خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    موتُ الأموات.. وَعِظَةُ أهلِ الحَياة!

    avatar
    أبو عمر عادل
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 363
    العمر : 67
    البلد : مصر السنية
    العمل : أخصائي اجتماعي
    شكر : 1
    تاريخ التسجيل : 29/06/2008

    الملفات الصوتية موتُ الأموات.. وَعِظَةُ أهلِ الحَياة!

    مُساهمة من طرف أبو عمر عادل 22.07.08 18:57

    كلمتنا

    موتُ الأموات.. وَعِظَةُ أهلِ الحَياة!.....2008-07-13
    موتُ الأموات.. وَعِظَةُ أهلِ الحَياة!
    رَحِمَ اللهُ (مالكاً)...



    كَتَبَهَا/ عَليُّ بنُ حَسَنٍ الحَلَبِيُّ


    كان شابًّا في زَهْرَةِ عُمُرِهِ، في أوائل العشرينات..
    قويَّ البَدَنِ مَتيناً، عاليَ الهمَّةِ نشيطاً...
    صَلَّى صَلاة الفَجْرِ، فكانت هي آخِرَ عَهْدِهِ من هذه الدُّنْيا:
    الفانية...
    الزائلة...
    الذاهبة...
    إذْ بَعْدَ ذلك بِسُوَيْعات.. أيقظَهُ أهلُهُ!!!
    فلم يستيقظ..
    لم يتحرَّك..
    لم تَرْمِشْ عيناه...
    لا إله إلا اللهُ -الحيُّ الذي لا يَموتُ-...
    إنَّه (مالك) -رحمه اللهُ العليُّ المالك-...
    أين القوَّة؟!
    {أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً }..
    أين المتانة؟!
    فربُّك {ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِين}..
    وَفَوْرَ وُصُولِ خَبَرِ وفاةِ (مالكٍ) أُذُنَيَّ -والذي لا يُحلَف إلا به-:
    دَمَعَتْ عيناي...
    وتَأَثَّرَ قَلْبي...
    آهٍ آه...
    أين تخطيطاتُ المستقبلِ؟!
    أين ذاك الأَمَلُ الإنسانيُّ الزائفُ؟!
    أينَ هاتيكَ الوعودُ النفسيَّةُ المتراكمة (المُتراكِبة!)؟!
    ذكَّرتُ ولدي بالموت..
    وذكَّرتُ نفسي بهذا الفَوْت..
    ماذا ستنفعُ القوةُ؟!
    ماذا سينفعُ الجاهُ؟!
    ماذا سينفعُ الشباب؟!
    ماذا سينفعُ الولد...
    الزوجة...
    المال...
    الأهل...
    العشيرة...
    ... ماذا سينفعُ هؤلاءِ -كلُّهم- مُجتمعين أو مفترقين-؟!
    لمن تجمعُ المالَ -يا ذا المال-...
    بلا مَيْزٍ بين حُرمةٍ وحلال؟!
    هل ستجمعُهُ لنفسِكَ والقبرُ قريب؟!
    وكيف؟!!
    ... مِن ذاك الفِعْلِ الغادِرِ(!) المُريب؟!
    أم تحسَبُ أنَّك تجمعُهُ لولدِك -وقد يسبقهم الأجَلُ دُونَكَ-؟!
    أُفٍّ لكِ أيَّتُها الدنيا!
    {فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَق}..
    {وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُور}..


