التحذير من فتنة التجريح والتبديع من بعض أهل السنة في هذا العصر
التحذير من فتنة التجريح والتبديع من بعض أهل السنة في هذا العصر
وقريبٌ من بدعة امتحان الناس بالأشخاص ما حصل في هذا الزمان من افتتان فئة قليلة من أهل السنَّة بتجريح بعض إخوانهم من أهل السنة وتبديعهم، وما ترتَّب على ذلك من هجر وتقاطع بينهم وقطع لطريق الإفادة منهم، وذلك التجريح والتبديع منه ما يكون مبنيًّا على ظنِّ ما ليس ببدعة بدعة، ومن أمثلة ذلك أنَّ الشيخين الجليلين عبد العزيز بن باز وابن عثيمين ـ رحمهما الله ـ قد أفتيا جماعة بدخولها في أمر رأيَا المصلحة في ذلك الدخول، ومِمَّن لم يُعجبهم ذلك المفتَى به تلك الفئة القليلة، فعابت تلك الجماعة بذلك، ولَم يقف الأمر عند هذا الحدِّ، بل انتقل العيب إلى مَن يتعاون معها بإلقاء المحاضرات، ووصفه بأنَّه مُميِّع لمنهج السلف، مع أنَّ هذين الشيخين الجليلين كانا يُلقيان المحاضرات على تلك الجماعة عن طريق الهاتف.
ومن ذلك أيضاً حصول التحذير من حضور دروس شخص؛ لأنَّه لا يتكلَّم في فلان الفلاني أو الجماعة الفلانية، وقد تولَّى كبر ذلك شخص من تلاميذي بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية، تخرَّج منها عام (1395 ـ 1396هـ)، وكان ترتيبه الرابع بعد المائة من دفعته البالغ عددهم (119) خرِّيجاً، وهو غير معروف بالاشتغال بالعلم، ولا أعرف له دروساً علميَّة مسجَّلة، ولا مؤلَّفاً في العلم صغيراً ولا كبيراً، وجلُّ بضاعته التجريح والتبديع والتحذير من كثيرين من أهل السنَّة، لا يبلغ هذا الجارحُ كعبَ بعض مَن جرَحهم لكثرة نفعهم في دروسهم ومحاضراتهم ومؤلفاتهم، ولا ينتهي العجب إذا سمع عاقل شريطاً له يحوي تسجيلاً لمكالمة هاتفية طويلة بين المدينة والجزائر، أكل فيها المسئول لحومَ كثير من أهل السنَّة، وأضاع فيها السائل مالَه بغير حقٍّ، وقد زاد عدد المسئول عنهم في هذا الشريط على ثلاثين شخصاً، فيهم الوزير والكبير والصغير، وفيهم فئة قليلة غير مأسوف عليهم، وقد نجا مِن هذا الشريط مَن لم يُسأل عنه فيه، وبعض الذين نجوا منه لم ينجوا من أشرطة أخرى له، حوتها شبكة المعلومات الإنترنت، والواجب عليه الإمساك عن أكل لحوم العلماء وطلبة العلم، والواجب على الشباب وطلاَّب العلم ألاَّ يلتفتوا إلى تلك التجريحات والتبديعات التي تضرُّ ولا تنفع، وأن يشتغلوا بالعلم النافع الذي يعود عليهم بالخير والعاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة، وقد قال الحافظ ابن عساكر ـ رحمه الله ـ في كتابه تبيين كذب المفتري (ص: 29): "واعلم ـ يا أخي! وفَّقنا الله وإياك لمرضاته، وجعلنا مِمَّن يَخشاه ويتَّقيه حق تقاته ـ أنَّ لحوم العلماء رحمة الله عليهم مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة"، وقد أوردتُ في رسالتي "رفقاً أهل السنَّة بأهل السنَّة" جملة كبيرة من الآيات والأحاديث والآثار في حفظ اللسان من الوقيعة في أهل السنَّة، ولا سيما أهل العلم منهم، ومع ذلك لَم تُعجب هذا الجارح، ووصفها بأنَّها غير مؤهَّلة للنشر، وحذَّر منها ومن نشرها، ولا شكَّ أنَّ مَن يقف على هذا الجرح ويطَّلع على الرسالة يجد أنَّ هذا الحكم في واد والرسالة في واد آخر، وأنَّ الأمر كما قال الشاعر:
قد تُنكر العينُ ضوء الشمس من رمَد ويُنكر الفمُ طعمَ الماء من سَقَمِ
وأمَّا قول التلميذ الجارح لرسالة "رفقاً أهل السنَّة بأهل السنَّة": "فمثلاً في كلام أنَّ منهج الشيخ عبد العزيز بن باز ومنهج الشيخ ابن عثيمين على خلاف منهج أهل السنَّة الآخرين، هذا خطأ لا شك، يعني لا يُكثرون الردود ويردون على المخالف، هذا لو صحَّ هو خلاف منهج أهل السنَّة والجماعة، وهو طعن في الشيخين في الحقيقة، وفي غيرهم مِمَّن يمكن أن يُقال عنه هذا الكلام!!!".
