خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    فضل العلم وأهله في القرآن

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية فضل العلم وأهله في القرآن

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 17.05.08 13:29


    فضل العلم وأهله في القرآن


    إن الناظر في الكتاب العظيم - القرآن المجيد- وما صحّ من سنة نبينا الأمين صلى الله تعالى عليه وآله وسلم-وآثار سلفنا الصالح المتبعين
    " يجد كثير منها يحمل في مبناه ومعناه ثناءً جميلاً على العلم الشرعي الشريف وأهله، الذين حملوه فعقلوه وعملوا به أناء الليل وأطراف النهار سراً وجهراً ورغباً ورهباً، وطوعاً واختياراً"
    " الأجوبة السديدة على الأسئلة الرشيدة" للشيخ زيد بن محمد المدخلي (2/9)

    لـ " قد تكاثرت الآيات والأخبار والآثار وتواترت وتطابقت الدلائل الصريحة وتوافقت على فضيلة العلم،
    والحث على تحصيله والاجتهاد في اقتباسه وتعليمه ...
    أما الآثار عن السلف فأكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر، لكن نذكر منها أحرفاً مشيرين إلى غيرها ومنبهين..."
    "المجموع شرح المهذب" للإمام النووي (1/18-19)

    ونظرت كما نظر غيري فلم نجد أجمع ولا أحسن مما ذكره

    العلامة ابن القيم-رحمه الله تعالى([1])
    عن العلم وفضله وشرفه وبيان عموم الحاجة إليه وتوقف كمال العبد ونجاته في معاشه ومعاده عليه
    حيث قال :
    "استشهد سبحانه بأولي العلم على أجلّ مشهود عليه وهو توحيده
    فقال "شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم"
    سورة "آل عمران" الآية (18 )
    وهذا يدلّ على فضل العلم وأهله من وجوه :
    منها :
    استشهادهم دون غيرهم من البشر، اقتران شهادتهم بشهادته، اقترانها بشهادة ملائكته
    أن في ضمن هذا تزكيتهم وتعديلهم؛ فإن الله لا يستشهد من خلقه إلا العدول
    ومنه الأثر المعروف عن النبيصلى الله تعالى عليه وآله وسلم:
    "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين"
    "سلسلة الأحاديث الصحيحة"للعلامة الألباني(1/485)
    وهذا يدلّ على اختصاصهم به، وأنهم أهله وأصحابه 000

    أنه
    سبحانه استشهد بنفسه وهو أجلّ شاهد، ثم بخيار خلقه: وهم ملائكته والعلماء من عباده
    ويكفيهم بهذا فضلاً وشرفاً .

    أنه
    استشهد بهم على أجلً مشهود به وأعظمه وأكبره وهو شهادة أن لا إله إلا الله
    والعظيم القدر إنما يستشهد على الأمر العظيم أكابر الخلق وساداتهم .

    أنه
    سبحانه جعل شهادتهم حجة على المنكرين فهم، بمنزلة أدلته وآياته وبراهنيه الدالّة على توحيده .

    أنه
    سبحانه نفي التسوية بين أهله وبين غيرهم كما نفى التسوية بين أصحاب الجنة وأصحاب النار
    فقال تعالى:
    "قل هل يستوي
    الذين يعلمون والذين لا يعلمون"
    سورة"الزمر"الآية(9)
    كما قال تعالى:
    " لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة"
    سورة "الحشر" الآية (20)
    وهذا يدلّ على غاية فضلهم وشرفهم

    أنه
    سبحانه أخبر عن أولى العلم بأنهم يرون أن ما أنزل إليه من ربه حقاً
    وجعل هذا ثناء عليهم ، واستشهاداً بهم فقال تعالى
    "ويرى الذين أوتو العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق"
    سورة "سبأ" الآية (6)

    أنه
    سبحانه أمر بسؤالهم والرجوع إلى أقوالهم وجعل ذلك كالشهادة منهم
    فقال تعالى :
    "وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"
    سورة "النحل" الآية (43)
    وأهل الذكر هم أهل العلم بما أنزل على الأنبياء .

