رسالة إلى قضاتنا الكرامبقلم :
إسماعيل ولد الشريف
باحث وكاتب إسلامي
معلوم أن الله حرم الظلم على نفسه وجعله بين عبادهمحرما وأوجب العدل وحث عليه
يقول الله تعالى :
( إن الله يأمر بالعدل والإحسان)
ويقول سبحانه:
( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)
ويقول جل وعلا:
( ولقدأرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط)
ويقولسبحانه :
( وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط)
ويقول سبحانه :
( إن الله يحب المقسطين)،
ويقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم :
( إن المقسطين على منابر من نور يومالقيامة)،
ويقول الحكماء
إن أمور الناس تستقيم في الدنيا مع العدل...
ولهذا قيل:
إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة
ولا يقيم الظالمة وإنكانت مسلمة
...
وفيالأثر :
(ليس ذنب أسرع عقوبة من البغي وقطيعة الرحم.
لكل ذلك وغيره
فإني أبعثهذه الرسالة المفتوحة إلى قضاتنا الأفاضل وكافة القضاة في كل مكان من العالم
أذكرهم
بما أوجبه الله عليهم
وأدعوهم
إلى مناصرة الحق والعدل
والوقوف
إلى جانب المظلومين
وذلك من خلال الحقائق التالية:
1- -
أمهد بالقول إن التحذير من القضاء ، ورفض السلف لتوليه إنما ذلك للوعيد الشديد لمن ظلم أو كان جاهلا ،
أما من كان من أهل العلم والقوة في الحق ، فهو في حقه محمود مطلوب ،
يقول النووي –رحمه الله-
عند شرحهلقول النبي صلى الله عليه وسلم :
(يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً وإني أحب لك ما أحبلنفسي لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم).
هذا الحديث أصل عظيم في اجتنابالولايات
ولاسيما لمن كان فيه ضعف عن القيام بوظائف تلك الولاية
وأما
الخزيوالندامة فهو في حق من لم يكن أهلاً لها
أو
كان أهلاً ولم يعدل فيها
فيخزيه اللهتعالى يوم القيامة
ويفضحه ويندم على ما فرط
وأما
من كان أهلاً للولاية وعدل فيها
فله فضل عظيم
تظاهرت به الأحاديث الصحيحة
كحديث: "سبعة يظلهم الله"
والحديث المذكورهنا عقب هذا :
"إن المقسطين على منابر من نور"
وغير ذلك
وإجماع المسلمين منعقد عليه .
2—-
أن الحكمة الأساسية من القضاء
هي
تحقيق العدل بين الناس
و
إيصال الحقوق إلى أصحابها
و
فض المنازعات
و
رد التواثب وقمع الظالم ونصرة المظلوم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
ومن هنا عرف القضاء
بأنه :
الفصل بين الناس في الخصومات حسما للتداعي وقطعا للنزاع بالأحكام الشرعية ممن كانت له الأهلية في التوقيع عن الله.
كما عرف بأنه :
الإخبار عن حكم شرعي على سبيل الإلزام .
وعرف ابن عاصمالقاضي بأنه
(منفذ بالشرع للأحكام).
وقد
أمر الله تعالى نبيه داوود -عليهالسلام- بالحكم بالعدل
بعد تحذيره من مغبة الحكم بالهوى ،
وبيّن
أن ذلك هو الضلالالمبين:
فقال تعالى :
(يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِفَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْسَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌشَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ)
،ولا يتصور صدور العدل من غير عدل
وقد
نصعلماؤنا المالكيون –رحمهم الله- على هذه الحكمة حتى يتمكن القاضي من أداء مهمته دونحيف أو ظلم
يقول ابن عاصم – رحمه الله:
(...*وشرطه التكليف والعدالة).
3—-
أن من آداب القضاء
معرفة حقيقة الدعوى والتمييز بين المدعي والمدعى عليه .
