أصناف الأقلام العربية في الإسلام
نموذج من كتاب انتشار الخط العربي في العالم الشرقي والعالم الغربي
[*]
الكاتب : محمد رشيد رضا
بقي الخط العربي على حالته القديمة غير بالغ مبلغه من الإحكام والإتقان في
زمن الرسول ، والخلفاء الراشدين ؛ لاشتغال المسلمين بالحروب حتى زمن بني
أمية فابتدأ الخط يسمو ويرتقي ، وكثر عدد المشتغلين به ، وفي أواخر أيامهم تفرع
الخط الكوفي ، وكانت تكتب به المصاحف منذ أيام الراشدين إلى أربعة أقلام اشتقها
بعضها من بعض كاتب اسمه قطبة المحرر كان أَكْتَبَ أهل زمانه ، ثم اشتهر بعده
في أوائل الدولة العباسية رجلان من أهل الشام انتهت إليهما الرئاسة في جودة الخط
وهما : الضحاك بن عجلان كان في خلافة السفاح ، فزاد على قطبة ، و إسحاق بن
حماد ، وكان في خلافة المنصور و المهدي فزاد بعد الضحاك ، وزاد غيره حتى بلغ
عدد الأقلام العربية إلى أوائل الدولة العباسية 12 قلمًا ، كان لكل قلم عمل خاص
وهي :
( 1 ) قلم الجليل : كان يكتب به في المحاريب ، وعلى أبواب المساجد ،
وجدران القصور ونحوها ، وهو ما يسميه العامة الآن بالخط الجلي .
( 2 ) قلم السجلات .
( 3 ) قلم الديباج .
( 4 ) قلم أسطومار الكبير .
( 5 ) قلم الثلثين .
( 6 ) قلم الزنبور .
( 7 ) قلم المفتح .
( 8 ) قلم الحرم : كان يكتب به إلى الأميرات من بيت الملك .
( 9 ) قلم المؤامرات : كان لاستشارة الأمراء ومناقشتهم .
( 10 ) قلم العهود : كان لكتابة العهود والبيعات .
( 11 ) قلم القصص .
( 12 ) قلم الخرفاج .
ولما ازدان عصر العباسيين بأنوار العلوم والعرفان ، وخصوصًا في أيام
المأمون ، أخذت صناعة الخط تنمو وتنتشر وتتقدم كسائر العلوم التي ضرب فيها
المسلمون بسهام نافذة لاحتياجهم إليها ؛ فتنافس الكتاب في أيامه في تجويد الخط ؛
فحدث القلم المرصع ، وقلم الناسخ ، وقلم الرياسي[1] نسبة إلى مخترعه ذي
الرئاستين الوزير الفضل بن سهل ، وقلم الرقاع وقلم غبار الحلبة[2] ، وكان يكتب
به بطائق حمام الرسائل ، وهكذا كان كل قلم معدًّا لنوع من الكتابة ، كما تكتب الآن
الإنعامات بالرتب بقلم خاص , والأوراق الديوانية بقلم خاص ، وألواح الحجر بخط
آخر ، وكتب التعليم بآخر .
فزادت الخطوط العربية على عشرين شكلاً ، وكلها تعد من الخط الكوفي فهو
إذ ذاك كان خط الدين والدولة ، وقد كان يُكتب به القرآن منذ أيام الراشدين - كما
أسلفنا - حتى أواسط العصور الإسلامية ( ش4 ) ، وأما الخط النسخي فقد كان
مستعملاً بين الناس لغير المخطوطات الرسمية حتى نبغ الوزير أبو علي محمد بن
مقلة المتوفى سنة 328هـ فأدخل في الخط المذكور تحسينًا كبيرًا بعد أن كان في
غاية الاختلال ، وأدخله في المصاحف ، وكتابة الدواوين ، وقد اشتهر بعد ابن مقلة
جماعة كثيرة من الخطاطين هذبوا طريقته ، وكسوها حلاوة وطلاوة ، أشهرهم علي
بن هلال المعروف بابن البواب المتوفى سنة 413هـ - 1031م ،
نموذج من كتاب انتشار الخط العربي في العالم الشرقي والعالم الغربي
[*]
الكاتب : محمد رشيد رضا
بقي الخط العربي على حالته القديمة غير بالغ مبلغه من الإحكام والإتقان في
زمن الرسول ، والخلفاء الراشدين ؛ لاشتغال المسلمين بالحروب حتى زمن بني
أمية فابتدأ الخط يسمو ويرتقي ، وكثر عدد المشتغلين به ، وفي أواخر أيامهم تفرع
الخط الكوفي ، وكانت تكتب به المصاحف منذ أيام الراشدين إلى أربعة أقلام اشتقها
بعضها من بعض كاتب اسمه قطبة المحرر كان أَكْتَبَ أهل زمانه ، ثم اشتهر بعده
في أوائل الدولة العباسية رجلان من أهل الشام انتهت إليهما الرئاسة في جودة الخط
وهما : الضحاك بن عجلان كان في خلافة السفاح ، فزاد على قطبة ، و إسحاق بن
حماد ، وكان في خلافة المنصور و المهدي فزاد بعد الضحاك ، وزاد غيره حتى بلغ
عدد الأقلام العربية إلى أوائل الدولة العباسية 12 قلمًا ، كان لكل قلم عمل خاص
وهي :
( 1 ) قلم الجليل : كان يكتب به في المحاريب ، وعلى أبواب المساجد ،
وجدران القصور ونحوها ، وهو ما يسميه العامة الآن بالخط الجلي .
( 2 ) قلم السجلات .
( 3 ) قلم الديباج .
( 4 ) قلم أسطومار الكبير .
( 5 ) قلم الثلثين .
( 6 ) قلم الزنبور .
( 7 ) قلم المفتح .
( 8 ) قلم الحرم : كان يكتب به إلى الأميرات من بيت الملك .
( 9 ) قلم المؤامرات : كان لاستشارة الأمراء ومناقشتهم .
( 10 ) قلم العهود : كان لكتابة العهود والبيعات .
( 11 ) قلم القصص .
( 12 ) قلم الخرفاج .
ولما ازدان عصر العباسيين بأنوار العلوم والعرفان ، وخصوصًا في أيام
المأمون ، أخذت صناعة الخط تنمو وتنتشر وتتقدم كسائر العلوم التي ضرب فيها
المسلمون بسهام نافذة لاحتياجهم إليها ؛ فتنافس الكتاب في أيامه في تجويد الخط ؛
فحدث القلم المرصع ، وقلم الناسخ ، وقلم الرياسي[1] نسبة إلى مخترعه ذي
الرئاستين الوزير الفضل بن سهل ، وقلم الرقاع وقلم غبار الحلبة[2] ، وكان يكتب
به بطائق حمام الرسائل ، وهكذا كان كل قلم معدًّا لنوع من الكتابة ، كما تكتب الآن
الإنعامات بالرتب بقلم خاص , والأوراق الديوانية بقلم خاص ، وألواح الحجر بخط
آخر ، وكتب التعليم بآخر .
فزادت الخطوط العربية على عشرين شكلاً ، وكلها تعد من الخط الكوفي فهو
إذ ذاك كان خط الدين والدولة ، وقد كان يُكتب به القرآن منذ أيام الراشدين - كما
أسلفنا - حتى أواسط العصور الإسلامية ( ش4 ) ، وأما الخط النسخي فقد كان
مستعملاً بين الناس لغير المخطوطات الرسمية حتى نبغ الوزير أبو علي محمد بن
مقلة المتوفى سنة 328هـ فأدخل في الخط المذكور تحسينًا كبيرًا بعد أن كان في
غاية الاختلال ، وأدخله في المصاحف ، وكتابة الدواوين ، وقد اشتهر بعد ابن مقلة
جماعة كثيرة من الخطاطين هذبوا طريقته ، وكسوها حلاوة وطلاوة ، أشهرهم علي
بن هلال المعروف بابن البواب المتوفى سنة 413هـ - 1031م ،