- وباء الانحراف عن منهاج النبوة في الإمامة والخطبة والدعوة عامة
- </li>
- الإمامة في الصلاة، والخطبة يوم الجمعة، والدعوة إلى الله على بصيرة ثلاث وظائف
- شرعية خص الله بها أعلم ولد آدم بشريعته، فكان الرسل (صلوات الله وسلامه
- وبركاته عليهم) أئمة للناس، يهدونهم بأمره إلى الحق، ويعظونهم بالوحي،
- ويسوسونهم بالشرع، ويدعونهم إلى سبيل ربهم بالحكمة والموعظة الحسنة
- والمجادلة بالتي هي أحسن، كبيرهم وصغيرهم مسلمهم وكافرهم:
- أ-وفرض الله على هذه الأمة الصلوات الخمس يؤمهم أقرؤهم وأعلمهم بالكتاب والسنة،
- وفرض عليهم خطبة الجمعة ليتعلموا أمر دينهم ويتذكروا آلاء ربهم وأيامه
- ويسمعوا موعظة ربهم من وحيه في الكتاب والسنة فيعرفوا أحكام شرعه في
- الاعتقاد والعبادات والمعاملات فيستعدوا بالعمل والتبليغ لمواجهة سكرات
- الموت وسؤال القبر والحشر والحساب والصراط رجاء رحمة الله ورضاه وثوابه،
- وخوفاً من غضبه وعقابه.
- ب-ومضى الأمر على ذلك في القرن الأول بل في القرون المفضلة وعشرة قرون بعدها لم
- تخرج فيه الإمامة ولا الخطبة ولا الدعوة (عموماً) عما كان عليه النبي صلى
- الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، التزاماً بالآية المحكمة: {لَقَدْ
- كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو
- اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21] ومثلها كثير، وبالحديث الصحيح عن الفرقة الناجية: "من كان على ما مثل أنا عليه وأصحابي" ومثله كثير.
- ج- ولم يزد أهل القرون الخيرة شيئاً يذكر على ما كان عليه النبي وأصحابه إلا
- ما كان من ابتداع الخطبة لأمير المؤمنين في العصر العباسي (رمزاً للبيعة
- أو لاستمرارها). والبيعة لمن ولاه الله الأمر (بالعهد ممن قبله، أو
- باختيار أهل الحل والعقد، أو بالغلبة) ثابتة بوحي الكتاب والسنة لا تحتاج
- إلى ابتداع رمز لها؛ قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كانت
- بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي،
- وسيكون خلفاء فيكثرون... فوا ببيعة الأول فالأول، أعطوهم حقَّهم فإن الله
- سائلهم عما استرعاهم" متفق عليه.
- د- وجاءت دولة تجديد الدين والدعوة (بالعودة بهما إلى منهاج النبوة والخلافة
- الراشدة) بعهد بين الإمامين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود رحمهما الله
- على ذلك في القرن الثاني عشر؛ فعاد الدين إلى أصله الموحى به من الله كما
- فهمه أئمة الفقه في الدين في القرون المفضلة، وعادت الإمامة والخطبة
- والدعوة إلى أصلها الصحيح.
- هـ- وفي بداية القرن الرابع عشر ذرَّ قرنُ الفكر (الموصوف زوراً بالإسلامي)
- بعهد بين جمال الدين الأفغاني وتلميذه محمد عبده (تجاوز الله عنهما)، على
- تجديد الدين اليقيني بطريق الفكر الظنيِّ ظنًّا منهما (وبعضُ الظنِّ إثم)
- أن الفكر سينهض بالدين الإلهي كما نهض الفكر بالحضارة العلمانية. وقد يصلح
- الفكر البشري دنيا الناس (لأنهم أعلم بأمور دنياهم)، ولكنه لا يؤتمن على
- دينهم فقد قال الله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ
- مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ
- وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً
- فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ}
- [الجاثية: 23] ومصدر الفكر الهوى، والنفس الأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي
- تسول وتزين (للفرد والحزب) الباطل حتى يراه الفرد والحزب حقاً، فانحرف
- الدين عامة وانحرفت الإمامة والخطبة والدعوة خاصة، وإليك بعض مظاهر هذا
- الانحراف:
- و- في الإمامة:
- 1) تقديم حسن الصوت (عند اختيار الإمام) على العلم والتدبر والترسل حتى صار
- أكثر ما يطلبه المأمومون من إمامهم إطرابهم بصوت لا تذكيرهم بربهم وشرعه.
