله بن غديان
    رئيس اللجنة/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
    فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (9/142).
    ______________________________



    فتوى فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى .



    السؤال :
    بارك الله فيكم يقول له الفقرة الأخيرة يا شيخ محمد يقول التعزية في الجرائد ما حكمها.

    الجواب :
    التعزية بالجرائد أخشى أن تكون من النعي المذموم لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن النعي

    والغالب أن المقصود بالتعزية في الجرائد الإعلان عن موت هذا الرجل الذي يعزى به وإلا فيمكن للمعزي أن يكتب كتاباً لأهل الميت أو يتصل بهم بالهاتف ويغني عن الإعلان.

    [مكتبة الفتاوى : فتاوى نور على الدرب نصية) : الجنائز) موقع الشيخ-رحمه الله-]


    _____________


    وقد علق شيخنا عبد المحسن بن حمد العباد البدر –حفظه الله- على تبويب الترمذي (باب ما جاء في كراهية النعي) قال –حفظه الله-:

    " والنعي منه ما هو مذموم وهو ما كان عليه أهل الجاهلية بأن يذهب شخص على بعير فيطوف ويذكر محاسنه وشيمه والبكاء عليه .

    وأما أن يخبروا ليذهبوا فيصلوا عليه فهذا فيه مصلحة والرسول –صلى الله عليه وسلم- أخبر بموت الأمراء الثلاثة في غزوة مؤتة فالإخبار لا شيء فيه". "شرح الترمذي" (الجمعة 24/8/1425هـ).



    فتاوى معالي شيخنا العلامة صالح بن فوزان الفوزان-حفظه الله تعالى .



    السؤال :
    تنشر على مساحات كبيرة في بعض الصحف تعازي لبعض الناس في وفاة أقربائهم، وأحيانًا تكون الكتابة بلون أبيض على صفحات سوداء، وأحيانًا بعض العبارات فقط؛ فما حكم هذا العمل؟

    الجواب :
    التعزية لأهل الميت بالدعاء لهم ولميتهم مشروعة إذا كانت في حدود الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ بأن يقول لأخيه المصاب إذا لقيه: أحسن الله عزاءك، وجبر الله مصيبتك، وغفر لميتك, وإذا كان بعيدًا عنه، وكتب له خطابًا ضمنه هذه التعزية، فلا بأس بذلك.


    وأما الإعلان في الصحف عن وفاة الميت فلا داعي له؛ إلا إذا كان القصد منه الإعلام بوفاته من أجل أن يقوم من له عليه حقوق لاستيفائها، أو من أجل بيان مكان الصلاة على جنازته من أجل الحضور لذلك

    أما إذا كان من أجل الإشادة به والمدح؛ فهذا لا ينبغي؛ لأنه قد يفضي إلى المبالغة والإطراء
    وأيضًا هذا العمل يستدعي تكاليف مالية تدفع للجريدة في مقابل الإعلان، وهو عمل لا يترتب عليه فائدة،

    وكذا لا يشرع الإعلان عن مكان العزاء، ولا إقامة حفلات وولائم.

    قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه: "كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة" المنتقى (3/96).


    [ فتوى الشيخ عبد الرحمن البراك - حفظه الله - ]



    السؤال :
    هل تناقل خبر (المتوفى) باسمه عبر رسائل الجوال، أو عبر منتديات الإنترنت يعد من النعي المنهي عنه؟.

    الجواب :
    الحمد لله، النعي هو الإخبار بموت أحد من الناس، وقد ثبت أن النبي- صلى الله عليه وسلم- نهى عن النعي، وثبت أنه نعى النجاشي إلى أصحابه، وخرج بهم إلى المصلى، وصلى عليه، وكبر أربعاً.

    وقال العلماء : الجمع بين الحديثين أن النعي المنهي عنه هو ما كان يفعله أهل الجاهلية من بعث من ينادي في العشائر مات فلان مات فلان على وجه الفخر والتعاظم والتعظيم لذلك الميت.

    وأما مجرد الإخبار بموت الإنسان لمصلحة شرعية، كالصلاة عليه ومواساة أهله وتعزيتهم فإن ذلك لا بأس به

    فتبين أن النعي يختلف حكمه بحسب الغرض منه .

    ومن شواهد النعي الجائز : قوله – صلى الله عليه وسلم- في شأن المرأة التي كانت تقم المسجد حين ماتت ودفنت، فسأل النبي – صلى الله عليه وسلم- عنها فقالوا: إنها ماتت فقال : "أفلا كنتم آذنتموني؟ دلوني على قبرها فدلوه فصلى عليها، ثم قال: إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله ينورها عليهم بصلاتي عليهم",

    ويشبه نعي الجاهلية الكلام عن الميت بذكر مآثره ومحاسنه، ومفاخره في وسائل الإعلام من الإذاعة والتلفزيون والصحافة، وعلى منابر المساجد؛ لأن ذلك يتضمن أموراً محذورة مذمومة في الشرع كالفخر، والغلو في الأشخاص، وقد يكون منهم من هو فاسق، وقد يكون كثير مما يذكر عن ذلك الميت كذباً، كما يوجب لأهله غروراً وتعاظماً على الناس، وقد تنفق الأموال الطائلة على الإعلان عن ذلك الميت، ونشر مفاخره الحقيقية أو المزعومة

    وهذا كله خلاف ما كان عليه السلف الصالح من الصحابة – رضي الله عنهم- والتابعين وتابعيهم، فلم يكن مثل هذا معروفاً من عادتهم

    فأهم وأنفع ما يقدم للميت الدعاء له، والصلاة عليه، وقضاء ديونه، وإنفاذ وصاياه، والإحسان إلى أهله وولده من بعده إحساناً معنوياً بتذكيرهم بحقه، وبالاستقامة على طاعة الله؛ حتى يكونوا خلفاً صالحاً لميتهم، وامتداداً لعمله بعد موته، كما قال – صلى الله عليه وسلم-: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، أو صدقة جارية" مسلم(8631).


    والله أعلم.

    هذا وفي نهاية هذا البُحيث المتواضع يتبين لنا جميعاً أن النعي المباح هو الإخبار عن موت فلان من الناس حتى تُشْهَدَ جنازته فيصلى عليه ويستغفر له ويدعى له ويترحم عليه, فهذا لا بأس به, وهو يكون بمعنى الإذآن المباح الوارد في الأحاديث المبيحة,


    وأما ما كان من أمر الجاهلية من التفاخر وذكر المآثر والفضائل الكاذبة أو الصادقة فلا يشرع البتة

    وأما ما ورد من بعض السلف في عدم الإذآن؛ فهو كما قال العلماء ورعاً في أن يقعوا في المحرم .

    فيتضح لي ولك أخي في الله أن النعي ليس كله محرم كما أنه ليس كله بالمباح فالتفصيل هو الأولى والجمع أولى من الترجيح فيحمل المقيد على العام وكما أن الإعمال أولى من الإهمال

    فأكتفي بهذا القدر وبكلام العلماء -رحمه الله- جميعاً.

    وصلى الله وسلم وبارك على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً


    وكتبه
    الفقير إلى ربه المنان
    عبد الرحمن بن محمد العميسان
    1/ 2/ 1429هـ
    المدينة النبوية-حرسها الله
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: طرح الأتراح فيما ورد في النعي المحرم والمباح!

