الوسائل الخفية لضرب الدعوة السلفية
ملحق كتاب
"أضرار الحزبية على الأمة الإسلامية"
لفضيلة الشيخ يحي بن علي الحجوري
- زاده الله تعالى توفيقا .
=========
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد:
ملحق كتاب
"أضرار الحزبية على الأمة الإسلامية"
لفضيلة الشيخ يحي بن علي الحجوري
- زاده الله تعالى توفيقا .
=========
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد:
فهذه عدة نقاط دارت في خلدي، مما يتعلق بالوسائل الخفية، لضرب الدعوة السلفية، ورأيت أن بيان ذلك من المهمات، فما كل إنسان يفهم هذا ويعرفه، وبيان هذا من التعاون على البر والتقوى، ومن باب
عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه *** ومن لم يعرف الشر من الخير يقع فيه
وهذا البيت الشعري مبني على حديث حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ رضي الله عنه عند البخاري رقم: (3606) ومسلم رقم: (1847) قال: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ ? عَنْ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ؛ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ» قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ» قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، فَقَالَ: «هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا» قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ» قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ».
ومن تلك الوسائل الخفية لضرب الدعوة السلفية، التحريش، الذي يقوم به أضداد الدعوة السلفية بين حملة الدعوة السلفية، علماء، ودعاة، فينشرون في أوساطهم التحريش .
وليس هذا بجديد، وإنما هو قديم من زمن الإمام البخاري وشيخه محمد بن يحيى الذهلي، ومن زمن الإمام مالك وابن إسحاق، ومن زمن عباس بن عبد العظيم، وعبد الرزاق وأئمة متقدمين، وهذا جهد الشيطان.
روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه: أن النبي ? قال: »إن الشيطان أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن بالتحريش«
أي هو سائر في التحريش، عامل في التحريش، جاهد في التحريش، لا يفتأ من التحريش حتى يحرش بين الأخ وأخيه، والأب وابنه، ينصب عرشه على البحر، ويبث جنوده للتحريش بين الناس، ويأتي من يخبر بأنه حرش بين فلان وفلان، فلا يحبّذ ما صنع حتى يأتي من يقول: لا أزال بفلان وفلان حتى فارق امرأته، فيقول: نعم أنتَ ويتّوجه.
ومن سعى في ذلك يعتبر من جنود الشيطان في هذا، سواء حرش بين الأخ وأخيه، أو بين المرأة وزوجها، أو بين الجار وجاره، من المسلمين، كل ذلك من عمل الشيطان، وقد قال النبي ?: »من خبب امرأة على زوجها ، أو مملوكاً على سيده فليس منا«، ومعنى خببها أي: أفسدها وجعلها تبغضه، وجعل المملوك يبغض سيده، ويتمرد على سيده، فيعينه على الإباق، ويعين المرأة على العقوق والشقاق على زوجها، الذي هو العشير، وأقرب جار لها، بل إن جعل الله المودة يكون من أحب الناس إليها.
فهذا أمر ملحوظ عند العقلاء، أنه لا يمكن أن يهدأ أعداء الدعوة السلفية عن هذا الجانب، والله لو استطاعوا أن يفرقوا بين المرء وزوجه لما تحاشوا ذلك ولما اتقوا، إذا كانت داعية إلى الله، مستقيمة على كتاب الله، وسنة رسوله ?، وهو على ذلك، فإنهم يتضررون أن يُبذل هذا الجهد بين أوساط الرجال والنساء، ويتعاون هو وزوجه على نشر هذا الخير، فيبذلون وسعهم جاهدين في إضعاف هذه القوى الخيرية من امرأة وزوجها.
الوسيلة الثانية: من الوسائل الخفية لضرب الدعوة السلفية، التلفيقات والبتر والكذب عليهم، وما صنيع أولئك الفقهاء بأبي إسماعيل الهروي عنكم ببعيد؛ حقدوا عليه، فعمدوا إلى لعبة أطفال، على صورة صنم، وأرادوا أن يزوروا الوالي فمروا على أبي إسماعيل، ولما جلسوا إلى أبي إسماعيل قالوا: أردنا أن نمر على الوالي، فرأينا أن حقك أولى، نزورك أولاً ثم نمر عليه.
