الرد على شبهات ياسر برهامي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين , نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 0
أما بعد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين , نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 0
أما بعد
فقد أرسل إلىَّ أحد الأفاضل من إخواننا المصريين السؤال التالي :
(فضيلة الشيخ الجهني نرجو الرد على تلك الشبهات التي أثارها الشيخ ياسر برهامي عند الرد على سؤال حول هل الإخوان و التبليغ من الفرق الثنتين و السبعين ؟
فالشيخ ياسر برهامي يرفض الحكم على جماعة الإخوان و جماعة التبليغ بأنهما من الفرق الضالة الثنتين و السبعين لعدة شبهات :
1- أنه ليس كل منتسب لتلك الجماعات هو مبتدع فهناك يوجد في تلك الجماعات منتسبين لها و لكنهم سلفيون و ألفوا كتباً و مراجع معتمدة سلفية كعمر الأشقر و كتبه في العقيدة ، و عبدالكريم زيدان و كتبه في أصول الفقه و الدعوة ، و مصطفى حلمي و كتبه عن الدعوة .. و بالتالي فليس كل منتسب لتلك الجماعات يهجر بالكلية و يهجر كلامه بالكلية
2- يحتج بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية و أنه قال الذي فيه سنة و بدعة يحب لسنته و يبغض على بدعته و معصيته و أن الرجل المحافظ على السنة و المؤمن الكامل يحب من كل وجه و الكافر يبغض من كل وجه و الذي عنده سنة و بدعة و تقوى و فجور و طاعة و معصية يحب لطاعته و سنته و يبغض على فجوره و معصيته و بدعته
3- يحتج بفتاوى أصدرتها للجنة الدائمة تنص على أن جماعتي التبليغ و الإخوان من أقرب الناس في الجملة و ينكر عليهم بدعهم ينكر عليهم مخالفاتهم دون التعصب المذموم و لا يمنع من التعاون معهم على الخير
4- يقول بأنه من الخطأ تعميم الحكم على أفراد تلك الجماعات بأنهم من أهل النار بل يطلق القول بالبدعة على من اتصف فيهم بالبدعة فقط ..
وفيما يلي نص السؤال و نص إجابة الشيخ ياسر برهامي :
السؤال : لماذا تعتبرون أن الإخوان أو التبليغ و غيرهم من الفرق جماعات و ليست فرقاً بالرغم من انحرافهم و مخالفاتهم ؟
إجابة الشيخ ياسر برهامي :
الذي يريد أن يعمم الحكم على هذه الجماعات التي فيها السني و البدعي و التي فيها الخير و هناك الدخن أيضاً يعمم الحكم عليها بأنها من فرق أهل النار .. فقد أخطأ في ذلك لأنها لم تتبن أصلاً كلياً مخالفاً لأصول أهل السنة لكن يوجد منهم من يخالف أعني أنها لم تتبن في أصل كلي من أصول مثلاً الإيمان أو الأسماء و الصفات أو القضاء و القدر أو الصحابة رضي الله عنهم منهجاً مخالفاً لأهل السنة و هي في الجملة في مؤلفات يعني كثير من مؤلفات مؤسسيها تدعو إلى مسألة معينة و وجد فيها تدعو إلى مثلاً العودة إلى الإسلام و دعوة الناس للالتزام بالدين في الجملة و وجد فيها من كان من أهل السنة و وجد من يتعاون معهم لأجل أنهم أقرب الطوائف القائمة في زمنه للحق و يوجد منهم من أهل البدعة و نحن نحذر من بدعة المبتدع و ننكر عليهم و لم يزل يعني الأخوة و الدعاة في الإسكندرية و غيرها يحذرون من بدع التبليغ و الإخوان و الجماعات الأخرى المنحرفة التي فيها انحراف و لكن لا يصح تعميم الحكم عليهم بأنهم كلهم من أهل النار إنما نقول أن هذا الأمر لمن اتصف ببدعة ؛ إنسان على منهج أهل السنة ؛ أقول لك مثلاً الدكتور عمر الأشقر و مؤلفاته الطيبة في الأسماء و الصفات و العقيدة في أبوابها المختلفة .. هذا رجل منتسب للإخوان هل نقول أنه من الفرق نارية و أنه من أهل النار رغم أن عقيدته عقيدة صحيحة ؟!! هذا رجل قد قال هذا الكلام الحق الذي نراه أمامنا و نحن نحكم عليه ، الأستاذ مصطفى حلمي و كتبه عن السلفية من المراجع المعتمدة في السلفية ، الدكتور عبدالكريم زيدان و مؤلفاته في الدعوة و في أصول الفقه و في غيرها كتابات قيمة لا شك في ذلك و كل إنسان يقرؤها يعلم أن الرجل في الجملة موال لأهل السنة في قضاياهم المختلفة فأمن أجل أنه انتسب إلى جماعة من الجماعات نحكم عليه بأنه من أهل النار ؟!! فهذا الذي نرفضه .. أما أننا لا نسكت عن بدعهم أو انحرافهم أو عن وجود مخالفات لهم ؟!! نحن نوضح من كانت منه له بدعة نوضحها و من كان على السنة نحبه على سنته و العبرة ليست بالأسماء و إنما الذي فيه سنة و بدعة يحب لسنته و يبغض على بدعته و معصيته .. ده كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لو كنتم تريدون التقليد الأعمى الذي أنتم حريصون عليه ؛ إن الشيخ الفلاني أفتى يبقى خلاص انتهى يبقى شيخ الإسلام ابن تيمية أفتى بذلك بالأولى أن الرجل المحافظ على السنة و المؤمن الكامل يحب من كل وجه و الكافر يبغض من كل وجه و الذي عنده سنة و بدعة و تقوى و فجور و طاعة و معصية يحب لطاعته و سنته و يبغض على فجوره و معصيته و بدعته و نحن هذا الذي نطبقه و فتاوى المشايخ الذين تدعون كلامهم المسجلة في اللجنة الدائمة للفتوى عندما تتكلم عن هذه الجماعات بالنص في فتاوى متقدمة تنص على ما نذكر من أن هؤلاء من أقرب الناس في الجملة و ينكر عليهم بدعهم ينكر عليهم مخالفاتهم دون التعصب المذموم و لا يمنع من التعاون معهم على الخير ؛ فالذي يسألهم بعد ذلك يقولون من يقول كذا و كذا و كذا يا شيخ ؟ و يعد جملة من البدع فيقول هذا من فرق المبتدعة و هؤلاء من الفرق النارية و نحن نقول ذلك .. من يقول كذا و كذا و كذا
لكن لا يلزم أن كل من في العالم من هؤلاء يكون يقول بهذا الكلام كل من انتسب إلى هذه الطائفة يكون كذلك لا ليس كذلك ليس صحيحاً ؛ هناك منتسب لهم و على عقيدة السلف .. و نحن القضية عندنا ليست التسمي بالأسماء و لكن الأمر عندنا مبني على الاعتقاد و السلوك و العمل لكل شخص بعينه بأنه ما هي عقيدته ؟ ما هو منهجه ؟ ما هو سلوكه و معاملاته ؟ بناء على ذك نحبه و نبغضه بناء على التقوى و الفجور على السنة و البدعة بناء على الطاعة و المعصية و ليس على أنه انتسب كما تريدون أن كل من انتسب فلابد أن يهجر بالكلية و أن يترك كل كلامه بالكلية )
هذا نصُّ السؤال , وقد رأيت أن أرد على هذه الشبهات التى أثارها ياسر برهامي _ هداه الله _ مستمدا من الله العون والسداد , فأقول :
الشبهة الأولى : احتجاجه بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وتنزيله إياه في غير محله ,
وهو قول شيخ الإسلام رحمه الله : "وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر وفجور وطاعة ومعصية وسنة وبدعة : استحق من المولاة والثواب بقدر ما فيه من الخير واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر ، فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام و الإهانة ، فيجتمع له من هذا وهذا كاللص الفقير تقطع يده لسرقته ، ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته " اهـ
هذا كلام الشيخ كما في " مجموع الفتاوى 28\209"
وقد فَهِم منه هذا المتكلم صاحب الشبهة , ومن هم على شاكلته فهما لم يخطر على بال من قال هذا الكلام ، أعنى : شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث فسروا كلامه على النحو التالي :
أن المبتدع فيه خير وشر وفيه طاعة ومعصية ، إذن :
يوالى ويحب بقدر ما فيه ،ومقتضى هذا أنه لا يجوز لك أن تهجر المبتدع وتقاطعه وتبغضه وتظهر بغضه مطلقا 0 لكونه جمع خيرا وشرا وطاعة ومعصية .
