موقف الإمام الشوكاني من الرافضة
(موقف الإمام الشوكاني من الرافضة)
وموقف الإمام الشوكاني من الصحابة رضوان الله عليهم والرد على الرافضة في رسالة سماها :إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم - هذه الرسالة خرجها وعلق عليها : أبو عبيدة مشهور بن حسن بن محمد بن سليمان جزاه الله خير الجزاء .
بين الامام الشوكاني في الرسالة أن من أحط الاكاذيب زعم الزاعمين أن هناك عداوة بين أهل البيت والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وأنهم كانوا يضمرون العداوة بعضهم لبعض ! بل هم كما قال سبحانه وتعالى {أشداء على الكفار رحماء بينهم } وكما خاطبهم ربنا سبحانه وتعالى { ولله ميراث السماوات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بماتعملون خبير } ولا يخلف الله وعده ، وهل بعد قول الله عزوجل {كنتم خيرأمة أخرجت للناس } يبقى مسلماً من يكذب ربه في هذا ثم يكذب رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله :(خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ...الحديث ) .
ويقول الامام الشوكاني رحمه الله تعالى في شرح المنتقى وغيره :
وأما جهالة الرجل الصحابي فغير قادحه لماقررناه غير مرة من أن مجهول الصحابي مقبول لأن عموم الأدلة القاضية بأنهم خير الخليقة من جميع الوجوه اقل أحوالها أن تثبت لهم بهذه المزية أعني قبول مجاهيلهم لاندراجهم تحت عمومها ومن تولى الله ورسوله فالواجب حمله على العدالة حتى ينكشف خلافها ولاانكشاف في المجهول ، وقد صور الامام الشوكاني رحمه الله تعالى مخالفة الواقع الاجتماعي الذي كان عليه عامة الناس لموقف مذهب آل البيت في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقرر عليه رحمه الله ان من انشغل بسبهم ولعنهم فليس هومن مذهب اهل البيت فهو رافضي ، وقال رحمه الله تعالى : والحاصل أن من صار من أتباع أهل البيت مشغولا بسب الصحابة وثلبهم والتوجع منهم فليس هو من مذهب أهل البيت بل هو رافضي خارج عن مذهب جماعتهم ، وقد ثبت اجماعهم من ثلاثة عشرطريقا ،كما هو موجود في هذه الرسالة التي اسميتها : (إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ) أنهم لايسبون أحداً من الصحابة الذين هم أهل السوابق والفضائل .
وقد قال الإمام المنصور بالله بن حمزة : من زعم أن أحداً من الصحابة إرتد فهو كاذب أوكما قال وقد جرت عادة الله عزوجل فيما شاهدناه في أهل عصرنا أنه لايفلح من شغل نفسه بسب الصحابة والعداوة لهم في دينه ولا دنياه .
قال الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى في مقدمة إرشاد الغبي مانصه : فإنها لما خفيت على غالب أهل الزمان مذاهب أئمة لآل وجهلت مصنفاتهم تقطع في الرحلة إلى مثلها أكباد الإبل فلم يبقى بأيدي أهل عصرنا من أتباعهم إلا القيل والقال فلا تكاد ترى إلا رجلاً قد رغب من جميع أصناف العلوم وهجر بخسة همته ودناءة نفسه الإشتغال بمنطوقها والمفهوم أوآخر قد هجر من علوم العترة المطهرة الحديث والقديم واشتغل بعض الإشتغال بعلوم غيرهم فلم يفرّق بين الصحيح والسقيم أو رجلاً ينتحل إتباعهم ولانتساب إلى مذاهبهم ولكنه قد قنع من البحر المتدفق بقطرة وقصر همه على الإشتغال بمختصر من مختصراتٍ لديهم فلم يحظ من غيره بنظر فحصل بسبب ذلك الخبط والخلط من الجم الغفير ونسب إلى أهل البيت من المسائل مايخالفه قول كبيرهم والصغير ، وكان من جملة ذلك تعظيم القرابة للصحابة فإن كثيراً من العاطلين عن العلوم يتجارى على ثلب أعراض جماعة من أكابر خير القرون فإذا عوتب في ذلك قال : هذا مذهب أهل البيت ! وذلك فرية عليهم صانهم الله عنها فإنهم عند من له أدنى إلمام بمذاهبهم مبرؤن عن هذه الخصلة الشنيعة .