    أنه
    سبحانه شهد لأهل العلم شهادة في ضمنها الاستشهاد بهم على صحة ما أنزل الله على رسوله
    فقال تعالى :
    "أفغير الله ابتغى حكماً وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلاً
    والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزّل من ربك بالحق
    فلا تكونن من الممترين"
    سورة "الأنعام" الآية (114)



    _________________



    ([1]
    ) "مفتاح دار السعادة" للعلامة ابن القيم في "العلم" بتصرف


    عدل سابقا من قبل الشيخ إبراهيم حسونة في 17.05.08 14:14 عدل 2 مرات
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: فضل العلم وأهله في القرآن

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 17.05.08 13:31


    أنه

    سبحانه سلّى نبيه بإيمان أهل العلم به، وأمره أن لا يعبأ بالجاهلين شيئاً
    فقال تعالى :
    "وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا
    قل آمنوا به أو لا تؤمنوا
    إن الذين اوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا
    ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا"
    سورة "الإسراء "الآية(106-108)
    وهذا شرف عظيم لأهل العلم
    وتحته أن أهله العالمون قد عرفوه وآمنوا به وصدقوا
    فسواء آمن به غيرهم أو لا

    أنه
    سبحانه مدح أهل العلم وأثنى عليهم وشرفهم؛ بأن جعل كتابه آيات بينات في صدورهم
    وهذه خاصة ومنقبة لهم دون غيرهم فقال تعالى :
    "وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به
    وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون
    وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون
    بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم
    ما يجحد بآياتنا إلا الظالمون"
    سورة "العنكبوت" الآية (47-49)

    أنه
    سبحانه أمر نبيه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم-أن يسأله مزيد من العلم
    فقال تعالى :
    "فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه
    وقل رب زدني ([1]) علما"
    سورة"طه"الآية(114)
    وكفى بهذا شرفاً للعلم أن أمر نبيه أن يسأله المزيد منه .

    أنه
    سبحانه أخبر عن رفعة درجات أهل العلم والإيمان خاصّة
    فقال تعالى :
    "يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم
    وإذا قيل انشزوا فانشزوا
    يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات([2])
    والله بما تعملون خبير"
    سورة "المجادلة" الآية (11)

    وأنه
    سبحانه استشهد بأهل العلم والإيمان يوم القيامة على بطلان قول الكفار
    فقال تعالى :
    "ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون ،
    وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث
    ولكنكم كنتم لا تعلمون"
    سورة"الروم"الآيتان(55-56)

    وأنه
    سبحانه أخبر أنهم أهل الخشية
    فقال تعالى :
    " إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور"
    سورة "فاطر" الآية(28 )
    وقال تعالى :
    "جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار
    خالدين فيها أبداً رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه"
    سورة"البينة"الآية(8 )
    وقد أخبر أن أهل خشيته هم العلماء
    فدلّ على أن هذا الجزاء المذكور للعلماء بمجموع النصين.

    وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :
    " كفى بخشية الله علماً، وكفى بالاغترار بالله جهلاً " .

    أنه
    سبحانه شهد لمن آتاه العلم بأنه قد آتاه خيراً كثيراً، فقال تعالى :
    "يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً"
    سورة"البقرة "الآية(269)

    قال ابن قتيبة والجمهور :
    "الحكمة إصابة الحق والعمل به، وهي العلم النافع والعمل الصالح"

    أنه
    سبحانه عدد نعمه وفضله على رسولهصلى الله تعالى عليه وآله وسلم-

    ____________________________
    ([1]) وفي قوله تعالى:"وقل ربي زدني علماً" واضح الدلالة في فضل العلم؛ لأن الله تعالى لم يأمر نبيه بطلب الازدياد من شيء إلا العلم" انظر "الفتح"(1/141)

    ([2])في قوله تعالى:"يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات" قال الحافظرحمه الله تعالى:"قيل في تفسيرها: يرفع الله المؤمن العالم على المؤمن غير العالم، ورفعة الدرجات تدلّ على الفضل...ورفعتها تشمل المعنويّة في الدنيا بعلو المنزلة وحسن الصيت، والحسيّة في الآخرة بعلو المنزلة في الجنة" انظر"الفتح" للحافظ ابن حجر (1/141)