وواضح جدا مرادهم من هذا التفسير الغريب لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية0
فالقوم أهل تجميع وتكثيف ، وقاعدة "هجر المبتدع " التي أجمع عليها السلف والأئمة من بعدهم ، اعترضت طريقهم وصاح بهم المخلصون من هذه الأمة : كيف تجمعون السني والبدعي والسلفي والتكفيري تحت مظلة واحدة ؟
وقد كان سلفنا الصالح يهجرون المبتدع ويظهرون بغضه ومقته ويحذرون الناس منه , كما قال الفضيل بن عياض ـ رحمه الله – :
" صاحب البدعة لا تأمنه على دينك ولا تشاوره في أمرك ولا تجلس إليه فمن جلس إلى صاحب بدعة ورثه الله العمى "
فاحتار هؤلاء المجمعون المكثفون كيف يصنعون , فظفروا بهذا النص من كلام ابن تيمية رحمه الله فطاروا به كل مطار وفسروه على حسب أهوائهم وصادموا به إجماع السلف الصالح على "هجر المبتدع " وصدَّق الشباب ما يقوله هؤلاء من الكذب والتزوير على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله , ولو كان معنى كلام ابن تيمية رحمه الله كما يقولون وكما يفهمون ؛ لدخل في كلامه جميع أهل البدع بدون استثناء ، والقوم أعنى القطبيين وأمثالهم لا يلتزمون هذا ولا يقولون به ، فهم ينكرون على الإخوان المسلمين موالاة الرافضة , وينكرون علي التبليغ موالاة الصوفية ، فما هو جوابهم لو احتج عليهم الإخوان المسلمون , أو التبليغ بكلام ابن تيمية هذا ؟ وما هو موقفهم من هذا الاحتجاج ؟
فان ردوا عليهم هذا الاحتجاج بكلام الشيخ , ولم يقبلوه فقد تناقضوا ، وحق للإخوان والتبليغ أن يقولوا لهم : حلال لكم وحرام علينا !
فنحن نحتج بكلام ابن تيمية على نحو ما تحتجون به أنتم ، في موالاة المبتدع وحبه ونصرته 0 فإن كان كلام ابن تيمية بحسب ما شرحتموه أنتم وفسرتموه فهو صالح لنا ولكم , ويدخل فيه جميع أهل البدع والأهواء , وليس الإخوان والتبليغ فحسب0فيلزمكم إذن أن توالوا الشيعة والصوفية والأشعرية واالماتريدية والمعتزلة والإباضية وغيرهم من فرق الضلال ، وإلا كنتم متناقضين حيث احتججتم بكلام الشيخ في موضع ورفضتموه في موضع آخر0
فكل هؤلاء ابتداءً من الشيعة وانتهاءً بالإباضية فيهم خير وشر وسنة وبدعة وطاعة ومعصية ,
فما الذي يخرجهم عندكم من كلام ابن تيمية ؟ فإما أن تسحبوا هذا الكلام على جميع المبتدعة فنتفق نحن وأنتم على مصافاة جميع أهل البدع , أو افعلوا كما يفعل أتباع السلف , فهم لا يفهمون كلام ابن تيمية كما تفهمونه , ولا يفسرونه عل نحو ما تفسرونه , ولا يحتجون به على موالاة المبتدع , فكونكم تحتجون به في موضع , وتردونه في موضع آخر , فهذا تلاعب منكم , أما نحن فالأصل عندنا مطَّرد , ولسنا متناقضين مثلكم .