ثم قال رحمه الله تعالى: فأحببت بيان مذاهبهم في هذه المسألة بخصوصها لأنها هي التي ورد بها السؤال عند بعض أهل العلم ليستدل بذلك على صحة ماذكرنا ثم ذكر إجماع أهل البيت على تحريم سب الصحابة وسرده من إثنى عشر طريقاً .
قال رحمه الله تعالى: قد ثبت إجماع الأئمة من أهل البيت على تحريم سب الصحابة وتحريم التكفير والتفسيق لأحد منهم إلا من اشتهر بمخالفته الدين ، ليست بموجبة لعصمة من اتصف بها - أي بالصحبة - بل على ماذهب إليه الجمهور ، بل هو إجماع كما حققنا ذلك في الرسالة المسماة بـ( القول المعقول في رد رواية المجهول من غير صحابة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ) وهذا الإجماع الذي قدمنا ذكره عن أهل البيت ، يروى من طريق ثابته عن جماعة من أكابرهم .
الطريق الأول : عن الامام المؤيد بالله أحمد بن الحسن بن هارون الأقطع من أبناء زيد بن الحسن العلوي الطالبي القرشي إمامٌ زيدي ، روى عن جميع آبائه من أئمة الآل تحريم سب الصحابة حكى ذلك عنه صاحب حواشي الفصول .
الطريق الثاني : قال المنصور بالله عبدالله بن حمزة بن سليمان بن حمزة أحد أئمة الزيدية في اليمن ، ومن علمائهم وشعرائهم في رسالته في جواب المسألة التهامية بعد أن ذكر تحريم سب الصحابة مالفظه :
( وهذا يقضي به علم آبائنا إلى علي عليه السلام )
ثم قال فيها مالفظه : ( وفي هذه الجهة من يرى محض الولاء سب الصحابة رضي الله عنهم والبراءة منهم فيتبرأ من محمد صلى الله عليه وآله وسلم من حيث لايعلم .
فإن كنت لاأرمي وترمي كنانتي تصيب جانحات النبل كشحى ومنكبي
قال في ترجمان الزمن كتاب من تصنيف جمال الدين بن المهنا العلوي :
ورضي عنهم كما رضى أبوالحسن أوقف عن السب إن ماكنت ذاحذر
قال المنصور بالله عبدالله بن حمزة : ولايمكن أحد أن يصحح دعواه على أحد من سلفنا الصالح انهم نالوا من المشايخ أوسبوهم بل يعتقدون فيهم أنهم خير الخلق بعد محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة صلوات الله عليهم وسلامه .
ويقولون قد أخطأوا في التقدم وعصوا معصية لايعلم قدرها إلا الله سبحانه فالخطأ لايبرأ منه إلا الله وحده ، ( وعصى آدم ربه فغوى ) فإن حسابهم فذنب فعلوه ، وإن عفى عنهم فهو اهل العفو وهم يستحقونه بحميد سوابقهم .
الطريق الثالث :-
قال المؤيد بالله عبدالله بن حمزة بن علي بن إبراهيم الحسيني العلوي من أكابر أئمة الزيدية وعلمائهم في اليمن في آخر كتاب " تصفية القلوب " مالفظه : تنبيه : إعلم ان القول في الصحابة على فريقين :-
القول الأول : مصرحون بالترحم عليهم والترضية وهذا هو المشهور عن أمير المؤمنين ، وعن زيد بن علي ، وجعفر الصادق ، والناصر للحق ، والمؤيد بالله ، فهؤلاء مصرحون بالترضية والترحم والموالاة وهذا هو المختار عندنا رداً على الإسماعلية ، وذكرنا أن الإسلام مقطوع به لامحالة وعروض ماعَرَضَ من الخطأ في مخالفة النصوص ليس فيه إلا الخطأ لاغير ، وأما كونه كفر أوفسق فلم تدل عليه دلالة شرعية فلهذا أبطل القول به .
فهذا هو الذي نختاره ونرتضيه مذهباً ونحب أن نلقى الله به ونحن عليه .
والفريق الثاني :-
متوقفون عن الترضية والترحم وعن القول بالتكفير والتفسيق وهذا دل عليه كلام القاسم والهادي وأولادهما ، وإليه أشار كلام المنصور بالله ، فهؤلاء يحكمون بالخطأ ويقطعون به ويتوقفون في حكمه .
