تعريف بكتاب "ذم الكلام وأهله" ونبذه مختصرة عن مؤلفة.. ઇ
إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا . من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ( وحده لاشريك له ) . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } . { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ، واتقواالله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا } . { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم ، أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما } .
( أما بعد ) فهذا جهد المقّل للتعريف بكتاب نفيس لا تستوعبه مثل هذه المساحة على الإطلاق بالتفصيل عطفا على الاستحقاق ولكنها رؤس اقلام ومختصر لايخل بالمقصود ومن اراد الاستزادة فليرجع لأصل الكتاب .
اولا : التعريف بالمؤلف :
المؤلف:
هو الإمام الحافظ شيخ الإسلام عبد الله بن محمد بن علي بن جعفر المعروف بأبي إسماعيل الهروي.
ثانيا : سنة مولده ومكانها
مولده: سنة 396هـ
بخراسان.
ثالثا : إمامته
كان رحمه الله إمامًا في التفسير ومحدثًا ومُسنِدًا كبيرًا.
رابعا : بعض أقوال الآئمة فيه ..
قال عنه الذهبي رحمه الله:
"كان سيفًا مسلولا على المخالفين، وَجِذْعًا في أعين المتكلمين، وطودًا في السنة لا يتزلزل". وقال عنه أيضًا عندما زعم قوم من الاتحادية أنه منهم: كلا، بل هو رجل أثرى لهج بإثبات نصوص الصفات منافر للكلام وأهله جدًا".وفاته: في عام 481هـ .
خامسا :موضوع الكتاب
ذم الكلام وأهله وبيان فساده بالكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين.
سادسا :قيمة الكتاب/
من أهم الكتب المصنفة في العقيدة، وقد بين فيه موقف السلف من علم الكلام وأهله.
ولأهمية الكتاب أكثر أهل العلم النقل منه والثناء عليه مثل شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وقال عنه السيوطي رحمه الله "اعلم أن أئمة أهل السنة مازالوا يصنفون الكتب في ذم علم الكلام والإنكار على متعاطيه، وأجل كتاب ألف في ذلك كتاب "ذم الكلام وأهله" لشيخ الإسلام أبي إسماعيل الهروي.وقد اختصره السيوطي ونقاه في كتاب أسماه "صون المنطق والكلام".
أهم طبعات الكتاب
طبعة خمسة مجلدات بتحقيق ودراسة أبي جابر عبد الله الأنصاري.
سابعا : أهم مسائل الكتاب
( أ )
بدأ المؤلف رحمه الله بمقدمة صغيرة ذكر فيها الأحاديث التي فيها حمد الله والثناء عليه سبحانه وتعالى، وأن الدين قد كمل ومن أتى بمحدث فهو مردود عليه وأن الأعمال بالنيات، ثم بدأ في تبويب الأبواب، ففي الباب الأول وتحت عنوان
"البيان أن الأمم السالفة إنما استقاموا على الطريقة ما اعتصموا بالتسليم والاتباع وأنهم لما تكلفوا وخاصموا ضلوا وهلكوا" ثم ذكر أحاديث وآثار الباب، ومنها:
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"دعوني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم".
وحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال:
"هجرت(1) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع رجلين اختلفا في آية ارتفعت أصواتهما، فخرج يعرف الغضب في وجهه، قال: فقال
"إنما هلك من كان قبلكم بالاختلاف في الكتاب".
( ب )
وفي باب آخر وتحت عنوان "ذكر شدة ما كان رسول الله # يخاف على هذه الأمة من الأئمة المضلين والمجادلين في الدين وخطباء المنافقين".
ذكر أحاديث وأثار الباب منها حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال #: "إنما أخاف على هذه الأمة كل منافق عليم يتكلم بالحكمة ويعمل بالفجور".
وقال يزيد "إني لجالس تحت منبر عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يخطب الناس فقال في خطبته: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة كل منافق عليم اللسان".
وفي أثر لعمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
"إن أخوفُ ما أخافُ عليكم: تغيرَ الزمان وزيغةَ عالم، وجدالَ منافق بالقرآن، وأئمةً مضلين يضلون الناس بغير علم".
( ج )
وتحت بابٌ إقامة الدليل على بطلان قول من زعم أن القرآن يستغنى به عن السنة" ذكر أحاديث وآثارًا منها حديث زيد بن الحباب قال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
"حرّم أشياء حتى ذكر الحمر الأنسيه، ثم قال: "يوشك الرجل يتكيء على أريكته يحدَّثُ بحديث من حديثي، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، وإنَّ ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم الله.