    تَروحُ لنا الدنيا بغير الذي غَدَتْ
    وتحدُثُ من بعدِ الأمورِ أمورُ

    وتجري اللَّيالي باجتماعٍ وفُرقةٍ
    وتطلُعُ فيها أنْجُمٌ وتَغُورُ

    فمَن ظَنَّ أنَّ الدَّهرَ باقٍ سُرورُهُ
    فقد ظَنَّ عَجْزاً: لا يدومُ سرورُ

    أفلا نتذكَّرُ القبرَ؟!
    أفلا نتذكَّرُ ظُلْمَتَهُ؟!
    أفلا نتذكَّرُ بَلَاءَهُ وشِدَّتَهُ؟!
    أفلا نتذكَّرُ ضَغْطَتَهُ؟!
    أفلا نتذكَّرُ ضِيقَهُ؟!
    حيثُ لا ينفعُ قريبٌ قريبَهُ..
    ولا صديقٌ صديقَهُ..
    أفلا نتذكَّرُ أنَّ الباقيَ هُوَ ما في القُبُور..
    لا ما في الجُيُوبِ أو القُصُور!
    { وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً}..
    {.... وَخَيْرٌ مَّرَدًّا}..
    ولقد صَدَقَ الإمامُ ابنُ الجَوْزِيِّ فيما وَعَظَ -لِمَنْ يَتَّعِظ!-:
    (كلامُك -يا ابنَ آدَمَ- مكتوب...
    وقولُك محسوب..
    وأنتَ -يا هذا- مطلوب..
    ولك ذُنُوب..
    وما تتوب؟!
    وشمسُ الحياة قد أخذت بالغُروب..
    فما أقْسَى قلبَك مِن بينِ القُلوب..)!!!
    أم تظنّ نفسَكَ -بِسِحر بيانك، ولحن قولك!- الغالبَ لا المغلوب...
    هذا -واللـهِ- ظنٌّ منكوسٌ مقلوب...
    فرَبُّك -وحدَه- علّامُ الغُيُوب...
    ماذا سَتَنْفَعُنَا -أو تَنفعُك- الدَّراهِمُ والأموال؟!
    هل سَتُغَيِّرُ بنا الحال؟!
    أمْ أنَّها -كُلًّا- إلى زوال؟!
    واضْمِحْلال...
    يا مِسْكين.. انفعْ نفسَك..
    وتذكَّر أمسَك..
    واعملْ لغَدِك...
    ولا تَجْمَعْ لمنْ بَعْدَك...
    فلن ينفعَك إلا صالحُ عَمَلِك...
    ولن يُنجيَك مِن اللـهِ مَحْضُ أمَلِك!!

    كم تناسَى القبورَ يا مغرورُ
    حُفَرٌ ما بها لِعَاصٍ سُرُورُ

    وتَعَامَى عنها وأنتَ تراها
    وَرَحَاهَا على الأَنامِ تدورُ

    كم مِن غَنِيٍّ سَبَقَنَا!
    كم مِن سُلطانٍ وأميرٍ مضى عنَّا!!
    كم مِن شابٍّ للدنيا تَرَكَنا!!
    كم مِن عِبْرَةٍ صَدَعَتْ قلوبَنا!
    كم مِن عَبْرَةٍ مَلَأَتْ وُجوهَنا!
    ولكنْ:
    أين المُتَّعِظُون؟!
    أين المُوَفَّقون؟!
    أين الذين يَحْيَوْنَ وهم متذكِّرون أنَّهم سيموتون؟!
    أين المُراقِبون ربَّهم فيما يفعلون أو يَذَرُون؟!

    فاتَّقِ اللهَ حَقَّ تَقواهُ واحْذَرْ
    كُلَّ هَوْلٍ يخافُهُ المقبورُ

    ودَعِ اللَّهْوَ والبطالَةَ واعْمَلْ
    لِلَّتِي عاجلاً إليها تصيرُ

    تلك دارُ البقاءِ فَكُلُّ تقيٍّ
    في رُبَاها مُكرَّمٌ محبورُ

    فكيف إذا كان هذا الجامعُ للمال -على كُلِّ حالٍ ولو بالأوحال!- ظالماً لغيرِهِ، آخِذاً حقوقَهم، غادِراً بهم؟!
    اللهُ أكبر...
    تاللـهِ إنَّ الأمرَ أشدُّ وأنْكَى... إن لم يَتُبْ -ذاك المُريبُ- أو يُنِبْ!

    كُنْتَ الصحيحَ وكُنَّا منكَ في سَقَمٍ
    فإنْ سَقِمْتَ فإنَّا السالمون غدَا

    دَعَتْ عليك أَكُفٌّ طالَما ظُلِمَتْ
    ولن تُرَدَّ يَدٌ مظلومَةٌ أبدَا

    رَحِمَ اللهُ (مالكاً)...
    ... فباللـهِ العظيمِ.. إنَّ الموتَ لمصيبةٌ تكسِرُ القلبَ...
    وتَغُمُّ النفسَ...
    وتُؤْذِي كُلَّ ذي بَصَر:
    إنِ اعْتَبَر...
    إنْ أبصَرَ حَقًّا ونَظَر...
    إنْ تَأمَّلَ وتَفَكَّر...