فأما القول بالتكفير والتفسيق في حق الصحابة فلم يؤثر عن أحد من أكابر البيت وأفاضلهم كما حكيناه وقررناه وهو مردود على ناقلة . أهـ
وقال الإمام يحى بن حمزة أيضاً في رسالته " الوازعة للمعتمدين عن سب أصحاب سيد المرسلين " بعد أن حكى عن أهل البيت انهم لم يكفروا ولم يفسقوا من لم يقل بخلافة أمير المؤمنين . أوتخلف عنه ، أوتقدمه .
مالفظه : ثم إن لهم بعد القطع بعدم التكفير والتفسيق مذهبين :-
الأول : مذهب من صرح بالترحم والترضية ، وهذا هو المشهور عن علي ، وزيد بن علي ، وجعفر الصادق ، والباقر ، والناصر ، والمؤيد بالله ، وغيرهم وهو المختار عندنا .
الثاني : من توقف عن الترضية والترحم والإكفار والتفسيق ، وإلى هذا يشير كلام القاسم ، والهادي ، والمنصور بالله ، لإنهم قطعوا على الخطأ ولم يدل دليل على عصمتهم فيكون الخطأ صغيرة في حقهم جاز إن لم يكن خطؤهم كبيرة فلذلك توقفوا عن الترضيه .
قال : ونقابله على انا قاطعون على إيمانهم قبل هذه المعصية فنستصحب الأ صل ولاننتزع عنه إلا لدلالة قاطعة على كفرأوفسق .
قال الإمام يحى : وماروى عن المنصور بالله انه قال من رضي عنهم فلا تصلوا خلفه ، ومن سبهم فاسألوه ماالدليل ؟ فالرواية مشهورة من سبهم فلا تصلوا خلفهم ، ومن رضي فاسألوه ماالدليل ؟ إنتهى كلام الإمام يحى بن حمزة رحمه الله تعالى .
قال الإمام يحى بن الحسين بن الإمام القاسم بن محمد من أهل صنعاء في الإيضاح :
وأعلم أن القائلين بالترضية من أهل البيت هم :-
أمير المؤمنين علي ، والحسن ، والحسين ، وزين العابدين ، علي ابن الحسين ، والباقر ، والصادق ، وعبدالله بن الحسن ، ومحمد بن الحسين ، ومحمد بن عبدالله (النفس الزكية) ، وإدريس بن عبدالله ، وزيد بن علي ، وكافة القدماء من أهل البيت .
ومن المتأخيرين :-
المؤيد بالله ، وصِنْوُه أبوطالب ، والناصر الحسن بن علي الاطروش ، والإمام الموفق بالله وولده السيد المرشد بالله ، والإمام يحى بن حمزة ،
ومن المتأخيرون القائلين بالترضية باليمن :-
الإمام المهدي أحمد بن يحى ، والسيد أحمد بن إبراهيم ، وصنوه الهادي ، والإمام أحمد بن الحسين ، والإمام شرف الدين ، وغيرهم وكثير منهم لاحاجة لنا في تعداد أعيانهم،لأنه يكفي القول المجمل بأن أئمة أهل البيت كافة بين متوقف ومترضي لايرى أحد منهم السب للصحابة أصلاً ، يعرف ذلك من عرفه . إنتهى بلفظه .
الطريق الرابع :-
حكى السيد الهادي إبن إبراهيم الوزير بن علي بن المرتضى الحسين من علماء الزيدية باليمن في كتابه المعروف بـ( تلقيح الألباب ) أنه سئل الإمام ناصر بن محمد بن علي المعروف بصلاح الدين عن المتقدمين لأمير المؤمنين وسائر من خالفه فأجاب :
بأن مذهب أئمة الزيدية القول بالتخطئة لمن تقدم أمير المؤمنين قال : وهؤلاء فرقتان :-
فرقة تقول باحتمال الخطأ ويتوقفون في أمرهم وفرقة يتولونهم ويقولون إن خطأهم مغفرة في جنب مناقبهم وأعمالهم وجهادهم وصلاحهم .
قال : وهذا القول الثاني هو الذي نراه - إذهم وجوه الإسلام وبدور الظلام .
