الوصايا السنيَّة للتـائبين إلى الـسَّلفية
بسم الله الرحمـن الرحيم
شكر وتقدير:أشكر صاحب الفضيلة الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي على إذنه لي بقراءة الرسالة عليه ، وحُسن توجيهه في ذلك .
كما أشكر الشيخ عبد المالك رمضاني على الإطلاع عليها ومراجعتها .
مقدمة المؤلف
إنَّ الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمد عبده ورسوله .
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }([1]).
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا }([2]) .
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً }([3]).
أما بعد: فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثةٍ بدعة ، وكل بدعةٍ ضلالة ، وكل ضلالةٍ في النار .
وبعد : فأحمد الله -جل ثناؤه- على نعمه الكثيرة الوفيرة التي أنعمها على هذه الأمَّة عموماً وعلى أهل السنَّة والجماعة خصوصاً حيث أنار لهم الطريق ، فأصبحوا له مبصرين وبه مطمئنين .
وكيف لا يُـبصرون ولا يطمئنون ؟! ..
وهم يستنـيرون بكتاب ربهم ، وسنَّة نبيهم -صلى الله عليه وسلم- على فهم سلفهم الصالح ، من الصحابة والتابعين أهل القرون المفضلة الذي ضلَّ عنه قوم ، وإضطرب فيه آخرون ، فأصبحوا -والعياذ بالله- في الشبهات المضلَّة مفتونين ، وفي الشهوات غارقين .
ومع هذا فإنه -والحمد لله- لا يزال الكثير من الناس يُقبلون على التوبة إلى الله على منهج السلف الصالح فارِّين من الفرق الضَّالة ، والشبهات السقيمة التي أمرضت عقولهم وقلوبهم سنين عديدة ، وضيَّعت جهودهم أزمانا مديدة .
فأصبح حالهم يقول :
... لا حزبية ولا قومية ...
... ولا تبيلغية ولا صوفية ...
... ولا إخوانية ولا قطبية ...
... ولا جمهورية ولا برلمانية ...
... وإنما سلفية نبوية ، على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم .
ولا شك أن عودة هؤلاء التائبين إلى المنهج السلفي تُفرحنا معشر أهل السنَّة والجماعة وذلك أن أهل السنَّة والجماعة هم أرحم الناس بالخلق كما هم أعرفهم بالحق .
وكيف لا يفرحون بتوبة التائبين ؟! ..
وهم يسمعون قول نبيهم -صلى الله عليه وسلم- : (( لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة )) ([4]).
وقوله -صلى الله عليه وسلم-(( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )) ([5])
إلا أن هذه الفرحة يصاحبها بعض الحزن والأسف على ما نلمسه ونشاهده في أحوال بعض التائبين إلى السلفية من الإضطراب وتخبُّطٍ بسبب الشبه الكثيرة التي يروجها أهل الباطل تارة فتعصف بالتائبين يُمنة ويسرة ، ولعدم سؤالهم أهل العلم من أهل السنَّة والجماعة في ذلك تارة أخرى .
من أجل ذلك رأيت أن أكتب بعض الوصايا([6]) للتائبين إلى السلفية والتي أراها تعالج بعض هذه الإضطرابات والتخبطات التي أصابت بعض التائبين وقد حرصت فيها على إيجاز العبارة ، وسهولتها ، ليسهل فهمها وإستيعابها ، راجيا من الله اللطيف الخبير أن ينفعني وإيـاهم وجميع إخواني في ذلك ، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً .
الوصية الأولى :إحمد الله على هذه النعمة واشكره عليها
فإنها نعمة عظيمة يَمنُّ بها الله على من يشاء من عباده ، فأحسن في شكرها وإستعمالها ، وتذكر أنه :
كم من مغمور في الشبهات تُشرِّق به شبهة وتغرِّب به أخرى لا يدري كيف خلاصه .
وكم من مغموس في الشهوات مأسور بها لا يعلم متى معافاته .