    يا أيُّها الظالمُ في فِعْلِهِ
    والظُّلْمُ مردودٌ على مَن ظَلَمْ

    إلى متى أنتَ وحتَّى متى
    تشكو المصيباتِ وتنسى النِّعَمْ

    ... أَصْلِحْ -يا هذا- شَأْنَك...
    وراجِعْ فِعْلَكَ وعَمَلَك..
    وأَرْجِعْ لكُلِّ ذي حقٍّ حَقَّهُ .. بلا تأخير..
    فالعمرُ -مهما طالَ- قصيرٌ قصير..
    {وَإِلَى اللـهِ المَصِير}...
    فالَّذي أسرعَ بالموتِ لذاك الشَّابِّ القويِّ المتين...
    قد يُعَجِّلُ به -أسرَعَ وأسرَعَ- لمن هاجَمَتْهُ الشَّيْخُوخةُ حتَّى غدا كالعُرجون القديم!؟
    مِن جارٍ...
    أو قريبٍ...
    أو (والدٍ)...
    ولن يُغَيِّرَ حقيقةَ حالِ (هذا)، أو (ذاك): تظاهُرُهُ وتَمَسْكُنُهُ -مِن جِهةٍ-، أو سوادُ لون لحيتِهِ المُغَطِّي لِثُغامةٍ بيضاءَ تحتَهُ -مِن جِهةٍ أُخرى-؟!
    أم تحسَبُ -يا ذا- أنَّ هذا الخِضاب، يستجلبُ طولَ العُمُرِ، ويُؤَخِّرُ الشَّباب؟!
    أمْ أنَّه -في حقيقتِهِ- للقبر باب؟!

    عَجِبْتُ للطالبِ الأمرَ البصيرِ بما فيهِ
    مِنَ الغَيِّ إذْ يَسعى له طَلَبَا

    وللمُكِبِّ على مالٍ يُثَمِّرُهُ
    وسوفَ يُصبِحُ منه المالُ مُنْتَهَبَا

    فَذَكِّر النفسَ هولاً أنت راكِبُهُ
    وكُرْبَةً سوف تَلْقَى بعدَها كُرَبَا

    لئن كنتَ -يا هذا- ابنَ خمسين -أو أكثر أو أقلَّ!- هل تحسَبُ -غافِلاً- أنَّك ستعيشُ قَدْرَها؟!
    هل تضمَن نفسَك - بِظَنِّكَ- تَحْيَى على مِنْوالها؟!
    وتَغْزِلُ على مثالِها؟!!
    وتستمرُّ على حالها...
    وخيالها؟!
    يا مِسْكين.. لا تغترَّ إلا باللـهِ -ذي الجلالِ-..
    وحُسْنُ الظَّنِّ يُوجِبُ مِنكَ حُسْنَ الأعمال...
    وصِدْقَ الأقوال...
    وإيَّاكَ -إيَّاكَ- وسَيِّئ الخِصال..
    وسوءَ الفِعال...
    مهما أخْفَيْتَها.. وخَبَّأْتَها...
    فهي عند اللـهِ معلومة..
    قسمةٌ مقسومة...
    لئنْ مَرَّ كذبُك على الصادقين وانْطَلى...
    فهل تظنُّه خافِياً على رَبِّك العظيمِ الأعلى؟!
    ولقد صَدَق وهبُ بن مُنَبِّه بقولِهِ: (مَن عُرِفَ بالكذبِ لَمْ يَجُزْ صِدقُهُ)..
    ومثلُهُ قولُ عبد الله بن المبارك: (مِنْ عقوبةِ الكَذَّاب أن لا يُقْبَلَ صِدقُهُ)..
    فاحْذَرْ.. وحاذِرْ...
    ... باطلٌ.. وظُلمٌ.. وكذبٌ...
    ثم مَوْتٌ..
    نَعَم.. موتٌ...
    نَعَمْ.. إنَّهُ الموتُ...
    أفَلا تتَّعِظ؟!
    أفلا تعتَبِر؟!
    ألا تُغادِر وتعتذِر؟!
    سارِع بالأَوْبَة...
    وعَجِّلْ بالتَّوبة...