فجلسوا معه ووضعوا تلك اللعبة تحت فراشه وانصرفوا، ثم أتوا الوالي وقالوا: إن أبا إسماعيل يعبد صنماً، فغضب الوالي، ما يرضى في رعيته أن يحصل فيهم هذا المنكر العظيم، مهما حصل عند أولئك من المعاصي، ومن بعض من كان يسمع الغناء، وبعضهم كان عنده بعض البدع، لكنهم يغارون على الدين، ويقيمون الشعائر، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر في الجملة.
ومن ذلك القيام بالجهاد وغير ذلك، وبُغض الكفار، كان معلومًا عندهم، فلما سمع بهذا أرسل إلى أبي إسماعيل من يتأكد من هذا الخبر، وجاء ذلك المرسول ونظر تحت الفراش، ثم أخذه معه وقال: الوالي يدعوك، فأتى إليه، وقد أعطاه المرسول تلك اللعبة، فلما جلس رفع الوالي تلك اللعبة وقال: ما هذا يا أبا إسماعيل؟ قال: هذه لعبة للأطفال، قال له: ما هذا؟ وغضب عليه، إنهم يقولون: إنك تعبد صنماً، فلما رأى أبو إسماعيل أن الأمر جدٌ، وأنه قد بُهتْ، وأنه قد ظلم، قال: ?سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ?[النور:16]، ورفع بها صوته، وكان جهورياً، وهي كلمة مظلوم، فوقعت في قلب الوالي، فعلم أنه مكذوب عليه، وأن هذا من التلفيقات عليه، فلا يزال بأولئك الكذابين حتى اعترفوا، قال: ما حملكم على ذلك؟ قالوا: حملنا على ذلك شهرته بين الناس، أي: حسدوه، حتى أرادوا أن يهونوا من شأنه، عند الوالي على أقل ما يمكن، إن لم يقتله، أو إن لم يسجنه، ويستحريحون منه، فزاده الله بذلك عزاً، عند الوالي وغيره.
وأمر شيخ الإسلام ابن تيمية الذي نقله ابن بطوطة في «رحلته» هو من هذا الباب من التلفيقات التي تستخدم ضد الدعوة السلفية، شيخ الإسلام من تعرفون، زهداً، وورعاً، وعلماً، وصدعاً بالحق، وجهاداً في الله، بقدر ما يستطيع، نحسبه كذلك والله حسبيه.
وبعد هذا كله حسده أهل زمنه من المتفقه، واقرأ في مقدمة كتابه «الواسطية»، من كتاب «المجموع في الفتاوى لشيخ الإسلام»، ترى ما صنعوا له من أجل تأليف «الواسطية»، فيها قال الله، قال رسوله، «الواسطية» فيها كلام مثل العسل، ليس فيها إلا آية وحديث، وبعض الآثار، عن السلف رضوان الله عليهم، ومع ذلك اعتبروا هذا جناية على الدين، ولا يزالون يوشون به إلى الولاه، وينصره الله عليهم، ويبهت أولئك الذين أرادوا قتل الحق
ومن البهت له، ما صنع ابن بطوطة، إذ قال في «رحتله» تلك أنه ألتقى بشيخ الإسلام، وسمع له خطبة في مسجد دمشق، وفي أثناء تلك الخطبة نزل شيخ الإسلام من على المنبر وقال: (إن الله ينزل عن السماء كما أنزل عن منبري هذا)، سبحان الله هذا تشبيه مزري، وحاشا شيخ الإسلام من هذا القول، وإنما هو الكذب الصراح على شيخ الإسلام، وجاءوا بالتاريخ الذي ذكره ابن بطوطة أثناء لقياه لشيخ الإسلام آنذاك، وأن المتيقن أن شيخ الإسلام كان في بطن السجن، ولم يكن خطيبًا في مسجد دمشق، ففضح ابن بطوطة في هذه الكذبة بالتاريخ.