فالجواب عنه من وجوه:
الوجه الأول: أنَّه ليس في الرسالة أنَّ الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ لا يكثر الردود، بل ردوده كثيرة، وقد جاء في الرسالة (ص: 51): "أن يكون الردُّ برفق ولين ورغبة شديدة في سلامة المخطئ من الخطأ، حيث يكون الخطأ واضحاً جليًّا، وينبغي الرجوع إلى ردود الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ للاستفادة منها في الطريقة التي ينبغي أن يكون الردُّ عليها".
الوجه الثاني: أنَّني لَم أتعرَّض لذكر منهج الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في الردود؛ لأنِّي لا أعرف له مؤلَّفاً صغيراً أو كبيراً في الردود، وسألتُ أحدَ تلاميذه الملازمين له عن ذلك، فأخبرني أنَّه لا يعلم له شيئاً من الردود، وذلك لا يقدح فيه؛ لأنَّه مشغول بتقرير العلم ونشره والتأليف.
الوجه الثالث: أنَّ منهج الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ يختلف عن منهج التلميذ الجارح ومَن يشبهه؛ لأنَّ منهج الشيخ يتَّسم بالرِّفق واللِّين والحرص على استفادة المنصوح والأخذ بيده إلى طريق السلامة، وأمَّا الجارحُ ومَن يشبهه فيتَّسمُ بالشدَّة والتنفير والتحذير، وكثيرون مِن الذين جرحهم في أشرطته كان يُثني عليهم الشيخ عبد العزيز ويدعو لهم ويحثُّهم على الدعوة وتعليم الناس، ويَحثُّ على الاستفادة منهم والأخذ عنهم.
والحاصلُ أنَّنِي لَم أنسب إلى الشيخ عبد العزيز ابن باز ـ رحمه الله ـ عدم الردِّ على غيره، وأمَّا ابن عثيمين فلَم أتعرَّض له بذكر في قضيَّة الردود، وأنَّ ما ذكره الجارحُ غير مطابق لِمَا في الرسالة، وهو من أوضح الأدلة على تخبُّطه وعدم تثبُّته، وإذا كان هذا منه في كلام مكتوب، فكيف يكون الحال فيما لا كتابة فيه؟!
وأمَّا قول جارح الرسالة: "وأنا في الحقيقة قد قرأتُ الرسالةَ، وعرفت موقفَ أهل السنَّة منها، ولعلَّكم رأيتم الردودَ من بعض العلماء والمشايخ، وما أظنُّ الردودَ تقف عند ذلك، إنَّما هناك مَن سَيَرُدُّ أيضاً؛ لأنَّه كما يقول الشاعر:
جاء شقيق عارض رمحه إنَّ بني عمِّك فيهم رماح
كذا: عارضٌ، والصواب عارضاً.
