محاضرة بعنوان:
حقوق الله عز وجل
على عباده
لفضيلة الشيخ العلامة
ربيع بن هادي المدخلي ثبته الله
التي ألقاها فضيلته يوم الجمعة بتاريخ 12 ربيع الثاني 1429هـ الموافق 19 آبريل 2008
بمسجد العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله- بمكة المكرمة .
بسم الله الرحمن الرحيم
حقوق الله عز وجل
على عباده
لفضيلة الشيخ العلامة
ربيع بن هادي المدخلي ثبته الله
التي ألقاها فضيلته يوم الجمعة بتاريخ 12 ربيع الثاني 1429هـ الموافق 19 آبريل 2008
بمسجد العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله- بمكة المكرمة .
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
] يَاأَيها الذين آمَنُوا اتقُوا اللهَ حَق تُقَاته ولا تموتن إلا وأنتم مُسلمُون [
] يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [ .
] يَا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قَولاً سَديداً يُصلح لَكُم أَعمالكم وَيَغفر لَكُم ذُنُوبَكُم وَمَن يُطع الله وَرَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزاً عَظيما].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
أما بعد فمرحبًا بالإخوة الكرام في هذا اللقاء الذي نرجوا أن يكون نافعاً.
والموضوع هو ما سمعتموه حول حقوق الله تبارك وتعالى على عباده وما أعظم حقوق الله على عباده سبحانه وتعالى، فإن نعمة واحدة من أصغر نعمه تتقاصر جهودهم عن أداء شكر هذه النعمة والموضوع شيق وله ارتباط بآيات كثيرة ومواضيع عديدة كلها تصب في مصب واحد أسمائه وصفاته وتوحيد الله في ربوبيته وتوحيده في عبادته سبحانه وتعالى والاستدلال على ذلك بمخلوقاته جميعًا سبحانه وتعالى وآياته الكونية سأعرضها عليكم وهي أدلة على وجوب أداء هذا الحق لله رب العالمين، الآيات الكونية يستدل بها على أحقية توحيد العبادة الذي تعرفونه ومن الآيات هذه قول الله تبارك وتعالى:{قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ* اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ*وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ*وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}[سورة إبراهيم،31-34]، سخر هذا الكون وسخر السموات والأرض والجبال والبحار والشمس والقمر والليل والنهار ونعماً كثيرة من الله تبارك وتعالى عددها في كثير من آياته كل هذه لأجل هذا الإنسان الضعيف:{ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [سورة الزمر،67] ثم قال تبارك وتعالى في سورة النمل:{قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} [سورة النمل،59]، عباده الذين اصطفاهم هم الأنبياء وقيل الصحابة، والآية تحتمل الجميع تتناول الصحابة وتتناول الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من باب أولى، {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} هذا توبيخ لهم لا مقارنة بين الله وبين هذه المعبودات الساقطة من الأصنام والأوثان وغيرها من المعبودات، فهنا الخير ليس للمفاضلة وإنما لتوبيخ هؤلاء الجهلة السفهاء الضالين: { أَمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} [سورة النمل،60].
فهذا فيه توبيخ لهم وتقريع للمشركين الذين يجعلون مع الله أندادًا وعدلاء ، يجعلونهم عدلاً لله تبارك وتعالى وهي لا تملك لأنفسها نفعًا ولا ضرًا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورا، يجعلون منها آلهة،فالذي خلق هذه السموات وهذه الأرضين وهذه المخلوقات هو الذي يستحق العبادة وأما هذه فلا تستحق شيئًا، بل كثير من هذه المعبودات تعبد الله تباك وتعالى من حيث لا يدري هؤلاء الجهلة كما سيأتي بيان ذلك إن شاء لله: (أَمْ مَنْ جَعَلَ
الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [النمل/61] أإله مع الله فعل هذه الأشياء منفردا أو مشاركًا لله تعالى الله عن ذلك إذن فالله الذي أوجد هذه الأشياء هو الذي يستحق أن يعبد ولا يجوز أن يتخذ معه أنداد تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرا، قال: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} أي لا يعلمون توحيد الله وأنه هو الذي يجب أن يفرد بالعبادة وأن يطاع فلا يعصى، (أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ)[النمل/62] تفسير الآية: { أَإلَهٌ مَعَ اللَّهِ} يستحق أن يعبد، أو إله مع الله فعل هذه الأشياء؟ الجواب: لاشيء، كل هذه المخلوقات الله خلقها سبحانه وتعالى هو الذي جعل الأرض قراراً وجعل خلالها أنهاراوجعل بين البحرين حاجزاً وو إلى آخره هو وحده المنفرد بخلق هذه الأشياء فهو الذي يجب أن يفرد وأن يخص بالعبادة وحده سبحانه وتعالى وأن تعنو له الوجوه وأن تخضع له الجباه سبحانه وتعالى: (أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ)-[النمل/62]،من؟ من الذي يفعل ذلك يجيب دعاء المضطرين ويكشف السوء هو الله فقط سبحانه وتعالى، (أَمْ مَنْ يُجِيبب الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُم خلَفَاءَ الْأَرْضِ) يتابع الأجيال جيلاً بعد جيل يأتي بالأجيال الأولى ويأتي بأجيال جديدة سبحانه وتعالى ، هل هناك من هذه المعبودات من يفعل ذرة من هذه الأشياء؟ تعالى الله عن ذلك، قال: -(قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) [النمل/62]، أي تذكرهم لهذه النعم قليل جداً بل هم في غمرة ساهون (أَمْ مَنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [النمل/63]، سبحانه وتعالى، تعالى الله عما يشركون، تعالى الله الخالق القادر المدبر لهذه الأشياء كلها؛ تعالى وتنـزه وتقدس أن يجعل له نظراء وأندادا يعبدون معه سبحانه وتعالى، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرا،(أَمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) [النمل/64].
من يفعل شيئاً من هذا؟ لا أحد، لو اجتمع من في السموات ومن في الأرض على أن
يخلقوا ذرة فضلاً أن يخلقوا هذه الأمم وهذه الأجيال وهذه الموجودات العظيمة لعجزوا (أَمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُه) يعني هم يعترفون ببدءالخلق هذا يرونه ويشاهدونه ويعترفون فيه ولكن يكابرون في الإعادة، يكابرون في إحيائهم مرة أخرى يوم القيامة للحساب والجزاء ويكذبون الرسل في ذلك -والعياذ بالله- ويتخذون مع الله أندادا سبحانه
وتعالى، قل هاتوا برهانكم على صحة ما تدعونه أن مع الله آلهة أخرى إن كنتم صادقين في هذه الدعوى (أَمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْض أءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ) [النمل/64]، لا أحد ومن يدعي شيئاً من هذا فهات البرهان، لا براهين عندهم، ليس عندهم أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من البراهين والعياذ بالله، هذه من الآيات العظيمة التي ينبه الله بها العقول النيرة ذات البصائر وأما من أعمى الله قلبه وأصمه فهو لا يستفيد من هذه الأشياء كلها، يعترف أن الله خالق السموات والأرض وخلق الجن والإنس وخلق وخلق وخلق لكن ما هي النتيجة؟ النتيجة الكفر والعياذ بالله، نسأل الله العافية، والله سبحانه وتعالى يقول: (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ*وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِي وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} [ق/6-7]، الله أكبر كل زوج بهيج،