قلت : و هذا الإيراد - لو تفكرت فيه – يكفى وحده لبيان أن هؤلاء القطبيين لم يفهموا كلام شيخ الإسلام رحمه الله فهما سليما، وحمَّلوه فوق ما يحتمل .
فان قلتَ : فما هو التفسير السليم والتوجيه الصحيح لكلام شيخ الإسلام رحمه الله ؟
فأقول : شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إمام في السنة , وهو عمدة المتأخرين من أهل السنة في فهم وتقرير العقيدة السلفية ، وعليه فلا ينبغي أن تؤخذ قطعة من كلامه وتصادم بها الإجماعات السلفية والعقائد الأثرية 0
كما فعل هؤلاء القطبيون حينما احتجوا بكلامه هذا الذي أوردناه فيما سبق – في نقض وإبطال إجماع السلف الصالح على هجر المبتدع وبغضه ومعادته , كما قال الإمام البغوي رحمه الله في كتابه " شرح السنة 1\227" : وقد مضت الصحابة والتابعون وأتباعهم ، وعلماء السنة على هذا مجمعين متفقين على معاداة أهل البدعة ، ومهاجرتهم 0 اهـ
فإذا كان الأمر كذلك فان الأصول المرعية تقتضى أن يبقى حمى الإجماع السلفى محميا من أي استباحة له بكلام عالم متأخر عن القرون الأولى ولو كان ابن تيمية رحمه الله 0 ثم يوجَّهُ كلام هذا العالم التوجيه الصحيح الذي لا يصطدم بإجماع صحيح أو نصٍّ صريح .
ونحن نُجِلُّ شيخ الإسلام رحمه الله مما يقولوه هؤلاء حيث فسروا كلامه تفسيرا غربيا , فجعلوا كلامه مصادما لإجماع السلف الصالح على هجر المبتدع , ما يؤكد لك أن ابن تيمية في وادٍ وهؤلاء في وادٍ آخر .
ولو أنهم تأملوا في السياق الذي قال فيه ابن تيمية رحمه الله هذا الكلام لعلموا مراده , وفهموا مرامه , ولكنهم أخذوا هذه القطعة من كلامه وفصلوها عن سياق الكلام ثم فسروها بحسب ما يريدون فكان حالهم كحال من قرأ:
(فويل للمصلين )وسكت فلم يكمل الآية بعدها (الذين هم عن صلاتهم ساهون)
فإليك أخي القارئ الكريم كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بتمامه كما في ( مجموع الفتاوى 28\ 209) لتعلم مراد شيخ الإسلام رحمه ومقصده من هذا الكلام لاكما يظن هؤلاء , قال رحمه الله :
" وَإِذَا اجْتَمَعَ فِي الرَّجُلِ الْوَاحِدِ خَيْرٌ وَشَرٌّ وَفُجُورٌ وَطَاعَةٌ وَمَعْصِيَةٌ وَسُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ : اسْتَحَقَّ مِنْ الْمُوَالَاةِ وَالثَّوَابِ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْخَيْرِ وَاسْتَحَقَّ مِنْ الْمُعَادَاتِ وَالْعِقَابِ بِحَسَبِ مَا فِيهِ مِنْ الشَّرِّ فَيَجْتَمِعُ فِي الشَّخْصِ الْوَاحِدِ مُوجِبَاتُ الْإِكْرَامِ وَالإهَانَةِ فَيَجْتَمِعُ لَهُ مِنْ هَذَا وَهَذَا كَاللِّصِّ الْفَقِيرِ تُقْطَعُ يَدُهُ لِسَرِقَتِهِ وَيُعْطَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَا يَكْفِيهِ لِحَاجَتِهِ . هَذَا هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَخَالَفَهُمْ الْخَوَارِجُ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ عَلَيْهِ فَلَمْ يَجْعَلُوا النَّاسَ لَا مُسْتَحِقًّا لِلثَّوَابِ فَقَطْ وَلَا مُسْتَحِقًّا لِلْعِقَابِ فَقَطْ . وَأَهْلُ السُّنَّةِ يَقُولُونَ : إنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ بِالنَّارِ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ مَنْ يُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُخْرِجُهُمْ مِنْهَا بِشَفَاعَةِ مَنْ يَأْذَنُ لَهُ فِي الشَّفَاعَةِ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ كَمَا اسْتَفَاضَتْ بِذَلِكَ السُّنَّةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" انتهى