فالجواب: أنَّ أهل السنَّة الذين عناهم هم الذين يختلف منهجهم عن منهج الشيخ عبد العزيز ـ رحمه الله ـ الذي أشرتُ إليه قريباً، وهو بهذا الكلام يستنهض هِمَمَ مَن لم يعرفهم للنيل من الرسالة بعد أن استنهض هِمَم مَن يعرفهم، وأنا في الحقيقة لَم أعرض رمحاً، وإنَّما عرضتُ نصحاً لم يقبله الجارحُ ومَن يشبهه؛ لأنَّ النصحَ للمنصوح يشبه الدواءَ للمريض، ومن المرضى مَن يستعمل الدواء وإن كان مُرًّا؛ لِمَا يُؤَمِّله من فائدة، ومن المنصوحين من يصدُّه الهوى عن النصح لا يقبله، بل ويُحذِّر منه، وأسأل الله للجميع التوفيق والهدايةَ والسلامةَ من كيد الشيطان ومكره.
وقد شارك التلميذَ الجارح ثلاثةٌ: اثنان في مكة والمدينة، وهما من تلاميذي في الجامعة الإسلامية بالمدينة، أولهما تخرَّج عام (1384 ـ 1385هـ)، والثاني عام (1391 ـ 1392هـ)، وأمَّا الثالث ففي أقصى جنوب البلاد، وقد وصف الثاني والثالث مَن يُوزِّع الرسالةَ بأنَّه مبتدع، وهو تبديع بالجملة والعموم، ولا أدري هل علموا أو لم يعلموا أنَّه وزَّعها علماء وطلبة علم لا يُوصَفون ببدعة، وآملُ منهم تزويدي بالملاحظات التي بنوا عليها هذا التبديع العام إن وُجدت للنظر فيها.
وللشيخ عبد الرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرام خطبة ألقاها من منبر المسجد الحرام حذَّر فيها من وقيعة أهل السنَّة بعضهم في بعض، نلفتُ الأنظارَ إليها؛ فإنَّها مهمَّة ومفيدة.
وأسأل الله عزَّ وجلَّ أن يوفِّق الجميعَ لِمَا يُرضيه وللفقه في الدِّين والثبات على الحقِّ، والاشتغال بما يعني عمَّا لا يعني، إنَّه وليَّ ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه.
-----------
من رسالة
الحث على اتباع السنة والتحذير من البدع وبيان خطرها
الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر
التحذير من فتنة التجريح والتبديع من بعض أهل السنة في هذا العصر
وقريبٌ من بدعة امتحان الناس بالأشخاص ما حصل في هذا الزمان من افتتان فئة قليلة من أهل السنَّة بتجريح بعض إخوانهم من أهل السنة وتبديعهم، وما ترتَّب على ذلك من هجر وتقاطع بينهم وقطع لطريق الإفادة منهم، وذلك التجريح والتبديع منه ما يكون مبنيًّا على ظنِّ ما ليس ببدعة بدعة، ومن أمثلة ذلك أنَّ الشيخين الجليلين عبد العزيز بن باز وابن عثيمين ـ رحمهما الله ـ قد أفتيا جماعة بدخولها في أمر رأيَا المصلحة في ذلك الدخول، ومِمَّن لم يُعجبهم ذلك المفتَى به تلك الفئة القليلة، فعابت تلك الجماعة بذلك، ولَم يقف الأمر عند هذا الحدِّ، بل انتقل العيب إلى مَن يتعاون معها بإلقاء المحاضرات، ووصفه بأنَّه مُميِّع لمنهج السلف، مع أنَّ هذين الشيخين الجليلين كانا يُلقيان المحاضرات على تلك الجماعة عن طريق الهاتف.
