أهمية التوحيد
لفضيلة الشيخ صالح الفوزان
:bball:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُوَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِأَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاهَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُوَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدا ًعَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ( يـَـأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْمُسْلِمُونَ ) ( يـَـأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمِ الَّذِي خَلَقَكُمْمِّنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاًكَثِيرا ًوَنِسَاء ًوَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا ً) ( يَــأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوااتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدا ًيُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْوَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَفَوْزا ًعَظِيماً ).لفضيلة الشيخ صالح الفوزان
:bball:
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِوَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّمُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ وَكُلُّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ .
وبــعد … نقدم هذه المحاضرة القيمة والتي بعنوان " أهميةالتوحيد " لفضيلة الشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء والتي ألقاها فضيلته فييوم الأربعاء الثامن والعشرين من شهر صفر لعام 1413 هـ.
أهميةالتـوحيد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومنوالاه. وبعد...
ليس هو من المواضيع التي تقل فائدتها أو المواضيع التي تختص ببعضالناس دون بعض وإنما هو موضوع يجب على كل مسلم معرفته ، ألا وهو أهمية التوحيدومكانته في الإسلام ذلك الموضوع الذي يجب علينا دائماً أن نتحدث عنه وأن نوضحه وأننتعلمه لأنه مناط السعادة في الدنيا والآخرة.
ليس هو من المواضيع التي تقل فائدتها أو المواضيع التي تختص ببعضالناس دون بعض وإنما هو موضوع يجب على كل مسلم معرفته ، ألا وهو أهمية التوحيدومكانته في الإسلام ذلك الموضوع الذي يجب علينا دائماً أن نتحدث عنه وأن نوضحه وأننتعلمه لأنه مناط السعادة في الدنيا والآخرة.
معنـىالتوحيـد
التوحيد معناه: إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة وتركعبادة ما سواه.وهذا الموضوع تكرر ذكره في كتاب الله عز وجل ولا محال تخلوسورة ممن سور القرآن العظيم إلا وفيها ذكر للتوحيد وأمر به وحث عليه وهباك سوركثيرة وخصوصاً المكية تكون من أولها إلى آخرها في موضوع التوحيد، بل إن الأمام ابنالقيم رحمه الله في كتابه "مدارج الساكين" يقول: إن القرآن كله في التوحيد لأنه إماخبر عن الله سبحانه وتعالى وأسمائه وصفاته وأمر بعبادته وحده لا شريك له ونهي عنالشرك ، وإما بيان لجزاء الموحدين الذين أخلصوا العبادة لله عز وجل في الدنياوالآخرة وبيان لجزاء المشركين الذين أعرضوا عن التوحيد وما حل بهم من العقوبات فيالدنيا وما ينتظرهم في الآخرة ، وإما إخبار عن الموحدين من الرسل وأتباعهم أو إخبارعن المكذبين من المشركين وأتباعهم من الأمم السابقة كقوم نوح وقوم هود وقوم صالحوقوم شعيب وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات وغيرهم من الأمم لما أعرضوا عنالتوحيد وعصوا الرسل وماذا حل بهم ، وإما بيان الحلال والحرام وهذا من حقوق التوحيد
فالقرآن كله توحيد لأنه إما لبيان التوحيد وبيان مناقضاتهومنقصاته ، وإما إخبار عن أهل التوحيد وما أكرمهم الله به أو إخبار عن المشركين وماانتقم الله تعالى منهم به في الدنيا وما أعد لهم في الآخرة ، وإما أحكام حلال وحراموهذا من حقوق التوحيد فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه ومفسداته ومبطلاته فالقرآن كلهيدور على التوحيد.
إن بعض الناس اليوم من جهلة الدعاة وأقولها بأسفلأنه لا يصلح للدعوة من كان جاهلاً لا يجوز أن يدخل في مجال الدعوة إلا من كانعالماً مسلحاً بالعلم ولكن فيه من جهلة الدعاة من يهونون من شأن التوحيد ويقولونالناس مسلمون وانتم في بلاد مسلمين, العالم الإسلامي ليس بحاجة إلى من يلقي محاضراتفي التوحيد أو يقرر مقررات في المدارس في التوحيد أو يقرأ كتب التوحيد بالمساجدهكذا يقولون! .