    عدل سابقا من قبل الشيخ إبراهيم حسونة في 17.05.08 14:16 عدل 2 مرات
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: فضل العلم وأهله في القرآن

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 17.05.08 13:33


    وجعل من أجلها أن آتاه الله الكتاب والحكمة وعلمه ما لم يكن يعلم

    فقال تعالى :
    "وأنزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم د
    وكان فضل الله عليك عظيماً"
    سورة"النساء"الآية(113)

    قال تعالى :
    "قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني"
    سورة"فصلت"الآية(33)

    قال العلامة ابن القيم
    -رحمه الله تعالى :
    "والدعوة إلى الله هي وظيفة الرسل وأتباعهم
    وهم ( أي: العلماء) خلفاء الرسل في أمتهم، والناس تبع لهم"
    "بدائع التفسير" (4/103) بتصرف

    فهؤلاء
    خلفاء الرسل حقاً، وورثتهم دون الناس
    وهم
    أولو العلم الذين قاموا بما جاء به علماً وعملاً وهدايةً وإرشاداً وصبراً وجهاداً
    وهؤلاء
    هم الصديقون، وهم أفضل أتباع الأنبياء"
    "مفتاح دار السعادة" للعلامة ابن القيم (1/293)

    وقال تعالى :
    "وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون"
    أخبر تعالى أنه لا يعقل أمثاله إلا العالمون .

    أن
    الله سبحانه في القرآن يعدد على عباده من نعمه عليهم أن أعطاهم آلات العلم
    فيذكر الفؤاد والسمع والأبصار
    ومرة يذكر اللسان الذي يترجم به عن القلب
    فقال تعالى في"سورة النعم وهي سورة النحل"
    التي ذكر فيها أصول النعم وفروعها ومتمماتها ومكملاتها
    فعدد نعمه فيها على عباده، وتعرف بها إليهم، واقتضاهم شكرها
    وأخبر أنه يتمها عليهم ليعرفوها ويذكروها ويشكروها
    فأولها في أصول النعم وآخرها في مكملاتها قال تعالى :

    "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا

    وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون"

    سورة"النحل" الآية(78 )

    فذكر سبحانه نعمته عليهم بأن أخرجهم لا علم لهم
    ثم أعطاهم الأسماع والأبصار والأفئدة التي نالوا بها من العلم ما نالوه
    وأنه فعل بهم ذلك ليشكروه

    وقال تعالى :
    "وجعلنا لهم سمعاً وأبصاراً وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء"
    سورة"الأحقاف"الآية(26)

    وقال تعالى :
    "ألم نجعل له عينين ولساناً وشفتين وهديناه النجدين"
    سورة"البلد" الآيات من (8-10)

    فذكر هنا العينين اللتين يبصر بهما فيعلم المشاهدات
    وذكر هداية النجدين وهما طريقا الخير والشر"أهـ
    "مفتاح دار السعادة"

    قال أبو هلال العسكري
    رحمه الله تعالى :
    "من عرف العلم وفضله لم يقض نهمته منه، ولم يشبع من جمعه طول عمره"([1])

    ;)

    وصية علي بن أبي طالب-رضي الله تعالى عنه-لكميل بن زياد النخعي


    روى كميل بن زياد النخعي([2]) رحمه الله تعالى قال :
    "أخذ علي بن أبي طالب-رضى الله عنه-بيدي فأخرجني ناحية الجبانة
    فلما أصحر جعل يتنفس ثم قال :
    "يا كميل بن زياد القلوب أوعية، فخيرها أوعاها
    احفظ عني ما أقول لك :
    الناس ثلاثة :
    فعالم رباني
    ومتعلم؛ على سبيل نجاة
    وهمج رعاع اتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح
    لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق

    العلم خير من المال :
    العلم يحرسك، وأنت تحرس المال
    العلم يزكوا على الإنفاق -وفي رواية- على العمل، والمال تنقصه النفقة
    العلم حاكم، والمال محكوم عليه
    ومحبة العلم دين يدان بها
    العلم يكسب العالم الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد وفاته
    وصنيعة المال تزول بزواله
    مات خزان الأموال وهم أحياء
    والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة
    هاه 00هاه 00

    إن ههنا علماً-وأشار بيده إلى صدره-لو أصبت له حملة بل أصبته لقنا غير مأمون([3]) عليه
    يستعمل آلة الدين للدنيا

    _____________________

    ([1]) "الجامع في الحثّ على حفظ العلم" لأبي هلال العسكري/ الخطيب البغدادي/ ابن عساكر/ ابن الجوزي ص(25) تحقيق: محمود الحداد- مكتبة ابن تيمية مكتبة العلم

    ([2]) كميل بن زياد بن هيثم بن سعد بن مالك بن الحارث بن صهبان بن سعد بن مالك بن النخع من مذحج، روى عن عثمان وعلي وعبد الله رضي الله عنهم-وشهد مع عليرضي الله عنه-صفين، وكان شريفاً مطاعاً في قومه، فلما قدم الحجاج بن يوسف الكوفة دعا به فقتله" انظر"طبقات بن سعد (6/124)

    ([3]) أي: فهماً غير ثقة . انظر"لسان العرب" لابن منظور (13/390)


    عدل سابقا من قبل الشيخ إبراهيم حسونة في 17.05.08 14:08 عدل 1 مرات
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: فضل العلم وأهله في القرآن

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 17.05.08 13:34


    يستظهر حجج الله على كتابه وبنعمه على عباده
    أو منقاداً لأهل الحق، لا بصير له في أحبائه
    ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة لا ذا ولا ذاك، أو منهوماً للذات، سلس القياد للشهوات، أو مغرى بجمع الأموال والأدخار، ليسا من دعاة الدين أقرب شيء شبهاً بهم الأنعام السائمة؛
    لذلك يموت العلم بموت حامليه،
    اللهم بلى لن تخلو الأرض من قائم لله بحجته؛
    لكيلا تبطل حجج الله وبنياته
    أولئك الأقلون عدداً الأعظمون عند الله قيلاً
    بهم يدفع الله عن حججه حتى يؤدوها إلى نظرائهم، ويزرعوها في قلوب أشابههم
    هجم بهم العلم على حقيقة الأمر، فاستلانوا ما استوعر منه المترفون
    وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون
    صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالملأ الأعلى
    أولئك خلفاء الله في أرضه([1]) ودعاته إلى دينه
    هاه 00هاه 00
    شوقاً إلى رؤيتهم
    واستغفر الله لي ولك.
    إذا شئت فقم"
    ذكره أبو نعيم في "الحلية" وغيره .

    قال أبو بكر الخطيب
    رحمه الله تعالى :
    "هذا حديث حسن من أحسن الأحاديث معنى، وأشرفها لفظاً.
    وتقسيم أمير المؤمنين للناس في أوله، تقسيم في غاية الصحة، ونهاية السداد؛
    لأن الإنسان لا يخلو من أحد الأقسام التي ذكرها، مع كمال العقل، وإزاحة العلل.
    أما
    أن يكون عالماً أو متعلماً، أو مغفلاً للعلم وطلبه ليس بعالم ولا طالب له.
    فالعالم الرباني
    هو الذي لا زيادة على فضله لفاضل
    ولا منزلة فوق منزلته لمجتهد،
    وقد دخل في الوصف له بأنه رباني
    وصفه بالصفات التي يقتضيها العلم لأهله، ويمنع وصفه بما خالفها.