ومن ذلك أيضاً حصول التحذير من حضور دروس شخص؛ لأنَّه لا يتكلَّم في فلان الفلاني أو الجماعة الفلانية، وقد تولَّى كبر ذلك شخص من تلاميذي بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية، تخرَّج منها عام (1395 ـ 1396هـ)، وكان ترتيبه الرابع بعد المائة من دفعته البالغ عددهم (119) خرِّيجاً، وهو غير معروف بالاشتغال بالعلم، ولا أعرف له دروساً علميَّة مسجَّلة، ولا مؤلَّفاً في العلم صغيراً ولا كبيراً، وجلُّ بضاعته التجريح والتبديع والتحذير من كثيرين من أهل السنَّة، لا يبلغ هذا الجارحُ كعبَ بعض مَن جرَحهم لكثرة نفعهم في دروسهم ومحاضراتهم ومؤلفاتهم، ولا ينتهي العجب إذا سمع عاقل شريطاً له يحوي تسجيلاً لمكالمة هاتفية طويلة بين المدينة والجزائر، أكل فيها المسئول لحومَ كثير من أهل السنَّة، وأضاع فيها السائل مالَه بغير حقٍّ، وقد زاد عدد المسئول عنهم في هذا الشريط على ثلاثين شخصاً، فيهم الوزير والكبير والصغير، وفيهم فئة قليلة غير مأسوف عليهم، وقد نجا مِن هذا الشريط مَن لم يُسأل عنه فيه، وبعض الذين نجوا منه لم ينجوا من أشرطة أخرى له، حوتها شبكة المعلومات الإنترنت، والواجب عليه الإمساك عن أكل لحوم العلماء وطلبة العلم، والواجب على الشباب وطلاَّب العلم ألاَّ يلتفتوا إلى تلك التجريحات والتبديعات التي تضرُّ ولا تنفع، وأن يشتغلوا بالعلم النافع الذي يعود عليهم بالخير والعاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة، وقد قال الحافظ ابن عساكر ـ رحمه الله ـ في كتابه تبيين كذب المفتري (ص: 29): "واعلم ـ يا أخي! وفَّقنا الله وإياك لمرضاته، وجعلنا مِمَّن يَخشاه ويتَّقيه حق تقاته ـ أنَّ لحوم العلماء رحمة الله عليهم مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة"، وقد أوردتُ في رسالتي "رفقاً أهل السنَّة بأهل السنَّة" جملة كبيرة من الآيات والأحاديث والآثار في حفظ اللسان من الوقيعة في أهل السنَّة، ولا سيما أهل العلم منهم، ومع ذلك لَم تُعجب هذا الجارح، ووصفها بأنَّها غير مؤهَّلة للنشر، وحذَّر منها ومن نشرها، ولا شكَّ أنَّ مَن يقف على هذا الجرح ويطَّلع على الرسالة يجد أنَّ هذا الحكم في واد والرسالة في واد آخر، وأنَّ الأمر كما قال الشاعر:
قد تُنكر العينُ ضوء الشمس من رمَد ويُنكر الفمُ طعمَ الماء من سَقَمِ
وأمَّا قول التلميذ الجارح لرسالة "رفقاً أهل السنَّة بأهل السنَّة": "فمثلاً في كلام أنَّ منهج الشيخ عبد العزيز بن باز ومنهج الشيخ ابن عثيمين على خلاف منهج أهل السنَّة الآخرين، هذا خطأ لا شك، يعني لا يُكثرون الردود ويردون على المخالف، هذا لو صحَّ هو خلاف منهج أهل السنَّة والجماعة، وهو طعن في الشيخين في الحقيقة، وفي غيرهم مِمَّن يمكن أن يُقال عنه هذا الكلام!!!".
فالجواب عنه من وجوه:
الوجه الأول: أنَّه ليس في الرسالة أنَّ الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ لا يكثر الردود، بل ردوده كثيرة، وقد جاء في الرسالة (ص: 51): "أن يكون الردُّ برفق ولين ورغبة شديدة في سلامة المخطئ من الخطأ، حيث يكون الخطأ واضحاً جليًّا، وينبغي الرجوع إلى ردود الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ للاستفادة منها في الطريقة التي ينبغي أن يكون الردُّ عليها".
الوجه الثاني: أنَّني لَم أتعرَّض لذكر منهج الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في الردود؛ لأنِّي لا أعرف له مؤلَّفاً صغيراً أو كبيراً في الردود، وسألتُ أحدَ تلاميذه الملازمين له عن ذلك، فأخبرني أنَّه لا يعلم له شيئاً من الردود، وذلك لا يقدح فيه؛ لأنَّه مشغول بتقرير العلم ونشره والتأليف.