وهذا من الجهل العظيم لأن المسلم أحوج من غيره لمعرفةالتوحيد من أجل أن يحققه ومن أجل أن يقوم به ومن أجل أن يبتعد عما يخل به أو يناقضهمن الشركيات والبدع والخرافات ما يكفي أن يكون مسلماً بالاسم من غير أن يحققالإسلام ولن يحققه إلا إذا عرف أساسه وقاعدته التي يبنى عليها وهو التوحيد. فإنالناس إذا جهلوا التوحيد وجهلوا مسائل الشرك وأمور الجاهلية فإنهم حينئذٍ يقعون فيالشرك من حيث يدرون أو لا يدرون وحينئذٍ تقوض عقيدة التوحيد كما قال أمير المؤمنينعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: [ إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ فيالإسلام من لا يعرف الجاهلية ]
وهل كل المسلمينيعرفون أمور العقيدة ويعرفون التوحيد ؟ إذا كان العلماء يعلمون هذا فالعلماء قلةوأقل من القليل العلماء بالمعنى الصحيح أقل من القليل وكلما تأخر الزمان فإنالعلماء على الحقيقة يقلون ويكثر المتعالمون ويكثر القراء ويكثر الرؤوس الجهّال كماقال صلى الله عليه وسلم :[ إن الله لا يقبض هذا العلم انتزاعاً ينتزعه من صدورالرجال ولكن يقبض هذا العلم بموت العلماء حيى إذا لم يبقى عالماً اتخذ الناس رؤوساًجهّالا فأفتوا بغير علمٍٍ فضلوا وأضلوا ]
وفي حديث آخر أنه في آخر الزمان يقلالعلماء ويكثر القرّاء وفي أثر آخر يكثر الخطباء في آخر الزمان ويقل الفقهاء ومنهنا يجب علينا أن نهتم بجانب التوحيد وأن نعتني به عناية تامة بأن ندرسه وندرّسهونحاضر فيه ونعقد فيه الندوات ونشكل به البرامج في وسائل الإعلام ونكتب في الصحفوندعو إلى التوحيد رضي من رضي وغضب من غضب لأن هذا أساس ديننا وهذا مبنى عقيدتناونحن أحوج الناس إلى أن نتعرف عليه وأن نتدارسه وأن نبينه للناس
في العالمالإسلامي ـ ماعدا هذه البلاد التي حماها الله بدعوة التوحيد ـ المشاهد الشركيةالمشيدة على القبور كما تسمعون عنها أو كما رآها بعضكم ممن سافر، الدين عندهم هوالشرك وعبادة الموتى والتقرب إلى القبور ومن لم يفعل ذلك عندهم فليس بمسلم لأنهبزعمهم يتنقّص الأولياءكما يقولون وهناك دعاة لا يهتمون في تلك البلاد بأمرالتوحيد مع الأسف إنما يدعون الناس إلى الأخلاق الطيبة وإلى ترك الزنا وترك شربالخمور هذه كبائر محرمات بلا شك ولكن حتى لو ترك الناس الزنا وشرب الخمور وحسنواأخلاقهم وتركوا الربا لكن لم يتركوا الكبائر ما داموا أنهم لم يتركوا الشرك وحتى منلم يشرك ما دام أنه لا ينكر الشرك ولا يدعوا إلى التوحيد ولا يتبرأ من المشركينفإنه يكون مثلهم ولهذا يقول جل وعلا لنبيه (( وما أنا من المشركين )) ]سورةيوسف-108[ .
هذا فيه البراءة من المشركين، فالمسلم الموحد لابد أنيتبرأ من المشركين ولا يسعه أن يسكت والشرك يعج في البلد والأضرحة تبنى والطوافبالقبور معمور ولا يسع من يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسكت على هذا الوباء الخطيرالذي يفتك بجسم الأمة ويقول لا ادعوا الناس إلى حسن السيرة والسلوك وترك الخموروترك الزنا، وماذا تجدي هذه الأمور مع فقد الأساس ؟ أنت لما تبني بناءً ألست أولشيء تهتم بالأساس والقواعد من أجل أن تقيم البناء الصحيح وإلا إذا لم تهتم بالأساسولم تهتم بقواعد البناء فإنك مهما شيدته ونمقته فإنه عرضة للسقوط ويكون خطراً عليكوعلى من دخل هذا المبنى ، كذلك الدين إذا لم يقم على عقيدة سليمة وأساس صحيح وتوحيدلله وتنزيه عن الشرك وإبعاد للمشركين عن موطن الإسلام فإن هذا الدين لا ينفع أهلهلأنه دين لم يبنى على أساس ولم يبنى على قاعدة سليمة.