    ومعنى الرباني في اللغة :
    الرفيع الدرجة في العلم، العالي المنزلة فيه
    وعلى ذلك حملوا قوله تعالى: "لولا ينهاهم الربانيون"
    سورة"المائدة"الآية(43)
    وقوله "كونوا ربانيين"
    سورة"آل عمران"الآية(79)

    قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : "حكماء فقهاء"

    وقال أبو رزين : "فقهاء علماء"

    وقال أبو عمر الزاهد : "سالت ثعلباً عن هذا الحرف-وهو الرباني-فقال :
    سألت ابن الأعرابي فقال:
    "إذا كان الرجل عالماً عاملاً معلماً، قيل له : هذا رباني
    فإن خرم عن خصلة منها لم نقل له رباني"

    قال ابن الانباري عن النحويين :
    "إن الربانيين منسوبون إلى الرب، وأن الألف والنون زيدتا للمبالغة في النسب
    كما تقول: لحياني وجبهاني إذا كان عظيم اللحية والجبهة" .

    وأما المتعلم على سبيل النجاة :
    فهو الطالب بتعلمه والقاصد به نجاته من التفريط في تضييع الفروض الواجبة عليه والرغبة بنفسه عن أحمالها وأطراحها والأنفة من مجانسة البهائم .
    وأما القسم الثالث: فهم المهملون لأنفسهم، الراضون بالمنزلة الدنيّة، والحال الخسيسة التي هي في الحضيض الأسقط، والهبوط الأسفلس، التي لا منزلة بعدها في الجهل، ولا دونها في السقوط، وما أحسن ما شبههم بالهمج الرعاع، وبه يشبه دناة الناس وأراذلهم . والرعاع: المتبدد المتفرق وللناعق الصائح-وهو في هذا الموضع الراعي-يقال نعق الراعي بالغنم ينعق إذا صاح بها .
    قوله تعالى:"ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين" سورة"فصلت"الآية(33)... وإذا كانت الدعوة إلى الله أشرف مقامات العبد وأجلها وأفضلها فهي لا تحصل إلا بالعلم الذي يدعو به وإليه بل لا بد في كمال الدعوة من البلوغ في العلم إلى حدّ يصل إليه السعي ويكفي هذا في شرف العلم أن صاحبه يحوز به هذا المقام والله يؤتي فضله من يشاء""مفتاح دار السعادة" للعلامة ابن القيم (1/474-476) .
    أنه لو لم يكن من فوائد العلم إلا أنه يثمر اليقين الذي هو أعظم حياة القلب وبه طمأنينته وقوته ونشاطه وسائر لوازم الحياة ولهذا مدح الله سبحانه أهله في كتابه وأثنى عليهم بقوله:"وبالآخرة هم يوقنون" سورة"البقرة"الآية(4)وقوله تعالى:"كذلك نفصل الآيات لقوم يوقنون" سورة"الأعراف"الآية(32) وقوله في حق خليله إبراهيم-عليه السلام:"وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين" سورة"الأنعام"الآية(75) وذم من لا يقين عنده فقال:"إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون" سورة"النمل"الآية(82)

    أن الله سبحانه نفى التسويّة بين العالم وغيره، كما نفى التسوية بين الخبيث والطيب، وبين الأعمى والبصير، وبين النور والظلمة ، وبين الظلً والحرور، وبين أصحابه الجنة وأصحاب النار، وبين الأبكم العاجز الذي لا يقدر على شيء، ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم، وبين المؤمنين والكفار، وبين الذين آمنوا وعملوا الصالحات والمفسدين في الأرض، وبين المتقين والفجار، فهذه عشرة مواضع في القرآن نفى فيها التسوية بين هؤلاء الأصناف.
    وهذا يدلّ على أن منزلة العالم من الجاهل كمنزلة النور من الظلمة، والظل من الحرور ،والطيب من الخبيث، ومنزلة كل واحد من هذه الأصناف مع مقابلة .
    وهذا كاف في شرف العلم وأهله بل إذا تأملت هذه الأصناف كلها ووجدت نفي التسوية بينها راجعاً إلى العلم وموجبه فيه وقع التفضيل وانتفت المساواة .