    اخْتَرْ قرينَك واصْطَفِيه تفاخُراً
    إنَّ القرينَ إلى المُقارَنِ يُنْسَبُ

    وَدَعِ الكَذوبَ فلا يَكُنْ لك صاحِباً
    إنَّ الكَذوبَ يَشينُ مَن قد يَصْحَبُ

    وفي صحيح السُّنَّةِ الغَرَّاءِ: أنَّ رسولَنا الكريمَ -الصادق المصدوق- صلى الله عليه وسلم: (كان إذا اطَّلَعَ على أحدٍ من أهلِ بيتِهِ كَذَبَ كِذْبَةً لم يَزَلْ مُعْرِضاً عنه حتى يُحْدِثَ توبةً).
    فما بالُ الذي يكْذِبُ كذباتٍ عِدَّة؟!
    ويُصِرُّ عليها أطوَلَ زمنٍ، وأكثرَ مُدَّة!!
    ويضُمُّ اليمينَ الغَمُوسَ إلى ذلك -كُلّه -وَيْكَأَنَّهُ -له- عُدَّة!!
    فأينَ أينَ أنت -يا ذاك!- يومَ الشِّدَّة؟!
    آهٍ آه.....
    .. رَحِمَ اللهُ ذاك الشَّابَّ القويَّ..
    المتينَ الفَتِيَّ..
    رَحِمَ اللهُ (مالكاً)...
    الذي كان آخِرَ عهده بالدُّنيا عَمَلٌ صالحٌ..
    لعلَّهُ يُنَوِّرُ له قبرَهُ...
    ويوسِّعُ عليه حُفْرَتَهُ...
    أمَّا أنا وأنت -يا ذا-:
    فإنْ لم يُصاحِبْ رجاءَنا لِرَحْمَةِ اللـهِ: عَمَلٌ صالحٌ...
    وصدقُ توبةٍ...
    وتعجيلُ إنابةٍ...
    وإصلاحُ خَلَلٍ...
    واستقامةُ فِعْلٍ:
    فإنَّنا على أنفسِنا نَكْذِب...
    ومِن واقِعِنا نهرُب...
    ومِن ناصحِنا نغضب...
    ومِن آسِن مياهِنا (بأيدينا) نشرب...
    والحقُّ أمامَنا -بِذاكَ- أصعبُ وأصعب...
    وهذا كُلُّهُ -واللـهِ- مُتْعِب...
    وللهُدَى مُذْهِب...
    وكم للهوى يَجْلِب!!
    ورحمَ الله الإمامَ ابنَ الجَوْزِيَّ -القائلَ-:
    (يا له مِن يومٍ لا كالأيَّام...
    تَيَقَّظَ فيه مَن غَفَلَ ونام...
    وحَزِنَ فيه كُلُّ مَن أفْرَحَتْهُ الآثام..
    وتَيَقَّنَ أنَّ أحلى ما كان فيه: أحلام...)!!!
    فلْيَكُن -لنا-جميعاً- موتُ ذاك الشَّابِّ:
    عِظَةً للأَتْراب...
    وموعظةً للأصحاب...
    لا فَرْقَ بين شِيبٍ وشَبَاب...
    وبخاصَّةٍ مَن كان ذا قُرْبٍ واقتراب:
    كأَخٍ منه الدمعُ يَنساب...
    بانْسِكَاب...
    أو جارٍ ذي حُزْنٍ واكْتِئَاب...
    أو (والدٍ) ثَكْلانَ مصدومٍ مُصاب...
    رَحِمَ اللهُ مَيِّتَنا...
    وهدى اللهُ حَيَّنا...
    وأَصْلَحَ خَلَلَنا...
    ورَدَّ إلى الحَقِّ ضالَّنا...
    ... إنَّ العَيْنَ لتدمَعُ، وإنَّ القلبَ ليحْزَنُ، وإنَّا على فِراقِكَ يا (مالكُ) لمحزونون...
    و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعون}...
    فالموتُ -مِن قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ- {مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ }...
    وسببٌ بين أيديكم...
    * * *

    10 رجب/ 1429هـ

      الوقت/التاريخ الآن هو 26.11.24 14:48