الآثار الإجرامية لمفاهيم سيد قطب
إن أدب سيد قطب وبراعة أسلوبه وجمال بيانه كل ذلك لا يشفع له عندي أو عند العقلاء في التراجع عن وصف مفاهيمه أن لها أثارًا إجرامية مفسدة تُُشاهد عيانًا وتُقرأ في كتب ورسائل تحمل اسم الإسلام والإسلام منها براء ، كما لا يمنع ذلك من الدعاء له بالرحمة والمغفرة ، وفي الوقت نفسه لا يمنح هذا النقد خصوم سيد قطب الحق في تبرير أي تجاوزات إنسانية وقعت عليه وعلى أتباعه من تقتيل أو تعذيب إن صحت الروايات التي ساقها كثير من الكتاب .
إن نعت مفاهيم سيد قطب الدينية التي نحن بصددها بما وصفت به ليس معناه أن فلسفة الميثاق أو الأخذ بالاشتراكية الناصرية حق مبين ، إنما قصدي من هذا النقد لمفاهيم سيد أو غيره إنما هو تصحيح المفاهيم الدينية ليس إلا ، وتجلية المفاهيم الدينية الصحيحة .
إنه من المؤسف أن البعض يخلط في المفاهيم للتشويش والتضليل فيدعون أن نقد فكر الإخوان المسلمين معناه الرضاء الكامل عن أفكار أخري ومناهج ظاهرة في فسادها ، أو أن هذا النقد إنما هو موجه لخدمة النظم الحاكمة لتحقيق مآرب شخصية ... الخ من ادعاءات ترمي في النهاية إلى التشويش على الحقائق التي طُرحت في هذه السلسلة وغيرها .
ورغم أنني رددت على مثل هذه الادعاءات إلا أنني أكرر ما قلته سابقًا ، من كان عنده دليل شرعي ثابت أو دليل عقلي راجح ينقض ويبطل ما أقوله فحيعلى قال تعالي : { قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [ البقرة : 111 ] .
وقبل بيان الآثار الإجرامية لمفاهيم سيد قطب أذكر بكلمات سبق نشرها منسوبة للشيخ عبد اللطيف السبكي رئيس لجنة الفتوى بالأزهر السابق – يرحمه الله – حينما رد مفاهيم كتاب " معالم في الطريق " لسيد قطب قائلا ً :
إن سيد قطب استباح باسم الدين أن يستفز البسطاء إلى ما يأباه الدين من مطاردة الحكام مهما يكن في ذلك عنده من إراقة الدماء والفتك بالأبرياء وتخريب العمران وترويع المجتمع وتصدع الأمن وإلهاب الفتن في صور من الإفساد لا يعلم مداها غير الله . أ. هـ .
قلت : ورغم أن كلام الشيخ السبكي كتبه منذ أكثر من أربعين عامًا إلا أنه وللأسف الشديد لم يلتفت أحد إلى أهمية ما كتبه لتنقية الفكر الإسلامي المعاصر من هذه الترهات والتي تتجرع آلامها المجتمعات الإسلامية من الشرق إلى الغرب ، وتُرك فكر سيد قطب حرًّا طليقًا بلا رادع فكري ؛ فالتهمه الشباب وجرى في عروقه مجر الدم ؛ وها هي نتائجه السلبية قائمة ظاهرة .