الإمام محمد بن عبد الوهاب النجدي رحمة الله عليه، لا يزال يكيد له الصوفية وأمثالهم، وأنا أطلب من أحب أن يتأكد من ذلك، فليقرأ المجلد الأول من «رسائله»، ويعلم ما كان يشيعون عنه؛ وأنه سفاكٌ للدماء، وأنه مكفرٌ للمسلمين الأبرياء، وأنه مجسّم حسب قولهم
وهو يقول: هذا كلام يُكذبُ به علينا ليجتال به الناس، وليصدوا به عن الحق والسنة.
هذا من باب التنبيه في هذه المسألة، وهو عبارة عن رؤوس أقلام عن ذلك الأمر، الذي يكاد به أهل السنة، بغيًا وعدوًا، ولنا بحمد لله شريط بعنوان: «تلفيقات الماكرين على حملة هذا الدين» عسى أن ينشر في رسالة، بعد النظر فيه وإضافة ما يحتاج إليه.
ولا يستبعد أن يُؤتى بصورة امرأة صالحة وهي عريانة، ولا يستبعد أن يؤتى بصورة رجل صالح وهو يزني، يقاربون بينه بجانب امرأة، بطريقة الأجهزة الحديثة.
وكذلك يعفلون من المكر والخديعة والخيانة، التي يفعلونها عن طريق الكمبيوترات، وعن طريق الجوالات، وما إلى ذلك من أنواع الأجهزة.
يمكن أن يأخذ لك كلمة من قبل عشر سنين، ثم يلفقها بكلمة في هذا الوقت، ويلفق كلمة أنك قلت: فرعون كافر، فيأتي بها إلى رجل من المسلمين، ويطرح عليه كلمة كافر
وهكذا ما صنعه هؤلاء الحزبيون، أصحاب أبي الحسن المصري، المعروفون عندنا بأصحاب براءة الذمة في قولهم: إننا قلنا: إن أصحاب أبي الحسن يعتبرون لوطة
تالله لو قلت هذا في فرعون، وفي أبي لهب، وأبي جهل؛ لكان ظلماً، وكذباً، لأن هؤلاء كفرة، وليسوا بلوطة
فكيف بمن يقول هذا في إنسان مسلم، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: »من قال في مسلم ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال«
فنحن نبرأ إلى الله من هذا الكذب، ولنا أن نقول: على الكذاب لعنة الله، وعلى من قال هذا الكلام لعنة الله
إن هذا من الكذب، ليجتالوا به الناس
نحن والله ما نبالي، بهذه الأكاذيب، قال تعالى: ?فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ?[الرعد:17].
لكن حرام عليهم أن يصدوا الناس عن السنة، وعن طلب العلم، بهذه الأكايب، كل حين يختلقون لهم كذبة؛ يهوشون بها عل الجهال، فليستحيوا على أنفسهم، قال الله تعالى: ?إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ? [النحل:105].
هذه المقولات يكذبون بها ويرجو نها على الناس ليصدوهم؛ عن طلب العلم، وطب العلم اشرعي سبيل الله، والله سبحانه وتعالى يقول: ?وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ?[النحل:94]، ألا فليتقوا الله، قال تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً?[الأحزاب:71].
الله علق صلاح الأعمال، وغفران الذنوب، بالقول السديد، وبطاعة الله سبحانه وتعالى، لا بالكذب والتلفيقات، وإذا ظهرت الكذبة عند من كُذب عليه، يصير من أشد الناس بغضاً للمبلس عليه؛ لأنه غشه، وقد قال رسول الله ?: »من غشنا فليس منا«، أخرجه مسلم، ولأنه أبعده عن الهدى، وعن السنة تحت ستار الأكاذيب، نبرأ إلى الله مما خالف الكتاب والسنة، ومن كل قول باطل، هذا والله كذب علينا، عامل الله من قال ذلك الكذب علينا بما يستحق.