الوجه الثالث: أنَّ منهج الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ يختلف عن منهج التلميذ الجارح ومَن يشبهه؛ لأنَّ منهج الشيخ يتَّسم بالرِّفق واللِّين والحرص على استفادة المنصوح والأخذ بيده إلى طريق السلامة، وأمَّا الجارحُ ومَن يشبهه فيتَّسمُ بالشدَّة والتنفير والتحذير، وكثيرون مِن الذين جرحهم في أشرطته كان يُثني عليهم الشيخ عبد العزيز ويدعو لهم ويحثُّهم على الدعوة وتعليم الناس، ويَحثُّ على الاستفادة منهم والأخذ عنهم.
والحاصلُ أنَّنِي لَم أنسب إلى الشيخ عبد العزيز ابن باز ـ رحمه الله ـ عدم الردِّ على غيره، وأمَّا ابن عثيمين فلَم أتعرَّض له بذكر في قضيَّة الردود، وأنَّ ما ذكره الجارحُ غير مطابق لِمَا في الرسالة، وهو من أوضح الأدلة على تخبُّطه وعدم تثبُّته، وإذا كان هذا منه في كلام مكتوب، فكيف يكون الحال فيما لا كتابة فيه؟!
وأمَّا قول جارح الرسالة: "وأنا في الحقيقة قد قرأتُ الرسالةَ، وعرفت موقفَ أهل السنَّة منها، ولعلَّكم رأيتم الردودَ من بعض العلماء والمشايخ، وما أظنُّ الردودَ تقف عند ذلك، إنَّما هناك مَن سَيَرُدُّ أيضاً؛ لأنَّه كما يقول الشاعر:
جاء شقيق عارض رمحه إنَّ بني عمِّك فيهم رماح
كذا: عارضٌ، والصواب عارضاً.
فالجواب: أنَّ أهل السنَّة الذين عناهم هم الذين يختلف منهجهم عن منهج الشيخ عبد العزيز ـ رحمه الله ـ الذي أشرتُ إليه قريباً، وهو بهذا الكلام يستنهض هِمَمَ مَن لم يعرفهم للنيل من الرسالة بعد أن استنهض هِمَم مَن يعرفهم، وأنا في الحقيقة لَم أعرض رمحاً، وإنَّما عرضتُ نصحاً لم يقبله الجارحُ ومَن يشبهه؛ لأنَّ النصحَ للمنصوح يشبه الدواءَ للمريض، ومن المرضى مَن يستعمل الدواء وإن كان مُرًّا؛ لِمَا يُؤَمِّله من فائدة، ومن المنصوحين من يصدُّه الهوى عن النصح لا يقبله، بل ويُحذِّر منه، وأسأل الله للجميع التوفيق والهدايةَ والسلامةَ من كيد الشيطان ومكره.
وقد شارك التلميذَ الجارح ثلاثةٌ: اثنان في مكة والمدينة، وهما من تلاميذي في الجامعة الإسلامية بالمدينة، أولهما تخرَّج عام (1384 ـ 1385هـ)، والثاني عام (1391 ـ 1392هـ)، وأمَّا الثالث ففي أقصى جنوب البلاد، وقد وصف الثاني والثالث مَن يُوزِّع الرسالةَ بأنَّه مبتدع، وهو تبديع بالجملة والعموم، ولا أدري هل علموا أو لم يعلموا أنَّه وزَّعها علماء وطلبة علم لا يُوصَفون ببدعة، وآملُ منهم تزويدي بالملاحظات التي بنوا عليها هذا التبديع العام إن وُجدت للنظر فيها.
وللشيخ عبد الرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرام خطبة ألقاها من منبر المسجد الحرام حذَّر فيها من وقيعة أهل السنَّة بعضهم في بعض، نلفتُ الأنظارَ إليها؛ فإنَّها مهمَّة ومفيدة.
وأسأل الله عزَّ وجلَّ أن يوفِّق الجميعَ لِمَا يُرضيه وللفقه في الدِّين والثبات على الحقِّ، والاشتغال بما يعني عمَّا لا يعني، إنَّه وليَّ ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه.
-----------
من رسالة
الحث على اتباع السنة والتحذير من البدع وبيان خطرها
الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر