خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    وسطية الإسلام، ووسائل اجتثاث التطرف والإرهاب

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية وسطية الإسلام، ووسائل اجتثاث التطرف والإرهاب

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 03.09.08 12:54

    وسطية الإسلام، ووسائل اجتثاث التطرف والإرهاب

    إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

    أما بعد :

    فإنَّ خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي ؛ هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.

    فإن الله قد بعث نبيه محمداً -صلى الله عليه وسلم- رحمة للأمة ، وليخرج الناس من الظلمات إلى النور ، فما ترك خيرا إلا دلنا عليه ، ولا شرا إلا حذرنا منه.
    وإن مما أمر الله به في كتابه وأمر به رسوله -صلى الله عليه وسلم- في سنته الاعتدالَ والوسطية ، والابتعادَ عن الغلو والتنطع

    والغلو
    هو مجاوزة الحد في مدح الشيء أو ذمه ، وضابطه تعدي ما أمر الله به وهو الطغيان الذي نهى الله عنه.

    أما الأمر بالوسطية والاعتدال فمما ورد في الكتاب والسنة:

    قال تعالى:
    { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً}

    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    ((الوسط العدل))

    فيبين الله في هذه الآية أنه جعل هذه الأمة عدولاً فـــ"خصها بأكمل الشرائع وأقوم المناهج وأوضح المذاهب" وذلك ليكونوا شهداء لأنبيائي ورسلي على أممها بالبلاغ المبين وليكون الرسول محمد صلى الله عليه وسلم شهيداً على هذه الأمة بإيمانها به صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من عند الله.

    قال ابن القيم رحمه الله :
    "فدين الله بين الغالي فيه و الجافي عنه ، وخير الناس النمط الأوسط الذين ارتفعوا عن تقصير المفرطين ولم يلحقوا بغلو المعتدين

    وقد جعل الله سبحانه هذه الأمة وسطاً و هي الخيار العدل لتوسطها بين الطرفين المذمومين و العدل هو الوسط بين طرفي الجور و التفريط ، و الآفات إنما تتطرق إلى الأطراف ،والأوساط محمية بأطرافها فخيار الأمور أوساطها.

    قال الشاعر:
    كانت هي الوسط المحمي فاكتنفت *** بها الحوادث حتى أصبحت طرفاً"


    وقال:
    {ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}

    وقد تواترت الأدلة من السنة في الحث على العدل و الأمر به وذكر فضله والنهي عن ضده وهو الظلم فمن الأحاديث:

    قوله صلى الله عليه وسلم:
    ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله :إمام عادل)) الحديث،

    وقوله :
    ((إن المقسطين على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وُلّوا))


    وأما النهي عن الغلو والتنطع فمما ورد في ذلك :

    قال تعالى :
    {يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق}

    وقال سبحانه :
    { فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير}

    وقال نبينا صلى الله عليه وسلم :
    ((إياكم و الغلو في الدين؛ فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو))

    وقال عليه الصلاة والسلام :
    ((هلك المتنطعون)) قالها ثلاثاً.

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    هذا عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات و الأعمال.


    مما سبق يتبين أن
    الغلو قد يخرج صاحبه من الدين كما حصل لليهود والنصارى،

    فالاستقامة على دين الله هي الوسطية التي وصف الله الأمة بها ، والتي استحقت أن تكون بها خير أمة أخرجت للناس ، وأي انحراف عن هذه الوسطية هو ولوج في متاهات الغلو ، الذي هو سبب لفساد الدين والدنيا .

    والله المستعان.

    قال ابن القيم –رحمة الله- في مدارج السالكين(2/496) :
    ما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نْزغتان إما إلى تفريط وإضاعة وإما إلى إفراط وغلو.
    ودين الله وسط بين الجافي عنه والغالي فيه
    كالوادي بين جبلين، والهدى بين ضلالتين، و الوسط بين طرفين ذميمين
    فكما أن الجافي عن الأمر مضيع له فالغالي فيه مضيع له بتقصيره عن الحد وهذا بتجاوزه الحد .أهـ

    بل
    أمر الشرع بنقيض الغلو والتشدد ؛ وهو اليسر .

    وذلك رحمة بعباده ولطفه بهم ، وهو مقتضى اتصافه تعالى بصفات الرحمة ، والرأفة ، والرفق ، واللطف.

    قال تعالى :
    {يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}

    وقال عز وجل :
    { يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً }

    وقال:
    {طه * ما أنْزلنا عليك القرآن لتشقى}.

    وإن الغلو في الدين من أسباب الشقاوة ، والأمور المؤدية للعسر .

    قال العلامة ابن الوزير رحمه الله :
    واحذر مواقع الغلو فإنها أساس البدعة نسأل الله السلامة.

    ==========

    ومن أهم الأمور التي تحقق الوسطية والعدل والأمن والأمان ، وتقي المجتمع من الغلو والتنطع والإرهاب معرفة أسباب الغلو لتجنبها ومعرفة الطرق الشرعية المعالجة للغلو والتنطع.


    فأهم الأسباب التي تدفع الكثير إلى ولوج متاهات الغلو ، والوقوع في آثاره السلبية السيئة.

    أولاً :
    سوء فهم الدين وضعف البصيرة بحقيقته

    .وهو ناتج عن الجهل بحقيقة الدين وأصوله وقواعده أو عن قلةالعلم أو عن مؤثرات خارجية تغطي على الشخص تجعله يسيء فهم الدين.

    إن العلم الشرعي هو العاصم

    –بتوفيق الله- من الوقوع في كثير من الزلات ، لذا جاء التأكيد عليه في القرآن والسنة ، وكثرت الآثار السلفية في الحث عليه.

    قال نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم:

    ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وتأويل المبطلين)).

    فالبعد عن العلم و التقصير فيه من الأسباب العظيمة لسوء فهم الدين.

    وصور الجهل بالدين كثيرة منها:

    الجهل بالقرآن الكريم والسنة المطهرة
    والجهل بمنهج السلف الصالح
    والجهل بمقاصد الشريعة
    والجهل بمراتب الأحكام
    والجهل بمراتب الناس الجهل باللغة العربية
    الجهل بحقيقة الإيمان والكفر .

    ويتجلى أثر ذلك الجهل بما نراه اليوم من انحراف كثير من الشباب حيث إنهم لجهلهم بالكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح وحقيقة الإيمان والكفر ينزعون من رقابهم ما فرض الله عليهم ولزمهم من بيعة ولي الأمر، والسمع والطاعة له في المعروف، وتوقير ولاة الأمر وإكرامهم ، وحفظ حقهم ، والدعاء لهم ومناصحتهم سراً لا جهراً ، وحرمة غيبتهم ، والطعن فيهم ، والتشهير بهم ، وحرمة الخروج عليهم ، وحرمة الإعانة على من خرج عليهم ولو بالكلمة وعقوبة المثير عليهم الْمُفَرِّق للجماعة.

    قال النبي -صلى الله عليه وسلم- قال :

    ((اسمع وأطع ، في عُسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرة عليك ، وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك)).

    وقال النبي -صلى الله عليه وسلم :

    ((فإنَّهُ من فارق الجماعة شبراً فمات إلا مات ميتة جاهلية))

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمَهُ اللهُ- :

    "وأما أهل العلم والدين والفضل فلا يرخصون لأحد فيما نهى الله عنه ؛ من معصية ولاة الأمور ، وغشهم ، والخروج عليهم بوجه من الوجوه ، كما قد عرف من عادات أهل السنة والدين قديماً وحديثاً ، ومن سيرة غيرهم".

    قال ابن رجب -رحمَهُ اللهُ- :

    "وأما السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين ففيها سعادة الدنيا ، وبها تنتظم مصالح العباد في معاشهم ، وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم ".


    ثانياً:
    ومن أسباب الغلو سلوك المنهجية الخاطئة في العلم والتعليم.

    إن بعض الناس قد يسلك طريق العلم ؛ لكنه لا يوفق للمنهج الرشيد ، والطريق القويم في منهجيته ، ولهذا الانحراف صور شتى منها: الإعراض عن العلماء الربانيين ، والتعلق والالتفاف حول المشبوهين والمنحرفين.

    فنجد كثيراً من الغلاة والمتنطعين يبتعدون عن علماء أهل السنة كالشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين -رحمَهُ اللهُ- ، ويلتفون حول بعض رؤوس الغلاة والإرهابين المبطلين كأسامة بن لادن -وقد حذر منه الشيخ ابن باز وقال عنه : /ن المفسدين في الأرض- والمسعري ، سعد الفقيه ، وأبي محمد المقدسي وأبي قتادة وأبي بصير وأمثالهم من الذين جميع حكام المسلمين ، ويزينون لشباب المسلمين عمليات التفجير والاغتيالات.


    تنبيه:

    حذر الشيخ ابن باز رحمه الله من أسامة بن لادن في عدة مواطن منها ما ذكره في مجموع الفتاوى(9/100) :
    [هذه النشرات التي تصدر من الفقيه ، أو من المسعري أو من غيرهما من دعاة الباطل ودعاة الشر والفرقة يجب القضاء عليها وإتلافها وعدم الالتفات إليها ، ويجب نصيحتهم وإرشادهم للحق ، وتحذيرهم من هذا الباطل ، ولا يجوز لأحد أن يتعاون معهم في هذا الشر ، ويجب أن ينصحوا ، وأن يعودوا إلى رشدهم ، وأن يدَعوا هذا الباطل ويتركوه . ونصيحتي للمسعري والفقيه وابن لادن وجميع من يسلك سبيلهم أن يدَعوا هذا الطريق الوخيم ، وأن يتقوا الله ويحذروا نقمته وغضبه ، وأن يعودوا إلى رشدهم ، وأن يتوبوا إلى الله مما سلف منهم...].

    ومن المنهجية الخاطئة اتباع المتشابه

    وترك النصوص المحكمة التي تنهى عن تكفير المسلم الذي لم يرتكب ناقضاً من نواقض الإسلام، وتحرم دم الذمي والمعاهَد ، ويأخذون بالمتشابه فيكفرون المسلمين حكاما ومحكومين بعمومات ورد تخصيصها ، ومطلقات ورد تقييدها .

    ومن أسباب الغلو والتطرف والإرهاب الجهل بمسألة الحكم بما أنزل الله والتشريع :

    فتجد الغلاة يجعلون الحكم بغير ما أنزل الله من الكفر الأكبر ، وقد أجمع العلماء –كما ذكر ابن عبد البر- على أن الحكم بغير ما أنزل الله من الكفر الأصغر إلا إذا زعم أن الله أحلَّ الحكم بغير ما أنزل الله ، أو اعتقد أن الله لم يحرمه أو اعتقد أنه حلال ، أو اعتقد مساواته أو تفضيله على شرع الله .

    قال سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمَهُ اللهُ- لما سئل عن الحكم بالقوانين الوضعية :

    [ إذا استباح حكمٍ بقانونٍ غير الشريعة يكون كافراً كفرا أكبر ، أما إذا فعل ذلك لأسباب خاصة عاصياً لله من أجل رشوة أو إرضاء فلان أو فلان ويعلم أنه محرم يكون كفراً دون كفر] أي لا يكفر إلا استباح الحكم بالقوانين الوضعية.


    ومن أعظم الأمور التي تعالج الغلو والتطرف وتجتثه من جذوره:

    1/ التمسك بالكتاب والسنة على منهج السلف الصالح ، والتفاف الشباب حول علماء الأمة الربانيين ، والبعد عن المشبوهين والمفسدين.

    2/ التفاف الأمة والشعب حول حكامها المسلمين ، وطاعتهم وعدم غشهم ، ومناصحتهم سراً، والدعاء لهم بالتوفيق والسداد.

    3/ تحذير الشباب من الغلو والتطرف ، والتحذير من كبار الغلاة بأعيانهم ، والتحذير من كتبهم ومؤلفاتهم وخاصة الداعية إلى الإرهاب والتفجير والتكفير.

    4/ تحذير الشباب من القنوات الفضائية المشبوهة ، المدمرة للدين والعقيدة ، وكذلك تحذيرهم من المواقع المنحرفة على شبكة المعلومات الإنترنت.

    5/ تأيف الكتب والردود التي تكشف شبهات الغلاة ، وتحصن عقول الشباب من الانسياق وراء تلك الشبهات.

    6/ عقد الندوات والمحاضرات والدروس التي تجتث الإرهاب من جذوره وتكثيف ذلك في المدارس والمعاهد والجامعات والمساجد وجميع المناسبات الشرعية.



    وفي الختام
    أسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه خير الأمة الإسلامية وخاصة هذه البلاد المباركة
    وأسأل الله أن يكفي المسلمين شر وخطر الغلاة والمتطرفين ، وأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان والإيمان .


    والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

    كتبه:

    أبو عمر أسامة بن عطايا بن عثمان العتيبي

    نقلاً عن

    وسطية الإسلام، ووسائل اجتثاث التطرف والإرهاب Albaidha1

    لطفـــــــــاً .. من هنــــــــــــــــــا

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 0:49