ومن التلفيقات التي تعلمونها على شيخنا رحمه الله، كانوا يلفقون عليه: أنه لا يجيز للمرأة حلب البقرة، ويقول: ضرع البقرة هذا شبيه بالذكر، فليبتعد النساء عن حلب البقرة، وأنه لا يجيز شراء الخيار، ولا الموز، ولا إدخاله في البيوت، ومن جاء إليه يطلب العلم يأمره بتطليق امرأته لأن عقده باطل، وأنه ألف رسالة سماها: (الصواعق في تحريم الأكل بالشوك والملاعق)
ولا نزال نسمع هذه الديدنات إلى آونتنا هذه، وإنما فتروا عن ذلك لما مات الشيخ رحمة الله عليه، حولوا المقالات والأكاذيب، والبرنامج نفسه علينا، وذهبوا يتظاهرون بالترحم والتأسف على الشيخ رحمه الله، وتا لله لم يكونوا راضين عنه من قبل، ولا عن دعوته من بعد، وإنما هي السياسات الحزبية.
الوسيلة الثالثة، من الوسائل الخفية لضرب الدعوة السلفية، التصنع والتزلف، عند علماء السنة، ليتسنى للحزبيين نشر ما يريدون، فإنهم إذا أرادوا نشر فكرهم ومبدئهم دون أن يقربوا من أهل السنة، الناس ليس لهم ثقة في الحزبيين، انتزعت ثقة الناس عن فتاوى الحزبيين، وانتزعت ثقة الناس عن منهج الحزبيين، فعملوا الآن مكراً جديداً، وهو:
القرب من علما ءالسنة، والمكث عند أقدامهم، واستعمال الأخلاق المزيفة، التي هي عبارة عن اجتذاب وامتصاص غضب ذلك العالم عليهم.
وهكذا يعمدون إلى بعض كتب السنة، فيأتونك بكلام في الحقيقة منشور في بطون كتب السنة، فيجمع له فيه رسالة، ثم يقدمها إلى ذلك العالم، فضيلة الشيخ، من فضلك قدم لي، ويقدم له ذلك وأشاد به، وبهذا يكون قد صار عند ثقة دهماء الناس، ويستطيع أن ينشر أباطيله بين أوساط العوام من تحزب، ومن غش، تحت ستار أنه طالب عند العالم الفلاني، أو أنه قدم له العالم الفلاني
والله ما ينفعك؛ عند الله، وعند الحاذقين من خلقه، فإن واصل بن عطاء الغزال، وبعده عمرو بن عبيد وجملة من هؤلاء، كانوا من تلاميذ ذلك الإمام النحرير الحسن البصري
بل إن ذو الخوصيرة عبارة أنه واحد من أصحاب النبي ? آنذاك، ممن رآه منهم من يقول منافق، ومنهم من يقول غير ذلك
بل إن ابن سلول في زمن النبي ? وقد سمع من النبي ? وغزى معه، وحضر معه، وصلى خلفه
وعمران بن حطان الذي صار من الخوارج يعتبر واحد ممن عايش كبار الصحابة، فهل هذا نفعهم؟ لما انحرفوا عن دين الله الحق، وبدأوا يقررون مناهج المبطلين، سواء كان منهجًا خارجيًا، أو كان المنهج القدري المتعزلي، أو ما إلى ذلك من المحاربة للسنة، ما نفعهم ذلك
ولكن نحن في زمن التبس به الحابل بالنابل، فقد يحصل من صاحب الباطل إذا تمسح بصاحب الحق؛ أن يغرر بعوام الناس وأشباههم، على حساب ذلك التمسح.
ألا فإني ناصح لمن يبلغه هذا الكلام من علماء السنة ومشايخها ودعاتها، أن ألا يفرحوا، ولا يتكثروا بقرب من رأوا منه الرغبة والرضى بأفكار الحزبيين، إما بأفكار سيد قطب، وإما بأفكار حسن البناء، وإما بغير ذلك من الأفكار،
والله لقرب السلفي الذي يرجى خيره، ويؤمن شره، كما في الحديث: »خيركم من يرجى خيره، ويؤمن شره«، أجلّ وأفضل، وأحق من أن يقرب هذا الذي تجد منه تلك الكلمات اللماعة، وتقديم النعال، وفتح باب السيارة، ويقول: قال شيخنا، قال شيخنا، وهو على منهج منحرف.
