خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    الإصلاح في القرآن (مفهومُه وميادينه ومسالكُه)

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية الإصلاح في القرآن (مفهومُه وميادينه ومسالكُه)

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 17.06.08 11:52

    الإصلاح في القرآن (مفهومُه وميادينه ومسالكُه)



    بسم الله الرحمن الرحيمالإصلاح في القرآن (مفهومُه وميادينه ومسالكُه)للشيخ عز الدين رمضانيإنَّالمتَتَبِّعَ للمواضع التيذُكِر فيها الإصلاحُ في القرآن يظهر له بوضوحـلا يدع مجالاً للشكِّـأنَّ هذه الكلمةومايتفرَّع منها من ألفاظ واشتقاقات، وما يُستوحى منها من معانٍ ومدلولات،قدتبوّأتمكانًا عليًّا في هذا الكتاب، إذْ عُدَّتْ من جملة أخلاقه وفضائله التي دعاإليهاوحثَّ على التزامها والتَّحلِّي بها، ويكفي للدِّلالة على أهميَّتها وبروزهاأنْذُكِرت أكثرَ من مائةٍ وسبعين مرَّة بأساليبَ متنوِّعةٍ وسياقاتٍ مختلفةٍومدلولاتتَخْلُصُ إلى أنَّ كلَّ ما يؤدِّي إلى الكفِّ عن المعاصي ومجانبة الفساد،أو إلىفعلِ الطَّاعات واتِّباع الرَّشاد فهو إصلاح.
    فالإصلاحـومنه الصَّلاحـ كما يقولُأهل اللُّغة والبيانِ: نقيضُ الإفساد، وهما مختصَّان في أكثر الاستعمال بالأفعال،وقُوبِلَ في القرآنتارةً بالفساد، وتارةً بالسَّيِّئَةِ.
    فمِنَالأوَّلِ قولُهتعالى: ﴿وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرضِ بَعْدَإِصْلاَحِهَا﴾[الأعراف: 56]،ومِنَالثَّاني قوله تعالى: ﴿خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَسَيِّئًا﴾ [التوبة: 102].
    وممَّايُشَرِّفُ الإصلاحَ ويجعله آيةَ الصَّلاح ودليلَ الفلاحِ أنَّ اللهَتولاَّه بنفسهاستحقاقًا وفضلاً، ونسبَه إلى نفسِه الكريمةِ صفةً وفعلاً، وحملَ عليههذا الإنسانَحثًّا وترغيبًا ليكون لرسالته أهلاً، فكان إصلاحُه له تارةً بخَلْقِهإيَّاهُصالحًا، وتارةً بإزالةِ ما فيهِ منْ فسادٍ بعدوُجودِه، وتارةً بالحكملهبالصَّلاح كما قال تعالى :﴿وَأَصْلَحَبَالَهُمْ﴾ [محمد: 2]،﴿وَأَصْلِحْ لِيذُرِّيَّتِي﴾[الأحقاف: 15]،﴿يُصْلِحْ لَكُمْأَعْمَالَكُمْ﴾[الأحزاب: 71]،﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَالْمُفْسِدِينَ﴾[يونس: 81].
    ومن هُنا يتبيَّنمَدَى التَّلاَزُم الموجودِ بين الصَّلاح والإصلاح،وكلاهُما أَشَادَ بهما القرآنُبحيث لا يَنْفَكُّ أحدُهما عن الآخر؛ لأنَّ الصَّلاحيكون في النَّفس أوَّلاً ثميتعدَّى إلى الإصلاح للنَّفس، وبوجُودهما تكتملُالفضيلةُ ويؤولُ التَّغيير إلىاستقامةِ الحال.
    لكن في الإصلاحمعنًى زائدًا علىالصَّلاح، وهو ما يحصُل فيه منَ النَّفْعِ المتعدِّي بخلافالصَّلاح الَّذي قد لايتعدَّى النَّفع القاصر، وإن كان مِن لازمِه أن يُؤَدِّيَإلى الإصلاح؛ لأنَّه ثمرةٌله؛ ولذا قالوا: «الصَّالحون يبنون أنفسَهم، والمصلِحُونيبنون غيرَهم«.
    وقد جعلالله من مِنَنِهِ على المصْطَفَيْنَ من عباده إصلاحَ أعمالهم وتوفيقَهملعملالصَّالحات؛ فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوااتَّقُوا اللهَوَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْوَيَغْفِرْ لَكُمْذُنُوبَكُمْ﴾ [الأحزاب: 71]،وقال: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوابِمَانُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَعَنْهُمْسَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَبَالَهُمْ﴾[محمد: 2]
    وفي طليعةِمنأصلحَهم الله وجعلَهم أئمَّةً في الصَّلاح والإصلاح الرُّسلُ عليهم السَّلام،كماقال في حقِّ خليله إبراهيم: ﴿وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِيالدُّنْيَاوَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَالصَّالِحِينَ﴾[البقرة: 130]،وقالفي حقِّ عيسى: ﴿وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاًوَمِنَالصَّالِحِينَ﴾[آل عمران: 46]، وقال في غيرهم: ﴿وَزَكَرِيَّاوَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّمِّنَالصَّالِحِينَ﴾ [الأنعام: 85]،وقال: ﴿وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّمِّنَالصَّابِرِينَوَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُممِّنَالصَّالِحِينَ[الأنبياء: 85-86]
    وإذا كانت مهمّةُ الرُّسلِوالأنبياءِ الإبلاغَ والإنذارَ وإقامةَ الحجَّة على النَّاس، فهي لا تخرج عن كونهامهمَّةَ إصلاحٍ وتغييرِ ما حلَّ بالأَنْفُسِ والهِمم، والشُّعوب والأُمَمِ من فسادِالتَّصوُّر والاعتقاد، وانحرافِ العبادة والسُّلوك، وسوءِالتَّعامل والتَّدبير، قالتعالى على لسان شعيب ؛ في معرض قيامه بواجب النُّصحوالتَّذكير لقومه: ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَاتَوْفِيقِيإِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ[هود: 88]،ولمااسْتَخْلَفَ نبيُّ الله موسى أخاه هارونَ ـ عليه السلام ـ في قومه أوصاه بقوله: ﴿اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَالْمُفْسِدِينَ﴾[الأعراف: 142].
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: الإصلاح في القرآن (مفهومُه وميادينه ومسالكُه)