    أن سليمان عليه السلام-لما توعّد الهدهد بأن يعذبه عذاباً شديداً أو يذبحه إنما نجا منه بالعلم واقدم عليه في خطابه له بقوله "احطت بما لم تحط به" خبراً وهذا الخطاب إنما جرأه عليه العلم وإلا فالهدهد مع ضعفه لا يتمكن من خطابه لسليمان مع قوته بمثل هذا الخطاب لولا سلطان العلم .
    ومن هذا الحكاية المشهورة أن بعض أهل العلم سئل عن مسألة فقال لا أعلمها. فقال أحد تلامذته: أنا أعلم هذه المسألة، فغضب الأستاذ وهمّ به. فقال له: أيها الأستاذ لست أعلم من سليمان بن داود ولو بلغت في العلم ما بلغت، ولست أنا أجهل من الهدهد، وقد قال لسليمان:"أحطت بما لم تحط به" فلم يعتب عليه، ولم يعنّفه .

    ____________________
    ([1]) انظر كلام العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى-على هذه الفقرة ، ونقله للخلاف فيها، في "مفتاح دار السعادة" له (1/469-474)


    نقلا عن كتاب
    "بيان الشريعة الغراء لفضل العلم والعلماء..."
    فضل العلم وأهله في القرآن Jjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjah1
    حفظه الله تعالى ونفعنا بعلمه


    عدل سابقا من قبل الشيخ إبراهيم حسونة في 17.05.08 14:11 عدل 1 مرات
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: فضل العلم وأهله في القرآن

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 17.05.08 13:35

    أن من نال شيئاً من شرف الدنيا والآخرة فإنما ناله بالعلم وتأمل ما حصل لأدم من تميزه على الملائكة، واعترافهم له بتعليم الله له الأسماء كلها، ثم ما حصل له من تدارك المصيبة والتعويض عن سكنى الجنة بما هو خير له منها بعلم الكلمات التي تلقاها من ربه .
    وما حصل ليوسف من التمكين في الأرض والعزّة والعظمة بعلمه بتعبير تلك الرؤيا، ثم علمه بوجوه استخراج أخيه من إخوته بما يقرون به ويحكمون هم به، حتى آل الأمر إلى ما آل إليه من العزّ والعاقبة الحميدة وكمال الحال التي توصل إليها بالعلم، كما أشار إليها سبحانه في قوله "كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء([1]) وفوق كل ذي علم عليم"جاء في تفسيرها نرفع درجات من نشاء بالعلم؛ كما رفعنا درجة يوسفعليه السلام-على أخوته بالعلم .
    وقال في إبراهيم "وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء" فهذه رفعة بعلم الحجة، والأول رفعة بعلم السياسة
    وكذلك ما حصل للخضر بسبب علمه من تلمذة كليم الرحمن له وتلطفه معه في السؤال حتى قال "هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا" .
    وكذلك ما حصل لسليمان عليه السلام-من علم منطق الطير حتى وصل إلى ملك سبأ وقهر ملكتهم واحتوى على سرير ملكها ودخولها تحت طاعته ولذلك قال "يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين"
    وكذلك ما حصل لداود من علمه نسج الدروع من الوقاية من سلاح الأعداء، وعدد سبحانه هذه النعمة بهذا العلم على عباده فقال "وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل انتم شاكرون"
    وكذلك ما حصل للمسيح من علم الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ما رفعه الله به إليه وفضله وكرمه
    وكذلك ما حصل لسيد ولد آدم صلى الله تعالى عليه وآله وسلم-من العلم الذي ذكره الله به نعمة عليه فقال:"وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً"
    أن الله سبحانه أثنى على إبراهيم خليله بقوله تعالى"إن إبراهيم كان أمّة قانتا لله حنيفاً ولم يك من المشركين شاكراً لأنّعمه اجتباه"مدح خليله بأربع صفات كلها ترجع إلى العلم والعمل بموجبه وتعليمه ونشره فعاد الكمال كله إلى العلم والعمل بموجبه ودعوة الخلق إليه

    نقلا عن كتاب
    "بيان الشريعة الغراء لفضل العلم والعلماء..."




    ([1]) وعن زيد ابن أسلم في قوله تعالى:"نرفع درجات من نشاء" قال:"بالعلم" ينظر "الفتح" (1/141)

      الوقت/التاريخ الآن هو 14.11.24 19:14