(موقف الإمام الشوكاني من الرافضة)
وموقف الإمام الشوكاني من الصحابة رضوان الله عليهم والرد على الرافضة في رسالة سماها :إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم - هذه الرسالة خرجها وعلق عليها : أبو عبيدة مشهور بن حسن بن محمد بن سليمان جزاه الله خير الجزاء .
بين الامام الشوكاني في الرسالة أن من أحط الاكاذيب زعم الزاعمين أن هناك عداوة بين أهل البيت والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وأنهم كانوا يضمرون العداوة بعضهم لبعض ! بل هم كما قال سبحانه وتعالى {أشداء على الكفار رحماء بينهم } وكما خاطبهم ربنا سبحانه وتعالى { ولله ميراث السماوات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بماتعملون خبير } ولا يخلف الله وعده ، وهل بعد قول الله عزوجل {كنتم خيرأمة أخرجت للناس } يبقى مسلماً من يكذب ربه في هذا ثم يكذب رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله :(خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ...الحديث ) .
ويقول الامام الشوكاني رحمه الله تعالى في شرح المنتقى وغيره :
وأما جهالة الرجل الصحابي فغير قادحه لماقررناه غير مرة من أن مجهول الصحابي مقبول لأن عموم الأدلة القاضية بأنهم خير الخليقة من جميع الوجوه اقل أحوالها أن تثبت لهم بهذه المزية أعني قبول مجاهيلهم لاندراجهم تحت عمومها ومن تولى الله ورسوله فالواجب حمله على العدالة حتى ينكشف خلافها ولاانكشاف في المجهول ، وقد صور الامام الشوكاني رحمه الله تعالى مخالفة الواقع الاجتماعي الذي كان عليه عامة الناس لموقف مذهب آل البيت في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقرر عليه رحمه الله ان من انشغل بسبهم ولعنهم فليس هومن مذهب اهل البيت فهو رافضي ، وقال رحمه الله تعالى : والحاصل أن من صار من أتباع أهل البيت مشغولا بسب الصحابة وثلبهم والتوجع منهم فليس هو من مذهب أهل البيت بل هو رافضي خارج عن مذهب جماعتهم ، وقد ثبت اجماعهم من ثلاثة عشرطريقا ،كما هو موجود في هذه الرسالة التي اسميتها : (إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ) أنهم لايسبون أحداً من الصحابة الذين هم أهل السوابق والفضائل .
وقد قال الإمام المنصور بالله بن حمزة : من زعم أن أحداً من الصحابة إرتد فهو كاذب أوكما قال وقد جرت عادة الله عزوجل فيما شاهدناه في أهل عصرنا أنه لايفلح من شغل نفسه بسب الصحابة والعداوة لهم في دينه ولا دنياه .
قال الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى في مقدمة إرشاد الغبي مانصه : فإنها لما خفيت على غالب أهل الزمان مذاهب أئمة لآل وجهلت مصنفاتهم تقطع في الرحلة إلى مثلها أكباد الإبل فلم يبقى بأيدي أهل عصرنا من أتباعهم إلا القيل والقال فلا تكاد ترى إلا رجلاً قد رغب من جميع أصناف العلوم وهجر بخسة همته ودناءة نفسه الإشتغال بمنطوقها والمفهوم أوآخر قد هجر من علوم العترة المطهرة الحديث والقديم واشتغل بعض الإشتغال بعلوم غيرهم فلم يفرّق بين الصحيح والسقيم أو رجلاً ينتحل إتباعهم ولانتساب إلى مذاهبهم ولكنه قد قنع من البحر المتدفق بقطرة وقصر همه على الإشتغال بمختصر من مختصراتٍ لديهم فلم يحظ من غيره بنظر فحصل بسبب ذلك الخبط والخلط من الجم الغفير ونسب إلى أهل البيت من المسائل مايخالفه قول كبيرهم والصغير ، وكان من جملة ذلك تعظيم القرابة للصحابة فإن كثيراً من العاطلين عن العلوم يتجارى على ثلب أعراض جماعة من أكابر خير القرون فإذا عوتب في ذلك قال : هذا مذهب أهل البيت ! وذلك فرية عليهم صانهم الله عنها فإنهم عند من له أدنى إلمام بمذاهبهم مبرؤن عن هذه الخصلة الشنيعة .
ثم قال رحمه الله تعالى: فأحببت بيان مذاهبهم في هذه المسألة بخصوصها لأنها هي التي ورد بها السؤال عند بعض أهل العلم ليستدل بذلك على صحة ماذكرنا ثم ذكر إجماع أهل البيت على تحريم سب الصحابة وسرده من إثنى عشر طريقاً .
قال رحمه الله تعالى: قد ثبت إجماع الأئمة من أهل البيت على تحريم سب الصحابة وتحريم التكفير والتفسيق لأحد منهم إلا من اشتهر بمخالفته الدين ، ليست بموجبة لعصمة من اتصف بها - أي بالصحبة - بل على ماذهب إليه الجمهور ، بل هو إجماع كما حققنا ذلك في الرسالة المسماة بـ( القول المعقول في رد رواية المجهول من غير صحابة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ) وهذا الإجماع الذي قدمنا ذكره عن أهل البيت ، يروى من طريق ثابته عن جماعة من أكابرهم .
الطريق الأول : عن الامام المؤيد بالله أحمد بن الحسن بن هارون الأقطع من أبناء زيد بن الحسن العلوي الطالبي القرشي إمامٌ زيدي ، روى عن جميع آبائه من أئمة الآل تحريم سب الصحابة حكى ذلك عنه صاحب حواشي الفصول .
الطريق الثاني : قال المنصور بالله عبدالله بن حمزة بن سليمان بن حمزة أحد أئمة الزيدية في اليمن ، ومن علمائهم وشعرائهم في رسالته في جواب المسألة التهامية بعد أن ذكر تحريم سب الصحابة مالفظه :
( وهذا يقضي به علم آبائنا إلى علي عليه السلام )
ثم قال فيها مالفظه : ( وفي هذه الجهة من يرى محض الولاء سب الصحابة رضي الله عنهم والبراءة منهم فيتبرأ من محمد صلى الله عليه وآله وسلم من حيث لايعلم .
فإن كنت لاأرمي وترمي كنانتي تصيب جانحات النبل كشحى ومنكبي
قال في ترجمان الزمن كتاب من تصنيف جمال الدين بن المهنا العلوي :
ورضي عنهم كما رضى أبوالحسن أوقف عن السب إن ماكنت ذاحذر
قال المنصور بالله عبدالله بن حمزة : ولايمكن أحد أن يصحح دعواه على أحد من سلفنا الصالح انهم نالوا من المشايخ أوسبوهم بل يعتقدون فيهم أنهم خير الخلق بعد محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة صلوات الله عليهم وسلامه .
ويقولون قد أخطأوا في التقدم وعصوا معصية لايعلم قدرها إلا الله سبحانه فالخطأ لايبرأ منه إلا الله وحده ، ( وعصى آدم ربه فغوى ) فإن حسابهم فذنب فعلوه ، وإن عفى عنهم فهو اهل العفو وهم يستحقونه بحميد سوابقهم .
الطريق الثالث :-
قال المؤيد بالله عبدالله بن حمزة بن علي بن إبراهيم الحسيني العلوي من أكابر أئمة الزيدية وعلمائهم في اليمن في آخر كتاب " تصفية القلوب " مالفظه : تنبيه : إعلم ان القول في الصحابة على فريقين :-
القول الأول : مصرحون بالترحم عليهم والترضية وهذا هو المشهور عن أمير المؤمنين ، وعن زيد بن علي ، وجعفر الصادق ، والناصر للحق ، والمؤيد بالله ، فهؤلاء مصرحون بالترضية والترحم والموالاة وهذا هو المختار عندنا رداً على الإسماعلية ، وذكرنا أن الإسلام مقطوع به لامحالة وعروض ماعَرَضَ من الخطأ في مخالفة النصوص ليس فيه إلا الخطأ لاغير ، وأما كونه كفر أوفسق فلم تدل عليه دلالة شرعية فلهذا أبطل القول به .
فهذا هو الذي نختاره ونرتضيه مذهباً ونحب أن نلقى الله به ونحن عليه .
والفريق الثاني :-
متوقفون عن الترضية والترحم وعن القول بالتكفير والتفسيق وهذا دل عليه كلام القاسم والهادي وأولادهما ، وإليه أشار كلام المنصور بالله ، فهؤلاء يحكمون بالخطأ ويقطعون به ويتوقفون في حكمه .