فاشكر الله أيها التائب ، واعلم أن هذه النعمة من الله وحده لا حول ولا قوة لك فيها إلا بالله اللطيف الخبير ، فهو الذي لطف بك وهداك ولم يُمِتك وأنت غارق في الشبهات أو الشهوات فله الحمد في الأولى وفي الآخرة .
وهو الذي أرشدك ، ويسَّر لك من يرشدك إلى منهج السلف الصالح فما أكثرنِعمه عليك قال تعالى :((وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها))([7]).
وإياك أخي التائب والعجب والغرور ، أو الـمَّن على الله في ذلك قال تعالى :
{ كذلك كنتم من قبل فمَّن الله عليكم فتبيَّنوا }([8]).
وإياك إياك من السخرية ، أو إحتقار الآخرين والمبتلين مما عافاك الله منه ، بل احمد الله على أن عافاك ولم يـبتليك بما إبتلاهم ، وقل إذا رأيت مبتلى : (( الحمد لله الذي عافاني مما إبتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا ))([9]) .
وأشفق عليهم ، وارحمهم ، وتَمنَّ لهم ما أعطاك الله من الخير والهدى .
واعلم -وفقك الله- أنه لابد لك من سلك الأسباب المعينة على تصحيح توبتك بجد ونشاط وصدق وخلاص وأول ما تبدأ به هو :
________________________________
([1]) سورة آل عمران : الآية 102 .
([2]) سورة النساء : الآية 1 .
([3]) سورة الأحزاب : الآيتان 70-71 .
([4]) رواه البخاري من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- ( 6309 ) وهذا لفظه ، ومسلم ( 6896 ) .
([5]) رواه البخاري ( 13 ) ، ومسلم ( 162 ) .
([6]) ولي وصايا غير هذه لكنها ضاعت مع المسوَّدة لعلِّي أزيدها في الطبعة الثانية -إن شاء الله- .
([7]) سورة إبراهيم : الآية 34 .
([8]) سورة النساء : الآية 94 .
([9]) رواه الترميذي في جامعه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وفي سنده عبد الله بن عمر العمري وهو ضعيف ، وللحديث شواهد يرتقي بها على الحسن لغيره .
بسم الله الرحمـن الرحيم
شكر وتقدير:أشكر صاحب الفضيلة الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي على إذنه لي بقراءة الرسالة عليه ، وحُسن توجيهه في ذلك .
كما أشكر الشيخ عبد المالك رمضاني على الإطلاع عليها ومراجعتها .
مقدمة المؤلف
إنَّ الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمد عبده ورسوله .
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }([1]).
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا }([2]) .
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً }([3]).
أما بعد: فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثةٍ بدعة ، وكل بدعةٍ ضلالة ، وكل ضلالةٍ في النار .
وبعد : فأحمد الله -جل ثناؤه- على نعمه الكثيرة الوفيرة التي أنعمها على هذه الأمَّة عموماً وعلى أهل السنَّة والجماعة خصوصاً حيث أنار لهم الطريق ، فأصبحوا له مبصرين وبه مطمئنين .
وكيف لا يُـبصرون ولا يطمئنون ؟! ..
وهم يستنـيرون بكتاب ربهم ، وسنَّة نبيهم -صلى الله عليه وسلم- على فهم سلفهم الصالح ، من الصحابة والتابعين أهل القرون المفضلة الذي ضلَّ عنه قوم ، وإضطرب فيه آخرون ، فأصبحوا -والعياذ بالله- في الشبهات المضلَّة مفتونين ، وفي الشهوات غارقين .
ومع هذا فإنه -والحمد لله- لا يزال الكثير من الناس يُقبلون على التوبة إلى الله على منهج السلف الصالح فارِّين من الفرق الضَّالة ، والشبهات السقيمة التي أمرضت عقولهم وقلوبهم سنين عديدة ، وضيَّعت جهودهم أزمانا مديدة .
فأصبح حالهم يقول :
... لا حزبية ولا قومية ...
... ولا تبيلغية ولا صوفية ...
... ولا إخوانية ولا قطبية ...
... ولا جمهورية ولا برلمانية ...
... وإنما سلفية نبوية ، على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم .
ولا شك أن عودة هؤلاء التائبين إلى المنهج السلفي تُفرحنا معشر أهل السنَّة والجماعة وذلك أن أهل السنَّة والجماعة هم أرحم الناس بالخلق كما هم أعرفهم بالحق .
وكيف لا يفرحون بتوبة التائبين ؟! ..
وهم يسمعون قول نبيهم -صلى الله عليه وسلم- : (( لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة )) ([4]).
وقوله -صلى الله عليه وسلم-(( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )) ([5])
إلا أن هذه الفرحة يصاحبها بعض الحزن والأسف على ما نلمسه ونشاهده في أحوال بعض التائبين إلى السلفية من الإضطراب وتخبُّطٍ بسبب الشبه الكثيرة التي يروجها أهل الباطل تارة فتعصف بالتائبين يُمنة ويسرة ، ولعدم سؤالهم أهل العلم من أهل السنَّة والجماعة في ذلك تارة أخرى .
من أجل ذلك رأيت أن أكتب بعض الوصايا([6]) للتائبين إلى السلفية والتي أراها تعالج بعض هذه الإضطرابات والتخبطات التي أصابت بعض التائبين وقد حرصت فيها على إيجاز العبارة ، وسهولتها ، ليسهل فهمها وإستيعابها ، راجيا من الله اللطيف الخبير أن ينفعني وإيـاهم وجميع إخواني في ذلك ، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً .
الوصية الأولى :إحمد الله على هذه النعمة واشكره عليها
فإنها نعمة عظيمة يَمنُّ بها الله على من يشاء من عباده ، فأحسن في شكرها وإستعمالها ، وتذكر أنه :
كم من مغمور في الشبهات تُشرِّق به شبهة وتغرِّب به أخرى لا يدري كيف خلاصه .
وكم من مغموس في الشهوات مأسور بها لا يعلم متى معافاته .
فاشكر الله أيها التائب ، واعلم أن هذه النعمة من الله وحده لا حول ولا قوة لك فيها إلا بالله اللطيف الخبير ، فهو الذي لطف بك وهداك ولم يُمِتك وأنت غارق في الشبهات أو الشهوات فله الحمد في الأولى وفي الآخرة .
وهو الذي أرشدك ، ويسَّر لك من يرشدك إلى منهج السلف الصالح فما أكثرنِعمه عليك قال تعالى :((وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها))([7]).
وإياك أخي التائب والعجب والغرور ، أو الـمَّن على الله في ذلك قال تعالى :
{ كذلك كنتم من قبل فمَّن الله عليكم فتبيَّنوا }([8]).
وإياك إياك من السخرية ، أو إحتقار الآخرين والمبتلين مما عافاك الله منه ، بل احمد الله على أن عافاك ولم يـبتليك بما إبتلاهم ، وقل إذا رأيت مبتلى : (( الحمد لله الذي عافاني مما إبتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا ))([9]) .
وأشفق عليهم ، وارحمهم ، وتَمنَّ لهم ما أعطاك الله من الخير والهدى .
واعلم -وفقك الله- أنه لابد لك من سلك الأسباب المعينة على تصحيح توبتك بجد ونشاط وصدق وخلاص وأول ما تبدأ به هو :
________________________________
([1]) سورة آل عمران : الآية 102 .
([2]) سورة النساء : الآية 1 .
([3]) سورة الأحزاب : الآيتان 70-71 .
([4]) رواه البخاري من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- ( 6309 ) وهذا لفظه ، ومسلم ( 6896 ) .
([5]) رواه البخاري ( 13 ) ، ومسلم ( 162 ) .
([6]) ولي وصايا غير هذه لكنها ضاعت مع المسوَّدة لعلِّي أزيدها في الطبعة الثانية -إن شاء الله- .
([7]) سورة إبراهيم : الآية 34 .
([8]) سورة النساء : الآية 94 .
([9]) رواه الترميذي في جامعه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وفي سنده عبد الله بن عمر العمري وهو ضعيف ، وللحديث شواهد يرتقي بها على الحسن لغيره .