فكلام الشيخ رحمه الله _ كما ترى _ في أصل اتفق عليه أهل السنة والجماعة وخالفهم فيه الخوارج المعتزلة ، فينبغي أن يفسر كلامه في حدود هذا الأصل وهو أن أهل السنة والجماعة لا يعاملون صاحب الكبيرة أو صاحب البدعة المفسقة معاملة الكافر فليس الزاني عندهم كاليهودي وليس السارق عندهم كالنصراني وليس المبتدع عندهم كعابد الصنم المشرك , خلافا للخوارج والمعتزلة ، فالخوارج يجعلون كل هؤلاء سواء ، والمعتزلة يجعلون القسم الأول في منزلة بين منزلتين في الدنيا ثم يتفقون مع الخوارج في حكمهم في الآخرة وهو الخلود في النار 0
وكلام الشيخ رحمه الله إذا فسر على هذا النحو كان كلام سليما متفقا مع كلام السلف ، وليس معارضا لإجماعهم على هجر المبتدع، أما إذا فُسِّر على نحو تفسير القطبيين وأمثالهم كان كلاما باطلاً مصادماً لإجماع السلف ، ينزه عنه ابن تيمية رحمه الله،
والعجب من هؤلاء القطبيين حينما يفسرون كلام شيخ الإسلام رحمه الله على هذا النحو الباطل ثم يحتجون به على موالاة أهل البدع 0 وابن تيمية نفسه يقول عن كلامه هذا إنه أصل اتفق عليه أهل السنة والجماعة , فيا لله العجب ! هل اتفق أهل السنة والجماعة على موالاة المبتدع وحُبِّهِ لما عنده من الخير والطاعة _ زعموا _ فإما أن يكون ابن تيمية رحمه الله
غلط في حكاية هذا الاتفاق , و إما أن يكون هؤلاء القطبيون غلطوا في تفسير كلامه 0 والثاني هو المتعين , فما قاله ابن تيمية حق وما حكاه من الاتفاق حق 0 ولكن الباطل جاء من تفسيرات هؤلاء المبطلين 0
ثم إنه ينبغي في تفسير كلام أي عالم أن يراعى منهجه وعقيدته ، وابن تيمية رحمه الله الذي احتجوا بكلامه على موالاة المبتدع , هو من أشد الناس قياما على أهل البدع , وإنكارا عليهم ،كما هو معلوم ومشهور من سيرته رحمه الله 0
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في تقريظه على كتاب " الرد الوافر " : ومن أعجب العجب ، أن هذا الرجل ( يعني : ابن تيمية )كان أعظم الناس قياما على أهل البدع من الروافض والحلولية والاتحادية ، وتصانيفه في ذلك كثيرة شهيرة ،
وفتاويه فيهم لا تدخل تحت الحصر ... انتهى المراد من كلامه رحمه الله 0
ولو كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ينتهج نهج هؤلاء من أن المبتدع يحب ويوالى بقدر ما عنده من الخير والطاعة – زعموا – لما قام عليه علماء البدعة وقضاة الضلالة في عصره وحاولوا قتله مرات فحماه الله منهم 0
يقول الحافظ الذهبي رحمه الله عن شيخ الإسلام ابن تيمية : " ولقد نصر السنة المحضة، والطريقة السلفية، واحتج لها ببراهين ومقدمات، وأمور لم يسبق إليها، وأطلق عبارات أحجم عنها الأولون والآخرون وهابوا، وجسر هو عليها، حتى قام عليه خلق من علماء مصر والشام قياماً لا مزيد عليه، وبدعوه وناظروه وكابروه، وهو ثابت لا يداهن ولا يحابي، بل يقول الحق المرَّ الذي أدَّاه إليه اجتهاده، وحدة ذهنه، وسعة دائرته في السنن والأقوال، مع ما اشتهر عنه من الورع، وكمال الفكر، وسرعة الإدراك، والخوف من اللّه، والتعظيم لحرمات اللّه.