إنني لأتعجب من مؤسساتنا الشرعية الرسمية وغير الرسمية يرون الآثار المدمرة لفكر الإخوان عمومًا وسيد قطب خصوصًا ومع ذلك لا يحركون ساكنًا تجاه هذه الظاهرة ، فما المانع لديهم للتصدي لهذا الطوفان الفكري ؟ فإما إنهم مشايعون لهذا الفكر ، أو إنهم خائفون من أتباع هذا الفكر ، وإما احتمال ثالث ألا وهو عدم درايتهم بهذه المفاهيم أصلا ً !! وقد يري فريق رابع من العلماء أن السكوت عن هذه المفاهيم المغلوطة يقلل من الآثار السلبية لغلبة الفكر العلماني على الساحة الثقافية ، وأيًا كان السبب فالنتيجة واحدة ألا وهي تنامي المفاهيم الدينية المغلوطة وتأصيلها في العقول ؛ مما يُصعب من تصحيحها وتكرار المآسي الدموية من حين لآخر ؛ ويبقي المجتمع في ديمومة احتقان وتوتر ، فهل من مدّكر ؟
أعود إلى عنوان المقال لأنقل عن أحد تلامذة سيد قطب النجباء بل هو قائد التنظيم السري لسيد قطب في عام 1965 م ألا وهو على عشماوي ، فماذا كتب في مذكراته التي نشرت تحت عنوان : " التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين" ؟ يقول على عشماوي في مذكراته ص 106 وما بعدها باختصار :
وفي أحد الاجتماعات فاجأنا الأستاذ سيد قطب بأنه قد وردت إليه معلومات من مكتب المشير تقول : نضرب الإخوان الآن أم ننتظر عليهم بعض الوقت ... وكان من رأيه " أي سيد قطب " أن نسرع في تدريب المجموعات التي ستقوم بتنفيذ أي عمليات فنعطيها أولوية في العمل وأن نشتري بعض الأسلحة وأن نجهز أنفسنا لو حدث أي صدام أن نرد عليه وبعنف ... وبدأت في إجراء لقاءات تدريبية في بعض المحافظات وفي القاهرة ، كنا نعطيهم تدريبًا في الدفاع عن النفس وثانيًا على السلاح وثالثًا على بعض الأعمال التكتيكية التي يمكن أن تجابهنا في المستقبل . وظلت هذه التدريبات قائمة على قدم وساق ، وكانت احدي مشاكلنا أن الوقت قصير ، ولم تكن الأسلحة وصلتنا ... وكان علىّ أن أبدأ في حشد أسلحة ومفرقعات استعدادًا لمثل هذه الأحداث المرتقبة ، فقمت بتكليف الأخ " مبارك عبد العظيم " بأن يختار من بين الإخوة المتخرجين في كلية الهندسة قسم كيمياء مجموعة لتكون نواة لعمل أبحاث في صناعة المفرقعات ... وقام الشيخ عبد الفتاح بالاتصال ببعض الإخوة من طنطا وهو الأخ أحمد سلام وكانت له علاقة بالجيش فأحضر بعض الأسلحة والقنابل اليدوية من هناك ... ويستمر على عشماوى قائلا ً :
بدأنا التدريب بهذه الأسلحة التي اشتريناها والتدريب على صناعة المفرقعات ... اضطررنا لشراء بعض الكتب والمراجع الخاصة بصناعة المفرقعات حتى أنني لجأت إلى مكتبة السفارة الأمريكية للبحث عن هذه الكتب ووجدت بعضها ونقلت منها بعض الموضوعات ... وكان بحثنا كله يجري في تجاه صناعة مادة " تي – إن – تي " وهي صناعة محفوفة بالمخاطر ... أما المواد الأخرى التي حاولنا صنعها وهي قنابل " المولتوف " فقد وصلنا فيها إلى نتيجة جيدة ........ جاءنا أحد الإخوة المختصين بالكيمياء ، وقال إنه وجد مادة جيدة جدًا يمكن أن نفعل بها ما نشاء ... وشرح لنا هذه التركيبة ببساطة وقال : إنها مادة " نيترات الأمونيوم " يُضاف إليها السولار ... وقال إن هذه المادة شديدة الإنفجار ... وكان هذا الأخ ضمن مجموعة تعمل في لجنة الطاقة الذرية في أنشاص ... وأتوني بعينة وذهبت مع الأخ " أحمد عبد المجيد " إلى " أبو رواش " في منطقة محاجر من الطبيعي أن تسمع فيها أصوات انفجارات دون أن تثير أي تساؤل ... واخترت حجرًا ضخمًا حوالي 2 متر × 2 متر أي حوالي 8 أمتار مكعبة ووضعت العبوة تحته وأوصلتها بمفجر ... ثم أوصلناه ببطارية ووقفنا خلف صخرة أخرى ثم فجرت العبوة ، وإذا بهذه الصخرة الضخمة قد أصبحت وكأنها " بودرة " ولم يبق منها شئ كانت النتيجة مذهلة وغريبة جدًا واعتمدنا هذا النوع من المفرقعات التي سوف نستعمله إن أردنا . أ.هـ .
ثم في ص 114 من نفس المذكرات يقول على عشماوي : حضرت اجتماعًا للقيادة وكان خاصًا بترتيب خطة المواجهة مع الحكومة والتي كانت تتلخص في : اغتيال كبار الشخصيات المؤثرة في دولاب الحكم وتخريب بعض المنشآت التي يمكن أن تساعد في إحداث خلل وفراغ وارتباك في الدولة ... ومن الشخصيات التي كانت عرضة للاغتيال الرئيس جمال عبد الناصر وشخصية المشير وزكريا محي الدين ... وتدمير مبنى الإذاعة والتليفزيون ومحطات الكهرباء وهدم القناطر الخيرية ..........