وفي أثر عن أيوب السختياني أنه قال "إذا حدّثت الرجل بالسنة، فقال دعنا من هذا، حسبنا القرآن فاعلم أنه ضال.
وعن مكحول قال: القرآن إلى السنة أحوج من السنة إلى القرآن.
وعن ابن عطية قال: كان جبريل عليه السلام ينزل بالقرآن والسنة.
وقال المعتمر بن سليمان سمعت ابي يقول: "أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عندنا كالتنزيل".
وعن عمران بن حصين "أنهم كانوا يتذاكرون الحديث فقال رجل: دعونا من هذا وجيؤونا بكتاب الله؛ فقال عمران: إنك أحمق، أتجد في كتاب الله الصلاة مفسرة؟ أتجد في كتاب الله، الصوم مفسرًا؟ إن هذا القرآن أحكم ذلك والسنة تفسر ذلك".
(د)
وفي باب التغليظ في معارضة الحديث بالرأي ذكر أحاديث وآثارًا منها أثر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
"إياكم والرأي: فإن الله رد على الملائكة الرأي، قال: "إني أعلم ما لا تعلمون" وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم : "وأن احكم بينهم بما أنزل الله" ولم يقل بما رأيت.!!
وعن إسحاق بن خزيمة قال: "قلت لأحمد بن نصر وحدث بخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أتأخذ به؟؛ فقال: أترى على وسطى زنارًا(2)؟! لا تقل لخبر النبي صلى الله عليه وسلم أتأخذ به!! وقل: أصحيح هو ذا؟! فإذا صح الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم قلت به شئت أم أبيت" وقال ابن المبارك: ليكن الذي تعتمد عليه الأثر، وخذ من الرأي ما يفسر لك الحديث" وسأل نعيم ابن حماد ابن المبارك عن الحديثين المثبتين يجيئان عن النبي صلى الله عليه و سلم يُحِل أحدهما ويحرم الآخر؛ قال: أومن بهما وأسلم لهما وأختار.
قال نعيم: يعني وأختار من إجماع الصحابة رضي الله عنهم مع أحد قولي النبي صلى الله عليه وسلم وإذا لم أعرف الأول منهما.
( هـ )
وتحت باب ذكر إنكار أئمة الإسلام ما أحدثه المتكلمون في الدين من الأغاليط وصعاب الكلام والشبه والمجادلة وزيغ التأويل والمهازلة وآرائهم فيهم قال:
عن سليمان بن يسار "أن رجلا يقال له صبيغ قدم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن فأرسل إليه عمر وقد أعدّ له عراجين النخل، فقال: من أنت قال أنا عبد الله صبيغ فأخذ عرجونًا فضربه حتى دمى رأسه: فقال يا أمير المؤمنين حسبك قد ذهب الذي كنت أجده في رأسي"
وفي أثر عن ابن عيينة قال: "سمعت هشام بن حجير يقول لي وسألته عن شيء: تريد أن أُعلّمك المراء؟ إذا قالوا لك: لا، فقل: نعم، وإذا قالوا لك: نعم، فقل لا".
وقد سئل سفيان عن الكلام فقال دع الباطل، أين أنت عن الحق؟ اتبع السنة ودع الباطل.
وعن مالك ابن أنس قال: "إياكم والبدع. قيل يا أبا عبد الله: وما البدع؟ قال: أهل البدع الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته وكلامه وعلمه وقدرته ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون لهم بإحسان".
وعن نوح الجامع قال: "قلت لأبي حنيفة: ما تقول فيما أحدث الناس من الكلام في الأعراض والأجسام؟ فقال: مقالات الفلاسفة، عليك بالأثر وطريقة السلف وإياك وكل محدثة فإنها بدعة.
وعن عثمان بن سعيد الدارمي كان يقول "لا نكيف هذه الصفات، ولا نكذب بها، ولا نفسرها" وعن عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: "كان أبي وأبو زرعة ينهيان عن مجالسة أهل الكلام والنظر في كتب المتكلمين، ويقولان: لا يفلح صاحب الكلام ابدأ ويهجران أهل الزيغ والبدع ويغلظان فيهم أشد التغليظ، وينكران وضع الكتب بالرأي بغير أثار. ويأمران بهجرانهم.
( و )
وفي باب (كراهية أخذ العلم عن المتكلمين وأهل البدع) أتى بأحاديث وآثار الباب منها:
أثر عن مالك بن أنس قال: "إن هذا العلم دين، فانظروا عمّن تأخذون دينكم فقد أدركت سبعين. وأشار بيديه إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال فلان قال رسول الله عليه وسلم ((فلم آخذ عنهم شيئًا، ولو أن أحدهم ائتمن على بيت مال لكان به أمينًا، وكان يقدم علينا ابن شهاب الزهري فنزدحم على بابه.))
وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"إن من أشراط الساعة ثلاثًا، واحدهن أن يلتمس العلم عندالأصاغر". (3)
قال ابن المبارك: "الأصاغر أهل البدع".
وعن ابن مسعود قال: لا يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من قبل أصحاب محمد # رضي الله عنهم وأكابرهم، فإذا أتاهم من قبل أصاغرهم فذاك حين هلكوا.
وقال أيضًا رضي الله عنه: "العلم في كبرائكم ولن تزالوا بخير ما كان كذلك، فإذا قال الصغير للكبير: ما يدريك فهناك هناك".
( ز )
وتحت باب (تعظيم إثم من سن سنة سيئة أو دعا إليها)، وأتى بأحاديث وأثار الباب منها حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"...ومن دعا إلى ضلالة فعليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص من أثامهم شيئًا". (4)
ثم تكلم رحمه الله عن رؤوس أهل البدع وبدعتهم كمعبد الجهني وهو أول من تكلم في القدر وقد تبرأ منه عبد الله بن عمر رضي الله عنه.
وابن غيلان الدمشقي الذي استتابه عمر بن عبد العزيز ثم ظهر منه تكذيب التوبة فصلب على باب الشام.
وعمرو بن عبيد المعتزلي رأس المعتزلة الأول وكيف أن الله فضحه وهتك ستره على يد أبي بكر أيوب السختياني.
وفتنة سب السلف أو سب الصحابة فقيض الله عز وجل لها إمامًا وهو أبو محمد عبد الله الأودي فصرح بقدحهم ودفع في نحرهم ونادى على خباياهم وأورى عن خفاياهم.
وفتنة إنكار الكلام لله عز وجل فأول من زرعها جعد بن درهم ثم أخذها عنه جهم بن صفوان فبسطه وطراه ودعا إليه.
فأما الجعد بن درهم فضحى به خالد بن عبد الله القسري على رؤوس الخلائق وأما الجهم فضرب عنقه سلم بن أجوز.
فهذه قصة فتنة أهل المشرق بها بسطت ومهدت ثم سارت في البلاد فقام بها ابن أبي داود وبشر بن غياث المريسي ملآ الدنيا محنة والقلوب فتنة دهرًا طويلا فسلط الله عليهم علمًا من أعلام الدين أوتى صبرًا في قوة اليقين. أبا عبد الله أحمد بن حنبل -رحمه الله -
ثم ختم رحمه الله كتابه بفصل
" ومن المهلكات على لسان المصطفى إعجاب كل ذي رأي برأيه وهوى متبع وأتى بأحاديث وآثار الباب".
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا ويذكرنا بما نسينا.
هذا والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه وسلم .
هامش/
(1) أي بكرت، والتهجير: التبكير إلى كل شيء.
(2) حزام يضعه النصراني على وسطه.
(3) صححه الالباني رقم الحديث 695 م الثاني الصحيحه
(4) ( صححه الالباني ) _ و ابن ماجه 206 : وأخرجه مسلم .
__________________
قال الحسن البصري -رحمه الله- :
"السنة والذي لا إله إلا هو بين الغالي والجافي ، فاصبروا عليها رحمكم الله ، فإن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما مضى، وهم أقل الناس فيما بقي، الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم ولا مع أهل البدع في بدعهم وصبروا على سنتهم حتى لقوا ربهم، فكذلك إن شاء الله كونوا. { إغاثة اللهفان 1-70} ."
نقلا عن
"السنة والذي لا إله إلا هو بين الغالي والجافي ، فاصبروا عليها رحمكم الله ، فإن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما مضى، وهم أقل الناس فيما بقي، الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم ولا مع أهل البدع في بدعهم وصبروا على سنتهم حتى لقوا ربهم، فكذلك إن شاء الله كونوا. { إغاثة اللهفان 1-70} ."
نقلا عن