- 2) انشغال الإمام عن صلاته بملاحقة مكبر الصوت؛ يتقدم ليقرأ ويتأخر ليركع، فضلاً عن إضافة الصدى تأسياً بالمغنين والمغنيات.
- 3) انشغال الإمام عن تدبر تلاوته بالمبالغة في التزام قواعد التجويد المحدثة
- مثل عدد حركات المد ودرجات الإدغام والإقلاب والاخفاء والاشمام والقلقلة
- والسكتات (اللطيفة) ونحوها مما لم يدل عليه وحي ولا فقه في الدين.
- 4) التزام الإمام بوصل آيتين أو ثلاث أو أكثر قضى الله ورسوله بفصلها (في
- الفاتحة وسبِّح خاصةً)، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه كان
- يقف على رؤوس الآي (رواه أبو داود وغيره) ولم يرو غيره. وأنه إذا قرأ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الآعلى: 1] قال: "سبحان ربي الأعلى"
- وحث على قول: "آمين" بعد الفاتحة؛ فليس الذكر والدعاء بعد الآية بما
- يناسبها خاصًّا بالنافلة؛ قال المحدِّث الألباني رحمه الله في (صفة صلاة
- النبي صلى الله عليه وسلم): (وهو يشمل القراءة في الصلاة وخارجها،
- والنافلة والفريضة، وقد رواه ابن أبي شيبة عن أبي موسى الأشعري والمغيرة:
- أنهما كانا يقولان ذلك في الفريضة. ورواه عن عمر وعليٍّ إطلاقًا.)
- 5) وأسوأ ما يكون وصل الآيات إذا قصد به بيان المعنى ـ زعموا! ـ فهذا استدراك
- على الله في شرعه واستدراك على النبي صلى الله عليه وسلم في سنته؛ فقد وصف
- الله كتابه بالبيان مع قضائه فصل الآية عن الآية مهما اتصل المعنى: {تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ} [النمل: 1]، {حم، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}
- [الأحزاب: 1-3]؛ فدعوى عدم البيان إلا بوصل الآيات المفصولة شرعاً تعد على
- شرع الله ومشاقة لله ولرسوله، وقول على الله وكلماته بغير علم، عياذاً
- بالله. وهذا أمر شاع بين الأئمة صغارهم وكبارهم بمجرد التقليد لا يكاد
- يسلم منه أحد منهم، ولا يكاد ينكره أحد عليهم، بل يتأسى بهم انخداعاً
- بالألقاب الدراسية والوظيفية والشهرة.
- 6) الوقوف على الحروف في التلاوة مثل: (كلا، وإلا، وما) بحجة ربط ما سبق بما يلحق من الآية استحساناً، والاستحسان أصل الابتداع.
- 7) إعادة قراءة جزء من الآية لربطها ببقيتها أو بآية بعدها حرصاً على بيان
- المعنى، ولم يكن أحد من علمائنا القدوة يفعل ذلك إلا نادراً لأنه لم يثبت
- عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن خلفائه وصحابته ومتبعي سنته.
- 8) رفع الصوت بتلاوة جزء من الآية عن بقية التلاوة تطريباً وتحزيناً، ولم يرد
- عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من فقهاء القرون الخيرة شيء من
- ذلك، بل كله مُحدَث استحسانًا؛ طاعةً للهوى والفكر.
- 9) العجلةُ في قراءة الفاتحة (وهي الفريضة) والترسل والتطريب والتحزين فيما سواها (وهي النافلة).
- 10) التطويل في دعاء القنوت، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا تقصيره،
- ودعاء ختم القرآن في الصلاة وتطويله، ولم يأمر به النبي صلى الله عليه
- وسلم ولا فعله ولا أقرَّه، ولا أحد من خلفائه ولا صحابته ولا أحد ممن
- يقتدى به. وفي المقابل: حِرْمانُ المأمونين من دعاء الاستفتاح، وقد صحَّ
- عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو عشرة أدعية في الفرائض والنوافل،
- وحِرْمان المأمومين من الدعاء في السجود، وقد أمر النبي صلى الله عليه
- وسلم أمته بالإكثار من الدعاء فيه، وحرمان المأمومين من الدعاء في آخر
- التشهد الأخير، بل من إكمال الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقد ثبت
- عن النبي صلى الله عليه وسلم أَمْرُ أمَّته بهما.