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 05.08.09 7:46

    النعي للشيخ خالد بن عبدالله المصلح النعـي

    فضيلة الشيخ/ خالد بن عبدالله بن محمد المصلح
    6/5/1424
    06/07/2003


    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على البشير النذير نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.أما بعد،
    فهذا بحث مختصر لبيان أحكام النعي وصوره المعاصرة أسأل الله أن يلهمني فيه الصواب، وأن ينفع به، وقد جعلته في مبحثين.
    المبحـث الأول: تعـريف النعـي
    المطلـب الأول: تعريفـه في اللغـة
    قال ابن فارس:"النون والعين والحرف المعتل أصل صحيح يدل على إشاعة الشيء، منه:خبر الموت"(1)
    المطلـب الثاني: تعريفـه في الاصطـلاح
    معنى النعي في الاصطلاح أوسع منه في اللغة. ويتضح ذلك مما قاله أهل العلم في تعريفه.
    قال الترمذي في جامعه:" والنعي عندهم أن ينادى في الناس أن فلاناً مات ليشهدوا جنازته"(2).قال ابن الأثير في النهاية:" نعى الميت ينعاه نعياً، ونِعِياً،إذا أذاع موته، وأخبر به،وإذا ندبه"(3).وقال ابن عابدين:" هو الإخبار بالموت(4).وقال القليوبي في حاشيته:" وهو النداء بموت الشخص، وذكر مآثره ومفاخره"(5).
    وقال الحجاوي في الإقناع:" وهو النداء بموته"(6).
    وقد ساق المنبجي عدة آثار في النعي ثم قال بعد ذلك:" منها مايدل على أن النعي إعلام الناس بأن فلاناً قد مات. ومنها مايدل على أن النعي هو تعداد صفات الميت. فالظاهر أن كليهما نعي"(7).
    فظهر مما تقدم أن النعي عند أهل العلم منهم من يقصره على النداء بالموت، ومنهم من يدخل فيه الإخبار بالموت المقرون بمدح الميت وتعداد صفاته.
    والذي يظهر لي أن النعي يطلق على الإخبار بموت الميت وإذاعة ذلك، ويطلق أيضاً على ما قد يصاحب ذلك من قول كتعداد مناقب الميت ، أو فعل كشق الجيوب وضرب الخدود، والله أعلم.
    المطلب الثالث: ألفاظ تشارك النعي
    هناك ألفاظ يطلقها أهل العلم ويذكرون لها أحكاماً، وهي تشارك النعي من بعض الوجوه، ولذلك نحن بحاجة إلى الوقوف على معاني هذه الألفاظ.
    :أولاً: النـدب
    وهو في اللغة حسن الثناء على الميت(8)، وقيل: دعاء الميت بحسن الثناء عليه وافلاناه(9)، وقيل: الإقبال على تعداد محاسن الميت كأن الميت يسمعها(10).
    أما الاصطلاح فقال ابن الأثير في النهاية في تعريف الندب :هو" أن تذكر النائحة الميت بأحسن أوصافه، وأفعاله"(11).وقال النووي:" الندب: أن تعد شمائل الميت وأياديه. فيقال: واكريماه ..."(12).وقال ابن المبرد:"الندب البكاء على الميت وتعداد محاسنه"(13).
    قال المنبجي:"اسم للبكاء على الميت وتعداد محاسنه"(14).
    وعلى هذا فإن الندب يشترك مع النعي في كونه تعداداً لصفات الميت ومحاسنه.
    ثانياً: النياحـة:
    وهي في اللغة من النوح، وهو يدل على مقابلة الشيء للشيء(15)، والنياحة على الميت هي البكاء عليه بجزع وعويل(16).
    وأما في الاصطلاح فهي موافقة للمعنى اللغوي قال في الإقناع:" وهي رفع الصوت بذلك ـ أي بالندب ـ برنة"(17).وقال في الزواجر:"النوح وهو رفع الصوت بالندب،ومثله إفراط رفعه بالبكاء.."(18).
    وقد وسَّع بعض أهل العلم معنى النياحة فجعل منها كل ما هيَّج المصيبة من وعظ أو إنشاء شعر، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية(19)ومن هذا يتبين أن النياحة هي إظهار الجزع والتسخط على موت الميت.