قلت : أي محمود عامر :
لم أنقل ما سبق من مذكرات أو كتب رجال أمن أو رجال سياسة مناهضين وخصوم للإخوان ، أو من مراجع أجنبية ، وإنما من كتب شخصيات إخوانية لعبت دورًا بارزًا في خط سير هذا التيار الجارف ، وما ذكره على عشماوي نتيجة طبيعية لمقدمات الفكر القطبي الذي وضع معالمه سيد قطب فيما وضحته في مقالات سابقة حيث رسّخ في عقول ونفوس أتباعه جاهلية المجتمع المصري وحتمية تحرك الطليعة المؤمنة بزعمه التي نظمها ودعا إليها للقضاء على الطواغيت التي اغتصبت سلطان الله في الأرض على حد زعمه الخيالي ، فجمع ونظّم مجموعات من الشباب المتحمس الأغرّ والذي لم يستوعب بعد العلوم الشرعية التي تؤهله لتقييم ما يُرَسّخ لديه من مفاهيم ، فتتدربوا على السلاح والتجسس وصناعة القنابل لتدمير أهم المنشآت التي تتعلق بمعاش الناس واستقرارهم كتدمير محطات الكهرباء والتفكير في تدمير القناطر الخيرية ، فإذا لم يكن ما ذكرته فسادًا فما هو الفساد ؟ !! وأيهما أشد ضررًا على الأمة ظلم الأنظمة المزعوم أم فكر تدمير هذه الأنظمة على نحو ما ذكرت ؟ أيهما أشد فتنة على مصر فتنة النساء وسرقة المال العام أم فتنة التدمير والتفجير ؟ ولنا أن نتخيل لو دُمِّرت محطات الكهرباء والقناطر الخيرية كيف يعيش الناس حينما تنقطع الكهرباء عن البيوت والمستشفيات والمصانع ؟ وكيف ستكون حال الأراضي الزراعية حينما تفجر القناطر الخيرية فتغرق الأراضي الزراعية ؟!!
ولقد صدق الشيخ السبكي رئيس لجنة الفتوى بالأزهر السابق – رحمه الله – حينما وصف فتنة سيد قطب بالفتنة الجامحة بل الفتنة الجائحة في معرض تحليله لكتاب " معالم في الطريق" الذي هو دستور الإخوان المسلمين .
كتبه
محمود عامر
ليسانس شريعة – دبلوم في الدعوة
إن أدب سيد قطب وبراعة أسلوبه وجمال بيانه كل ذلك لا يشفع له عندي أو عند العقلاء في التراجع عن وصف مفاهيمه أن لها أثارًا إجرامية مفسدة تُُشاهد عيانًا وتُقرأ في كتب ورسائل تحمل اسم الإسلام والإسلام منها براء ، كما لا يمنع ذلك من الدعاء له بالرحمة والمغفرة ، وفي الوقت نفسه لا يمنح هذا النقد خصوم سيد قطب الحق في تبرير أي تجاوزات إنسانية وقعت عليه وعلى أتباعه من تقتيل أو تعذيب إن صحت الروايات التي ساقها كثير من الكتاب .
إن نعت مفاهيم سيد قطب الدينية التي نحن بصددها بما وصفت به ليس معناه أن فلسفة الميثاق أو الأخذ بالاشتراكية الناصرية حق مبين ، إنما قصدي من هذا النقد لمفاهيم سيد أو غيره إنما هو تصحيح المفاهيم الدينية ليس إلا ، وتجلية المفاهيم الدينية الصحيحة .
إنه من المؤسف أن البعض يخلط في المفاهيم للتشويش والتضليل فيدعون أن نقد فكر الإخوان المسلمين معناه الرضاء الكامل عن أفكار أخري ومناهج ظاهرة في فسادها ، أو أن هذا النقد إنما هو موجه لخدمة النظم الحاكمة لتحقيق مآرب شخصية ... الخ من ادعاءات ترمي في النهاية إلى التشويش على الحقائق التي طُرحت في هذه السلسلة وغيرها .
ورغم أنني رددت على مثل هذه الادعاءات إلا أنني أكرر ما قلته سابقًا ، من كان عنده دليل شرعي ثابت أو دليل عقلي راجح ينقض ويبطل ما أقوله فحيعلى قال تعالي : { قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [ البقرة : 111 ] .