يقولابن عاصم – رحمه الله-:
( والمدعي مطالب بالبينة *...)،
وذلك
لما رواه البيهقيوغيره بإسناد صحيح
عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(لو يعطى الناسبدعواهم لادعى قوم دماء قوم وأموالهم
ولكن
البينة على المدعي واليمين على من أنكر)
يقول النووي – رحمه الله - :
وهذا الحديث قاعدة كبيرة من قواعد أحكام الشرع،
ففيه
أنه لا يقبل قول الإنسان فيما يدعيه بمجرد دعواه
بل
يحتاج إلى بينة أو تصديق المدعىعليه
فإن
طلب يمين المدعى عليه فله ذلك
ولا فرق في هذا أمام القاضي المسلم بين مدعومدعى عليه ، حتى ولو تعلق الأمر برئيس الدولة
وقد سجل لنا التاريخ
أن عليا بنأبي طالب رضي الله عنه ضاع له درع فوجده عند يهودي فخاصمه إلى شريح
فقال هذا درعيويشهد عليه ابني الحسن-سيد شباب أهل الجنة- ومولاي
فقبل القاضي شهادة المولى ولميقبل شهادة الحسن لمكانته من علي
وحكم بالدرع لليهودي لوضع اليد وعدم اكتمال بينةالمدعي
، فما كان من اليهودي إلا أن أسلم
لتأثره بما رأى من عدل المسلمين
فأهدى لهعلي-رضي الله عنه- الدرع بعد إسلامه.
يقول ابن القيم – رحمه الله :
الحكم نوعان :
1- -
إثبات ،
ويعتمد الصدق.
2- -
إلزام
ويعتمد العدل
قال تعالى :
( وتمتكلمة ربك صدقا وعدلا)
ولكل واحد من القسمين طرق متعددة يعرف بها
ذكر منها ابن القيم 22طريقا.
ولا يخلو حال المدعى عليه من ثلاث حالات:
أ- الإقرار.
ب-الإنكار
. ج-الامتناع.
ولا يجوز حبس المقر ، ولا المنكر مع عدم وجود البينة
وإنما يجبعلى القاضي النظر في أمرهما بعدل
ثم
الحكم بما أوجبه الله عليه حسب البينات .
...
4
إسماعيل ولد الشريف
باحث وكاتب إسلامي
معلوم أن الله حرم الظلم على نفسه وجعله بين عبادهمحرما وأوجب العدل وحث عليه
يقول الله تعالى :
( إن الله يأمر بالعدل والإحسان)
ويقول سبحانه:
( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)
ويقول جل وعلا:
( ولقدأرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط)
ويقولسبحانه :
( وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط)
ويقول سبحانه :
( إن الله يحب المقسطين)،
ويقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم :
( إن المقسطين على منابر من نور يومالقيامة)،
ويقول الحكماء
إن أمور الناس تستقيم في الدنيا مع العدل...
ولهذا قيل:
إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة
ولا يقيم الظالمة وإنكانت مسلمة
...
وفيالأثر :
(ليس ذنب أسرع عقوبة من البغي وقطيعة الرحم.
لكل ذلك وغيره
فإني أبعثهذه الرسالة المفتوحة إلى قضاتنا الأفاضل وكافة القضاة في كل مكان من العالم
أذكرهم
بما أوجبه الله عليهم
وأدعوهم
إلى مناصرة الحق والعدل
والوقوف
إلى جانب المظلومين
وذلك من خلال الحقائق التالية:
1- -
أمهد بالقول إن التحذير من القضاء ، ورفض السلف لتوليه إنما ذلك للوعيد الشديد لمن ظلم أو كان جاهلا ،
أما من كان من أهل العلم والقوة في الحق ، فهو في حقه محمود مطلوب ،
يقول النووي –رحمه الله-
عند شرحهلقول النبي صلى الله عليه وسلم :
(يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً وإني أحب لك ما أحبلنفسي لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم).