- 11) ولم أعرف أو اسمع شيئاً من هذه المحدثات حتى التحقت بكلية الشريعة في مكة المباركة وتولى الإمامة القراء المقلدون (عام 1373).
- ز- وفي الخطبة:
- 1) صرف الخطبة (أو جزء كبير أو صغير منها) عما فرضه الله له من تعليم الناس
- أمر دينهم (في الاعتقاد والعبادات والمعاملات من الكتاب والسنة) في الوقت
- والمكان الوحيد الذي يفرغ فيه أكثرهم بأمر ربهم لتعلم شرعه؛ فيصرفها خطيب
- العصر المبتدع إلى ما يسمى بالقضايا المعاصرة (اجتماعية أو سياسية غير
- شرعية أو اقتصادية أو فكرية أو لغوية)، وإلى الحوادث والطوارئ نقلاً عن
- وسائل الإعلام (المعروفة عادة بالمبالغة والكذب والخيال أو على أحسن
- الأحوال بالظن)؛ فيدخلها في العبادة التي لا يجوز أن يدخل فيها غير اليقين
- من الوحي أو الفقه فيه من أهله الأوائل.
- 2) صرف الخطبة أو جزء منها للتذكير بالأحداث الماضية (مثل الغزوات والهجرة والإسراء والمعراج ومولد النبي صلى الله عليه وسلم).
- 3) ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن خلفائه ولا صحابته رضي الله
- عنهم وأرضاهم مرة واحدة – فيما أعلم – شيء من ذلك، بل لقد ثبت ما يخالفه
- عن أم هشام بنت الحارثة بن النعمان رضي الله عنها: (لقد كان تنورنا وتنور
- رسول الله صلى الله عليه وسلم واحداً سنتين أو سنة وبعض سنة وما أخذت {ق
- والقرآن المجيد} إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها كل جمعة
- على المنبر إذا خطب الناس) وفي رواية أخرى: (ما حفظت {ق} إلا من في رسول
- الله صلى الله عليه وسلم يخطب بها كل جمعة) أخرجهما مسلم في صحيحه.
- 4) ومضى فقهاء الأمة على ذلك؛ قال الشافعي رحمه الله عن خطبة الجمعة أنها
- تكون: (بحمد الله، والصلاة على رسوله، والعظة، والقراءة، ولا يزيد على
- ذلك) الأم: 1/203.
- وقال ابن القيم رحمه الله عن خطب النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة: (إنما
- هي تقرير لأصول الإِيمان من الإِيمان بالله وملائكته، وكتبه، ورسله،
- ولقائِه، وذكرِ الجنة، والنار... ومن تأمل خطب النبي صلى الله عليه وسلم،
- وخطب أصحابه، وجدها كفيلة ببيان الهدى والتوحيد، وذِكر صفات الربِّ جل
- جلاله، وأصولِ الإيمان الكلية، والدعوة إلى اللّه، وذِكر آلائه تعالى التي
- تُحبِّبه إلى خلقه وأيامِه التي تخوِّفهم من بأسه) زاد المعاد: (1/423 ط:
- الرسالة).[يتبع]
وباء الانحراف عن منهاج النبوة في الإمامة والخطبة والدعوة عامة
أبو عبد الله أحمد بن نبيل- كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
- عدد الرسائل : 2798
العمر : 48
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 19
تاريخ التسجيل : 27/04/2008
أبو عبد الله أحمد بن نبيل- كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
- عدد الرسائل : 2798
العمر : 48
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 19
تاريخ التسجيل : 27/04/2008
- وقال الصنعاني رحمه الله: (وكان يعلم أصحابه في خطبته قواعد الإسلام وشرائعه
- ويأمر بتقوى الله ويحذر من غضبه ويرغب في موجبات رضاه.. وكانت محافظته
- [على الخطبة بسورة ق] اختياراً منه لما هو الأحسن في الوعظ والتذكير، وفيه
- دلالة على ترديد الوعظ في الخطبة) سبل السلام: 2/49.
- 5) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحث أمته على طول الصلاة وقصر الخطبة فخالف المتأخرون سنته بإطالتهم الخطبة وتقصيرهم الصلاة.