فجرى بينه وبينهم حملات حربية، ووقعات شامية ومصرية، وكم من نوبة قد رموه عن قوس واحدة، فينجيه الله، فإنه دائم الابتهال، كثير الاستغاثة، والاستعانة به، قوي التوكل، ثابت الجأش، له أوراد وأذكار يُدْمنها بكيفية وجمعية. وله من الطرف الآخر محبون من العلماء والصلحاء، ومن الجند والأمراء، ومن التجار والكبراء، وسائر العامة تحبه؛ لأنه منتصب لنفعهم ليلاً ونهاراً، بلسانه وقلمه" "الذيل على طبقات الحنابلة 4\394"
فهذه صورة مشرقة عن شيخ الإسلام رحمه الله وجهاده العظيم في سبيل نصرة السنة والعقيدة السلفية وحملاته الحربية ووقعاته الشامية المصرية ضد خصومه المخالفين للسنة النبوية والعقيدة الأثرية 0 فأين ما يقول هؤلاء عن الموالاة والمحبة لأهل البدع ؟ ثم يحتجون بكلام مَن هذا جهاده وكفاحه ضد أهل البدع والأهواء 0
لقد كذبتم على ابن تيمية وزورتم في تفسير كلامه وخالفتم منهجه واعتقاده ،فاربعوا على أنفسكم فان الذي يكذب على
ابن تيمية كالذي يكذب على الشمس0
فعقيدة شيخ الإسلام رحمه الله ومنهجه وسيرته وجهاده كالشمس شهرة وظهورا .
فإن كنتم – ولابد - محتجين بكلام أحد من الناس ، فعليكم بكتب محمد الغزالي أو فهمي هويدي أو سعيد حوى أو غيرهم من أصحاب حسن البنا وأتباعه ففيها الشيء الكثير مما يروق لكم ويوافق ما عندكم من موالاة المبتدع ومحبته ومصافاته ومد الجسور معه 0
فلعل هذا خير لكم من الكذب على أئمة السنة وتحميل كلامهم مالا يحتمل0
واختم المقال بالدعاء الذي دعا به شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لخصومه :
اللهم هب لهم نورا يهتدون به إلى الحق 0
وكتبه
عبد الحميد بن خليوي الجهني
صبيحة الثلاثاء 12\7\ 1429 هـ
سوف يتابع الشيخ حفظه الله فى حلقات وهذه هى الحلقة الأولى ويتبع إن شاء الله بيان باقى شبهاته نصحا له نصحا للمتأثرين به نسأل الله الهداية للجميع
عبد الحميد بن خليوي الجهني
صبيحة الثلاثاء 12\7\ 1429 هـ
سوف يتابع الشيخ حفظه الله فى حلقات وهذه هى الحلقة الأولى ويتبع إن شاء الله بيان باقى شبهاته نصحا له نصحا للمتأثرين به نسأل الله الهداية للجميع