    قال القرافي:" وصورته: أن تقول النائحة لفظاً يقتضي فرط جمال الميت وحسنه وكمال شجاعته وبراعته وأبهته ورئاسته وتبالغ فيما كان يفعل من إكرام الضيف والضرب بالسيف والذب عن الحريم والجار إلى غير ذلك من صفات الميت التي يقتضي مثلها أن لا يموت، فإن بموته تنقطع هذه المصالح ويعز وجود مثل الموصوف بهذه الصفات ويعظم التفجع على فقد مثله، وأن الحكمة كانت بقاءه وتطويل عمره لتكثر تلك المصالح في العالم. فمتى كان لفظها مشتملاً على هذا كان حراماً، وهذا شرح النوح. وتارة لا تصل إلى هذه الغاية غير أنها تبعد السلوة عن أهل الميت وتهيج الأسف عليهم، فيؤدي ذلك إلى تعذيب نفوسهم وقلة صبرهم وضجرهم، وربما بعثهم ذلك على القنوط وشق الجيوب وضرب الخدود، فهذا أيضاً حرام"(20).
    ثالثـاً: الرثـاء:
    وهو في اللغة بكاء الميت بعد موته ومدحه، وكذا إذا عددت محاسنه، وكذلك إذا نظمت فيه شعراً(21). ويراد به أيضاً التوجع من الوقوع في مكروه(22).ومنه قول سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في قول النبي صلى الله عليه وسلم له:(( لكن البائس سعد بن خولة))، يرثي له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة(23).
    رابعـاً: التأبـين:
    وهو في اللغة من أَبَنَ الرجل تأبيناً، أي:" مدحه بعد موته وبكاه"(24).
    المبحث الثاني: أقسام النعي وصوره:
    المطلب الأول: النعي في كلام أهل العلم:
    النعي وهو الإخبار بموت الميت إما أن يكون إعلاماً مجرداً، وإما أن يكون إعلاماً بنداء ونحوه، ولكل منهما حكم.
    المسألة الأولى:الإعلام بالموت مجرداً:
    ذهب جمهور أهل العلم من الحنفية(25)،والمالكية(26)،والشافعية(27)،والحنابلة( 28)،وغيرهم (29)إلى جواز الإعلام بالموت من غير نداء؛ لأجل الصلاة،بل ذهب جماعة من العلماء إلى استحباب ذلك(30).
    واستدلوا بما في الصحيحين (31)من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربعاً.
    واستدلوا أيضاً بما أخرج الشيخان (32)من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد أو شاباً، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنها أو عنه. فقالوا: مات، فقال صلى الله عليه وسلم: ((أفلا كنتم آذنتموني)).
    وهذان الحديثان ظاهران في إباحة الإعلام بالموت لأجل الصلاة، بل هما دالان على الاستحباب، ولأن ذلك وسيلة لأداء حقه من الصلاة عليه واتباع جنازته.
    ومما يدل على جواز إعلام من لم يعلم بموت الميت لمصلحة غير الصلاة عليه ما في صحيح البخاري من حديث أنس رضي الله عنه وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم: نعى زيداً وجعفراً وابن رواحة للناس قبل أن يأتي خبرهم، فقال:(( أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب، وعيناه تذرفان حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم))(33).ففي هذا الحديث نعى النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء الثلاثة رضي الله عنهم، ولم يكن ذلك النعي لأجل الصلاة عليهم إنما لأجل إخبار المسلمين بخبر إخوانهم وما جرى لهم في تلك الوقعة. وعليه فيجوز الإعلام بالموت لكل غرض صحيح كالدعاء له وتحليله وما أشبه ذلك(34).وليس ذلك من النعي الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل إن بعض ذلك مما دلت النصوص على فضله واستحبابه، فقد أجمع أهل العلم على أن شهود الجنائز خير وبر وفضل، وأجمعوا على أن الدعاء إلى الخير من الخير، قال ابن عبدالبر:" وكان أبو هريرة يمر بالمجالس، فيقول: إن أخاكم قد مات فاشهدوا جنازته"(35).
    وذهب جماعة من أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم (36)كحذيفة بن اليمان رضي الله عنه إلى عدم الإخبار بموت الميت خشية أن يكون ذلك من النعي الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال البيهقي:" ويروى في ذلك عن ابن مسعود وابن عمر وأبي سعيد ثم عن علقمة وابن المسيب والربيع بن خثيم وإبراهيم النخعي"(37).
    واستدلوا بما جاء عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال: إذا مت فلا تؤذنوا بي أحداً، إني أخاف أن يكون نعياً، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعي. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه. وقال عنه الترمذي: هذا حديث حسن صحيح(38). وقد حسنه الحافظ ابن حجر(39).
    ولما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( إياكم والنعي، فإن النعي من عمل الجاهلية)) (40). قال عبدالله في بيان معنى النعي: أذان بالميت(41). فالنداء ورفع الصوت في
    الإخبار بموت الميت من فعل أهل الجاهلية(42).وقد حمل النووي ما ورد عن هؤلاء على الكراهة(43).
    وعند التأمل والنظر يتبين أن النهي الوارد عن النعي لا يعارض ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من نعي النجاشي ونعي الأمراء على المنبر ، فإن النعي المنهي عنه في قول حذيفة رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعي إنما هو في نعي الجاهلية، فالألف واللام للعهد الذهني، وهو ما كان معروفاً في الجاهلية من النعي، فلقد" كان من عادتهم إذا مات منهم شريف بعثوا راكباً إلى القبائل يقول: نعايا فلان، أو يانعايا العرب، أي: هلكت العرب بمهلك فلان، ويكون مع النعي ضجيج وبكاء"(44).فيكون النعي المنهي عنه محمولاً" على النعي لغير غرض ديني مثل إظهار التفجع على الميت وإعظام حال موته. ويحمل النعي الجائز على ما فيه غرض صحيح مثل طلب كثرة الجماعة تحصيلاً لدعائهم..."(45)، وما أشبه ذلك.
    ولا يرد على هذا التوجيه" قول حذيفة رضي الله عنه ؛ لأنه لم يقل إن الإعلام بمجرده نعي، وإنما قال: أخاف أن يكون نعياً، وكأنه خشي أن يتولد من الإعلام زيادة مؤدية إلى نعي الجاهلية"(46).
    وعلى هذا فلا حرج في الإخبار بموت الميت لكل غرض صحيح كما تقدم، والله أعلم.
    المسألة الثانية:الإعلام بالموت بنداء ورفع صوت،:
    ذهب جمهور أهل العلم من الحنفية(47)،والمالكية(48)،والشافعية(49)،والحنابلة( 50)إلى كراهية النداء في الإعلام بموت الميت؛لما تقدم من حديثي حذيفة وابن مسعود رضي الله عنهما.
    وذهب جماعة من الحنفية إلى أنه لا يكره النداء على الميت في الأزقة والأسواق إذا كان نداء مجرداً عن ذكر المفاخر(51).
    قالوا: لأن في ذلك تكثير الجماعة من المصلين والمستغفرين للميت، وليس مثله نعي الجاهلية، فإنهم كانوا يبعثون إلى القبائل ينعون مع ضجيج وبكاء وعويل وتعديد ونياحة(52).
    ويقال في الجواب على هذا: إن مقصود تكثير الجماعة من المصلين والمستغفرين للميت يمكن حصوله دون النداء ورفع الصوت. فالصواب من هذين القولين قول الجمهور القائلين بكراهة رفع الصوت في الإعلام بموت الميت؛ لأن النداء ورفع الصوت بموت الميت داخل من حيث الصورة في بعض نعي الجاهلية الذي ورد النهي عنه، فإنهم كانوا يرسلون من يعلن بخبر موت الميت على أبواب الدور والأسواق(53).

    المطلب الثاني: صور النعي المعاصرة:
    هناك العديد من الصور المعاصرة للنعي التي تحتاج إلى نظر هل تدخل في النعي المحرم أو لا؟ وقد تناولتها في المسائل التالية:
    المسألة الأولى: إعلان الموت في الصحف والمجلات السيارة وما أشبهها:
    إعلان الوفاة في الصحف والمجلات وما أشبهها من وسائل الإعلام العام كالمنتديات والصفحات العامة في شبكة الإنترنت كل ذلك لا يخلو أن يكون إعلاناً مجرداً أو إعلاناً غير مجرد. ولا يخلو أيضاً أن يكون قبل الصلاة على الميت أو بعده.
    فإن كان الإعلان قبل الصلاة مجرداً عن نداء ورفع صوت وليس فيه تفجع على الميت ولا إعظام لحال موته ولا تسخط فيه ولا ضجر فإن ذلك جائز، لا سيما إذا كان الميت مما يهم الناس أمره وحاله أو كان له شأن ومكانة في الإسلام أو نفع علم. ولا بأس أن يقترن بالإعلان ثناء يسير مطابق للواقع يرغِّب في الدعاء له والصلاة عليه.
    ويدل لهذا نعي النبي صلى الله عليه وسلم النجاشي في اليوم الذي مات فيه، ففي صحيح مسلم من حديث جابر صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( مات عبد لله صالح أصحمة، فقام فأمنا وصلى عليه))(54). فقوله صلى الله عليه وسلم في نعيه النجاشي : مات عبد لله صالح ثناء عليه وتزكية له حيث وصفه بالصلاح، وفي هذا تنشيط على الدعاء له والصلاة عليه.
    ويشهد لهذا أيضاً ما رواه الشيخان من حديث أنس رضي الله عنه قال: مروا بجنازة فأثنوا عليها خيراً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((وجبت)). ثم مروا بأخرى، فأثنوا عليها شراً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((وجبت)). فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما وجبت؟. قال النبي صلى الله عليه وسلم:(( هذا أثنيتم عليه خيراً، فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شراً فوجبت له النار. أنتم شهداء الله في الأرض)). فأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على الثناء بالخير على الجنازة ، فدل على جواز ذكر الميت بما فيه من الخير.
    أما إن كان الإعلان عن الموت بعد الصلاة عليه فإن كان لمجرد الإعلام بالموت فالظاهر أنه من النعي المنهي عنه؛ لأن الصحف وشبهها من الوسائل الإعلامية هي أقرب ما تكون لمجامع الناس ومنتدياتهم في العصر الأول. ويتأكد النهي والتحريم إذا كان الخبر متضمناً لما يثير الأحزان ويهيج على البكاء، أو كان متضمناً الشهادة بالجنة للميت أو ما يفهم منه ذلك ككتابة بعضهم في خبر الوفاة قول الله تعالى:(يَا أيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّة ارْجِعِي إِلىَ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُليِ جَنَّتِي) فإن مثل هذا محرم لا يجوز.
    أما إن كان الإعلام بالموت بعد الصلاة على الميت لمصلحة معتبرة شرعاً كإبراء ذمة الميت وما أشبه ذلك فإن هذا جائز لا بأس به؛ لما فيه من المصلحة.
    قال شيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى في فتوى له:" وأما الإعلان عن موت الميت فإن كان لمصلحة مثل أن يكون الميت واسع المعاملة مع الناس بين أخذ وإعطاء وأعلن موته لعل أحداً يكون له حق عليه فيقضى أو نحو ذلك فلا بأس".
    المسألة الثانية:إعلان الموت بالرسائل الهاتفية أو البريد الإلكتروني:
    جرى عمل كثير من الناس في هذه الأيام على تبادل الرسائل الهاتفية أو البريد الإلكتروني للإخبار بالموت، والذي يظهر أن مثل هذا إن كان لأجل الصلاة على الميت أو الدعاء له أو تعزية المصاب به ونحو ذلك فهو مستحب؛ لأن ذلك وسيلة لتلك الصالحات، والوسائل لها حكم الغايات، وما لا يتم الصالح إلا به فهو صالح. وكذلك الحكم إن كان ذلك لمصلحة. ويمكن أن يقال : إن إعلان الموت بالرسائل الهاتفية أو البريد الإلكتروني لا يخرج عما سبق من كلام أهل العلم في حكم النعي المجرد.
    المسألة الثالثة: إعلان الموت في الخطب المنبرية:
    ذكر خبر وفاة عالم من العلماء أو علم من الأعلام في الخطب سواء كانت خطبة الجمعة أو خطبة خاصة للإعلام بموته ينقسم إلى قسمين:
    القسم الأول: أن يكون ذلك لإخبار الناس بموت من يهمهم معرفة خبره، ولم يسبق علم عام بموته، أو كان ذلك لمصلحة راجحة فالذي يظهر لي أن ذلك جائز لا حرج فيه، ولو اقترن به ثناء يسير مطابق للواقع، وسواء كان الإعلان في خطبة الجمعة أو في خطبة خاصة للإعلام بموته.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: طرح الأتراح فيما ورد في النعي المحرم والمباح!