فهذه نصيحة والله رأينا أثر هذا على الدعوة السلفية سلبيًا، رأينا أثر هذا على الدعوة السلفية .
يا علماء السلفية: إن الحزبيين إن قربوا منكم هو لقصد الطعن في منهجكم، وفي حَمَلَة دعوتكم، وفي أنصار السنة التي أنتم تشيدون بها، وتدعون إليها .
فهم يمكرون عن طريق التزلف أو التمسح، أو التصنع أو التقديمات، ولو كانوا صادقين ناصحين، لتابوا عن فكرهم المنحرف، هذا أمر مهم، وإن قصرت العبارة، فقد وفت الإشارة، والحمد لله.
الوسيلة الرابعة من الوسائل الخفية لضرب الدعوة السلفية: محاولة جعل تكافؤ في الدعوات، توجد دعوات صوفية، ودعوات حزبية، ودعوات شيعية، ودعوات حق، ودعوات باطل، فيأتي بعض الناس فيحاولون جعل تكافوءٍ مذهبي
وقد صرح بهذا بعض المسئولين، ويقول: نحن ما نريد أن يكون سلفي فوق، وصوفي تحت، سلفي فوق، وحزبي تحت، ولكن يريدون أن يضربوا هذا بهذا، حتى تنفذ لهم مآربهم .
ومن قال قولاً من السلفيين، يقال: قد خالفك العالم الفلاني، يأتون له بصوفي، أو يأتون له بشيعي، أو يأتون له بحزبي، فيقولون للمجتمع: هذا عالم، وهذا عالم، أنت تقول الانتخابات غير جائزة، وغيرك قال: الانتخابات جائزة، أنت تقول: الديمقراطية كفر، وغيرك مثل الصوفي المشرك مرعي صاحب الحديدة، ومن حوله
يقولون: الديمقراطية نعمة، أنت تقول: الإختلاط محرم، وغيرك يقول: هو ضرورة، أنت تقول: الربا حرام، وغيرك يقول: اقتصاد البلاد، ويجعلون الحق عبارة عن صوت من تلك الأصوات.
وهذا في الحقيقة تزهيد في الحق، وإعراض عنه، نسأل الله السلامة والعافية، العبرة بالحق، وليست العبرة بقول فلان أو علان.
وأيضاً يحاولون محاولة أخرى : أن يجعلوا في الدعوة نفسها، من يعمل تكافئاً حتى يكونوا عبارة عن آراء متضاربة، منهجهم واحد، وآرؤهم شتى؛ عبد الله له رأي، وزيد له رأي، وعمرو له رأي، وكل واحد يريد أن ينفذ رأيه
فمن هنا يحصل الشتات، وتضارب الآراء، ويحصل ما يريده أعداء الدعوة السلفية؛ من الوقيعة منها، بالشحناء والاحتكاكات، وكل يقف ضد الآخر، ويحاولون نزع الثقة فيمن يرونه موثوقًا عندهم، وأن يكون الكل عبارة عن فوضى، ليس لهم دعوة منضبطة على شخص وكم قيل:
لايصلح الناس فوضى لا سراة لها *** ولا سراة إذا جهالهم سادوا
ولكن هذه المحاولة كلّها فاشلة، بإذن الله عزوجل، وله الحمد والمنة، فإن الله عزوجل يقول: ?لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ? [الروم:4]، والنبي ? يقول: لابن عباس: «وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ، وَجَفَّتْ الصُّحُفُ»، أخرجه الترمذي، وهو حديث صحيح، ولو كان الأمر موكولًا إلى الناس، لما قامت دعوة المرسلين عليهم الصلاة والسلام، وإنما ذكرنا ذلك؛ لمعرفة ما يحاك لهذه الدعوة.
والله المستعان.
عدل سابقا من قبل الشيخ إبراهيم حسونة في 21.08.08 20:12 عدل 1 مرات