- 6) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الجمعة بسبح والغاشية وبسورتي
- الجمعة والمنافقون فخالف المتأخرون سنته واختاروا سوراً أخرى أو آيات
- تناسب خطبهم المبتدعة.
- 7) ذكر الشيخ عبد الله خياط خطيب المسجد الحرام وعضو هيئة كبار العلماء أن
- الأمير عبد الله بن عبد الرحمن آل فيصل آل سعود رحمهم الله جميعاً أنكر
- عليه الكلام عما يسمى (القضايا الاجتماعية) في خطبة الجمعة بينما الواجب
- قصرها على النصوص الشرعية أسوة بما كان عليه النبي وأصحابه وأئمة الدين
- والدعوة وظن الشيخ رحمه الله (وهو من خير علماء المملكة في المعتقد) أن
- هذا الأمر يمكن أن يستفتى فيه (الجمهور الواعي)، وغفل عن قول الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ}
- [النساء: 59] وأصاب الأمير رحمه الله، فهذه عبادة يرجع فيها إلى ما كان
- عليه النبي وأصحابه. ويدل هذا على أن البقاء على الفطرة خير من التقليد
- الفكري بصرف النظر عن الألقاب الدراسية والوظائف الرسمية، ويؤكده ذكر
- الشيخ عبد الله خياط أنه لما عين عضواً في هيئة كبار العلماء استشار
- الأمير مساعد بن عبد الرحمن رحمهم الله فدله على مسلك يبعده عن الحرج:
- (اجلس حيث انتهى بك المجلس واستمع لما يقوله كبار العلماء ثم أدل بصوتك مع
- القول الذي تختاره) لمحات من الماضي: 273. وفي المقابل لم يجد أحد
- الدكاترة في علم الشريعة من كبار خطباء الجمعة دليلاً يجيز له الإصرار على
- مخالفة سنة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه وأصحابه إلا القول بأن:
- (زمانهم غير زماننا) كأن الدين يتغير ويتبدل بتغير الزمان وأنه غير صالح
- لكل زمان ومكان وحال حتى تقوم الساعة. وكتب مرة يوجه الخطباء إلى قراءة
- الجرائد والمجلات لتكون خطبهم معاصرة واستشهد بقول لأفلاطون الوثني
- والغزالي الفيلسوف ثم الصوفي وبعض الرافضة ولم يستشهد بخطب النبي صلى الله
- عليه وسلم ولا خلفائه ولا صحابته رضي الله عنهم.
- 8) ومما أحدث المبتدعة في الخطبة تكلف السجع ولم يكن عليه النبي ولا أصحابه.
- 9) ومما أحدث المبتدعة فيها الاستشهاد بالشعر ولم يسبق إليه أحد ممن يقتدى
- بهم بل تجاوز أحد الدكاترة في علم الشريعة من كبار خطباء الجمعة كلَّ حدٍّ
- فاستشهد في خطبة الجمعة (العبادة المفروضة) ببيت من أفجر شعر الجاهلية:
- (ألا هبِّي بصحنكِ فأصبحينا ... ولا تُبقي خمور الأندرينا) في أقدس البقاع.
- 10) ومما أحدثه مبتدعةُ الخطباء (وهم الأكثرون الأقلون) التشدق والتفيهق
- بالألفاظ (الأدبية زعموا) الغريبة التي لا يفهمها أكثر المستمعين، وينشغل
- بها الخطيب المبتدع ويشغل بها عباد الله عن تعلم شرعه.
- 11) ومما أحدثه المبتدعة في الخطبة صرفها أو جزء منها لفكر المناسبات: الإجازة
- المدرسية والسفر في الصيف والسياحة الداخلية وغيرهما من طوارئ الدنيا.
- 12) ومما أحدثه المبتدعة في الخطبة ـ عامة ـ صرفها عن الأهم (الأحكام الشرعية)
- إلى الأقل أهمية (مثلاً: فضل المدينة النبوية والمسجد النبوي، وجميع
- المستمعين إليها في المسجد بل في العالم يعرفون فضلهما حتى المخالفون
- للنبي من الصوفية والقبورية وسائر الفرق المبتدعة تهفوا قلوبهم إليهما
- أكثر مما تهفوا إلى مكة المباركة والمسجد الحرام). ولا يجد الحاج والمعتمر
- والزائر في خطب الجمعة ما يعلمه الفرق بين التوحيد والشرك أو بين السنة
- والبدعة.