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 05.08.09 7:46

    ويدل لهذا ما رواه البخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال:((أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب، ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة، ففتح له، وقال: ما يسرهم أنهم عندنا وعيناه تذرفان))(55).
    ويشهد له أيضاً أن أبا بكر رضي الله عنه خطب الناس لما اضطربوا في وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن تيقن موته صلى الله عليه وسلم ، فقال في خطبته المشهورة:((أما بعد، من كان يعبد محمداً صلى الله عليه وسلم فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت))(56).
    أما دليل جواز الثناء اليسير المطابق للواقع في خبر الوفاة ما رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((مات عبد لله صالح أصحمة، فقام فأمنا وصلى عليه))(57).
    ويحسن في مثل هذا المقام إن كان الناس مصابين أن يصبرهم ببيان أن ما أصاب الميت أمر آتٍ على كل أحد، وأنه سبيل لابد منه، وباب لابد من دخوله، وأن يبين وجوب الصبر وفضله وجميل عاقبته وسوء منقلب التسخط والضجر.
    القسم الثاني: ألا يكون غرض صحيح من الإخبار بموت الميت أو أن يكون الخطيب قد أكثر من ذكر مآثر الميت وفضائله وأعماله وصفاته أو عظيم الخسارة بموته فإن ذلك لا يجوز، وهو من النعي المحرم، إذ هو نظير ما كان يفعله أهل الجاهلية من بعث المنادي ينادي بموت الميت ويذكر مآثره ومفاخره. وقد تقدم في الكلام عن النعي ما يدل على تحريم هذا القسم، لا سيما وأن كثيراً من الخطباء يذكر في كلامه ما يهيِّج الأحزان ويضعف عن الصبر، ويبعد المصابين بالميت عن السلوة. ولا يشك عالم بموارد الشريعة ومصادرها أن مثل هذا لا يجوز.
    المسألة الرابعة: المحاضرات العلمية والمشاركات الإعلامية
    مما انتشر بين الناس في الأزمنة المتأخرة أنه إذا مات عالم من العلماء أو علم من الأعلام طلب من طلابه أو معارفه أو أقاربه أو زملائه أو من لهم صلة به أن يتحدثوا عنه؛ إما في مشاركات إذاعية أو مرئية أو محاضرات أو ندوات أو مقالات أو تعليقات. ويتلخص ذلك كله في أنه عدّ لمحاسن الميت وإبراز لجوانب شخصيته والثناء عليه وما أشبه ذلك.
    والذي يظهر لي أن مثل هذه الأعمال تنقسم إلى قسمين:
    القسم الأول: ما كان وقت المصيبة قبل السلو عنها فهذا داخل في النعي المنهي عنه؛ لأن مؤداه التفجع على الميت وإعظام حال موته وأن بموته تنقطع المصالح، ويعز وجود نظيره، وفي هذا تجديد الأحزان ونكء الآلام ومخالفة مقصود الشرع من تخفيف المصاب وتسهيله؛ ليكون ذلك عوناً في الصبر على قضاء الله وقدره.
    القسم الثاني: ما كان بعد السلوة وبرود المصيبة فلا بأس بذلك من حيث الأصل، فإن كان الغرض منه التأسي بالصالحين والاقتداء بهم فإن ذلك مستحب لما يتضمنه من الدعوة إلى الخير والتأسي بالصالحين وعلى هذا بناء كثير من كتب السير والتراجم والأعلام. ومما يدل لذلك ما جاء في صحيح مسلم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب يوم الجمعة فذكر نبي الله صلى الله عليه وسلم وذكر أبا بكر رضي الله عنه(58).
    المسألة الخامسة: المراثي :
    للعلماء رحمهم الله في رثاء الأموات قولان في الجملة.
    القول الأول: أنه لا بأس بالمراثي، وهذا مذهب الحنفية(59)، والشافعية(60).
    واستدل هؤلاء بأن الكثير من الصحابة رضي الله عنهم فعله وكذلك فعله كثير من أهل العلم(61).
    القول الثاني:أنه تكره المراثي، وهو قول للشافعية(62).
    واستدل هؤلاء بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن المراثي، فعن عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال:" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المراثي". رواه الإمام أحمد(63)، وابن ماجه(64). وهو عند ابن أبي شيبة بلفظ:"ينهانا عن المراثي"(65).
    ومدار الحديث على إبراهيم الهجري الراوي عن عبد الله قال عنه البوصيري في مصباح الزجاجة: وهو ضعيف جداً ضعفه سفيان بن عيينة ويحيى بن معين والنسائي وغيرهم(66). وقال عنه البخاري: منكر الحديث.
    قالوا:" والأولى الاستغفار له ويظهر حمل النهي عن ذلك على ما يظهر فيه تبرم أو على فعله مع الاجتماع له أو على الإكثار منه أو على ما يجدد الأحزان دون ما عدا ذلك فإن الكثير من الصحابة وغيرهم من العلماء يفعلونه"(67).
    وقد قسّم القرافي المراثي إلى أربعة أقسام باعتبار حكمه (68):
    "الأول: المراثي المباحة، وهي الخالية عن التحريم من ضجر أو تسخط أو تسفيه للقضاء وما أشبه ذلك.
    الثاني: المراثي المندوبة، وهي ما كان مسهلاً للمصيبة مذهباً للحزن محسناً لتصرف القضاء مثنياً على الرب تعالى.
    الثالث: المراثي المحرمة الكبيرة، وهي ما كان فيه اعتراض على القضاء وتعظيم لشأن الميت وأن موته خلاف الحكمة والمصلحة وما أشبه ذلك.
    الرابع: المراثي المحرمة الصغيرة، وهي ما كان مبعداً للسلوة عن أهل الميت مهيجاً للأسف معذباً للنفوس".
    وهذا تفصيل حسن، فيحمل ما جاء من النهي عن المراثي على القول بثبوته على القسمين الثالث والرابع، قال ابن حجر عندما ذكر رثاء النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن خولة رضي الله عنه :" وليس معارضاً لنهيه عن المراثي التي هي ذكر أوصاف الميت الباعثة على تهييج الحزن وتجديد اللوعة، وهذا هو المراد بما أخرجه أحمد وابن ماجه وصححه الحاكم من حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المراثي، وهو عند ابن أبي شيبة بلفظ : نهانا أن نتراثى، ولا شك أن الجامع بين الأمرين التوجع والتحزن"(69)، والله أعلم.