هذا الحديث أصل عظيم في اجتنابالولايات
ولاسيما لمن كان فيه ضعف عن القيام بوظائف تلك الولاية
وأما
الخزيوالندامة فهو في حق من لم يكن أهلاً لها
أو
كان أهلاً ولم يعدل فيها
فيخزيه اللهتعالى يوم القيامة
ويفضحه ويندم على ما فرط
وأما
من كان أهلاً للولاية وعدل فيها
فله فضل عظيم
تظاهرت به الأحاديث الصحيحة
كحديث: "سبعة يظلهم الله"
والحديث المذكورهنا عقب هذا :
"إن المقسطين على منابر من نور"
وغير ذلك
وإجماع المسلمين منعقد عليه .
2—-
أن الحكمة الأساسية من القضاء
هي
تحقيق العدل بين الناس
و
إيصال الحقوق إلى أصحابها
و
فض المنازعات
و
رد التواثب وقمع الظالم ونصرة المظلوم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
ومن هنا عرف القضاء
بأنه :
الفصل بين الناس في الخصومات حسما للتداعي وقطعا للنزاع بالأحكام الشرعية ممن كانت له الأهلية في التوقيع عن الله.
كما عرف بأنه :
الإخبار عن حكم شرعي على سبيل الإلزام .
وعرف ابن عاصمالقاضي بأنه
(منفذ بالشرع للأحكام).
وقد
أمر الله تعالى نبيه داوود -عليهالسلام- بالحكم بالعدل
بعد تحذيره من مغبة الحكم بالهوى ،
وبيّن
أن ذلك هو الضلالالمبين:
فقال تعالى :
(يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِفَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْسَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌشَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ)
،ولا يتصور صدور العدل من غير عدل
وقد
نصعلماؤنا المالكيون –رحمهم الله- على هذه الحكمة حتى يتمكن القاضي من أداء مهمته دونحيف أو ظلم
يقول ابن عاصم – رحمه الله:
(...*وشرطه التكليف والعدالة).
3—-
أن من آداب القضاء
معرفة حقيقة الدعوى والتمييز بين المدعي والمدعى عليه .
يقولابن عاصم – رحمه الله-:
( والمدعي مطالب بالبينة *...)،
وذلك
لما رواه البيهقيوغيره بإسناد صحيح
عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(لو يعطى الناسبدعواهم لادعى قوم دماء قوم وأموالهم
ولكن
البينة على المدعي واليمين على من أنكر)
يقول النووي – رحمه الله - :
وهذا الحديث قاعدة كبيرة من قواعد أحكام الشرع،
ففيه
أنه لا يقبل قول الإنسان فيما يدعيه بمجرد دعواه
بل
يحتاج إلى بينة أو تصديق المدعىعليه
فإن
طلب يمين المدعى عليه فله ذلك
ولا فرق في هذا أمام القاضي المسلم بين مدعومدعى عليه ، حتى ولو تعلق الأمر برئيس الدولة
وقد سجل لنا التاريخ
أن عليا بنأبي طالب رضي الله عنه ضاع له درع فوجده عند يهودي فخاصمه إلى شريح
فقال هذا درعيويشهد عليه ابني الحسن-سيد شباب أهل الجنة- ومولاي
فقبل القاضي شهادة المولى ولميقبل شهادة الحسن لمكانته من علي
وحكم بالدرع لليهودي لوضع اليد وعدم اكتمال بينةالمدعي
، فما كان من اليهودي إلا أن أسلم
لتأثره بما رأى من عدل المسلمين
فأهدى لهعلي-رضي الله عنه- الدرع بعد إسلامه.
يقول ابن القيم – رحمه الله :
الحكم نوعان :
1- -
إثبات ،
ويعتمد الصدق.
2- -
إلزام
ويعتمد العدل
قال تعالى :
( وتمتكلمة ربك صدقا وعدلا)
ولكل واحد من القسمين طرق متعددة يعرف بها
ذكر منها ابن القيم 22طريقا.
ولا يخلو حال المدعى عليه من ثلاث حالات:
أ- الإقرار.
ب-الإنكار
. ج-الامتناع.
ولا يجوز حبس المقر ، ولا المنكر مع عدم وجود البينة
وإنما يجبعلى القاضي النظر في أمرهما بعدل
ثم
الحكم بما أوجبه الله عليه حسب البينات .
...
4