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 17.06.08 11:52

    ولهذا رَبط الله في كثيرٍ من الآياتِ بينذكر التَّوبةِ وذكرِ الإصلاحِ، ففي التَّوبةالتَّخلُّص من الذنوبِ والمآثمِ، وفيالإصلاح السُّمُوُّ بالنَّفس إلى حيث الفضائلُ والمكارمُ، وفي هذا إشارةٌ إلى مايعبِّر عنه العلماءُ ﺑـ «التَّخْلِيَةِوَالتَّحْلِيَةِ»؛ فكلُّ مُصْلِحٍ يبدأبالتَّوبةِ للتَّطهير ورفعِ الأدناسِ،لينتهيَ إلى إحداث التَّغييرِ وإصلاحِالنَّاس، وفي هذا يقولُ الله: فمن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِوَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌرَّحِيمٌ﴾[المائدة: 39]،ويقول: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْوَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْلِلّهِ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَأَجْراًعَظِيماً[النساء: 146].
    ويقول: ﴿ثُمَّإِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُواْ مِنبَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌرَّحِيمٌ﴾[النحل: 119
    ].
    وممَّايدلُّ على فضيلةِ الإصلاح اتِّساعُ ميادينه ورحابةُمجالاتِه، فَبِقَدْرِ ماتكثُر بين النَّاس المنازعاتُ،وترتفعُ في مجالسهمالخصوماتُ، ويتهدَّدُبناءُ الأُسَرِ والبُيُوتَاتِ وتَسُوءُ علاقاتُ الأفرادِوالجماعاتِ، بقدرِ ماتكثُر ميادينُ الإصلاح وتَتَّسِعُ حلولُه وتتعدَّدُ أساليبُهوطرقُه حتَّى إنَّه لَيَسَعُ النَّاسَ في دمائِهم وأموالهم وأقوالهم وأفعالهموكلِّما يقعُ فيه الإفسادُ والاعوجاجُ وتَطولُه يَدُ البغيِوالإجرامِ
    .
    إنَّهإصلاحٌ شاملٌ وعادلٌ يجمع بين متخاصِمين،ويقرِّب بينمتباعدين،ويَمْحُو شحناءَ المتعاديَين، يبدأ من الأهل وذَوِي الأرحامِ، ليعمَّالأنسابَ والجيرانَ والخِلاَّن والإخوان إلى أن ينتهي بعموم الناس على اختلافمشاربهم وطبائعهم بلا تخاذلٍ أو تهاونٍ، ودون تَعَلُّلٍ أو تَسويغ، قال الله تعالى: ﴿وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْأَنتَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌعَلِيمٌ[البقرة: 224] أي لا تَتَعَلَّلُوا بالأَيْمَانِ لتتركوا البِرَّوالتَّقوى والإصلاح بينالناس
    .
    للإصلاحِ في الأسرة وبيتِ الزَّوجيةِ دورٌ فيالحفاظ على كَيَانِهَا وأفرادِها قبل اسْتِعْصَاء الحلول وتفاقُمِ المُشكِلاتِ، قالتعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْحَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْأَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاًيُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا﴾[النساء: 35]، وقال تعالى: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاًفَلاَجُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُخَيْرٌ﴾[النساء: 128
    ].
    وله بين أصحابِ الحقوق في الوصايَا والأوقافوالولاياتِ إسهامٌ في حفظِ عقودِهم ومعاملاتهم ورعاية شؤُونهم وصَوْنِها منالجَوْرِ والانحراف ومن تعرُّضِهاللإهمال والضَّياع، قال تعالى: ﴿فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفاً أَوْإِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْفَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌرَّحِيمٌ[البقرة: 128]، وقال فيشأن اليتامى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْإِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُالْمُفْسِدَ مِنَالْمُصْلِحِ﴾[البقرة: 220
    ].
    وأمَّا في نطاق جماعةِ المؤمنين وطوائفِ المسلمين فَلَهُ سُلْطَانُ الحُكْمِ عليهم وإلزامُه مبما يحفَظ عليهم وِئَامَهُمْ ويقوِّي أَوَاصِرَهُم ويدفعُهم إلى تقوى الله وطاعته كما في قوله في مطلع سورة الأنفال: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾[الأنفال
    : 1].
    وحتّى في الحالات الشَّاذَّة التي قد يصل فيها الأمر إلى التَّقاطع والتَّدابر؛ بل إلىالتَّقاتل والتَّناحُرِ، فإنَّ الله نَدَب إلى الإصلاح لما فيه من قطع السَّبيل علىالأعداء، وحفظِ الأموال وحَقنِ الدِّماء، فقال جلَّ ذِكرُه: ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوابَيْنَهُمَا﴾[الحجرات: 9
    ].
    وإذا كان إفسادُ ذاتِ البَيْنِ يَحْلِقُ الدِّينَ، ويُذْكِي العَدَوات ويفرِّق بين الأحباب ويزيل ودَّ الأصحاب، فإنَّ إصلاحَ ذاتِ البَيْنِ يُذهب وَغَرَ الصَّدْرِ، ويَلُمُّ الشَّمْلَ، ويعيدُ الوِئامَ ويُصلِح ما فَسَد على مَرِّ الأيَّامِ، فهو لهذامَبْعَثُ الأمنِ والاستقرار، ومَنْبَعُ الأُلْفَةِ والمحبَّة، ومصدرُ الهدوءوالاطمئنان، وآيةُ الاتّحاد والتّكاتف، ودليلُ الأخوَّة وبرهانُ الإيمان، قالتعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾[الحجرات: 10
    ].
    وللإصلاح في كتاب الله فِقْهٌ لا بدَّ أن يُفهم ويُسمع، ومَسلكٌ يَجِبُ أن يُقْتَفَىويُتَّبَعَ وإلاَّ آلَتْ جهودُ المُصلحين إلى الفشل، وعَجزت مساعيهم عن إصلاح العَطَلِ أو تَدَارُكِ الخَلَلِ، وأوَّل ما ينبغي العمل به في أوَّل خطوة من خطوات التَّغيير والإصلاح، تصحيحُ النِّيَّة وتسخيرُ القصدِ لابتغاء مرضاةِ الله وحدَه، وتجنُّبِ الأهداف الشَّخصية والأغراض الدُّنيوية الزَّائلة، قال تعالى: ﴿لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍأَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاءمَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراًعَظِيماً﴾[النساء: 114
    ].
    وهذا فقهٌ في الإصلاح دقيقٌ؛ لأنَّ فَشَلَ كثيرٍ منْ مَسَاعِي الصُّلْحِ فَبِسَبَبِ تَسَرُّبِ الأخبارِ وفُشُوِّالأحاديث وتَشْوِيشِ الفُهُوم ممَّا يعكِّر أجواءالاتِّصال، ويقضي على رُوح المبادرةِ والامتثالِ
    .
    والحاصل أن للإصلاح في القرآن ميدانًا رَحبًا، تضيقُ الخُطَبُ والمقالاتُ عن سَرْدِهِ وتناوله، ويَكفيه شرفًا وفضلاً أنَّ كلَّ ما أدَّى إلى الطَّاعة وامتثال الأمروالتمسُّك بالكتاب فهو إصلاحٌ والمتحلِّي به هو من المُصْلِحِين﴿وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّالاَ نُضِيعُ أَجْرَالْمُصْلِحِينَ﴾[الأعراف: 170
    ].
    وأنَّ المُصلِحَ يكون في نجاةٍ وأَمْنٍ ونعمةٍ إذا حلَّ بالمفسدين العقابُ والخوفُ والنِّقْمَةُ، ﴿فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْبَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىبِظُلْمٍ وَأَهْلُهَامُصْلِحُونَ[هود: 116-117
    ].
    وأنَّه لا صَلاح ولا إصلاح يُعيد للأمَّة الإسلاميَّة اليومَ ما فَقَدَتْهُ من عزِّ الأخلاقِ وسُمُوِّ المنزلةِ وشَرَفِ السُّؤْدَدِ إلاَّ بما صَلَحَ عليه الأوَّلون منرجالاتها وأبنائها، ونسائها وبناتها
    .
    فاللَّهم أصلحْ للمسلمين أحوالَهُم وخُذْ بأيديهم إلى مَرَاتِعِ الصَّلاح، ووفِّقهم لسلوك سبيلالإصلاح في كلّ ما يأتون ويَذَرون ويقولون ويفعلون إنَّك وليُّ ذلك والقادرعليه

    المصدر



    http://www.rayatalislah.com/Coran/ar...-fil-coran.htm

      الوقت/التاريخ الآن هو 14.11.24 23:49