وقبل بيان الآثار الإجرامية لمفاهيم سيد قطب أذكر بكلمات سبق نشرها منسوبة للشيخ عبد اللطيف السبكي رئيس لجنة الفتوى بالأزهر السابق – يرحمه الله – حينما رد مفاهيم كتاب " معالم في الطريق " لسيد قطب قائلا ً :
إن سيد قطب استباح باسم الدين أن يستفز البسطاء إلى ما يأباه الدين من مطاردة الحكام مهما يكن في ذلك عنده من إراقة الدماء والفتك بالأبرياء وتخريب العمران وترويع المجتمع وتصدع الأمن وإلهاب الفتن في صور من الإفساد لا يعلم مداها غير الله . أ. هـ .
قلت : ورغم أن كلام الشيخ السبكي كتبه منذ أكثر من أربعين عامًا إلا أنه وللأسف الشديد لم يلتفت أحد إلى أهمية ما كتبه لتنقية الفكر الإسلامي المعاصر من هذه الترهات والتي تتجرع آلامها المجتمعات الإسلامية من الشرق إلى الغرب ، وتُرك فكر سيد قطب حرًّا طليقًا بلا رادع فكري ؛ فالتهمه الشباب وجرى في عروقه مجر الدم ؛ وها هي نتائجه السلبية قائمة ظاهرة .
إنني لأتعجب من مؤسساتنا الشرعية الرسمية وغير الرسمية يرون الآثار المدمرة لفكر الإخوان عمومًا وسيد قطب خصوصًا ومع ذلك لا يحركون ساكنًا تجاه هذه الظاهرة ، فما المانع لديهم للتصدي لهذا الطوفان الفكري ؟ فإما إنهم مشايعون لهذا الفكر ، أو إنهم خائفون من أتباع هذا الفكر ، وإما احتمال ثالث ألا وهو عدم درايتهم بهذه المفاهيم أصلا ً !! وقد يري فريق رابع من العلماء أن السكوت عن هذه المفاهيم المغلوطة يقلل من الآثار السلبية لغلبة الفكر العلماني على الساحة الثقافية ، وأيًا كان السبب فالنتيجة واحدة ألا وهي تنامي المفاهيم الدينية المغلوطة وتأصيلها في العقول ؛ مما يُصعب من تصحيحها وتكرار المآسي الدموية من حين لآخر ؛ ويبقي المجتمع في ديمومة احتقان وتوتر ، فهل من مدّكر ؟
أعود إلى عنوان المقال لأنقل عن أحد تلامذة سيد قطب النجباء بل هو قائد التنظيم السري لسيد قطب في عام 1965 م ألا وهو على عشماوي ، فماذا كتب في مذكراته التي نشرت تحت عنوان : " التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين" ؟ يقول على عشماوي في مذكراته ص 106 وما بعدها باختصار :
وفي أحد الاجتماعات فاجأنا الأستاذ سيد قطب بأنه قد وردت إليه معلومات من مكتب المشير تقول : نضرب الإخوان الآن أم ننتظر عليهم بعض الوقت ... وكان من رأيه " أي سيد قطب " أن نسرع في تدريب المجموعات التي ستقوم بتنفيذ أي عمليات فنعطيها أولوية في العمل وأن نشتري بعض الأسلحة وأن نجهز أنفسنا لو حدث أي صدام أن نرد عليه وبعنف ... وبدأت في إجراء لقاءات تدريبية في بعض المحافظات وفي القاهرة ، كنا نعطيهم تدريبًا في الدفاع عن النفس وثانيًا على السلاح وثالثًا على بعض الأعمال التكتيكية التي يمكن أن تجابهنا في المستقبل . وظلت هذه التدريبات قائمة على قدم وساق ، وكانت احدي مشاكلنا أن الوقت قصير ، ولم تكن الأسلحة وصلتنا ... وكان علىّ أن أبدأ في حشد أسلحة ومفرقعات استعدادًا لمثل هذه الأحداث المرتقبة ، فقمت بتكليف الأخ " مبارك عبد العظيم " بأن يختار من بين الإخوة المتخرجين في كلية الهندسة قسم كيمياء مجموعة لتكون نواة لعمل أبحاث في صناعة المفرقعات ... وقام الشيخ عبد الفتاح بالاتصال ببعض الإخوة من طنطا وهو الأخ أحمد سلام وكانت له علاقة بالجيش فأحضر بعض الأسلحة والقنابل اليدوية من هناك ... ويستمر على عشماوى قائلا ً :