- ولقد صليت الجمعة طيلة شهر رمضان مع أشهر الخطباء فلم يُذكر في الخطب حكمٌ
- شرعيٌّ واحدٌ من أحكام الصيام غير خطيب تكلم عن آداب الصيام ومنها: حفظ
- اللسان عن الغيبة لا عن الشرك اللفظي وأكثر المصلين يحلفون بغير الله، بل
- يلعن بعضهم الخالق ودينه (في المسجد الأقصى المبارك وما حوله بخاصة).
- ز- وفي الدعوة إلى الله تعالى:
- 1) أسست جميع الأحزاب والفرق والجماعات الموصوفة زوراً بالإسلامية على غير
- تقوى من أول يوم؛ بمجانبتها منهاج النبوة، وانخزالها (في لفظ الشيخ د. بكر
- أبو زيد عضو هيئة كبار العلماء) عن جماعة المسلمين (التي لا تتعدد) وعن
- أئمتهم، وبتفريقها الدين، وبجعلها المسلمين شيعاً.
- 2) وانحرفت كلها عن صراط الله المستقيم الذي بعث عليه جميع رسله، فهجرت الأمر
- بإفراد العبودية لله وحده، وهجرت النهي عن الإشراك بالله في عبادته.
- 3) وخالفت كلها الكتاب والسنة فجعلت مرد النزاع مع غيرها إلى فكر وهوى وعاطفة
- مؤسسيها لا إلى الله ولا إلى رسوله ولا إلى أولى الأمر ولا إلى أهل الذكر
- العلماء الأول بشرعه الفقهاء في دينه.
- 4) وخَرَقَتْ مصطلحاتٍ جديدةً تسوِّغ لها ذلك: (الداعية الإسلامي، المفكر
- الإسلامي، الثقافة الإسلامية، تنوع الخطاب، الإسلام اليوم، فقه الحركة،
- فقه الواقع، فقه المرحلة، فقه الموقف، التعددية، والمهرجان الدعوي، الخ)
- مخالفة لفطرة الله التي فطر عليها دينه وعباده.
- 5) تخصيص فئة من المسلمين بالدعوة والدعاء (الشباب والنساء خاصةً) وقد عمَّ
- الله الثقلين برسالاته وكتبه ورسله وبدينه عامة، وخاطبهم الرسل بالخطاب
- نفسه على اختلاف زمانهم ومكانهم وحالهم: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: 65] وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36] وقال تعالى: {وَمَا
- أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
- حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ
- الْقَيِّمَةِ}
- [البينة: 5]، فخطاب الدعوة والفقه في الدين ثابت منذ بعثة محمد صلى الله
- عليه وسلم وإكمال الله الدين وإتمام الله النعمة حتى تقوم الساعة، لا
- يتغير ولا يتبدل ولا يتنوع ولا يتعدد ولا يتطور.
- 6) ومما أحدثه المبتدعة المفتونون في الدعوة: الوعظ بالقصص والأمثال التي لم
- ينزل بها الوحي في كتاب ولا سنة، وبالشعر والسجع والفكاهة والنشيد
- والتمثيل والمسابقات الفكرية والألعاب ونحوها. ودين الله (ومنه الدعوة
- إليه) جد ليس بالهزل، ومرجعه اليقين لا الظن.
- 7) ومما أحدثه المبتدعة المفتونون الفتانون (شرعاً لم يأذن به الله): تعيين
- يوم أو أيام للدعوة لم يعينها الله ولا سنها رسوله مثل يوم الثلاثاء من كل
- أسبوع، أو ثلاثة أيام من كل شهر، أو أربعين يوماً من كل سنة، أو أربعة
- أشهر في العمر كله.
- 8)) ومما أحدثه المبتدعة مخالفة صريحة لشرع الله: تسخير منابر الدعوة باسم
- الدين لأغراض خاصة (مالية أو حزبية أو سياسية غير شرعية أو انتخابية
- غوغائية)، منازعةً لأولي الأمر، وإثارةً للفتنة بين الراعي والرعية؛ حتى
- صار أكثر الدعاة الحزبيين والحركيين والفكريين من المسرفين الذين يفسدون
- في الأرض ولا يصلحون.
- هدى الله الجميع للتي هي أقوم وردهم إلى دينه ردًّا جميلاً. (1428 هـ)