فَضْلُ التَّوحيد
و
تكفيرُه للذُّنوب
للشيخ
صالح بن عبد العزيزآل الشيخ
[شريط مفرغ]@
التذكير بفضل التوحيد يحتاجه حتى أُولي المقامات العالية في الدين، لهذا لا يستغني أحد، يقول أحد أنا تعلمتُ، درستُ التوحيد، وعرفتُ فضله، ما يحتاج أكرر هذا، ما يحتاج أعطيه الناس، ليس الأمر كذلك؛ لأنّ هذا إذا علمته، أول من سيدرك هذا الفضل أنتَ، ومن ذلك الفضل أنه يكفِّر الذنوب؛ لأنه يزيد عند العلم الاعتقاد بتكريره، كما أنَّه يُنسى بعدم تعليمه وتدريسه.[الشيخ صالح]
sfffffdddddg
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، وصفيّه وخليله، نشهد أنّه بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمّة، وجاهد في الله حق الجهاد، حتى تركنا على بيضاء ليلُها كنهارها، لا يزيغ عنها بعده صلى الله عليه وسلم إلا هالك.
اللهم صلّ وسلم على عبدك ورسولك محمد كُلَّما صلى عليه المصلون وكُلَّما غفل عن الصلاة عليه الغافلون، وعلى آله وصحبه من اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
فأسأل الله جل وعلا أنْ يجعلني وإياكم ممن إذا أُعطي شكر، وإذا اُبتلي صبر، وإذا أذنب استغفر، كما أسأله سبحانه أنْ يمنّ علينا بتحقيق التوحيد، وبالعمل به، وبتكميله، وتخليصه مما يُنقص كمالَه أو يقدَح في أصله، إنّه سبحانه ولي الصالحين.
لا شك أنّ هذه الدورة والدروس والمحاضرات العلمية التي كان موضوعها ”التوحيد“ من أهمّ ما عُمِل من سلاسل المحاضرات؛ وبل هي أهمُّها؛ لما اشتملت عليه مِنْ بيان وتوضيح أصل الأصول الذي هو حق الله جل وعلا على العبيد؛ وهو توحيده سبحانه وتعالى، والإخلاص له وإسلام الوجه والعمل له سبحانه بلا شريك ولا نِدّ ولا ظهير، والله جل جلاله إنما عَمَر السموات وخلقها، وعَمَر الأرض وخلقها، ليوحّد سبحانه، خلق السموات وجعل لها عُمّارا، وخلق الأرض وجعل فيها الجن والإنس مكلَّفين، وذلك كله لتوحيده سبحانه وتعالى، قال جل وعلا ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(56)مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ(57)إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾[الذاريات:56-58]، وهو سبحانه مستحقٌّ من عباده أنْ يُذكر فلا ينسى، وأن يُوحّد فلا يعبد أحد سواه، وأنْ يُخلص له دين والعبادة امتثالا لقوله ﴿ فَاعْبُدْ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ(2)أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾[الزمر:2-3]، وهذا هو حقه سبحانه على عباده، الذي بعث به الرسل، ومن أجله أنزل الكتب، كما قال سبحانه ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾[النحل:36]، وقال أيضا﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾[الأنبياء:25]، وهذا التوحيد هو الذي اجتمعت عليه الرسل، وهو الإسلام الذي لا يقبل الله جل وعلا من أحد غيرَه، قال جل وعلا ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾[آل عمران:19]، يعني التوحيد الخالص المبرّأ من كل شائبة شرك تقدح في خُلُوصه وإخلاصه، وقال أيضا جل وعلا ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ﴾[آل عمران:85]، والإسلام هذا ليس خاصًّا بأمة محمد عليه الصلاة والسلام؛ بل كلُّ الأمم التي بُعِثت لها الرسل، كلها مطالبة بهذا الإسلام الواحد؛ وهو الإسلام العام الذي أُمِر به جميع الخلق، قال سبحانه (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) فآدم عليه السلام كان على الإسلام، ونوح عليه السلام كان على الإسلام، وإبراهيم عليه السلام كان على الإسلام، وأبناؤه الأنبياء والرسل كانوا على الإسلام، وموسى عليه السلام