فأما القول بالتكفير والتفسيق في حق الصحابة فلم يؤثر عن أحد من أكابر البيت وأفاضلهم كما حكيناه وقررناه وهو مردود على ناقلة . أهـ
وقال الإمام يحى بن حمزة أيضاً في رسالته " الوازعة للمعتمدين عن سب أصحاب سيد المرسلين " بعد أن حكى عن أهل البيت انهم لم يكفروا ولم يفسقوا من لم يقل بخلافة أمير المؤمنين . أوتخلف عنه ، أوتقدمه .
مالفظه : ثم إن لهم بعد القطع بعدم التكفير والتفسيق مذهبين :-
الأول : مذهب من صرح بالترحم والترضية ، وهذا هو المشهور عن علي ، وزيد بن علي ، وجعفر الصادق ، والباقر ، والناصر ، والمؤيد بالله ، وغيرهم وهو المختار عندنا .
الثاني : من توقف عن الترضية والترحم والإكفار والتفسيق ، وإلى هذا يشير كلام القاسم ، والهادي ، والمنصور بالله ، لإنهم قطعوا على الخطأ ولم يدل دليل على عصمتهم فيكون الخطأ صغيرة في حقهم جاز إن لم يكن خطؤهم كبيرة فلذلك توقفوا عن الترضيه .
قال : ونقابله على انا قاطعون على إيمانهم قبل هذه المعصية فنستصحب الأ صل ولاننتزع عنه إلا لدلالة قاطعة على كفرأوفسق .
قال الإمام يحى : وماروى عن المنصور بالله انه قال من رضي عنهم فلا تصلوا خلفه ، ومن سبهم فاسألوه ماالدليل ؟ فالرواية مشهورة من سبهم فلا تصلوا خلفهم ، ومن رضي فاسألوه ماالدليل ؟ إنتهى كلام الإمام يحى بن حمزة رحمه الله تعالى .
قال الإمام يحى بن الحسين بن الإمام القاسم بن محمد من أهل صنعاء في الإيضاح :
وأعلم أن القائلين بالترضية من أهل البيت هم :-
أمير المؤمنين علي ، والحسن ، والحسين ، وزين العابدين ، علي ابن الحسين ، والباقر ، والصادق ، وعبدالله بن الحسن ، ومحمد بن الحسين ، ومحمد بن عبدالله (النفس الزكية) ، وإدريس بن عبدالله ، وزيد بن علي ، وكافة القدماء من أهل البيت .
ومن المتأخيرين :-
المؤيد بالله ، وصِنْوُه أبوطالب ، والناصر الحسن بن علي الاطروش ، والإمام الموفق بالله وولده السيد المرشد بالله ، والإمام يحى بن حمزة ،
ومن المتأخيرون القائلين بالترضية باليمن :-
الإمام المهدي أحمد بن يحى ، والسيد أحمد بن إبراهيم ، وصنوه الهادي ، والإمام أحمد بن الحسين ، والإمام شرف الدين ، وغيرهم وكثير منهم لاحاجة لنا في تعداد أعيانهم،لأنه يكفي القول المجمل بأن أئمة أهل البيت كافة بين متوقف ومترضي لايرى أحد منهم السب للصحابة أصلاً ، يعرف ذلك من عرفه . إنتهى بلفظه .
الطريق الرابع :-
حكى السيد الهادي إبن إبراهيم الوزير بن علي بن المرتضى الحسين من علماء الزيدية باليمن في كتابه المعروف بـ( تلقيح الألباب ) أنه سئل الإمام ناصر بن محمد بن علي المعروف بصلاح الدين عن المتقدمين لأمير المؤمنين وسائر من خالفه فأجاب :
بأن مذهب أئمة الزيدية القول بالتخطئة لمن تقدم أمير المؤمنين قال : وهؤلاء فرقتان :-
فرقة تقول باحتمال الخطأ ويتوقفون في أمرهم وفرقة يتولونهم ويقولون إن خطأهم مغفرة في جنب مناقبهم وأعمالهم وجهادهم وصلاحهم .
قال : وهذا القول الثاني هو الذي نراه - إذهم وجوه الإسلام وبدور الظلام .