بدأنا التدريب بهذه الأسلحة التي اشتريناها والتدريب على صناعة المفرقعات ... اضطررنا لشراء بعض الكتب والمراجع الخاصة بصناعة المفرقعات حتى أنني لجأت إلى مكتبة السفارة الأمريكية للبحث عن هذه الكتب ووجدت بعضها ونقلت منها بعض الموضوعات ... وكان بحثنا كله يجري في تجاه صناعة مادة " تي – إن – تي " وهي صناعة محفوفة بالمخاطر ... أما المواد الأخرى التي حاولنا صنعها وهي قنابل " المولتوف " فقد وصلنا فيها إلى نتيجة جيدة ........ جاءنا أحد الإخوة المختصين بالكيمياء ، وقال إنه وجد مادة جيدة جدًا يمكن أن نفعل بها ما نشاء ... وشرح لنا هذه التركيبة ببساطة وقال : إنها مادة " نيترات الأمونيوم " يُضاف إليها السولار ... وقال إن هذه المادة شديدة الإنفجار ... وكان هذا الأخ ضمن مجموعة تعمل في لجنة الطاقة الذرية في أنشاص ... وأتوني بعينة وذهبت مع الأخ " أحمد عبد المجيد " إلى " أبو رواش " في منطقة محاجر من الطبيعي أن تسمع فيها أصوات انفجارات دون أن تثير أي تساؤل ... واخترت حجرًا ضخمًا حوالي 2 متر × 2 متر أي حوالي 8 أمتار مكعبة ووضعت العبوة تحته وأوصلتها بمفجر ... ثم أوصلناه ببطارية ووقفنا خلف صخرة أخرى ثم فجرت العبوة ، وإذا بهذه الصخرة الضخمة قد أصبحت وكأنها " بودرة " ولم يبق منها شئ كانت النتيجة مذهلة وغريبة جدًا واعتمدنا هذا النوع من المفرقعات التي سوف نستعمله إن أردنا . أ.هـ .
ثم في ص 114 من نفس المذكرات يقول على عشماوي : حضرت اجتماعًا للقيادة وكان خاصًا بترتيب خطة المواجهة مع الحكومة والتي كانت تتلخص في : اغتيال كبار الشخصيات المؤثرة في دولاب الحكم وتخريب بعض المنشآت التي يمكن أن تساعد في إحداث خلل وفراغ وارتباك في الدولة ... ومن الشخصيات التي كانت عرضة للاغتيال الرئيس جمال عبد الناصر وشخصية المشير وزكريا محي الدين ... وتدمير مبنى الإذاعة والتليفزيون ومحطات الكهرباء وهدم القناطر الخيرية ..........
قلت : أي محمود عامر :
لم أنقل ما سبق من مذكرات أو كتب رجال أمن أو رجال سياسة مناهضين وخصوم للإخوان ، أو من مراجع أجنبية ، وإنما من كتب شخصيات إخوانية لعبت دورًا بارزًا في خط سير هذا التيار الجارف ، وما ذكره على عشماوي نتيجة طبيعية لمقدمات الفكر القطبي الذي وضع معالمه سيد قطب فيما وضحته في مقالات سابقة حيث رسّخ في عقول ونفوس أتباعه جاهلية المجتمع المصري وحتمية تحرك الطليعة المؤمنة بزعمه التي نظمها ودعا إليها للقضاء على الطواغيت التي اغتصبت سلطان الله في الأرض على حد زعمه الخيالي ، فجمع ونظّم مجموعات من الشباب المتحمس الأغرّ والذي لم يستوعب بعد العلوم الشرعية التي تؤهله لتقييم ما يُرَسّخ لديه من مفاهيم ، فتتدربوا على السلاح والتجسس وصناعة القنابل لتدمير أهم المنشآت التي تتعلق بمعاش الناس واستقرارهم كتدمير محطات الكهرباء والتفكير في تدمير القناطر الخيرية ، فإذا لم يكن ما ذكرته فسادًا فما هو الفساد ؟ !! وأيهما أشد ضررًا على الأمة ظلم الأنظمة المزعوم أم فكر تدمير هذه الأنظمة على نحو ما ذكرت ؟ أيهما أشد فتنة على مصر فتنة النساء وسرقة المال العام أم فتنة التدمير والتفجير ؟ ولنا أن نتخيل لو دُمِّرت محطات الكهرباء والقناطر الخيرية كيف يعيش الناس حينما تنقطع الكهرباء عن البيوت والمستشفيات والمصانع ؟ وكيف ستكون حال الأراضي الزراعية حينما تفجر القناطر الخيرية فتغرق الأراضي الزراعية ؟!!
ولقد صدق الشيخ السبكي رئيس لجنة الفتوى بالأزهر السابق – رحمه الله – حينما وصف فتنة سيد قطب بالفتنة الجامحة بل الفتنة الجائحة في معرض تحليله لكتاب " معالم في الطريق" الذي هو دستور الإخوان المسلمين .
كتبه
محمود عامر
ليسانس شريعة – دبلوم في الدعوة