    --------------------------------------------------------------------------------
    (1) معجم مقاييس اللغة ص(1036). وينظر:لسان العرب(15/334).
    (2) جامع الترمذي ص(239).
    (3) (5/85).
    (4) حاشية ابن عابدين(3/72).
    (5) (1/345).
    (6) (1/331).(7) تسلية أهل المصائب ص(82).
    (8) معجم مقاييس اللغة ص(1021).
    (9) لسان العرب(1/754).
    (10) المصباح المنير.
    (11) (5/34).
    (12) تحرير ألفاظ التنبيه ص(100).
    (13) (1/ 315).
    (14) تسلية أهل المصائب ص(63).
    (15) معجم مقاييس اللغة ص(1021).
    (16) المعجم الوسيط.
    (17) (1/384).
    (18) (1/361).
    (19) ينظر: الفروع(2/227)، الإنصاف (2/569).
    (20) الفروق(2/172).
    (21) لسان العرب(14/309).
    (22) الفائق(2/36).
    (23) فتح الباري(3/164-165).
    (24) لسان العرب(13/5).
    (25) فتح القدير(2/127).
    (26) حاشية الدسوقي(1/424).
    (27) نهاية المحتاج(3/20).
    (28) الإقناع(1/331).
    (29) تحفة الأحوذي(4/61)،السيل الجرار(1/339).
    (30)البناية شرح الهداية(3/267)،الخرشي على مختصر خليل(2/139)،الأذكار للنووي ص(226).(31) البخاري (1168)، مسلم (1580).
    (32) البخاري(438)، مسلم (1588).
    (33) (3474).
    (34) نهاية المحتاج(3/20).
    (35) الاستذكار(3/26).
    (36) الاستذكار(3/26).
    (37) السنن الكبرى للبيهقي(4/74).
    (38) رواه أحمد(23848)، الترمذي(986)، ابن ماجه(1476). وهو من رواية بلال بن يحيى العبسي عن حذيفة
    رضي الله عنه ، وقد قال ابن معين عن هذا الطريق: إنه مرسل، انظر: تحفة التحصيل(40)، وممن رجح كون روايته
    عن حذيفة مرسلة ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل(2/396).
    (39) فتح الباري(3/117).
    (40) (906)، وقد روى الترمذي هذا الحديث عن عبدالله رضي الله عنه مرفوعاً، وموقوفا،ً وقال عن الموقوف: وهذا أصح. ثم قال عن المرفوع: حديث عبدالله حسن غريب.
    (41) جامع الترمذي(986).
    (42) الأذكار للنووي ص(226).
    (43) المجموع شرح المهذب(5/216).
    (44) الأذكار للنووي ص(226).
    (45) إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام(2/158).
    (46) المجموع شرح المهذب(5/216).
    (47) العناية شرح الهداية(3/267).
    (48) الخرشي على مختصر خليل(2/139).
    (49) المهذب (1/132).
    (50) الشرح الكبير(6/287).
    (51) فتح القدير(2/128).
    (52) فتح القدير(2/128).
    (53) فتح الباري(3/117).
    (54) (1583).
    (55) رواه البخاري(3063).
    (56) رواه البخاري(4454).
    (57) (1583).
    (58) (879).
    (59) حاشية ابن عابدين (2/239).
    (60) نهاية المحتاج(3/17).
    (61) شرح المنهاج للجمل(2/215).
    (62) نهاية المحتاج(3/17).
    (63) (18351).
    (64) (1581).
    (65) (3/266).
    (66) (2/48).
    (67) نهاية المحتاج(3/17).
    (68) الفروق(2/173-174،181–182)
    (69) ينظر: فتح الباري(3/164-165).

    http://www.islamtoday.net/articles/s...&artid=2530#12
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: طرح الأتراح فيما ورد في النعي المحرم والمباح!

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 05.08.09 7:48

    ذهب جمهور أهل العلم من الحنفية(25)،والمالكية(26)،والشافعية(27)،والحنابلة(
    28)،وغيرهم (29)إلى جواز الإعلام بالموت من غير نداء؛ لأجل الصلاة،بل ذهب جماعة من العلماء إلى استحباب ذلك(30).


    واستدلوا بما في الصحيحين (31)من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربعاً.
    واستدلوا أيضاً بما أخرج الشيخان (32)من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد أو شاباً، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنها أو عنه. فقالوا: مات، فقال صلى الله عليه وسلم: ((أفلا كنتم آذنتموني)).


    وهذان الحديثان ظاهران في إباحة الإعلام بالموت لأجل الصلاة، بل هما دالان على الاستحباب، ولأن ذلك وسيلة لأداء حقه من الصلاة عليه واتباع جنازته.




    ومما يدل على جواز إعلام من لم يعلم بموت الميت لمصلحة غير الصلاة عليه


    ما في صحيح البخاري من حديث أنس رضي الله عنه وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم: نعى زيداً وجعفراً وابن رواحة للناس قبل أن يأتي خبرهم، فقال:(( أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب، وعيناه تذرفان حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم))(33).ففي هذا الحديث نعى النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء الثلاثة رضي الله عنهم،


    ولم يكن ذلك النعي لأجل الصلاة عليهم

    إنما لأجل إخبار المسلمين بخبر إخوانهم وما جرى لهم في تلك الوقعة.


    وعليه فيجوز الإعلام بالموت لكل غرض صحيح
    كالدعاء له
    وتحليله
    وما أشبه ذلك(34).

    وليس ذلك من النعي الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

    بل إن بعض ذلك مما دلت النصوص على فضله واستحبابه،

    فقد أجمع أهل العلم على أن شهود الجنائز خير وبر وفضل، وأجمعوا على أن الدعاء إلى الخير من الخير،

    قال ابن عبدالبر:" وكان أبو هريرة يمر بالمجالس، فيقول: إن أخاكم قد مات فاشهدوا جنازته"(35).

    عبدالرحمن بن عمر الفقيه

    والنقل
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=10239

      الوقت/التاريخ الآن هو 14.11.24 23:46